• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قراءات اقتصادية (64) الاقتصاد المؤسسي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التقادم في القضايا المدنية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قصة التوكل والمتوكلين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تنافس الصحابة - رضي الله عنهم - في حفظ القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أساليب الصليبية للغزو الفكري ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أرجى آيات القرآن (6)

أرجى آيات القرآن (6)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2024 ميلادي - 25/9/1445 هجري

الزيارات: 8708

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أرجى آيات القرآن (6)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، الْعَفُوِّ الْغَفَّارُ؛ ﴿ ‌غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غَافِرٍ:3]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَضَّلَ هَذِهِ اللَّيَالِيَ الْعَظِيمَةَ، وَاخْتَصَّهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ فَفَضْلُهُ عَلَى عِبَادِهِ عَظِيمٌ، وَخَيْرُهُ كَثِيرٌ؛ فَأَيْنَ الْعَامِلُونَ الْمُشَمِّرُونَ؛ لِيَجْنُوا أُجُورًا عَظِيمَةً فِي لَيَالٍ قَلِيلَةٍ! وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَكَانَ يُحْيِي لَيَالِيَ الْعَشْرِ بِالتَّهَجُّدِ وَالْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ وَأَكْثِرُوا الرَّجَاءَ فِيهِ، وَالرَّغْبَةَ إِلَيْهِ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِهِ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ جَوَادٌ كَرِيمٌ، عَفُوٌّ حَلِيمٌ، غَفُورٌ رَحِيمٌ، أَرُوهُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا فِيمَا تَبَقَّى مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي الْكَرِيمَةِ تَجِدُوا خَيْرًا عَظِيمًا؛ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي ‌قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:186].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كِتَابُ هِدَايَةٍ وَإِرْشَادٍ، وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ، وَيَحْوِي آيَاتٍ تُرْجَى فِيهَا رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَعَفْوُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَنَحْنُ -أَيُّهَا الصَّائِمُونَ- فِي لَيَالِي الرَّجَاءِ، فَمَا أَحْسَنَ أَنْ نَسْتَذْكِرَ آيَةً مِنْ آيَاتِ الرَّجَاءِ فِي شَهْرِ الرَّجَاءِ، وَفِي أَيَّامِ الرَّجَاءِ؛ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَنَا وَيَعْفُوَ عَنَّا؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ.

 

وَمِنْ آيَاتِ الرَّجَاءِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا ‌كَسَبَتْ ‌أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشُّورَى:30]، نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «هَذِهِ الْآيَةُ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِذَا كَانَ ‌يُكَفِّرُ ‌عَنِّي ‌بِالْمَصَائِبِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ، فَمَا يَبْقَى بَعْدَ كَفَّارَتِهِ وَعَفْوِهِ؟!»، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ‌اخْتَلَجَ ‌عِرْقٌ وَلَا عَيْنٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، فَاللَّهُ تَعَالَى يُكَفِّرُ عَنِ الْعَبْدِ بِمَا يُصِيبُهُ مِمَّا يُحْزِنُهُ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ، وَعَفْوُهُ سُبْحَانَهُ أَكْثَرُ مِنْ عُقُوبَتِهِ؛ وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَزْدِيُّ: «الْكَثِيرُ الَّذِي يَعْفُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ لَا يُحْصَى».

 

وَأَثَرُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ مَرْفُوعًا فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَرَأَ آيَةً ثُمَّ فَسَّرَهَا، ‌مَا ‌أُحِبُّ ‌أَنَّ ‌لِي ‌بِهَا ‌الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ قَالَ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ ‌مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَخَذَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَا عَفَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا وَيَأْخُذَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: قَالَ عَلِيٌّ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ حَدَّثَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشُّورَى:30]».

 

«فَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَعْلَمَنَا أَنَّ مَا يُصِيبُنَا مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الدُّنْيَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالْأَهْلِ فَهُوَ عُقُوبَةٌ مِنْهُ لَنَا بِمَا اكْتَسَبْنَا مِنَ الْآثَامِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾؛ أَيْ: مِمَّا اكْتَسَبْنَا، فَلَا يُعَاقِبُنَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِالْمَصَائِبِ»، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «يُعَجَّلُ لِلْمُؤْمِنِينَ عُقُوبَتُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، ‌وَلَا ‌يُؤَاخَذُونَ ‌بِهَا فِي الْآخِرَةِ».

 

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ: «وَهَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذُنُوبَ الْمُؤْمِنِينَ صِنْفَيْنِ: ‌صِنْفٌ ‌كَفَّرَهُ ‌عَنْهُمْ بِالْمَصَائِبِ، وَصِنْفٌ عَفَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ كَرِيمٌ لَا يَرْجِعُ فِي عَفْوِهِ، فَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَا يُعَجَّلُ لَهُ عُقُوبَةُ ذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 

وَدَلَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ؛ مِنْهَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ ‌حَتَّى ‌الشَّوْكَةِ ‌يُشَاكُهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، ‌حَتَّى ‌الشَّوْكَةِ ‌يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ ‌عَجَّلَ ‌لَهُ ‌الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

فَيَا لَهُ مِنْ فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَأَجْرٍ كَثِيرٍ، وَكَرَمٍ جَزِيلٍ، مِنْ رَبِّنَا الْكَرِيمِ؛ إِذْ جَعَلَ الْمَصَائِبَ كَفَّارَاتٍ، وَجَعَلَ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا وَالرِّضَا بِهَا أُجُورًا كَثِيرَةً لَا يَعْلَمُهَا سِوَاهُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ صَرِيحَةٌ فِي ثُبُوتِ الْأَجْرِ ‌بِمُجَرَّدِ ‌حُصُولِ ‌الْمُصِيبَةِ، وَأَمَّا الصَّبْرُ وَالرِّضَا فَقَدْرٌ زَائِدٌ يُمْكِنُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِمَا زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ».

 

وَقَدْ فَهِمَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ، وَعَمِلُوا بِهَا، فَلَمْ يَجْزَعُوا فِي الْبَلَاءِ، وَرَضُوا بِالضَّرَّاءِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهَا تَمْحُو الذُّنُوبَ، وَقَدْ أُصِيبَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ فِي بَطْنِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَهُوَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ رَاضٍ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، يَبْتَغِي تَكْفِيرَ الذَّنْبِ، وَعَظِيمَ الْأَجْرِ، قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قُلْتُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «مَا يَمْنَعُنِي عَنْ عِيَادَتِكَ إِلَّا مَا أَرَى مِنْ حَالِكَ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ ‌أَحَبَّهُ ‌إِلَى ‌اللَّهِ تَعَالَى ‌أَحَبُّهُ إِلَيَّ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَعْفُوَ عَنَّا، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا، وَأَنْ يَرْحَمَنَا، وَأَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:223].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَحْسِنُوا خِتَامَ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ بِكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالْعَزْمِ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى الْعَهْدِ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْبُدُ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُطَّلِعٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ؛ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا ‌يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلْزَلَةِ:7-8].

 

وَيُشْرَعُ فِي خِتَامِ رَمَضَانَ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْبَقَاءِ حَوْلًا كَامِلًا، وَشُكْرًا عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ، وَتُخْرَجُ مِنَ الطَّعَامِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ إِخْرَاجُهَا صَبِيحَةَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَيُشْرَعُ إِخْرَاجُهَا عَنِ الْجَنِينِ، قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «وَمَنْ أَخْرَجَ عَنِ الْجَنِينِ فَحَسَنٌ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْرِجُ عَنِ الْجَنِينِ».

 

وَمِنْ تَمَامِ الْمِنَّةِ، وَكَمَالِ النِّعْمَةِ؛ إِتْبَاعُ الطَّاعَةِ بِالطَّاعَةِ، بِصِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ، مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً، مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاحْذَرُوا الْمُنْكَرَاتِ فِي الْعِيدِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ كُفْرَانِ النِّعَمِ، وَمِنْ سُوءِ الْخِتَامِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَنَسْأَلُهُ الِاسْتِقَامَةَ وَالطَّاعَةَ، وَالثَّبَاتَ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أرجى آيات القرآن (1)
  • أرجى آيات القرآن (2)
  • أرجى آيات القرآن (3)
  • أرجى آيات القرآن (4)
  • أرجى آيات القرآن (5)
  • أرجى آيات القرآن (7)

مختارات من الشبكة

  • أرجى آية في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أرجى آية في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله مع المفسر الشوكاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله (عز وجل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث في فضل صلاة سنة الوضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص رمضان: لله نفحات من رحمته يصيب بها من شاء من عباده وشهر رمضان أرجى الأزمنة لذلك(مقالة - ملفات خاصة)
  • آيات الصفات وأحاديثها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات مخصوصة في أوقات مخصوصة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب