منهج التفسير للمفردة العربية عند ابن دريد في الجمهرة وابن فارس في المقاييس - دراسة موازنة

ملخص الرسالة

منهج التفسير للمفردة العربية عند ابن دريد في الجمهرة

وابن فارس في المقاييس

دراسة موازنة

المقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله حبيب الحق وسيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد:

فلما كان اختيار موضوع البحث يحدد اختصاص الطالب إما لغة أو نحوًا آثرت اختيار موضوع في اللغة وذلك لميلي الشديد إليها.

وحين بدأت التفكير في طبيعة موضوع البحث عرض أستاذي الفاضل د. رشيد العبيدي موضوع (منهج التفسير للمفردة العربية عند ابن دريد في الجمهرة وابن فارس في المقاييس دراسة موازنة) فوقع اختياري عليه لأتعرف طريقة كل من هذين العالمين في تفسيرهما للمفردة العربية وحين انتهيت من جمع المادة وبعد إحاطة شاملة وإلمام بأهم جزيئات الموضوع وجدت طبيعة البحث تملي علي أن أقسمه على أربعة فصول تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة تجمل نتائج البحث وأهم ما جاء به من آراء.

تناولت في الفصل الأول حياة هذين العالمين فذكرت اسم كل منهما ونسبه ولقبه ومولده ونشأته وشيوخه وتلاميذه وأهم مصادره، فضلًا عن الحديث عن تاريخ الدراسة المعجمية وتطورها حتى عصرهما.

أما الفصل الثاني فقد خصصته للحديث عن منهج هذين العالمين في كتابيهما فذكرت سبب تأليف الكتابين وطريقة العالمين في تبويبهما وترتيبهما، وكيفية معالجتهما لأبنية الثنائي والثلاثي والرباعي وما زاد عليه، ثم عقدت مبحثًا للموازنة وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف في منهجيهما.

وفي الفصل الثالث تناولت بالبحث طرائق تفسير المادة اللغوية عند هذين العالمين فتحدثت عن أهم السمات المنهجية في تفسيرهما للمفردات، كما عرضت لطريقتهما في الاستشهاد بالشواهد القرآنية والحديثية والأشعار والأمثال والوقائع والأخبار ثم بينت أهم أوجه الاتفاق والاختلاف في تفسيرهما للمفردات اللغوية.

أما الفصل الرابع فقد خصصته للمعالجات الدلالية والظواهر النحوية والصرفية فتحدثت فيه عن طريقة كل من هذين العالمين في معالجتهما لأنواع تطور مفردات اللغة من تعميم للدلالة وتخصيص وانتقال، كما بينت طريقتهما في الإشارة إلى اللهجات العربية، والمهمل، والغريب، والمشترك اللفظي، والتضاد، والترادف، فضلًا عن الإشارة إلى أهم المعالجات النحوية والصرفية في كتابيهما ثم حددت أهم ملامح الاتفاق والاختلاف بينهما في طريقة معالجة الظواهر اللغوية والنحوية والصرفية وختمت البحث بخاتمة بينت فيها أبرز النتائج التي ظهرت فيه.

أما المصادر التي عولت عليها في هذا البحث فهي كتب التاريخ التي ترجمت لحياة هذين العالمين ومنها كتاب مروج الذهب للمسعودي، والكامل في التاريخ لابن الأثير، فضلًا عن كتب اللغة والمعجمات التي أفدت منها بالمقارنة والتعقيب ومنها كتاب العين للخليل بن أحمد، والصحاح للجوهري، ولسان العرب لابن منظور، والصاحبي في فقه اللغة لابن فارس، وكتاب الأضداد لأبي الطيب اللغوي، وكتاب الأضداد لمحمد حسين آل ياسين.... الخ.

وكتب النحو مثل كتاب سيبويه، وشرح ابن يعيش على مفصل الزمخشري، وكتب الصرف مثل شرح الرضي على شافية ابن الحاجب.

وأخيرًا أرى أن الواجب يملي علي أن أسجل شكري وعرفاني بالجميل لأستاذي الجليل الدكتور عبد الحسين عبد الله الذي أشرف على هذه الأطروحة لما حباني به من جميل صبره وحسن رعايته وتوجيههه فجزاه الله عني خير ما يجزي الصالحين.

الخاتمة:

حاولنا في بحثنا هذا أن نقف على أهم أوجه الموازنة بين كتابي الجمهرة والمقاييس وقد توصلنا من خلال ذلك إلى النتائج الاتية:

1. إن الدافع إلى تأليف الجمهرة هو جمع اللغة والاستشهاد لها بشواهد الفصيحة في حين تميز معجم المقاييس بإيضاح فكرتي الأصول والمقاييس إذ بنى ابن فارس معجمه على أساس الاشتقاق ولكن بحسب فكرة الأصول المعنوية التي تتطلب جمع المفردات وترتيبها بصورة منتظمة بحيث ترتبط فيما بينها بمعنى عام يوحد معانيها الفردية.

2. كثرة أبواب الجمهرة مقارنة بالمقاييس إذ قسم ابن دريد معجمه (الجمهرة) على أساس الأبنية أولًا إلى ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية ثم قسم كل بناء من هذه الأبنية إلى أبواب وفقًا للألفباء في حين قسم ابن فارس معجمه إلى كتب بعدد حروف الهجاء ثم قسم كل كتاب منها إلى أبواب ثلاثة هي الثنائي، الثلاثي، وما زاد على أبنية الثلاثي.

3. وفي عرض المادة اللغوية امتاز المقاييس بجمع المفردات على أساس أصولها المعنوية وتصنيفها وفقًا لذلك، في حين كان جمعها في الجمهرة تقليديًا عشوائيًا فضلًا عن اتباع ابن دريد نظام التقليبات الخليلي الذي جعله يجمع اللفظ ومعكوسه وكل مشتقاته في موضع واحد في حين وضع ابن فارس كل كلمة في موضعها المناسب، وفي أبواب ما زاد على الثلاثي تميز المقاييس على الجمهرة بظاهرة دراسة ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وفقًا لظواهر النحت، والزيادة، والوضع، إلا أن ابن فارس لم يتبع منهجًا واضحًا في ترتيب مواد هذه الأبواب فضلًا عن عدم تمييزه بين الرباعي وما زاد عليه.

4. كان ابن فارس أكثر عناية من ابن دريد بمسألة ضبط المفردات التي يفسرها.

5. ذكر ابن دريد المواد المهملة وصرح بإهمالها في حين اكتفى ابن فارس بعدم ذكرها.

6. عني ابن فارس عناية واضحة بذكر المعاني المجازية لبعض المفردات اللغوية والتصريح بأنها من الاستعارة أو التشبيه أو الكناية، في حين لم نجد ابن دريد اهتمامًا بذكر هذه المعاني أثناء شرحه لمفردات اللغة.

7. كان ابن دريد أكثر اهتمامًا بمسألة الإشارة إلى المفردات المعربة والدخيلة في حين انصب اهتمام ابن فارس على إيراد الكلام الصحيح والقياس عليه.

8. كان ابن دريد أكثر تحرجًا من ابن فارس في الإدلاء برأيه في تفسير بعض الآيات التي يستشهد بها، في حين نجد ابن فارس غالبًا ما يدلي برأيه بتفسير بعض الآيات فضلًا عن اعتماده على علماء اللغة والنحو في تفسير الآيات والأحاديث.

9. اتفق ابن فارس مع ابن دريد في التعليق على الأبيات الشعرية وتخطئة بعض الشعراء وفي إهمال نسبة الشعر إلى قائله.

10. كان ابن فارس أكثر عناية بقضية التطور الدلالي للمفردات اللغوية إذ صرح بنوع التطور الذي طرأ على مفردات اللغة في حين جاءت عبارات ابن دريد عامة شاملة لجميع أنواع تطور المفردات اللغوية.

11. أكثر ابن دريد من العناية بقضية اللهجات العربية ولاسيما لهجات اليمن، في حين نقد ابن فارس كثيرًا من هذه اللهجات ولاسيما اللهجات اليمنية التي جاء بها ابن دريد.

12. كان ابن فارس أكثر اهتمامًا من ابن دريد بقضية التضاد وتمييز الألفاظ المتضادة في حقيقة أصلها.

13. اتفق ابن فارس مع ابن دريد في عدم التصريح بلفظ الترادف إلا أنه أكثر دقة في حكمه بترادف بعض الألفاظ.

14. اتفق ابن فارس مع ابن دريد في الإشارة السريعة لبعض مسائل النحو، أما موضوعات الصرف فكان ابن دريد أكثر عناية بها إذ أفرد أبوابًا خاصة ببعض المسائل الصرفية، في حين أشار اليها ابن فارس إشارات سريعة أثناء شرحه لمفردات اللغة.

15. كان ابن دريد أكثر عناية من ابن فارس بمسألة الإشارة إلى الفروق اللغوية وتحديد المعاني الدقيقة لبعض الألفاظ التي يفسرها.

16. اهتم ابن دريد بالإشارة إلى الألفاظ المماتة، في حين لا نجد لابن فارس اهتمامًا بالاشارة إليها.

فهرس المحتويات