• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة الضحى، مواساة وبشرى.. (خطبة)

سورة الضحى، مواساة وبشرى.. (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2020 ميلادي - 20/3/1442 هجري

الزيارات: 40186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة الضحى، مواساةٌ وبشرى

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الحكيمِ العلَّامِ، الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ، الباقي سرمدًا على الدوام، لا تأخذهُ سِنةٌ ولا يموتُ ولا ينامُ، ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 78].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ لنا سواهُ، عزَّ جلالُهُ فلا تدركهُ الأفهامُ، وتعالى كمالُه فلا تحيطُ به الأوهامُ، ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [إبراهيم: 47]... وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسوله، ومصطفاه وخليله، أزكى الأنامِ، وبدر التمامِ، ومسكُ الختامِ، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آله وأهلِ بيتهِ الكرامِ، وصحابتهِ البررةِ الأعلامِ، والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم التمام.. وسلَّم تسليمًا كثيرًا..

 

أمَّا بعدُ: فأُوصيكم أُّيها النَّاسُ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحِمكمُ اللهُ، فقد صدقَ الزمانُ في صُروفِه وما كذبَ، ووعَظَ بتقلُّباتِه فأثارَ العجَبَ.. فالجِدَّ الجِدَّ تغنَمُوا، والبِدارَ البِدَارَ أن لا تندَمُوا.. ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198].

 

معاشر المؤمنين الكرام: الدنيا دار محن ومصائب، وابتلاءات وشدائد، ولا يكادُ يسلمُ من ذلك أحد، كيفَ والأمَّةُ اليومَ تعيشُ زمنًا عصِيبًا كثُرت فيهِ الابتلاءاتُ والفتنُ، وتنوعت فيهِ المصائبُ والمحنُ، أوبئةٌ مُتفشِيةٌ، وأمراضٌ مُستعصِيةٌ، وأزماتٌ مُتتاليةٌ.. وأخطرُ ما في المصائبِ والفتنِ هو إلفُها والاستسلامُ لها، واليأسُ والقنوطُ من صلاحِ الأحوالِ وتحسُّنِ الأوضاعِ.. وحينئذٍ فإنَّ الإنسانَ أحوجَ ما يكونُ إلى مَن يبثُّه شُعاعًا من الأملِ والتفاؤل، ويفتحُ له بابًا من الرجاءِ وحُسنِ الظن بالله، فما أتعس النفسَ حين يُصيبُها اليأسُ، ويتملكها القنوط.

 

لذا فقد تضافرت نُصوصُ الوحيينِ من الكتاب والسنة، تنبذُ اليأسَ والقنوط، وتدعو للتفاؤلِ والأمل، وحسن الظن بالله جلَّ وعلا، وأن وعده لا يتخلفُ أبدًا.. وإن تأخرَ فإنما يتأخرُ لحكمة جليلة ولأجلٍ مسمى، واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون.

 

ومن هذه النصوصُ الكريمةُ: سورةُ الضحى، تلك السورةُ المكيةُ القصيرة، ذاتُ الإحدى عشرة آيةً.. ومع أنَّ القرآنَ العظيمَ كلَّهُ شفاءٌ ورحمةٌ وذكرى، وهدى ونورٌ وبشرى، إلا أنَّ سورةَ الضُحى بأسلوبِها الشجِي، وإيقاعِها الحنون، ومعانِيها الرقيقة، من ألطفِ السورِ وأكثرها رقةً وسلوى، ومواساةً وبشرى، وفيها من معاني الاحتواءِ والحنان، والعطاءِ والامتنان، والدعوة للأملِ والتفاؤلِ، ما يجعلُها سلوةً لكُلِّ مهمومٍ، أو محرومٍ أو مكلومٍ.. حتى وإن قال بعضُ المفسرين أنَّ هذه السورةَ كُلَّها خاصةٌ وخالصةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.. إلا أنَّها بمجملِها لسمةٌ من حنان، ونِسمةٌ من لُطف، ونفحةٌ من رحمة.. ويدٌ حانيةٌ تمسحُ الآلام والمواجِع، وترياقٌ يسكُبُ في النفسِ السكينةَ والطمأنينة، ويُشِعُّ فيها الأملَ والتفاؤل، والرضى واليقين..

 

وسببُ نزولِ هذا السورةِ العظيمةِ، كما ورد في رواياتٍ كثيرة، أنَّ الوحيَ انقطعَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترةً من الزمن، فلما علِمَ الكفَّارُ بذلك اطلقْوا سِهام ألسنتِهم بالشائعات، وقالوا ودَّعه ربُّه وقلاه، فأنزل الله تعالى سورة الضحى ردًّا على ادعاءاتهم، ومواساةً وبشرى لنبيِه الكريم، ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 1 - 3]، يُقسم الله تبارك وتعالى في بداية السورة، بهذين الوقتينِ الرائقينِ المتضادين: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾.. فيربط بين ظواهر الكون المتكررة، وبين مشاعر النفس المتقلبة.. فالضحى وهو أشدُّ أوقات النهارِ ضياءً وصفاءً يرمزُ للسِعة والفرج، بينما يرمزُ الليلُ للضيقِ والهمِّ.. وكذلك يرمزُ النهارُ للتعبِ والنصبِ والحرِّ، ويرمزُ الليلُ للهدوء والسكينةِ والراحة والجو اللطيف.. فما أجملَ اشراقة الضُحى وقوة نورهِ وصفاءهِ، بعد ظلمةِ الليلِ واشتدادِ سوادهِ.. وما أحسنَ هدوء الليل، وما أجملَ سكونه وراحته، بعد تعبِ النهارِ وصخبهِ وجلبتهِ.. وهكذا، وكما يتعاقبُ الليلُ والنهارُ في دوراتٍ متتابعةٍ، كذلك تتعاقبُ أحوالُ الناسِ من حالٍ إلى حال، كما قال الشاعر: ثمانية لابدَّ منها على الفتى.. ولابدَّ أن تجري عليةِ الثمانية.. سرورٌ وهمٌ، واجتماعٌ وفرقةٌ، وعسرٌ ويسرٌ، ثم سقمٌ وعافية.. وهكذا فبعد الليلِ فجرٌ، وبعد الضيقِ فرجٌ، ومع كلِّ بليةٍ عطِيةٌ، وفي طي كلِّ مِحَنَةٍ مِنحة، وإنَّ مع العسر يسرًا.. قال أحدُ الحكماء: "مَن ظنَّ انفكاكَ قدَرِ اللهِ عن لُطفهِ، فذاك لقصورٍ في نظرِه"..

 

والضحى: من الإيضاح والتوضيح، وإزالة اللبس والغموض، والمعنى: فربك الذي قدَّرَ هذا التقدير الكوني اللطيف، مَا وَدَّعَكَ وَمَا قَلَى، ولكنه فطرَ الدنيا على السَّراء والضَّراء، والشِّدةِ والرَّخاء، والعُّسرِ واليُسرى، وجعل العاقبة للتقوى، ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾، فالآخرةُ خَيْرٌ وأبقى، وأعظمُ وأفخمُ وأرقى، ثمَّ تأتي واسطةُ العقد: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾، فيا لجمالِ أسلوب القرآنِ العجيب، ويا لبلاغتهِ المدهشة، ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾، آيةٌ موجزةٌ مُعجزة، اشتملت على وعدٍ مؤكدٍ كريم، بعطاءٍ إلاهيٍ عظيم، خاصٌ بهذا النبي الكريم، عليه افضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم، وقد أكدَ اللهُ وعدَهُ بثلاثةِ مؤكدات، بالواو واللامِ وسوفَ.. ويأتي بعدها الفعل يُعطِي، بصيغةِ المضارعِ المستمر، ليُفِيدَ استمرَارَ العَطاءِ وعَدمَ انقِطاعهِ، كما يُفيدُ عُمومَ هذا العطاء وشمُولِهِ لكلِّ أنواعِ العطاءِ، فهو عطاءٌ عامٌ دائمٌ.. والكافُ كافُ الخِطابِ والخصُوصِيةِ.. وإضافةُ العطاءِ إلى الربِّ تبارك وتعالى، إنما هو تعظيمٌ لهذا العطاء وتمييزٌ، فهو عَطاءٌ رَبانيٌ خَاصٌ وعظيمٌ، اختصَ اللهُ بهِ أحبَّ خَلقهِ إليهِ، وأكرَمَهُم عليهِ.. واللهُ يختصُ برَحمَتهِ وفضلهِ من يَشاءُ.. فالقرآن الكريم، وكثرة الأتباع حتى يكونوا أكثرَ الأمم، ونهر الكوثرِ، ومنزلةُ الوسيلةِ عطاءاتٌ ربانيةٌ عظيمةٌ، اختصَ اللهُ بها نبيه الكريم عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم..

 

ثم ختمَ اللهُ عطاءاتهِ العظيمةَ بالرضى.. تأمَّل: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5].. فلا يبلغُ أحدٌ درجةَ الرِّضا إلا إذا أذنَ اللهُ وأعطَى، فالرِّضا هو أعلى دَرجَاتِ العَطاء.. وفي الحديث الصحيح يقولُ اللهُ جلَّ وعلا لأهلِ الجنَّةِ: "اُحِلُّ عليكم رِضواني فلا اسخَطُ عليكم أبدًا"..

 

ولكي يظهرَ لك وجهٌ آخرَ مِن الإعجَازِ في الآية.. قَارن قَوله تَعالى: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾، بقولهم: (سيُعطِيكَ حتى يُرضِيك).. لترى أنَّ كلمةَ (فَتَرْضَى) أعمُّ وأشملُ من كلمةِ (يُرضِيكَ).. وأنَّ الفاءَ في أولها تفيدُ سُرعةَ وقُربَ تَحقُّقِ الرِّضَا.. فما أعظمَ بلاغة القرآن وما أقوى بيانه..

 

وعودًا على بدء في قوله تعالى: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾، أي ما انقطع برُّ ربك عنك وما توقفَ أبدا.. منذُ بداياتكَ الأولى، وحتى قبل أن يعهدَ إليك بتبليغِ رسالتهِ العظمى.. ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 6 - 8]، حيث مات أبوك ولما يراك، وماتت أُمكَ وما زلت في صباك، فآواك الله ورعاك، وكفلك وحماك، وأنقذكَ من ضلالات قومك وهداك، ورزقك من فضله وأغناك،

 

وتأمل: في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾ فإن قوله تعالى: (آوى) أعمُّ وأشملُ في المعنى من آواك، فهي تشمل آواك أنت، وآوى بك غيرك، وهكذا في قوله تعالى (فهدى)، فهي تعني هداك أنت، وهدى بك غيرك، وكذلك (فأغنى) فهي تعنى: اغناك أنت، واغنى بك غيرك..

 

والله جل وعلا حين يمتنُ على رسوله المصطفى بذكر نعمه السابغة، وآلائه العظمى، فإن في ذلك قدوةً لنا، بأن نتذكرَ لطفَ اللهِ جلَّ وعلا بنا، خصوصًا في مراحلنا الأولى، وكيف نقلنا الله تعالى بفضلهِ وتوفيقهِ من الضياعِ إلى الإيواءِ، ومن الضلالِ إلى الهدى، ومن الحاجةِ إلى الغنى.. ثم يأتي التوجيه الكريم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين من بعده.. لرعاية اليتيم، وإجابة السائل، والتحدثِ بنعمة اللهِ جلَّ وعلا، ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 9 – 11]..

 

وبهذه التوجيهات الربانية اللطيفة، تَختِمُ السورة الكريمة أسلوبها العام، مواساةً ورفقًا بكلِّ أفرادِ المجتمع، حتى الذين لم يحظوا بعنايةِ الأبوينِ الحنونين، فيواسِيهم ويأمرُ بحُسنِ مُعاملتهم وعدمِ إذلالهم، وينهي عن قهرِهم وكسرِ خاطرهم، وحتى الذين يعانون الفقر والحاجة أو الجهلَ والأمِّية، فيأمرُ بالرفق بالسائل وإجابته قدر المستطاع، تعليمًا وإرشادًا إن كان سؤالَ علمٍ واسترشاد، وإسهامًا في قضاءِ حاجتهِ إن كان سؤالًا من هذا الباب، وبهذا تنصلح أحوالُ المجتمع ويضمحلُ الكثيرُ من مشاكِله..

 

وأما التحدثُ بنعم اللهِ، فهو صورةٌ من صورِ الشكرِ والثناء على اللهِ بما هو أهلهُ، وهو يشملُ حديثَ النفسِ وحديثَ الغيرِ.. فالإنسانُ مأمورٌ أنْ يحدثَ نفسه بما أنعمَ اللهُ عليه، وأنْ يحدث غيرَه بذلك.. فما أحلى أنْ يستثمرَ الانسانُ ما وهبهُ اللهُ من قدرةٍ على الفصاحة والبيان، في التعبيرِ عن حمدِ اللهِ وشكرهِ والثناءِ عليه، أعوذ الله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [لقمان: 12]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

بارك الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي...

أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن....

 

معاشر المؤمنين الكرام: رأينا كيفَ أنَّ سورةَ الضُحى هي بحقّ، لَمْسةُ حنانٍ على القلوبِ المتألمة، وبلسمُ شفاءٍ للنفوسِ المكلومة، وينبوعُ أملٍ وتفاؤلٍ أنَّ عَوْنَ اللهِ ورعايته لا يتَخَلَّفُ عن عباده المؤمنينَ الصادقين؛ ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].. ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].. فلقد كان القرآن العظيم ولا زال، خَيْرُ مُعينٍ على مُواجَهة الصِّعاب، وتجاوز العقَبات، فهو يشدُّ من أزر المؤمن، ويزيدُ من إيمانهِ، ويقويِّ يقينه؛ ليصمدَ أمام أعاصيرِ الابتلاءات والمحن، ويثبت أمام طوفان الشهوات والفتن.. وإنّ من أعظمِ الدروسِ والعبرِ التي نستفيدها من سورةِ الضُحى: التفاؤل وحُسن الظنِ بالله جلَّ وعلا، وأنَّ القادم أفضل، وأنَّ المستقبلَ خيرٌ من الماضي، وأنه ما من شدةٍ إلا ويعقبُها فرج، وما من ضيقٍ إلا ويليهِ سعةٌ، ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]... ومن دروسِ هذه السورةِ الجليلةِ، أنَّ الناسَ بحاجةٍ ماسةٍ لتدبرِ وتأمُلِ أمثالها من قصارِ السور؛ سيما وأنها سهلةُ الحفظ، والنَّاسُ يكثرونَ من قراءتها في صلاتهم.. فلو أضيف لذلك فهمُ معانيها، ومعرفةُ مدلُولها ومرامِيها، لكن ذلك أدعى للخشوعِ والانتفاع بها.. وإن ممَّا يلفِتُ نظرَ المتأملَ في تلك السورِ القصار، ما وردَ في السورةِ التاليةِ لسورةِ (الضُحى)، وهي سورةُ (الشَّرح)، والتي تكادُ تتطابقُ معها في مَضْمُونها، وأهدافها، ولمْسَتِها الحانية.. وهكذا هو أسلوبُ القرآنِ العظيم؛ فالمعنى الواحدُ قد تتوالى عليه الآياتُ الكثيرة؛ تُؤَكِّدهُ وتوضِّحهُ، وفي كلٍّ عِبرةٌ وعظةٌ لمن تأملَ وتدبر..

 

فنُلاحظُ أنَّ امتنان اللهِ سبحانهُ وتعالى على رسولهِ صلى الله عليه وسلم في سورة "الضحى"، يركزُ على النِّعَم الحِسِّيَّة كالإيواءِ من اليُتم، والإغناءِ من الفقرِ، بينما تركزُ سورةُ "الشرح" على التذكيرِ بالنِّعَم المعنويَّة كشرْحِ الصدر، ووضْعِ الوِزْر، ورفْعِ الذِّكْر، وإن كانت كُلُّها عطاءاتٌ ربانيةٌ عظيمة..

 

فيا عباد الله: اتقوا اللهَ واعلموا أنَّهُ مهما تكاثرَت المِحَنُ، وتوالتْ الخُطُوب، وتكالبَ الأعداء، فيجبُ أنْ يعلمَ المؤمنُ عِلْمَ يقين أنَّ اللهَ ناصرٌ دِينَهُ، ومُعْلٍ كلمتَهُ، ومُؤَيِّدٌ جُندهُ، كما قال الصادق المصدوق في الحديث الصحيح: "لَيَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بلَغ الليلُ والنهارُ، ولا يترك الله بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدخَله اللهُ هذا الدِّين، بعزِّ عزيز، أو بذُلِّ ذليل؛ عزًّا يُعِزُّ اللهُ به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ اللهُ به الكفر".. وإنه لن ينْفعنا إلا الأمَل بالله جلَّ وعلا، والاعتصام بحبْلِه المتين، واليقين بأنَّ العاقبةَ للمتقين، ولنا في رسولنا العظيم وسيرته العطرة، أسوةٌ حسنة، ولَسَوْفَ يُعطينا ربُّنا بفضلهِ ما يتحققُ به رضا الدنيا والأخرى، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173].. ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 6]...

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.. اللهم صل..

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الزركشي لآيات من سور الضحى والشرح والتين
  • موارد ومصادر (جزء في صلاة الضحى) للعلامة السيوطي
  • كلمة عن صلاة الضحى
  • من أسرار سنة الضحى (خطبة)
  • الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الضحى
  • أحاديث عن صلاة الضحى
  • حديث: من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة
  • بشرى تشرح الصدر وتنفي الكدر
  • { ما ودعك ربك وما قلى }
  • {وبشر المخبتين} (خطبة)
  • إتحاف أولي النهى بأسرار سورة الضحى
  • دروس تربوية من سورة الضحى
  • مشاهد من سورة الضحى في السنن الكونية، ووسائل الثبات على الطاعة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة سورة الضحى مواساة وبشرى(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • صلاة الضحى والاستخارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الضحى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الضحى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإعراب الصوتي للقرآن الكريم: سورة الضحى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • التوحيد في سورة الضحى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الضحى(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سور الضحى والشرح والتين والعلق للناشئين(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تلاوة سورة الضحى(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تأملات في سورة الضحى(مادة مرئية - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب