اتجاهات تطوير التعليم الفني في المملكة العربية السعودية (دراسة مستقبلية)

ملخص الرسالة

اتجاهات تطوير التعليم الفني في المملكة العربية السعودية (دراسة مستقبلية)

يؤدِّي التعليم الفني دورًا رئيسيًّا في تنمية وتطوير القُوى البشريَّة، وذلك بأعداده للعمالة الماهرة التي تُشارك في النهضة الصناعية والزراعية والتجارية التي تطمحُ إليها الدولة في خططها التنموية، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتكثيف الصناعات الأساسية، وتحقيق مستوى الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي، ونتيجة لأهمية التعليم الفني ولكي يقوم بالدور المطلوب منه فقد تم إنشاء المؤسسة العامَّة للتعليم الفني والتدريب المهني في عام 1400هـ (1980م)[1].

وكان الهدف من ذلك هو دمج مراكز التدريب التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع المعاهد الصناعية والتجارية والزراعية التابعة لوزارة المعارف في مؤسَّسة واحدة سُمِّيت بالمؤسسة العامة للتعليم الفني، وتهدفُ إلى إعداد القُوى البشرية اللازمة لمتطلَّبات خطط التنمية، وسد العجز في فئات الفنيين والمهنيين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وقد أشارت خطة التنمية الرابعة 1405 - 1410هـ (1985 - 1990م) إلى أهميَّة تطوير أساليب ومناهج التعليم الفني بالمملكة ليُواكب التطوُّرات الصناعية الجارية[2]؛ حيث إنَّ التطوُّرات الصناعية والتكنولوجية المتوقَّعة ستعتمد على إدخال التقنية المتقدِّمة في الصناعة والزراعة وغيرها، وعلى إدخال بعض الأساليب المتطوِّرة في مجالات الإنتاج، الأمر الذي يفرضُ على التعليم الفني تطويرَ أساليبه ومناهجه.

وبالرغم من التقدُّم الذي أحرزَتْه المؤسسة العامَّة للتعليم الفني، إلا أنَّ هذا النوع من التعليم ما زال يُعاني من بعض القُصور في تلبية متطلبات خطط التنمية وتوفير العمالة الماهرة المطلوبة، حيث إنَّ خطط التنمية ما زالت تعتمدُ على العمالة الوافدة، وإنْ كانت هذه العمالة ذات خصائص ومميِّزات، إلا أنَّ نسبة العمالة الماهرة بها تتجاوز 40% تقريبًا إضافة إلى تدنِّي النظرة إلى التعليم الفني وضآلة إعداد الملتحِقين به، وتشيرُ إحدى الإحصائيات إلى أنَّه في عام 1401هـ(1981م) التحق 1% من خرِّيجي المرحلة الابتدائية بمراكز التدريب، 7% من خرِّيجي الكفاءة المتوسطة بالمعاهد الفنية، و3% من خرِّيجي الثانوية بالكليات التقنية والمعاهد العُليا[3].

وما زالت هذه النسبة منخفضةً حتى عام 1407هـ (1987م)، حيث بلغ عدد الطلاب المستجدِّين بالصف الأول الثانوي 73451 طالبًا، بينما بلغ عدد الطلاب الملتحِقين بالتعليم الفني في نفس العام 5408 طالبًا فقط؛ أي: بنسبة 7% تقريبًا، من مجموع الطلاب الملتحِقين بالتعليم الثانوي العام.

كما تشيرُ الإحصائيات إلى أنَّ متوسط عدد الخرِّيجين من التعليم الفني خلال خطط التنمية الخمسية الثلاث من عام 1390هـ - 1405م (1970 - 1985م) هم 770 خريجًا سنويًّا[4]، وإذا علمنا أنَّ عدد العمالة الوافدة بالمملكة خلال خطة التنمية الثالثة وصل إلى مليون وستمائة وثمانين ألف أغلبهم عماله ماهرة، فإنَّ هذا يدفع إلى عدد من التساؤلات قد تفيد في إجلاء الرؤية حول هذه القضيَّة، هل يُلبِّي هذا العدد من الخرِّيجين احتياجات التنمية من القُوى العاملة الفنية؟ وهل استطاع هذا التعليم أنْ يُحقِّق الأهداف الرئيسيَّة التي تطمح إليها الدولة؟ وهل هناك إحجام عنه من جانب الطلاب وأولياء الأمور؟ وهل توجد داخلَه مشكلات تربوية معيَّنة؛ كالرُّسوب والتسرُّب يُعاني منها بما يؤثِّر على كفايته الداخلية؟

وبصفة عامَّة يمكن القول بأن التعليم الفني يُعاني من بعض المشكلات؛ ممَّا دعا رجال التربية والتعليم إلى المُطالبة بمعرفة الأسباب الكامنة وراء عجز ذلك النوع من التعليم عن تحقيق أهدافه، والتي تدعو جميعًا إلى تطوير التعليم الفني لكي يُساير التقدُّم العلمي في المجالات الإنتاجية.

وألقت الدراسة الضوء على تطوُّر التعليم الفني منذ إنشائه عام 1367هـ (1947م) حتى الآن عام 1410هـ (1990م)، مع التركيز على واقعه الحالي؛ سعيًا وراء تطويره وفق النظم التربوية الحديثة، ولكي يُؤدِّي إلى تحقيق الأهداف التربوية المحدَّدة له، ويعمل على تحقيق رسالته في تغطية الاحتياج الفعلي من العمالة الماهرة، وإحلال العمالة الوطنية تدريجيًّا؛ باعتبارها أحد الأهداف الأساسيَّة للدولة.

• • •

قائمة المحتويات