ملخص بحث: سؤال المواطنة والانتماء في النظام المعرفي الإسلامي وأثره في حفظ السلم الاجتماعي

ملخص بحث

سؤال المواطنة والانتماء في النظام المعرفي الإسلامي وأثره في حفظ السلم الاجتماعي

دراسة سننية مقاصدية: من فقه الانتماء إلى فقه التنمية

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وبعد:

فهذا ملخص مختصر لأهم ما احتواه هذا البحث المتواضع:

أولاً: بالنسبة لعنوان البحث:

فقد أسميته: "سؤال المواطنة والانتماء في النظام المعرفي الإسلامي وأثره في حفظ السلم الاجتماعي: دراسة سننية مقاصدية من فقه الانتماء إلى فقه التنمية"، وهذا لكون موضوع الانتماء إلى الأوطان في حاجة إلى دراسة وافية من عدة جهات، أولها: الجانب المتعلق بالسنن الإلهية لكون الانتماء في حد ذاته فطرة إلهية مغروسة في الإنسان، ومن جهة أخرى الجانب المقاصدي لارتباطه بالمصالح، فالسلم الاجتماعي مصلحة من المصالح الكبرى التي تتغياها الشريعة الإسلامية.

وقد قسمت البحث إلى ثلاثة فصول:

أما الفصل الأول: فقد كان عنوانه فلسفة المواطنة والانتماء في النظام المعرفي الإسلامي.

ضمنته أربعة مباحث، في الأول تناولت بنية النظام المعرفي الإسلامي وطبيعته، وفي الثاني تطرقت إلى حاجتنا إلى النظام المعرفي الإسلامي لترشيد مفاهيم الانتماء، أما المبحث الثالث فقد تناولت فيه مدخلات مفاهيم الانتماء ومخرجاته من خلال هذا النظام، وفي آخر الفصل تحدثت عن المعادل الموضوعي لفقه المواطنة والانتماء في النظام المعرفي الإسلامي.

أما الفصل الثاني فقد كان بعنوان: فقه المواطنة والانتماء من مرحلة التفهيم إلى مرحلة التنزيل، تناولت فيه على غرار الفصل الأول موضوع فقه الانتماء من حيث التسمية والمضمون والمسائل التي يتناولها، كما تعرضت فيه بنوع من التفصيل إلى علاقة فقه الانتماء بغيره من العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية، وموقعه في بنية العلوم وفلسفتها.

أما المبحث الثاني من الفصل فقد تناولت فيه موضوع الجملة المفيدة لفقه الانتماء وطرق إثباتها، وفي هذا المبحث المهم في الدراسة فصلت في موضوع الجملة المفيدة لفقه الانتماء وآثارها على السلم الاجتماعي، وذلك من خلال التطرق إلى مسالك الكشف فقه الانتماء ودورها في فهم موقع دائرة الانتماء الوطني مع مجموع الدوائر الأخرى التي تترابط فيما بينها ترابطًا بنيويًّا.

أما الفصل الثالث والأخير من الدراسة فقد كان بعنوان: إدارة قيم المواطنة والانتماء من خلال النموذج الإرشادي المقاصدي، قدمت له بتمهيد وقسمته إلى مبحثين، تناولت في المبحث الأول مفهوم النموذج الإرشادي المقاصدي وثمرته في قياس سلوك المواطنة الإيجابي، وذلك من خلال مؤشرات مقاصدية محددة، وهي مؤشر المصلحة والإصلاح والصلاح، وهي المؤشرات التي نصبناها علامة على سلامة وصحة وإيجابية سلوك المواطنة والانتماء، وفي المبحث الثاني تناولت مفهوم إدارة قيم المواطنة والانتماء وأثرها في جودة السلم الاجتماعي، وذلك من خلال بيان الأثر الذي تتركه الإدارة الإيجابية لقيم الانتماء في المجتمع والوطن في مجال السلم الاجتماعي مركزًا على أثر ذلك في مجال الحوار الاجتماعي، وتنمية قيم الانتماء في اتجاه التعارف على المعروف وتقوية ثقافة الاحتساب في الأمة باعتبارها إحدى الركائز التي تحافظ على اختراق أمن الأمة من كل النواحي، وختمت هذا الفصل بمطلب أخير تحت عنوان إدارة قيم المواطنة من فقه الانتماء إلى فقه التنمية.. حاولت من خلاله الإشارة إلى ضرورة الاستثمار في فقه الانتماء وتحويل طاقته الإيجابية إلى ميدان التنمية.

وفيما يخص أهم التوصيات فهي في مجملها كما يلي:

• النظر في موضوع الانتماء وأبعاده المتنوعة من المنظور المعرفي الإسلامي من شأنه أن يجيب عن الكثير من الأسئلة والإشكاليات باعتبار المنظور المعرفي هو البوابة والقالب الذي نستطيع من خلاله الإجابة عن كل سؤال واستشكال، ففي النظام المعرفي نستطيع أن نفهم موضع كل شيء.

• أن معرفة فقه الانتماء وأثره في السلم الاجتماعي للوطن والأمة ضرورة وفريضة، ضرورة من باب أنه مما لا يتم واجب الحفاظ على الأوطان إلا به لانبِنَائِه على تلك القواعد والأسس والآليات اللازمة والمكملة لبنية الأوطان، وفريضة لكونه أحد أهم مقاصد الشريعة الإسلامية؛ فالاستقرار والسلم الاجتماعي المستديم مطلب تنخله الشريعة نخلاً وتقصده قصدًا، ولا أدل على ذلك من تسييجها لحمى الأوطان من محاولات تسور محرابها الاجتماعي المتمثل في وحدتها وقوة كيانها وسلامة نسيجها.

• أن الانتماء بمختلف دوائره وأنواعه، سنة كونية بمقتضى التكوين الإلهي للإنسان، وهو من النوع الذي أمر الله بوصله تكوينًا قبل أن يأمر بوصله تشريعًا؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27]، ولذلك لما جاءت الشرائع لم تفرق أو تلغِ أيًّا من هذه الدوائر، بل جمعت بينها جمعًا يتوافق فيه التشريع مع التكوين، كما اعتبرت كل دائرة حمى وحرمًا آمنًا لا يجوز تخطيه.. ومن هذا القبيل عُدَّ العبث بآحادها عنوانَ ومقدمة الفساد في الأرض؛ لأن الفساد إذا تطرق إلى أي دائرة من هذه الدوائر فإنه سيمتد إلى غيرها؛ لوجود العلاقة والرابطة، فكان الحفاظ على مختلف الدوائر عنوان النجاح في إدارة الحياة.

• ضرورة النظر في تلك القوانين التي تربط بين دوائر الانتماء بداية من دائرة الأسرة وصولاً إلى الدائرة الكونية وما يتخللهما من دوائر، ومن ضمنها دائرة الأوطان، لاستثمار هذا الترابط في مشروع الاستخلاف في الأرض، وذلك من منطلق أنه لا تعارض بين هذه الدوائر؛ فهي تكمل بعضها البعض.

• إن الحفاظ على الأوطان لا يظهر إلا بصدق الانتماء، وهذا الأخير ترجمانه المواطنة الصالحة والإيجابية الفاعلة في مختلف ميادين الحياة وقطاعاتها.. ومن هنا فإنه من الواجب الانتقال بفقه المواطنة من دائرة بيان وتأصيل شرعية ولزومية الحفاظ على الأوطان إلى دائرة أخرى لا تقل أهمية عنها، وهي النظر في الكيفية التي يصبح فيها المواطن المسلم صالحًا في مجتمعه منتجًا مؤثرًا فاعلاً متفاعلاً إلفًا مألوفًا، ومصلحًا في الوقت نفسه؛ حيث يتعود أن يصلح ما يفسده الآخرون، خاصة وأن ذلك من طبيعة وشأن وطينة المسلم؛ حيث يجعل من نفسه وجهده وطاقته الحسنة التي تتبع كل سيئة في المجتمع والوطن فتمحوها، وليس ذلك إلا للمؤمن فقط.

• فقه المواطنة والانتماء لا يقتصر على الأوطان التي تدخل في دائرة دار الإسلام فقط، بل تمتد إلى غيرها من الأوطان، فالأرض كلها موطن المسلم وداره، والأرض أرض الله، والعباد عباد الله؛ ولذلك فإن النظر في فقه الانتماء في شقه المتعلق بانتماء المسلمين إلى البلاد الغربية ضرورة وواجب لتعزيز وجودهم وترشيد حركتهم، حتى يكون المسلم مصدرًا من مصادر السلم والخير وعنوانًا من عناوين الخير في الأرض، ومن هذا المنطلق نوصي بضرورة الأخذ بعين الاعتبار النظر في الجديد والمتجدد في تلك الديار التي أصبحت دار دعوى وإقامة الشهادة على الناس؛ فالمسلمون فيها تجاوزوا مرحلة الوجود الشكلي إلى كونهم أمة من الأمم لهم فيها حقوق المواطنة كاملة دون نقصان.

• نوصي بضرورة تعزيز مفهوم الانتماء ودراسته دراسة شاملة وافية ضمن إطار مقاصد الشريعة حيث تتجلى لنا فائدته وقيمته أكثر فأكثر إذا نظرنا إليه من زاوية كونه مصلحة من المصالح المعتبرة شرعًا وكونًا، كما نوصى هنا بتحريك الآليات والقنوات المناسبة لزيادة الوعي في الأمة بأهمية موضوع الانتماء وعلاقته الوطيدة بالسلم الاجتماعي، وذلك بزيادة المادة الإعلامية في القنوات الفضائية وتوجيه المؤلفين إلى الكتابة في الموضوع كتابة مقاصدية سننية اجتماعية شاملة.

وفي الأخير لا يسعني إلا أن أشكر لكم جهدكم وطول صبركم، جزاكم الله كل خير، أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.