أبو العلاء العطار وجهوده اللغوية

ملخص الرسالة

أبو العلاء العطار وجهوده اللغوية

الحمد لله الذي بنعمته وفضله تتم الصالحات وتغفر الزلات، وأصلي وأسلم على محمد وآله وأصحابه فخر الكائنات وبعد:

فقد كان من دواعي سروري وفرحة جناني أن حصلت الموافقة على أن يكون موضوع أطروحتي في الدكتوراه دراسة جهود هذا العالم المفضال، لاسيما أني أردت إكمال مسيرتي العلمية بعد أن وجهت جهودي في مرحلة الماجستير نحو المعاني في دراسة جادة لجهود عالم مفضال آخر وهو الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي.

فأحببت أن أتواصل في الدعوة إلى الرجوع بالنحو العربي إلى مصادره الأصلية ثم فقهه، ولا يتحقق ذلك إلا بدراسة النحو على أساس المعنى.

وقد أتحفني أبو العلاء العطار بكثرة الأوجه الاعرابية ذات الدلالات المعنوية المختلفة من خلال دراسة مؤلفه (الهادي في معرفة المقاطع والمبادي).

وكذلك استطعت أن أستخرج منه الصور التعبيرية المختلفة من خلال دراسة العطار للقراءات القرآنية المتواترة والشاذة، وهو يبين أثرها في تغير المعاني المؤدية الى تغير الوقف.

أما دراسته الصرفية - فهي على قلتها - اهتمت بالدراسة الدلالية الصرفية لبعض الألفاظ وتغيرها تبعًا لتغير أوزانها، ومن جانب آخر ذكر بعض المسائل الصرفية كالإبدال وغيرها.

أما دراسته الدلالية فكانت واضحة جدًا في مؤلفاته، وكان بحثي فيها متواضعًا كراهة التكرار، لأنها درست في رسالة ماجستير بعنوان (الدلالة عند العطار الهمذاني في كتابه الهادي في معرفة المقاطع والمبادي)، فبحثت ما فات الباحث وأضفت اليه البحث الدلالي في بقية مؤلفات العطار، وركزت على دلالة الألفاظ.

أما دراسته الصوتية فكانت متصلة بعلمي القراءات والتجويد إذ أثبت العطار تمكنه ومعرفته الدقيقة الواسعة بهذين العلمين من خلال مؤلفيه (التمهيد في معرفة التجويد، وغاية الاختصار في قراءات العشرة أئمة الأمصار). فذكر في الأول مخارج الأصوات وصفاتها وما يتصل بها، وذكر في الثاني أهل القراءات العشرة وأسانيدها وأثر القراءات القرآنية في خصائص بعض الأصوات وصفاتها.

فكانت أطروحتي (أبو العلاء العطار وجهوده اللغوية) مشتملة على: فصل تمهيدي، ومقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة.

أما الفصل التمهيدي: فتضمن (السيرة والمؤلفات) وكان على مبحثين، الأول: اختص بسيرة أبي العلاء الحياتية والعلمية، والثاني: أدرجت مؤلفات العطار المطبوعة والمخطوطة والمفقودة مع بيان موجز للأثر اللغوي في مؤلفاته التي وصلتنا لحين إعداد هذه الأطروحة.

وتضمن الفصل الأول (الدراسة الصوتية) أربعة مباحث، الأول: في مخارج الحروف وصفاتها، والثاني: الظواهر الصوتية للصوامت والثالث الظواهر الصوتية للمصوتات، والرابع: أصوات المد وعلاقتها بالصوامت والمصوتات وأنواع المدود ومقاديرها وعيوبها.

واشتمل الفصل الثاني (الدراسة الصرفية والنحوية) على مبحثين، الأول: ذكر بعض القضايا الصرفية التي تناولها العطار حين عرض لبعض الألفاظ التي وردت في بعض النصوص وتغير معانيها تبعًا لتغير أوزانها.

والمبحث الثاني اختص بالدراسة النحوية وتضمن دراسة التركيب النحوي من خلال تعدد الأوجه الأعرابية في الجمل الاسمية والفعلية والأساليب التي أدت إلى اختلاف التأويل ومن ثم اختلاف المعاني التي غيرت أنواع الوقف والابتداء في النصوص القرآنية التي عرضها.

وتضمن الفصل الثالث (الدراسة الدلالية) مبحثين: الأول في دلالة الألفاظ، والثاني: في دلالة التراكيب.

واشتمل الفصل الرابع (منهجه) على أربعة مباحث: الأول منهجه في استعمال المصادر اللغوية وغيرها، والثاني: منهجه في استعمال الشواهد الشعرية والنثرية كالنصوص القرآنية وأمثال العرب وأقوالهم، والثالث استعماله للمصطلحات اللغوية وغيرها والرابع: ذكرت فيه أهم الخصائص المنهجية التي استعملها العطار في ترسيخ مفرداته وكانت متمثلة في جمع آرائه، وترجيحاته، واستعماله لبعض القراءات الشاذة، واستعماله للتأويل النحوي، لما للأخرين من دور مهم في تغير المعاني.

وأخيرًا جاءت الخاتمة، وما طهرت بنودها إلا بعد مشقة كبيرة وجهد مبذول استنزف طاقة الباحث القصوى لا سيما وهو يحاول فهم مواد لغوية متنوعة لعالم متأخر عرض مادته عرضًا وفسر بعضها وترك بعضها الآخر غفلًا مما كلف الباحث الرجوع الى المصادر الأصلية في علوم اللغة كافة وعلم القراءات والتفسير والتجويد وغيرها من المصادر الأخرى التي صعب على الباحث الرجوع إليها إلا بمشقة كبيرة.

ولا أستطيع أن اتجاهل جهود بعض الأساتذة الأفاضل والزملاء وما قدموه من استشارات أمينة ومصادر نادرة، وأخص بالذكر منهم أستاذي الدكتور غانم قدوري الحمد الذي جعل بين يدي مؤلفات العطار وأعارني بعض المصادر الأخرى هذا فضلًا عن تحليه بالخلق الرفيع والصبر العظيم وهو يشرف على الباحث كي يصل به الى المستوى المطلوب فجزاه الله خير الجزاء.

ولابد أن اشكر الأستاذة الدكتور سهيله طه محمد، لقبولها إكمال الإشراف بعد انشغال أستاذي المشرف بمنصب رئاسة الجامعة.

ولايفوتني أن أسجل شكري وتقديري إلى مكتبات بلدي العظيم وأخص بالذكر بغداد الحبيبة ومكتباتها العامة، ومكتبة الدراسات العليا في كلية الآداب جامعة بغداد، ومكتبة سامراء العامة ومكتبة تكريت العامة، ومكتبة الدور العامة ومكتبة كلية التربية بجامعة تكريت، ومكتبة قسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة تكريت.

وكذلك شكري وتقديري لرئاسة جامعة تكريت، وعمادة كلية التربية وقسم اللغة العربية، لما أبدوه لي من تعاون إداري وتهيئة الأساتذة الأفاضل المناقشين وأخص بالذكر منهم الذين تجشموا عناء السفر، وأدعوا الله للجميع بالموفقية في تقويم هذا البحث كي يأخذ طريقه لخدمة اللغة العربية وطلابها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الخاتمة:

بعد الانتهاء من تشعبات هذا البحث والمحاولة الجادة في فهم نصوص العطار، لاسيما التي تركها غفلًا، أستطيع القول إن أبا العلاء العطار الهمذاني:

1) عالم عامل تمتع بعلم نافع،أساسه نشأة صالحة، تمثلت بعقيدة إيمانية صافية.

2) توسع في علم القراءات، حتى أصبح إمامًا لها في المشرق، كما كان الداني في المغرب، وتفوق العطار بسعة الرواية.

3) استطاع أن يدرس علم الأصوات - وهو أحد فروع اللغة المهمة - دراسة عميقة تمثلت بمعرفة مخارج الأصوات وصفاتها وما يتصل بها، فاستأنس بآراء الخليل وأخذ بآراء سيبويه وابن جني في مخارج الأصوات وصفاتها، واستعمل عبارات النحويين واللغويين نصًا ومعنى، كاستعماله نص عبارات ابن جني في أغلب الأحيان، لا سيما في ذكره لمخارج الأصوات، وأصل الحركات وغيرها، واستعمل نص عبارات ابن دريد في تعريفه لبعض أعضاء النطق، كالخيشوم وغيره، مما يؤكد الرواية التي نقلت عنه أنه حفظ كتاب الجمهرة، فضلًا عن رجوعه اليه في أغلب المعاني المعجمية التي ذكرها.

4) كان له ذوق خاص في علم الوقف والابتداء وذلك من خلال ترجيحه لبعض الأوجه الإعرابية والقراءات المؤدية الى اختلاف التأويل وبالتالي تغيرنوع الوقف تبعًا للمعنى الجديد، ولم يبتعد العطار عن الأصول التي وضعها علماء الوقف والابتداء من ناحية أنواع الوقف وموانعه وأسبابه، فوافق بعض العلماء في أغلب أنواع الوقف التام ورجح بقية الأنواع تبعًا لترجيحه أحد الأوجه النحوية المؤدية إلى اقتناعه بالمعنى الجديد المناسب للسياق، واستعمل الوقف المراقب وقف البيان وعرف كلًا منهما، في حين لم يعرف بقية أنواع الوقف ووافق ابن الانباري في استعمال الوقف الحسن في اغلب النصوص، مما شاع عنده استعمال الوقف الحسن في اكثر النصوص بالنسبة لبقية الأنواع.

5) كان غالبًا ما يستعمل المصطلحات النحوية البصرية، مما يدل على أنه يميل إلى المذهب البصري ولم يذكر المصطلحات الكوفية إلا عند نقله من مصادر أهل الكوفة في أغلب الأحيان، ونقل في بعض المسائل آراء كلا الفريقين ولم يرجح في أغلبها.

6) ذكر بعض المسائل العربية التي تعلقت بدلالة بعض الألفاظ، وتغيرها تبعًا لتغير أوزانها، واستعمل بعض مصطلحات الصرفيين، وعلق على بعض ما يصيب الأصوات من تداخل وإبدال.

7) ذكر المسائل الدلالية وأثرها على تغير نوع الوقف، وركز على التي اختصت بالتركيب فيتغير من خلالها نوع الوقف، وأكثر من ذكر دلالة بعض الألفاظ على وجه المعرفة المعجمية لا غير كما فعل من سبقه من العلماء الذين خاضوا في هذه العلوم، واستعمل لذلك أمهات المعاجم كالعين والجمهرة وغيرها، وأكثر من استعمل الجمهرة.

8) استعمل المصادر الأصلية في كل نوع من العلوم التي ذكرها واقتبس منها ما يوصل مادته، ولم يصرح بأغلب هذه المصادر التي نقل منها كما لم يصرح بأسماء مؤلفيها.

9) استشهد بالشواهد الشعرية الفصيحة، واستعمل بعض شواهد النحاة واللغويين وبين دلالة ألفاظ بعضها واستشهد على صحة معاني هذه الألفاظ بشواهد شعرية أخرى فصيحة. واستشهد بالشواهد النثرية القرآنية والقراءات الصحيحة والشاذة، واستشهد بأقوال العرب وأمثالهم. ولم يخرج في جميع هذه الشواهد عن عصر الاستشهاد.

10) لم يخالف العطار علماء التجويد وسار على نهجهم في الأصول وأفاد من هذا العلم ووضح وفسر بعض نصوصهم، وأختار ورجح بعض المسائل ورد بعضها الآخر، واستعمل بعض الالفاظ المعجمية للتعبير عن بعض المصطلحات الصوتية كالهرهرة والذوائب وغيرها.

11) اختصت دراسته النحوية بذكر الأوجه الاعرابية والتأويلات والتقديرات التي نقل أكثرها من كتب الوقف والابتداء وكتب معاني القرآن واعرابه، مما ادى الى ظهور تأويل نحوي اذ ولد معاني جديدة لبعض النصوص تغير من جرائها نوع الوقف ونسب بعض الآراء النحوية وترك أغلبها غفلًا ورجح بعضها مستشهدًا بشواهد النحاة.

12) أكثر من الاستشهاد بالقراءات القرآنية المتواترة والشاذة في تغير الأوجه الأعرابية ومن ثم تغيير المعاني وبالتالي تغير نوع الوقف، ورجح بعضها.

♦    ♦    ♦

Abstract

Abu - AL- Alaa’ AL - Attar and

His Linguistic Efforts

Abu AL- Alaa’ AL- Attar took grent care in studying Arabic linguistics for it’s direct link to the Quranic sciencers such as tonality and recitation of the Holy Quran.

Abu AL-Alla’ studied the science of recitation and became its Imam in the eastern part of Arab Homeland. He acquired good reputation in the science of “Hadith.”

He depended on linguistic, phonological, syntactic، morphologica and semantic devices in understanding the Quranic texts and the different meanings expressed by these sublime texts.

He paid also great attention to tonality and employed syntax in understanding it. He proved the strong relationship between tonality and syntax, and the different parsing possibilities and interpretations which affect meaning and in result affect tonality, so he quoted some of the grammarians’ opinions and examples. He also quoted opinions of the recitation scholars adopting some of those opinions once and giving his own opinion another time according to the different syntactic inter pretations.

He studied also the recitation of the Holy Quran and employed phonology in this study.

He proved the relationship between them in the area of place of articulation and the description of speech sounds. He explained some of these Phonological terms and quated the opinions of the recitationists of the Holy Quran.

المحتويات