• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل دكتوراة
علامة باركود

ابن عدي ومنهجه في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال

زهير عثمان علي نور

نوع الدراسة: PHD
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: أم القرى
الكلية: الدعوة وأصول الدين
التخصص: الكتاب والسنة
المشرف: أ.د. محمد محمد أحمد الشريف
العام: 1410هـ - 1989م

تاريخ الإضافة: 23/3/2013 ميلادي - 11/5/1434 هجري

الزيارات: 50757

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص رسالة

(ابن عدي ومنهجه في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال)


 

لقد عرَّفتْ هذه الرسالة بمؤلف كتاب "الكامل" وهو عبدالله بن عدي بن عبدالله الجرجاني (277-365هـ)، فترجمتْ له ترجمةً مُوسَّعة، وذلك بعد أنْ عرَّفتْ بعصره من الناحية السياسيَّة والاجتماعيَّة والعلميَّة، وبيَّنتْ تأثُّره ببيئته وتأثيره فيها.

 

واشتملت الرسالة على: مقدمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة، وخمسة مَلاحِق، وخمسة فهارس.

 

أمَّا المقدمة: فكانت في أسباب اختِيار الموضوع، وخطَّة البحث، وعمَل الباحث في رسالته، ثم الصُّعوبات التي واجهَتْه أثناء عمله.

 

وأمَّا التمهيد: فقد تناوَل نشأة علم الجرح والتعديل، وتطوُّره، والتصنيف فيه.

 

وأمَّا الباب الأول: ففي التعريف بابن عَدِيٍّ الجرجاني، وقد اشتَمَل على ستة فصول منقسمة إلى ثلاثة عشر مبحثًا.

 

وأمَّا الباب الثاني: ففي مَكانة "الكامل" بين كتب الجرح والتعديل، وقد اشتمَل على ستَّة فصول أيضًا، حَوَتِ اثنين وعشرين مبحثًا.

 

وأمَّا الباب الثالث: في قَضايا الجرح والتعديل، وقد ضمَّ أربعة فُصول منقسمة إلى ثماني مباحث.

 

وأمَّا الخاتمة: فقد تضمَّنت أهمَّ النتائج التي توصَّل إليها البحث، ومن أهمها:

1- أنَّ أسرة ابن عَدِيٍّ كانت أسرةً علميَّة برَز منها عُلَماء في الحديث، ذكرت منهم عشرة محدِّثين.

 

2- أنَّ ابن عَدِيٍّ قد أخَذ العلم عن فَطاحِل علماء عصره، ذكرت الرسالة منهم واحدًا وثمانين وألف شيخ، وأنَّه قد تتَلمَذَ عليه كثيرٌ من طلاب العلم، ترجمت الرسالة لثمانيةٍ وأربعين تلميذًا.

 

3- لقد ترجم ابن عَدِيٍّ في كتابه "الكامل" لسبعة أنواع من الرُّواة هم: الوضَّاعون، والمتروكون، وشديدو الضعف، والضعفاء، والمجهولون، وخفيفو الضبط، والثقات.

 

4- عُنِيَ ابن عَدِيٍّ بذِكر علل الأحاديث عنايةً كبيرة، وكانت طريقته في الوصول إلى الحديث المعلِّ هي جمْع طُرق الأحاديث المختلفة والاحتكام إلى النسخ.

 

5- أنَّ لابن عَدِيٍّ في "كامله" مواردَ كثيرة بلغت ثلاثة وعشرين ومائتي مورد.

 

6- أثبتت المقارنة بين "الكامل" وبين سبعةٍ من كتب الضعفاء السابقة له والمؤلَّفة في عصره أنَّه أجمَعُ منها؛ إذ اجتمع فيه ما تفرَّق في غيره.

 

7- لقد استعمل ابن عَدِيٍّ في نقدِه للرواة ألفاظًا مفردة وألفاظًا مُركَّبة، وأنَّه قد خالَف جمهورَ النقاد في أحكام بعض ألفاظ النقد، ووافَقهم في مُعظَمها، وبلغت عِبارات الجرح والتعديل عنده أربعًا وعشرين ومائتي عبارة، وذلك بعد حذْف المكرَّر منها.

 

8- توصَّل البحث إلى أنَّ ابن عَدِيٍّ كان من المعتدِلين من النُّقَّاد، وأنَّه عُرِفَ بالإنصاف في الحكم، والتوسُّط في النقد.

 

المقدمة

الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أمَّا بعدُ:

فإنَّ أصدَقَ الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهدي هديُ محمد، وشرَّ الأمور مُحدَثاتها، وكلَّ محدَثة بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالة في النار[1].

 

أنَّ عُلوم الحديث النبويِّ من أشرَفِ العُلوم؛ وذلك لأنها بَيانُ طريقِ خيرِ الخلق - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما أنَّها وسيلةٌ إلى كلِّ علمٍ شرعي، ومن أهمِّ عُلوم الحديث علمُ الجرح والتعديل، الذي يُبحَث فيه عن أحوال الرُّواة من حيث عَدالتهم وضَبطهم، ومن حيث غَفلتهم ونِسيانهم وكذبهم، وطالما قرَأت في الكتب وسمعتُ من أساتذتي أنَّ من أجلِّ الكتب المصنَّفة في هذا العلم وأنفعها كتاب "الكامل"، ورأيت ثَناء العلماء على مؤلفه ابن عَدِيٍّ الجرجاني، وذكرَهم له في المعتدِلين من النُّقَّاد، فاخترت أنْ يكون موضوعُ رسالتي لنيل درجة الدكتوراه مُتعلقًا بالكتاب وصاحبه، وجعلتُه بعنوان:

(ابن عَدِيٍّ ومنهجه في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال)


أسباب اختياري للموضوع:

وكان من أسباب اختياري للموضوع ما يلي:

1- أنَّ ابن عَدِيٍّ الجرجاني لم يَحْظَ بترجمة مُوسَّعة في كتب الرجال، وذلك رغم غَزارة عِلمه، وجَلالة قَدره، ومكانته عند العلماء، فكان هذا الأمر دافعًا قويًّا لي للتعرُّف عليه، ثم الكتابة عنه.

 

2- لَمَّا كان كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال" من أفضل كتب الجرح والتعديل وأوسعها، وكان لمؤلِّفه أسلوبٌ خاصٌّ في الجرح والتعديل، وألفاظ مُعيَّنة استعمَلَها فيه، وطريقة في ذِكر الرجال - أردت الاستفادة منه في دراسة علم الجرح والتعديل، وفي تطبيق مباحث علم مصطلح الحديث.

 

3- أنَّ مجدَ المسلمين التَّلِيد لن يعودَ إليهم إلا بالرُّجوع إلى كتاب الله - تعالى - وسنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولن يصلح آخِر هذه الأمَّة إلا بما صلَح به أوَّلها، وكتاب "الكامل" قد ميَّز صحيح السُّنَّة من سقيمها وذلك بنقْده لرُوَاتها، فخِدمته وسيلةٌ لانتِفاع الناس به، وعملهم بما دَلَّ عليه؛ لذلك اختَرتُ الكتابةَ عنه، رجاءَ أنْ أكونَ ممَّن يذبُّ الكذب عن سنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

خطة البحث:

اقتضَتْ طبيعة هذا البحث أنْ يشتمل على هذه المقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة.

 

أمَّا المقدمة: فقد بيَّنت فيها أسبابَ اختياري للموضوع، وخطَّة البحث، وعملي فيه، ثم الصُّعوبات التي واجهَتْني أثناءَ كتابته.

 

وأمَّا التمهيد: فقد جعلتُه في نشأة علم الجرح والتعديل، وتطوره، والتصنيف فيه.

 

وأمَّا الباب الأول: ففي التعريف بابن عَدِيٍّ الجرجاني، وقد جعَلتُه مشتملاً على ستَّة فصول:

الفصل الأول: عصر ابن عَدِيٍّ من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية، وقد تضمَّن ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الحالة السياسية.

المبحث الثاني: الحالة الاجتماعية.

المبحث الثالث: الحالة العلمية.

 

الفصل الثاني: اسم ابن عَدِيٍّ ونسبته ومولده ونشأته، وأسرته، وجعلته في مبحثين:

المبحث الأول: اسمه، ونسبته.

المبحث الثاني: مولده ونشأته وأسرته.

 

الفصل الثالث: شُيوخ ابن عَدِيٍّ وتلاميذه، وقسمته إلى مبحثين:

المبحث الأول: شيوخ ابن عدي.

المبحث الثاني: تلاميذ ابن عدي.

 

الفصل الرابع: عقيدة ابن عَدِيٍّ ومذهبه الفقهي، ويضمُّ مبحثين:

المبحث الأول: عقيدته.

المبحث الثاني: مذهبه الفقهي.

 

الفصل الخامس: رحلات ابن عَدِيٍّ العلمية ومؤلفاته، ويشمل مبحثين:

المبحث الأول: رحلاته العلمية.

المبحث الثاني: مؤلفاته.

 

الفصل السادس: ثناء العلماء على ابن عَدِيٍّ ووفاته، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: ثناء العلماء عليه.

المبحث الثاني: وفاته.

 

وأمَّا الباب الثاني: فقد جعلتُه بعنوان: كتاب "الكامل" بين كتب الجرح والتعديل، وهو يشمل ستة فصول:

الفصل الأول: وصف "الكامل" والنُّسَخ الموجودة منه، وضمَّ مبحثين:

المبحث الأول: وصْف الكتاب إجمالاً.

المبحث الثاني: بيان النسخ الموجودة منه.

 

الفصل الثاني: مكانة "الكامل" عند العلماء، وقسمته إلى مبحثين:

المبحث الأول: ثناء العلماء على الكتاب.

المبحث الثاني: اهتمام العلماء بالكتاب.

 

الفصل الثالث: استفادة العلماء من كتاب "الكامل"، وجعلته في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: استفادة أصحاب كتب الضعفاء والمتكلَّم فيهم من الكتاب.

المبحث الثاني: استفادة أصحاب كتب الأحاديث الموضوعة من الكتاب.

المبحث الثالث: استفادة أصحاب كتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة من الكتاب.

 

الفصل الرابع: طريقة ابن عَدِيٍّ في الترجمة للرجال، وقد ضمَّ خمسة مباحث:

المبحث الأول: أنواع الرواة المذكورين في الكامل.

المبحث الثاني: التعريف بالمترجم لهم.

المبحث الثالث: بيان أقوال النُّقَّاد في المترجم لهم.

المبحث الرابع: ذكر نماذج من أحاديث المترجم لهم.

المبحث الخامس: حكم ابن عَدِيٍّ على المترجم لهم.

 

الفصل الخامس: المقارنة بين "الكامل" وبين كتب الضعفاء، ويشمل سبعة مباحث:

المبحث الأول: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "الضعفاء الصغير"؛ للبخاري.

المبحث الثاني: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "أحوال الرجال"؛ للجوزجاني.

المبحث الثالث: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "أسامي الضعفاء ومَن تكلم فيهم من المحدثين"؛ لأبي زرعه الرازي.

المبحث الرابع: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "الضعفاء والمتروكين"؛ للنسائي.

المبحث الخامس: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "الضعفاء الكبير"؛ للعقيلي.

المبحث السادس: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"؛ لابن حبان.

المبحث السابع: المقارنة بين "الكامل" وبين كتاب "الضعفاء والمتروكين"؛ للدارقطني.

 

الفصل السادس: موارد ابن عَدِيٍّ في "الكامل"، وقد جعلته في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الموارد التي أكثر ابن عَدِيٍّ من النقل منها.

المبحث الثاني: الموارد التي توسَّط ابن عَدِيٍّ في النقل منها.

المبحث الثالث: الموارد التي أقلَّ ابن عَدِيٍّ من النقل منها.

 

وأمَّا الباب الثالث: ففي قضايا الجرح والتعديل في "الكامل"، وقد ضمَّ أربعة فصول:

الفصل الأول: موقف ابن عَدِيٍّ من بعض مسائل الجرح والتعديل، وقد جعلته في أربعة مباحث:

المبحث الأول: موقف ابن عَدِيٍّ من رواية المبتدِع.

المبحث الثاني: موقف ابن عَدِيٍّ من رواية المجهول.

المبحث الثالث: دلالة المنكر عند ابن عدي.

المبحث الرابع: موقف ابن عَدِيٍّ من الجرح والتعديل المبهمين والمفسرين.

 

الفصل الثاني: مراتب الجرح والتعديل وحكمهما عند ابن عدي، وشمل مبحثين:

المبحث الأول: ألفاظ النقد وحكمها عند العلماء.

المبحث الثاني: ألفاظ النقد وحكمها عند ابن عدي.

 

الفصل الثالث: ابن عَدِيٍّ بين المتشدِّدين والمتساهِلين من النُّقَّاد، وقسمته إلى مبحثين:

المبحث الأول: المتشدِّدون والمتساهلون والمتوسِّطون من النُّقَّاد.

المبحث الثاني: موقف النُّقَّاد من ابن عدي.

 

الفصل الرابع: المآخِذ على كتاب الكامل.

 

وأمَّا الخاتمة: فقد تضمَّنت أهمَّ النتائج التي توصَّلَ إليها البحث.

 

وبعد أنْ وافقتْ كلية الدعوة وأصول الدين على الكتابة في الموضوع بدَأتُ عملي فيه مستعينًا بالله ومُتوكِّلاً عليه.

 

عملي في البحث:

ويتلخَّص عملي في البحث في الآتي:

1- قراءة الكتاب جيدًا، واستخراج المباحث منه، ثم كتابتها في بطاقات خاصَّة، والرُّجوع إلى النُّسخ المخطوطة منه كلَّما دعا الأمر لذلك.

 

2- أكثرتُ من ذِكر الأمثلة المأخوذة من كتاب "الكامل" لبيان منهج مؤلفته فيه، مع تصحيح وشرح ما يحتاج إلى ذلك.

 

3- قارنت كثيرًا من المباحث عند ابن عَدِيٍّ بما عند العلماء؛ لما في ذلك من إظهارٍ لطريقة المؤلف في الكتاب، كما حاوَلتُ تطبيقَ بعض أنواع ومسائل مصطلح الحديث على مباحث الرسالة.

 

4- رجعت لعشرات المراجع والمصادر للترجمة لابن عدي، والتعريف بعصره، وذكر مَنهجه في الكتاب، واجتهدتُ أنْ تكون المصادر أصليَّة ما أمكَنَ ذلك.

 

5- وقفت على بعض الأعْمال المعاصِرة المتعلِّقة بكتاب "الكامل"؛ مثل: "مقدمة الكامل"؛ للشيخ صبحي السامرائي، ولمحقِّقي طبعة دار الفكر، وجزءٍ من تحقيق طلاب جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

 

6- أثبتُّ النص الساقط من النسخة المطبوعة من الكامل، وأدخلتُه في دراستي للكتاب.

 

7- عزَوْت الآيات القرآنيَّة الواردة في الرسالة إلى سُوَرِها، وذكرت أرقامَها، وخرَّجت الأحاديث النبويَّة، وحكمتُ عليها.

 

8- ترجمت لبعض الأعلام الوارد ذكرهم في الرِّسالة، سيَّما أسانيد ابن عَدِيٍّ إلى مَوارده.

 

9- ألحقت بالرسالة خمسة ملاحق شكَّلت النص الساقط من نسخة "الكامل" المطبوعة، وأسماء الصحابة الوارد ذكرهم في الكامل، وأسماء الثقات، وأسماء الرواة الذين سكتَ عنهم ابن عدي، ومعجم شيوخ ابن عَدِيٍّ في الكامل.

 

10- وضعتُ خمسة فهارس: للمراجع والمصادر، والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والإعلام المترجم لهم، والموضوعات.

 

صعوبات البحث:

ولقد قابلَتْني في أثناء كتابتي للرسالة صُعوبات جمَّة، يسَّر الله تجاوُزَها، وكان من أهمها:

1- كثْرة الأخطاء والتصحيفات والسَّقط في نسخة "الكامل" المطبوعة؛ لذلك رجعتُ كثيرًا لمخطوطتين عنه.

 

2- توسُّع مدلولات بعض الألفاظ عند ابن عَدِيٍّ - مثل المنكر - وربما كان ذلك لعدم استِقرار الاصطلاح في ذلك الوقت، فاحتاجَ ذلك منِّي إلى جهدٍ ووقتٍ كبيرين.

 

3- استفاضة مَوارِد ابن عَدِيٍّ وتنوُّعها، وجدت منها مشقَّة وعنتًا؛ ممَّا جعلني أفصِّل الكلامَ عن بعضها، وأُجمِله في البعض الآخَر.

 

4- كثْرة ألفاظ الجرح والتعديل في الكتاب، وعدَم تصريح المؤلف بمدلولاتها وحُكمها؛ ممَّا جعلني أجتهدُ في بَيانها وإنزالها المنازل اللائقة بها، بعد حذْف المكرَّر منها.

 

5- قلَّة المادَّة العلميَّة في المصادر والمراجع التي ترجمتْ لابن عديٍّ بسبب قصر ترجمته فيها، ونقل بعضها من بعض؛ لذلك قمتُ بقِراءة كتاب "تاريخ جرجان"؛ للسَّهمي، فاستخرجتُ منه فوائد، خاصَّة بالنسبة لأسرة ابن عَدِيٍّ، وشيوخه وتلاميذه، كما رجعتُ للكامل نفسه، واستفدت منه أشياء في ترجمة المؤلف؛ مثل: عقيدته، ورحلاته، وشيوخه.

 

6- عدم وُجودِ تراجم بعض رجال أسانيد ابن عَدِيٍّ؛ وذلك إمَّا لأنَّ معظمهم من شيوخه - ومعروفٌ عزَّة تراجم المتأخِّرين ومن الرُّواة - وإمَّا لأنَّ ابن عَدِيٍّ أحيانًا ينسب الشخص إلى جدِّه، أو يذكُر كنيته أو لقبه دُون اسمه، ولقد اجتهدتُ في ذلك، وتوصَّلت إلى ترجمة الكثير منهم، وذلك بمقارنة الأسانيد والتفتيش في كتب الكُنَى والألقاب والأنساب وغيرها.

 

وبعدُ:

فقد بذلتُ قُصارَى جهدي في كتابة هذه الرسالة، فما كان منها من صَوابٍ فمِن توفيق الله - تعالى - أحمَدُه عليه وأشكُره، وما كان من خطأٍ فمن نفسي والشيطان، وأرجو مغفرة الله وعفوَه، ونسأل الله المبتدئ لنا بنِعَمِه قبلَ استِحقاقها، المديمها علينا مع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجبتْ به من شُكره بها، الجاعلنا في خير أمَّة أُخرِجتْ للناس - أنْ يَرزُقنا فَهْمًا في كتابه، ثم في سنَّة نبيِّه، وقولاُ وعملاُ يٌؤدِّي به عَنَّا حقَّه، ويوجب لنا نافلة مَزِيده، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الخاتمة

الحمد لله الذي هَدانا لهذا وما كُنَّا لنهتدي لولا أنْ هَدانا الله.

 

سأذكُر فيما يلي - إنْ شاء الله تعالى - أهمَّ النتائج التي توصَّل إليها البحث:

1- أنَّ مشروعيَّة الجرح والتعديل ثابتةٌ بالقرآن الكريم، والسنَّة النبويَّة الشريفة، وإجماع علماء الأمَّة، وقد بيَّنت في هذه الرسالة أنَّ نقْد الرجال بدَأ بكلام الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم بأقوال الصحابة والتابعين وأتْباعهم، وكانت أقْوالهم غيرَ مُدوَّنة ولا مجموعة، ثم تَطوَّر هذا العِلم حتى دُوِّنَ في الكتب والسُّطور، وقد تفنَّن العلماء في تصنيف كتب الرجال، فكان منها ما رُتِّبَ على الطبقات، ومنها ما أُفرِدَ للصحابة، ومنها ما جُعِلَ للثقات، ومنها ما أُفرِدَ للضعفاء، وقد ذكرت من كتب الضعفاء ثلاثةً وخمسين كتابًا، منها كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال"؛ لابن عدي.

 

2- لقد تميَّز عصر ابن عَدِيٍّ - وهو العصر العباسي الثاني (من سنة 232 إلى سنة 447هـ) بجوانب مشرقةٍ، وإنجازات رائعة؛ مثل: النظام الإداري الدقيق، والولايات الدينيَّة العظيمة، والجهاد في سبيل الله، وتعظيم شعائره، وتنفيذ حُدوده، إلا أنَّه شهد اضطرابات واسعة، ومُنازعات داخليَّة مؤلمة لم تسلم منها جرجان - بلد ابن عَدِيٍّ - وانقسمت الدولة الإسلامية إلى دويلات مختلفة، فاختلَّ الأمر، ووهنت أركان الدولة، حتى غَزاها الروم وغيرُهم.

 

وإنَّ من أحسن أحوال عصر ابن عدي الحالة العلمية؛ حيث كانت رفيعة القدر، عالية المنزلة، فقد شجَّع الخلفاء والأمراء حركةَ البحث العلمي والترجمة، وأسَّسوا المكتبات العامرة، والمساجد الكبيرة، والمدارس الواسعة، فظهَر في هذا العصر فطاحلُ العلماء، وجَهابذة النُّقَّاد، كان لهم الفضل في دفع الحركة العلميَّة وتقدُّمها، وكان منهم الأمام ابن جرير الطبري، والبخاري وأحمد بن حنبل، وداود الظاهري وغيرهم.

 

ولقد تأثَّر ابن عَدِيٍّ ببيئته التي نشَأ وترَعرَع فيها، ومجتمعه الذي عاشَ وسطه، فوجودُه في ظلِّ دولةٍ إسلاميَّة تُعظِّم شعائرَ الله، جعَلَه ينشأ في طاعة الله ورضوانه، وساعَد في نُبوغه العلمي اتِّساع رقعة الدولة، وتوافر العلماء فيها، كما أنَّ شقَّ الطرق والأمن من المخاطر، جعلاه يرحَلُ في طلب العلم ولقاء العلماء، إلا أنَّه لم يُؤثِّر في بيئته تأثيرًا واضحًا كبيرًا؛ لأنَّه لم يتقلَّد أيَّ منصب في الدولة - مثل: الوزارة، أو الإمارة، أو الإفتاء، أو القضاء - بل كان تأثيرُه في الجانب العلمي أوضح، فلقد تربَّى على يدَيْه مئاتُ التلاميذ، وأضاف إلى المكتبة الإسلامية كتبًا قيِّمة، وأسفارًا عظيمة، لم تُؤثِّر في مُعاصِريه فحسب، بل أثَّرت - ولو بشكل يسير - في كلِّ مَن جاء بعده، سيَّما أهل الحديث.

 

3- لقد عرَّفت الرسالة بابن عدي، فذكرت اسمه، ونسبته، ومولده ونشأته، وبيَّنت أنَّ أسرته كانت أسرة علميَّة، برَز منها علماء في الحديث، منهم: جد ابن عَدِيٍّ الأعلى - جد أمه - وابنه - جد ابن عَدِيٍّ - وابناه - خالا ابن عَدِيٍّ - ووالد ابن عدي: عَدِي بن عبدالله، وأولاد ابن عَدِيٍّ - عَدِي ومنصور وأبو زرعة - وحفيده، وأخوه، فهي ذريَّة طيِّبة بعضها من بعض، وترجمتُ لبعض شُيوخه، وتلاميذه، وذكَرتُ من شُيوخه واحدًا وثمانين وألف شيخ، ومن تلاميذه ثمانية وأربعين تلميذًا.

 

كما اتَّضح من البحث أنَّ ابن عَدِيٍّ كان سليمَ العقيدة صحيحَها، لم يتبعْ أهل الأهواء والنحل، فيشذ بذلك عن أهل السُّنَّة والجماعة، فقد تكلَّم في كامله عن بعض المبتدِعة وانتقدَهُم، وأنَّه لم يكن فقيهًا مجتهدًا يستقلُّ برأيه ومذهبه، بل كان شافعي المذهب، تابعًا لإمامه في أصول المذهب وفروعه، وأنَّه رحَل رحلات واسعةً لطلب العلم ولقاء العلماء، ذكرت من البلدان التي زارها ثمانية وخمسين بلدًا.

 

4- أثْرى ابن عَدِيٍّ المكتبة الإسلامية بعدَّة كتب، انتفع الناس بها قديمًا وحديثًا وهي: "الكامل في ضعفاء الرجال"، و"أسماء الصحابة"، و"أسامي مَن روى عنهم البخاري في الصحيح"، و"مسند حديث مالك بن أنس"، وجمع أحاديث: الأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل بن أبي خالد وجماعة من المقلِّين، ومعجم شيوخه، وكتاب الانتصار على مختصر المزني - وهو كتاب في الفقه الشافعي.

 

5- وصفت الرسالة كتاب "الكامل" وصفًا مجملاً، فذكرت اسمه، وموضوعه، وعدد تراجمه التي بلَغتْ تسعًا ومائتين وألفي ترجمة، وبيَّنتْ أنَّ مقدمته كانت مستفيضة نفيسة، ذكر فيها ابن عَدِيٍّ منهجَه الذي التزَمَه في الكتاب، وتكلَّم في بَيان سوء الكذب على الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعقوبته، وتحرِّي الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ في تحمُّل الحديث وأدائه، ثم ذكَر مَن تكلَّم في الرجال منذُ عهد الصحابة وحتى زَمانه، وعرَض لجملة مباحث قيِّمة في علوم الحديث، كما أظهرت أنَّ ابنَ عَدِي رتَّب تراجم كتابه على حروف المعجم، مراعيًا الحرفَ الأوَّل من أسماء الرواة فقط، وجعل في آخِر الكتاب بابين لِمَن غلبت عليه الكُنية ولم يسمَّ، ثم لِمَن نُسِبَ إلى قبيلةٍ أو مولى ولم يُذكَر باسم ولا كنية، وإنه لم يجعل لكتابه خاتمة.

 

6- توصَّل البحث إلى أنَّ لكتاب "الكامل" خمسَ نسخ مخطوطة، وذلك في أقسام المخطوطات من مكتباتٍ مختلفة، منها ما هو كامل الأوراق، ومنها ما هو ناقصٌ، وأنَّ بعض المعاصرين اجتهد في طبعه وتحقيقه، وخرج من أعمال هؤلاء المعاصرين ثلاثة أعمال هي: تحقيق مقدمة "الكامل" للشيخ صبحي السامرائي، وطبعة دار الفكر، وتحقيق أجزاء من "الكامل" لبعض الطلاب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

 

7- لقد أثنى العلماء على "الكامل" قديمًا وحديثًا، واهتمُّوا به أيَّما اهتمام، وكان من مظاهر عِنايتهم به اختصارهم له - كما فعل أحمد بن أيبك الدمياطي، والمقريزي، أبو الفصل المقدسي، وابن مفرج الأشبيلي، والضياء المقدسي في خمسة كتب - وتذييلهم عليه - كما فعَل ابن مفرج، وأبو الفضل المقدسي - وجمعهم لأحاديثه - كما صنَع ابن طاهر المقدسي، ويوسف البقاعي من المعاصرين.

 

8- لقد بيَّنتْ هذه الرسالة أنَّ العلماء قد استفادوا من كتاب "الكامل" منذ القِدَم، فنقَلُوا عنه، واقتبَسُوا منه، فأخَذ عنه أصحابُ كتب الضعفاء والمتكلَّم فيهم - مثل: الذهبي، وسبط ابن العجمي، وابن حجر العسقلاني - حُكمَ مؤلفه على الرواة، ونقل أصحاب كتب الأحاديث الموضوعة - مثل الجورقاني وابن الجوزي، والسيوطي - الأحاديث الموضوعة التي كان يَذكُرها صاحبه فيه، كما كان الكتاب موردًا مهمًّا لأصحاب كتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة - مثل: السخاوي، وابن الديبع الشيباني، والعحلوني - وأخَذُوا منه الأحاديث، ورجَعُوا لحكمه على الرجال ونقْده، واستفاد من الكتاب كذلك بعضُ أصحاب كتب تراجم رجال الكتب الستَّة ومعرفة الصحابة ومصطلح الحديث، والتاريخ والسير، والمناقب والحديث، واللغة.

 

9- توصَّل البحث إلى أنَّ ابن عَدِيٍّ قد ترجَم في كتابة "الكامل" لسبعة أنواع من الرُّواة هم: الوضاعون، والمتروكون، وشديدو الضعف، والضعفاء، والمجهولون، وخفيفو الضبط، والثقات، وأنَّ طريقته في الترجمة للرجال هي: أنَّه يُعرِّف بالمترجَم لهم بذِكر أسمائهم وأنسابهم، وكُناهم وألقابهم، وصفاتهم الخلقيَّة، وأحوالهم الاجتماعيَّة والعلميَّة، وشيوخهم، وتلاميذهم، وسِنِي وفاتهم، ويُورِد أقوال النُّقَّاد فيهم، ويذكُر أحاديثهم، ثم يحكُم عليهم بما يليق بحالهم.

 

10- أثبت البحث أنَّ ابن عَدِيٍّ الجرجاني قد عُنِي بذِكر علل الأحاديث عنايةً كبيرة، وطريقته في الوصول إلى الحديث المعلِّ هي جمْع طرق الأحاديث المختلفة، والاحتكام إلى النسخ، وذلك لا اختيار المرويات، ومعرفة الصحيح منها والسقيم.

 

ومن أهمِّ العلل التي ذكَرَها التعليل بالوقف، وبالإرسال، وبزيادة راوٍ في أثناء سندٍ ظاهره الاتِّصال، وبخطأ الراوي في الإسناد، وبالزيادة في المتن.

 

11- ظهَر من البحث أنَّ ابنَ عَدِيٍّ كان بحكُم على الأحاديث التي كان يُورِدُها في "الكامل"، إمَّا صراحة - بنصِّه على أنَّ هذا الحديث موضوع مثلاً - وإمَّا ضمنًا وذلك بعد حُكمِه على الأحاديث التي يوردها في ترجمة أحد الرُّواة ثم حُكمه على ذلك الراوي بالضعف - كما أنَّه أحيانًا يُبيِّن الحديث الصحيح بعد ذِكره للحديث الضعيف ويتعرَّض أثناء ذكره لأحاديث المترجم لهم لبعض عُلوم الحديث؛ مثل: تدليس الشيوخ، وتصحيف السند، ورواية الأكابر عن الأصاغر، والإسناد العالي.

 

12- لقد أثبتت الرسالة أنَّ ابن عَدِيٍّ قد حكَم على مُعظَم الرواة الذين ذكرَهُم في "الكامل" بكلامه هو فيهم، ونقده الذي ارتَضاه لهم، وقد انفرَدَ بالحكم على بعض الرُّواة، بحيث إنَّه لم يسبِقْه إلى الحكم عليهم أحدٌ ممَّن تَقدَّمه، كما أنَّه أحيانًا يحكُم وفقَ ما حكَم به إمامٌ قبلَه، وأحيانًا يحكُم خلاف ما حكم به الأئمَّة قبله، وإنَّه قد سكَت عن بعض الرُّواة فلم يحكُم عليهم بحكمٍ ما؛ وذلك لأنَّ أحاديثهم ضعيفةٌ منكرة، فلحقهم اسم الضَّعف لأجل ذلك، وإنَّه حكَم على بعض الرُّواة عرضًا، أثناء تراجم الكتاب - ولم يقصد الترجمة لهم، كما أنَّنا نجدُه أحيانًا يَحكُم على بعض الرُّواة بحكمٍ مقيَّد أو بحكمٍ نسبي.

 

13- توصَّل البحث إلى أنَّ لابن عَدِيٍّ الجرجاني في "كامله" موارد كثيرة مستفيضة بلغت ثلاثة وعشرين ومائتي مورد، استَفاد منها في التعريف بالرُّواة، وذكر أحاديثهم، وبيان جرحهم أو تعديلهم، وقد كان من هذه الموارد ما أكثر ابن عَدِيٍّ من الرُّجوع إليه – مثل: ابن معين، والبخاري، وأحمد - ومنها ما توسَّط في النقل منه - مثل: شعبة، وابن عيينة، وابن المديني - ومنها ما أقلَّ من الأخْذ عنه - مثل: الشافعي ووكيع، وأيوب السختياني - وأنَّه كان ينقل منها بالأسانيد المستقلَّة، التي كان رجالها ثقات غالبًا، وأنَّه لم يكن مجرَّدَ ناقلٍ لها، بل كان يشرح ما يحتاج إلى شرحٍ وتعليق؛ مثل: بعض عبارات النُّقَّاد واصطلاحاتهم، وينتقدها ويتعقَّب مُؤلِّفيها كلَّما اقتضى الأمر ذلك، وقد كان نقله صحيحًا غالبًا.

 

14- أثبتت المقارنة بين "الكامل" وبين سبعةٍ من كتب الضعفاء السابقة له والمؤلَّفة في عصره - وهي: كتاب "الضعفاء الصغيرة"؛ للبخاري، و"أحوال الرجال"؛ للجوزجاني، و"أسامي الضعفاء ومَن تُكلِّم فيهم من المحدثين"؛ لأبي زرعة الرازي، و"الضعفاء والمتروكين"؛ للنسائي، و"الضعفاء الكبير"؛ للعقيلي، وكتاب "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"؛ لابن حبَّان، و"الضعفاء والمتروكين"؛ للدارقطني - أنَّه يشتركُ معها في أشياء، وينفَرِدُ عنها بأشياء، فمَّما اشترك معها فيه:

الموضوع الواحد - وهو الترجمة للضعفاء والمتروكين والكذَّابين - ومنها ترتيبُ أسماء الرُّواة على حروف المعجم، مع مُراعاة الحرف الأوَّل فقط من اسم كلِّ راوٍ، ومنها: كيفيَّة التعريف بالرواة، فقد كانوا يَذكُرون أسماءهم وأنسابهم، وكُناهم، وألقابهم، ومنها ذكرهم لبعض ألفاظ الجرح المشتركة - مثل قولهم: فلان ضعيف أو كذَّاب.

 

وممَّا ينفرد به "الكامل" عنهم: كثرة عدد مَن ترجم لهم في الكتاب، ومنها مقدمته المستفيضة، ومنها كثْرة مَوارِده، ومنها تلك الأحاديث التي كان يَذكُرها للرواة في تراجمهم، ومنها جرحه المفسَّر للرُّواة.

 

لذلك يتبيَّن لي أنَّه أعظم من الكتب المصنَّفة قبله؛ فقد اجتمع فيه ما تفرَّق في غيره.

 

15- أثبت البحث أنَّ لابن عديٍّ مواقفَ معيَّنة من بعض مَسائل الجرح والتعديل، فهو يقبَلُ حديثَ المبتدِعة إذا كان مستقيمًا، سواء كانوا معتدِلين أو دُعاة أو غُلاة، وإنَّه يردُّه إذا روَوا المناكير أو طعن في عَدالتهم، وأنَّه يُضعِّفُ روايةَ مجهول العين والحال، ويرى أنَّ رواية العدل عمَّن سمَّاه تدلُّ على تعديله.

 

وأنَّه قد استعمل لفظ (المنكر) للدلالة على عدَّة مَعانٍ هي: انفراد الراوي الثقة بحديثٍ مقبول، وتفرُّد الراوي الضعيف، وتضعيف الراوي بحسب كثْرة ما يرويه من المناكير أو قلَّته، ورواية الحديث الموضوع واختلافه، كما بيَّن البحث أنَّ ابن عَدِيٍّ سار على مذهب جمهور العلماء في استِعمالهم التعديل المبهَم فاستعمَلَه وأكثر منه، مع تفسيره له أحيانًا، وكذا تَبِعَه في بيان سبب جرح الرُّواة، وعمل به في "كامله"، حتى لا نكاد نجدُ فيه جرحًا مبهمًا.

 

16- تبيَّن لي أنَّ ابن عَدِيٍّ قد استعمل في نقده للرواة ألفاظًا مفردة - مثل قوله: فلان ضعيف - وعبارات مركَّبة - مثل قوله: فلان ما أرى بحديثه بأسًا، وهو عندي صَدُوق - وأنه خالَف الجمهور في أحكام بعض ألفاظ النقد ووافَقهُم في معظمها، كما أنَّه انفرد بعبارات وألفاظ، وقد أحصَيْتُ عبارات الجرح والتعديل عنده فوجدتها أربعًا وعشرين ومائتي عبارة، وذلك بعد حذْف المكرَّر منها.

 

17- توصَّل البحث إلى أنَّ ابن عديٍّ كان من المعتدِلين من النُّقَّاد، وأنَّه عُرِفَ بالإنْصاف في الحكم، والتوسُّط في النقد، وأنَّه لم يكن متعنتًا على الحنفيَّة ولا على غيرهم، وما وقَع من جرحه لبعض الحنفية فإنما كان ذلك بسبب سُوء حِفظهم، أو روايتهم للمَناكير أو لغيرها من الأسباب، وكم من حنفيٍّ أنصَفَه ابن عَدِيٍّ وعدَّلَه ودافَع عنه!

 

18- تبيَّن لي أنَّ ابن عَدِيٍّ كغَيرِه من البشَر - قد وقَع في أخطاءٍ في كتابه "الكامل" أُخِذت عليه، وعُدَّت من عيوبه؛ مثل: ذكره لبعض صَحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في كتابه الذي خَصَّصَه للضُّعَفاء من الرواة، وعُذرُه في هذا الأمر أنَّه يريدُ أنَّ السند إليهم لم يصحَّ، ومن عُيوبه قوله باستيعاب الضعفاء والمتكلَّم فيهم في كتابه "الكامل"؛ حيث إنَّ مَن لم يذكره في الكتاب فهو ثقة أو صَدُوق، وقد بيَّنت أنَّ هذا الأمر ليس بصحيحٍ؛ فقد فاتَه ذكرُ كثيرٍ من الضعفاء، وعُذره في هذا الأمر أنَّه قال ما قال بحسب علمه... إلى غير ذلك من العيوب، وله في بعضها أعذارٌ ومحاملُ حسنةٌ لم يذكُرْها قائِلُوها، ولكلٍّ وجهة.

 

أُوصِي في آخِر هذه الرسالة بطبع كتاب "الكامل" محققًا، مخرَّج الأحاديث، حسن الطباعة؛ وذلك حتى ينتفع به طلاب العلم، وحبذا لو أُكمِلَ عمل طلاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض - في تحقيقهم لأجزاءٍ منه - مع اختصاره وتنظيمه.

 

وآخِر دَعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمين.



[1] الحديث أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث جابر بن عبدالله - كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، 2/592، حديث رقم 43 دون قوله ((وكل ضلالة في النار))، والنسائي في كتاب صلاة العيدين - باب كيف الخطبة 3/188، كما أخرجها النسائي من طريق عبدالله بن مسعود، كتاب الجمعة، باب كيفية الخطبة، 3/104.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتاب الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أثر العامل الفكري في فكر الإمام ابن مفلح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن تيمية والمنطق الحجاجي قراءة في كتاب: "الخطاب الحجاجي عند ابن تيمية: مقاربة تداولية"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن منده صاحب كتاب الإيمان وأبناؤه أبو القاسم وأبو عمرو ويحيى بن منده(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- طلب
أم عائشة - ليبيا 14-10-2015 11:14 PM

السلام عيكم: بارك الله فيكم على مجهوداتكم، بالله عليكم أريد نسخة من متن الكتاب كيف يمكن ذلك.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب