• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / كتب / كتب السيرة والتاريخ والتراجم
علامة باركود

منهج البوريني في تراجم كتابه تراجم الأعيان من أبناء الزمان

د. محمود تركي الداود و د. صلاح كزارة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2017 ميلادي - 3/2/1439 هجري

الزيارات: 17610

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج البوريني في تراجم كتابه:

"تراجم الأعيان من أبناء الزمان"

 

د. محمود تركي الداود

مدرس في قسم اللغة العربية

عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة إدلب


د. صلاح كزارة                       محمود تركي الداود

أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها                        طالب دراسات عليا (دكتوراه)

كلية الآداب والعلوم الإنسانية                          كلية الآداب والعلوم الإنسانية

جامعة حلب                                            جامعة حلب

 

الملخص

تشغل تراجم العظماء في آداب الأمم مكانة سامية، تكريما لهم ولإبداعاتهم التي أغنوا بها تراث الإنسانية، ويأخذ هؤلاء العظماء مكانتهم في تاريخ أممهم أعلاماً ومنارات، وقدوات حسنة للأجيال. ويعرض فن التراجم لسير الأعلام صانعي الحضارة.

 

وقد عرفت الحضارة العربية الإسلامية أنواعاً كثيرة من كتب التراجم، حيث ترجمت لأعلامها في شتى ميادين المعرفة والعمل، فصار تراثنا زاخراً بتراجم أبناء الأمة الذين أسهموا في مسيرتها الحضارية عبر العصور.

 

يسعى هذا البحث إلى دراسة منهج الحسن البوريني في تراجم كتابه "تراجم الأعيان من أبناء الزمان". وقد بدأ البحث بمقدمة عرّفنا فيها بفن التراجم في الحضارة العربية الإسلامية، ثم ترجمنا للمؤلف ودرسنا كتابه من زوايا متعددة تتعلق بالغاية من التأليف، وترتيب الكتاب، ومحتواه، ومنهجه، وتأثيره فيمن جاء بعده من المؤلفين في حقل التراجم.

ورد البحث للنشر في المجلة بتاريخ .../ ..../2011

قبل للنشر بتاريخ .../... /... / 2011

 

المقدمة: كتب التراجم في الحضارة العربية الإسلامية

إن فن الترجمة نوع من الأنواع الأدبية التي تتناول بالتعريف حياة رجل أو أكثر، تعريفاً يطول أو يقصر، ويتعمق أو يبدو على السطح تبعا لحالة العصر الذي كتبت فيه الترجمة، وتبعاً لثقافة كاتب الترجمة ومدى قدرته على رسم صورة واضحة ودقيقة، من مجموع المعارف والمعلومات التي تجمعت لديه عن المترجَم له.[1]

 

فمنذ بدأ ابن اسحق بتدوين سيرة النبي محمّد، صلى الله عليه وسلّم، والواقدي وابن سعد في تأليف الطبقات إلى يومنا هذا والصبغة الغالبة في الكتب العربية هي سير الأعلام من الرجال. "والحق أن العرب المسلمين قد عنوا أشد العناية بتراجم رجالهم، وطبقات علمائهم، وتوفروا على ذلك الفن، وافتنّوا في تبويبه وترتيبه "[1]. ونحن نجد في التعريف اللغوي: ترجم الكلام: بيّنه ووضحه، وترجم كلام غيره عنه: نقله من لغة إلى لغة أخرى، وترجم لفلان: ذكر ترجمته، وترجمة فلان: سيرته وحياته[2]. وأما في التعريف الاصطلاحي فهي أعمال مرجعية تعرف حياة مجموعة كبيرة من الأفراد البارزين في المجتمع، ويتم ترتيبها بطريقة معينة ( ألفبائية، هجائية، زمنية بحسب تاريخ الوفاة، طبقات). وثمة رأي شائع مفاده أن "التأليف في مجال التراجم نوع من التأليف التاريخي"[3].

 

ويرى أحد نقاد فن التراجم أن " اصطلاح ترجمة قد دخل العربية عن طريق الآرامية، ولم يستعمل هذا الاصطلاح إلا في أوائل القرن السابع الهجري حين استعمله ياقوت الحموي في معجمه الذي خصصه لذوي التأليف من الأدباء، وذلك بمعنى حياة الأديب. وهذا يعني أن اصطلاح "ترجمة" قد جرى استعماله ليدل على" تاريخ الحياة الموجز لمجموعة من الأفراد ضمن عمل واحد، في حين استعمل اصطلاح سيرة ليدل على تاريخ الحياة المسهب للفرد الواحد، ومع ذلك فيمكن إدراج عدد كبير من مؤلفات القرن الثاني الهجري في عداد كتب التراجم "[4].

 

ويرى الدكتور ماهر حسن فهمي أن" تاريخ السيرة هو تاريخ العقلية الإنسانية في بحثها عن الحقيقة، فمنذ قال سقراط: اعرف نفسك، بدأ الإنسان المفكر يحاول معرفة ذاته "[5] ويؤكد أحد الباحثين أن" السيرة اصطلاح يدل على تاريخ الحياة للأفراد، وهذا الاصطلاح مأخوذ في الأصل من المادة اللغوية " سار" أي مشى وسلك أو ذهب في الأرض. ومن هنا أصبحت السيرة تدل على السنّة والطريقة والحال التي يكون عليها الإنسان وغيره. والسيرة سابقة على الترجمة، وقد قصد بها حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم ومغازيه. ومع ذلك، فقد استعمل الاصطلاح ليدل على حيوات الآخرين. ولعل أول سيرة ألفت بعد سيرة الرسول كانت من تأليف عوانة الكلبي (تـ 147هـ) ذكرها ابن النديم في كتابه الفهرست تحت عنوان "سيرة معاوية وبني أمية". ثم تعددت صور التأريخ للأفراد فكان منها كتب الجرح والتعديل، وكتب الطبقات، وفي القرن الرابع الهجري كتب ابن الداية ( تـ 334 هـ ) سيرة أحمد بن طولون"[4]. وقد اعتبر قاموس أكسفورد السيرة فرعا من فروع الأدب[5].

 

ونظرا لأهمية هذا النوع من التأليف فقد تناوله عدد كبير من الدراسات بعضها عرض موجز أو مفصل للإنتاج الفكري، وبعضها الآخر دراسات تحليلية [3].

 

"وتعد السيرة النبوية أوسع ما في التراجم الإسلامية، وأقدمها ظهورا، فقد كانت المحور الذي تدور حوله حياة الإسلام ونشأته واتساعه وتطوره وانتشاره بالغزوات والفتوح."[1] ثم نشأت، من بعد كتابة السيرة، الترجمة لرواة الأحاديث النبوية، فترجموا لهم تراجم وجيزة لم يكن القصد منها إلا بيان قيمة المحدّث ومكانته من الإسناد، ويعد كتاب ( تاريخ البخاري ) من أقدم الكتب التي ظهرت في هذا المجال، فقد كان للدافع الديني الإسلامي أكبر الأثر في نشأة هذا الفن على أيدي أهل الجرح والتعديل [6].

 

يقول مصطفى الشكعة: "حين اتسع نطاق المعرفة وكثر عدد الأعيان الذين لعبوا أدوارا هامة في تاريخ الحياة العربية والمعرفة الإسلامية والفنون الأدبية، كان من الطبيعي أن تتجه مناهج التأليف إلى الكتابة عن هؤلاء جميعا بشكل يشفي الغلة ويروي الظمأ في نطاق دراسة عَلم بعينه أو عالم بذاته أو شاعر بتفرده أو في نطاق كل ذلك مجتمعا، فكان أن نشأت أنماط من الكتب التي تولي الترجمة لأعيان العلماء وعظماء الشخصيات، وكان من أهم تلك جميعا كتب الطبقات وكتب التراجم" [7].

 

بعد ذلك أخذت كتب التراجم والطبقات تزداد كمّا ونوعا حتى كادت تشتمل على أغلب الطبقات الاجتماعية في الحضارة العربية الإسلامية.

 

ترجمة البوريني:

ولد الحسن بن محمد البوريني في صفّورية بفلسطين عام 963هـ / 1556م. وحين بلغ العاشرة سافر صحبة أبيه إلى دمشق حيث نزلوا في محلة "ميدان الحصا"، وتعلم في مسجدها قراءة القرآن الكريم والحساب. وحين حصل قحط بدمشق سنة 975هـ انتقل البوريني مع أبيه إلى بيت المقدس ثم عاد إلى دمشق سنة 980هـ. ثم اتصل بشيوخ دمشق الكبار في عصره العيثاوي والعماد الحنفي وإسماعيل النابلسي، ثم تحول سنة 988هـ إلى التدريس في الجامع الأموي، وتزوج البوريني في التاسعة والعشرين من عمره.[8]


ويبدو أن زواجه كان خيراً وبركه، إذ توالت الوظائف عليه، فبدأ التدريس بالمدرسة الدرويشية بعد وفاة شيخه إسماعيل النابلسي، ثم تولى خطابة جامع جراح بدمشق.

 

ويبدو أن نجمه قد بدأ باللمعان في سماء دمشق، فقد رُزق القبول عند الخاصة والعامة بعد هذا، وبفضل مكانته هذه أتيحت الفرصة للبوريني ليسافر إلى طرابلس وحلب 1017هـ سفيرا بشأن نزاع بين الأمراء، ورحلته الأخيرة كانت إلى الحجاز قاضياً لركب الحجيج 1020هـ. وقد كان علو شأنه وازدياد فضله سبباً في حسده والطعن عليه من أقرانه.

 

وفاته:

يقول نجم الدين الغزي، وهو معاصر له، في كتابه " لطف السمر": " توفي البوريني يوم الأربعاء قبل العصر ثالث عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين بعد الألف، ودفن في اليوم الثاني بعد أن صلى عليه شيخنا شيخ الإسلام أحمد العيثاوي بعد صلاة الظهر إماما. ودفن بمقبرة باب الفراديس. وكانت جنازته حافلة جدا."[9]

 

بواعث التأليف:

يرى صلاح الدين المنجد محقق الكتاب أن ثقافة البوريني التاريخية كانت نتيجة مطالعات خاصة في كتب التاريخ والسير والأنساب فقد كان ينتقي من مطالعاته فوائد كثيرة سجلها في كناشه الذي وصل إلينا،أخذها من ابن خلكان وابن العديم والخطيب البغدادي، والذهبي، وغيرهم[8]. ويبدو أن لمطالعاته تلك الأثر الكبير في تأليفه كتابه هذا، فهو يقول في مقدمة الكتاب بعد أن حمد الله وأثنى عليه: " أما بعد فإني قد رأيت كثيراً من العلماء الأعلام، الذين بهم افتخار الليالي والأيام، قد اشتغلوا بعلم الأخبار، ودونوا في الكتب محاسن الأخيار، لاسيما علماء الحديث "[8] ثم يسرد علينا ما فعله ابن كثير وابن الأثير وابن خلّكان وابن شدّاد وأبو شامة المقدسي وابن حجر، ثم يقول: "من مدة مديدة وأعوام عديدة على أن أجمع تراجم من كان موجوداً من الأعيان من ابتداء ولادتي وإلى هذا الآن، من عالم عامل، ومن سلطان أو أمير، أو صاحب من به شهير".[8] ثم تذاكر الأمر مع محمد أمين الدفتري صاحب الدفاتر السلطانية فحثه على الشروع بالأمر.

 

يقول البوريني:" فبادرت إلى امتثال أمره، ولازمت الدعاء له مع حمده وشكره، لأنه الباعث لي على إبراز ما نويته إلى الوجود. والسبب الداعي إلى تصفية هذا الحوض المورود"[8].

 

إذن فقد اجتمعت رغبتان، داخلية عند البوريني، وخارجية لدى الدفتري، صاحب الدفاتر السلطانية، كانتا دافعا للبوريني نحو تأليف " تراجم الأعيان".

 

محتوى الكتاب:

ينتمي هذا الكتاب إلى كتب التراجم العامة، ولعله أول كتاب ألفه الشاميّون في تراجم أعيان القرن العاشر الهجري، إذ جعله نجم الدين الغزي، فيما بعد، أحد المصادر الرئيسة لكتابه "الكواكب السائرة في أعيان المئة العاشرة ". ويشتمل الكتاب على مقدمة ومئة وأربع عشرة ترجمة في أكمل نسخه المخطوطة[8].

 

قدم البوريني لكتابه بمقدمة متوسطة الطول، في البداية حمد الله عز وجل، وأسهب في ذلك، ثم أكد أنه في تأليفه هذا يقتدي بالعلماء الأعلام الذين اشتغلوا بعلم الأخبار "لاسيما علماء الحديث، فإنهم اجتهدوا على ذلك في القديم والحديث "[8]. ثم ذكر دافعه وباعثه على المضي في عمله[8].

 

بعد ذلك ذكر المؤلف أن ولادته كانت " في شهر رمضان المبارك من سنة ثلاث وستين وتسعمئة، وقد ابتديت في تدوين هذا الكتاب في شعبان المعظم من سنة تسع بعد الألف من هجرة خير الأنام ".[8] ثم بين أنه رتب كتابه "على حروف المعجم، إيضاحا للكشف على ما هو مبهم، ومن كان مشهورا بلقبه أكثر من شهرته باسمه راعيت في ذلك الشهرة قصدا لتسهيل علمه"[8].

 

واشترط المؤلف على نفسه ألا يذكر في تراجمه "من أوصاف أحد في الغالب إلا الوصف المحمود طلبا للثواب يوم تنقسم الوجوه إلى بيض وسود"[8].

 

بعد ذلك ختم البوريني مقدمة كتابه بالدعاء الآتي "وأنا أستقيل الله العثرة إن زلّت القدم، فيما يوجب في القيامة الندم. فإن الإنسان محل الزلل في القول والعمل. وإلى الله الالتجاء في أن يوفق للإتمام، وأن يسهل بلطفه الختام بعونه وحوله، وفضله وطوله. إنه تعالى إذا دعي أجاب، وإذا نُودِي سمع الخطاب وسميته: " تراجم الأعيان من أبناء الزمان"[8].

 

ولم يقصر البوريني كتابه على تراجم أعلام بلد محدد بل إنه ترجم لأعلام من مختلف بقاع العالم الإسلامي، من الشام والمغرب إلى مصر واليمن وبلاد الحرمين، فضلا عن عنايته بتراجم السلاطين من آل عثمان وولاتهم في البلدان. ثم إن تراجم الكتاب لا تقتصر على فئة من الأعيان، بل نجد المؤلف يترجم للولاة والقضاة والوزراء والأدباء والمدرسين وغيرهم من فئات المجتمع في عصره ممن عرفهم، أو لقيهم، أو سمع بهم.

 

وتتفاوت التراجم طولا وقصرا، إذ نجد المؤلف يترجم لوالي دمشق أحمد باشا في ثماني عشرة صفحة[8]، في حين نجده يترجم لأبي سعيد التبريزي في أقل من صفحة واحدة[8]. ولعل هذا يدل على قربه من بعض الأعلام وبعده عن آخرين. وربما كانت الترجمة من حيث طولها أو قصرها دالة على مدى اشتهار صاحبها، أو خمول ذكره بين أبناء زمانه.

 

منهج البوريني في تراجم الأعيان:

سبقت الإشارة إلى أن المؤلف يقتدي في كتابه هذا بالمؤرخين العرب والمسلمين الذين سبقوه في ترجمة الرجال، كابن كثير، وابن الأثير، وابن خلكان، وابن شداد وغيرهم[8]. فقد قرأ كتبهم، وتأثر بمناهج التأليف في مصنفاتهم.

 

وقد اتبع المؤلف في أغلب تراجم كتابه الخطوات الآتية:

1- عنوان الترجمة:

في أول الترجمة يورد اسم المترجم له، وغالبا ما يسبق الاسم بالصفة الغالبة على المترجم له. من ذلك قوله: " الوزير الأعظم إبراهيم باشا نصره الله تعالى " [8]. وقوله في ترجمة أخرى:" الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ أسد"[8]، أو "تقي الدين بن شرف الدين بن يونس الطبيب الدمشقي "[8] ، أو"مولانا الشيخ جار الله مفتي القدس. وقد يشير في عنوان الترجمة إلى صلته بالمترجم له: "صاحبنا المرحوم سيدي الشيخ إبراهيم بن محب الدين الدمشقي الأصل والمنشأ والوفاة "[8]. وقد يجعل عنوان الترجمة طويلا إذ يكتب: "مولانا أسعد أفندي ابن مولانا سعد الدين أفندي ابن المرحوم حسن جان التبريزي الأصل القسطنطيني المولد والمنشأ "[8]. أو يكتب: "مولانا أحمد أفندي الشهير بطاش كبري زاده ، بلغه الله الحسنى وزيادة ". أو يكتب: "الشيخ أبو بكر العمري العطار الأديب الدمشقي الشافعي". أو: "الشاه إسماعيل بن طهماس بن إسماعيل الأول بن حيدر بن حنيد بن الشيخ صفي الأردبيلي الشريف العلوي على ما يقال"[8].

 

2ـ الوصف والتحلية بالنثر البديعي:

إن هذا المصطلح، أعني "الوصف والتحلية " معروف وشائع في نقد فن التراجم وتحليل نصوصه، وربما كان الدكتور أحمد عبد الواحد أول من عرّف به، فالمصطلح يعني عنده: "أن يورد المؤلف مجموعة من الصفات المبالغ فيها يمدح بها العلم المترجَم له، بجمل نثرية يستخدم فيها ألوانا من البديع".[10]. وهذا اللون شائع في كتب التراجم العربية القديمة، كما في "الكتيبة الكامنة في شعراء المئة الثامنة " لابن الخطيب الأندلسي. وقد أكثر البوريني في تراجم كتابه من استخدام هذا الأسلوب غالبا، في بداية كل ترجمة، إذ يكثر من إيراد الجمل النثرية المترادفة التي يصف بها " المترجَم له" فيمنحه الصفات التي يراها مناسبة له، وربما وجدناه يبالغ في الثناء والإطراء. وللتدليل على هذا نسوق الأمثلة الآتية:

يكتب البوريني في تحلية أستاذه أحمد بن أحمد الطيبي الكبير: "هو جمال الزمان دينا وعلما، وابتهاج الأيام شرفا وفهما، الشيخ العالم العامل، الفاضل الصالح الكامل، فخر أيامه، ومن اشتهر بالفضل قبل احتلامه، صاحب التصانيف المفيدة، والتحقيقات الفريدة والدرر النضيدة، والصلاح الشهير، والزهد الكثير، كان ممن يُستسقى به الغيث في زمانه، وممن ُيقاس بالحسن البصري بين أقرانه"[8].

 

ويكتب في تحلية "شيخ الإسلام، الشيخ أحمد بن أبي الوفا ابن مفلح الحنبلي الدمشقي: هو الشيخ الفاضل، والعالم الكامل، بركة الأنام، ومقتدى أهل الشام، له السكون والحلم والعبادة والعلم، وله الآثار الحسان وتلاوة القرآن"[8].

 

ويكتب في وصف وتحلية " الشيخ أحمد بن عبد القادر بن المعمار الدمشقي الشاغوري العوفي - نسبة إلى عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - الشافعي: هو الشيخ الصالح الكامل الفالح، العالم الفاضل، الفقيه النبيه "[8]. ويقول في تحلية " الحاج أحمد العجمي الصالحي ثم الدمشقي: هو رجل من الأعيان والكرماء ذوي الشأن، جمع مالا غزيرا وعقارا كثيرا".[8] ويقول في تحلية الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ أسد: "هو الشيخ الصالح ،الفاضل الفالح، العابد الزاهد، الملازم على العبادة في غالب المعابد"[8].

 

وقد يبالغ كثيرا في الوصف والتحلية حين يسبغ على المترجم له صفات الكمال الإنساني، من ذلك قوله في الشيخ أحمد الحلبي الشهير بابن المنلا حين يقول فيه: "هو الشيخ الفاضل العلامة الكامل، ذو الفواضل والفضائل والمآثر التي ليس لها مماثل"[8].

 

ومثل هذه المبالغات كثيرة في تراجم الأعيان للبوريني، فهو يقول في ترجمة ملا توفيقي: "هو الشيخ الذي برع في العلوم وانغمس في تيارها، وكثرت معارفه فاشتهرت في جميع الأقاليم وأقطارها، وأذعنت له جميع الطوائف في فضائله، فانجلت عروس كماله على منصة انفراده في جميع محافله "[8]. ويقول في جمال الدين الفرفوري الحنفي الدمشقي "هو جمال الدنيا والدين، والكامل الذي تحلت به أجياد الفضائل بيقين"[8]. ويقول في آخر: " هو الشيخ الصالح العالم العامل، الولي الكامل "[8]. ويقول أيضا في شيخ آخر: "هو الشيخ الذي ثبت صلاحه، وتقرر فلاحه، وحسنت أحواله، وصدقت أقواله، كان على أسلوب المتقدمين في سلوكه، لم يمل من الدهر إلى ملوكه، بل إلى فقيره وصعلوكه "[8].

 

ويصل المؤلف إلى قمة المبالغة في التحلية حين يترجم لأبي السعود شيخ الإسلام في الدولة العثمانية فيقول:" هو المولى العلامة، الكامل الفهامة، شيخ الإسلام على الإطلاق ومفتي الدهر بالاتفاق، الذي اشتهر صيته بالآفاق، وبرع على علماء عصره وفاق".[8]

 

ونختم بتحلية المؤلف لصديقه الشاعر أحمد العناياتي إذ يقول فيه:" هو أديب الزمان، وشاعر العصر والأوان وجاب الأقطار ودار في كل دار، وجال في كل مجال، حتى اغتدى في الأدب علامة، وصار له على بلوغ المراتب العالية أصدق علامة فهو الأديب البارع الذي توحد في أمر الأدب فلم يبق له مضارع، وساق في حلبة العربية حتى أصبح المجلي في هاتيك الفرقة الأدبية ولم نر له من شبيه، ولا يحتمل وصفه التشبيه، إذ لم يكن له في الأدب من نظير وبل شعره الروض النضير"[8].

 

3- سرد موجز لحياة المترجم له:

لا تكاد تخلو ترجمة من تراجم الكتاب من سرد، موجز أو مسهب، لحياة صاحب الترجمة، من ولادته مرورا بنشأته وطلبه العلم، إلى الوظائف التي عمل بها أو المهن التي امتهنها. وربما ذكر تآليفه، إن كان من أهل التصنيف. وقد يذكر بعض الطرائف التي مرت معه، وربما وصف تكوينه الجسماني، أو مزاجه وصفاته النفسية. وقد يرد ذكر سرد تفاصيل يوم في حياة العَلَم المترجَم له [8]. وغالبا ما يختم الترجمة بذكر تاريخ الوفاة.

 

4- صلة المؤلف بالمترجم له وذكرياته معه:

لقد كانت شخصية المؤلف البوريني مركز التراجم كلها،" فقد ترجم على الأغلب لأناس عاصروه، خالطهم وخالطوه، وكاتبهم وكاتبوه، وحدثهم وحدثوه... فقد كان يترجم لهم لكنه في الحقيقة يترجم لنفسه أيضا "[8] كما يقول محقق الكتاب.

 

والحق أن هذا الرأي الذي جاء به المحقق مصيب، وتؤكّده تراجم الكتاب، فنحن نجد أن أغلب التراجم هي في الواقع، ذكريات المؤلف مع الأعلام الذين ترجم لهم، أو مطارحات أدبية أو علمية دارت بينه وبينهم. "ويكاد المرء يُخيل إليه في أحيان كثيرة، أنه يقرأ في تراجم البوريني مذكرات شخصية عن الناس والحوادث"[8].

 

5- مختارات أدبية:

وذلك حين يكون حين يكون العلم المترجم له من المنتسبين لأهل الأدب، أو ممن كانت لهم إسهامات فيه، فحينئذ، يعمد المؤلف إلى إغناء الترجمة ببعض المختارات من أحد الفنين أوكليهما.وهذا كثير في تراجم الأعيان[8]. وهذه المختارات الأدبية ربما تحتاج بحثا مستقلا خاصاً بها.

 

6- مصادر المؤلف في تراجمه:

أشار المؤلف في مقدمة كتابه إلى أنه سيجمع تراجم الأعيان، لكنه لم يحدد المصادر التي سيعتمد عليها في جمع مادة كتابه، ولأنه يترجم لمعاصريهفقد اعتمد على عدة مصادر:

أ - الرسائل المتبادلة بينه وبين أعلام عصره.

ب - بعض المؤلفات التي دُونت في عصره، مثل كتاب ابن طولون " ذكر من كان بالصالحية من العلماء الأعلام".[8]

جـ - مصادر شفوية، كقوله: "أخبرنا صاحبنا الشيخ محمد بن العلم المقدسي"[8].أو قوله، حين يسرد وقائع إحدى المعارك: "ولقد أخبرني من شاهد الواقعة أن عسكر البغاة كان قاهرا"[8]. أو قوله:" روينا عن الثقات"[8].

 

أهمية الكتاب وطبعاته:

يعد هذا الكتاب وثيقة تاريخية وحضارية ذات أهمية كبيرة، كونه يترجم لأعلام الشام بين فترتين تاريخيتين هما العصر المملوكي والعصر العثماني. وإن الباحث الدارس لهذه الفترة الانتقالية من تاريخنا الأدبي والثقافي لا يمكنه إغفال هذا الكتاب؛ فهو إضافة إلى كونه وثيقة ثقافية - حضارية، يؤرخ للحياة الأدبية في بلاد الشام من خلال ترجمته لأعلام الأدب وسوقه نماذج كثيرة من أدب ذلك العصر.

 

ومما لاشك فيه أن البوريني قد تأثر بالتراث العربي - الإسلامي في حقل التراجم قبله، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه حين ذكر أنه اطلع على بعض هذا التراث[8]. وعلى الرغم من تفاوت التراجم، من حيث طولها أو قصرها، أو غناها وفقرها، فهي غنية ونابضة بالحياة، قدم لنا البوريني من خلالها " مواد كثيرة لدراسة الحياة العلمية والاجتماعية والأخلاقية بدمشق في أيامه. وسيبقى تراجم الأعيان من أهم المصادر لدراسة دمشق في القرن العاشر والقرن الحادي عشر في نواحيها المختلفة. وقد استمد المحبي منه كثيرا في تراجمه لأهل القرن الحادي عشر"[8]. وقد ذيّل عليه فضل الله المحبي والد صاحب خلاصة الأثر، ولكن لم يصلنا كتابه.

 

وقد طبع بعض "تراجم الأعيان" في المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية حالياً) بدمشق بتحقيق د. صلاح الدين المنجد، رحمه الله ( تـ 2010 م ) في جزئين: (ج1 1959و ج2 1963) والجزء الثالث ما يزال مخطوطا، ومنه نسخة في المكتبة الوطنية في فيينا عاصمة النمسا، رقمها ( COD ARAB _ 1190 ، MIXT 346 ).[9]

 

المراجع

1- حسن، محمد عبد الغني: 1955 التراجم والسير: دار المعارف، القاهرة.(ص6، 18)


2- أنيس، إبراهيم (إشراف):2004 المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية بالقاهرة، طبع مكتبة الشروق الدولية، ط4(ص83)


3- القاضي، د. وداد:2003 معاجم التراجم: تنظيمها الداخلي وأهميتها الثقافية. في "الكتاب في العالم الإسلامي - الكلمة المكتوبة كوسيلة للاتصال في منطقة الشرق الأوسط". تحرير جورج عطية وترجمة عبد الستار الحلوجي. عالم المعرفة، الكويت. (ص82،82)


4- العمد، د. هاني: 1981 دراسات في كتب التراجم والسير. عمان.(ص70).


5- فهمي، د. ماهر حسن: 1987 فن السيرة : في "المدخل إلى الفنون الأدبية واللغوية"، جامعة قطر.(ص115، 101).


6- مجموعة مستشرقين:1998 تراث الإسلام. عالم المعرفة، الكويت، ط2.(2/12).


7- الشكعة، د. مصطفى:1973 منهج التأليف عند العلماء العرب - قسم الأدب. دار العلم للملايين، بيروت. (533).


8- البوريني، الحسن:1959،1963 تراجم الأعيان من أبناء الزمان. جزآن. تح: د. صلاح الدين المنجد، المجمع العلمي العربي بدمشق. (1/43،1/2، 1/3، 1/4، 1/5، 1/ 23، 1/3، 1/5، 1/ 6، 1/201، 1/274، 1/4،1/323، 1/178، 2/208، 2/ 3، 2/49، 2/57، 1/9، 1/48، 1/60، 1/133، 1/ 178، 1/ 18، 2/ 118، 2/ 121، 1/ 279، 1/ 239، 1/ 92، 1/ 93، 1/ 24، 1/ 34، 2/ 71و 211، 2/ 190، 2/ 138، 2/ 294، 1/240، 1/4، 1/26).

 

9- الغزي، نجم الدين: 1981 لطف السمر وقطف الثمر من تراجم أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر. جزآن ، تح : محمود الشيخ، وزارة الثقافة، دمشق.(1/7 ، 1/ 377و378).


10- عبد الواحد، د.أحمد:2000 الترجمة والتحلية في النثر الأندلسي في المئة الثامنة للهجرة، نادي أبها، السعودية. (113).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لون نادر من التراجم
  • ابن الطحان (تراجم)
  • ابن عساكر (تراجم أسماء متشابهة)
  • تراجم أسماء متشابهة: ابن كثير، ابن مفلح

مختارات من الشبكة

  • صدر حديثاً كتاب (موارد السيوطي في كتابه الإتقان من الدراسات القرآنية ومنهجه فيها)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة العاشرة: أضواء على المنهج العقدي في وصايا لقمان)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مخطوطة تراجم الأعيان من أبناء الزمان(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب الفوائد البهية في تراجم الحنفية لمحمد عبدالحي اللكنوي(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • كتاب: تراجم الوزراء والأمراء الوزراء والكتاب لمحمد بن عبدوس الجهشياري (ت 331هـ / 943م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فقه العلامة السيوطي من خلال تراجم أبواب كتابه: منهاج السنة ومفتاح الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الإمام البخاري في التفسير من خلال كتابه (الصحيح) للسيد بن أحمد الشنقيطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب