• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / كتب / كتب السيرة والتاريخ والتراجم
علامة باركود

من أعمال الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

من أعمال الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/2/2024 ميلادي - 11/8/1445 هجري

الزيارات: 6728

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أعمال الخليفة الراشد

أبي بكر الصديق رضي الله عنه

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:

• أعمال أبي بكر رضي الله عنه جليلة وعظيمة، فلم يكن إيمانه رضي الله عنه مجردًا في القلب، بل كانت أعماله شامخة كشموخ الجبال على أرضية صلبة من الإيمان.

 

ومن تلك الأعمال:

إنفاذ جيش أسامة رضي الله عنه:

• أنفذ أبو بكر جيش أسامة بن زيد؛ ليقاتل الروم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختار أسامة قائدًا على الجيش رغم صغر سِنِّه، وحينما لقي النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه، صمَّم أبو بكر على أن يسير الجيش، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وخرج بنفسه يودِّع الجيش، وكان يسير على الأرض وبجواره أسامة يركب الفرس، فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله، إمَّا أن تركب أو أنزل، فقال: والله، لا أركبن ولا تنزلن، وما لي لا أُغبِّر قدمي في سبيل الله، وأرسل -رضي الله عنه- الجيوش لفتح بلاد الشام والعراق حتى يدخل الناس في دين الله.

 

إرسال جيش أسامة بن زيد إلى الشام:

• ندب النبي محمد المسلمين لغزو الروم بالبلقاء وفلسطين سنة 11هـ، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد، ولكن النبي مرض بعد البدء بتجهيز هذا الجيش بيومين، فلم يخرج الجيش وظل معسكرًا بالجُرْف، وهي موضع على بُعْد ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، ورجع إلى المدينة بعد وفاة النبي، ولما تولَّى أبو بكر الخلافة أمر أن يُبعث أسامة بن زيد الكلبي، وألا يبقى بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف، واقترح بعض الصحابة على أبي بكر بأن يبقي الجيش، فقالوا: «إن هؤلاء جلُّ المسلمين، والعربُ على ما ترى قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين»، فقال أبو بكر: «والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته».

 

ثم خرج أبو بكر حتى أتى الجيش فقال: يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا طفلًا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منه شيئًا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها، وتلقون أقوامًا قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقًا، اندفعوا باسم الله.

 

وأوصى أبو بكر أسامة فقال: «اصنع ما أمرك به نبي الله؛ ابدأ ببلاد قضاعة ثم إيتِ آبلَ (منطقة جنوب الأردن)، ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله، ولا تعجلن لما خلفت عن عهده». ومضى أسامة بجيشه، فبثَّ الخيول في قبائلِ قضاعة، وأغار على آبل، فسلِم وغنِم، وكان مسيره ذاهبًا وقافلًا أربعين يومًا، فزادت هيبة المسلمين في نفوس أعدائهم وقالوا: «لو لم يكن لهم قوةٌ لما أرسلوا هذا الجيش»، فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه، وأصاب القبائلَ العربيةَ في الشمال الرعبُ والفزعُ من سطوة الدولة الإسلامية.

 

حروب الردة:

• بعد وفاة النبي محمد ارتَدَّتْ بعض القبائل العربية عن الإسلام، وكان المرتَدُّون على ثلاثة أقسام:

1 - صنف عادوا إلى عبادة الأوثان.

 

2 - صنف تبعوا الذين ادَّعوا النبوة؛ كمسيلمة الكَذَّاب والأسود العنسي.

 

3 - صنف ثالث استمروا على الإسلام ولكنهم جحدوا الزكاة، وتأوَّلوا بأنها خاصة بزمن النبي محمد.

 

فلما تولَّى أبو بكر الخلافة قام في الناس خطيبًا فقال: «والله لا أدَعُ أن أقاتلَ على أمر الله حتى يُنجِزَ الله وعده، ويوفيَ لنا عهده، ويُقتل من قُتل منا شهيدًا من أهل الجنة، ويُبقِي من بقي منا خليفته وذريته في أرضه، قضاءُ الله الحقُّ، وقوله الذي لا خُلْف له، ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾[النور: 55]»، وقال أيضًا: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا (الأنثى من ولد المعز) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها»، وفي رواية: «والله لو منعوني عقالًا (الحبل الذي يعقل به البعير) كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه»، قال عمر: «فوالله، ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق».

 

محاولة المرتدين غزو المدينة:

• حاول المرتدون الهجوم على المدينة للقضاء على الدولة الإسلامية، ولكن أبا بكر استعد لحماية المدينة، فألزم أهل المدينة بالمبيت في المسجد حتى يكونوا على أكمل استعداد للدفاع، ونظم الحرس على أنقاب المدينة لدفع أي غارة قادمة، وعين على الحرس أمراءهم: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن مسعود، وبعث إلى القبائل القريبة التي ثبتت على الإسلام من أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وكعب يأمرهم بجهاد أهل الردة، فاستجابوا له حتى امتلأت المدينة بهم، ولما اقترب المرتدون وهم بعض قبائل أسد وغطفان وعبس وذبيان وبني بكر بن عبد مناة من المدينة ليلًا، خرج أبو بكر في أهل المسجد إليهم فانهزموا، فأتبعهم المسلمون على إبلهم، ولكن المرتدين تمكنوا من صد إبل المسلمين فعادت بهم إلى المدينة، ولم يُصرع مسلم ولم يُصَب، ثم تهيَّأ أبو بكر وجهز الناس ثم خرج، فما طلع الفجر إلا وهم والعدو في صعيد واحد، فما سمعوا للمسلمين همسًا ولا حسًّا حتى وضعوا فيهم السيوف فاقتتلوا أعجاز ليلتهم، فما ذرَّ قرنُ الشمس حتى ولَّوهم الأدبار، وغلب المسلمون المرتدين ورجعوا إلى المدينة. وخلال ذلك عاد أسامة بن زيد بجيشه ظافرًا، فاستخلفه أبو بكر على المدينة وقال له ولجنده: «أريحوا وأريحوا ظهركم»، ثم خرج أبو بكر بنفسه حتى نزل على أهل الربذة بالأبرق، فهزم قبيلتي عبس وبني بكر بن عبد مناة، وأقام على الأبرق أيامًا.

 

إرسال الجيوش الإسلامية إلى المرتدين:

خرج أبو بكر بالصحابة لقتال المرتدين، فعرض عليه الصحابة أن يبعث غيره على القيادة، وأن يرجع إلى المدينة ليتولَّى إدارة أمور الأمة، وجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فقال: «إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد (يقصد قول الرسول لأبي بكر): شِمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا»، فرجع. وقد قسم أبو بكر الجيش الإسلامي إلى أحد عشر لواءً، وجعل على كل لواء أميرًا، وأمر كل أمير باستنفار من مَرَّ به من المسلمين.

 

وهذه الجيوش هي:

• جيش خالد بن الوليد (وهو القائد العام للجيوش) إلى بني أسد، ثم إلى تميم، ثم إلى اليمامة.

 

• جيش عكرمة بن أبي جهل إلى مسيلمة الكَذَّاب في بني حنيفة، ثم إلى سلطنة عمان والمهرة، فحضرموت فاليمن.

 

• جيش شرحبيل بن حسنة إلى اليمامة في إثر عكرمة، ثم حضرموت.

 

• جيش طريفة بن حاجر إلى بني سليم وهوازن.

 

• جيش عمرو بن العاص إلى قضاعة.

 

• جيش خالد بن سعيد بن العاص إلى مشارف الشام.

 

• جيش العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.

 

• جيش حذيفة بن محصن الغلفائي إلى سلطنة عمان.

 

• جيش عرفجة بن هرثمة إلى المهرة.

 

• جيش المهاجر بن أبي أمية إلى اليمن، صنعاء ثم حضرموت.

 

• جيش سويد بن مقرن إلى تهامة اليمن.

 

• وكتب أبو بكر كتابًا عامًّا لنشره في أوساط من ثبتوا على الإسلام، ومن ارتدُّوا عنه جميعًا قبل تسيير جيوشه لمحاربة الردة، وبعث رجالًا إلى القبائل وأمرهم بقراءة كتابه في كل مجتمع، وناشد من يصله مضمون الكتاب بتبليغه لمن لم يصل إليه، وجاء في الكتاب:

أبو بكر الصديق وقد بلغني رجوعُ من رجع منكم عن دينه بعد أن أقرَّ بالإسلام وعمل به اغترارًا بالله وجهالة بأمره وإجابة للشيطان، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴾ [الكهف: 50]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6]، وإني بعثت إليكم فلانًا في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وأمرته ألا يقاتلَ أحدًا ولا يقتلَه حتى يدعُوَه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقرَّ وكفَّ وعمل صالحًا قَبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك ثم لا يُبقي على أحد منهم قَدِر عليه، وأن يحرقَهم بالنار ويقتلَهم كل قتلة، وأن يسبيَ النساء والذراري ولا يقبلَ من أحد إلا الإسلام، فمن تبعه فهو خير له، ومن تركه فلن يُعجزَ الله.


محاربة الردة في اليمن:

• في عهد النبي محمد ظهر رجل في اليمن يُسمَّى الأسود العنسي ادَّعى النبوَّة، وتبعه أبناء قبيلته وهم عنس، وتبعته قبيلة مذحج وبنو الحارث بن كعب وغيرهم، فاحتل منطقة نجران ثم صنعاء، وقتل واليها شهر بن باذان الفارسي، ولكن المسلمين تمكنوا من قتله، فخاف أصحابه وفروا هاربين، ووصل الخبر إلى النبي محمد.

 

ولما تولَّى أبو بكر الخلافة، عيَّن فيروز الديلمي واليًا على صنعاء، وقيس بن مكشوح المرادي مساعدًا لفيروز، ولكن قيس بن مكشوح انقلب على فيروز الديلمي، فهرب فيروز، وكاتب قيس بن مكشوح فلول الأسود العنسي، وطلب منهم الالتقاء ليتوحَّدوا، فتمكنوا من محاصرة صنعاء، فكتب أبو بكر إلى زعماء القبائل القريبة من صنعاء وأمرهم أن يقاتلوا المرتدين، وجعل فيروز الديلمي أميرًا عليهم، فتوجهوا نحو صنعاء، وقاتلوا قيس بن مكشوح حتى اضطر إلى ترك صنعاء، وعاد إلى التذبذب بين نجران وصنعاء، إلا أنه انضم إلى عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وبهذا عادت صنعاء للمرة الثانية إلى الهدوء والاستقرار.

 

وتوجَّه جيش عكرمة بن أبي جهل نحو المهرة، وكان معه سبعمائة فارس، فوق ما جمع حوله من قبائل سلطنة عمان، وحينما دخل منطقة المهرة وجدها مقسمة بين زعيمين متناحرين: "شخريت" و"المصبح"، فدعاهما عكرمة إلى الإسلام فاستجاب شخريت وأبى المصبح، فصادمه عكرمة ومعه شخريت، فلحقته الهزيمة وقُتل ومعه الكثير من أصحابه، ثم أقام عكرمة فيهم يجمعهم حتى بايعوا على الإسلام، وآمنوا واستقروا، وكان قد تلقَّى كتابًا من أبي بكر يأمره بالاجتماع مع المهاجر بن أبي أمية القادم من صنعاء ليتوجها معًا إلى قبيلة كندة، فخرج من المهرة حتى نزل أبين، وبقي هناك ينتظر المهاجر، وعمل وهو هناك على جمع قبائل النخع وحمير وتثبيتهم على الإسلام.

 

وأما جيش المهاجر بن أبي أمية فقد كان آخرَ من خرج من المدينة من الجيوش الأحد عشر، ولما وصل نجران قسم جيشه إلى فرقتين: فرقة تولَّت القضاء على فلول الأسود العنسي المتناثرة بين نجران وصنعاء، وكان المهاجر نفسه على هذه الفرقة، وفرقة عليها أخوه عبدالله مهمتها القضاء على بقية المرتدين في تهامة اليمن.

 

واستقرَّ المهاجر في صنعاء حتى تلقَّى الأمر بالتوجُّه لملاقاة عكرمة، وأن يسيرا معًا إلى حضرموت لمعاونة زياد بن لبيد الأنصاري (والي كندة بحضرموت).

 

فقد كان الأشعث بن قيس قد هاجم زيادًا، فأرسل زيادٌ إلى المهاجر وعكرمة يستعجلهما النجدة، فما كان من المهاجر إلا أن ترك عكرمة إلى الجيش وأخذ أسرعَ الناس ليكونا بجانب زياد، فاستطاع أن يفك الحصار عنه، وهربت قبائل كندة إلى حصن من حصونها يسمى النجير، فنزل زياد والمهاجر عليه، ثم قدم عكرمة فنزل عليه فحاصروهم من جميع الجهات، ثم بعث المهاجر الطلائع إلى قبائل كندة والمتفرقين يدعوهم إلى الإسلام ومن أبى قاتلوه، فلم يبقَ منهم إلا مَن في الحصن المحاصر.

 

وعمل جيشا زياد والمهاجر على التضييق على من في الحصن، فاتفق زعماؤهم على أن يقوم الأشعث بن قيس بطلب الأمان والنزول على حكم المسلمين، ولكن الأشعث غدر بهم ولم يطلب الأمان لجميع من في الحصن، فكان من جرَّاء ذلك أن قُتل من قبائل كندة في الحصن سبعمائة قتيل.

 

محاربة طليحة الأسدي:

• ادَّعى طليحة بن خويلد الأسدي النبوة في آخر عهد النبي محمد، وعسكر في منطقة تُسمَّى سميراء واتبعه العوام وقويت شوكته، فبعث النبي محمد ضرار بن الأزور الأسدي لمقاتلته.

 

• وتوفي النبي محمد ولم يُحسم أمر طليحة.

 

• فلما تولَّى أبو بكر الخلافة وجَّه إليه جيشًا بقيادة خالد بن الوليد، وكان طليحة الأسدي في قومه بني أسد وفي غطفان، وانضم إليهم بنو عبس وذبيان، وبعث إلى بني جديلة والغوث من طيئ يستدعيهم إليه، فبعثوا أقوامًا منهم ليلحقوهم على أثرهم سريعًا.

 

وجاء خالد في الجنود، وعلى مقدمة الأنصار الذين معه ثابت بن قيس بن شماس، والتقى خالد مع طليحة الأسدي بمكان يقال له بزاخة، فكانت معركة بزاخة، وجاء طليحة فيمن معه، وقد حضر معه عيينة بن حصن في سبعمائة من قومه بني فزارة، واصطف الناس، وجعل عيينة يقاتل حتى انهزم وانهزم الناس عن طليحة، فلما جاءه المسلمون ركب على فرس كان قد أعدها له وأركب امرأته النوار على بعير له، ثم انهزم بها إلى الشام وتفرق جمعه. وبعد ذلك أسلم عيينة بن حصن وطليحة الأسدي وحسن إسلامهما، وندم طليحة على ما فعل.

 

محاربة سجاح التغلبية:

ادَّعت امرأة تسمى سجاح بنت الحارث النبوة، وهي من نصارى العرب، وكان معها جنودٌ من قومها ومن التفَّ بهم، وقد عزموا على غزو الخليفة أبي بكر، فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم، وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي، وتخلَّف آخرون منهم عنها، ثم أقنعها بنو تميم بقصد اليمامة لتأخذها من مسيلمة الكذَّاب، فلما سمع مسيلمة بمسيرها إليه خافها على بلاده، فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لو عدلت، فقبلت ذلك، ثم قال لها: «هل لك أن أتزوجَك وآكلَ بقومي وقومِك العربَ؟»، قالت: «نعم»، وأقامت عنده ثلاثة أيام ثم رجعت إلى قومها، ثم انثنت راجعة إلى بلادها، فرجعت إلى الجزيرة بعدما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه، فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية بن أبي سفيان، فأجلاهم منها عام الجماعة.

 

محاربة الردة في عمان والبحرين:

• كان أهل سلطنة عمان قد استجابوا لدعوة الإسلام، ولكن بعد وفاة النبي محمد ادَّعى منهم رجل يقال له "ذو التاج" لقيط بن مالك الأزدي النبوة، وتابعه بعض أهل عمان فتغلَّب عليها، وكان عليها جَيْفر وعباد ابنا الجُلَنْدى.

 

فألجأهما إلى أطرافها من نواحي الجبال والبحر، فبعث أبو بكر إلى جيفر أميرين هما: حذيفة بن محصن الغلفاني، وعرفجة بن هرثمة البارقي، وأرسل عكرمة بن أبي جهل القرشي مددًا لهم، وبلغ لقيطَ بن مالك مجيءُ الجيش، فخرج في جموعه فعسكر بمكان يقال له دبار، وهي مصر تلك البلاد وسوقها العظمى، واجتمع جيفر وعباد ابنا الجُلَنْدى بمكان يقال له صحار فعسكروا فيه، وبعثا إلى أمراء أبي بكر فقدموا، فتقابل الجيشان هناك وتقاتلوا قتالًا شديدًا، وابتلي المسلمون وكادوا أن يُولوا، فبُعث إليهم مددٌ من بني ناجية وعبد القيس في جماعة من الأمراء، فلما وصلوا إليهم كان النصر للمسلمين، فولَّى المشركون مدبرين، ولحقهم المسلمون فقتلوا منهم عشرة آلاف مقاتل، وسبوا الذراري وأخذوا الأموال والسوق بحذافيرها.

 

وأما أهل البحرين فقد أسلموا بعدما أرسل النبيُّ محمدٌ العلاء بن الحضرمي إلى ملكها وحاكمها المنذر بن ساوَى العبدي، وقد أسلم هو وقومه وأقام فيهم الإسلام والعدل.

 

فلما توفي النبي محمد وتوفي المنذر بعده بمدة قصيرة، ارتدَّ أهل البحرين وملَّكوا عليهم المنذر بن النعمان الغرور.

 

وبقيت بلدة جواثا على الإسلام، وكانت أول قرية أقامت الجمعة من أهل الردة، فحاصرهم المرتدون وضيقوا عليهم، ومنعوا عنهم الأقوات وجاعوا جوعًا شديدًا حتى فُرِّج عنهم، وبعث أبو بكر بجيش إلى البحرين بقيادة العلاء بن الحضرمي، فلما دنا من البحرين انضم إليه كثير من المسلمين، فاجتمع إليه جيش كبير قاتل به المرتدين، وتم النصر للمسلمين.

 

مسيلمة الكذَّاب ومعركة اليمامة:

• «يَا مُحمَّدَاه» شعار المسلمين في معركة اليمامة بقيادة خالد بن الوليد.

 

• ادَّعى مسيلمة بن حبيب الحنفي النبوة في عهد النبي محمد، وكان قومه بنو حنيفة في اليمامة قرب العيينة بوادي حنيفة في نجد.

 

• فلما تولَّى أبو بكر الخلافة أمر خالد بن الوليد إذا فرغ من بني أسد وغطفان أن يقصد اليمامة، فسار خالد إلى اليمامة وجهَّز معه المسلمين، وكان على الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، فسار لا يمر بأحد من المرتدين إلا نكَّل به، وسيَّر أبو بكر جيشًا كثيفًا ليحمي ظهر خالد، فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد عسكر بمكان يقال له عقرباء في طرف اليمامة، وجعل على مجنبتي جيشه: المحكم بن الطفيل، والرجال بن عنفوة. والتقى خالد بعكرمة وشرحبيل، فتقدم وقد جعل على مقدمة الجيش شرحبيل بن حسنة، وعلى المجنبتين زيد بن الخطاب وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة.

 

ومرت مقدمة جيش خالد بنحو من أربعين أو ستين فارسًا عليهم مجاعة بين مرارة الحنفي، وكان في طريق عودته إلى قومه، فأسرهم المسلمون، فلما جيء بهم إلى خالد قال لهم: «ماذا تقولون يا بني حنيفة؟»، قالوا: «نقول منا نبي ومنكم نبي»، فقتلهم.

 

ويقال إنه استبقى مجاعة بن مرارة وقتل الآخرين.

 

وتقدم خالد بالمسلمين حتى نزل بهم على كثيب يشرف على اليمامة فضرب به عسكره، واصطدم المسلمون والمرتدون فكانت جولة، وانهزمت الأعراب حتى دخلت بنو حنيفة خيمة خالد بن الوليد، وقاتلت بنو حنيفة قتالًا لم يُعهد مثله، وحمل خالد حتى جاوزهم وسار لقتال مسيلمة، وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله، ثم رجع ووقف بين الصفين، ودعا البراز وقال: «أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد»، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: «يا محمداه»، وجعل لا يبرز له أحد إلا قتله، وصبر الصحابة في هذه المواطن صبرًا لم يُعهد مثله، ولم يزالوا يتقدمون إلى نحور عدوِّهم حتى انتصروا، وولَّى المرتدون الأدبار، واتبعهم المسلمون حتى ألجأوهم إلى "حديقة الموت"، وقد أشار عليهم محكم بن الطفيل بدخولها، فدخلوها وفيها مسيلمة الكذَّاب، وأدرك عبدُالرحمن بن أبي بكر محكمَ بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله، وأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم وأحاط بهم الصحابة.

 

فقال البراء بن مالك: «يا معشر المسلمين، ألقوني عليهم في الحديقة»، فاحتملوه فوق الجحف (أي التروس) ورفعوها بالرماح حتى ألقوه عليهم، فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه، ودخل المسلمون الحديقة من الباب الذي فتحه البراء وفتحوا الأبواب الأخرى وحوصر المرتدون.

 

وخلص المسلمون إلى مسيلمة الكذَّاب، فتقدَّم إليه وحشي بن حرب فرماه بحربته فأصابه وخرجت من الجانب الآخر، وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فضربه بالسيف فسقط، فنادت امرأة من القصر: «وا أمير الوضاءة قتله العبد الأسود»، فكانت جملةُ من قُتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبًا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل: إحدى وعشرون ألفًا، وقُتل من المسلمين ستمائة، وقيل: خمسمائة، ثم بعث خالد الخيول حول اليمامة يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبي.

 

الولاية والولايات:

• استعمل أبو بكر الولاة في البلدان المختلفة، وكان ينظر إلى حسن اختيار النبي محمد للأمراء والولاة على البلدان فيقتدي به في هذا العمل؛ ولهذا فقد أقَرَّ جميع عُمَّال الرسول الذين توفي الرسول وهم على ولايتهم، ولم يعزل أحدًا منهم إلا ليُعيِّنه في مكان آخر أكثر أهمية من موقعه الأول ويرضاه، كما حدث لعمرو بن العاص.

 

وكانت مسؤوليات الولاة في عهد أبي بكر بالدرجة الأولى امتدادًا لصلاحياتهم في عهد النبي محمد، أما أهم مسؤولياتهم في عهد أبي بكر فهي: إقامة الصلاة وإمامة الناس، والجهاد، وإدارة شئون البلاد المفتوحة، وتعيين القضاة والعمال عليها، وأخذ البيعة للخليفة، وبعض الأمور المالية؛ كالزكاة، والجزية، وإقامة الحدود، وتأمين البلاد، وكان لهم دور في تعليم الناس أمور دينهم، وفي نشر الإسلام في البلاد التي يتولَّون عليها، وكان الكثير من هؤلاء الولاة يجلسون في المساجد يعلمون الناس القرآن والأحكام.

 

الدولة الإسلامية في ذروة اتساعها خلال عهد أبي بكر:

• صورة أخرى للدولة الإسلامية في عهد أبي بكر.

 

وقد قُسمت الدولة الإسلامية في عهد أبي بكر إلى عدة ولايات، وهذه أسماء الولايات والولاة:

• المدينة المنورة: عاصمة الدولة الإسلامية، وبها الخليفة أبو بكر.

 

• مكة المكرمة: وأميرها عتاب بن أسيد الأموي القرشي، ولَّاه الرسول محمد، واستمر مدة حكم أبي بكر.

 

• الطائف: وأميرها عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولَّاه الرسول محمد، وأقرَّه أبو بكر عليها.

 

• صنعاء: وأميرها المهاجر بن أبي أمية المخزومي القرشي، وهو الذي فتحها ووليها بعد انتهاء أمر الردة.

 

• حضرموت: وأميرها زياد بن لبيد الخزرجي.

 

• زبيد ورقع: وأميرها أبو موسى الأشعري.

 

• خولان: وأميرها يعلى بن أبي أمية.

 

• الجند: وأميرها معاذ بن جبل الخزرجي.

 

• نجران: وأميرها جرير بن عبدالله البجلي.

 

• جرش: وأميرها عبدالله بن ثور الغوثي.

 

• البحرين: وأميرها العلاء بن الحضرمي.

 

• العراق والشام: كان أمراء الجند هم ولاة الأمر فيها.

 

• سلطنة عمان: وأميرها حذيفة بن محصن القلعاني.

 

• اليمامة: وأميرها سليط بن قيس الخزرجي.

 

القضاء:

• يعد عهدُ أبي بكر بدايةَ العهد الراشدي القريب من العهد النبوي، فكان العهدُ الراشدي عامة والجانبُ القضائي خاصة امتدادًا للقضاء في العهد النبوي، مع المحافظة الكاملة والتامة على جميع ما ثبت في العهد النبوي، وتطبيقه بحذافيره وتنفيذه بنصِّه ومعناه.

 

وقد كان أبو بكر يقضي بنفسه إذا عرض له قضاء، ولم تُفصَل ولاية القضاء عن الولاية العامة في عهده، ولم يكن للقضاء ولايةٌ خاصة مستقلة، كما كان الأمر في عهد الرسول محمد، ففي المدينة عهِدَ أبو بكر إلى عمر بن الخطاب بالقضاء ليستعين به في بعض الأقضية، ولكن هذا لم يُعطِ لعمر صفة الاستقلال بالقضاء.

 

وأقرَّ أبو بكر معظم القضاة والولاة الذين عيَّنهم الرسول محمد، واستمروا على ممارسة القضاء والولاية أو أحدهما في عهده.

 

وأصبحت الأحكام القضائية في عهد أبي بكر موئلًا للباحثين، ومحطًّا لأنظار الفقهاء، وصارت الأحكام القضائية لتلك الفترة مصدرًا للأحكام الشرعية والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية في مختلف العصور.

 

وقد ساهمت فترة خلافة أبي بكر في ظهور مصادر جديدةٍ للقضاء في العهد الراشدي، فقد صارت مصادرُ الأحكام القضائية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والسوابق القضائية أو التقليد، والرأي الاجتهادي مع الشورى.

 

جمع القرآن الكريم:

• ومن أجلِّ أعمال أبي بكر جَمْع القرآن الكريم، وقد عهد بذلك إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقام بالأمر حتى كتب المصحف في صحف جُمِعت كلها ووُضِعت عند أبي بكر، حتى انتقلت من بعده إلى عمر، ثم إلى عثمان رضي الله عنهم أجمعين.

 

جيوش العراق والشام:

• ولمَّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة إلى الشام وخالد بن الوليد إلى العراق، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتًا على الإسلام.

 

استخلاف عمر:

• عقد أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده، ولما أراد العقد له دعا عبدالرحمن بن عوف. فقال: أخبرني عن عمر.

 

فقال: يا خليفة رسول اللّه، هو واللّه أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة.

 

فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقًا ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه.

 

ويا أبا محمد قد رمقته فرأيتني إذا غضبت على الرجل في الشيء، أراني الرضا عنه، وإذا لنت أراني الشدة عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئًا. قال: نعم.

 

ودخل على أبي بكر طلحة بن عبيداللّه، فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاقٍ ربَّك فسائلك عن رعيتك؟ فقال أبو بكر وكان مضطجعًا: أجلسوني. فأجلسوه. فقال لطلحة: "أباللّه تفرقني أو باللّه تخوفني، إذا لقيت اللّه ربي فساءلني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك".

 

وأشرف أبو بكر على الناس من حظيرته وأسماء بنت عميس ممسكته موشومة اليدين وهو يقول: "أترضون بمن أستخلف عليكم؟ فإني واللّه ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: "سمعنا وأطعنا".

 

دعا أبو بكر عثمان خاليًا. فقال له: اكتب: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين. أما بعد" ثم أغمي عليه فذهب عنه. فكتب عثمان: "أما بعد، فإني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرًا".

 

ثم أفاق أبو بكر فقال: "اقرأ عليَّ فقرأ عليه فكبَّر أبو بكر وقال: "أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي". قال: نعم. قال: "جزاك اللّه خيرًا عن الإسلام وأهله" وأقَرَّها أبو بكر رضي اللّه عنه من هذا الموضع. فأبو بكر كان يرى ويعتقد أن عمر بن الخطاب خير من يتولى الخلافة بعده مع شدته. والحقيقة أنه كان كذلك؛ [كنز العمال 5/ 676، تاريخ الطبري 2/ 618].‏

 

8- كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أول من أنشأ الشرطة في الإسلام حيث أمر بطواف العسس ليلًا للحفاظ على الأمن، وكان عبدالله بن مسعود أول من أوكلت له هذه المهمة.

 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دراسة أثر قضاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه بحضانة عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
  • دروس مستفادة من حياة أبي بكر الصديق
  • حياة أبي بكر الصديق في مكة
  • دروس مستفادة من إسلام أبي بكر الصديق
  • الروضة الأنف (قصيدة في مدح أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما)
  • جوانب العظمة في حياة أبي بكر الصديق رضى الله عنه قبل الإسلام وبعده
  • قصة أبي بكر الصديق مع مسطح بن أثاثة رضي الله عنهما
  • من كرامات أبي بكر الصديق رضي الله عنه

مختارات من الشبكة

  • نيات خالصات بلا أعمال خير من أعمال بلا نيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العمرة وأعمال الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبو بكر المروزي ومسند أبي بكر الصديق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مجلسان الأول من أمالي أبي بكر الشيرازي والثاني من أحاديث أبي بكر إسماعيل النيسابوري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • السرية في العمل(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الفتوحات في عهد الخليفة أبي بكر الصديق: زيادة وتأمين رقعة نفوذ بلاد الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتاب عمل اليوم والليلة لأبي بكر السني(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الرد على من يطعن في أبي بكر الصديق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب والجوارح .. علاقة متبادلة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب