ملخص بحث: نحو منظومة قومية للابتعاث

مختصر موجز بحث: نحو منظومة قومية للابتعاث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعدُ:

فإن بحثنا في موضوع اختيار المبتعثين وحمايتهم من الأخطار التي تحيق بهم في المجتمعات المبتعثين إليها اشتمل على الآتي:

أولاً: تعريف الابتعاث وأنواعه وأهميته:

الابتعاث هو إرسال بعض رعايا الدولة إلى دول أخرى بغرض الدراسة أو التدريب، وقد يندرج تحته أيضًا المهام الرياضية والدبلوماسية وخلافه.

وأنواعه تنحصر فيما يلي:

1- ابتعاث خاص:

وفيه يقوم الشخص بنفسه أو بدعم من أُسرته بالالتحاق بالدراسة أو التدريب في جهة ما بدولة أخرى على نفقته؛ فهو الذي يحدد مجال الدراسة ووجهة الابتعاث بجهود ذاتية.

2- ابتعاث حكومي خاص:

وفيه تقوم الدولة بابتعاث بعض رعاياها للدراسة أو التدريب بالخارج على نفقتها.

3- ابتعاث حكومي عن طريق المِنَح والمساعدات:

وفيه تقدم حكومات بعض الدول المتقدمة مِنَحًا دراسية على نفقتها لبعض رعايا الدول النامية الفقيرة للدراسة بجامعاتها أو مراكزها البحثية أو التدريبية.

ثم ناقشنا أهمية الابتعاث في ضوء شدة الحاجة إلى اللحاق بركْب التقدم وخطورة الاستمرار في التخلف على الأمة، وأنه أحد أهم الأدوات اللازمة لتحقيق النهضة المنشودة.

ثانيًا: المخاطر المصاحبة للابتعاث:

تم استعراض المخاطر المصاحبة للابتعاث بعد تقسيمها إلى:

1 - مخاطر ضياع الوقت والجهد والمال، وتشمل الآتي:

♦ إرسال مبتعثين لدراسة مجال معين، تتوافر إمكانات دراسته محليًّا بالعمق المطلوب.

♦ عدم إعداد المبتعث الإعداد الواجب علميًّا وخلقيًّا لحسن الاستفادة من دراسته.

♦ سوء اختيار الجهة أو الدولة المناسبة للمهمة؛ سواء من الناحية العلمية، أو التسهيلات المتوفرة.

♦ هجرة العقول.

2- المخاطر الأخلاقية وتشمل الآتي:

♦ ترشيد البحث العلمي وتطبيقاته؛ وذلك بألا يتم استخدامه فيما يضر البشرية.

♦ مخاطر الانحراف الأخلاقي (غير المخطط) في السلوك والقيم، والتي تنتج عن التأثر ببيئة الابتعاث التي يسود بعضها الانحلال القِيَمي والأخلاقي، وانحطاط السلوك.

♦ مخاطر الانحراف الأخلاقي (المخطط) في السلوك والقيم، والتي تنتج عن تعمُّد دول الابتعاث إفساد وهزَّ ثقة المبتعث، أو الإيقاع به وتجنيده لمصلحتها عند عودته للوطن.

ثالثًا: نظرًا لجسامة هذه المخاطر وللوصول لأنسب الوسائل للوقاية منها بطريقة علمية ممنهجة، حاولنا الإجابة على الأسئلة التالية بالتتابع:

♦ هل يمكن إلغاء الابتعاث كليًّا، وعدم تعريض أولادنا لهذه الأخطار؟

وكان الجواب بالطبع: إنه لا يمكن ذلك؛ فهو أحد الأدوات اللازمة لنقل العلوم والمعارف من الدول المتقدمة، والتي نحن في أشد الحاجة لاكتسابها.

♦ هل يمكن إلغاء الابتعاث لبعض الحالات أو المجالات؟

أظهر البحث إمكانية ذلك في الحالات الآتية:

♦ ابتعاث صغار السن لدراسة التعليم الأساسي (قبل الجامعي)، وذلك بإعادة تصميم مناهج وطرق تدريس هذا التعليم؛ ليواكب العصر، ويخرج مواطنين على مستوى جيد من المعرفة، يُتيح لهم مواكبة التقدم الحادث في العالم، أو استكمال الدراسة الجامعية، وما بعدها على أساس سليم.

♦ التخصصات العامة (مثل اللغات وعلوم الحاسب، وعلوم الإدارة)؛ وذلك بإنشاء وتطوير المعاهد المتخصصة في هذه المجالات؛ بحيث تقدم برامج متقدمة وتستقدم خبراء للمساعدة في التنفيذ، وبالتالي يتوفر البديل المغني عن الابتعاث وبمستوى عالٍ.

إضافة إلى الاهتمام ببعث حركة الترجمة لتوفير العلوم الحديثة بلغتنا؛ ليتاح لجميع الفئات الاستفادة ومواكبة التطور بصفة دائمة.

♦ هل يمكن تقليص الابتعاث إلى الدول ذات الخطورة العالية على الأخلاق والدين في باقي المجالات؟

خلَص البحث إلى إمكانية ذلك عن طريق الابتعاث إلى الدول الإسلامية المتقدمة؛ مثل: (ماليزيا - تركيا - باكستان)، وذلك في بعض المجالات التي تقدمت فيها هذه الدول، وهو ما يقي أولادنا من التعرض للمخاطر الأخلاقية، ويلي ذلك الابتعاث إلى الدول التي لا تظهر حقدًا أو عداوة لنا، والتي لا يزال يسودها بعض القيم والأخلاق؛ مثل: (اليابان - الصين - الهند).

♦ ماذا عن باقي المجالات التي لا مفرَّ من إرسال أبنائنا لتحصيلها في الدول المتقدمة ذات المخاطر الأخلاقية العالية؟

ناقش البحث كيفية حماية أبنائنا من المخاطر في هذه الدول، وتوصَّل إلى حتمية اتخاذ الإجراءات التي تضمن الآتي:

1- حسن اختيار المبتعث علميًّا وأخلاقيًّا.

2- التوجيه إلى الدولة والجهة المناسبة.

3- إعداد المبتعث قبل الابتعاث بإمداده بالمعلومات الهامة فيما يخص الأخطار المتوقعة وتحصينه منها.

4- رعاية ودعم المبعوث في الدولة التي يوجد فيها؛ لتحصينه من الأخطار، وإبداء النصح له، وحل مشاكله في حينها، ورعايته اجتماعيًّا وثقافيًّا ودينيًّا أثناء فترة البعثة.

وبذلك نكون قد عالجنا الموضوع بتسلسل منطقي، وحتى لا يكون البحث نظريًّا، فقد بحثنا كيفية القيام بذلك على أكمل وجه بصورة عملية قابلة للتطبيق، وذلك كالآتي:

♦ بحث البدائل العملية التي يمكن تطبيقها من واقع الحالات المشابهة في العالم للوقاية من مخاطر الابتعاث.

♦ استخراج الأسس التي على أساسها يمكن عمل تنظيم متكامل لأداء هذه الأعمال من واقع هذه البدائل العملية.

وخلَص البحث إلى تنفيذ هيكل تنظيمي متكامل لهيئة قومية للابتعاث؛ أي: إلى منظومة عمل للدولة تستطيع بها تخطيط وتنظيم وتنفيذ أعمال الابتعاث بداية من حصر احتياجات الدولة إلى اختيار المبتعثين وإعدادهم قبل البعثة، ورعايتهم أثناءَها، ومتابعتهم بعد العودة؛ وأوضحنا مهام ومسؤوليات كل إدارة في هذا الهيكل، ومواصفات من يديرها، وأجرينا التحقق اللازم للتأكد من أنها بتكوينها المقترح قادرة على تنفيذ الأهداف المرجوَّة، ثم قمنا بعمل الخطة التنفيذية لإنشاء هذه الهيئة.

واستكمالا للهيكل الإداري، تَمَّ اقتراح إنشاء إدارة للرقابة والمتابعة، تراقب عمل الهيئة وتقيم نشاطاتها، وتحدد الانحرافات وتعالجها في حينها، ثم تُطور أداءَها.

ثم أنهينا البحث برؤية مستقبلية هدفها منع الابتعاث بقدر الإمكان؛ اتِّقاءً لمخاطره، وذلك لمرحلتي الليسانس والبكالوريوس، وتقليصه بقدر الإمكان لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، عن طريق إنشاء مؤسسات تعليمية على أعلى مستوى بالتعاون مع أفضل جهات العالم العلمية، مع ضمان استمراريتها ومواكبتها الدائمة لأحدث التطورات العلمية، على أن تقوم الدولة بالإشراف عليها.

بذلك يكون البحث قد أثمر والحمد لله التوصل لمنظومة وآلية عمل لإدارة الابتعاث، تضمن حُسن الاختيار للمبتعث ولجهة الابتعاث، وحُسن إعداده قبل البعثة ورعايته أثناءها؛ مما يسهم بكفاءة عالية في وقايته من المخاطر المتوقعة.

وقد شملت النتائج والتوصيات الآتي:

1- أهمية الابتعاث لنهضة الأمة.

2- تطوير التعليم الأساسي.

3- بعث حركة الترجمة.

4- تطوير المعاهد المتخصصة في المجالات العامة: (اللغات - علوم الحاسب - علوم الإدارة).

5- إنشاء كِيان إداري متخصص لإدارة الابتعاث، يحقِّق أهدافه ويقي من مخاطره بأن يمارس الأنشطة الآتية:

♦ دراسة خطط الابتعاث طبقًا لاحتياجات الدولة.

♦ اختيار المبتعثين.

♦ تحديد جهات الابتعاث على أساس علمي سليم.

♦ الإشراف على معهد إعداد المبتعثين قبل السفر: (وضع البرامج وتنفيذها بالتنسيق مع الجهات المختصة).

♦ الإشراف على دور الإقامة وأندية الروابط بالخارج لرعاية ودعم وحماية المبتعثين أثناء إقامتهم في لدول التي يدرسون بها.

6- إنشاء آلية رقابة ومتابعة لأعمال الهيئة تعمل بطريقة علمية، تُتيح سرعة اكتشاف الخلل ومعالجته، ومراجعة وتحسين الأداء، وآلية للرقابة على أداء المبتعث نفسه أثناء البعثة.

7- وضع خطة طويلة الأجَل، تهدف إلى منع الابتعاث في مرحلتي الليسانس والبكالوريوس، وتقليصه في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، عن طريق إنشاء مؤسسات تعليمية بنُظمٍ عالمية بالتعاون مع مؤسسات علمية دولية، تضمن الحصول على أحدث العلوم والمعارف دون التعرض لمخاطر الابتعاث.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين