• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سلسلة دروب النجاح (6) العقلية النامية: مفاتيح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    التربية الإسلامية للأولاد: أمانة ومسؤولية شرعية
    محمد إقبال النائطي الندوي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (5) دعم الأهل: رافعة النجاح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المشاكل الأسرية وعلاجها في ضوء السنة النبوية
    مرشد الحيالي
  •  
    الدخول المدرسي 2025 وإشكالية الجودة بالمؤسسات ...
    أ. هشام البوجدراوي
  •  
    المحطة الرابعة والعشرون: بصمة نافعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (4) إدارة الوقت: معركة لا تنتهي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الإدمان في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد ...
    حسام الدين أبو صالحة
  •  
    المحطة الثالثة والعشرون: عيش اللحظة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (3) الفشل خطوة نحو القمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أطفال اليابان رجال الميدان
    بدر الدين درارجة
  •  
    الآباء سند في الحياة
    شعيب ناصري
  •  
    الإسلام والتعامل مع الضغط النفسي
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)

الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/12/2019 ميلادي - 21/4/1441 هجري

الزيارات: 27800

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روح الصلاة (4)

الخشوع ومغفرة الذنوب

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَسَتْرِ الْعُيُوبِ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ؛ فَقَدْ كَثَّرَ لِعِبَادِهِ الْمُكَفِّرَاتِ، وَنَوَّعَ لَهُمُ الطَّاعَاتِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرَاتِ؛ فَمَنْ أَرَادَ الْخَيْرَ وَجَدَهُ، وَمَنْ أَرَادَ الشَّرَّ وَجَدَهُ، وَكُلُّ عَامِلٍ يَجِدُ مَا عَمِلَ، وَلَا يَهْلكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ يَجْزِي عَلَى الْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَيُثِيبُ عَلَى التَّوْبَةِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا، وَيُكَفِّرُ بِالطَّاعَاتِ سَيِّئَاتٍ وَعِصْيَانًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا غَسَّالَةُ الْعَبْدِ، كَفَّارَةُ الذَّنْبِ، جَالِبَةُ الرِّزْقِ، رَافِعَةُ الْهَمِّ، مُفْرِحَةُ الْقَلْبِ، مُسْعِدَةُ النَّفْسِ، وَلَنْ يَشْقَى مَنْ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزُّمَر: 9].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ رَاحَةِ الْقَلْبِ وَالْبَالِ، وَصَلَاحِ الْحَالِ وَالْمَآلِ؛ لَشَغَلَتِ الصَّلَاةُ أَغْلَبَ أَوْقَاتِهِمْ. وَلَوْ عَلِمُوا مَا فِي الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ لَاجْتَهَدُوا فِي تَحْصِيلِهِ؛ إِذِ الْخُشُوعُ رُوحُ الصَّلَاةِ وَلُبُّهَا، وَكُلَّمَا زَادَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتِ الصَّلَاةُ أَنْفَعَ لِصَاحِبِهَا فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَجْنِيهَا مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً خَاشِعَةً: مَغْفِرَةُ ذُنُوبِهِ بِتِلْكَ الصَّلَوَاتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فَرِيضَةً أَمْ كَانَتْ نَافِلَةً:

فَمَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ بِالْفَرَائِضِ جَاءَ فِيهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَهَذِهِ الْمَغْفِرَةُ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُصَلِّينَ الْخَاشِعِينَ فِي صَلَاتِهِمْ؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ؛ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَكَذَلِكَ تُغْفَرُ الذُّنُوبُ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ عَقِبَ الْوُضُوءِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ تَوَافُرِ الْخُشُوعِ فِيهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ: «دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، وَقَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُحَدِّثَ فِيهِمَا نَفْسَهُ؛ أَيْ: مُقْبِلٌ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ فِي صَلَاتِهِ بِكُلِّيَّتِهِ، خَاشِعٌ فِيهَا، وَالْجَزَاءُ مَغْفِرَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذُّنُوبِ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، فَالْمُرَادُ: لَا يُحَدِّثُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَلَوْ عَرَضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ عُرُوضِهِ عُفِيَ عَنْ ذَلِكَ، وَحَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَقَدْ عُفِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنِ الْخَوَاطِرِ الَّتِي تَعْرِضُ وَلَا تَسْتَقِرُّ».

 

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ تَشْمَلُ كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَصَغَائِرَهَا؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ فَقَالَ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَالْوُضُوءَ حَدِّثْنِي عَنْهُ، قَالَ: مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَشْمَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلُودَ لَا ذُنُوبَ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ، لَا صَغَائِرَ وَلَا كَبَائِرَ، كَمَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ الْخَاشِعَةِ وَلَوْ كَانَتْ رَكْعَتِي نَفْلٍ؛ إِذْ بِهَا تُغْفَرُ الذُّنُوبُ كُلُّهَا، وَلَكِنْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ وُضُوءٍ قَدْ أَحْسَنَهُ، وَلَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بِشَيْءٍ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِصَلَاتِهِ؟! لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَرَفُوا قَدْرَ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَجَاهَدُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِ، حَتَّى أَلِفُوهُ وَاعْتَادُوهُ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَتَهُمْ وَقُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ، كَمَا كَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ.

 

وَهَذَا هُوَ الْقُنُوتُ الْكَامِلُ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]. قَالَ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ الْمَكِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْقُنُوتُ: الرُّكُوعُ وَالْخُشُوعُ وَغَضُّ الْبَصَرِ وَخَفْضُ الْجَنَاحِ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: وَكَانَتِ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ هَابَ الرَّحْمَنَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَشُذَّ نَظَرُهُ أَوْ يَلْتَفِتَ أَوْ يُقَلِّبَ الْحَصَى أَوْ يَعْبَثَ بِشَيْءٍ أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا نَاسِيًا مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ.

 

وَإِنَّهُ لَفَضْلٌ عَظِيمٌ، وَثَوَابٌ كَبِيرٌ أَنْ تُحَطَّ الْخَطَايَا وَتُمْحَى الذُّنُوبُ كُلُّهَا صَغَائِرُهَا وَكَبَائِرُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَاشِعَتَيْنِ بَعْدَ وُضُوءٍ حَسَنٍ تَامٍّ، وَالْخُشُوعُ لَا يَأْتِي دُفْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الرِّيَاضَةِ وَالتَّمْرِينِ؛ حَتَّى يَعْتَادَهُ الْمُصَلِّي، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ خَاشِعَةً.

 

وَمَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَدَ لَذَّةً وَرَاحَةً بِهَا، وَشَوْقًا إِلَيْهَا، وَصَلَاحًا لِقَلْبِهِ بِسَبَبِهَا، وَصَلَحَتْ أَحْوَالُهُ بِصَلَاتِهِ، وَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهُ بِخُشُوعِهِ، وَمَنْ قَرَأَ سِيَرَ الْخَاشِعِينَ، وَرَاقَبَ أَحْوَالَهُمْ وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِمْ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا اللَّذَّةَ وَالْحَلَاوَةَ بِالصَّلَاةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ؛ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا بِقَدْرِ خُشُوعِهِ فِيهَا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَى تَهْيِئَةٍ مَادِّيَّةٍ وَتَهْيِئَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ:

فَأَمَّا التَّهْيِئَةُ الْمَادِّيَّةُ: فَإِحْسَانُ الْوُضُوءِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى السِّوَاكِ، وَعَلَى أَذْكَارِ الْوُضُوءِ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْمَشْيُ إِلَيْهِ بِسَكِينَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ، وَالْحِرْصُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالدُّنُوُّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالتُّؤَدَةُ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ الْقَبْلِيَّةِ، وَاجْتِنَابُ الْحَرَكَةِ وَالِالْتِفَاتِ وَرَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ، وَالْإِقْبَالُ بِالْقَلْبِ عَلَى الصَّلَاةِ.

 

وَأَمَّا التَّهْيِئَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ: فَاسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوُقُوفِ لِلصَّلَاةِ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَالَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.

 

وَاسْتِحْضَارُ هَيْبَةِ الْوُقُوفِ أَمَامَهُ، وَلَذَّةِ مُنَاجَاتِهِ بِكَلَامِهِ فِي الْقِيَامِ، وَتَدَبُّرُ تَسْبِيحِهِ وَحَمْدِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ، وَالْيَقِينُ بِإِجَابَتِهِ لِلدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ؛ فَلَيْسَ مَنْ دَعَا وَهُوَ مُوقِنٌ أَنَّهُ مُجَابٌ كَمَنْ دَعَا وَهُوَ سَاهٍ لَاهٍ.

 

وَاسْتِحْضَارُ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُنْذُ خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى يَوْمِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ؛ فَإِنَّ مَنْ أَغْدَقَ عَلَيْهِ كُلَّ هَذِهِ النِّعَمِ، وَدَفَعَ عَنْهُ مِنَ النِّقَمِ مَا يَعْلَمُ وَمَا لَا يَعْلَمُ لَحَرِيٌّ أَنْ يَخْشَعَ لَهُ الْعَبْدُ فِي مِحْرَابِهِ.

 

وَاسْتِحْضَارُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قَلْبِ عَبْدِهِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالْإِخْبَاتِ وَالْإِخْلَاصِ فَيَصْرِفُ الْعَبْدُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ، وَيَجْزِيهِ عَلَيْهِ أَوْفَى الْجَزَاءِ.

 

وَاسْتِحْضَارُ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَتَذَكَّرُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَنْجُوَ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَيَفُوزَ بِجَوَائِزِهِ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 88- 89]، وَالْخُشُوعُ مِنْ دَلَائِلِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من موانع الخشوع في الصلاة
  • حكم الخشوع في الصلاة
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها
  • معنى الخشوع وموضعه
  • فوائد الخشوع في الصلاة
  • الخشوع وحضور القلب عند قراءة الفاتحة
  • أهمية الخشوع (خطبة)
  • روح الصلاة (3) من منافع الخشوع
  • أنواع الذنوب ومكفراتها

مختارات من الشبكة

  • أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/3/1447هـ - الساعة: 1:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب