منهج القرآن الكريم في تأصيل قاعدة سد الذرائع

ملخص الرسالة

منهج القرآن الكريم في تأصيل قاعدة سد الذرائع

ملخص:

تناولت هذه الدراسة منهج القرآن الكريم في تأصيل قاعدة سد الذرائع، وقد اشتملت الدراسة على تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.

التمهيد وقد تكلمت فيه عن التعريف بمفردات هذا العنوان وعن أهمية منهج القرآن الكريم في عرض القواعد الفقهية والأصولية.

الفصل الأول: اشتمل على معنى سد الذرائع وحجيته، وأهمية المنهج القرآني في تأصيل قاعدة سد الذرائع.

اشتمل الفصل الثاني على المنهج القرآني العام في تأصيل القاعدة وكيف أنه منع الجائز المؤدي إلى الضرر.

وعلَّل ذلك في بعض المواطن، ودفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر؛ وما هذا إلا دلالة على منهجية القرآن العظيمة في تأصيل ووضع قواعد الأحكام والأصول.

ذكرت في الفصل الثالث منهجا للقرآن الكريم في تأصيل مجالات قاعدة سد الذرائع.

وتوصلت الدراسة إلى نتائج من أهمها:

1- القرآن الكريم لا يطلق الأحكام الشرعية بإيجاب أو تحريم أو إباحة أو ندب أو كراهة، ثم يكلف العبد فيها، ثم يترك الأمر دون مراعاة لأحوال المكلف وما يتعرض له، وإنما راعى ذلك فقد يمنع من أمور أجازها، أو يدفع الأمور الكبيرة بفعل الأمور الصغيرة وراعى الأحكام حسب الأشخاص والأماكن والأحوال.

2- خروج قاعدة سد الذرائع عن كونها ظنية الدلالة حتى وصلت إلى حد القطعية لكثرة النصوص القرآنية التي تدلل على تأصيل هذه القاعدة.

3- القرآن الكريم رسم لنا منهجا متكاملا لحفظ الشريعة من التحريف والتعدي وذلك بالقاعدة العظيمة وهي قاعدة سد الذرائع.

وتوصي الدراسة بضرورة العناية بالتأصيل القرآني للقواعد الأصولية خاصة التي يستفاد منها في المسائل المعاصرة.

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم.

أما بعد: فقد خلق الله تعالى الخلق لعبادته وأرسل لهم الرسل، وأنزل الكتب لدعوة الناس إلى توحيده وتعليمهم أحكام دينهم، وختم النبيين والمرسلين بسيد ولد آدم محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أُُرسل للناس كافة. ومن رحمة الله بنا أن أنقذنا من شرور أنفسنا ومن جهلنا وأنزل إلينا كتابا خالدًا يشكل منهجًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبعد أن انتقل الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى لم ينته دور القرآن الذي بقي بعد الرسول _صلى الله عليه وسلم_ يوجه ويسدد ويشكل مصدرا في الانطلاقة الفكرية والعلمية والعبادية يشكل الموعظة والتوجيه والتسديد. وهو المصدر الأساس والرئيس في حياة المسلمين الذي تكفل الله تعالى بحفظه. قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

والمتأمل في كتاب الله يجد أنه اعتنى بمصالح الأنام أشد العناية؛ فشرع لهم كل ما يقربهم إلى الله تعالى من الخير، وحرم عليهم كل شر يبعدهم عنه سبحانه، وما ترك من شيء نهى عنه إلا ومنع كل وسيلة توصل إليه، وهذه من أهم القواعد التي بناها القرآن وأصَّلها، ألا وهي قاعدة سد الذريعة.

ولأهمية هذه القاعدة، فقد قام الباحث باختيار هذا الموضوع المهم الذي يصون حمى الإسلام من أي دخيل يدخل ليفُتَّ فيه وينقض بنيانه، ووجدت أن القرآن الكريم أصلُ هذه القاعدة وأشار المفسرون إلى تلك الآيات التي وضعت منهجًا متكاملًا ظهرت فيه عظمة القرآن وعنايته بسد الذرائع في كثير من جوانب الحياة.

مشكلة الدراسة:

حاولت الدراسة الإجابة عن أسئلة كثيرة ذات صلة بموضوعها منها:

1) ما منهج القرآن في تقرير قاعدة سد الذرائع عموما؟

2) ما منهج القرآن الكريم في عرض الموضوعات التفصيلية في تأصيل قاعدة سد الذرائع؟

3) كيف تعامل المفسرون مع هذه القاعدة؟ وهل كان لها أثر في تفسير الآيات؟

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية هذه الدراسة في النقاط التالية:

1) حاجة البحث العلمي لربط الدراسات القرآنية بالدراسات الأصولية.

2) تعطي الفقهاء والقضاة منهجا في التعامل مع الأحكام وتنزيلها على الواقع والتعامل مع المستجدات بناء على المنهج القرآني.

أهداف الدراسة:

1) فتح الباب لدراسة قواعد الفقه وأصوله من خلال القرآن الكريم.

2) استنتاج منهج القرآن في تقرير قاعدة سد الذرائع عموما.

3) تحديد الموضوعات التي عرضها القرآن لتأصيل قاعدة سد الذرائع واستنتاج منهج القرآن في ذلك.

الدراسات السابقة:

بعد النظر والاطلاع في موضوع الدراسة، تبين أنه ليس هناك دراسة علمية قرآنية مستقلة متخصصة عالجت هذه المشكلة، ولكن وجدت بعض الدراسات ذات الصلة تندرج ضمن الاتجاهات الآتية:

الاتجاه الأول: الدراسات الأصولية والفقهية مثل:

1) سد الذرائع في الشريعة الإسلامية للباحث محمد هشام البرهاني وهو أكثر من توسع في هذا المجال - فيما أعلم - فقد تعرض لسد الذرائع كمظهر من مظاهر الاحتجاج بالرأي ثم تطرق لتعريف سد الذرائع وعلاقته ببعض المعاني ثم بيّن أقسامه.

2) سد الذرائع عند شيخ الإسلام ابن تيمية للباحث إبراهيم بن مهنا المهنا / رسالة ماجستير.

3) سد الذرائع عند الإمام ابن القيم وأثره في اختياراته الفقهية للباحث سعود بن ملوح العنزي/ رسالة ماجستير.

4) قاعدة سد الذرائع وأثرها في الفقه الإسلامي للدكتور محمود حامد عثمان.

وكان منهجهم في هذه الدراسات التركيزَ على الجانب الفقهي والأصولي، وذكر الحجج القرآنية على سبيل الاحتجاج من الناحية الأصولية.

الاتجاه الثاني: الدراسات العقدية:

1) قاعدة سد الذرائع وآثارها التربوية في الجانب العقدي للباحث مروان محمد رشدي شريف.

2) سد ذرائع الابتداع في مسائل الاعتقاد للباحث عبد اللطيف عبد القادر محمد الحفظي.

وكان منهجهما في هذه الدراسات التركيز على الجوانب العقدية في مجالات الإيمان والإمامة والقضاء والقدر وعرض آراء الأئمة ومناقشتها وذكر الحجج القرآنية على سبيل الاحتجاج من الناحية العقدية.

وتمتاز دراستي عن هذه الدراسات بما يلي:

1) دراسة الآيات المبينة لمنهج القرآن في سد ذرائع واقعة أو قد تقع في كل جانب وحده.

2) دراسة تحليلية للآيات القرآنية والوصول إلى منهج قرآني متكامل في تأصيل قاعدة سد الذرائع.

منهجية الدراسة:

تقوم منهجية البحث على:

1) المنهج الاستقرائي: حيث يقوم الباحث بدراسة الآيات الواردة بهذا الشأن في جميع آيات الموضوع حيث وردت.

2) المنهج الاستنباطي التحليلي: حيث يقوم الباحث بدراسة هذه الآيات ثم تحليل مضامينها ودلالاتها لاستنباط المعاني وبيان دلالة الألفاظ ودقة اختيارها في مواضيعها والمنهجية الواردة في تناسق ألفاظها.

وقمت بتفعيل المنهج التوثيقي القائم على:

1) تخريج الأحاديث من مظانها. فما كان منها في الصحيحين اكتفيت بالإشارة إليهما، وما كان في غيرهما فسأقوم بتخريجه من غير تطويل، مع بيان درجة صحتة أو ضعفه.

2) بيان المصطلحات اللغوية والفقهية والأصولية حيث لزم الأمر

3) إسناد الأقوال لأصحابها.

خطة البحث:

اشتمل هذا البحث على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، مرتبة على النحو التالي:

المقدمة: اشتملت على مشكلة الدراسة، وأهميتها، وأهدافها، والدراسات السابقة لها، والمنهج القائمة عليه.

الفصل الأول: التمهيد وفيه مبحثان:

المبحث الأول: التعريف بمصطلحات الدراسة.

المبحث الثاني: أهمية المنهج القرآني في تأصيل القواعد الشرعية الفقهية والأصولية.

الفصل الثاني: قاعدة سد الذرائع وأهمية المنهج القرآني في تأصيلها.

المبحث الأول: قاعدة سد الذرائع حجيته عند الأصوليين والفقهاء.

المبحث الثاني: أهمية المنهج القرآني في تأصيل قاعدة سد الذرائع

الفصل الثالث: المنهج القرآني العام في تأصيل قاعدة سد الذرائع.

المبحث الأول: سد القرآن ذرائع المحرمات؛ ومعاقبته لمن انتهكها.

المبحث الثاني: نهي القرآن عن الجائز في أصله لإفضائه إلى الوقوع في المحرم.

المبحث الثالث: تعليل القرآن ترك الأمور المرغوب فيها التي تؤدي إلى أمور محرمة.

المبحث الرابع: تأصيل القرآن دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر.

الفصل الرابع: منهج القرآن الكريم في تأصيل مجالات قاعدة سد الذرائع.

المبحث الأول: منهج القرآن في تأصيل قاعدة سد الذرائع في مجال العقيدة.

المبحث الثاني: منهج القرآن في تأصيل قاعدة سد الذرائع في مجال العبادات.

المبحث الثالث: منهج القرآن في تأصيل قاعدة سد الذرائع في مجال العلاقات الأسرية.

الخاتمة: اشتملت على النتائج والتوصيات

وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اللهم انفعنا بما علمتنا وبارك لنا فيه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخاتمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد،

فقد توصلت من خلال البحث إلى النتائج الآتية:

النتائج:

أولًا: أنَّ القرآن الكريم لا يطلق الأحكام الشرعية بإيجاب أو تحريم أو إباحة أو ندب أو كراهة دون النظر إلى الأحوال والأشخاص والأماكن.

ثانيًا: أنَّ سد الذرائع قاعدة أصولية عظيمة تضافر على العمل بها أكثر العلماء وجمهورهم، إما تصريحا أو تطبيقا، وأن الخلاف يغلب عليه الجانب اللفظي بين الجمهور وغيرهم.

ثالثًا: أنَّ قاعدة سد الذرائع قاعدة متواترة معنويا لكثرة النصوص القرآنية في تأصيل هذه القاعدة، وظهور العمل به لحفظ الشريعة من التحريف والتعدي، وكثرة استدلال المفسرين بها.

رابعًا: بنى القرآن الكريم قاعدة سد الذرائع بشمولية كاملة في بيان الأوجه والمعاني التي تعطي السد العظيم لكل مداخل ووسائل الحرام.

خامسًا: اعتنى المفسرون بقاعدة سد الذرائع واستدلوا عليها بآيات القرآن، وصرحوا بذلك في تفاسيرهم.

سادسًا:حَدَّ القرآن عقيدة المسلم بحدود محكمة، وسد عنها كل ذريعة تُخلّ بها أو تسعى لهدم أسسها، سواء في تقرير عظمة التوحيد عند المسلم أو تحذيره من كل ما له دور في إفساد اعتقاده عليه، كالشيطان والكفار والمنافقين.

سابعًا: حفظ القرآن الكريم للمسلم الجانب الروحي العبادي الذي يزيد إيمانه، وتزكو به نفسه من كل ذريعة تنتهك العبادة أو تنقص قدرها أو تضعف من أهميتها، ليسلم له دينه وما تسمو به روحه.

ثامنًا:بيّن القرآن الكريم للمسلم كل ما يحفظ له أساس العلاقة الإجتماعية في حياته، وهي أسرته. وراعى مكانة الأفراد وأحوالهم، وسد ذريعة النشأة الفاسدة المفضية للنتيجة والنهاية السيئة.

تاسعًا:أعطى القرآن الكريم للمرأة حقها وسد عنها كل ما يهينها أو يسيء إليها، سواء في الطلاق أو صيانة عرضها من كل ما يخل به، أو يكون ذريعة للفاحشة والحرام.

التوصيات:

أولًا: توظيف هذه القاعدة في بيان المسائل المعاصرة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ثانيًا: أن يتم إبراز هذه القاعدة أكثر بين الدعاة والصالحين حتى يوظفوها في علاج قضايا الناس ومشاكلهم وسد ذرائع الحرام عندهم، حتى تكون منهجا لهم في صيانة أنفسهم ومعرفة المداخل التي تدخل على دينهم وتنقض فيه.

ثالثًا: دعوة الراغبين بالبحث القيام بأبحاث في قسم الحديث لبيان المنهج النبوي في تأصيل قاعدة سد الذرائع ليتم العمل في منهج الكتاب والسنة لتأصيل هذه القاعدة وهما مصدر التشريع الرباني.

رابعًا: جعل هذه القاعدة ومثيلاتها مواد مخصصة تدرس في الجامعات بمفردها مع تطبيقات عملية حتى نوظف فقه الكتاب والسنة لمنهج تطبيقي عملي في حياة المسلمين.

خامسًا: ضرورة العناية بالتأصيل القرآني للقواعد الأصولية خاصة التي يستفاد منها في المسائل المعاصرة.

THE QUR’ANIC APPROACH TO THE FOUNDATIONS OF THE “BLOCKING THE MEANS” RULE

By

Mohammad Shaher Ismaeal Yameen

Supervisor

Dr. Ahmad Ismaeal Noufal

Co.Supervisor

Dr. Mohammad Khalid Mansou، Professor

ABSTRACT

This study has dealt with the Qur’anic Approch to the Foundations of the “BLOCKING THE MEANS” rule. the study including a preamble، three chapters and conclusion.

In the preamble، I talked about definitions of the vocabulary used in the title and about the importance of the methodology of the Holy Quran in displaying the Jurisprudence rules.

Chapter one:

This chapter including the meaning of Blocking the Means، its defense and the importance of the Quranic methodology in establishing the rule of Blocking the Means.

Chapter two:

This chapter include the general Quranic methodology in how establishing the rule and how it prohibited the permissible that leads to the harmful deeds. it also explained in some places and pushed away the greater harm by the less effective one. Not only this، but it also added a proof that the methodology of the Holy Quran is great in establishing and founding the rules of jurisprudence.

Chapter three:

In this chapter، I mentioned the methodology used by the Holy Quran in establishing areas in Blocking the Means، and the study came up with many results، I mention hereunder the most important ones:

1) The Holy Quran doesn’t release jurisprudential rules in all its cases such as، approval، prohibition، permission or reluctance، and then charge people with it without taking into consideration the surrounding circumstances of the accountable person or the pressure that is imposed on him or her. It took into consideration all these matters and also considered the condition، the places and the persons.

2) Blocking the Means rule changed from being reckoned to the extent of being hard evidence because of the many Quranic verses that prove establishing this principle.

3) The Holy Quran drew us an integrated methodology to keep our Sharea’ from forgery by the great principle of Blocking the Means.

4) This study recommends that attention should be taken seriously when establishing the Quranic rules، particularly those ones that could be useful for the contemporary questions.

فهرس الموضوعات