• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    العلاقات الزوجية والأسرة المسلمة (PDF)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    السكينة وسط الضجيج: تأملات شرعية في زمن الصخب ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إلى كل مشتاق لتحسين الأخلاق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الخليل عليه السلام (12) دعوات الخليل في سورة ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الحلقة الأولى: بداية رحلة السعادة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التقنيات الحديثة والتحكم في المطر
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

القوة في العبادة (خطبة)

القوة في العبادة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/6/2024 ميلادي - 29/11/1445 هجري

الزيارات: 10768

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القوة في العبادة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، التَّوَّابِ الرَّحِيمِ؛ أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، وَشَرَعَ فِيهَا الطَّاعَاتِ، وَضَاعَفَ فِيهَا الْبَرَكَاتِ؛ فَعَامِلٌ مُخْلِصٌ مَأْجُورٌ، وَقَاعِدٌ مَحْرُومٌ، وَعَاصٍ مَوْزُورٌ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ، وَالْإِلَهُ الْمَقْصُودُ، وَالْكَرِيمُ الْمَحْمُودُ؛ لَا يَقْصِدُهُ عَبْدٌ فَيَضِيعُ، وَلَا يَدْعُوهُ دَاعٍ فَيَخِيبُ، وَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَقْوَى النَّاسِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَشَدَّهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَأَكْثَرَهُمْ خُشُوعًا، وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ فِي مَوَاسِمِ الْخَيْرِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمَلُوا فِي حَيَاتِكُمْ مَا تَجِدُونَهُ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ وَابْتِلَاءٍ وَفَنَاءٍ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ دَارُ جَزَاءٍ وَبَقَاءٍ؛ ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا ‌خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يُونُسَ: 26-27].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ مِنَّةٌ يَمُنُّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ؛ فَتَرَى الْقَوِيَّ فِي الطَّاعَةِ يُطِيقُ مَا لَا يُطِيقُ غَيْرُهُ، وَيَعْمَلُ مِنَ الصَّالِحَاتِ مَا يَعْجَزُ عَنْ عَمَلِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَتَجِدُ أَنَّ لَهُ أَعْمَالًا فِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ؛ لِيَحْصُدَ فِي حَيَاتِهِ الْأُجُورَ الْعَظِيمَةَ، وَيَجْمَعَ الْحَسَنَاتِ الْكَثِيرَةَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَثْمَرَ دُنْيَاهُ كَمَا يَنْبَغِي.

 

وَالْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ، وَهَذَا مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ رُسُلَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي خِطَابٍ عَامٍّ لِجَمِيعِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا ‌الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 51].

 

وَلَمَّا أَنْزَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ بِقُوَّةٍ؛ أَيْ: يَعْمَلَ بِهَا، وَيَمْتَثِلَ لِمَا فِيهَا، وَيَدْعُوَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَيْهَا؛ ﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا ‌بِقُوَّةٍ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 145]، وَكَذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنْ يَأْخُذَ التَّوْرَاةَ بِقُوَّةٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ ‌بِقُوَّةٍ ﴾ [مَرْيَمَ: 12].

 

وَأَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِقُوَّتِهِ فِي الْعِبَادَةِ؛ ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ ‌أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]، قَالَ قَتَادَةُ: «أُعْطِيَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قُوَّةً فِي الْعِبَادَةِ، وَفِقْهًا فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ، ‌وَيَصُومُ ‌نِصْفَ ‌الدَّهْرِ»، وَقُوَّةُ دَاوُدَ فِي الْعِبَادَةِ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ ‌صِيَامُ ‌دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا بِمَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ أَحْكَامٍ بِقُوَّةٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ مُخَاطِبًا لَهُمْ: ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ‌بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 171]، وَلَكِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ وَتَوَلَّى، وَلَمْ يَرْفَعْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْكِتَابِ وَالْأَحْكَامِ رَأْسًا؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ‌بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 63-64]، وَمِنْهُمْ مَنْ سَمِعَ مَا أُنْزِلَ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ بِهِ، وَلَمْ يُذْعِنْ لَهُ، بَلْ عَصَى وَاسْتَكْبَرَ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ‌بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 93].

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَأْخُذُوا بِالْإِسْلَامِ كُلِّهِ، وَيَعْمَلُوا بِكَافَّةِ أَحْكَامِهِ، وَيَمْتَثِلُوا أَوَامِرَهُ، وَيَجْتَنِبُوا نَوَاهِيَهُ، وَهَذِهِ هِيَ الْقُوَّةُ فِي الدِّينِ، وَيَلْزَمُ مِنْهَا الْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ؛ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي ‌السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 208]، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى «أَنْ يَأْخُذُوا بِجَمِيعِ عُرَى الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ، وَالْعَمَلِ بِجَمِيعِ أَوَامِرِهِ، وَتَرْكِ جَمِيعِ زَوَاجِرِهِ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ ذَلِكَ»، «وَأَنْ لَا يَكُونُوا مِمَّنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ، إِنْ وَافَقَ الْأَمْرُ الْمَشْرُوعُ هَوَاهُ فَعَلَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ تَرَكَهُ، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْهَوَى تَبَعًا لِلدِّينِ، وَأَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ، وَمَا يَعْجَزُ عَنْهُ يَلْتَزِمُهُ وَيَنْوِيهِ فَيُدْرِكُهُ بِنِيَّتِهِ، وَلَمَّا كَانَ الدُّخُولُ ‌فِي ‌السِّلْمِ ‌كَافَّةً لَا يُمْكِنُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بِمُخَالَفَةِ طُرُقِ الشَّيْطَانِ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾؛ أَيْ: فِي الْعَمَلِ بِمَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى؛ ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ وَالْعَدُوُّ الْمُبِينُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ، وَمَا بِهِ الضَّرَرُ عَلَيْكُمْ».

 

وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ قُدْوَةُ الْأُمَّةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ قُوَّتُهُ فِيهَا؛ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُوَّتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ:

فَمِنْ أَمْثِلَةِ قُوَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ: حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى ‌تَتَفَطَّرَ ‌قَدَمَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَصَلَّى بِحُذَيْفَةَ مَرَّةً فَقَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَأَخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طُولِ الصَّلَاةِ كَثِيرَةٌ.

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ قُوَّتِهِ فِي الصِّيَامِ: حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ مِنْهُ شَيْئًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ قُوَّتِهِ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى: حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ ‌عَلَى ‌كُلِّ ‌أَحْيَانِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ قُوَّتِهِ فِي الِاسْتِغْفَارِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌فِي ‌الْمَجْلِسِ ‌الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ قُوَّتِهِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ: حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ ‌يَحْجُبُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ ‌الْجَنَابَةَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَتَأَسَّوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُوَّةِ بِالْأَخْذِ بِالدِّينِ، وَالْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ؛ لِيَكُونُوا مِنَ الْمُفْلِحِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ أَحْوَالٌ كَثِيرَةٌ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: «كَانَ الْأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ ‌سَبْعِينَ ‌سَنَةً ‌لَمْ ‌تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى، وَاخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ فَمَا رَأَيْتُهُ يَقْضِي رَكْعَةً»، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: «أَقَامَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ‌عِشْرِينَ ‌سَنَةً ‌يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَمْ يَفُتْهُ الزَّوَالُ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعِينَ سَنَةً»، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: «‌ذَهَبَتِ ‌الصَّلَاةُ ‌مِنِّي ‌وَضَعُفْتُ، وَإِنِّي لَأُصَلِّي فَمَا أَقْرَأُ وَأَنَا قَائِمٌ إِلَّا بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ»، وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ الْعَبْدِيُّ: «ضَعُفَ أَبُو إِسْحَاقَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ، فَمَا كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَقُومَ حَتَّى يُقَامَ، فَكَانَ إِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ أَلْفَ آيَةٍ»، وَحِينَهَا كَانَ عُمْرُهُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ يُوصِي الشَّبَابَ بِاغْتِنَامِ شَبَابِهِمْ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ فَيَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، اغْتَنِمُوا شَبَابَكُمْ وَقُوَّتَكُمْ، قَلَّ مَا مَرَّتْ بِي لَيْلَةٌ إِلَّا وَأَنَا أَقْرَأُ فِيهَا أَلْفَ آيَةٍ، وَإِنِّي لَأَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي الرَّكْعَةِ...».

 

فَلِلَّهِ دَرُّ أُولَئِكَ الْقَوْمِ، وَمَنْ صَدَقَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَرَى مِنْ نَفْسِهِ خَيْرًا؛ قَوَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا يُرِيدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَقَدْ أَدْرَكْنَا -بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى- أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا، عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَعَلَيْنَا أَنْ نَجِدَّ وَنَجْتَهِدَ فِي الْعِبَادَةِ، وَأَلَّا تَضِيعَ عَلَيْنَا؛ فَإِنَّ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ، رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ. قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ ‌يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارِمِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى»، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَا تُطْفِئُوا سُرُجَكُمْ لَيَالِيَ الْعَشْرِ، تُعْجِبُهُ الْعِبَادَةُ...»، فَأَكْثِرُوا فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَاجْهَرُوا بِالتَّكْبِيرِ فِيهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَالْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقَاتِ؛ فَإِنَّ شِعَارَهَا التَّكْبِيرُ، وَمَنْ أَرَادَ الْأُضْحِيَةَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يَذْبَحَ؛ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاجتهاد في العبادة وفوائده
  • المن في العبادة
  • المجتهد في العبادة والمسرف على نفسه (خطبة)
  • قواعد مواجهة الفتور والكسل في العبادة وطلب العلم
  • ضوابط في العبادة
  • خطبة: من محراب العبادة إلى ميدان المعاملة
  • تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)
  • يوم الحسرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • شكر الله بعد كل عبادة، عبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوحيد: روح العبادة وأساس قبولها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القوي، المتين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم عبادة ورسالة لبناء الإنسان والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تميز منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • محمد بن إسماعيل البخاري وإجماع الأمة على تلقي "الجامع الصحيح" بالقبول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلقي الركبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العبادة لذة وطاعة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- الرجاء في القبول
محمد شلبي رزق - مصر 08/02/2025 07:16 PM

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كنز من كنوز العلم
معين لا ينضب إن شاء الله
نفع الله بكم
وجعل عملكم خالصا لوجهه الكريم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 10:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب