منهج البقاعي في القراءات في تفسيره نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

ملخص الرسالة

منهج البقاعي في القراءات

في تفسيره نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

المقدمة:

الحمد لله الذي أضاء بالقرآن القلوب، وأنزله في أعذب لفظ وأجزل أسلوب، فأعجزت بلاغته البلغاء، وأعيت حكمته العلماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدًا رسول الله الهادي البشير الذي أرسله الله بالنور الساطع، والضياء اللامع فهدى به الأمة، وأتم به النعمة فهو المعجزة الخالدة التي خص الله عز وجل بها أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على غيرها من الأمم وقد تكفل الله عز وجل بحفظ هذا الكتاب العظيم، وصدَق عزَّ من قال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]؛ لذلك فقد سخَّر الله عز وجل لهذا الكتاب المخلصين من الأمة الذين قاموا على خدمة هذا الكتاب العظيم من دراسة وتأليفٍ وبحث وتنقيب في علومه، بما يخدم هذا الكتاب العظيم.

وكان من علوم هذا القرآن العظيم علم القراءات الذي طالما سخَّر له العلماء أوقاتهم، ومنحوه العناية والرعاية العظيمة، فكان ممن هداهم الله عز وجل لخدمة كتابه، الإمام برهان الدين أبو الحسن إبراهيم البقاعي، صاحب الكتاب الشهير "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور"، الذي كان بحق تفسيرًا عظيمًا، ومن بين العلوم التي استعرضها الإمام البقاعي في تفسيره ذلك العلم القيم علم القراءات الذي يعد علمًا عظيمًا لا يستغني عنه طالب العلم، وخاصة علم التفسير، فلأهمية هذا الموضوع وعظمته وجدت نفسي شغوفة للخوض في هذا البحر العظيم، لذلك سأقوم بدراسة منهج الإمام البقاعي في القراءات في تفسيره "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور".

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

1) تظهر أهمية هذه الدراسة من أهمية وشرف تعلقها، فهي تتعلق بكتاب الله عز وجل.

2) اشتمال هذا التفسير على القراءات عرضًا وتوجيهًا وترجيحًا.

3) ندرة المشتغلين بهذا العلم في زماننا مع أنه علم يتعلق بأشرف وأعظم كتاب.

4) لأن علم القراءات من أكثر علوم القرآن خدمة للتفسير وبيان مراد الله عز وجل.

5) الأهمية العظيمة لعلم القراءات من حيث إثراء المعاني وبيان إعجاز القرآن الكريم.

6) وللأثر العظيم للقراءات القرآنية في اكتشاف علم المناسبات، ولاسيما أن البقاعي كان همه علم المناسبة بين الآيات في تفسيره هذا.

لهذا اخترت البحث في هذا الموضوع لأزداد علمًا بتفسير القرآن ولحبي وشغفي بعلم القراءات.

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى ما يلي:

1) بيان مدى استيعاب هذا التفسير للقراءات.

2) بيان منهج البقاعي في عرض القراءات ونسبتها إلى قارئها.

3) إبراز منهجه في الترجيح والاختيار بين القراءات والحكم عليها.

4) إبراز أثر القراءات القرآنية في التفسير.

5) إضافة لون جديد من ألوان التفسير إلى المكتبة الإسلامية.

6) بيان أهمية تعلم القراءات القرآنية ودراستها وفهمها.

7) إبراز شخصية الإمام البقاعي وما تميزت به شخصيته في تفسيره.

8) بيان أثر القراءة القرآنية في اكتشاف علم المناسبات.

9) بيان ارتباط القراءات القرآنية بعضها ببعض.

منهج البحث:

يمكن تلخيص ما قمت به في هذا البحث في عدة نقاط:

1) استقراء المواضع التي تحدث فيها الإمام البقاعي عن القراءات في تفسيره وحصرها ودراستها دراسة متأنية.

2) تصنيف هذه المواضع حسب مقتضيات البحث وذلك لاستنباط منهجه في القراءات في تفسيره.

3) التعقيب على بعض الأمثلة التي استشهد بها البقاعي للتدليل على منهجه بما يناسب.

4) توثيق القراءات المتواترة التي أوردها الإمام البقاعي، وورد ذكرها في البحث من كتب القراءات المتواترة.

5) توثيق القراءات الشاذة من الكتب المختصة بذلك، وذكر درجة الحكم عليها إن وجدت.

6) بيان معاني المفردات الغريبة في الحاشية.

7) توجيه القراءات من خلال الرجوع إلى كتب توجيه القراءات والاحتجاج لها وكتب معاني القراءات، وكذلك كتب التفسير ومعاني القرآن واللغة وغيرها من الكتب التي تضمنت الحديث عن القراءات وتوجيهها.

8) توثيق الآيات القرآنية بذكر اسم السورة ورقم الآية وكتابتها بالرسم العثماني.

9) تخريج الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية مع ذكر الحكم عليها من خلال أقوال العلماء.

10) التعريف بالقراء ومعظم الأعلام الواردة أسماؤهم في البحث.

11) اعتماد مختصرات معينة في إثبات المصادر في الهوامش.

12) إلحاق البحث بفهرس للآيات والأحاديث والأعلام والأشعار والموضوعات.

الجهود السابقة:

من خلال بحثي عن دراسات سابقة لها علاقة بموضوع القراءات عند البقاعي في تفسيره "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور"، ومن خلال مراسلة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وجدت منهجًا للبقاعي في التفسير بشكل عام لكني لم أقف عليه، ومن خلال البحث في شبكة الإنترنت وجدت على موقع "ملتقى البيان لتفسير القرآن" نتائج بحث لموضوع يتحدث عن منهج للبقاعي في القراءات الموجودة في سورة الفاتحة والحواميم للدكتور خالد العزام لكني لم أقف على منهجه في هذا البحث.

لذلك بدأت دراستي في هذا الموضوع داعية الله - عزَّ وجلَّ - السداد والتوفيق ومعتمدة عليه سبحانه وتعالى.

خطة البحث:

يتكون هذا البحث من تمهيد، وخمسة فصول، وخاتمة.

التمهيد: مدخل إلى القراءات القرآنية

أولًا: تعريف القراءات لغةً.

ثانيًا: تعريف القراءات اصطلاحًا.

ثالثًا: نشأة علم القراءات.

رابعًا: أركان القراءات الصحيحة.

الفصل الأول: برهان الدين البقاعي عصره وترجمته وحياته العلمية

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: عصر البقاعي، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: الحياة السياسية.

المطلب الثاني: الحياة الاجتماعية.

المطلب الثالث: الحياة العلمية.

المبحث الثاني: حياته الشخصية، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: اسمه ونسبه.

المطلب الثاني: مولده ونشأته.

المطلب الثالث: وفاته.

المبحث الثالث: حياته العلمية، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: رحلاته في طلب العلم.

المطلب الثاني: شيوخه.

المطلب الثالث: تلاميذه.

المطلب الرابع: عقيدته ومذهبه الفقهي.

المطلب الخامس: علمه وآثاره وأقوال العلماء فيه.

الفصل الثاني: القراءات التي عرضها البقاعي في تفسيره

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: القراءات في تفسيره، وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: تعريف عام بتفسيره نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

المطلب الثاني: تعريف الأحرف السبعة لغةً واصطلاحًا.

المطلب الثالث: حديثه عن القراءات في مقدمة تفسيره والكتب التي اعتمد عليها في القراءات.

المطلب الرابع: صلة القراءات بالأحرف السبعة.

المبحث الثاني: أنواع القراءات التي عرضها، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: القراءات المتواترة.

المطلب الثاني: القراءات غير المتواترة.

المبحث الثالث: المعالم الهامة لمنهجه في عرضه للقراءات، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: مصطلحات القراءات التي اعتمد عليها في تفسيره.

المطلب الثاني: نسبة القراءات في تفسيره.

أولًا: نسبة القراءة لمن قرأها ورواها.

ثانيًا: نسبة القراءة إلى أهل البلد.

ثالثًا: ذكره القراءة دون نسبتها إلى أحد.

رابعًا: ذكره القراءة ونسبتها إلى الجمهور والجماعة.

الفصل الثالث: منهج البقاعي في الاحتجاج للقراءات وتوجيهها

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: منهجه في الاحتجاج والتوجيه، وفيه ستة مطالب:

المطلب الأول: اعتماده على القرآن.

المطلب الثاني: اعتماده على السنة.

المطلب الثالث: اعتماده على النحو.

المطلب الرابع: اعتماده على اللغة.

المطلب الخامس: اعتماده على البلاغة.

المطلب السادس: اعتماده على الشعر.

المبحث الثاني: الاختيار والترجيح في القراءات عند البقاعي، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: الاختيار والترجيح في القراءة.

المطلب الثاني: منهجه في الاختيار والترجيح.

الفصل الرابع: أثر القراءات القرآنية على التفسير عند الإمام البقاعي

وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: أثر القراءات القرآنية على التفسير عمومًا.

المبحث الثاني: أثر القراءات القرآنية في استنباط المعاني.

المبحث الثالث: أثر القراءات القرآنية في الأحكام الفقهية.

المبحث الرابع: أثر القراءات القرآنية في بيان علم المناسبات.

الفصل الخامس: القراءات عند الإمام البقاعي في الميزان

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: ماله من مميزات.

المبحث الثاني: ما عليه من مآخذ.

الخاتمة: وتشمل خلاصة البحث والنتائج والتوصيات.

الفهارس:

1) فهرس الآيات القرآنية.

2) فهرس الأحاديث الشريفة.

3) فهرس الأشعار.

4) فهرس الأعلام.

5) فهرس المصادر والمراجع.

6) فهرس الموضوعات.

الخاتمة:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصا لحات، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم إلى يوم الدين. وبعد:

فقد تم بعون الله ومّنه وكرمه وتوفيقه إتمام هذه الرسالة والتي تناولت البحث في منهج الإمام البقاعي في القراءات من خلال تفسيره "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور"، حيث إن هذا الموضوع لم يتناوله من قبل أحد بالدراسة والبحث، وبهذا تثبت قيمة هذا البحث إذ لم يسبق إليه أحد، وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى أهم النتائج والتوصيات.

أولًا: أهم النتائج:

• إن أغلب كتب التراجم ترجمت له بطريقة مختصرة عنه من حيث اسمه وكنيته ولقبه ومؤلفاته والقليل عن نشأته، أما باقي ترجمته من حيث النشأة وغير ذلك لم تتطرق لها كتب التراجم القديمة.

• أن البقاعي عاش في فترة عصر المماليك، والتي كانت زاخرة بالنهضة العلمية وهذا بدوره أثر في شخصية البقاعي وحياته العلمية.

• أن البقاعي رحمه الله، شافعي المذهب على عقيدة أهل السنة والجماعة لذا كان يدافع عن عقيدتهم ضد العقائد المنحرفة.

• أن الإمام البقاعي رحمه الله، خلف لنا آثارًا علمية عظيمة في شتى العلوم الدينية كالعقيدة والفقه واللغة وغير ذلك.

• استعرض الإمام البقاعي في تفسيره القراءات المختلفة المتواترة والشاذة مع تركيزه في الغالب على القراءات المتواترة وتركه القراءات الشاذة شذوذًا فاحشًا.

• كان يرجح بين القراءات بطريقة معتدلة من غير أن يمس بالقراءات الأخرى وكان يعتمد في ترجيحه على اعتبارات مهمة (النحو والبلاغة وغير ذلك).

• كان يحتج للقراءات بشتى أنواع الاحتجاجات من قرآن وسنة ونحو وشعر ولغة وغير ذلك، وهذا يبين أنه عالم فذ ذو خبرة عالية في التفسير لأن تلك الأنواع التي كان يحتج بها أدوات لابد منها للمفسر.

• اهتمام الإمام البقاعي بالقراءات في تفسيره، وتناوله لها بهذا التوسع والدقة وذلك من خلال ذكرها منسوبة إلى أصح أصحابها، وتوجيهها، والترجيح بينها، وبيان معانيها المختلفة، وبيان أثر ذلك على التفسير، وهذا جعل تفسيره مصدرًا هامًا على مصادر القراءات.

• أن البقاعي كان يتأثر بمن قبله من المفسرين، وظهر ذلك من خلال نقله عن أبي حيان، والفخر الرازي والزمخشري وغيرهم.

• أن البقاعي عالم من علماء القراءات لأنه كان يأخذ من علماء عظماء جهابذة أمثال أبي علي الفارسي ومحمد ابن الجزري الذي هو شيخ البقاعي.

• أن القراءات القرآنية هي الحكم على قواعد النحو والأقيسة، وليس العكس لأن القراءة سنة متبعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز مخالفة القراءات المتواترة حتى ولو خالفت قواعد النحو.

• اختلاف القراءات القرآنية يدل على إعجاز القرآن الكريم، فكل قراءة تسد مسد آية، وهذا يدل على أن القرآن تنزيل من رب العالمين.

• اختلاف القراءات عند البقاعي وبيان معناها من حيث اللغة والنحو والبلاغة تحتاج إلى دراسة متأنية متعمقة يفرد فيها أبحاث تخدم المكتبة الإسلامية وخاصة طلاب العلوم الشرعية.

• تفسير البقاعي يعد بحق ثروة علمية عظيمة ينتفع بها طالب العلم الشرعي.

• أن القراءات القرآنية ليست هي الأحرف السبعة، وإنما هي جزء منها.

• أن المقصود بالأحرف السبعة عند البقاعي هي الأوجه السبعة وليست اللغات السبع.

ثانيًا: التوصيات:

• توصي الباحثة من خلال دراسة تفسير البقاعي إيراد ما ورد فيه من قراءات ودراستها دراسة متأنية متعمقة وبيان أثرها من حيث النحو واللغة.

• توصي الباحثة من خلال دراسة تفسير البقاعي جمع ما ورد فيها من قراءات في مؤلفات خاصة، وبيان نوع القراءة فيها والحكم عليها ليسهل لطالب العلم الشرعي وخاصة علم القراءات الرجوع إليها والاستفادة منها.

• توصي الباحثة طلبة العلم بالإقبال على تعلم القراءات القرآنية المختلفة.

• توصي الباحثة المختصين في علم القراءات تعليم القراءات القرآنية للمراحل التعليمية عامة، والمختصين بالعلم الشرعي خاصة، وإعداد مقررات خاصة تخدم هذا العلم وتعين على نشره وفهمه.

• توصي الباحثة المختصين في الجامعة الإسلامية والجامعات الأخرى بضرورة تعليم القراءات لطلاب الجامعة وخاصة كلية اللغة العربية لبيان الإعجاز القرآني البياني واللغوي للقراءات القرآنية، وبيان أثرها على قواعد النحو والصرف واللغة العربية والبلاغة.