التوجيه النحوي للقراءات القرآنية في تبيان العكبري (ت 616هـ)

ملخص الرسالة

التوجيه النحوي للقراءات القرآنية في تبيان العكبري

(ت 616هـ)

المقدمة

الحمد لله منزل الكتاب بلسان عربي مبين، والصلاة والسلام على سيد الأولين، والآخرين سيدنا محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الغر الميامين.

وبعد... فقد كان طموحي وأنا في السنة التحضيرية أن أتناول موضوعًا يتعلق بالقرآن الكريم، خدمةً لهذا الكتاب الجليل، وللغتنا العربية التي أنزل بها.

وبعد البحث في أروقة المكتبات وفي مظان الكتب، واستشارة أساتذتي الأفاضل، وقع اختياري على (التوجيه النحوي للقراءات القرآنية في تبيان العكبري).

أما عن سبب اختياري لهذا الموضوع فيكمن في عدة أمور منها: شعوري من خلال دراستي للنحو بأن القرآن الكريم كان له فضل عظيم على هذا العلم، سواء في نشأته، أو في مراحل تطوره، وإن من الواجب حيال هذا أن يتخذ القرآن الكريم منطلقًا فسيحًا ينطلق منه إلى تنقيح قواعد النحو وتخليصها من الشوائب، وما علقت به من أمور عكرت صفوه ونقاءه؛ ولأن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، فهو النص الصحيح الثابت المتواتر وليس هناك نص مماثل له مما يستشهد به، ويشبهه في قوة ثباته وثبات روايته والقطع بصحته في متنه ولفظه، وعليه فالواجب أن لا تفضل عليه القواعد النحوية، بل الواجب أن تقاس القواعد عليه، وأن تكون القواعد النحوية مستقرأة منه.

وثمة أمر آخر وهو أن ما أودع في كتاب - التبيان في إعراب القرآن - من دقائق النحو والإعراب بعيدًا عن التعقيدات الفلسفية والمنطقية مما لا يجد الباحث في غيره هذا الأسلوب السهل الموجز المفيد، ولأمر ما أصبح محط اهتمام القوم فيما بعد فلا يكاد يخلو كتاب نحو أو إعراب من ذكره (أعني كتاب التبيان) وكذا كتب التفسير؛ ولأن هذا البحث يتعلق بعالم جليل من علماءنا في مجال الدراسات القرآنية والنحوية ألا وهو أبو البقاء العكبري (ت616هـ) أحد العلماء المبرزين الذين يشار إليهم بالبنان.

واقتضت طبيعة البحث أن يقسم على أربعة فصول سبقتها مباحث تمهيدية درست فيها مفهوم التوجيه في اللغة والاصطلاح وبينت من خلال ذلك دلالة مصطلح (التوجيه النحوي) الذي تقوم دراستي هذه على أساس منه، ثم تناولت القراءات القرآنية بدراسة موجزة عرضت فيها مفهومها وسبب نشأتها بصورة موجزة وبما يمهد للدراسة، ثم تناولت بعد ذلك حياة أبي البقاء العكبري وسيرته، وبينت موقفه من القراءات القرآنية ومنهجه في عرض القراءات والاستشهاد بها.

أما الفصل الأول (المرفوعات): فيدرس القراءات التي قرئت مرفوعةً وهي عند الجمهور على غير الرفع، ويقسم على:

أولًا: مرفوعات الأسماء: ويتضمن الابتداء وما يتصل به، والفاعل ونائبه وتوابعهما (النعت، العطف، البدل، التوكيد).

ثانيًا: مرفوعات الأفعال: ويتناول الفعل المضارع وما يتبعه.

أما الفصل الثاني (المنصوبات): فتدرس فيه القراءات التي قرئت بالنصب وهي ليست كذلك عند الجمهور وينقسم على:

أولًا: الأسماء وتضم: (المفعولات، اسم إن، خبر كان، الحال، الاستثناء، التمييز) وتوابعهما.

ثانيًا: الأفعال: ويتضمن الفعل المضارع وما يتبعه.

أما الفصل الثالث(المجرورات): فيدرس فيه التوجيه النحوي لما قرىء مجرورًا وهو ليس كذلك عند الجمهور وينقسم على:

أولًا: المجرور بالأداة وتوابعه (النعت، العطف، البدل، التوكيد).

ثانيًا: المجرور بالإضافة وتوابعه (النعت، العطف، البدل، التوكيد).

وأخيرًا الفصل الرابع (المجزومات): يدرس ما قرىء مجزومًا من الأفعال المضارعة وهو على غير ذلك عند الجمهور وينقسم على:

أولًا: المجزوم بالأداة.

ثانيًا: المجزوم بالسياق أو الأسلوب مثل (جواب القسم وجواب الطلب) والتابع لهما.

وأود الاشارة إلى أن اختيار منهجية موحدة تنتظم مباحث الرسالة كلها وتدرس من خلالها القراءات القرآنية الواردة في (كتاب التبيان) وبقراءاتها المتعددة اقتضت أن يكون المنهج في أثناء فصول الرسالة في دراسة القراءة القرآنية المعينة في مبحث معين دون غيره بالنظر إلى القراءة الأقل شهرة. مثال ذلك أن الجمهور قرأ قوله تعالى ﴿ وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ ﴾ [الأنعام: 137] بنصب (قتل) وقرأ ابن عامر بالرفع، ولذلك فقد تناولت هذه الآية في مبحث مرفوعات الأسماء؛ لأن قراءة الرفع هي الأقل، ولا يعني هذا أني أهملت قراءة النصب فقد تناولتها مع دراستي لتوجيه حالة الرفع وما كان ذلك إلا محاولة لضبط دراسة القراءات الواردة في الكتاب على وفق نظام محدد، يمنع التشتت ويفيد لتقديم صورة شاملة للدارس.

أما الخاتمة فقد اشتملت على أهم النتائج التي خلص إليها البحث.

وكانت مصادر هذا البحث متعددة، ومتنوعة شملت كتبًا نحوية ولغوية قديمة ومعاصرة كالكتاب لسيبويه ومغني اللبيب لابن هشام وعلى مجموعة من كتب معاني القرآن وإعرابه، كمعاني القرآن للفراء، ومعاني القرآن للأخفش، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج، والبيان في غريب إعراب القرآن لأبي البركات الأنباري، وعلى جمهرة من كتب التفسير كجامع البيان لابن جرير الطبري، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، والبحر المحيط لأبي حيان، وخرجت القراءات القرآنية من كتب القراءات كالسبعة في القراءات لابن مجاهد، والتيسير في القراءات لأبي عمرو الداني، وغيرها من الكتب مبثوثة في أثنائه، مذكورة في ثبت المصادر والمراجع.

ومن دواعي الأمانة، والإخلاص والاعتراف بالحسنى أن أتقدم بثنائي وامتناني لأستاذي العالم الموجه الدكتور عبد الرسول سلمان الزيدي على جميل رعايته، وكرم أخلاقه وحسن مشورته وعلى ما بذله من جهد في قراءة فصول الرسالة حرفًا حرفًا فتشرفت بآرائه السديدة، وملاحظاته القويمة، أدعو الله أن يمد في عمره وينفعنا بعلمه. إنه سميع الدعاء.

وكذلك أشكر أساتذتي الأجلاء المكرمين في قسم اللغة العربية في كلية التربية جامعة بابل وأخص بالذكر منهم: الدكتور علي ناصر غالب، والدكتور صباح عباس السالم، لرعايتهم إياي في أثناء دراستي في القسم فلهم أوفى التقدير، وأسمى الوداد.

وإلى أهلي الأعزاء، وأخي وصديقي مازن عبد الرسول سلمان الذي كان خير عون لي وخير سند طوال مدة إنجازي هذا البحث، فجزاه الله عني خير الجزاء، وله مني خالص المودة والوفاء.

وخالص شكري وتقديري إلى كل من فاتني ذكره، وكانت له يد بيضاء في سبيل إتمام هذه الرسالة من الإخوة والأحباب، فلهم مني خالص المودة والوفاء.

وبعد ذلك كله أقول: إن هذا العمل هو ما جادت به نفسي فما كان فيه من صواب، فمن توفيق الله تعالى، وغاية ما أرجوه، وإن كان فيه عكس ذلك، فإن سلوتي فيه، وعزائي به قول الله تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ [يوسف: 53]، وحسبي أني طالب علم يخطئ، وأن الكمال لله وحده.

الخاتمة

الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار.

وبعد... فقد توصل هذا البحث المتواضع إلى مجموعة نتائج، يمكن إجمالها بما يأتي:

1. تناول البحث مفهوم التوجيه النحوي معرّفًا به ومحددًا دلالته، ومستشهدًا على استعماله في بعض مصنفات العربية.

2. كان أبو البقاء العكبري يعتدَّ بالقراءات القرآنية كثيرًا، وقد اتّخذ منها شواهد استعان بها لإثبات ما يجوز في العربية من ظواهر نحوية.

3. حوى التبيان للعكبري توجيهات نحوية لكثير من القراءات القرآنية وبالشكل الذي ينسجم وقواعد النحو العربي.

4. حوى التبيان للعكبري إسهامات علماء العربية نحاة ولغويين في غمرة التوجيهات النحوية التي تقتضيها القراءات القرآنية مما يجعل الكتاب مصدرًا من مصادر التوجيه النحوي للقراءات القرآنية.

5. سجل هذا البحث جملة من الأقوال التي أخذها أبو البقاء العكبري ممن سبقه من النحاة، وأغفل ذكر أصحابها؛ وذلك بعدم الإشارة إليهم.

6. لأبي البقاء العكبري شخصيته المتفردة، ودوره البارز في إغناء النحو العربي وقدرته النحوية، فضلًا عن ثقافته العميقة المتنوعة، فهو لم يكن يعرض الآراء معزوة إلى أصحابها فقط، بل كان يناقش الآراء رادًّا ومضعفًا، ومستبعدًا، وموازنًا ومؤيدًا، ومفندًا.

7. تأثر بأبي البقاء العكبري ونقل عنه أو ضمن أقواله طائفةٌ من النحاة والمفسرين منهم: أبو حيان الأندلسي (ت 754هـ)، والسمين الحلبي (ت 756هـ)، وابن هشام الأنصاري (ت 761هـ)، والسيوطي (ت911هـ)، والشهاب الخفاجي (ت 1069هـ)، والألوسي (ت 1270هـ)، وغيرهم.

8. أما موقفه من مسائل الخلاف النحوي، فنلحظ ميله الشديد إلى مذهب البصريين، فهو يجاريهم في معظم ما ذهبوا إليه كما جاء في أثناء البحث، وفي هذا دليل على بصريته، فهو يصحح آراء البصريين، ويرد على آراء الكوفيين ناسبًا إليهم الغلط.

9. اعتمد في شواهده على القرآن الكريم وقراءاته، وعلى كلام العرب شعرًا ونثرًا، وإنه لم يستشهد بالحديث النبوي الشريف في معرض توجيهاته للقراءات القرآنية.

10. كان منهج العكبري في تعامله مع الشواهد النحوية على غرار النحاة السابقين له، فعندما يخالف الشاهد النحوي القاعدة، أو القياس النحوي، نراه يضعَّف، ويخطىء، ويلحّن، ويستبعد، وتعدى هذا إلى الحكم على القراءات القرآنية، فوصفها مرة بالضعف، ومرة بالخطأ ومرة بالبعد، ولم يقتصر هذا على القراءات الشاذة حسب، بل تعداه إلى طائفة من القراءات السبع المتواترة مثل قراءة ابن عامر، وابن كثير وعاصم، وأبي عمرو بن العلاء وحمزة والكسائي والصحيحة كقراءة أبي جعفر المدني من العشرة، وعليه فهو يضع خطاه على خطى من سبقه من النحاة مثل الأخفش، والفراء، والمبرد والزجاج، والنحاس، وغيرهم ممن أشار بإصبع التخطئة، والضعف، واللحن إلى القراءات التي تخالف أقيسة العربية.

11. إنّ أبا البقاء العكبري يختار القراءة أحيانًا بما يؤديه الوجه الإعرابي من قوة في المعنى بحيث ينمازُ به عن الوجوه الأخرى.

12. إن القراءات القرآنية تمثل ثروة لغوية كبيرة، إذ تمثلت فيها أحكام نحوية كثيرة وظواهر لهجية متعددة.

13. كشف البحث عن قدرة العكبري في توجيه القراءات القرآنية توجيهًا نحويًا بما ينم عن كفايته البارعة في هذا المنحى.

وبعد... فلا أدعي أني ابتدعت جديدًا، ولا جئت بالكمال، فإنَّ كلَّ انسان لابد له أن يخطأ، مهما حاول تجنب هذا الخطأ، وحسبي أني اجتهدت، فإن أصبت فبفضل الله - تعالى -، وإن كانت الأُخرى فإني أستغفره تعالى وأتوب إليه من الخطأ والزلل والشطط. وله الحمد في الأولى والآخرة والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجين.

ABSTRCT

All the sevants agreed that Gods words-Subhanahu Wa tala-in His holy Quran is the Arab. Languages, thereby enriching their texts with quotation in their books and so Quranic texts are considered as the most important among Muslim’s sciences.

Abu-Albaqa Al-Akberi (616H) is one of those scientists. Who paid a great deal of attention to quranic studies. This thesis is to deal with-“Al-Tibian Fi Irab Al-Quran” to Al-Akberi.

This thesis is divided into four Chapters with an introduction to Quranic studies with a summarized definition; The meaning of texts linguistically and idiomatically; the reason behind the rise of studies and then tackled the life of Abi Al-baqa Al-Akberi and his method in reviewing the studies.

The first Chapter “The Nominative” deals with the nominative studies that are divided in to:

A-Nominative nouns.

B- Nominative verbs.

The second Chapter “The Accusative” deals with the accusative studies, Also divided in to:

A-Accusative nouns.

B- Accusative verbs.

The Third Chapter “The governed Nouns” tackles studies concerned with governed nouns as:

A-Nouns governed by articles.

B- Nouns governed by addition.

Finally, Chapter four “Al-Jazm” deals with what is read as “Al-Jazm” of the present verbs whether by:

A-Articles or.

B-Context or style.

This research has come up with the most important conclusions.

The researcher

Qasim Mohammed Aswad.

فهرس المحتويات