• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم القصة القصيرة
علامة باركود

الرغيف المسروق (قصة قصيرة)

الرغيف المسروق
براء محمد غياث الجنباز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2011 ميلادي - 7/1/1433 هجري

الزيارات: 24895

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرغيف المسروق

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

(1)

جرى مُسرعًا وقد أطلَق العنان لقَدَميه، كان الجو باردًا، والشوارع شبه مُظلمة قد أقْفَرت من المارَّة، فالوقت قد تخطَّى منتصف الليل، ومع ذلك فقد أحسَّ (أمين) بأنَّ أحدًا ما يجري خَلفه ويُلاحقه، يبدو أنَّ الظلال قد اختلَطت أمامه، فأصبَح يتوهَّم ما لا وجودَ له، أو أنَّ الجوع قد أثَّر في عقله وأفْقَده القدرة على التركيز، لَم يشأْ أن يَلتفت ليتأكَّد من ذلك، بل كان خوفه يتحوَّل إلى سرعة، خصوصًا وأنه قد اقترَب من بيته.

 

فتَح الباب ودَلَف إلى الداخل وهو يَلهث من شدَّة التعب، ثم أغلقَه وأحكَم إغلاقه، خلَع مِعْطفه المُهترئ الذي لَم يَمنع عنه شدَّة البرد، لكنه استطاع أن يُخفي بداخله رغيفَ الخبز الساخن الذي اختلسَه خُفيةً من المخبز القريب من الشارع الرئيسي.

 

كان بيته عبارة عن بيت صفيحي في حارة شعبيَّة أطراف المدينة، يستقبل جميع الزوَّار من حرٍّ وبردٍ ومطر، أثاثه متواضع، عبارة عن طاولة خشبيَّة مُنخفضة الارتفاع، وفراش مع لحاف ووسادة؛ حصل عليها من "جمعيَّة الإحسان" في بداية الشتاء، وكان لَدَيه صندوق خشبي له قُفل يَضع فيه جميعَ أغراضه، ما عدا ذلك، فقد باع جميع ما كان لَدَيه؛ ليشتري بثمنه طعامًا وشرابًا.

 

وضَع الرغيف على الطاولة، وأخرَج علبة صغيرة فيها مِلح، ثم عبَّأ كوبًا من الماء، وجلَس على فراشه يستعدُّ ليأكل وجبته الأولى منذ يومين، صحيح أنَّ الرغيف قد بدأ يبرد، ويَبِس قليلاً، لكنه ما زال مُغريًا للأكل، مدَّ يده ليأكل، لكنَّه سَمِع شيئًا يَسقط على سقف البيت الصفيحي مُحدثًا صوتًا قويًّا، ارتعشَ قليلاً ورفَع بصره إلى السقف بحركة عفويَّة، لكنه ما لَبِث أن سَمِع مُواءَ قِطَّتين، فعرَف سبب الصوت، عاد للرغيف الذي ينتظره، قال لنفسه:

"لقد يَبِس الرغيف تمامًا مثل الحياة اليابسة هنا".

 

رشَّ قليلاً من الماء على الرغيف، ثم تساءل:

"لِمَ كلُّ هذا الصبر وأنا أموت جوعًا؟".

 

أحسَّ أنَّ هناك ما يَمنعه من أكْل هذا الرغيف، تذكَّر كيف تردَّد كثيرًا قبل الإقدام على السرقة، وتذكَّر كيف غافَل البائع وسرَقه، وتذكَّر أيضًا كيف همَّ بأكْله وهو يجري، لكنه فضَّل الانتظار للبيت؛ حيث الدفء النسبي والأمان، حاوَل أن يأكل وقال دون أن يشعر: "بسم الله"، ومدَّ يده، لكنه شَعر بها ترتجف، قال بسخرية: "كيف أُسَمِّي على طعام مسروق؟".

 

إنها أوَّل مرة يَسرق فيها، إنه رغيف، لكنه سرقَ وسَرعان ما يتعوَّد الإنسان على السرقة، اليوم رغيف وغدًا أرغفة، تَمْتَمَ: "إنه الجوع، والجوع كافر".

 

تردَّد صدى العبارة في نفسه:

"وأنت (أمين) الذي يُضْرب به المثل في النزاهة والاستقامة".

ضَحِك وقال: "أيَّة نزاهة واستقامة؟ وقد طُرِدت من عملي بحجَّة السرقة؟".

 

لن يَنسى أبدًا ذلك اليوم الذي طُرِد فيه من عمله كحارس لمخزن مواد غذائية تابع لإحدى الشركات الكبرى، طرَده المشرف على المخازن؛ بحجَّة وجود نَقْص مُتكرِّر في المواد، حاوَل أن يدافع عن نفسه، صرَخ، أقسم أنه لَم يسرق شيئًا، بكى، لكن لا جَدْوى، حاوَل مراجعة المديرين والمسؤولين، لكن لَم يُقابله أحد، ومَن يَأْبه لمسكين مثله؟! ونتيجة لذلك فقَدَ غُرفته التي يَسكنها على حساب الشركة، وفَقَدَ مصدرَ دَخْله الوحيد.

 

تألَّم كثيرًا، وبَقِي مريضًا عدَّة أيام، كان ألَمُه نابعًا من تشويه سُمعته والظلم الذي تعرَّض له، فضلاً عن تشريده وهو الغريب عن المدينة، القادم من قريته البعيدة الفقيرة للكسب الحلال.

 

عَلِم لاحقًا أن سبَبَ طَرْده هو ما كان يتكلَّم به بين زُملائه أكثر من مرة من أن مُشرِفه يتغاضى عن سرقات كثيرة تحصل، كما توقَّع أنَّ هذا المشرف له يد في تلك السرقات، لَم يَلبث كلامه أن وصَل إلى المشرف، فخاف على نفسه وطَرَده.

 

قال بمرارة: "هل صدَّقتُ ما قالوه عني؟ وأصبَحتُ لصًّا؟!".

 

تمدَّد على فراشه وقد فقَدَ الرغبة في الأكل، رغم الجوع الذي يَسْكن معدته الخاوية، ويُصارع ما تبقَّى من قواه.

 

"نعم أنا جائع، لكنَّ أكْل الحرام لأوَّل مرة أصعب مئات المرات من الجوع".

 

هكذا حدَّث نفسه، لقد سرَق في لحظة ضَعفٍ، سرَق ولَم يكن مُقتنعًا بما يفعل، سرَق وهو يقول: سأدفع قيمة ما سرقتُ لاحقًا، نظَر إلى الرغيف وقد تحوَّلت رغبته إلى شيء من النفور، وأصبَح ما بداخله ميدانًا للصراع بين الجوع والخوف والندم.

 

ماذا يفعل الآن؟

شَرِب الكثير من الماء لعلَّه يُسكت جوعه، أو يُطفئ النار التي بداخله، هل يعيد الرغيف إلى المخبز؟ لقد أُغْلِق المخبز الآن.

 

هل يعُطيه لأحد المتسوِّلين؟ لكن الله تعالى لا يقبل إلا طيِّبًا، فضلاً عن أنَّ أشد المتسوِّلين بؤسًا قد لا يقبل هذا الرغيف اليابس.

 

قرَّر أن يحاول النوم، ويَنتظر حتى الصباح لعله يجد حلاًّ، غطَّى نفسه وتَمْتَم: "ربِّ ارْحَم ضَعْفي".

 

(2)

طرقات شديدة على الباب، وأصوات مختلطة بالخارج تقول:

"هنا بيت اللص، هنا".

"اقْبِضوا عليه".

"افْتَح يا لص".

 

دخَل بضعة رجال عَنْوة لَمَّا لَم يَفتح الباب، وهمُّوا بالقبض عليه وهو يصرخ:

"هذا هو الرغيف، أقسم أنني لَم آكل حتى قطعة منه".

 

هبَّ من نومه مذعورًا، واستعاذ بالله، لكنه فِعْلاً يسمع طرقات خفيفة على الباب، فرَكَ عينيه وحرَّك رأسه؛ ليتأكَّد أنه قد استيقَظ تمامًا، قال:

"يا إلهي، يبدو أنني نِمت طويلاً، لكن هل سيتحقَّق الكابوس بهذه السرعة؟".

 

إلاَّ أنه اطمأنَّ بسبب عدم وجود أصوات أو صُراخ، لعله أحد الجيران، نَهَض من فراشه، كان الوقت ضحًى، خبَّأ الرغيف في الصندوق الذي لَدَيه، وتوجَّه إلى الباب وما إن فتَحه حتى أصابَه الذهول، لقد كان يتوقَّع أن يزورَه أيُّ شخص سوى هذا الواقف أمامه، إنه صاحب المخبز، نعم، إنه هو لقد كان يراه بعض الأحيان عندما يشتري الخبز، قال أبو صالح صاحب المخبز؛ ليُبَدِّد خوفه واضطرابه:

"السلام عليكم ورحمة الله، هل لي أن أدخل؟".

 

حاوَل أن يتماسَك ويتظاهر بالهدوء، ردَّ السلام وقال:

"تفضَّل".

 

دخَل أبو صالح وبيده كيس لَم يَتبيَّن (أمين) ما بداخله، قال لنفسه:

"يا إلهي ماذا يريد؟ لا بدَّ أنه اكتشَف الأمر وأتى ليُحاسبني، سأنكر أيَّ شيء".

 

قال أبو صالح:

"أتيت لنفطر سويًّا".

"أهلا بك تفضَّل".

 

قالها بقلقٍ، والشكوك تُساوره حول غرض هذا الرجل من الزيارة في هذا الوقت الباكر.

 

دخَل أبو صالح وهو يُبَسْمِل ويُحَوقِل، كان نحيلَ الجسم، بَهِيَّ الطلعة، ولَمَّا رأى هذا البيت المتواضع، تأثَّر لحال هذا الرجل، لَم يعرف أين يجلس، كان (أمين) متسمرًّا في مكانه يُحَدِّق في زائره مُستغربًا، لكنَّه مع ذلك سارَع إلى ترتيب فراشه الذي لا يوجد غيره للجلوس عليه وقال:

"تفضَّل، هنا".

 

جلَس الرجلان وفتَح أبو صالح الكيس الذي بيده ووضَعه على الطاولة الخشبيَّة، كان يحوي بضعة أرغفة، وبعضًا من الطعام الخفيف.

 

لاحَظ أبو صالح أنَّ (أمينًا) مُرتبك؛ حيث كانت نظراته تشي بالكثير، فقرَّر أن يُبدِّد هذا الغموض والتوتر، فقال:

"سمِّ الله وابْدَأ".

 

ويبدو أن (أمينًا) قد استطاع أن يقاوم ارتباكَه؛ رُبما لأنه اطمأنَّ قليلاً لهذا الرجل، لكنَّه لَم يَعُد يستطيع مقاومة جوعه، فبدأ يأكل مع ضيفه.

 

ساد الصمت قليلاً، ثم قال أمين وهو يَنهي طعامه:

"سيِّدي أشكرك جدًّا على كرمك، مع أنني لا أدري كيف عرَفت بأمري؟ وهل أتيتَ لتُفطر معي أو ...؟".

 

قاطَعه أبو صالح:

" لا عليك يا ....".

"أمين، اسمي: أمين".

 

ابتسَم أبو صالح وقال:

"حسنًا سأشرح لك الأمر يا أمين".

"تفضَّل".

 

عدل أبو صالح جلسته وبدأ يَشرح:

"بالأمس رأيتك وأنت تأخذ الرغيف على حين غفلة من البائع؛ حيث إنني أجلس أحيانًا في غُرفة مُنزوية داخل المخبز، أُراقب العمل هناك، ورأيتك تركض مسرعًا، فطَلَبت من البائع أن يعرفَ مكانك دون أن تَشعر، وعاد البائع وأخبرني بكلِّ شيء".

كانت عينا أمين تتَّسعان دهشةً مما يسمع، وأنفاسه تتسارَع، أراد أن يتكلَّم فلم يستطعْ.

 

تابَع أبو صالح:

"ولَمَّا عرَفت مكانك، تيقَّنت أن الحاجة هي التي دَفَعتك لذلك، فأتيتُ لأتأكَّد بنفسي".

"وهل تأكَّدت؟".

"مِن ماذا؟ من حاجتك أم من....؟".

أراد أن يقول: "أم من سرقتك"، لكنه سَكَت.

 

قال (أمين) بشيء من الحِدَّة:

"لعلَّ بائعك قد ضلَّ في الظلام".

"يا بُني، لا داعي لكل هذا، إن المسألة لا تتعدَّى رغيفًا، أنا لست هنا لأُحاسبك، بل لأُساعدك".

"تساعدني؟!".

"نعم لأساعدك، لكن يبدو أنك لا تريد ذلك".

 

ثم قام أبو صالح متَّجهًا صوب الباب، قال أمين:

"انتظر لحظة".

 

وأخرَج الرغيف من الصندوق وقال:

"هذا هو الرغيف".

 

ابتسَم أبو صالح وعاد للجلوس وقال:

"لقد كبرتَ في عيني، ألَم تأكله؟".

"لَم أستطع رغم جوعي".

"بارَك الله في صِدقك وخوفك من ربِّك، والآن قل لي ما هي قِصتك؟".

 

حكى له أمين كيف أتى من قريته البعيدة؛ ليَكْسب لُقمة العيش، وكيف كان وضْعه في عمله، وكيف كان يرى السرقات بعينيه، ثم كيف طُرِد من عمله ظُلمًا؛ لأنه بدأ يتكلَّم عمَّا يَحدث، وكيف آلَت أحواله إلى ما يرى، قال أبو صالح:

"إن كان ما تقول صحيحًا، فإنك لَم تسرق الرغيف، بل هم الذين سرقوا منك لُقمة عيشك".

 

نَهَض أبو صالح وهَمَّ بالخروج وقال:

"لا تتردَّد في طلب أيِّ شيء مني، ولْتَأْتِ إليّ بعد يومين؛ لعلي أستطيع تدبير عملٍ لك، فأنت - ما شاء الله - قوي وأمين، نعم أمين - بإذن الله".

 

ابتسَم أمين، وصافحَه بحرارة قائلاً:

"سيِّدي، لا أعرف كيف أشكرك".

 

تلعْثَم وقد اغْرَورقَت عيناه بالدموع، ربَّتَ أبو صالح على كتفه وقال:

"قل لي: يا عمي وهَوِّن عليك".

 

ثم استطرَد قائلاً:

"والآن أريد أن آخذ الرغيف معي".

استغرَب أمين من هذا الطلب، لكنه بادَر إلى إعطائه الرغيف، خرَج أبو صالح وترَك أمينًا يَسبح في فرحته وحَيْرته من هذا الرجل الذي يبدو أنه من أهل البر والتقوى.

"يا إلهي ما أرْحَمك! وما أعجب هذه الدنيا! طَرَدوني من عملي وقالوا: سارق ولَم أسرِق، وسَرَقت من هذا الرجل، فأتى ليُطعمني ويساعدني".

 

ثم سأل نفسه:

"لكن ماذا يريد أبو صالح من رغيف يابس مسروق؟!".

 

(3)

بعد يومين، مَرَّ أمين على أبي صالح في المخبز وكله أملٌ أن يتحقَّق ما وعَده به، تبادَلا التحيَّة، ثم قال أمين:

"آمل يا عمي أن تكون قد وجَدت لي عملاً؟".

"لا تَقلق، ستعمل عند أحد أصحابي التجار، لقد كلَّمته ولَم يُمانع، وسنمرُّ عليه غدًا ونتَّفق على كلِّ شيء".

"بارَك الله فيك يا عمي، وزادَك من نعيمه".

"شكرًا يا بُني، والحمد لله أوَّلاً وآخرًا".

 

هَمَّ أمين بالانصراف، لكنه تذكَّر الرغيف، فنظَر إلى أبي صالح وأرادَ أن يتكلَّم، لكن أبا صالح فَطِن لذلك فقال:

"تريد أن تعرف أين الرغيف؟".

"نعم، ُأريد أن أعرف ماذا حلَّ بهذا الرغيف المسكين؟".

 

ضَحِك أبو صالح ثم قال:

"في الحقيقة لقد حَيَّرني أمر هذا الرغيف".

"كيف ذلك؟".

"بصراحة عندما أخَذت منك الرغيف، كنت أنوي أن أتأكَّد بطريقتي من حقيقة قصتك، ثم سأذهب بعدها بالرغيف إلى أرباب عملك، كدليل على أمانتك وبراءتك مما اتَّهموك به، سأقول لهم: صحيح أنه سَرَقه في لحظة ضَعْفٍ، لكن لَم يأكله برغم جوعه، سأحكي لهم كل شيء وأُنَبِّههم إلى ما يجري في الخفاء - مع ظني أنه لا يَخفى عليهم - فلم أتعوَّد أن أسكتَ عن الظلم، لكن...".

"لكن ماذا؟".

"وصَلت إلى المخبز ووضَعت الرغيف جانبًا، ودَخَلت لآخذ بعض الأغراض، ولَمَّا خرَجت لَم أجده".

"لَم تجده؟! أين ذهب؟!".

"لا أدري، بحثتُ عنه وسألتُ البائعين، فلم يُجبني أحد".

"أمْرٌ عجيب فعلاً، لعلَّه سَقَط منك هنا أو هناك".

"لا يا بُني، لا أظنُّه سقَط".

"فأين اختفى إذًا؟ هل سَرَقه جائع آخر؟"، قالها بعفويَّة.

 

نظَر أبو صالح بعيدًا وقال:

"يبدو أن رغيفنا سيظلُّ مسروقًا ما دُمنا في غفلة عن السارق الحقيقي".

نظر إليه أمين وكأنه يُفكِّر في شيء، لكنه لَم يجد ما يقوله.

 

تَمَّت





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رغيف الخبز الحار (قصة)

مختارات من الشبكة

  • من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه (قصة صاحب الرغيف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رغيف أم سعيد ( قصة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رغيف.. ورغيف..! (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فرط المغرب في رغيف العقل!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رغيف بالدم (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آن الرحيل (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • استحالة خلق الإنسان عبثا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهلال ( لغز شعري للأطفال )(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • مقامات اقتصادية (1)(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • نظام غذائي لمرضى الكبد(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
20- أروع نص
محمد - مصر 11-11-2014 05:25 PM

رائع اقرأوا واستمتعوا مع أروع موقع

19- الرغيف ما زال مسروقا..
مالك محمد - السودان 05-02-2013 04:49 PM

الرغيف ما زال مسروقا هل سرقه المشرف أم صيبح هذا الرغيف دليل على براءة أمين الأمين المستقيم للقصه تتمة..

18- قصة مميزة وهادفة
ريما بطبوط - فلسطين 22-03-2012 12:50 PM

نشكر لك هذا الإبداع القصة رائعة وتحكي واقع نعيشه تماما...

نتمنى لك الفوز والتوفيق

17- قصة رائعة
رضوان خليل - ألمانيا 24-02-2012 02:19 AM

بارك الله فيك على هذا الطرح الجميل والأسلوب الرائع يا أخ براء ونتمنى لك التوفيق والفوز ...

16- قصة مشوقة
أسامة بكري يونس - موريتانيا 10-01-2012 02:34 AM

جزاك الله خيرا على هذه القصة المشوقة والجميلة، وتعبر عن حس عال لدى الكاتب نتمنى لك التوفيق والفوز،،،

15- إضافة القصة لبرنامج أصحاب اليمين
ابن الرافدين - العراق 04-01-2012 12:50 AM

للأمانة لقد تم إضافة القصة لبرنامج أصحاب اليمين للجوال وهو مجلة شهرية منوعة تصدر على هيئة برنامج للجوال طبعا مع الإشارة لشبكة الألوكة واسم الكاتب براء محمد غياث الجنباز.

14- قصة ممتعة
فاطمة محمد موسى - المغرب 03-01-2012 05:40 PM

قصة ممتعة وجميلة جدا كل التقدير للأخ براء ونتمنى لك الفوز ،،،

13- ممتاز
وموض الأمل - السعودية 02-01-2012 02:24 AM

ماشاء الله قصة رائعة ومسلية وفي نفس الوقت
أخلاقية دينية تربوية
أتمنى لك الفوز ...

12- قصة جميلة
إدريس بن إسحاق - السودان 31-12-2011 07:00 AM

بالفعل قصة رائعة وجميلة وأعجبني الرمز الموجود فيها، نتمنى لك الفوز إن شاء الله،،،

11- صدق قلمك
هيثم النوبي - مصر 31-12-2011 12:59 AM

قصة رائعة تلفت الأنظار الى الدافع وراء الجرائم الصغرى .
أعجبتني تلك العبارة
"يبدو أن رغيفنا سيظلُّ مسروقًا ما دُمنا في غفلة عن السارق الحقيقي".

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب