• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    التربية الإسلامية للأولاد: أمانة ومسؤولية شرعية
    محمد إقبال النائطي الندوي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (5) دعم الأهل: رافعة النجاح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المشاكل الأسرية وعلاجها في ضوء السنة النبوية
    مرشد الحيالي
  •  
    الدخول المدرسي 2025 وإشكالية الجودة بالمؤسسات ...
    أ. هشام البوجدراوي
  •  
    المحطة الرابعة والعشرون: بصمة نافعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (4) إدارة الوقت: معركة لا تنتهي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الإدمان في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد ...
    حسام الدين أبو صالحة
  •  
    المحطة الثالثة والعشرون: عيش اللحظة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (3) الفشل خطوة نحو القمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أطفال اليابان رجال الميدان
    بدر الدين درارجة
  •  
    الآباء سند في الحياة
    شعيب ناصري
  •  
    الإسلام والتعامل مع الضغط النفسي
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    ضرب الأطفال في ميزان الشريعة
    د. لمياء عبدالجليل سيد
  •  
    المحطة الحادية والعشرون: الانضباط الذاتي
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

علم الأنبياء عليهم السلام (1) آدم عليه السلام

علم الأنبياء عليهم السلام (1) آدم عليه السلام
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/8/2018 ميلادي - 18/12/1439 هجري

الزيارات: 27267

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علم الأنبياء عليهم السلام (1)

آدم عليه السلام


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 2 - 4]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَامْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ فَعَلَّمَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَمَا يَضُرُّهُمْ، وَبَصَّرَهُمْ بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَمَا يُبْعِدُهُمْ عَنْهُ، وَهَدَاهُمْ لِمَا يُصْلِحُهُمْ فِي شُؤونِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 239]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حَضَّ عَلَى الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاطْلُبُوا الْعِلْمَ دَهْرَكُمْ؛ فَإِنَّهُ لَا صَغِيرَ مَعَ الْعِلْمِ، وَلَا كَبِيرَ مَعَ الْجَهْلِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّعَلُّمَ يَنْقَطِعُ بِنَيْلِ شَهَادَةٍ أَوْ تَحْصِيلِ مَكَانَةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ، فَكَمْ مِنْ حَامِلِ شَهَادَةٍ عُلْيَا يَلْحَنُ فِي أَسْهَلِ جُمَلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَيُخْطِئُ فِي قِرَاءَةِ قِصَارِ السُّوَرِ، وَالْعِلْمُ يَنْمُو بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَيَذْبُلُ بِالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، حَتَّى يُصْبِحَ صَاحِبُ الشَّهَادَةِ الْعُلْيَا شِبْهَ أُمِّيٍّ، لَيْسَ لَهُ مِمَّا يَحْمِلُ إِلَّا اسْمُهُ فَقَطْ.

 

وَالْعِلْمُ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَرَّمَ بِهِ الْجِنْسَ الْبَشَرِيَّ عَلَى سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الْأَرْضِ، فَرَزَقَهَا أَدَوَاتِ تَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 78].

 

وَأَبُو الْبَشَرِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَالِمًا، عَلِمَ -مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ وَهُوَ عَالِمٌ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْعِلْمِ لِلْبَشَرِ، وَكَوْنِهِ حَاضِرًا فِي سِيرَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ مُنْذُ بِدَايَتِهَا، وَنَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ آدَمَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ لِيَتَّبِعَ بَنُوهُ سِيرَتَهُ فِي الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، إِذْ عَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتَعَلَّمَ، وَأَمَرَهُ بِتَعْلِيمِ الْمَلَائِكَةِ فَعَلَّمَهُمْ، فَجَمَعَتْ قِصَّتُهُ بَيْنَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءٍ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 31- 33].

 

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا: ذَوَاتِهَا وَأَفْعَالِهَا، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ، وَفِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَفِي هَذَا الْحِوَارِ الرَّبَّانِيِّ لِآدَمَ وَلِلْمَلَائِكَةِ أَبْيَنُ دَلِيلٍ عَلَى فَضْلِ العِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ الرَّبَّانِيِّينَ قَدْ يَتَجَاوَزُونَ مَنْزِلَةَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَحْضُرونَ مَجَالِسَ العِلْمِ والذِّكْرِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا، أَيْ: رَبِّ، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلْنَتَأَمَّلْ عَظَمَةَ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ إِذْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَلَائِكَةً يَحْضُرُونَ مَجَالِسَهُ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى طَلَبَةَ الْعِلْمِ مَا سَأَلُوا، وَأَجَارَهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، وَغَفَرَ لَهُمْ لَمَّا اسْتَغْفَرُوا، وَشَمَلَتْ بَرَكَةُ مَجْلِسِهِمْ مَنْ جَلَسَ مَعَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ. فَلَا يَأْنَفُ مِنْ مَجَالِسِ الْعِلْمِ إِلَّا مَحْرُومٌ، وَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا إِلَّا مَخْذُولٌ!! وَهَلْ فِي مَجَالِسِ الْعِلْمِ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا وَالَاهُ، وَسُؤَالُهُ وَاسْتِغْفَارُهُ وَالِاسْتِجَارَةُ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ سُبْحَانَهُ؟!

وَابْتَلَى اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنَعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَوَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ يَأْمُرُهُ بِالْأَكْلِ مِنْهَا فَنَسِيَ آدَمُ وَأَخْطَأَ وَأَكَلَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ، فَأَسْعَفَهُ تَعْلِيمُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَكَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَابِلًا لِلْعِلْمِ، مُتَعَلِّمًا مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 37]، وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ هِيَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كَلِمَاتِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ عِلْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 23]. فَأَنْجَى آدَمَ فِي كُرْبَتِهِ مَا تَعَلَّمَهُ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْ كَانَ مُكَابِرًا عَنِ التَّعَلُّمِ وَقَبُولِ الْعِلْمِ لَهَلَكَ وَأَهْلَكَ ذُرِّيَّتَهُ مَعَهُ.

 

وَمَا أَحْوَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ إِلَى الْإِفَادَةِ مِنْ سِيرَتِهِ مَعَ الْعِلْمِ وَقَبُولِ التَّعَلُّمِ وَبَذْلِ التَّعْلِيمِ؛ فَإِنَّ بَنِي آدَمَ يَنْسَوْنَ وَيُخْطِئُونَ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ، وَلَا مُنْقِذَ لَهُمْ إِلَّا قَبُولُهُمُ الْعِلْمَ كَمَا قَبِلَهُ أَبُوهُمْ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «نُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَخَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى قِصَّةَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُورَةِ طه بِبَيَانِ أَنَّ مَنْ قَبِلَ هُدَاهُ سُبْحَانَهُ كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ الَّتِي لَا شَقَاءَ بَعْدَهَا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ هُدَاهُ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ الَّذِي لَا سَعَادَةَ بَعْدَهُ، وَهُدَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عِلْمِهِ الَّذِي عَلَّمَهُ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، وَوَظِيفَةُ الشَّيْطَانِ صَدُّ بَنِي آدَمَ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ وَالْهُدَى بِإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ، وَرُكُوبِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لَمْ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 123- 127].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ الْمُفْلِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْخَشْيَةَ، ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [فَاطِرٍ: 28].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي قِصَّةِ تَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَوْنِهِ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ عَالِمًا نَاطِقًا بِلِسَانٍ مُبِينٍ؛ نَسْفٌ لِأَبَاطِيلِ الدِّرَاسَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْحَدِيثَةِ عَنِ الْإِنْسَانِ الْبُدَائِيِّ، الَّذِي صَوَّرُوهُ بِالْجَاهِلِ الْمُتَوَحِّشِ غَيْرِ النَّاطِقِ، وَحَاشَا أَبَانَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَقَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا عَلَّمَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِتَعْلِيمِ الْمَلَائِكَةِ مَا لَمْ يَعْلَمُوا.

 

وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُفَاخِرَ بِدِينِهِ وَبِكِتَابِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ الَّذِي عَلَّمَهُ الْحَقَائِقَ فِي بِدَايَةِ الْبَشَرِ وَنِهَايَتِهِمْ، وَوَصَفَ أَبَاهُمْ آدَمَ بِأَحْسَنِ وَصْفٍ وَهُوَ الْعِلْمُ وَالنُّطْقُ وَالِاهْتِدَاءُ وَالتَّوْبَةُ بَعْدَ الزَّلَّةِ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تُوجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا عَلَّمَهُ، وَالتَّمَسُّكَ بِدِينِهِ الْحَقِّ.

 

وَحَرِيٌّ بِالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ، وَكِبَارٍ وَصِغَارٍ أَنْ يَعْلَمُوا قِيمَةَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَأَنَّهَا مِنْ أَوَّلِيَّاتِ وُجُودِ الْبَشَرِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا يُفَرِّطُوا فِيهَا، وَلَا يَسْتَنْكِفُوا مِنْهَا، وَلَا يُعْرِضُوا عَنْهَا، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ فَإِنَّمَا يُكَرِّسُ جَهْلَهُ، وَيُزْرِي بِنَفْسِهِ، وَلَنْ تَتَوَقَّفَ عَجَلَةُ التَّارِيخِ لِشَخْصِهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَلْحَقَ بِمَنْ سَبَقُوهُ مِنْ أَقْرَانِهِ.

 

وَأَفْضَلُ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِمُرَادِهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ سَعَادَةِ الْمَرْءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ لِيُقِيمَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا عُلُومُ الدُّنْيَا فَهِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَإِذَا حَسُنَتْ فِي طَلَبِهَا النَّوَايَا عَظُمَتْ فِيهَا الْأُجُورُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِنَهْضَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّتِهِمْ، وَكِفَايَتِهِمْ عَنِ الْحَاجَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ.

 

وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ أَنْ يُحْسِنُوا النِّيَّةَ فِي تَعَلُّمِهِمْ، وَأَلَّا يَتَعَلَّمُوا لِأَجْلِ نَيْلِ الشَّهَادَاتِ، فَإِذَا نَالُوهَا عَادُوا جُهَّالًا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا. وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُتْقِنُوا الْعُلُومَ وَالْمَعَارِفَ لِتَبْقَى لَا لِتَزُولَ. وَقَبِيحٌ بِالْمَرْءِ أَنْ يُتْقِنَ عِلْمًا ثُمَّ يَنْسَاهُ، فَيُنْسَبُ إِلَى أَهْلِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُهُ. وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَلِّمِينَ أَنْ يَغْرِسُوا فِيمَنْ يُعَلِّمُونَ حُبَّ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَيُقَبِّحُوا الْجَهْلَ فِي نُفُوسِهِمْ؛ وَذَلِكَ لِانْتِشَالِ التَّعْلِيمِ مِنْ حَالَةِ الرُّكُودِ وَالِانْحِطَاطِ إِلَى التَّقَدُّمِ وَالِازْدِهَارِ ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يُوسُفَ: 76].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آدم عليه السلام
  • قابيل وهابيل ابنا آدم عليه السلام (للأطفال)
  • مشروع إبليس في إغواء بني آدم عليه السلام
  • آدم عليه السلام وغربته المؤلمة في اﻷرض!
  • علم الأنبياء عليهم السلام (2) نوح عليه السلام
  • آدم عليه السلام (1)

مختارات من الشبكة

  • من قصص الأنبياء (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تشجير نسب الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإمامة في الدين نوال لعهد الله وميراث الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البحث في علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بيان فضل علم النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 13:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب