• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

ليلة القدر خير من ألف شهر (خطبة)

ليلة القدر خير من ألف شهر (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2024 ميلادي - 16/9/1445 هجري

الزيارات: 4695

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: لِلَّهِ تَعَالَى نَفَحَاتٌ وَرَحَمَاتٌ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، تِلْكُمُ اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ الْمَلِيئَةُ بِالْبَرَكَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَالَّتِي تَعُودُ عَلَى الْعِبَادِ بِالْخَيْرِ الْكَثِيرِ، وَالْأَجْرِ الْكَبِيرِ، وَالْمُوَفَّقُ مَنْ وُفِّقَ لِلْقِيَامِ بِوَاجِبِهَا وَحَقِّهَا، وَمِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَبَرَكَاتِهَا، وَأَحْكَامِهَا:

أَنْ سُمِّيَتْ سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ بِسُورَةِ الْقَدْرِ، وَسُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِعَظِيمِ قَدْرِهَا، وَشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا فِي ذَاتِهَا، وَأَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ فِيهَا لَهُ قَدْرٌ وَمَكَانَةٌ وَمَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابًا ذَا قَدْرٍ عَظِيمٍ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاخْتَصَّ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أُمَّةً ذَاتَ قَدْرٍ عَلَى بَاقِي الْأُمَمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدُّخَانِ: 3]. فَجَاءَ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ، وَالْبَرَكَةُ تَعْنِي: كَثْرَةَ الْخَيْرَاتِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: (أُنْزِلُ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى ‌بَيْتِ ‌الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلًا بِحَسْبِ الْوَقَائِعِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً).

 

وَاللَّهُ تَعَالَى يُقَدِّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ؛ مِنَ الْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْمَقَادِيرِ: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدُّخَانِ 4]؛ أَيْ: فِيهَا يُقْضَى وَيُفْصَلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى الْكَتَبَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ أَمْرٍ مُحْكَمٍ؛ مِنَ الْآجَالِ، وَالْأَرْزَاقِ وَغَيْرِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ، لَا يُبَدَّلُ، وَلَا يُغَيَّرُ.

 

وَالْعِبَادَةُ فُضِّلَتْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [الْقَدْرِ: 3]؛ أَيِ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ – لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَفَضِيلَةُ الزَّمَانِ إِنَّمَا تَكُونُ بِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ، وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ‌يُقَسَّمُ ‌الْخَيْرُ ‌الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي أَلْفِ شَهْرٍ). وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ، وَوَاسِعِ عَطَائِهِ عَلَى الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.

 

وَالْمَلَائِكَةُ تَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى الْأَرْضِ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [الْقَدْرِ: 4]؛ أَيْ: تَهْبِطُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ، وَيَنْزِلُونَ إِلَى الْأَرْضِ، وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ مَنْ يَدْعُو.

 

وَهِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ وَخَالِيَةٌ مِنَ الشَّرِّ وَالْأَذَى، وَتَكْثُرُ فِيهَا الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ، وَأَعْمَالُ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ، وَتَكْثُرُ فِيهَا السَّلَامَةُ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَا يَخْلُصُ الشَّيْطَانُ فِيهَا إِلَى مَا كَانَ يَخْلُصُ فِي غَيْرِهَا، فَهِيَ سَلَامٌ كُلُّهَا: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 5].

 

وَإِنَّ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ يَقُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَمَنْ أَحْيَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَارُسِهِ؛ تَصْدِيقًا بِفَضْلِهَا، وَابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، مُحْتَسِبًا الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى قِيَامِهَا؛ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ، وَمَحَا سَيِّئَاتِهِ.

 

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَتْ أَيْضًا: «كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ؛ شَدَّ مِئْزَرَهُ [كِنَايَةً عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ بِالسَّهَرِ فِي الْعِبَادَةِ]، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ [لِيُصَلُّوا مِنَ اللَّيْلِ]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَتُسْتَحَبُّ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَاتِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ الْأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَائِدَتَانِ: الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْكِنُ أَنْ يَشْعُرَ شُعُورًا ذَاتِيًّا شَخْصِيًّا بِمُلَاقَاتِهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَالْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِنْ شَعَرَ بِذَلِكَ؛ فَخَيْرُ مَا يَدْعُو بِهِ هُوَ هَذَا الدُّعَاءُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»).

 

وَتَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَكُونُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَخُصُوصًا فِي أَوْتَارِهَا: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ؛ فَلاَ يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ وَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ‌أَرْبَعِينَ ‌قَوْلًا؛ وَمِنَ الْأَقْوَالِ: ‌أَنَّهَا ‌فِي ‌أَوْتَارِ ‌الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بَاقِيَةٌ وَمَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَهَذَا مَحَلُّ إِجْمَاعٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ: ‌عَلَى ‌وُجُودِهَا ‌وَدَوَامِهَا إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ). وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

 

وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ مُتَنَقِّلَةٌ، وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً فِي لَيْلَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنْ كُلِّ عَامٍ؛ فَمَرَّةً تَكُونُ لَيْلَةَ "إِحْدَى وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "خَمْسٍ وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "سَبْعٍ وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "تِسْعٍ وَعِشْرِينَ"، فَهِيَ بِهَذَا مَجْهُولَةٌ لَا مَعْلُومَةٌ، وَأَرْجَى الْأَقْوَالِ: أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ "سَبْعٍ وَعِشْرِينَ".

 

وَالِاخْتِلَافُ فِي الْأَقْطَارِ وَالْبُلْدَانِ وَاقِعٌ فِي بِدَايَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ؛ فَاللَّيَالِي الْوَتْرِيَّةُ – فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ، قَدْ تَكُونُ زَوْجِيَّةً – فِي بُلْدَانٍ أُخْرَى؛ فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي كُلِّ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَخْفَى اللَّهُ تَعَالَى وَقْتَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِئَلَّا يَتَّكِلَ الْعِبَادُ عَلَى هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَيَدَعُوا الْعَمَلَ وَالْعِبَادَةَ فِي سَائِرِ اللَّيَالِي، فَكَانَ إِخْفَاؤُهَا حَافِزًا لِلْعِبَادِ لِبَذْلِ الْجُهْدِ، وَالْجِدِّ وَالْعَمَلِ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ، وَمُضَاعَفَتِهِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي أَوْتَارِهَا.

 

وَقَدْ تُكْشَفُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌وَقَدْ ‌يَكْشِفُهَا ‌اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ، أَوْ الْيَقَظَةِ؛ فَيَرَى أَنْوَارَهَا، أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَمْرُ). وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌فَإِنَّهَا ‌تُرَى، وَيَتَحَقَّقُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَنِي آدَمَ كُلَّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ؛ كَمَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ، وَإِخْبَارُ الصَّالِحِينَ بِهَا، وَرُؤْيَتُهُمْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ).

 

وَثُبُوتُ أَجْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَاصِلٌ لِمَنْ قَامَهَا "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"؛ سَوَاءً عَلِمَ بِهَا أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلَا يُشْتَرَطُ – فِي حُصُولِ ثَوَابِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ – أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ عَالِمًا بِهَا، وَلَكِنْ مَنْ قَامَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ كُلَّهَا؛ فَإِنَّهُ – فِي الْأَغْلَبِ - قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا".

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَتَرْكَ إِحْيَاءِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْحِرْمَانُ الْكَبِيرُ، وَالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلاَ يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليلة القدر خير من ألف شهر
  • ليلة القدر خير من ألف شهر

مختارات من الشبكة

  • ليلة القدر أعظم ليالي العام ليلة الرحمة والمغفرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحري ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موارد مصادر (ضوء البدر في إحياء ليلة عرفة والعيدين ونصف شعبان وليلة القدر) للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هل تنتقل ليلة القدر من ليلة إلى أخرى باختلاف السنين ؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر .. أي ليلة هي؟!(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر .. أهي ليلة السبع والعشرين من رمضان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة ضوء البدر في إحياء ليلة عرفة والعيدين وليلة القدر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التبيان في بيان ما في ليلة النصف من شعبان وليلة القدر من رمضان(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب