ملخص بحث: الإعلام الجديد ( رؤية وآفاق )

ملخص بحث

الإعلام الجديد (رؤية وآفاق)

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، محمد المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

سبحان معلم الإنسان، سبحان مسخر الأكوان، سبحان من تعاقب بسره الليل والنهار، وأجرى في هذا الكون الينابيع والأنهار، سبحان من بقدرته علَّم الإنسان ما لم يعلم، ومكنه فيما لم يفقه، وآتاه سبل الحياة والمعاش، وسخر له المواد والآفاق، حتى أصبح العالم الذي يعيش به، مثل قرية صغيرة، أبعادها واضحة، وآفاقها ممكنة، وبقدرته - تعالى - جمع في يد الإنسان أسباب البقاء، وسخر له ما يشغل عقله وتفكيره، فينتج، ويعمر الأرض، ويفكر ويبحث، ويعمل العقل فيما اكتشف، ويطوع كل شيء في خدمته، سبحانه جل وعلا، أعطى ولم يحرم، أكرم ولم يبخل، سهَّل ولم يشق، له الحمد حتى يرضى، وله الشكر تبارك وعلا.

نحمده - تعالى - ونثني عليه الثناء كله أن آتانا ما يقوم بحياتنا، ومكن لنا ما نعيشه من رغد ودعة، واطمئنان على كل ما يهمنا أمره، سهل لنا الاتصال والعطاء، وتقاربت بنا المسافات، فلم نعُد نقلق، ولم تعُد الحياة صعبة كما كانت.

إننا نعيش واقعًا تيسرت فيه سبل الاتصال، وأصبحنا نعلم ما يكمن في قارات أخرى من أحداث ولم يعد للجهل مكان، فكل شيء أصبح متوفرًا، نرى على شاشات تلفازنا كل جديد، ونقرأ في متصفحاتنا كل ما نرغب، ولا يفصلنا عنه شيء، عصر نعيشه هو إعلام بحد ذاته، واكتشاف لأدق تفاصيل العلم والمعلومات، يتجدد في التو واللحظة، وتتعدد وسائله كل يوم وتتنوع، حتى ما عاد بالإمكان اللحاق به والتحكم فيه، من يرغب فيه بفرصة سيجد ألف فرصة، ومن يحاول فيه أن يتعلم سيكون موسوعة، ومن يهدف فيه للمجد يصل إليه، هي ضغطات على أزرار، ونملك العالم أجمع بين يدينا، والجهل كل الجهل إغفال هذا التطور والوقوف في وجهه، وادعاء عدم الحاجة لفهمه واستيعابه.

وفي ظل هذا التنوع والانفجار المعلوماتي، وجب علينا أن نفهمه ونستوعبه، وأن نوظفه لخدمة حياتنا ومسيرتها، ونحقق ما نصبو إليه من خلاله، وأن يكون خادمًا لنا وليس عبئًا علينا.

في هذا البحث محاولة لفهم ما وصلت إليه التقنية الاتصالية في واقعنا الحالي، ومحاولة لسبر أغوار الإعلام الجديد الذي ملأ علينا حياتنا بما هو أكبر منها، محاولة لفهم ما شغل الأوقات وتصدر المجالس والأحاديث، وأصبح محور الحياة الاجتماعية دائرًا عليه.

تطرقت في بحثي لماهية الإعلام والاتصال، وكيف نشأ الإعلام وتطور، كيف كان قديمًا وكيف أصبح حديثًا، وضعت فيه الفروقات التي أصبحت هي مشكلاً للفرق، ثم فصلت في الإعلام الجديد ووسائله، وثورة المعلومات والإنترنت، وانتشار الشبكات الاجتماعية وأثرها في حياتنا، وأدرجت بعضًا من الإحصائيات والتصنيفات العالمية، ثم ختمت بوصف تحليلي لأهم الشركات المسيطرة على الإعلام في وقتنا الحالي.

يتكون البحث من أربعة مباحث رئيسية وشرحها كالتالي:

المبحث الأول: الإعلام والاتصال:

ويتكون من فصلين رئيسيين:

الفصل الأول: مفهوم الإعلام وأهم وظائفه:

وفيه تطرقت لمفهوم الإعلام ونشأته القديمة، وأهم وظائفه والتي هي مستمرة في الإعلام الجديد ولكن بصورة مختلفة، وكذلك ذكرت علاقته بالتربية وأهم الوظائف المتعلقة به.

الفصل الثاني: مفهوم الاتصال ومكوناته ووظائفه:

يشرح هذا الفصل مفهوم الاتصال لارتباطه الوثيق بالإعلام الجديد، وأهم مكونات الاتصال ونماذجه والوظائف التي يقوم بها.

المبحث الثاني: الإعلام الجديد:

وفي هذا المبحث عرض تاريخي وشرح لمفهوم الإعلام الجديد ويتكون من 3 فصول:

الفصل الأول: مفهوم الإعلام الجديد وأهم خصائصه.

الفصل الثاني: الفرق بين الإعلام القديم والإعلام الجديد.

وهنا تظهر أهمية البحث في فهم الفرق بين الإعلام القديم والجديد وأهم ما تميز به الإعلام الجديد عن الإعلام القديم، وذكر لأهم أنواع الإعلام الجديد.

الفصل الثالث: الإنترنت والثورة الرقمية ودورها في الإعلام الجديد.

وفيه تفصيل تاريخي لبدء الإعلام الجديد ونشأته وكيف أصبحت التقنية الحديثة محركه وعماده الأساسي، ثم تطور طرق التواصل الاجتماعي تبعًا لذلك، وذكر لأهم الوسائل وأكثرها أثرًا (الحاسب الإلكتروني والإنترنت).

المبحث الثالث: مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية.

وفي هذا المبحث تفصيل حول الشبكات الاجتماعية ونشأتها وتطورها وأثرها على طرق التواصل الاجتماعي وانتشارها، ويتكون من فصلين رئيسيين:

الفصل الأول: النظرية والتحليل والنشأة.

الفصل الثاني: خدمات الشبكات الاجتماعية وأنواعها.

المبحث الرابع: أهم المواقع والشبكات الاجتماعية العالمية.

وقد ذكرت في هذا المبحث حصرًا لأهم الشبكات الاجتماعية في الوقت الحاضر، والترتيب العالمي لأهم المواقع التي يقضي عليها مستخدمو الإنترنت أغلب الوقت، ويتكون من 3 فصول:

الفصل الأول: تصنيفات عالمية للمواقع والشبكات الاجتماعية.

تصنيف ألكسا وأهم المواقع العالمية التي رتبت الشبكات الاجتماعية بناءً على استخدامها وبعض الإحصائيات.

الفصل الثاني: نبذة عن أهم المواقع والشبكات الاجتماعية.

وفيه نبذة عن أهم المواقع العالمية، مثل: فيس بوك وتويتر وجوجل بلس والمدونات الإلكترونية.

الفصل الثالث: فيس بوك وتويتر (تحليل ودراسات).

كيف تأثر موقع فيس بوك بصعود المزيد من مواقع التواصل الاجتماعي ومقارنة بينه وبين تويتر.

أهم النتائج والتوصيات:

1- الإعلام هو الاتصال الجماهيري الذي يمثل أحد أنواع التواصل الإنساني ويتضمن تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات؛ فهو ذو رسالة مهمة تقوم على إعداد المعلومات وتوصيلها للأفراد وإقناعهم بصحتها.

2- لقد أصبح الإعلام السمة المميزة للعصر، وأضحى تأثيره في حياتنا طاغيًا لا يستطيع معه أي فرد في أي ركن من أركان الدنيا أن يتجنبه، إنه يصنع العقول ويحركها، يغير اتجاهات الأفراد ويوجههم إلى حيث يشاء، بل هو يصنع الأحداث، بل ويصنع الأخبار، يخطو بالشعوب والدول ويتقدم بها إلى الأمام، تلك مهمة الإعلام الرشيد، أو يخطو بهم إلى الوراء، إلى التخلف أو الثبات والجمود، هو ما يصنع إعلامًا ظلاميًّا غير مستنير، يتسم دائمًا بالجمود، أو إعلام مغرض عدائي يسعى إلى وقف مسيرة الشعوب نحو ما هو أفضل لها، إن الإعلام هو الذي يرسم اليوم ما يمكن أن نطلق عليها الخريطة الإدراكية الوجدانية والإدراكي أمام ضغوط توجهات إعلامية تسعى إلى تجريد الأفراد من هويتهم وانتماءاتهم وقيمهم ومعتقداتهم وثقافتهم الذاتية.

3- أهم وظائف الإعلام تتلخص في التالي: (التثقيف العام وتكوين الآراء والاتجاهات، التعليم الشعبي العام المفتوح، توثيق المعلومات والبيانات، بث ونقل الشعائر الدينية، التسلية والإمتاع والترفيه، الرقابة العامة، التنمية الاقتصادية، بناء العلاقات العامة).

4- الاتصال والتواصل الإنساني يختلف عن الإعلام بمفهومه القديم، ويكاد يكون منفصلاً عنه، ولكن في الإعلام الجديد يختلف الحال تمامًا؛ حيث إن محرك الإعلام الجديد في الوقت الحالي هو الاتصال والرغبة في التواصل الإنساني.

5- يحتاج الناس إلى الإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي بناءً على عدة أغراض تكمن في داخلهم كالحاجة إلى البقاء والحاجة إلى الأمان والشعور بالاطمئنان، كذلك لأجل ممارسة القوة والسيطرة على الآخرين، والإعانة في اتخاذ القرار وفهم العالم من حولنا.

6- إن ظهور أي وسيلة إعلامية جديدة لا يعني اختفاء أو انقراض الوسائل السابقة لها، في المقابل ظهورها يعني تمامًا أن على الوسائل القديمة أن تتخذ إجراءات وتعديلات تساعدها في التأقلم مع أجواء المنافسة.

7- إن الإعلام الجديد ليس بثًّا أحاديًّا وتلقيًا إجباريًّا مثل ما كانت تتميز به نظم الإعلام القديم، ولكنه تفاعل يختار فيه الناس احتياجاتهم، ويشاركون هم في الوقت ذاته ليس بالرأي فقط ولكن بإعلام شخصي خاص بكل فرد على حدة.

8- لقد اتضح في هذا البحث الفرق بين الإعلام القديم والإعلام الجديد، حيث من أهم هذه الفروقات:

التفاعلية: حيث أصبح للمتلقي دور في الاتصال والمشاركة، بعكس ما كان يحدث في الإعلام القديم؛ حيث إن المتلقي لم يكن له دور في المشاركة.

تفتت الجماهير: فلم تعُد كتلاً ضخمة غير متجانسة، بل تحولت إلى وحدات صغيرة، وكل فرد يتلقى ما يناسبه من مواد، ولا يجبر أي فرد على متابعة ما لا يهمه.

قابلية الانتقال: أي يمكن استخدامها لأغراض أخرى، مثل الحاسب المحمول الذي يمكن تزويده بطابعة، وأصبح متناولاً في كل وقت وفي أي مكان.

الشيوع: فوسائل الإعلام الجديدة لا تقتصر على نطاق نخبوي أو فئوي بل تنتشر على نطاق اجتماعي واسع.

العالمية: فقد سهلت سبل الاتصال ولا تقتصر على دولة أو إقليم، بل تعدى ذلك لإمكانية الاتصال بكل العالم وبتكاليف بسيطة عكس ما كان سابقًا.

9- أتاحت وسائل الإعلام الجديدة حرية التلقي للمستخدِم والمستقبِل لرسائلها والخروج من الاحتكارات الرسمية للمعلومات والأخبار والمادة الإعلامية ككل، كما تحسن بها الأداء المهني للوظيفة الإخبارية، وأصبح هناك انفجار معلوماتي وتوفر لكل ما يراد معرفته وفهمه.

10- من أهم السلبيات التي تلت ازدهار الإعلام الجديد هو تسطح الوعي واختراق الهوية الثقافية للأفراد والجماعات، وظهور السلبية لدى المتلقين، والترويج لقيم ومعتقدات وسلوكيات غربية وانتشارها في المجتمعات.

التوصيات:

1- الإعلام الجديد فرصة كبيرة لترتيب الأوراق والانطلاق من حيث ابتكر الآخرون، دعمًا وتطويرًا للمورد البشري "الفرد" فهو من يغذي المحتوى العربي، وفرصة للتنافسية التكاملية في مختلف المجالات، لا بد أن يكون التفكير هنا كيف نخطط للجيل القادم.

2- مصداقية الإعلام الجديد جلية في تأثيره المباشر وغير المباشر في حياتنا وتأثيرنا فيه، الذي أصبح واقعًا ملموسًا، عبر وسائله من مواقع تفاعلية وإعلام اجتماعي Social Media، التي وضحت فعليًّا دور الإعلام الجديد وتأثيره، لترصد ما يقال تجاه أمر أو قضية ما، فلا بد هنا من بناء واستحداث الوسائل المناسبة للتعامل معه.

3- الإعلام الجديد دافع كبير للتعلم والتطوير في الثقافة العامة والتخصص، وربط الصنعة بالصنعة، وتحويل الهواية للاحتراف بإعطائها الوقت الكافي لها، وفي الإعلام الجديد فرصة كبيرة للتطوير والتعلم وطرح الأفكار بكل سهولة، وهذا حتمًا طريق للنهضة والتقدم، فوجب توجيه الأجيال القادمة وتعليمها فن الاستفادة من هذه الفرص.

4- إن هناك تغييرًا كاملاً يلمس الوسائل الإعلامية القائمة تكنولوجيًّا وتطبيقيًًا، كما أن هنالك مستحدثات إعلامية غير مسبوقة تأخذ مكانها الآن، وقد جاءت بتطبيقات وخصائص جديدة، كل هذا يحتاج منا إلى عمل أكبر، نحو إعلام جديد مميز، إعلام هادف، إعلام يرقى بالعقول لا يحطمها، إعلام نجد فيه ضالتنا، نجد فيه ما يريحنا ويجعلنا أفضل.