منهجيات الإصلاح والتغيير في سورتي الفاتحة والبقرة " دراسة موضوعية "

ملخص الرسالة

منهجيات الإصلاح والتغيير في سورتي الفاتحة والبقرة

" دراسة موضوعية "

مقدمة:

الحمد لله حمد الشاكرين، الحمد لله الذي جعل القرآن لنا منارة، وهدانا لقراءته وتدبره كي يكون لنا طريقًا إلى جنانه، وسببًا لزيادة إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بتدبر القرآن الكريم، والإمعان فيه حيث قال في كتابه ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، ونعوذ بالله أن نكون من الذين يقرءون القرآن ولا يتدبرونه ولا يعملون به، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمي، الهادي إلى سواء السبيل القائل: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع[1]، وبعد:

فقد جمّع القرآن الكريم العرب بعد شتات وفرقه، ووحدهم بعد تمزق واختلاف، طهرت به قلوبهم، وتآلفت في محرابه نفوسهم، وانسجمت به طبائعهم، وتلاقت أمزجتهم، فأصبحوا في ظله إخوانًا، وتحت لوائه أحبابًا قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103] فقد رسم لهم طريق السعادة في الدنيا والآخرة بما احتواه من قوانين وأنظمة وتشريعات فحوّل اتجاهاتهم، وقلب مفاهيمهم، وغير تصوراتهم، فأوجد لهم الشخصية بعدما كانوا يعيشون على هامش الحياة، فبنى لهم الدولة، ومكنهم من السيادة والريادة، فغدوا أمة لها حضارة وعلم ومعرفة، فما أجمل أن يعيش الإنسان في رحاب القرآن الكريم، يستنشق عبيره، ويتذوق حلاوته، ويتدبر آياته، ويتتبع آثاره، فهو غذاء للفكر الإنساني المبثوث في كل ذرة من ذرات هذا الكون الفسيح.

لذلك جاء هذا البحث ليلقي بظلاله على سورتين من سور القرآن، وهما (الفاتحة، والبقرة) ويتناول منهجيات الإصلاح والتغيير فيهما، لما لهذه المنهجيات من دور كبير في إصلاح مجتمعاتنا الإسلامية، لما آلت إليه من انتكاسة أخلاقية.

وبهذا الهدف بعث الله الرسل، كما قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]

أولًا: أهمية الموضوع:

تبرز أهمية الموضوع من خلال النقاط التالية:

1) تعلقه بأشرف الكتب وأجلها، وهو القرآن الكريم.

2) عصرية هذا الموضوع وحداثته، فكثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تضعها المراكز الغربية المتخصصة، والتي تبحث في أسباب صعود الأمم وعلو مكانتها، وأسباب سقوطها وانهيارها، وأفول نجمها، إلا أنها غيبت الجانب الديني الذي به تعلو الأمم وتتقدم، وبتركه والنكوص عنه تنهار وتزول.

3) إن سورتي الفاتحة والبقرة قد اشتملتا على جوانب كثيرة من جوانب الإصلاح والتغيير.

ثانيًا: أسباب اختيار الموضوع:

تم اختيار الموضوع من قبل الباحثة للأسباب التالية:

1) غفلة الكثير من الناس عن منهجيات الإصلاح والتغيير في المجتمع.

2) المساهمة في بيان منهج القرآن الإصلاحي ونيل رضا الله سبحانه وتعالى.

3) حاجة المكتبة الإسلامية إلى بحث علمي محكم، يتناول هذا الموضوع من جوانبه المختلفة وفي إطار دراسة موضوعية.

4) الرغبة في دراسة الأمور المعاصرة وربطها بالقرآن الكريم وخاصة منهجيات التغيير والإصلاح لما لها من أهمية في نجاح الأمم والشعوب.

ثالثًا: أهداف البحث:

يسعى هذا البحث لتحقيق أهدافًا عديدةً ساميةً منها:

1) ابتغاء مرضات الله تعالى، فهو أهم هدف وأسمى غاية أرجوها من كتابة هذا البحث.

2) فتح آفاق جديدة أمام الدارسين وطلبة العلم، وتزويد المكتبة الإسلامية بإضافة بحث جديد في التفسير الموضوعي.

3) التأكيد على حقيقة واقعية لكل الباحثين وطلاب العلم الشرعي خاصة بأن تفسير القرآن الكريم لم يتوقف عند مرحلة من مراحل التاريخ البشري؛ بل إنه سيبقى يستوعب الحياة البشرية إلى يوم القيامة.

4) استنباط الحقائق والتوجيهات والعبر القرآنية لهذا الموضوع الحيوي.

5) بيان أن العلوم القرآنية متجددة، ومواكبة لكل العصور والأزمنة وهذا يؤكد أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان.

رابعًا: الدراسات السابقة:

حاولت الباحثة استقصاء الدراسات السابقة لهذا الموضوع وأرسلت مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، فكانت النتائج تشير إلى جدية هذا الموضوع، وحداثته وعدم طرقه - رغم أهميته - من قبل الباحثين، إلا أنه في الفترة البسيطة السابقة قامت الباحثة إبتسام سمور بعمل بحث بعنوان " سورة عبس منهجيات في الإصلاح والتغيير " دراسة تطبيقية، والباحث عطا وادي في بحث بعنوان " منهجيات الإصلاح والتغيير في سورة آل عمران "، ثم اعتمدت الجامعة الإسلامية منهجيات الإصلاح والتغيير كسلسلة كاملة للقرآن الكريم كله.

خامسًا: منهج البحث:

اعتمدت الباحثة على المنهج الموضوعي في دراستها وكانت على النحو التالي:

1) تتبع آيات سورتي الفاتحة والبقرة والوقوف على المناهج الموجودة فيها، ودراستها دراسة تفسيرية تطبيقية.

2) الرجوع إلى مراجع ومصادر التفسير المتعلقة بالموضوع.

3) الاستعانة بصحيح الأحاديث النبوية الشريفة، التي تخدم الموضوع، والاستشهاد بها على ما ورد في الرسالة وتخريج غير الصحيح منها، وحكم العلماء عليها إن وجد.

4) إسناد كل قول ورد في الرسالة لقائله وعزوه إلى المصادر التي نقل عنها.

5) وضع العناوين المناسبة للفصول والمباحث والمطالب، مستخدمة الألفاظ القرآنية بقدر الإمكان.

6) مراعاة الأمانة العلمية في النقل والتوثيق والتعليق.

7) ترتيب المصادر والمراجع في مجموعات حسب الأحرف الهجائية.

سادسًا: خطة البحث:

ويتكون هذا البحث من مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة وفهارس خادمة للبحث كما يلي:

المقدمة:

وتشتمل على ما يلي: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهداف البحث، والدراسات السابقة ومنهج البحث، وخطته.

التمهيد: حقيقة منهجيات الإصلاح والتغيير:

ويتكون من أربعة مباحث:

المبحث الأول: حقيقة المنهج وخصائصه:

ويشتمل على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: المنهج لغةً واصطلاحًا.

المطلب الثاني: خصائص المنهج الإسلامي.

المطلب الثالث: المنهج في آيات القرآن الكريم.

المبحث الثاني: حقيقة الإصلاح وأهميته:

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: الإصلاح لغةً واصطلاحًا.

المطلب الثاني: أهمية الإصلاح.

المطلب الثالث: الإصلاح في آيات القرآن الكريم.

المبحث الثالث: حقيقة التغيير وخصائصه:

ويشتمل على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التغيير لغةً واصطلاحًا.

المطلب الثاني: خصائص التغيير.

المطلب الثالث: التغيير في آيات القرآن الكريم.

المطلب الرابع: المقصود بمنهجيات الإصلاح والتغيير.

المبحث الرابع: التدرج في الإصلاح والتغيير والفرق بينهما.

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: التدرج في الإصلاح والتغيير.

المطلب الثاني: الفرق بين الإصلاح والتغيير.

الفصل الأول: منهجيات الإصلاح والتغيير في سورة الفاتحة

ويتكون من مبحثين:

المبحث الأول: مدخل إلى سورة الفاتحة

ويشتمل على ستة مطالب:

المطلب الأول: أسماء السورة.

المطلب الثاني: عدد آيات السورة وزمن نزولها.

المطلب الثالث: فضل السورة.

المطلب الرابع: المعنى الإجمالي للسورة.

المطلب الخامس: مناسبة سورة الفاتحة مع سورة البقرة.

المطلب السادس: علاقة سورة الفاتحة بالمقاصد العامة للقرآن الكريم.

المبحث الثاني: منهجيات الإصلاح والتغيير في ضوء سورة الفاتحة

ويشتمل على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: منهجيات الإصلاح والتغيير العقائدي.

وفيه:

أولا: وحدانية الله تعالى.

ثانيا: الهداية إلى الصراط المستقيم.

المطلب الثاني: منهجيات الإصلاح والتغيير التعبدية.

وفيه:

أولا: الابتداء بالبسملة.

ثانيا: العبودية لله وحده.

ثالثا: الاستعانة بالله.

المطلب الثالث: منهجيات الإصلاح والتغيير في بيان سبيل السعادة وكيفية السير فيه والموصل إلى نعم الدنيا والآخرة.

الفصل الثاني: منهجيات الإصلاح والتغيير في سورة البقرة

ويتكون من مبحثين هما:

المبحث الأول: مدخل إلى سورة البقرة:

ويشتمل على خمسة مطالب:

المطلب الأول: تسميتها.

المطلب الثاني: ترتيب السورة وعدد آياتها ومكيتها ومدنيتها.

المطلب الثالث: فضل سورة البقرة.

المطلب الرابع: الجو الذي نزلت فيها السورة.

المطلب الخامس: مناسبة سورة البقرة لما قبلها (الفاتحة ).

المطلب السادس: مناسبة سورة البقرة لما بعدها (آل عمران ).

المبحث الثاني: منهجيات الإصلاح والتغيير في ضوء سورة البقرة:

ويشتمل على خمسة مطالب وهي:

المطلب الأول: منهج الإصلاح والتغيير العقائدي.

وفيه:

أولًا: الإرادة المطلقة لله

ثانيًا: الاستعانة بالله تعالى

ثالثًا: العبودية لله تعالى.

المطلب الثاني: منهج الإصلاح والتغيير الدعوي والأخلاقي:

وفيه:

أولًا: الصبر

ثانيًا: التسامح

ثالثًا: الوسطية

رابعًا: التقوى

خامسًا: ضرب المثل

سادسًا: القدوة الحسنة

سابعًا: الترهيب والترغيب

ثامنًا: العمل على قدر الطاقة.

تاسعًا: منهجية إبراهيم عليه السلام في الدعوة إلى الله.

المطلب الثالث: منهج الإصلاح والتغيير الاجتماعي.

وفيه:

أولًا: الأسرة.

ثانيًا: الزواج.

ثالثًا: الطلاق.

رابعًا: كفالة اليتيم.

خامسًا: الوصية.

سادسًا: القصاص.

سابعًا: الرضاعة.

ثامنًا: الدًين.

المطلب الرابع: منهج الإصلاح والتغيير السياسي

وفيه:

أولًا: الاستخلاف في الأرض

ثانيًا: وحدة الأمة الإسلامية

ثالثًا: الإمامة بالصلاح لا بالو ا رثة

رابعًا: الحذر من ألاعيب اليهود.

خامسًا: النهاية المحتمة لأعداء الله.

المطلب الخامس: منهج الإصلاح والتغيير التعبدي

أولًا: الصلاة

ثانيًا: الزكاة

ثالثًا: الصوم

رابعًا: الحج

خامسًا: الجهاد.

سابعًا: الخاتمة:

وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الباحثة.

ثامنا: الفهارس:

1) فهرس الآيات القرآنية.

2) فهرس الأحاديث النبوية.

3) فهرس الأعلام المترجم لهم.

4) فهرس المصادر والمراجع.

5) فهرس الموضوعات.

الخاتمة:

تم بحمد الله كتابة هذه الرسالة من الباحثة والتي جاءت بعنوان / منهجيات الإصلاح والتغيير في سورتي الفاتحة والبقرة، وبيان ما اشتملت عليه السورتان من منهجيات راشدة في تعديل السلوك نحو الخير والهدى والرشاد وهذا هو الهدف الأسمى من نزول القرآن الكريم للبشرية.

فهداية الناس إلى البشرية أمرٌ أراده الله تعالى أن يطلبوه لتتحقق العبودية الكاملة لله رب العالمين، وهذا أعظم إصلاح وتغيير في حياة البشرية ليكون به التحلي بالقيم والمبادئ الحسنة والتخلي عن الرذائل والمفاسد والتي أعظمها الشرك والكفر.

أضف إلى ذلك أيضا أن هذا هو الذي بعث الله تعالى لأجله رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهذا الذي أظهرته هذه الدراسة من خلال المنهج المتبع فيها، وبيان المنهجيات التي اشتملت عليها السورتين في كافة المجالات العقائدية، والدعوية، والاجتماعية، والسياسية والتعبدية ليتحقق الإصلاح والتغيير في حياة الناس، فما أحوجنا اليوم لتطبيق منهج القرآن الكريم في حياتنا العلمية والعملية حتى نحظى بالفوز في الدارين الدنيا والآخرة، وٕاني توصلت في هذا البحث إلى أهم النتائج والتوصيات التالية:

أولًا: النتائج:

1) رسالة السماء ودعوة الأنبياء هي الإصلاح والتغيير، فالهدف من بعث جميع الرسل هو إنقاذ الناس من الضلال، وهدايتهم لعبادة الله وحده لا شريك له، ولن تستقيم أحوالهم إلا بتطبيق شرع الله الذي هو رسالة الإصلاح الأولى.

2) للإصلاح مكانة عالية، وآثارًا عظيمة وكثيرة تنعكس آثارها على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.

3) تعد الأمثال من أجدى أساليب القرآن في عرض موضوعاته، فعلى الدعاة أن يستعينوا بها في كل عصر لنصرة الحق، وٕاقامة الحجة.

4) الصراع بين الحق والباطل سيظل قائما ما بقيت السماوات والأرض، لكن مهما بلغت قوة الباطل وصولته، فإن العاقبة ستكون بإذن الله لأولياء الله المتقين ودعاته المخلصين الذين يأخذون أدلتهم من كتاب الله وسنة رسوله.

5) إن الإصلاح والتغيير في حاجة إلى صبر وعزيمة وتضحية وتخلي عن الشخصية والفردية، وعلو مصلحة الجماعة.

ثانيًا: التوصيات:

1) توصي الباحثة المسلمين بتقوى الله والعودة لكتابه وتدبر ما جاء فيه من الهدى والبيان فهو سبيل النجاح والتقدم والعز والتمكين.

2) تحقيق منهج الإصلاح والتغيير وفق المنهج الذي عرضه القرآن الكريم وخاصة في سورتي الفاتحة والبقرة لما اشتملتا عليه من منهجيات كثيرة النفع والفائدة.

3) الاستفادة من منهج القرآن الكريم في الإصلاح والتغيير لواقع المسلمين المرير والاستفادة منه في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقدية والتعبدية.

4) أوصي الباحثين بضرورة الإقبال على كتاب الله تعالى وتحليل آياته والاستفادة منها وبيان منهجها القويم في تعديل السلوك وتغيير الواقع.