ابن جني ناقدا لغويا

ملخص الرسالة

مستخلص الرسالة

ابن جني ناقدًا لغويًا

المقدِّمة

اللغة وسيلة الأدب وأداته، ولم يبدع أحد في فن من فنون الأدب ما لم يأخذ بناصية اللغة ويتمكن منها، وقد أدرك اللغويون هذه الحقيقة، فكانت لهم وقفات طويلة في النقد اللغوي، الذي لا يمكن أن نعده موضوعًا أدبيًا وإن كان هو معيار جودة النص الأدبي، وذلك لأنه تصدى لقضايا لغوية، وكان المتصدون لغويين، ففي النقد اللغوي حياة العربية، إذ هو يجليها، فيميز خبيثها من طيبها، ومعوجها من مستقيمها، وغامضها من جليها، وقريبها من بعيدها.

ولابن جني جهود لا تغفل في الدرس العربي، فهو قد امتلك عقلية فذة من طراز عقلية الخليل، لذا تناول المحدثون مصنفاته بالدرس والتحليل، فجاء أكثر نتاجهم في رسائل جامعية، منها: (ابن جني وعلم الدلالة)، (والدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني)، (وابن جني النحوي)، (وأصول النحو في الخصائص لابن جني)، (والخصائص لابن جني دراسة وتحليل)، (والتوجيه الصوتي والصرفي للقراءات الشاذة في كتاب المحتسب)، (والدراسات الصرفية عند ابن جني)، (وابن جني بلاغيًا)، ومع هذا الالتفات الشديد نحو ابن جني وتراثه، غفل الباحثون عن دراسته ناقدًا لغويًا، وهذا ما نبهني عليه الدكتور نعمة العزاوي، مقترحًا علي دراسته، وقد وجدته موضوعًا يسد نقصًا ويردم هوة.

وقد استدعت طبيعة البحث أن يكون في بابين، تناولت في (الأول) قضايا نقدية عامة عند ابن جني، وقد تضمن ثلاثة فصول، درست في الأول نقده الرواية، في الثاني نقده العلماء، وفي الثالث الضرورة الشعرية عنده. أما (الباب الثاني) فقد تناولت فيه النقد التطبيقي عند ابن جني، وهو في فصلين، (الأول): نقده الألفاظ، (والآخر): نقده النحو.

وقد نهلت مصادر البحث من منهلين، (أحدهما): كتب ابن جني، وقد تفاوتت حجم المادة النقدية المستخرجة منها، ولذلك رتبتها بحسب ما افدت منها:

1- الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، ط2، دار الهدى، بيروت - لبنان، وقد حققه أيضًا عبد الحكيم بن محمد، طبعة المكتبة التوفيقية، مصر لات.

2- المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، تحـ علي النجدي ناصف، والدكتور عبد الحليم النجار، والدكتورعبد الفتاح إسماعيل شلبي، القاهرة 1386هـ.

3- سر صناعة الإعراب، دراسة وتحقيق الدكتور حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، لات.

4- المنصف (شرح تصريف المازني)، تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، ط1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر 1373هـ-1954 م. وقد حققه أيضا محمد عبد القادر أحمد عطا، منشورات محمد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان 1419هـ - 1999 م.

5- التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري، تحقيق أحمد ناجي القيسي وخديجة عبد الرزاق الحديثي وأحمد مطلوب، مراجعة الدكتور مصطفى جواد، ط1، ساعدت وزارة المعارف على نشره، مطبعة العاني بغداد 1381هـ-1996م.

6- الخاطريات، تحقيق علي ذو الفقار شاكر، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان 1408 هـ - 1988 م.

7- التنبيه على شرح مشكلات الحماسة، (رسالة ماجستير) دراسة وتحقيق عبد المحسن خلوصي، كلية الآداب، جامعة بغداد 1974م.

8- مختصر القوافي، تحقيق حسن شاذلي فرهود، ط1، دارالتراث، القاهرة 1395هـ-1975م.

9- المذكر والمؤنث، تحقيق الدكتور طارق نجم عبد الله، ط 1، دار البيان العربي، جدة 1405 هـ- 1985م.

10- الفتح الوهبي على مشكلات المتنبي، تحقيق الدكتور محسن غياض، دار الشؤون الثقافية، بغداد 1990 م.

11- التصريف الملوكي، علق عليه أحمد الخاني، ومحيي الدين الجراح، ط2، دار المعارف، دمشق لات.

12- تفسير أرجوزة أبي نواس في تقريض الفضل بن الربيع وزير الرشيد والأمين، تحقيق الأستاذ محمد بهجة الأثري، دمشق، 1386هـ - 1966م.

13- الألفاظ المهموزة وعقود الهمز، تحقيق مازن المبارك، ط1، دار الفكر، دمشق 1988.

14- اللمع في العربية، تحقيق الدكتور سميح أبو مغلي، دار مجدلاوي للنشر، عمان 1988.

15- العروض، تحقيق الدكتور حسن شاذلي فرهود، ط1،1392هـ- 1972م.

16- علل التثنية، تحقيق صبح التميمي، ط 1، مكتبة الثقافة الدينية 1992، وقد حققه قبل ذلك الأستاذ عبد القادر مهدي، ونشره في حوليات الجامعة التونسية، العدد الثاني 1965.

17- المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة، ط 2، دار الكتاب العربي، بيروت 1403 هـ - 1983م.

18- المقتضب من كلام العرب في اسم المفعول من الثلاثي المعتل العين، تقديم وتحقيق عبد المقصود محمد عبد المقصود، مجلة عالم المخطوطات والنوادر الرياض، ع 2، مج 3، ص 260 - 427، 1998 م.

أما المنهل (الآخر) ضم الكتب النحوية والصرفية والصوتية وعلى رأسها كتاب سيبويه والمقتضب للمبرد، كما ضم الكتب النقدية القديمة والحديثة.

وبعد فهذه بضاعتي استخرجتها يد الصبر بالفكر، في سنين قد اسودت أيامها، وساودت أيام محن الأمة كلها فسادتها[1]، ولبس الوطن فيها جلابيب سودا، وغرق في فتنة عمياء صماء بكماء لا تبقي ولا تذر، فلا تسمع لناعقها ولا تسلس لقائدها، فجات ثمرة البحث والخاطر منقسم بين أمرين، أحلاهما مر، بين فقدان الأمن وقد عشناها سنين مفخخة، وصعوبة الحصول على المصادر، فالبناء لا يقوم على غير أساس، والفرع لا ينبت إلا على أصل.

ولا أقول إني قد بلغت غاية الكمال في بحثي، لأن الكمال لله ولكتابه، فرحم الله من وقف على سهوي أو وهمي فأصلحه عاذرًا لا عاذلًا، ومنيلًا لا نائلًا.

وختامًا لابد لي من أن أذكر فضل الله علي، إذ قيض لي مشرفًا فاض منةً وإحسانًا، فبثقته ترك لي حرية البحث، وبأبوته كان يعيدني إلى مرتع الحق إذا اشتط بي عناد أو زلل يقع فيه جل الباحثين، والحديث عن أستاذي الدكتور قيس إسماعيل الأوسي يطول، لكنه يقصر عن أن يوفيه حقه من العرفان بفضله.

Abstract

Ibn-jinni: a linguistic critic:-

Abu-Al-fat’h uthman al-mousli، and it was said that (jinni) is the arabized version of (kinni) and it means، (generous, nobel, good - thinking، genius، sincere). He was born in mousl (320a.c.) and he sticked to Abu Ali more than forty years، and when Abu- Ali died in (377a.c.)، Abu - Al - fat’h headed his status in instruction in Baghdad until he died in (392a.c.).

Ibn - jinni had efforts which cant be negligent in the Arabic study، and he possessed aunique mind like that of Al - khaleel. so this speakers dealt with his complications by study, and analysis، and with this great dealing، the speakers negligated studying him as a linguistic critic and I found that this subject fill a lack. And the nature of the study called for having two topics، the first topic dealt with general critical issues in Ibn- jinni، and it included three chapters، the first chapter studied his criticism of the novel، and the second chapter studied his criticism of the scientists، and the third one studied the poetic necessity in him. The second topic dealt with the applied criticism in Ibn- jinni، and it had two chapters the first one dealt with his criticism of the expressions، and the second dealt with his criticism of syntax. The references of the study were derived from two sources: the first one is the books of Ibn- jinni، and the size of the critical material derived from them was varied. The second one is of two types، The first is the syntactic، morphological، phonetic books، and maihly the book of sibawayh and Al- muktathab of Al - mubar’d، the second type is the ancient and the modern critical books. The most important results I reached are:-

1-  The critic must have a wired scientific abilities and a unique talent to enter to the world of criticism، and Ibn - jinni is considered as an encyclopedic scientist who possessed the reins of language، and who polished his tact so he was a linguistic critic who cant be surpassed.

2-  The standard of oddity is depending on confirmed foundations which should be regarded before giving a judgment، they are time، place، and the linguistic group.

3-  The criticism of the linguistic novel is a science which still needs research and knocking، this by criticizing the linguistic heritage which is narrated and found inside dictionaries، so no hand moves its quietness unless scarcely.

4-  Criticism in Ibn -jinni is something obliged on all levels and it should be done so that the bases of linguistics would rise.

5-  Objectivity leads criticism to validity and the stability of the judgment، and the matter of the doctrinal، scholastic dispute between al-basrah and Al- kufa resulted in many times to missing the characteristic of objectivity in judgments.

6-  Ibn - jinni ascribed the judgment of composition and in creasing in the speech of the Arab on some trusted scientists to a suspicion faced by the narrator or to some one who took from him، and the understanding of the defected critic was lacking because it was for from objectivity. mostly Ibn - jinni explains his critical judgments and he scarcely leaves them without explanation.

7-  Ibn - jinni considers going out the linguistic standard in some situations as a linguistic device to achieve a moral purpose from the kindness of the poet and his good composition.

8- Not asserting the wrong judgment، so Ibn - jinni leaves the door open for the probability of hearing from the Arab، and Arabic is wide and cant be perceived in a whole.

9- The poet، Ibn - jinni، don’t fear criticism of blame if he brings something new or if he violates a linguistic rule، because violation is not a grave or a serious matter، and his intention may not be achieved unless by it.

ابن جني ناقدًا لغويًا

أبو الفتح عثمان الموصلي، وقيل: إن (جني) معرب (كني) ومعناه (كريم)، (نبيل)، (جيد التفكير)، (عبقري)، (مخلص) ولد في الموصل (320) لزم أبا علي أكثر من أربعين سنة، وعندما توفي أبو علي سنة (ت 377 هـ)، تصدر أبو الفتح مكانه للتدريس في بغداد حتى توفي سنة (392هـ).

ولابن جني جهود لا تغفل في الدرس العربي، فهو قد امتلك عقلية فذة من طراز عقلية الخليل، لذا تناول المحدثون مصنفاته بالدرس والتحليل ومع هذا التناول الكبير أغفل المحدثون دراسته كناقد لغوي وقد وجدته موضوعًا يسد نقصًا.

وقد استدعت طبيعة البحث أن يكون في بابين، تناولت في (الأول) قضايا نقدية عامة عند ابن جني، وقد تضمن ثلاثة فصول، درست في الأول نقده الرواية، أما في الثاني نقده العلماء، أما في الثالث الضرورة الشعرية عنده. أما الباب الثاني فقد تناولت فيه النقد التطبيقي عند ابن جني، وهو في فصلين، (الأول): نقده الألفاظ، و(الآخر): نقده النحو.

وقد استقيت مصادر البحث من منهلين، (الأول): كتب ابن جني، وقد تفاوتت حجم المادة النقدية المستخرجة منها أما المنهل الثاني فقد كان على قسمين، (الأول): الكتب النحوية والصرفية والصوتية والتي على رأسها كتاب سيبويه والمقتضب للمبرد، أما (الآخر): الكتب النقدية القديمة والحديثة. أما أهم النتائج التي توصلت إليها فهي:

1- لابد للناقد من امتلاك قدرات علمية مكتسبة وموهبة فذه للولوج في عالم النقد، ويعد ابن جني عالما موسوعيا ملك زمام اللغة، وسقل ذوقه فكان ناقدًا لغويًا لا يبارى.

2- يستند معيار الغرابة على ثوابت يجب مراعاتها قبل إصدار الحكم هي: الزمان والمكان والجماعة اللغوية.

3- نقد الرواية اللغوية علم ما يزال يحتاج إلى بحث وتنقير، وذلك عن طريق نقد التراث اللغوي المروي الذي آوى في بطون المعاجم، فلا يد تحرك سكونه إلا فيما ندر.

4- النقد عن ابن جني على جميع مستويات اللغة مفروض لابد منه لقيام أركان علم اللغة.

5- الموضوعية تقود النقد إلى الصدق وثبات الحكم، ومسألة النزاع المذهبي المدرسي بين الكوفة والبصرة، أدى في كثيرٍ من الأحيان إلى فقدان سمة الموضوعية في الأحكام.

6- يرجع ابن جني حكم الوضع والتزيد في كلام العرب على بعض العلماء الثقات إلى: شبهة عرضت للراوي أو لمن أخذ منه، وقصر فهم الناقد المتعيب الذي هو بعيد عن الموضوعية. غالبًا ما يعلل ابن جني أحكامه النقدية ويفسرها، ونادرًا ما يتركها غفلًا دون تعليل.

7- يعد ابن جني الخروج عن المعيار اللغوي في مواقف لغوي لتحقيق غاية معنوية من لطف الشاعر وحسن نظمه.

8- عدم القطع بحكم الخطأ، فابن جني يترك الباب مفتوحًا لاحتمال ورود سماع عن العرب، فالعربية واسع مترامية الأطراف، لا تدرك كلها.

9- إن الشاعر عند ابن جني لا يخشى النقد أو اللوم، إن أتى جديدًا أو خرقًا لقاعدة لغوية. فالخرق ليس بالأمر الجلل الخطير. فمراده قد لا يسفر إلا به.