ملخص بحث: كتاب الصفحات الشخصية (الفيس بوك) في ظلال الإسلام

ملخص بحث: كِتَابُ الصَّفحَاتِ الشَّخْصِيَّةِ

(الْفِيس بُوك) في ظِلَالِ الإِسْلَامِ

[الإعْلامُ على الشَّابكةِ...الفيس بوك نموذجاً]

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على خيرِ المرسلين نبينا مُحمَّد الصَّادق الأمين وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أما بعد:

قَالَ تَعَالَى بعد أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: ١٦٠]، ومما جاء في الصحيحين عن أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ).

ربما ترددت بخوض غمار الفيس بوك والذي سأطلق عليه تسمية (كتاب الصفحات الشخصية) لأسباب ومبررات وضعتها في سياق البحث، ومردّ التردد ليس التهيب أو الصعاب أو وضاعة الموضوع وإنما الظروف التي تمر بها أمتنا عموماً والشام خصوصاً والتي تجعل الاهتمام بالبحث العلمي آخر الاهتمامات، ولكن وبعد طويل تفكير وجدت نفسي في خضم بحر هذا الموضوع لأني وجدت أن جيلاً كاملاً وربما أجيالاً عديدة قادمة يعنيها الأمر وربما يكون في بحث الأمر بعض ماينير الطريق.

لقد كانت الشابكة من نعم الله عز وجل علينا والتي جاءتنا كتقنية فريدة على بساط الحضارة وهي واقع لا يمكن إنكاره ودخلت كل مجالات حياة الإنسان المعاصر، وهي ليست غاية بحد ذاتها، وكأيِّ نعمةٍ فإنها سلاحٌ ذو حدين قد تؤذينا إن لم نحسن استخدامها والعمل بها ومعها. إن كتاب الصفحات الشخصية "الفيس بوك" ماهو إلا مولود حديث للشابكة أخذ منها وبنى عليها فكان قصراً رواده جلُّ البشر فيه من المغريات الكثير ومن النفع شيءٌ غزيرٌ ومن الضرر أمرٌ ليس باليسير.

لقد تعددت المواقف من جديد العصر (كتاب الصفحات الشخصية) مابين مؤيد ورافض ومابينهما درجات متنوعة، حقيقة لم أجد به إلا واقعاً لا يمكن إنكاره، ولا بد من معرفته وتطويعه ليكون معنا لا علينا، نأخذ بيده نحو استخدام يرضي الله سبحانه ويأخذ بيدنا نحو مجاراة العصر وتقنياته، ولمن لا زال في قلبه توجّس من هذا القادم الجديد أقول إن القصف الحضاري التقني (التكنولوجي) على أبنائنا أخطر أو على الأقل يعادل القصف بالمفهوم الآخر.

مثّلت بوّابة البحث المنهج الذي يسير عليه البحث وإطاره العام وضوابطه من التزام شرعي بالدين الحنيف على مذهب أهل السنة والجماعة، وتمكين للغة العربية الفصحى، وإيراد للآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة حسب مقتضى الضرورة، بالإضافة لضوابط الأبحاث المتعارف عليها. لقد كان من أساسيات البحث الالتزام بالأخلاقيات الإسلامية الفاضلة وترسيخ قوله تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: ٧-٨] في العقول والقلوب، وترسيخ مبدأ أن المسؤولية أنواع والكل مسؤول تطبيقاً لحديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ألا كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه) رواه البخاري في صحيحه.

في المحطة الثانية تطرقنا للمسمى، لنعرّج في المحطة الثالثة على تاريخ كتاب الصفحات الشخصية الذي أطلقه مارك زوكربيرغ " في 13 ذي الحجة 1424 هـ الموافق لـ 4 فبراير "شباط" 2004 م وبفترة زمنية قصيرة نسبياً وطّد الموقع نفسه على سطح الشابكة بإنجازات هائلة وسريعة وبنمو فاق كل التوقعات بحيث تجاوز عدد المستخدمين حالياً المليار شخص، لقد كان عام 1430هـ الموافق لـ 2009م عاماً تعريبياً في مسيرة كتاب الصفحات الشخصية بجهود أبناء الأمة الغيورين على لغتها. المحطة الرابعة استعرضت ميزات كتاب الصفحات الشخصية وخصائصه التي أعطته أفضلية على غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، مثل المجانية واستمراريتها، والسهولة بالاستخدام، وعبوره للحدود والتطوير المستمر وجاذبية المحتوى وموافقته لمختلف الأذواق والأهداف والآراء والطموحات، وتوفره بأكثر من سبعين لغة حول العالم، وإمكانية الوصول إليه عبر الحاسوب والهواتف الجوالة وسهولة ربطه بأي موقع أو خدمة على الشابكة، بالإضافة لدوره الأساسي بتحقيق الترابط والتواصل مع الأقارب والأصدقاء والآخرين والتعريف بالذات وتحقيق الشهرة.

لقد تصدر كتاب الصفحات الشخصية "الفيس بوك" قائمةَ المواقع الأكثر شعبيةً وتصفحاً في العالم، ومجتمعاتنا العربية والإسلامية ليست بمنأى عن هذا الانتشار، ففي مصر وصل عدد المستخدمين إلى أكثر من اثني عشر مليون حساب بنهاية عام 1433 ه الموافق لنهاية عام 2012م، وفي المملكة العربية السعودية قارب العدد الستة ملايين بذلك التاريخ، أما في إندونيسية فقد تجاوز الخمسين مليون مستخدم وفاق الثلاثين مليون حساب في تركيا.

تمثل المحطة الخامسة متن الكتاب وعموده الفقري ففيها تركنا كتاب الصفحات الشخصية يعرِّف عن نفسهكما هو بحيث أوردنا المعلومات والبيانات كما وردت في آخر مراجعة له وقدمنا تعليقنا وشرحنا وتوجيهنا بخصوصها على شكل حوارية ثنائية هادفة وفق الضوابط المذكورة أعلاه واضعين نصب أعيننا الهدف المقصود ألا وهو تطويع هذه التقنية بما يرضي الله عز وجل متخذين من قوله تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71] أساساً للبنيان. اختص الفصل الأول من هذه المحطة ببيان الحقوق والمسؤوليات فتعرض للخصوصية، ومشاركة المحتوى والمعلومات الخاصة بالشخص، والأمان، وأمان التسجيل والحساب، وحماية حقوق الأشخاص الآخرين، والهاتف المحمول والأجهزة الأخرى، وعمليات الدفع، والأحكام الخاصة الواجبة التطبيق على المكوّنات الإضافية الاجتماعية، والأحكام الخاصة بمطوري ومشغّلي التطبيقات والمواقع الويب، والإعلانات والمحتويات التجارية الأخرى والأحكام الخاصة بالمعلنين، والأحكام الخاصة بالصفحات والبرامج والتعديلات والإنهاء والمنازعات والمستخدمين خارج الولايات المتحدة.

لقد ركز الفصل الثاني على سياسة استخدام البيانات فبيّن المعلومات التي يتلقاها الكتاب وكيفية استخدامها من معلومات التسجيل إلى المعلومات التي يختار المستخدم مشاركتها أو التي يشاركها الآخرون عنه إلى المعلومات العامة ومنها الاسم والصور الشخصية وصور الغلاف والشبكات والجنس واسم المستخدم ومعرِّف المستخدم، كما تطرق لكيفية استخدام المعلومات وحذف الحساب وتعطيله، والمشاركة مع الشخص والعثور عليه في صفحات الكتاب الشخصي، ووسائط التحكم والوصول على الهواتف والأجهزة الأخرى وسجل النشاطات والروابط والإشارات والمجموعات والصفحات ومواقع الشابكة والتطبيقات الأخرى، وكذلك المنصة والمكونات الإضافية الاجتماعية ومحركات البحث العامة وكيفية عمل الإعلانات المخصصة والأحداث المرعية، وملفات تعريف الارتباط والملاذ الآمن والإشعارات والدعوات وإحياء ذكرى الحسابات والمؤسسات الفرعية وتغيير التحكم وإشعار التغييرات. أما الفصل الثالث فقد بحث معايير مجتمع كتاب الصفحات الشخصية وتحديداً فيما يتعلق بالعنف والتهديدات والأذى النفسي والإساءة والمضايقات والخطاب الذي يحض على الكراهية والمحتوى المصوّر والعري والصور الإباحية والهوية والخصوصية والملكية الفكرية والخداع والبريد الإلكتروني العشوائي والأمان والإبلاغ عن إساءة، أما الفصل الرابع فقد ركز على الأدوات التفاعلية كمعاينة الصفحة الشخصية ومعاينة صفحة البحث العامة والتطبيقات المستخدمة وتنزيل المعلومات واستهداف إعلان ما وواجهة برمجة التطبيقات للرسوم البيانية.

في المحطة السادسة تناولنا مشاهد من حياتنا والواقع، فكان طفلنا ربان سفينة الشابكة أحد تلك المشاهد، والمشهد الثاني كان لصفحة من كتاب الصفحات الشخصية وكيف اشتمل تصفحها غير اللائق على أكثر من عشرة أخطاء، وثالث المشاهد كان حول المحادثة (الدردشة) التي أضحت أشهر من نار على علم بعصرنا، والمشهد الرابع كان مسرحه المدرسة والعملية التعليمية، وآخر المشاهد صوَّر تأثير الكتاب الاجتماعي والسياسي والديني.

نظراً لما تمثله قضية الإعاقة من خصوصية وواجب فقد تخصصت المحطة السابعة بدراسة الجوانب المختلفة من علاقتها بكتاب الصفحات الشخصية "الفيس بوك" فكان هناك تمهيد حول الإعاقة أكد على نشر الاهتمام بهذه القضية وتوعية الناس لها وتحفيزهم لدعمها كما يريد الله عز وجل من جهة، وكيفية تعامل شرائح المعاقين المختلفة مع كتاب الصفحات الشخصية نظراً لخصوصية كل إعاقة وما يتبع ذلك من متطلبات خاصة بها من جهة ثانية. إن للإسلام والإعاقة علاقة يأتي توضيحها ضمن الجانب الأول من علاقة كتاب الصفحات الشخصية بقضية الإعاقة ونشر نظرة الإسلام لها على أوسع مدى ممكن لزيادة الاهتمام بالقضية من جهة وتوضيح نظرة الإسلام للقضية بذهن المسلمين وتعزيز النظرة الإيجابية للإسلام عند غير المسلمين أو تكوين فكرة إيجابية جديدة لديهم حول ديننا الحنيف، ولتطبيق الجانب الثاني كان لابد من ذكر أنواع الإعاقات الرئيسية وأولها الإعاقات الجسدية، وثانيها الإعاقات العقلية، وثالث الأنواع الإعاقات الحواسية التي تشتمل على ضعف أو فقدان للسمع و/أو النطق و/أو النظر، والإعاقات قد تكون معزولة في عضو أو طرف أو جزء أو وظيفة ما في البدن، وقد تكون مختلطة تشتمل على إعاقتين أو أكثر عند نفس الشخص، ولكل إعاقة خصوصية ومتطلبات واحتياجات معينة عند تفاعلها وتعاملها مع كتاب الصفحات الشخصية ويمثل تلبية ذلك أو تأمينه خلاصة النظرة الحضارية ودرجتها في مجتمع ما نحو قضية الإعاقة. المحطة الثامنة تخصصت بلغة الضاد وواجبنا نحوها في خضم تعاملنا مع كتاب الصفحات الشخصية، أما المحطة التاسعة فقد وضعت الكتاب في الميزان وبينت أنه سلاح بحدين، وأن خير الأمور أوسطها في تعاملنا مع كتاب الصفحات الشخصية خصوصاً والشابكة عموماً كما علمنا ديننا الحنيف، ويجب تدعيم الحصانة والمناعة الذاتية للمجتمع عموماً والفرد خصوصاً، إن التمنيع الذاتي الذي يربط الإنسان عموماً والطفل تحديداً بأسرته وأمته ودينه بعرى لا تنفصم هو جوهر الحل، وبالطبع مع وجود هذا التحصين الذاتي تتلاشى الأخطار ولانخشى من أن يسبح أبناؤنا في بحار كتاب الصفحات الشخصية وأكثر من ذلك نطمح إلى نجد أبنائنا يطورون الكتاب ويستثمرونه في نشر ديننا الحنيف والدعوة للحق ونشر الخير فكما استثمرنا المذياع والرائي "التلفاز" والفضائيات والشابكة بالشكل الجميل الذي يرضاه الله سبحانه فإننا نفتح أحضاننا للكتاب لا لنتيه فيه بل لنمتطيه نحو أعمال صالحة لا متناهية في هذا العالم الذي اشتد ظلامه وينتظر نور الإسلام وحلاوة الإيمان.

إن أبناءنا ومجتمعاتنا مندمجةٌ حقيقةً ومتفاعلةٌ ومنغمسةٌ بكتاب الصفحات الشخصية ولو وضعنا أخطاره وفوائده في كفتي الميزان لوجدنا أن فوائده أكثر من مخاطره ونفعه أكبر من ضرره - والله أعلم - هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن مراقبته الكاملة شبه مستحيلة، ولذلك يبقى تحصين الذات سالف الذكر والتربية الصالحة الأساس الذي نبني عليه، وللفرد دور كبير في هذه القضية، وكذلك لا يجوز أن ننسى دور الأسرة والمدرسة والدولة والمجتمع. هناك مخاطر محتملة في سياق تعاملنا مع تقنيات العصر ومنها الأخطار الصحية والنفسية والتقنية والاقتصادية والتي يجب الاحتياط لها وعلاجها، ولكن كلها تهون أمام الأخطار الاجتماعية والأخلاقية والتربوية والمدرسية والدينية، وبالمقابل هناك فوائد حقيقية على مختلف المستويات وببعض الهمة والعزيمة نصل للثمار اليانعة النافعة بإذن الله تعالى.

اختصت المحطة العاشرة بالتوصيات التي صنفناها إلى توصيات عامة تشكل الإطار العام لعملنا على الشابكة عموماً وكتاب الصفحات الشخصية خصوصاً، وتوصيات متعلقة بالحاسوب والشابكة وأخيراً توصيات تتعلق بكتاب الصفحات الشخصية بالخاصة.

يمثل السعي لرضا الله تعالى والالتزام بالدين الحنيف والتربية على حب القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والاقتداء بالسيرة النبوية الطاهرة والتوكل على الله تعالى أساسيات المسلم في كل زمان ومكان، وعلى ذلك تكون تربية الأجيال على الأخلاقيات والسلوكيات الإسلامية الفاضلة وغرس قيم الالتزام الخلقي والديني وتشجيع ودعم ما ينسجم مع ذلك وتصويب ما يخالفه، والالتزام بحدود الحلال والحرام، والتركيز على مبدأ القدوة الصالحة، يقول شاعرنا الدؤلي:

لاتنْهَ عنْ خُلقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ

من المهم إيلاء شرائح الشباب والمراهقين والأطفال الاهتمام اللائق من كل النواحي ومراعاة خصوصيتهم والحفاظ عليهم من مخاطر العصر، وترسيخ مبدأ (الجزاء من نوع العمل) وزرع حب المعرفة والعلم لديهم، وللغتنا حق علينا فيجب تعويد أنفسنا وألسنتنا على لغة القرآن الكريم وإعارة قضية التأثيرات عليها ما تستحقه من اهتمام على المستوى الفردي والعام، ويجب تطوير رموز اللغة المكتوبة ومصطلحاتها واختصاراتها بشكل علمي مقبول لغوياً وحضارياً وأخلاقياً بحيث تواكب العصر وتستوعبه، وكذلك تمكين العربية ترجمة وتعريباً من مواكبة علوم وتقنيات العصر وبسرعات مناسبة، والاهتمام المناسب بالمعاجم والقواميس المطبوعة والإلكترونية، وتجنب اصطناع لغة عربية تكتب بحروف وأرقام لاتينية، ورفض الدعوة إلى التوسع في استخدام اللهجة العامية في التداول مهما كانت المبررات.

إن من الواجب إعادة النظر بالمناهج التعليمية عاجلاً ما أمكن والتركيز على تصويبها سيما من الناحية الشرعية واللغوية وتطويرها من الناحية العلمية، ومشاركة دولنا والجامعة العربية وهيئاتها المختصة بذلك، وكذلك من الضروري تخصيص وقت أكبر للبيت والتربية والأبناء والتأكيد على عملية الصراحة والمصارحة وزرع الحياء والثقة والشفافية بالتعامل والصدق وعدم الاستخفاف بعقل ومشاعر الصغار أو تجاهلهم، مع المتابعة والمراقبة عن بعد ولكن عن كثب، كما أنه من الضروري معالجة قضية الخادمة والمربية والأغراب بالشكل المناسب.

إن تشجيع أطفالنا على المطالعة والقراءة والرسم والكتابة والتأليف واكتشاف المواهب وتنمية الهوايات وممارسة الرياضة والذهاب إلى الحدائق العامة والقيام بالرحلات والأسفار يعزز إبداعهم وثقتهم بذاتهم وبمجتمعهم، كما أن لتعزيز ثقافة المسؤولية والتربية عليها منذ الصغر دور لا يستهان به، وأهمس بأذن كل أخ وأخت قائلاً كن طفلاً للحظة وطوّر نفسك لمعرفة تقنيات العصر وتعرّف على عالم أطفالك لتستطيع دخوله والتأثير فيه وتوجيهه بالشكل الذي يرضي الله عز وجل بالوقت المناسب وقبل فوات الأوان. أما لزوم الاستغفار والتوبة على الدوام، وتجهيز النفس للموت والتزود بالتقوى فهي نقاط يجب ألا تغادر حركاتنا وسكناتنا.

لقد كان هناك توصيات تتعلق بالحاسوب والشابكة كالانتباه لناحية الصحة النفسية والجسدية، وتخصيص حاسوب للأبناء أو لكل طفل على حدة، والاحتفاظ بنسخ احتياطية دائمة عن كل البيانات والملفات وتزويد الأجهزة ببرامج حماية مناسبة ومعرفة الأشخاص الذي يستخدمون أجهزتنا وتحبيذ كون الأجهزة شخصية ما أمكن سواء في المنزل والإقامة أو في العمل والدراسة، وكذلك التحكم عن طريق لوحة التحكم في الحاسوب وإزالة ملفات تعريف الارتباط غير المرغوبة أو غير الضرورية، أو التحكم بالمدة التي تبقى فيها تلك الملفات، وإتقان استخدام ميزات المتصفحات وتنظيم الجهاز بشكل دوري.

هناك واجب بالمساهمة بانتشار مواقع الخير، والانتباه والتحذير من المواقع ذات المظهر الديني والمضمون الخبيث والتي ترتدي لباس الشرع لتبث سمومها، وواجب بالحفاظ على أمن وأمان النفس والآخرين بالوسائل المشروعة، والابتعاد عن الأذى والضرر والتجسس والتعدي والترهيب والعنف والشتم.

أما التوصيات المتعلقة بكتاب الصفحات الشخصية بالخاصة فقد اشتملت على استثمار الكتاب في الدعوة إلى الله تعالى ودين الحق ومكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الأرحام والتواصل مع الأخوة والأصدقاء وزيادة جانب الخير في محتوى الكتاب الشخصي وتنمية الذوق الرفيع المنسجم مع ديننا الحنيف، والاستفادة من توفره بأكثر لغات العالم وتذكر ما كان يعانيه أسلافنا من مشاق في سبيل الدعوة وبين ما هو متاح لنا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: ١١٠].

بالطبع هناك حاجة لزيادة المتخصصين والمطورين والمدراء على سطح الكتاب الشخصي من ذوي الخلفية الملتزمة، وحاجة لوقفة تأمل بمجرد فتح حساب على الكتاب الشخصي لاستعراض بيان الحقوق والمسؤوليات وسياسة استخدام البيانات والوقوف على التحديثات حال حدوثها، وكذلك من الضروري احترام الملكية الفكرية والتجارية والعلامات والشعارات وحقوق النشر للآخرين والحفاظ المشروع على ملكياتنا بالمثل، واحترام حرمة صفحات الآخرين كاحترامنا لبيوتهم وأملاكهم وأسرارهم، والتدرب على استخدام إعدادات الخصوصية والتطبيقات والألعاب وأسرار النشر والتحكم فيمن يمكنه رؤية المعلومات والمنشورات واليوميات والتطبيقات وفق الأصول ومعرفة الأحكام الخاصة بالمكوّنات الإضافية الاجتماعية والأحداث المرعية والإعلانات وحسن استخدامها وتدريب الأبناء على ذلك لأنه حتى الإعجاب هو فعل له جزاؤه وعواقبه، كما يجب معرفة معنى "العام" ودلالاته وعواقبه بشكل خاص، ومعرفة أن لغة الخطاب تختلف حسب الشريحة المستهدفة، ويجب تذكر تحديث ومعاينة معلومات الحساب والصفحة والتطبيقات من فترة لأخرى لتطويرها وتصويب مسارها حسب أهمية وحساسية الأمر.

قد يلزم استخدام خيارات الإخفاء والحذف لمشاركة أو تطبيق ما عند الضرورة وخصوصاً ما يتعلق بالمحتوى الذي لا يرضي الله تعالى مع معرفة الفرق بين الأمرين، ويجب تذكر أن الحذف ليس بغاية الحذف بل بهدف تصويب المسار، وفي حال تمت إزالة محتوى ما بشكل ظالم فيجب الاعتراض على ذلك بالشكل المناسب، كما أن أي تطبيق هو جهة أخرى قائمة بحد ذاتها ولها قوانينها الخاصة به، وعليه يجب عدم الدخول بعلاقة مع أي تطبيق مالم يكن لذلك حاجة، ويجب عدم توجيه الآخرين لتطبيقات تشغلهم عن ذكر الله، وعدم الترويج لأي بضاعة مادية أو معنوية إلا بما يرضي الله تعالى، قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: ٤٦].

إن الالتزام القانوني يمليه علينا ديننا الحنيف، كما أنه من الضروري الحرص على الدقة في المعلومات، والتفكير دومًا قبل النشر وعرض الأمر على منهج الشرع القويم، ويجب جعل المشاركات صدقات جارية ما أمكن ذلك، ونشر مايمثل أخلاقنا الفاضلة ومبادئ ديننا الحنيف وعدم نشر أي محتوى أو اتخاذ أي إجراء يعتدي على حدود الله تعالى أو على حقوق الآخرين أو ينتهكها ويسرقها أو يتضمن أسلوباً عدوانياً أو مهدّداً أو إباحيّاً أو يحرض على العنف أو يتضمن عريّاً، وعدم الإساءة إلى أي شخص أو ترهيبه أو مضايقته، والبعد عن الشبهات وعمليات الخداع.

في سياق تعاملنا مع هذا الكتاب ينبغي المساهمة بحفظ القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ومعرفة السيرة النبوية العطرة، والإكثار من النشر المتعلق بذلك، والتأكد من الصور المنتشرة على الصفحات والمحتوية على آيات قرآنية أو أحاديث شريفة أو أدعية ومن محتواها ويساعد في ذلك جعل مصادر النشر جهات موثوقة باعتراف الأمة. وهنا نؤكد على ضرورة تجنب الصور والمنشورات المحتوية على واجهة دينية أو إنسانية والتي تدعو بالويل والثبور على من لا يشارك بها أو لا يضع إعجاباً أو تعليقاً عليها وفي هذا مغالطة شرعية لا يستهان بها.

إنه لمن الأهمية بمكان الإشراف المناسب في مجال النشر والمحادثة "الدردشة" والاهتمام بالمدراء والمشرفين ومسؤولي الصفحات وإعدادهم بالشكل المناسب لهذه المهمة الجسيمة، وبخصوص الصور ومقاطع الفيديو وملفاتها فمن الواجب الاحتياط عند نشرها، كما ينبغي حسن انتقاء الأصدقاء والمجموعات والصفحات، وعدم الجلوس بأماكن السوء واستخدام ميزات الأمان المتقدمة من تسجيل الخروج عن بعد والتصفح الآمن وكلمات السر المستخدمة لمرة واحدة، وعدم فتح الصفحة من أجهزة عامة أو من أجهزة الآخرين أو بالمقاهي والاستراحات إلا للضرورة القصوى، ويجب التعود على ترتيب الأصدقاء في مجموعات.

من البديهيات معاملة الآخرين بالطريقة التي نريد أن يعاملوننا بها، فكما تدين تدان، ويجب الانتباه للإشاعات والأخبار الكاذبة والملفقة وتحري صحتها قبل البناء عليها، وتوعية الطفل لعدم إفشاء معلومات خاصة أو عائلية لأي كان وعدم قبول صداقة شخص إلا إذا عرفه حقاً أو بعد مشاورة الوالدين، وتدريب النفس والأطفال على الأمانة بالنقل والاستئذان له بالشكل المناسب وتذكر أن كل واحد منا هو سفير لديننا الحنيف للعالم كله وصورة معبرة عن مجتمعنا الفاضل، قَالَ تَعَالَى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: ١٢٥].

ينبغي معاملة كلمة السر كمعاملة مفتاح البيت، وكذلك معرفة قوانين الدفع وتجنب عمليات الدفع إن لم يكن لها ضرورة، والالتزام بما يرضي الله تعالى بخصوص الإعلان والإبلاغ عن الإساءة أو السلوك أو التصرف المشبوه أو التهديد أو الطلب غير المعتاد أو الفعل أو القول أو الحساب غير الملائم بالوقت والشكل المناسبين، والمعيار في ذلك الشرع والمسؤولية أمام الله والناس وليس الهوى الشخصي، والتصرف مع ذلك يكون حسب المقدرة والمتاح وفق الشرع والقانون، والإبلاغ أنواع ودرجات تبدأ بالأهل وقد تصل لدرجة إبلاغ الجهات المختصة ذات العلاقة بالكتاب الشخصي أو الجهات المختصة على أرض الواقع، فمما رواه مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: (مَنرأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ. وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ).

هناك توصية للكتاب الشخصي بإعادة النظر بقضية العمر بخصوص الأطفال لتنظيمها وبإيجاد ما يمكن تسميته بالكتاب الشخصي الخاص بالطفل الذي له ضوابط معينة تناسب الطفل، كما يجب دعم استخدام الكتاب الشخصي في المدرسة والعملية التعليمية، والحرص على تثقيف القائمين على العملية التعليمية والاحتياط والوقاية من الأخطار المدرسية مثل الغياب المدرسي والرسوب والفشل وترك المدرسة والتعرف على سياسة المدرسة في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية في حجرة الدراسة والالتزام بها والحث على إيجادها إن لم تكن موجودة، واستخدام الصفحات العامة للصفوف لنشر الواجب المنزلي والتحديثات الأخرى، واستخدام المجموعات للتحكم في العضوية وتسهيل المناقشات.

من الواجب التذكير بضرورة الاحتياط والوقاية من الأخطار الاجتماعية والتربوية والأخلاقية والدينية مثل احتمال الخديعة والوقوع في شرك المجرمين وشياطين الإنس والاستغلال الجنسي والتجسس الخاص والعام والمضايقات والتهديدات والتفكك الأسري وتقويض مفهوم الصداقة والأخوة ومعاداة المجتمع والعزلة والانطواء وعدم التفاعل مع المحيط وكذلك الإدمان على الشابكة والكتاب ضمناً والانحطاط الأخلاقي والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والكذب والسرقة وقلة الأمانة والخداع والخيانة وقلة الحياء والألفاظ البذيئة وارتكاب الموبقات واستمراء الآثام والاستهانة بالذنوب والبعد عن المسجد والسهو عن الفرائض أو تركها أو الخوض بما لا يرضاه الله تعالى من سلوكيات خاطئة قد تصل لدرجة الدعوة للباطل بقصد أو بدون قصد أو الوصول لدرجة الضلالة والشرك وحتى الكفر والعياذ بالله، قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى: ٢٠].

يجب فض النزاعات على اختلافها بالوقت المناسب ووفق القانون والشرع، ويجب السعي لإيجاد هيئات ولجان ومدونات سلامة تعنى بالشأن المعلوماتي والإلكتروني تلتزم شرع الله وما يستقيم معه من قوانين دنيوية في مجتمعاتنا وتخدم سلامتنا وسلامة أطفالنا أثناء تصفح الكتاب الشخصي وغيره، كما أنه يجب حذف الحساب أو تعطيله عندما يصبح ضاراً أو غير مفيد أو يشكل عبئاً من الناحية الشرعية أوالعملية سواء للنفس أو الغير، يجب استخدام خيار التعطيل إن كان هناك أمل بعودة قوية نافعة أو الحذف إن كان القرار نهائياً. جدير بالذكر أنه قد تم تزويد البحث بمصطلحات واختصارات ومفردات شائعة في علم الحاسوب والشابكة وكتاب الصفحات الشخصية وبجداول وفهارس تيسر الرجوع إليه.

ختاماً لا يسعني إلا القول أن الكمال لله تعالى وحده وهذا العمل المتواضع بحاجة للمتابعة بشكل يواكب التطورات المتسارعة في الكتاب الشخصي، وهناك حاجة لوضع مماثلات له مكملة وتناسب الشرائح المختلفة بما فيها المختصين، أدعو الله أن يكون قد وفقني لوضع إسهام ولو طفيف بطريق سؤدد وسعادة هذه الأمة، وأختم بالدعاء للعلي القدير بالفرج القريب وبأن يجعلنا وإياكم من الذين ينطبق عليهم قوله تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.