أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية (دراسة وتحقيق)

ملخص الرسالة

أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية

لأبي الثناء محمود بن عبدالرحمن الأصفهاني المتوفى سنة 749ه

من أول تفسير سورة النساء إلى آخر تفسير سورة المائدة

(دراسة وتحقيق)

1- مقدمة.

2- أهمية البحث.

3- أسباب اختيار البحث.

4- الدراسات السابقة للبحث.

5- حدود البحث.

6- خطة البحث.

7- منهج الدراسة والتحقيق.

8- شكر وتقدير.

المقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

ثم أما بعد:

فإن خير ما امتدت إليه أعناق الهمم، وصرفت فيه أوقات العمر كتاب الله تعالى الكريم، وحبله المتين، ونوره المبين، ومعجزته الخالدة، وحجته القائمة، وكلامه المصون؛ عن العبث، والتغيير، والتحريف، والتبديل ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

والقرآن الكريم منهج هذه الأمة، وصلاحها، وسبب سعادتها في الدنيا والآخرة؛ لما حوى من مقومات السمو، والرقي، والشمول، والعموم، والبناء، والإصلاح... ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16].

فلا غرو أن يُعنى علماء هذه الأمة بالقرآن الكريم غاية العناية، وتمام الاهتمام، وأن يبذلوا في بيان ألفاظه، واستنباط أحكامه، وإيضاح هداياته، قصارى جهدهم، وغاية مرامهم.

وقد كان من بين هؤلاء العلماء الأجلاء، أبو الثناء، محمود بن عبدالرحمن الأصفهاني المتوفى سنة تسعٍ وأربعين وسبعمائة للهجرة، حيث ألف تفسيره الموسوم ب (أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية).

وقد تبنى قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض، تحقيق هذا السفر التفسيري في رسائل علميةٍ لنيل العالمية العالية (الدكتوراه)، فرأيت مشاركة الباحثين السابقين في التحقيق والدراسة، فكان نصيبي منه تحقيق: تفسير سورتي النساء، والمائدة، فجاء عنوان الرسالة كما يلي: ((أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية لأبي الثناء محمود الأصفهاني من أول تفسير سورة النساء إلى آخر تفسير سورة المائدة، دراسة وتحقيق)).

أهمية البحث:

تعود أهمية تفسير الأصفهاني - يرحمه الله - إلى أن مؤلفه تبوأ مكانة علمية عالية، حتى ذاع صيته، واشتهر بين الناس، وعرفه الخاصة والعامة، وهذا بلا ريبٍ سيعود بالحسنى على تفسيره، إذ سيظهر أثر ذلك فيما كتبه وانتقاه من مصادره.

وتعود أيضًا إلى المادة العلمية التي أودعها كتابه (أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية)؛ وذلك أن المؤلف رجع في تفسيره إلى مصادر مهمة كل منها يمثل اتجاهًا معينًا في التفسير وهي: الكشف والبيان للثعلبي، والكشاف للزمخشري، والتفسير الكبير للرازي. فانتقى من هذه الكتب الثلاثة، وجمع بينها بعبارةٍ حسنةٍ وجيزةٍ، ولم يقتصر على هذه الكتب، بل أضاف إليها مصادر أخرى كثيرة، مع ماله - يرحمه الله - من الزيادات والاعتراضات الحسنة، كما قدم له بثلاثٍ وعشرين مقدمةً[1] حوت كثيرًا من الفوائد والجوانب المتعلقة بالتفسير.

أسباب اختيار البحث:

1- قيمة الكتاب العلمية، والمتمثلة في أصالته، وعمقه، وغزارة مادته نظرًا لأهمية مصادره.

2- أن الكتاب جمع بين منهجي التفسير المشهورين: التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي المحمود.

3- أنه تفسير جامع، حيث تناول مؤلفه كثيرًا من العلوم المتعلقة بالتفسير كالقراءات، وأسباب النزول، والمكي والمدني، ونحو ذلك.

4- الرغبة في الفائدة، والتحصيل العلمي، والإلمام بقواعد تحقيق النصوص، ونشرها من خلال معايشتي لتحقيق هذا القسم إن شاء الله تعالى.

5- إثراء المكتبة الإسلامية، بالمشاركة في خدمة تراثها، والذي تتطلبه مكتبة التفسير الحديثة وتدعو إليه بإلحاح.

الدراسات السابقة للبحث:

قام بالمشاركة في تحقيق هذا السفر العظيم من التفسير نخبة من الباحثين، وعلى رأسهم فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سليمان الهويمل الذي بذل جهدًا في جمع المخطوطات، وحاز شرف السبق بتحقيق مقدماته وسور الفاتحة والبقرة وآل عمران، ثم تتابع الباحثون في تحقيق الكتاب، وهم على النحو التالي:

• الدكتور بدر بن ناصر البدر، وتحقيقه من أول سورة الأنعام إلى آخر سورة الأعراف.

• الدكتور عبدالله الحكمة، وتحقيقه من أول سورة الأنفال إلى آخر سورة يونس.

• الدكتور رياض المسيميري، وتحقيقه من أول سورة هود إلى آخر سورة النحل.

• الدكتور جمال الدين القادري، وتحقيقه من أول سورة الإسراء إلى آخر سورة الحج.

• الدكتورة وفاء العساف، وتحقيقها من أول سورة المؤمنين إلى آخر سورة العنكبوت.

• الدكتورة الزهراء بنت محمد التويجري، وتحقيقها من أول سورة الروم إلى آخر سورة ص.

• الدكتور صلاح الدين زيطرة، وتحقيقه من أول سورة الزمر إلى آخر سورة النجم.

• الدكتور عبدالمنعم الحواس، وتحقيقه من أول سورة القمر إلى آخر القرآن.

حدود البحث:

يلحظ من خلال الدراسات السابقة التي قام القسم بالإشراف على تحقيقها أنه بقي من المخطوط سورتا النساء والمائدة، وسأقوم - إن شاء الله تعالى - بتحقيق تفسير السورتين؛ ليكمل بذلك تحقيق الكتاب، ويبلغ عدد لوحاتهما مائةً وثلاثين لوحةً (260 صفحة) في كل صفحةٍ خمسة وثلاثون سطرًا.

خطة البحث:

وتشتمل على مقدمةٍ، وقسمين، وخاتمةٍ، وفهارس.

المقدمة: وتتضمن أهمية البحث، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة له، وحدوده، وخطة البحث، ومنهج الدراسة والتحقيق.

القسم الأول: الدراسة وتحتها فصلان:

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف، وتحته تسعة مباحثَ:

المبحث الأول: اسم المؤلف، ومولده، ونشأته.

المبحث الثاني: عصره.

المبحث الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.

المبحث الرابع: شيوخه.

المبحث الخامس: تلاميذه.

المبحث السادس: مؤلفاته.

المبحث السابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

المبحث الثامن: عقيدته.

المبحث التاسع: وفاته.

الفصل الثاني: دراسة الكتاب، وتحته خمسة مباحثَ:

المبحث الأول: اسم الكتاب، ونسبته إلى المؤلف.

المبحث الثاني: التعريف بنسخ الكتاب.

المبحث الثالث: مصادر المؤلف في كتابه.

المبحث الرابع: منهج المؤلف في كتابه، وتحته مطلبان:

المطلب الأول: منهجه في جانب الرواية، وتحته خمس مسائلَ:

المسألة الأولى: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.

المسألة الثانية: منهجه في التفسير بالمأثور.

المسألة الثالثة: بيانه للقراءات.

المسألة الرابعة: موقفه من الإسرائيليات.

المسألة الخامسة: ذكره لأسباب النزول.

المطلب الثاني: منهجه في جانب الدراية، وتحته خمس مسائلَ:

المسألة الأولى: موقفه من تفسير آيات الأحكام.

المسألة الثانية: تناوله لعلم أصول الفقه.

المسألة الثالثة: تأثره بعلم الكلام.

المسألة الرابعة: عنايته باللغة.

المسألة الخامسة: ذكره للمناسبات بين الآيات.

المبحث الخامس: قيمة الكتاب العلمية، وتحته مطلبان:

المطلب الأول: مزايا الكتاب.

المطلب الثاني: المؤاخذات على الكتاب.

القسم الثاني: التحقيق: ويتضمن تحقيق تفسير سورتي النساء والمائدة.

الخاتمة: وأبين فيها أهم النتائج التي توصلت إليها.

الفهارس: وهي سبعة:

1- فهرس الآيات القرآنية.

2- فهرس الأحاديث الشريفة.

3- فهرس البيوت الشعرية.

4- فهرس الأعلام.

5- فهرس الأماكن، والقبائل، والفرق، والطوائف.

6- ثبت المصادر والمراجع.

7- فهرس الموضوعات.

المنهج العام في الدراسة:

الفصل الأول: (عصر المؤلف وحياته)

1- أستقرئ كتب التراجم التي ترجمت للمؤلف، وتحدثت عنه، وأستخلص منها حياة المؤلف ونشأته.

2- أستقرئ الكتب التي تحدثت عن الفترة التي عاش فيها المؤلف، وأثرها عليه سياسيًا، واجتماعيًا، وعلميًا.

3- الإفادة من كتاب المؤلف المقرر تحقيقه مما يعين على معرفة شخصية المؤلف، وشيوخه، ومؤلفاته.

الفصل الثاني: (دراسة الكتاب)

1- إثبات الاسم الصحيح للكتاب، وصحة نسبته للمؤلف، وذلك باستقراء ما ورد في مقدمة الكتاب وخاتمته، والاستعانة بما قد يرد في كتب التراجم من إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه، أو في كتب المؤلف الأخرى التي ربما يشير فيها إلى هذا الكتاب.

2- أستقرئ القسم المراد تحقيقه، وأستنبط منه منهج المؤلف في كتابه، ومصادره، وطرق تعامله مع النصوص التي ضمنها كتابه عرضًا ومناقشة، وعزوًا وتخريجًا... وغير ذلك مما يبرز شخصية المؤلف العلمية.

منهج كتابة النص في التحقيق:

1- جمع النسخ الخطية للكتاب المراد تحقيقه، ودراستها واعتماد ما هو المناسب منها في التحقيق.

2- نسخ القدر المطلوب تحقيقه وكتابته حسب القواعد الإملائية.

3- المقابلة بين النسخ الخطية باعتماد إحدى النسخ الخطية أصلًا، ومقابلتها بما في النسخ الأخرى، وإثبات الفروق بينها في الحاشية، بعد اعتماد النص المختار من بينها.

4- اتبعت طريقة النص المختار في المقابلة بين النسخ، فأثبت الصواب في الأصل، وأبين ما في النسخ الأخرى في الحاشية.

5- إذا اتفقت النسخ على خطأ لا يحتمله السياق وهو منقول عن أحد مصادر المؤلف أو غيرها، أثبت الصواب في أصل النص، وأشير إلى الخطأ في الحاشية.

6- وضعت ما كان ساقطًا أو ما يستقيم به السياق بين معقوفين [ ]، وأشرت إلى ذلك في الحاشية.

منهج التعليق في الحاشية:

1- عزو الآيات إلى مواضعها من القرآن الكريم بذكر اسم السورة، ورقم الآية.

2- توثيق القراءات مع بيان المتواتر منها والشاذ.

3- تخريج الأحاديث والآثار الواردة، مع ذكر أقوال المحدثين في الحكم عليه ما أمكن.

4- توثيق الشواهد الشعرية.

5- توثيق أقوال المفسرين.

6- الترجمة للأعلام الذين ورد ذكرهم عدا المشاهير.

7- الضبط بالشكل لما يحتاج إليه.

8- التعليق على ما يُحتاج إليه من المسائل العقدية والتفسيرية.

9- التعريف بالأماكن والقبائل والفرق والطوائف عدا المشهور منها.

شكر وتقدير:

ولا بد في نهاية هذه المقدمة عرفانًا بالجميل وقيامًا ببعض الواجب، أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى الله -عز وجل-، على عظيم فضله وإحسانه، وتيسيره إتمامَ هذا البحث والإعانة عليه.

وأحمد الله تعالى الذي خلقني من أبوين كريمين، كان لهما الفضل - بعد الله عز وجل- في تعليمي وتربيتي وإرشادي وتوجيهي، فجزاهما الله عني خير الجزاء، وأجزل لهما المثوبة والعطاء، وأمدهما بالصحة والعافية.

وأتقدم بالشكر والتقدير والثناء العاطر إلى فضيلة شيخي، وأستاذي الكريم، فضيلة الدكتور / علي بن سليمان العبيد، المشرف على هذا البحث، الذي أفادني من علمه الجزيل، وخلقه النبيل، وتوجيهاته الدقيقة، وملاحظاته القيمة، وإرشاداته الجليلة، طول مدة هذا البحث، فجزاه الله عني خير الجزاء، وتقبل منه وشكر سعيه.

والشكر موصول لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ذلك الصرح العلمي الشامخ العالي، الذي أحاطني بالرعاية خلال المرحلة الجامعية، ثم في الدراسات العليا، فأسأل الله تعالى أن يجزي القائمين عليها خير الجزاء، وأن يوفقهم لما يحب ويرضى.

وأخص بالشكر كلية أصول الدين، ممثلة في أصحاب الفضيلة عميد الكلية، ووكيليه، ورئيس قسم القرآن، ووكيله.

كما أتقدم بخالص شكري وامتناني، وعظيم تقديري وثنائي، إلى فضيلة الشيخ الدكتور/حمد بن إبراهيم الشتوي، الذي فتح لي صدره وبيته، ولم يدّخر ما في وسعه من جهدٍ بالنصح، والتوجيه، والإرشاد، فأسأل الله أن يجزيه على ذلك خير الجزاء.

كما أشكر كل من ساعدني على إخراج هذا البحث من الأساتذه الكرام، والإخوة الأعزاء، فجزاهم الله خير الجزاء، ووفقني وإياهم لما فيه خير وصلاح، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

♦♦ ♦♦ ♦♦ ♦♦

الخاتمة

أحمد الله تعالى على جزيل نعمه، وأشكره على كريم مننه، وتيسيره وتوفيقه إتمام هذه الرسالة التي عشت معها في رحاب تفسير كتاب الله تعالى، لعَلَم من علماء التفسير عاش في القرن الثامن الهجري، ألا هو أبو الثناء: محمود بن عبدالرحمن الأصفهاني.

ومن خلال عملي في جزء من تفسيره (أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية) خرجت بمحصلةٍ من النتائج المهمة، التي كان من أبرزها:

1- مكانة أبي الثناء الأصفهاني العلمية المرموقة التي كان عليها في علم التفسير، واللغة، والفقه، والأصول، وغيرها من العلوم والمعارف التي برز فيها - رحمه الله تعالى - تعليمًا وتأليفًا، فكان واسع العلم، راسخ القدم في مختلف الفنون، حتى نال ثناء العلماء في زمانه، وتقدير الأمراء وتقديمهم له.

2- أنه على الرغم من شدة الاضطرابات والفوضى السياسية في عصر الأصفهاني، إلا أنه أفاد من الحركة العلمية التي كانت مزدهرة، ومتقدمة في شتى فنون العلم، ويتجلى ذلك في وجود عددٍ كبير من العلماء، وكثرة المؤلفات، وانتشار المدارس، ودور العلم في كثير من المدن الإسلامية، فقد تتلمذ على جلةٍ من العلماء الأفذاذ، ورحل في طلب العلم، حتى أصبح نجمه يتلالأ بين العلماء، فدرَّس وألّف، ودقّق وحقّق، ونهل من معينه طلاب كثيرون، فرحم الله الجميع.

3- بلوغ تفسيره مكانة عالية بين كتب التفسير، ويتجلى ذلك بعدة أمور:

أ‌- اهتمامه بتفسير القرآن بالقرآن، واعتماده على التفسير بالمأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن صحابته الكرام - رضوان الله عليهم -، وعن التابعين - يرحمهم الله -.

ب‌- اهتمامه بالعلوم المتصلة بالقرآن، كذكر أسباب النزول، والمناسبات، وعدّ الآي، والمكي والمدني، إلى غير ذلك.

ج- حسن جمعه وعرضه، وجودة ترتيبه، وتصنيفه، على الرغم من اعتماده في جمع مادته العلمية التفسيريه على ثلاثة تفاسير (الكشف والبيان) للثعلبي، و(الكشاف) للزمخشري، و(مفاتيح الغيب) للرازي، مع تباين مناهج مؤلفيها، واختلاف أساليبهم.

د- عدم تعصبه لمذهبه الشافعي، مع عرضه لأقوال العلماء والمذاهب الفقهية عند تفسيره لآيات الأحكام.

وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يخل من بعض الملحوظات التي عادة لا تخلو منها كتب التفسير، ومن ذلك:

أ‌- سلوكه مسلك الأشعرية في بعض المسائل العقدية، وخصوصًا في الصفات والقدر، وقد بينت ذلك، ونبهت عليه في مواضع الآيات من التفسير.

ب‌- إيراده لبعض الأخبار الإسرائيلية، والأحاديث الضعيفة والموضوعة.

ج- إدخاله بعض عبارات المتصوفة والفلاسفة في تفسيره.

د- كثرة النقل من غير عزوٍ، مما يوهم أنه من كلامه.

وأخيرًا: فحسبي أني ما ادخرت في هذه الرسالة شيئًا إلا بعد البحث، والتقصي، والتثبت، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن تكن الأخرى فحسبي أني اجتهدت، وأستغفر الله من كل خطأ وزلل. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.

وصلى الله وبارك على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس الموضوعات