ملخص بحث: خصوصية تعليم المرأة .. الجذور الشرعية وتحديات الواقع ( بحث ثامن )

ملخص بحث

خصوصية تعليم المرأة.. الجذور الشرعية وتحديات الواقع

(بحث ثامن)

اخترت هذا الموضوع؛ لأننا في عصر انفتاح على العالم، ووجب أن نضع قوانين وضوابط للمرأة؛ لأن تعليم المرأة سيتبعه عدَّة أمور ستُحدِث تغيرات على مستوى الأسرة، ومن ثم المجتمع؛ فالمرأة إذا شرع لها حق التعليم سيتبعه العمل.

وسيكون البحث مقسمًا إلى أبواب، وكل باب سيحتوي عدة فصول تناقش موضوع الباب، وستدور كل المواضيع حول المحور الرئيسي للبحث، وإن شاء الله نتناول كل المحاور بالتفصيل؛ لأنه فعلاً موضوع جدير بالاهتمام.

نحن نسمع ونشاهد قصصًا في كثيرٍ من البيوت تنمُّ عن مشاكل لا حصرَ لها، أغلبها يدور حول عدم فهم المرأة واحتياجاتها وعدم القيام بها، والنساء لهن شأن عظيم منذ عصر نبينا، إن أحسن توجيههن وقيادتهن، كما أن النساء يَعِشن واقعًا متفاوتًا في الظروف, متباينًا في التوجهات؛ فالنساء لا يَجِدن المتنفَّس الصحيح لهن، وفي نفس الوقت يعانين من ضغط في الأفكار التي تأتي من الخارج؛ فأصبحنا في تناقض شديد، وتكونت أُسَر لا تدري ما واجبها، وذلك يعود للتغيرات المفاجئة التي طرأت على الناس دون أن يحذروا من الانحراف، أو يتجذروا بأصولنا وأعرافنا؛ لذلك حبذت هذا الموضوع ليكون لبنة في بناء مجتمع صالح أقدر على التعامل مع المرأة في ظل تحديات العصر الحديث.

فالمرأة بصلاحها يصلح المجتمع؛ لأنها تستطيع أن تغير الرجل والأولاد وتدير المنزل، كما أنها نصف المجتمع وتكمل النصف الثاني؛ فالنساء للرجال خلقن والعكس، ولها مكانتها في ديننا الحنيف بحيث لها حق النفقه ولها حقها في الإرث، لذلك لا بدَّ من التوعية بسيكلوجية المرأة؛ لأن الرجل له حق القوامة عليها، والتثقيف بأحوال وظروف المرأة التي تمر بها حتى يحسن الرجال التعامل مع النساء، سواء كانت زوجة أو ابنة أو أختًا.

ولا بد أن نضع نصب أعيننا أهدافًا نصبو إليها، كأن يكون للمرأة شأن فيمن حولها؛ لتكون فاعلة مؤثرة مصلحة في محيطها، ومن ثم في مجتمعها؛ لئلا تكون مهمشة مهضومة الحقوق؛ لنحافظ على ما بقي من اعتزاز بالدين، وتطبيق لتعاليم قرآننا وسنة حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - في ظل تحديات من الخارج لإفساد المجتمع عن طريق الإضلال بالنساء وتغيير أفكارهن.

وما هذا البحث إلا محاولة لإيجاد منهج لكل من الرجل والمرأة؛ ليكونا طرفينِ كل يأخذ بيدِ الآخر؛ ليصلا لجنة عرضُها السموات والأرض؛ بحيث نتدارس معًا كل ما هو متعلِّق بهذا الموضوع، ونتعمق فيه؛ حتى نخرج منه بنتائج نتفق على صلاحيتها للتطبيق في زمن عاد فيه الجهل، وساد الأمر لمن هو غير أهلٍ له من العلمانيين والحداثيين الذين يريدون الوصول لأهداف لا ترضي ربنا, فصرنا في تناقض في قرارات تحكم على المرأة بناء على أفكار خاطئة ومعتقدات متشددة، فبين مَن يؤيد خروج المرأة دون قيود شرعية ولا ضوابط عرفية، وبين مَن لا يسمح لها حتى بحقها في إبداء الرأي وحق التعليم؛ لذلك كان حريًّا بنا أن نضعَ النقاط على الحروف، ونسير في خطوات وَفْق مبادئ قرآننا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فنُنشِّئ نساءً واعيات قادرات على مواجهة العقبات، ونحيي سيرة نساء قُدْنَ العالم فتقتفي النساء أثرهم، ونضع معالم لكل رجل ليهتدي إلى طريق سوي في علاقته بالمرأة.

كما أن الحديث في هذا الأمر بات عقيمًا؛ لأن كثرة الجدال ومناقشة مَن لا يريد الإصلاح سيصل بنا لطرق مسدودة، وسيؤثر سلبًا على النساء والرجال والأسر والمجتمع؛ لأن هذا الموضوع مغيَّب منذ زمن طويل.

بعد ذلك وجدنا مَن بدأ يتحدث فيه، وقد فتح هذا الباب شرورًا على الناس هم في غنًى عنها؛ لأن أحوال الناس غير ملائمة لتقبل أفكار جديدة، كما أن موضوع تعليم المرأة وخروجها للعمل مفرغ منه، فالشواهد التي تدل على أهليتها للعمل كثيرة، ولكن الفوضى التي أحدثت بين المفكرين والمثقفين تنمُّ عن تدخل مقصود ومتعمد ونوايا خبيثة ونفوس رديئة تنوي الإضرار بمجتمعنا المحافظ؛ لذلك كان لزامًا أن يكون هناك حدٌّ فاصل يقف عنده كل فرد، ليعلم الخطوط الحمراء التي لا يتجاوزها ويتخطاها إلى ما ينافي عقيدتنا، فنحن - ولله الحمد - لدينا العلم الموروث من السابقين، ونساؤنا قادرات على النهوض والإبداع.

فلماذا نختلف فيما هو متفق عليه، ونختصم فيما بيننا على مسلَّمات يعرفها كل منا؟!

هذا أيضًا مما سيحتويه البحث؛ لأنه مؤرق لكثير من الصادقين المصلحين.

وإن شاء الله سأختم البحث بما يستوفي جميع الأبواب؛ بحيث يكون آخر باب في التحدث عن خصوصية المرأة من خلال توضيح الفرق بينها وبين الرجل في طريقة التفكير، وطبيعتها النفسية والجسدية؛ لأن الاختلاف يوجد التكامل، ولن نتقدم إلا إذا أخذت المرأة حقوقها؛ فاستقرار المرأة النفسي سيجعلها أكثر إبداعًا وإنتاجًا، واستقرارها الأُسْرِي سيجعلها ملكة، وتحقيق ذاتها سيكون له بالغ الأثر في المجتمع؛ فما زال في المجتمع نساء فاضلات، وأهل للثقة والاحترام، ووجودهن مؤثر، ولكن ينقصنا تفعيل دور المرأة بشكل جادٍّ في كافة الميادين، والتخلص من المفاهيم والمغلوطات المعششة في عقول الكثير، والتي جعلت من نساء المسلمين متذبذبات تائهات إلا مَن رحم الله.

والمرأة لها حقوق لا بد من الأخذ بها بعين الاعتبار، سواء حقوق نفسية أو جسدية أو مالية، فلابد أن نواكب عصر التقدم والتطور بأن نجعل للمرأة حظًّا كبيرًا من الاهتمام، وتوليتها المهام؛ فهي أذكى من الرجل في عدة مجالات، وأثبتت جدارتها على صعيد الأسرة والتربية، كما أنه يتوجب إكرامها والقيام على شؤونها، وكما قال حبيبنا - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يُكرِمُهن إلا كريم)).

وكما نجح الغرب في إعطاء النساء كافة الامتيازات وساووا بينها وبين الرجل فيما يصلح لها وما لا يصلح, نحتذي حذوهم "فالحكمة ضالة المؤمن"، ولكن بعد أن نتجذر في تعاليم تناسب روح الإسلام، ونؤسِّس فكرًا صالحًا يتفهم طبيعة المرأة، وننهل من تجارب السابقين القيم السليمة التي ورثوها ومضوا بها، ولتثقِ النساء بدينهن، ويسعين ليكنَّ من قادته، ويبعدنَ عن الذنوب التي تذهب بجمال روح المرأة؛ لأن أغلب مَن يفسد من الرجال بسب فساد نساء أوقعن بهم، وما فسد هؤلاء النساء إلا لأن الرجال لم يقوموا بهن حق القيام؛ فهي حلقة ربط متصلة فكل له حقوق وواجبات، وعلاقة مطرده كلما فسدت المرأة فسد الرجل أو الرجال.

لذلك أسأل الله - عز وجل بمنه - وفضله أن يوفقني لما يفتح به عليَّ وأستطيع تلخيص ما يمكن، وجمع ما أقدر في هذا الشأن.