دور المقاصد في توجيه الحكم بين العزيمة والرخصة

ملخص الرسالة

دور المقاصد في توجيه الحكم بين العزيمة والرخصة

مقدمة البحث:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتنكبها إلا ضال، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى جعل شريعة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة الشرائع السماوية وهي التي أكمل الله عز وجل بها البناء. وهذا يقتضي أن تكون الشريعة متميزة عن غيرها من الشرائع السابقة بخصائص ومميزات تجعلها صالحة لكل زمان ومكان ومحققة لحاجات الناس المتجددة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ولعل من أهم ما تميزت به هذه الشريعة أنها قائمة على الدليل والحجة، وإذا حدث التنازع نرد إلى الكتاب والسنة وإلا إلى العلماء بطرق الاستنباط المعهودة.

ومن هنا تظهر أهمية علم أصول الفقه حيث إنه يبين مصادر التشريع، ومراتبها المختلفة وحجيتها وكيفية استخراج الأحكام من هذه المصادر، وصفات المجتهد.

وعلم أصول الفقه يمكن تناوله من جوانب متعددة منها دراسته من جهة مقاصد الشريعة، وهذه الدراسة فتحت باب الاجتهاد أمام العلماء حتى تفي الشريعة بحاجات الناس والأمور المستجدة كل يوم، ولذلك أحببت في هذا اححث أن أطرق موضوع العزيمة والرخصة من جهة مقاصد الشريعة، فجاء هذا العنوان دور المقاصد في توجيه الحكم بين العزيمة والرخصة.

أولًا: أهمية الموضوع:

تكمن أهمية الموضوع فيما يأتي:

1) بيان أهمية مقاصد الشريعة فهي تسهم بشكل كبير في إمداد المجتهد بثروة عظيمة تعينه في عملية الاجتهاد وتساعده في فهم نصوص الشريعة واستنباط الحكم منها.

2) تنبع أهمية هذا الموضوع في بيان مدى مراعاة الشريعة لمصالح العباد في العاجل والآجل ورفع الحرج عنهم وأنها مبنية على اليسر.

3) وتكمن أهمية البحث في الربط بين الأحكام الشرعية ومقاصد الشريعة وكيف راعت الشريعة أحوال المكلفين.

ثانيأ: أسياب اختيار الموضوع:

يرجع سبب اختيار موضوع البحث لما يأتي:

1) تعتبر أهمية الموضوع سبب رئيس في اختيار الموضوع.

2) لما كان الأصل في الأحكام الشرعية التكليفية العموم والشمول لكافة المكلفين في جميع الظروف والأزمان، وقد يعجز المكلف أمام بعض الظروف الطارئة فتحصل عنده دور المقاصد في توجيه الحكم بين العزيمة والرخصة.

3) النظر إلى الأحكام الشرعية التكليفية من باب مقاصد الشريعة لمعرفة أن الشريعة مرنة وصالحة لكل زمان ومكان تعالج جميع القضايا.

4) بما أن النفوس مجبولة على إتباع الأمور الميسرة والبعد عن الأمور الشاقة، فقد رأيت أن أدلي بدلوي في هذا المقام من خلال دراسة العزيمة والرخصة.

5) ومما شجعني على اختيار هذه الدراسة أن الموضوع لم يجمع في رسالة علمية من قبل، بل هو مفرق في كتب أصول الفقه، فأحببت أن أجمع شمله في رسالة علمية.

ثالثًا: الجهود السابقة:

إن مفردات هذا الموضوع متفرقة في الكتب القديمة والحديثة، وقد تكلم العلماء عن العزيمة والرخصة في كتب الأصول، وذكروها في إطار الأحكام التكليفية، وحديثًا طرق موضوع العزيمة والرخصة في رسائل جامعية، وكذلك موضوع علم مقاصد الشريعة، ولكن طرق الموضوع بهذه الطريقة وهي النظر إلى العزيمة والرخصة من جهة المقاصد لم أجد من أفرد الموضوع في رسالة علمية خاصة به على حسب إطلاعي، فكانت هذه الرسالة.

رابعًا: خطة البحث:

احتوت الرسالة على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة وهي على النحو الآتي:

المقدمة:

وفيها أهمية البحث وسبب اختياره والجهود السابقة ومنهج البحث.

وثلاثة فصول كانت على النحو الآتي:

الفصل الأول: أثر المقاصد في توجيه الأحكام.

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: قيمة المقاصد في اعتبار المآل.

المبحث الثاني: قيمة المقاصد في الموازنة والترجيح فيما لا نص فيه.

الفصل الثاني: العزيمة وعلاقتها بالمقاصد.

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: حقيقة العزيمة وأنواعها.

المبحث الثاني: دور المقاصد في توجيه حكم العزيمة.

المبحث الثالث: تطبيقات فقهية للعزيمة في ضوء المقاصد.

الفصل الثالث: الرخصة وعلاقتها بالمقاصد

وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: حقيقة الرخصة الشرعية وأقسامها.

المبحث الثاني: أسباب الرخصة الشرعية وضوابطها.

المبحث الثالث: دور المقاصد في الترخص.

المبحث الرابع: تطبيقات فقهية للرخصة في ضوء المقاصد.

الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.

الفهارس:

وتشتمل على الفهارس الآتية:

فهرس الآيات القرآنية.

فهرس الأحاديث النبوية والآثار.

فهرس المصادر والمراجع.

فهرس الموضوعات.

خامسًا: منهج البحث:

1) اعتمدت في بحثي هذا على المصادر والمراجع القديمة منها والحديثة، وربما كان ذلك لأهمية الموضوع الذي تطرق إليه الباحثون المحدثون.

2) عند توثيق المعلومات أذكر اسم الشهرة للمؤلف أولًا، وأثني بذكر اسم الشهرة للكتاب ثم أذكر الجزء والصفحة إن كان الكتاب ذا أجزاء وإلا اكتفيت بذكر الصفحة.

3) ذكرت مواطن الآيات القرآنية من القرآن مع ذكر اسم السورة ورقم الآية.

4) خرجت الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية فإذا كان الحديث في "الصحيحين" أو في أحدهما أكتفي بتخريجه منهما، وإذا كان في غيرهما أشير إلى مصادره مع بيان درجة الحديث إن وجدتها وأذكر رقم الجزء والصفحة وأحيانًا رقم الحديث.

5) اعتمدت في رسالتي عند طرح المسائل الأصولية والفقهية أن أرجع إلى مصادرها الأصلية مع الحرص على المقارنة بين المذاهب، فبعد ذكر آراء العلماء بالإجمال متوخيًا بذلك الترتيب بأن أبدأ بالضعيف وأختم بالراجح والأقوى، وأذكر أدلة كل مذهب مراعيًا قوة الدليل والترتيب بدءًا بأدلة القرآن الكريم، ثم السنة النبوية، ثم الإجماع، ثم القياس، ثم الآثار ثم غيرها من الأدلة، مع بيان وتوضيح وجه الدلالة إن وجد أو أمكن استنباطه من الفهم للأدلة، ثم أبين الرأي الراجح في كل مسألة متوخيًا في ذلك الحق والمصلحة دون تعصب لرأي أو تقيد لمذهب.

6) ذيلت الرسالة بخمسة فهارس وهي: فهرس للآيات القرآنية، وآخر للأحاديث النبوية والآثار، وثالث لتراجم الأعلام، والرابع للمصادر التي رجعت إليها، والخامس للموضوعات التي احتوتها الرسالة.

ملخص الرسالة:

إن موضوع هذا البحث المتواضع يعالج قضية من الأهمية بمكان؛ ألا وهي دور المقاصد في توجيه الحكم بين العزيمة والرخصة، لما لهذا الموضوع من أثر كبير في الربط بين الأحكام الشرعية ومقاصد الشريعة، وأن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح الناس في الدنيا والآخرة، ورفع الحرج عنهم، وأنها مبنية على اليسر، وعليه فإن البحث يتكون من ثلاثة فصول وهي كما يلي:

الفصل الأول: وهو (الفصل التمهيدي) وهو يتحدث عن أثر المقاصد في توجيه الأحكام، وقد جعلته في مبحثين، المبحث الأول: تحدثت فيه عن قيمة المقاصد في اعتبار المآل، فعرفت فيه المقاصد ومدى احتياج المجتهد إليها وتحدثت عن اعتبار المآلات والعلاقة بينها وبين المقاصد. وفي المبحث الثاني: تحدثت عن قيمة المقاصد في الموازنة والترجيح فيما لا نص فيه، فعرفت فيه فقه الموازنة، وأسسها، والعلاقة بينها وبين اعتبار المآلات، وتحدثت عن توجيه الأحكام.

ثم جاء الفصل الثاني: مبينًا العزيمة وعلاقتها بالمقاصد، وهو يشتمل على ثلاثة مباحث، ففي المبحث الأول: تحدثت عن حقيقة العزيمة وأنواعها. وأما المبحث الثاني: فكان عن دور المقاصد في توجيه حكم العزيمة. والمبحث الثالث: ذكرت فيه بعض التطبيقات الفقهية للعزيمة في ضوء المقاصد.

ثم كان الفصل الثالث والأخير: وهو الرخصة وعلاقتها بالمقاصد، وهو يتكون من أربعة مباحث، المبحث الأول منها تحدثت فيه عن حقيقة الرخصة الشرعية وأقسامها، والمبحث الثاني عن أسباب الرخصة الشرعية وضوابطها، والمبحث الثالث عن دور المقاصد في الترخص، والمبحث الرابع وهو بمثابة تطبيقات فقهية للرخصة في ضوء المقاصد.

وأخيرًا جاءت الخاتمة وقد ضمنتها أهم نتائج البحث والتوصيات.