• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل دكتوراة
علامة باركود

تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر

محمد الأمين البزاز

نوع الدراسة: PHD resume
البلد: المغرب
الجامعة: جامعة محمد الخامس
الكلية: كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط
التخصص: التاريخ
العام: 1412 هـ- 1990 م

تاريخ الإضافة: 10/6/2020 ميلادي - 18/10/1441 هجري

الزيارات: 22088

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب

في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر

 

المقدمة:

من المعروف أن الاخباريين المغاربة كانوا يوجهون عنايتهم إلى الوقائع الحربية والتقلبات السياسية، معتبرين إياها جوهر الماضي الحري بالاعتبار، كما أن اهتماماتهم في هذا المجال كانت تتجه بالخصوص إلى النواحي الإيجابية المشرقة لا النواحي السلبية. فقد اهتمت بفترات الازدهار وما حققه المغرب من انتصارات دون الاهتمام بدراسة قصوره وفشله، اللهم إلا من نتف ضئيلة إلى بعض هذه الجوانب السلبية التي لا تبدل الصفة الغالبة في كتاباتهم باعتبارها سجلًا للحكام والحروب. ومن الجوانب التي مروا عليها سريعًا، والتي لم تنل إلى اليوم ما تستحقه من عناية الدارسين، جانب الأزمات الديموغرافية المتولدة عن المجاعات والأوبئة. والحال أن هذه الظواهر ملأت، من حيث كثرتها، سجل تاريخ المغرب، وشكلت إحدى أبرز محطاته بما كان ينشأ عنها من خراب ودمار، وما كانت تتركه من آثار بعيدة الغور في كافة الميادين - لذلك رأيت من المفيد بحث هذه الظوهر وصفًا وتحليلًا بغية استشكاف ترابطاتها العضوية مع مكونات النسق الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي.

 

ولقد كان البحث الذي أنجزته من أزيد من عشر سنوات عن "المجلس الصحي الدولي بالمغرب" بداية لاهتمامي بهذا الموضوع. ثم تقوى عزمي في إنجازه بعد أن تبين لي، من خلال ما اطلعت عليه من أبحاث ودراسات؛ أنه من بين المواضيع التي جنبت اهتمام الباحثين على النطاق العالمي منذ أزيد من خمسين سنة. بحيث إن دراسة المجاعات والأوبئة قطعتا اليوم شوطًا بعيدًا في أوربا، خاصة على يد مدرسة الحوليات الفرنسية.

 

وعلى ضوء ما توصل اليه الباحثون في هذا الميدان تتجلى مدى الفائدة التي يمكن أن يجنيها المؤرخ من دراسة هذه الظواهر واستغلالها كأدوات في التعليل التاريخي لكثير من المنعرجات الحساسة والنقاط الغامضة في التاريخ. هذا فضلًا عن أن دراستها لا تبتعد بنا عن مشاغل وهموم عالمنا المعاصر. فالمجاعة والوباء ما يزالان اليوم يطفوان على سائر الاهتمامات في كثير من أقطار العالم ويثيران فيها ما يثيران من قلق ومخاوف. والمورخ مدعو لتسليط الأضواء التاريخية عليهما، لا لمجرد الرغبة في المعرفة بوقائع الماضي بل وكذلك لإغناء الفكر واستخلاص العبر لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.

 

هذه هي الحوافز التي جعلتني أختار مجاعات وأوبئة المغرب موضوعًا لهذا البحث. والحقيقة أن الموضوع متشعب، واسع، بل يكاد الاتساع فيه يكون غير محدود. فتناول المجاعة والوباء يقع على مفترق عدد من فروع المعرفة وميادين البحث، تتصل بالتاريخ وتتعداه إلى آفاق أخرى تلتقي فيها الأسئلة الجغرافية بالتعليلات السوسيو/اقتصادية والطبية والتحليل النفسي؛ بحيث إن مشروعًا من هذا النوع لا يمكن أن يكون إلا ثمرة عمل منسق من قبل مجموعة من الباحثين. مع ذلك خضت المغامرة وأنا مدرك بأنه يتوجب علي دفع الضريبة الإجبارية التي لابد وأن تقع على كاهل من يرتاد منفردًا هذا الموضوع الشائك.

 

وقد اخترت القرنين الثامن عشر والتاسع عشر امتدادًا زمنيًا للبحث لعدة اعتبارات:

♦ إن أوبئة ومجاعات المغرب في القرنين السادس عشر والسابع عشر أصبحت اليوم معروفة بفضل الدراسة القيمة التي أنجزها روزنبرجي والتريكي والمنشورة في مجلة "هسبريس".

 

♦ إن القرنين الثامن عشر والتاسع عشر يغريان بالبحث في هذا الموضوع لكثرة الأوبئة والمجاعات، وكذلك للظروف المستجدة مع التسرب الأوربي مما يتيح إمكانية توسيع إطار التحليل.

 

♦ إن دراسة الأوبئة والمجاعات في القرنين المذكورين تتيح لنا إمكانية مقاربة سبب آخر من أسباب تأخر المغرب واتساع الهوة بينه وبين أوربا. ففي الحقبة نفسها استراحت القارة الأوربية من ويلات هذه الكوارث، وعرفت بالتالي تزايدًا ديموغرافيًا هامًا ساعدها على إنجاز ثوراتها الفلاحية والصناعية، كما ساعدها على التوسع الاستعماري، بينما بقي المغرب خاضعًا للكوابح المالتوسية التي كانت تستهلك رأسماله البشري وتساهم في تأخره.

 

مصادر البحث:

إن العديد من المصاعب تعترض سبيل من يتصدى للبحث في مثل هذا الموضوع. فتقييد المواليد والوفيات، وتحديد نوعية الأمراض التي تسببت في الوفاة، لم يكن شيئًا معروفًا في مغرب الأمس. فنحن لا نتوفر هنا على ما توفرت عليه بلدان أخرى من حالة مدنية وسجلات كنائسية ومستندات إدراية وغيرها من المعطيات الدقيقة التي أتاحت لدول أوربا وضع معالم لتاريخ سكانها. إلا أن المجاعات والأوبئة تركت بصماتها في المصادر والوثائق التي كانت معتمدنا في هذا البحث.

 

1- المصادر والوثائق المغربية:

من الأقوال التي تتردد كثيرًا أن ما كان يثير انتباه الإخباريين المغاربة على الخصوص هو ما كان يعكر المجرى الطبيعي للأمور، كالمجاعة والوباء. هذا صحيح. لكن علينا أن نضيف أنهم كانوا يمرون عليهما سريعًا ويقتضبونها اقتضابًا وكأنهم لم يروا فائدة في إثقال ذاكرتنا بالإطالة في ذكر هذه الأمور التي كانت على أية حال عادية في عصرهم وفي محيطهم الذي ألف هجمات الموت في حياتهم اليومية. قد نلتقط هنا وهناك إشارات إلى "الغلاء" و"المسغبة"، وإشارات أخرى إلى "الوباء" و"الطاعون". مقابل ذلك نجد صمتًا يكاد يكون تامًا عن انتشار المجاعات والأوبئة وعن عدد الضحايا. كان يلزم وقوع شدة طاحنة، ووجود إخباري نبيه، لكي نحصل على بعض التفاصيل. وحتى في هذه الحالة غالبًا ما يكتفي هذا الاخباري النبيه بالإشارة إلى ما حل من ويلات بالمدينة التي يعيش فيها. بيد أن تصفح كتب الرحلات والتراجم وبعض التقاييد أعطى بصيصًا من الضوء كما تجدر الإشارة إلى تلك الذخيرة من الأدب الفقهي المتمثل في "رسائل الطواعين" التي ظلت إلى اليوم مغمورة في دور المخطوطات المغربية، والتي ساعدتنا بالخصوص على تحديد طبيعة التفكير السائد في الفترة موضع الدراسة في مواجهة مشكلة الوباء وردود فعل ذلك الفكر تجاه المستجدات الأوربية الوافدة لحل هذا المشكل.

 

أما بخصوص الوثائق المغربية، التي استحوذت على معظم مصادر هذا البحث، فقد استقيتها أساسًا من الخزانة الحسنية ومديرية الوثائق الملكية بالرباط. ولا حاجة هنا إلى ذكر المصاعب التى واجهتني في جمع هذه الوثائق، فكل باحث لابد ملاق أشباهًا لها ونظائر. لكن ثمة صعوبة منهجية لابد من الإشارة إليها وعلي الانعدام شبه التام لهذه الوثائق بالنسبة للقرن الثامن عشر، بحيث إنها لا تبدأ في إفادتنا إلا مع بداية القرن التاسع عشر. وبغض النظر عن هذه المفارقة، فإن الحصيلة التي تمكنت من جمعها كانت هامة جدًا سواء من حيث كميتها أو قيمتها.

 

2- الوثائق الأجنبية:

استأثرت المجاعات والأوبئة باهتمام الأوربيين المقيمين بالمغرب خلال القرن التاسع عشر، سيما أنها كانت تشكل خطرًا على سلامتهم وتؤثر في حالة الأسواق. وقد انعكس ذلك الاهتمام في التقارير والمراسلات التي كان السفراء الأجانب بطنجة، وقناصلهم بالمراسي المغربية، يوجهونها يوميًا إلى حكوماتهم عن حالة البلاد والسكان في تلك الأوقات العصيبة، والتي كانت حافلة بمعلومات مفصلة عن الأسعار، واتساع أحزمة الجوع والوباء، والنزوح القروي، والآثار الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذه الكوارث. كما تجدر الإشارة إلى التقارير التي وضعها الأطباء الأجانب، المستوطنون المغرب، أو الذين قدموا إليه بناء على طلب "المجلس الصحي الدولي" لدراسة الأوبئة في عين المكان، كتقارير لينارس، وأوليف، ومرتينيز، عن كوليرا 1878، وتقريري سوليي وأوفيلو عن كوليرا 1895.

 

بيد أن هذه الوثائق توجد اليوم موزعة على دور الأرشيفات بالعواصم والمدن الأوربية، مما تطلب مني القيام بأسفار متعددة للاطلاع عليها والاستفادة منها في عين المكان. وقد ترددت بالخصوص على مركزي الوثائق الفرنسية بوزارتي الخارجية والحربية بباريس وفانسين، وستفدت أيما إفادة من الوثائق الدبلوماسية بمدينة نانت، التي توجد بها اليوم المجموعة الكاملة لوثائق السفارة الفرنسية سابقًا بطنجة، كما استفدت من وثائق رئاسة الحكومة الاسبانية بمدريد التي تضم مجموعة ضخمة من الوثائق المتعلقة بالمغرب والتي لم تستغل إلى اليوم، وحصلت من دار الوثائق الوطنية بواشنطن على مجموعة من الميكروفلمات عن وثائق القنصلية العامة للولايات المتحدة سابقًا بطنجة تغطي الحقبة الممتدة من نهاية القرن الثامن عشر إلى بداية القرن العشرين.

 

بذلك يتضح أن المشكل الذي طرح علي لم يكن قلة المادة وإنما كثرتها، وقد تطلبت مني وقتًا طويلًا ونضالًا مريرًا لجمعها وتصنيفها ودراستها. مع ذلك فإن هذه الوثائق الأجنبية لم تخل من طرح صعوبات منهجية، من أظهرها عدم تكافئها في الزمان والمكان. فهي تقل كثيرًا بالنسبة للقرن الثامن عشر، وتكثر بالنسبة للقرن التالي. أما من حيث المكان، فهي تتعلق أساسًا بالحالة في المراسي التجارية ولا تتضمن سوى معلومات مقتضبة عن المناطق الداخلية.

 

بفضل ما وفرته هذه المصادر من معلومات أمكن هيكلة البحث في ثلاثة أبواب:

جعلت الباب الأول تحت عنون "المغرب بين المجاعة والطاعون والحروب الأهلية"، ويمتد في الزمان من 1721 إلى 1826، وبد قسمته إلى مدخل وثلاثة فصول. خصصت المدخل للقيام بإطلالة على الواقع السياسي وعدد السكان وعلاقتهم بالأرض. وتعرضت في الفصل الأول للكوارث الطبيعية التي بدأت منذ السنوات الأخيرة من عهد مولاي اسماعيل ثم تلاحقت في عهد خلفائه متزامنة مع دوامة الحروب الأهلية. وبينت كيف أن هذه الكوارث خلفت من الدمار ما لا تذكر معه الخسائر في الحروب، وأبرزت نتائجها على الصعيدين الديموغرافي والاقتصادي، وعللت على ضوئها ظهور بعض الحركات المهدوية التي استمدت ذرائعها وبراهينها من الرواسب النفسية التي خلفتها هذه الكوارث في الذهنية الجماعية. ووضحت في الأخير كيف أن السلطان سيدي محمد بن عبد الله استفاد من هذه الحالة النفسية لإعادة الاستقرار والهدوء إلى البلاد.

 

وكرست الفصل الثاني للمجاعة التي اعترضت عهد هذا السلطان في سنوات 1776 - 1782، وبينت دورها في تقلص مداخيل المخزن وفتحها المجال أمام الاضطرابات مما يعطي فكرة عامة عن نتائج القحط والجوع التي تجمعت لتحجب معالم قوى الحكم المركزي.

 

ودرست في الفصل الثالث الطاعونين الجارفين في سنوات 1798-1800 و1818-1820، ثم المجاعة التي ألمت سنتي 1825-1826، فتتبعت هذه الكورث في الزمان والمكان، وقدمت ما يكفي لإثبات مدى النزيف الديموغرافي الذي تسببت فيه. وتوقفت عند آثارها في القطاع الفلاحي موضحًا كيف أدت إلى تخريب شروط أي تطور أو تراكم في الخبرات والمهارات. كما حاولت أن أعلل على ضوئها الأحداث التاريخية التي تزامنت معها، كثورات الجبليين وهزيمة زيان..

 

وقسمت الباب الثاني، الذي يحمل عنون "المغرب بين التسرب الأوربي والكوليرا والمجاعة" إلى الفصول التالية:

الفصل الأول: "قطيعة التوازن الاجتماعي والاقتصادي"، وهو مخصص لرصد آثار التسرب الأوربي على مستوى معيشة السكان.

الفصل الثاني: "سلسلة من الكورث (1834-1860)".

الفصل الثالث: "كارثة 1868-1869"

الفصل الرابع: "كارثة 1878-1883".

الفصل الخامس: "استراحة قصيرة (1885-1889) وسلسلة جديدة من النكبات (1890-1896)".

 

أما الباب الثالث والأخير فقد خصصته لردود فعل السكان وتدخل المخزن في تنظيم الغوث للمنكوبين، كما تعرضت فيه لمنظور الفقهاء إلى ظاهرة الوباء وموقفهم من الحجر الصحي.

 

خاتمة:

إن مشكلة التخلف، التي ما يزال المغرب يعاني منها وهو على عتبة العقد الأخير من القرن العشرين، صيرورة تاريخية معقدة، تتداخل أسبابها وتتشابك، بحيث يكون من الصعب عزل عامل واحد وجعله مسؤولًا. ولست أريد هنا أن أتخذ موقفًا من النقاش الذي احتدم بين الباحثين حول هذه الأسباب. لكن الملاحظة التي تبرز تلقائيًا على ضوء هذا البحث هي أن المجاعات والأوبئة كانت من بين الخوانق على درب التنمية، بحيث إنها لم تخلق أمام مغرب الاهس ظروفا مناسبة للإقلاع.

 

بدا هذا الانهيار الديموغرافي يأخذ أبعاده الخطيرة منذ القرن الرابع عشر مع الطاعون الأسود، ثم تلاحق في العصور التالية بتكرر موجات القحوط والأوبئة، مما كان يؤدي دوريًا إلى التقوقع الاجتماعي والانكماش الصناعي والتجاري، وإتلاف التجهيزات، وتخريب شروط الاستقرار الحيوية لانتشار الزراعة وتهدمها، ويحكم على الهياكل الإنتاجية بالثبات والركود. كما كانت معالم الثقافة تنطمس، وتصبح المساجد، التي باهت برحابها وخزائن كتبها، قاعًا صفصفًا، وأفناء خاوية لا حياة للعلم فيها.

 

كانت أوربا، قبل تصنيعها، تعاني هي الأخرى من هذه الويلات. لكن القارة تجندت منذ وقت مبكر للدفاع عن بلدانها ضد الأوبئة السارية عن طريق الأخذ بنظام الحجر الصحي، مما جعلها تكسب عنصر تفوق آخر في الوقت الذي أخذت تشق طريقها نحو الرقي. وقد تكرس تفوقها في هذا الجانب مع انحسار موجة المجاعات بها ابتداء من القرن الثامن عشر، وشهدت بالتالي تزايدًا ديموغرافيًا هامًا كان له تاثير ظاهر على ازدهار النظام الرأسمالي لاستفحال شأنه. إذ مما لا شك فيه أن نمو عدد السكان وفر الأيدي العاملة اللازمة للنهوض بالمشاريع الجديدة والعمل فيما يؤمن أود عدد كبير من المستهلكين. كما كان من نتائجه تضخيم الأسواق وتنشيط الأعمال التجارية.

 

وفيما كانت أوربا تعيش ثورة سياسية واقتصادية عاصفة، وتتحرك بسمعة نحو التراكم المجدد لرأس المال، بقي المغرب، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بلدًا يعيش على أنماط الإنتاج والتجارة القائمة على التراث القروسطي، تستهلك الأوبئة والمجاعات رأسماله البشري. لذلك لم يكن له مفر من الوقوع لقمة سائغة للرأسمال الأجنبي.

 

ولقد أشرنا في فصول هذا البحث إلى أن الأوربيين رعوا الجوع في المغرب، بل وعملوا على توسيع نطاقه بطرق مباشرة وغير مباشرة، وهذا يعني أن العوامل الخارجية تفاعلت مع العوامل الطبيعية بطريقة جدلية لتكريس التخلف الذي ما تزال البلاد تجتر آثاره إلى اليوم.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • معجم علماء التاريخ بالمغرب الأقصى لعبد اللطيف الخلابي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التعليم العتيق بالمغرب: عراقة التاريخ وتحديات الحاضر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مختارات من "عنوان المجد في تاريخ نجد" المعروف بــــ "تاريخ ابن بشر"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البهاء في تاريخ حضرموت أقدم تاريخ حضرمي مرتب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التصوف في التاريخ العربي والإسلامي: نشأته، مصادره، تاريخه، تياراته، آثاره (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف نقرأ التاريخ؟ قراءة التاريخ لغير المتخصصين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة زبدة الأعمال وخلاصة الأفعال في تاريخ مكة والمدينة الشريفة (منتقى من تاريخ مكة للأزرقي)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • صراع الحضارات المزعوم من منظور تاريخ العلم: تاريخ الرياضيات العربية مثلا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة - السفر الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بين فلسفة التاريخ وتاريخ الفلسفة(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب