أسانيد ابن الجزري وموارده في كتابه النشر في القراءات العشر

ملخص الرسالة

أسانيد ابن الجزري وموارده في كتابه النشر في القراءات العشر

مقدمة البحث:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء المرسلين نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.

أما بعد:

فإنَّ المتتبع لسير العلماء وجهودهم في خدمة كتاب الله والذود عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليقف أمامهم وقفة إكبار وإجلال لما قدموه من نتاج زاخر.

هذا وقد سلطنا الضوء على أحد علماء القرن الثامن الهجري وأعني به الإمام ابن الجزري العالم الشامل الموسوعي الذي صنَّف في أنواع العلوم والذي يعد خاتمة المحققين في علم القراءات القرآنية ومن الذين تجلى بهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»[1]، ومن هنا مَثَّلَتْ دراسة حياة علماء القراءات وطرق كتابتهم ومواردهم من خلال مراحل التدوين والكتابة مجالًا واسعًا ومهمًا في مكتبة علوم القرآن.

لقد حاز علم القراءات القرآنية اهتمامًا كبيرًا من العلماء وعدوه أشرف العلوم وأشدها ارتباطًا بالقرآن الكريم الذي هو من كلام رب العالمين؛ ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42] فساروا فيه ما بين تال له معلم لقراءته، ومؤلف في أنواع قراءاته، ومنهم من جمع الأمرين حتى كثرت الكتب، فكانت أصولًا لما بعدها حتى جاء من بعدهم فشرحوها وجمعوها وزادوا عليها.

ومن الجدير بالذكر أنَّ سبب اختياري لهذا الموضوع هو التعريف بأحد علماء القراءات، مع بيان مصنفاته المختصة بعلم القراءات وغيرها، مع بيان أهمية كتابه النشر في القراءات العشر فهو يعد موسوعة علمية في كافة العلوم عامة والقراءات على الخصوص وبيان موارده ومن أين استقى مؤلفه وكيف جمعه وأظهره بهذا الشكل الفريد، كما أن حبي وشغفي للأسانيد التي لم أقف على من تكلم عليها وبخاصة في علم القراءات القرآنية، مع بيان أحوالها واتصالها ورجالها وعللها متقيدًا بما قاله الإمام ابن الجزري في ذلك، ورغبة مني في خدمة علم القراءات الذي يتردد في الكتابة فيه الكثير من الباحثين.

وقد اشتملت دراستي هذه على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.

أما المقدمة: فقد اشتملت على أهمية الموضوع والسبب الذي دعاني إلى اختياره.

وأما الفصل الأول: فيتكون من أربعة مباحث؛ المبحث الأول اسمه ومولده وسيرته. والمبحث الثاني شيوخه وتلاميذه. والمبحث الثالث اراء العلماء والثناء عليه والوظائف الادارية والتدريسية. والمبحث الرابع مؤلفاته ورحلاته ووفاته.

وأما الفصل الثاني: فيتكون من ثلاثة مباحث؛ المبحث الأول منهجه بالاسانيد. والمبحث الثاني يتكون من مطلبين، المطلب الأول تشجير أسانيده والمطلب الثاني تشجير أسانيد الكتب والمبحث الثالث المطلب الأول تراجم أسانيد الكتب. والمطلب الثاني تراجم أصحاب الكتب والرواة عنهم والطرق الموصلة إليهم.

وأما الفصل الثالث: فيتكون من ثلاثة مباحث؛ المبحث الأول طرق الاقتباس. والمبحث الثاني المصادر المكتوبة. والمبحث الثالث نقول دون المصدر.

وأما الخاتمة فقد تناولت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال دراستي لكتاب النشر في القراءات العشر.

وفضلًا عن ذلك فقد كان للصعوبات والعثرات نصيبٌ مفروضٌ علينا وعلى كل باحث وطالب علم، ومن هذه الصعوبات: عنوان الرسالة فقد كان كبيرًا في محتواه ومادته العلمية فآليت نفسي أن لا أسهب فيه وإنما أعطيت حقه في منهجية البحث العلمي وحسبي أني قد بلغت جهدي ولم أدخر منه شيئًا.

وختامًا أسأل الله تبارك وتعالى أنْ يكون عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم وأن يقبله مني وأنْ أجده في أعمالي الصالحة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيد الخلق أجمعين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخاتمة:

لقد كان للإمام ابن الجزري الفضل الكبير بإرساء منهجيته الجديدة في كتابه النشر في القراءات العشر نرى أن نلخصها في جملة النتائج الآتية:

1) إن الإمام ابن الجزري لم يكن شيخ القراء في عصره فحسب بل كان إمامًا موسوعيًا في كثير من العلوم.

2) اتسمت مؤلفاته في علم القراءات بالتنوع فكتب في السبع والعشر والثلاث المتممة للعشر والشاذ ومفردات القراءات وأصولها وألغازها والتجويد ورسم المصحف وغيرها.

3) غزارة التأليف في بقية العلوم فقد كتب في الحديث وأنواعه وكتب في الفقه وأصوله وكتب في العربية وعلومها إضافة إلى كتب السيرة والفضائل والمناقب والتاريخ والتراجم وغيرها فلم يكن مقيدًا بعلم دون آخر.

4) صب هذه العلوم ونسجها في كتابه النشر في القراءات العشر فجاء هذا الكتاب انموذجًا فذًّا ورائعًا لكثير من العلوم وأخصها علم القراءات القرآنية.

5) تقسيمه للقراءات القرآنية إلى مقبولة وغير مقبولة بحسب أسانيدها أو شروطها المعتبرة، يعد منهجًا منفردًا جامعًا لكل القراءات الصحيحة، مانعًا من دخول غيرها، مميزًا لها غير قابل بها.

6) اهتمامه الكبير في بأسانيد القراءات القرآنية وأنه لابد لمن يتصدر للأقراء أن يهتم بمعرفة أحوال الرجال والجرح والتعديل واتصال الأسانيد والعلل.

7) ذكره لأسانيده المتصلة من شيوخه إلى أصحاب الكتب والمصنفات وكأنَّه يقول لنا هذه هي طريقة النقل المعتبرة عندنا.

8) تفصيله الفذ لأسانيد كتب القراءات وأنه انفرد بهذا عن غيره ممن ألف في القراءات القرآنية.

9) اشترط في أسانيده الصحة والاتصال وهذا ما لمسناه من تتبعنا لأصحاب التراجم والسماعات المذكورة فيها.

10) اعتماده الكبير على من ألف قبله في علم القراءات فقد صرح بأنَّه نقل من ستة وستين كتابًا في القراءات.

11) كثرة الموارد التي اعتمدها في كتابه النشر فقد بلغت أكثر من ثلاث مئة مورد.

12) أمانته العلمية في النقل عمَّن تقدم وأنه كان حريصًا على ذلك.

13) اختلاف طرق الإحالة عنده إلى موارده فمرة يشير إلى المصدر ومرة يشير إلى موضع النقل ومرة يشير إلى بداية النقل والانتهاء منه كذلك اعتمد في مصادره على المصاحف والمشافهة والقراءة ونقل الخطوط وغيرها كذلك هو يشير إلى نقول دون المصدر.

14) من الملاحظات المهمة التي يجب ان نذكرها هوأن الامام ابن الجزري في بعض الموارد يذكر اسم الكتاب وهو في الوقت نفسه يذكر له أكثر من مؤلف فيعد هذا من اللبس في نقل المعلومات وعيبًا من العيوب المنهجية التي وقع بها.

فهرس المحتويات