• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار

دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
د. محمد أحمد صبري النبتيتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/6/2025 ميلادي - 8/12/1446 هجري

الزيارات: 268

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن العبد الموفَّق هو من يسمع الحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يذهب يطبِّق ذلك الحديث، فيسعد بمعانيه وأثره الإيمانيِّ، وأجره في الآخرة، فالعلم لا وزن له إلا أن يُعمل به، والعلم كما قال بعض السلف ينادي على العمل، فإن أجابه وإلا ارتحل.

 

من هذه الأحاديث الهامة:

حديث رواه الإمام البخاري؛ فعن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).

 

قال: ((ومن قالها من النهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة)).

 

هذا الحديث عند التأمل تجد فيه دروسًا وأسرارًا كثيرة؛ منها:

1- أن الاستغفار له صيغ، وهذه الصيغ لها مراتب، وسيدها هو ذلك الدعاء.

 

2- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أُمته، وتعليمها كيفيةَ الاستغفار واليقين، وطرقَ دخول الجنة.

 

3- ((اللهم أنت ربي)): أي: أُقر أنك الخالق الرزاق، المدبر المالك، السيد المربي، ففيه توحيد الربوبية؛ وهو توحيد الرب بأفعاله.

 

4- ((لا إله إلا أنت)): أي: لا معبود بحق إلا أنت، فالمعبودات كثيرة، لكن الذي يستحق العبادة هو الله وحده، وهذا توحيد الألوهية؛ وهو توحيد الله بأفعال العباد، والمعنى: ألَّا يقصدوا أحدًا بعبادتهم إلا الله.

 

5- وفي الجمع بينهما بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية بيان أن توحيد الربوبية طريق لتوحيد الألوهية، فالعاقل ما دام وحد الله ربًّا، فلا بد أن يوحده إلهًا، ومن لا عقل لهم قالوا: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5]، العجاب حقًّا هو أن تشركوا مع الله الصمد إلهًا آخر، لا يضر ولا ينفع، والحمد لله على نعمة التوحيد.

 

6- كثيرًا ما يجمع الله بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية في كتابه.

 

تأمل هذه الآية العجيبة التي يظهر فيها تضافر التوحيدين بشكل مؤثر:

﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102].

 

﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ ﴾: توحيد ألوهية.

 

﴿ رَبُّكُمْ ﴾: توحيد ربوبية.

 

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: توحيد ألوهية.

 

﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾: توحيد ربوبية.

 

﴿ فَاعْبُدُوهُ ﴾: توحيد ألوهية.

 

﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102]: توحيد ربوبية.

 

فما أجمل آيات الله حين نتدبرها ونتفكر فيها!

 

7- كثيرًا ما يبين الله أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.

 

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22]: شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته بأنه تعالى هو المُنعم على عبيده بإخراجهم من العدم إلى الوجود، وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة، بأن جعل لهم الأرض فراشًا؛ أي: مهدًا كالفراش مقررة موطَّأةً مثبتةً بالرواسي الشامخات، ﴿ وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ﴾ وهو السقف؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]، وأنزل لهم من السماء ماءً، والمراد به السحاب ها هنا في وقته عند احتياجهم إليه، فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد؛ رزقًا لهم ولأنعامهم، كما قرر هذا في غير موضع من القرآن".

 

ومن أشبه آية بهذه الآية قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 64].

 

ومضمونه: أنه الخالق الرازق، مالك الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يُعبد وحده ولا يُشرك به غيره؛ ولهذا قال: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22].

 

وفي الصحيحين عن ابن مسعود، قال: ((قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا، وهو خلقك...؛ الحديث)).

 

وكذا حديث معاذ: ((أتدري ما حق الله على عباده؟ أن يعبدوه لا يشركوا به شيئًا...؛ الحديث)).

 

وفي الحديث الآخر: ((لا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله، ثم شاء فلان)).

 

وما أدل هذه الآية على ذلك المقصود! قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 31، 32].

 

قال ابن كثير رحمه الله: "يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله، فقال: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر، فيشق الأرض شقًّا بقدرته ومشيئته، فيُخرج منها ﴿ حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ [عبس: 27 - 31]، أإله مع الله؟ فسيقولون: الله، ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [الملك: 21]، وكذلك قوله: ﴿ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: الذي وهبكم هذه القوة السامعة، والقوة الباصرة، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الملك: 23].

 

وقوله: ﴿ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: بقدرته العظيمة، ومِنَّته العميمة.

 

وقوله: ﴿ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: من بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يُجار عليه، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]، فالملك كله العلوي والسفلي، وما فيهما من ملائكة وإنس وجانٍّ، فقيرون إليه، عبيد له، خاضعون لديه، ﴿ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: هم يعلمون ذلك ويعترفون به، ﴿ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم؟

 

وقوله: ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 32]؛ أي: فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق، الذي يستحق أن يُفرد بالعبادة، ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32]؛ أي: فكل معبود سواه باطل، لا إله إلا هو، واحد لا شريك له، ﴿ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 32]؛ أي: فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه، وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء، والمتصرف في كل شيء؟

 

وقوله: ﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 33]؛ أي: كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع الله غيره، مع أنهم يعترفون بأنه الخالق الرازق المتصرف في الملك وحده، الذي بعث رسله بتوحيده؛ فلهذا حقَّت عليهم كلمة الله أنهم أشقياء من ساكني النار؛ كقوله: ﴿ قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 71].

 

8- ((خلقتني وأنا عبدك)): جمع مرة ثانية بين الإقرار بتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فذكر أحد معاني الربوبية؛ وهي الخلق، ثم أقر بالعبودية، فما دمت خلقتني فأنت السيد وأنا العبد، وما من العبد إلا الخضوع والانقياد والتسليم.

 

9- ((وأنا على عهدك ووعدك)):

قال ابن الملقن في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح): "وقوله: ((وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت))؛ يعني: العهد الذي أخذه الله على عباده في أصل خلقهم، حين أخرجهم من أصلاب آبائهم أمثال الذَّرِّ، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، فأقروا له في أصل خلقهم بالربوبية، وأذعنوا له بالوحدانية".

 

وقال أيضًا: "وقال ابن التين: يريد: أنا على ما عهدتك عليه، وأوعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك ما استطعت من ذلك، وقد يكون معناه: إني مقيم على ما عهدت إليَّ من أمرك، ومتمسك بك ومنتجز وعدك في المثوبة والأجر عليه".

 

وقال الداودي: "عهد الله الإسلام، ووعده الإقرار بالجزاء يوم الدين".

 

10- ((ما استطعت)):

قال ابن الملقن رحمه الله: "وأعلَمَ عليه السلام أمته بقوله: ((أنا على عهدك ووعدك ما استطعت))، أن أحدًا لا يقدر على الإتيان بجميع ما امتن الله عليه، ولا الوفاء بكمال الطاعات، والشكر على النعم؛ إذ نعمه تعالى كثيرة ولا يُحاط بها؛ ألا ترى قوله: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20]، فمن يقدر مع هذا أن يؤدي شكر النعم الظاهرة، فكيف الباطنة؟ لكن قد رفق الله بعباده، فلم يكلفهم من ذلك إلا وسعهم، وتجاوز عما فوق ذلك، وكان عليه السلام يمتثل هذا المعنى في مبايعته للمؤمنين فيقول: ((أنا معكم على السمع والطاعة فيما استطعتم)).

11- ((ما استطعت)) معناها: سأبذل وسعي في إرضائك ربي، وهذه الاستطاعة محضُ توفيقٍ وفضل منك، وما توفيقي إلا بك.

 

قال تعالى على لسان شعيب عليه الصلاة والسلام: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

 

12- ((أعوذ بك من شر ما صنعت)):

إنه إقرار من العبد أنه قد صنع شرًّا، لا كمن يستكبر اليوم ويقول: "أنا لا أفعل ذنبًا ولا أتذكر خطيئة"، نعوذ بالله من الغفلة والكبر.

 

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل)).

 

 

13- ((أبوء لك بنعمتك عليَّ)):

إقرار بالنعم الدينية والدنيوية؛ قال تعالى: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34].

 

قال السعدي رحمه الله: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾؛ أي: أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم مما تسألونه إياه بلسان الحال، أو بلسان المقال، من أنعام، وآلات، وصناعات وغير ذلك.

 

﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا۟ نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ فضلًا عن قيامكم بشكرها، ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومࣱ كَفَّارࣱ ﴾؛ أي: هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي، مقصر في حقوق ربه، كفَّار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها، إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به.

 

ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم، مجمل ومفصَّل، يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره، وذكره، ويحثهم على ذلك، ويرغِّبهم في سؤاله ودعائه آناء الليل والنهار، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات.

 

14- ((وأبوء بذنبي)):

إنه الاعتراف بالذنب، اعتراف يحبه الله.

 

قال تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102].

 

قال السعدي رحمه الله: ومن مغفرته أن المسرفين على أنفسهم الذين قطعوا أعمارهم بالأعمال السيئة، إذا تابوا إليه وأنابوا ولو قُبيل موتهم بأقل القليل، فإنه يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، فهذه الآية دلت على أن المخلِّط المعترف النادم، الذي لم يتُب توبة نصوحًا، أنه تحت الخوف والرجاء، وهو إلى السلامة أقرب.

 

وأما المخلط الذي لم يعترف ويندم على ما مضى منه، بل لا يزال مصرًّا على الذنوب، فإنه يُخاف عليه أشد الخوف.

 

النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء الاستفتاح:

((اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).

 

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((ظلمت نفسي واعترفت بذنبي)).

 

قال الشيخ خالد السبت حفظه الله:

"((ظلمت نفسي)) بما يقع من تقصيري في طاعة الله، والمخالفات، والمعاصي، فيعترف العبد ويقر بهذا، وكلنا مقصر، ولكن العبد حينما يبلغ به الجهل مبلغه يُحجب عن هذا النظر، ويظن أنه قد كمل، وأنه لا يتطرق إليه مثل هذا، وإذا دُعي له بالهداية غضب، فهو يرى أنه على استقامة وطاعة، فلا يحتاج إلى تكميل، ولا يعترف بالتقصير؛ لأنه دائمًا ينظر إلى من هو دونه فيما يتصل بالكمالات ومعالي الأمور ومراتب العبودية، ومن كان ينظر بهذا النظر - أيها الأحبة - فهو لا يزال ينسفل ويهبط؛ لأنه سيجد من هو دونه حتى ينحدر إلى الهاوية، وهو يقول: هناك من هو أسوأ، وهناك من هو شر مني".

 

وقال أيضًا حفظه الله:

"((فاغفر لي ذنوبي جميعًا))، هنا قدم هذا الاعتراف بالتقصير على سؤال المغفرة تأدبًا، انظروا إلى آدم وحواء عليهما السلام: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23] قالوا: ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا، والدعاء هنا يناسب ذكر اسم الرب تبارك وتعالى، كما هو الغالب في القرآن، وغالب دعاء الأنبياء: (ربنا)؛ لأن العطاء والمنع، والغفر والعفو، كل ذلك من معاني ربوبيته تبارك وتعالى.

 

((فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت))، الفاء هنا تدل على التعليل، مع دلالة (إن) على التوكيد، فإنه يقول: أنا أعترف لك، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فأتوجه إلى من؟ فأنت الذي تملك ذلك وحدك، دون سواك، ومن ثَم فإني أتوجه إليك بطلب المغفرة، فمغفرة الذنوب بيدك، وليست لأحد سواك، ولا يتولاها غيرك، ولا يقدر عليها مخلوق".

 

15- ((فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)):

ما أجمل ختام الحديث! إن الحديث بطوله كان مقدمة لذلك الدعاء، كان ثناء ومناجاة للوصول إلى تلك النتيجة وذلك المراد.

 

في حديث آخر:

فقال تبارك وتعالى: ((أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب)).

 

وفي الحديث:

أن عليَّ بن أبي طالب ركب دابته، وقال هذا الدعاء، ثم ضحك، فقال لأصحابه: ألَا تسألوني: لِمَ ضحكت؟ قالوا: وممَّ ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: ((ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته وقال هذا الدعاء وضحك، فقال لنا: ألا تسألوني: ممَّ أضحك؟ قالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: أضحك من ضحك رب العزة: يقول: علِم عبدي أن له ربًّا يغفر، فغفرت له)).

 

ما أرحم الله! يحب الرحمة والغفران، ويحب من عباده الإيمان والشكران.

 

قال تعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147].

 

قال السعدي رحمه الله:

"وهو يريد منكم التوبة والإنابة والرجوع إليه، فإذا أنبتم إليه، فأي شيء يفعل بعذابكم؟ فإنه لا يتشفى بعذابكم، ولا ينتفع بعقابكم، بل العاصي لا يضر إلا نفسه، كما أن عمل المطيع لنفسه، والشكر هو خضوع القلب واعترافه بنعمة الله، وثناء اللسان على المشكور، وعمل الجوارح بطاعته، وألَّا يستعين بنعمه على معاصيه".

 

16- ((ومن قالها من النهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة)):

"من قالها من النهار/ من قالها من الليل":

فيه أنه يُستحب قول الدعاء في النهار وفي الليل دون تحديد وقت، وإن كان الأفضل قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.

 

وأنه ينبغي على المؤمن المحافظة عليه في يومه وليلته.

 

17- "فمات من يومه قبل أن يمسي/ فمات قبل أن يصبح":

فيه أنه لا يعلم أحد موعدَ موته، فقد يأتيه الموت وهو في صحته دون سبب ظاهر أو حسيٍّ، فليستعد دائمًا للموت، ولا ينبغي أن يطول أمله.

 

18- "موقنًا بها/ وهو موقن بها":

فيه أهمية اليقين، ومعايشة الذكر والدعاء والعمل به.

 

وأنه ينبغي أن يواطئ القلب اللسان، وأن تخرج الكلمات نابعة من القلب قبل اللسان دون شكٍّ وارتياب.

 

هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سيد الاستغفار
  • سيد الاستغفار (تصميم)
  • سيد الاستغفار في ظلال سورة النحل
  • سيد الاستغفار (خطبة)
  • شرح حديث سيد الاستغفار

مختارات من الشبكة

  • تعظيم الله: درس من دروس رمضان 1445 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الثامن عشر: التعبير الحقيقي والتعبير الخيالي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السابع عشر: الإيجاز والإطناب في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس القيادة: 39 درسا لتعلم قيادة السيارة (جير عادي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السادس عشر: الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الخامس عشر: مقدمة في الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الرابع عشر: التقديم والتأخير في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الثالث عشر: التقديم والتأخير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس الثاني عشر: النهي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الحادي عشر: الأمر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب