في وطني

في وطني

اليوم

قلتُ لنصفي المعلول

بالوحدة

قِفْ

كناصية طريق مهجورة

واتخذ قرارًا

بأن تسير خطوة

خلف خطوة

خطى متردِّدة

وأخرى راسخة

اليوم

لا تسلم يدَك لقارئ كف

اقرَأْ أنت

كفك اليمنى

كفك اليسرى

بهدوء وحذر

شاهد الخطوط تجتمع وتفترق

تتلون بحمرة تارة

وتارة باصفرار

باعد بين التجاعيد

حدِّق بالتصاق اليدين

اقرأ

ظاهِرَ الكف أيضًا

ربما فقط ربما

تستطيع الصمود على رأس دبوس

♦ ♦ ♦ ♦

اليوم

لا تسلم شفتَيْك لقارئ فنجان

في المرآة أنت

قارئ كقارئ مهزوم

يلف النوايا والسجايا

بين انسياب ماء

وسخام بُنٍّ محروق

نار تشحذ أُوراها

كي تأكل ذاتها

نُحاس مصهور

ذَهَب مذبوح بإبرة

ماس مصقول بذؤابة

تينة

وهامة زيتونة

♦ ♦ ♦ ♦

اقلِبْ فنجانَك للأعلى

وانتظر

كسيف مثلوم

يأكله الزمن والماء

يلتهمه التراب المسفوع

وريح محمَّلة بنوايا

بوم وغراب وحِدَأة

بمكر أفعى وعقرب

وانتظر

تشكل الخطوط

بين ثنايا النسيم

ثم اقرأ

عجزك وكساحك

قيمتك

كم تساوي

بين خط وهم هنا

وخط وهم هناك

بين ثنية سوداء قاتمة

وثنية مخضبة بالسراب

التفافة الانبعاج هنا

تساوي وطنًا كاملًا

بكل ثقله ووزنه

بكل زرعه وحرثه

بكل معنى باطني

للأرض، للوطن

♦ ♦ ♦ ♦

اقرأ

وهم الوهم

كمحترف في القراءة

فأنت

لم تقرأ من قبل

يومًا

اسم الوطن

اسم الزيتون

والمريمية

لم تعرف كيف تفك حرفًا

عن حنظلة في أسفل الوادي

وعن موجة في شاطئ

أو عن حبة رمل

في سهل أو جبل

♦ ♦ ♦ ♦

تأمَّل فنجاك المقلوب

يدك الممدودة

لقارئة كف

تاريخك الممصوص

ذاتك النحيلة

عقلك الموبوء

صدرك المسكون

بالخوف

بالرعب

بالانكسار

بالهزيمة

واكتب

بين العين والعين

بين الرمش والرمش

بين الرؤى والرؤى

اكتب

بالمقلوب كما فنجانك

كما يدك

كم جيفة وجيفة

فيك تحيا

كم جثة وجثة

فيك تحيا

كم دودة ودودة

فيك تحيا

♦ ♦ ♦ ♦

اكتب

لا تخشَ شيئًا

إنك واهِن

ورقمٌ زائد

ثقل على القيء

ثقيل على بيض ذباب

وبعوض

مرهق

لغائط ضبع

أو تمساح

اكتب

فمَن فقد الحياء

فقد النخوة

ومَن قرأ فنجان

ضاعت منه المروءة

ومَن مد يده

لقارئ او قارئة

فقد الإنسان

والوجود

والحياء والحياة

♦ ♦ ♦ ♦

في وطني الكبير

الممتد من البداية

للنهاية

من قطر القطر

ومركز الكون

لا مكان

لقارئ كتاب

أو كاتب صفائح

لفيلسوف أو شاعر

لمفكر أو عالم

في وطني

أمكنة كثيرة

مساحات كبيرة

بين صحراء وجنة

بين جليد وصحراء

لقرَّاء كف وفنجان

للعاهرين والعاهرات

للموبقين والموبقات

للجهل والجهلاء

للدود والحشرات

في وطني

متَّسع للكاذبين والكاذبات

للآفة والآفات

للمجانين، للمختلين، للمعقَّدين

والمُقعَدين

لروائح الموت والتعذيب

والنهايات

لاغتصاب الجائعين

والجائعات

قهر المقهورين

والمقهورات

♦ ♦ ♦ ♦

في وطني

قراءة القرآن محظورة

مرهونة

بأمر حاكم

أو سلطان

تفسير الآيات

مكبوح

برغبة الأدغال والغابات

فإن قلنا

عدل وقسط وحق

انهالت علينا

من كل حدب وصوب

سياط وسياط

وإن فهمنا

بأن الله معبودنا

ولا معبود سواه

غِبْنا وغيبنا

بالظلم والظلمات

أنفاسنا معدودة

محشوَّة بفرن ملتهب

شهقاتنا كفر

مذوبة

زفراتنا

شرك

مصفَّدة

صلاتنا

إن لم تكن خاوية

من الدعاء

لمن استشهدوا

ومكتظة بالدعاء

لمن سفكوا الدماء

فهي جريمة

من جرائم العصر

وثكنة وملجأ

للعدو والأعداء

♦ ♦ ♦ ♦

في وطني

الممتد

تحت الحدود

وتحت المسميات

واختلاف

الوقت والأوقات

اختلاف

اللغة واللغات

الاسم والمسميات

كي تعيش

في وطني

بأمن وأمان

عليك أن تُتقِن

فن الخوف والرياء

فن الذل والنفاق

فن من أسمى الفنون

فن النوم قبل النوم

وفي النوم

وفن النوم في اليقظة

وما بينهما

من نوم ونوم

وما بعدهما

من نوم