• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: حر الصيف عبر وعظات
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية ...
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    مقاربات بيانية إيمانية لسورة الفجر
    د. بن يحيى الطاهر ناعوس
  •  
    تخريج حديث: من أتى الغائط فليستتر
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من أقوال السلف في معاني أسماء الله الحسنى: ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الحديث الأول: تصحيح النية وإرادة وجه الله بالعمل ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الاتحاد والاعتصام من أخلاق الإسلام
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فخ استعجال النتائج
    سمر سمير
  •  
    من مائدة الحديث: خيرية المؤمن القوي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة بعنوان: اللعن

خطبة بعنوان: اللعن
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2022 ميلادي - 17/4/1444 هجري

الزيارات: 11683

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة بعنوان: اللعن


الخطبة الأولى

إنَّ الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى، واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ هَذَا الدِّينَ دِينُ الرَّحْمَةِ والأخلاق، دِينُ حُسْنِ التَّعَامُلِ وَالرُّقِيِّ بِالْأَلْفَاظِ، دِينٌ مَنْهَجُهُ: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء:53]، وَمَنْهَجُهُ: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة:83]، وَمِنَ الْأَخْلَاقِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الشَّرْعُ: تَحْرِيمُ السَّبِّ وَاللَّعْنِ وَالْقَذْفِ وَالشَّتْمِ، يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً وَلَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَاللَّعَّانُ هُوَ الْمُشْتَغِلُ بِاللَّعْنَةِ، وَالَّتِي تَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ مُنَاسَبَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ أَوْ عَمَلِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ رَحْمَةُ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الصِّدِّيقِينَ، وَهُمْ أَعْلَى أُمَّتِهِ رُتْبَةً: "لَا يَنْبَغِي لِلصِّدِّيقِ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا"(رَوَاهُ أَحْمَدُ بسندٍ صحيح)، وَيَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ"؛ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بسند صحيح).

 

وَعِنْدَمَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ طَعَّانًا لَعَّانًا لَا يَكُونُ أَهْلًا لِأَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَهِيدًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَلَا شَفِيعًا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ -عِبَادَ اللَّهِ- مَبْنَاهَا عَلَى ذِكْرِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِالْخَيْرِ وَالذِّكْرَ الْجَمِيلِ، وَالشَّفَاعَةُ مَبْنَاهَا عَلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَكُونُ اللَّاعِنُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلَا بِغَضَبِهِ، وَلَا بِالنَّارِ"؛ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

 

وَعَنْ جُرْمُوزٍ الْهُجَيْمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَوْصِنِي. قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُوْصِيكَ أَنْ لَا تَكُونَ لَعَّانًا"، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

وَقَدَ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ لَعْنِ الْمُسْلِمِ وَالْمُؤْمِنِ الْمَصُونِ الْعَدِيدُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ: الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ، حَيْثُ قَالَ: "اعْلَمْ أنَّ لَعْنَ الْمُسْلِمِ الْمَصُونِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ"، وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ".

 

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّعْنَ هُوَ دُعَاءٌ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَاللَّعْنُ مُخالِفٌ لِلْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَالْإِسْلَامُ دَعَا إِلَى التَّرَاحُمِ وَالتَّوَاصُلِ، وَالدُّعَاءِ بِالسَّلَامَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَشِعَارُ الْمُسْلِمِينَ فِي تَلَاقِيهِمُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا بِأَنَّ لَعْنَ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ أَمْرٌ فِي غَايَةِ الشَّرِّ، وَأَشُدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الضَّرَرِ -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ-، وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "لَعْنُ الْمُسْلِمِ كَقَتْلِهِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ"؛ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

وَعِنْدَمَا تَصْدُرُ اللَّعْنَةُ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لَهَا مِنَ الْجَمَادِ أَوِ الْحَيَوَانِ أَوِ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا، حَيْثُ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بسندٍ صحيح أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِشَيْءٍ: لَعَنَهُ اللَّهُ. صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَذْهَبُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهَا مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ إِنْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَى قَائِلِهَا"، وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ، عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ، إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَتَضَايَقَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَقَالَتْ: حَلْ، اللهُمَّ الْعَنْهَا، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تُصاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ".

 

تَصَوَّرُوا -عِبَادَ اللَّهِ- كَمْ مِنَ اللَّعَنَاتِ تَحِلُّ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَمَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ اللَّعْنِ، وَتَكْثُرُ اللَّعَنَاتُ مِنْهُ فَتَحِلُّ عَلَيْهِ؛ فَلَا تَزَالُ اللَّعَنَاتُ تَتَوَالَى عَلَيْهِ وَتَحِلُّ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ هُوَ الْمُتَسَبِّبَ لِنَفْسِهِ بِحُلُولِهَا عليه.

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَأَشُدُّ مَا يَكُونُ مِنَ اللَّعْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّاسِ لَعْنُ الْإِنْسَانِ لِوَالِدَيْهِ -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ-؛ سَوَاءٌ تَسَبُّبًا أَوِ ابْتِدَاءً؛ ابْتِدَاءً بِأَنْ يُبَاشِرَهُمَا بِاللَّعْنَةِ وتَسَبُّبًا بِأَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبَّ أَبَاهُ وَيَسُبَّ أُمَّهُ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ"؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ اللَّعْنُ بِالْأَوْصَافِ لَا بِالْأَشْخَاصِ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ الْتِزَامُ السُّنَّةِ، وَمَنْ رَأَىَ شَخْصًا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ لَعْنُهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَلْعَنَهُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتُوبَ، وَقَدْ يَكُونُ قَدْ قَامَ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ حُلُولِ اللَّعْنَةِ عَلَيْهِ، فَلَرُبَّمَا رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَى الْقَائِلِ، وَقَدْ فَرَّقَ الْعُلَمَاءُ بَيْنَ اللَّعْنِ بِالتَّعْمِيمِ وَاللَّعْنِ بِالتَّعْيِينِ؛ كَمَا ثَبَتَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ فَنَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لُعِنَ بِالْخَمْرِ عَشَرَةٌ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بسندٍ صحيح)، وَلَمَّا جِيءَ لَهُ بِرَجُلٍ تَكَرَّرَ شُرْبُهُ لِلْخَمْرِ، فَقَالَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ: "لَعَنَهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَلْعَنُوهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ اللَّعْنِ وَتَعْوِيدِ اللِّسَانِ عَلَيْهِ؛ فَكُونُوا بِذَلِكَ حَازِمِينَ مَعَ أَنْفُسِكُمْ، وَمَعْ أَوْلَادِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ؛ فَإِنَّ هُنَاكَ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ لَعْنُهُ لِأَوْلَادِهِ وَلِأَهْلِهِ، وَإِنَّ هُنَاكَ مِنَ الْأَشْخَاصِ مَنْ دُرْبَةِ لِسَانِهِ عَلَى اللَّعْنِ حتى أَصْبَحَ يَلْعَنُ الذَّاهِبَ وَالْآتِيَ، وَيَلْعَنُ مَنْ يَتَجَاوَزُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمَرْكَبَاتِ، وَيَلْعَنُ الزِّحَامَ وَالزَّمَانَ -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ-؛ فَاللَّعْنُ وَالشَّتْمُ مَنْهَجُهُ وَدَيْدَنُهُ؛ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ ذَلِكَ.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ أُمَّةَ الْإِسْلَامِ مَنْهَجُهَا مُخَالِفٌ بِالْكُلِّيَّةِ لِمَنْهَجِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ؛ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْكُفَّارِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَنْهُمْ: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف:38]، وَاللَّعْنُ أَيْضًا مِنْ عَلَامَاتِ أَهْلِ النِّفَاقِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَاتِ يُعْرَفُونَ بِهَا تَحِيَّتُهُمْ لَعْنَةٌ، وَطَعَامُهُمْ نُهْبَةٌ، وَغَنِيمَتُهُمْ غُلُولٌ، وَلَا يَقْرَبُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا هَجْرًا، وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دُبْرًا، مُسْتَكْبِرِينَ لَا يَأْلَفُونَ وَلَا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بِاللَّيْلِ، صُخُبٌ بِالنَّهَارِ"؛ (رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).

 

وَهَذِهِ الصِّفَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ-؛ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ اللَّعْنُ، حَتَّى أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ لَا يُحَيِّي أَصْحَابَهُ عِنْدَ إِيَابِهِ أَوْ ذَهَابِهِ إِلَّا بِاللَّعْنَةِ؛ فَيَلْعَنُهُمْ جَمِيعًا عند دخوله وعند خروجه -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ وَمُشَاهَدٌ.

 

ألا فاتقوا الله بأنفسكم وأهليكم.

 

عِبَادَ اللهِ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ لَا يَمَلُّوا مِنْ مُتَابَعَةِ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ، وَحِمَايَتِهِمْ مِنْ الْمُنْزَلَقَاتِ الْخَطِيرَةِ، وَالِانْحِرَافَاتِ الْفِكْرِيَّةِ الَّتِي تُبْعِدُهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَعَنِ النَّهْجِ الْقَوِيمِ، فَمَا أَكْثَرَ أَصْدِقَاءَ السُّوءِ وَالْمَوَاقِعَ الْمَشْبُوهَةَ الَّتِي تَبُثُّ فِي عُقُولِ النَّاشِئَةِ الْأَفْكَارَ الْمُنْحَرِفَةَ، فَمِنْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ:

 

1- تَأْلِيبُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابِ عَلَى وُلَاةِ أَمْرِهِمْ، وَوَضْعُ الضَّغَائِنِ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى بِلَادِهِمْ، حَتَّى إِنَّنَا نَجِدُ بَعْضَ الشَّبَابِ، لَا يَذْكُرُ لِبِلَادِهِ حَسَنَةً وَاحِدَةً مِنْ مَلَايِينِ الْحَسَنَاتِ، وَيَذْكُرُ لِغَيْرِهَا آلَافَ الْحَسَنَاتِ جُلُّهَا كَذِبٌ! فَمَا الَّذِي دَفَعَهُمْ لِذَلِكَ، وَكَرَّهَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ؟! إِنَّهُمْ أَعْدَاءُ بِلَادِنَا، الَّذِينَ لَا يَأْلُونَ جُهْدًا فِي إِفْسَادِ عُقُولِ الشَّبَابِ، وَغَالِبُ هَؤُلَاءِ إِمَّا خَوَارِجُ أَوْ جَمَاعَاتٌ حِزْبِيَّةٌ، تَعَدَّدَتْ مُسَمَّيَاتُهَا، وَاتَّفَقَتْ أَفْعَالُهَا عَلَى مُعَادَاةِ بِلَادِ التَّوْحِيدِ، عَامَلَهُمُ اللهُ بِعَدْلِهِ، وَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَحَفِظَ بِلَادَنَا مِنْ شُرُورِهِمْ.

 

2- حِمَايَةُ الْأَبْنَاءِ مِنْ انْتِشَارِ الْمُخَدِّرَاتِ؛ فَلَيْسَ هُنَاكَ أَفْسَدُ مِنْهَا، وَمَا دَمَّرَ عُقُولَ الشَّبَابِ، وَأَفْسَدَ عُقُولَ النَّاشِئَةِ، مِثْلُ هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ، وَخَاصَّةً أَنَّ تُجَّارَ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ يَجْتَهِدُونَ فِي أَيَّامِ الِاخْتِبَارَاتِ فِي جَلْبِ الشَّبَابِ إِلَيْهِمْ! فَعَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ أَنْ يَكُونُوا شَدِيدِي الْمُرَاقَبَةِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِهِمْ.

 

3- كَذَلِكَ عَلَى الآبَاءِ حِمَايَةُ أَبْنَائِهِمْ مِنَ الِانْحِرَافَاتِ الْعَقَدِيَّةِ مِنْ خِلَالِ مَا يَبُثُّهُ أَعْدَاءُ التَّوْحِيدِ، وَدُعَاةُ الْإِلْحَادِ، وَأَصْحَابُ الْمَوَاقِعِ الْإِبَاحِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى جَادَّةً؛ لِإِفْسَادِ عَقِيْدَةِ الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ وَعُقُولِهِمْ، وَأَخْلَاقِهِمْ، وَمَبَادِئِهِمْ، وَقِيَمِهِمْ، فَهَذِهِ الِانْحِرَافَاتُ الْفِكْرِيَّةُ، يَتَحَمَّلُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، مَعَ الْمَدَارِسِ وَأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ، الْمَسْؤُولِيَّةَ الْكَامِلَةَ فِي تَوْجِيهِ النَّاشِئَةِ التَّوْجِيهَ السَّلِيمَ الْمُتَّفِقَ مَعَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ. وَبِإِذْنِ اللهِ تُؤْتِي هَذِهِ النَّتَائِجُ ثِمَارَهَا.

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

 

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.

 

نَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا بِرَحْمَتِكَ غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ طَبَقًا سَحًّا غَدَقًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ، وَأَكْرِمْنَا بِخَيْرَاتِكَ الْعِظَامِ. اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ؛ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ أَغِثِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَالْحَاضِرَ وَالْبَادِيَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَيَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ؛ اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِمَا نَحْنُ أَهْلُهُ؛ أَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من اللعن
  • إياكم واللعن
  • خطبة التحذير من اللعن والسب
  • خطبة قصيرة في التحذير من اللعن
  • التحذير من اللعن (خطبة)
  • مفهوم اللعن
  • شؤم اللعن (خطبة)
  • خطبة بعنوان (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حر الصيف عبر وعظات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: المصافحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الافتراء والبهتان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/2/1447هـ - الساعة: 12:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب