• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم / محاضرات مكتوبة
علامة باركود

مضار التشبه بغير المسلمين (محاضرة)

مضار التشبه بغير المسلمين (محاضرة)
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2021 ميلادي - 17/7/1442 هجري

الزيارات: 11218

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مضارُّ التشبّهِ بِغير المسلمين

 

حَرِصَ الإسلامُ على تميُّزِ أتباعِه، وأن لا يَكونوا في تَبَعِيّةٍ مقيتَةٍ، ولا تقليدٍ أعمى، ولذلك لم يأتِ في النصوصِ الأمرُ بالتقليدِ، وإنما جاء الأمرُ بالاتِّبَاعِ والاقتداءِ بالصالحين.

 

قال اللهُ تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].

 

وقال عزّ وجَلّ: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام: 90].

 

قال ابنُ عبدِ البرِّ: والتقليدُ عند العلماءِ غيرُ الاتِّباع؛ لأن الاتِّباعَ هو تَتبّعُ القائلِ على ما بَانَ لك مِن فَضلِ قَولِه، وصِحّةِ مَذهَبِهِ، والتقليدُ أن تقولَ بِقَولِهِ وأنت لا تعرفُ وَجْهَ القولِ ولا معناه، وتأبَى مَن سِواه، أو أنْ يتبينَ لك خطؤه فتتبعه مَهَابةَ خِلافِه، وأنت قد بَانَ لك فسادُ قولِهِ. وهذا مُحَرَّمُ القولِ به في دِينِ اللهِ سبحانَه وتعالى. اهـ.

 

وقال ابنُ الجوزيِّ: اعلمْ أنَّ الْمُقَلِّدَ عَلَى غيرِ ثِقَةٍ فيما قَلّدَ فيه، وفي التقليدِ إبطالُ مَنفعةِ العَقلِ؛ لأنه إنما خُلقَ للتأملِ والتدبّرِ، وقبيحٌ بِمَن أُعْطِي شمعةً يَستضيءُ بِهَا أن يُطفئَها ويَمشيَ فِي الظُّلْمة. اهـ.

 

وقد ثَبَتَ أنَّ الإنسانَ يتأثّرُ بِمُخالَطَةِ الحيوانِ البهيمِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: الفَخْرُ وَالخُيَلاَءُ فِي الفَدَّادِينَ أَهْلِ الوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ. رواه البخاري ومسلم.

 

فكيف إذا خالَطَ الإنسانُ إنسانا ناطِقا، وقد يكونُ أُوتِيَ مَنْطِقا وحُسنَ بَيانٍ، ولِذا لَمّا قَدِمَ رَجُلانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا، عَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، أَوْ: إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ. رواه البخاري.

 

ومِن هُنا أُمِرنا بالابتعادِ عنِ الكُفّار، وعن دِيارِهم، وعن مُساكَنَتِهم، ومُجالَسَتِهم ومُخالَطَتِهم.

قال اللهُ عزّ وجَلّ: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾ [الأنفال: 72].

 

وقال جلّ جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ﴾ [النساء: 97 - 99].

 

تَلاَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما قولَه تعالى: ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ﴾ فقال: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. رواه البخاري.

 

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَال: «لا تَرَاءَى نَارَاهُمَا». رواه أبو داود، وَصحّحه الألباني والأرنؤوط.

 

وقال عليه الصلاة والسلام: « المرءُ على دِينِ خليلِه، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِل ». رواه الإمام أحمدُ وأبو داود والترمذي. وحسنه الألباني، وقال شعيبُ الأرنؤوطُ عن إسنادِ أحمدَ: إسنادُه جيد.

 

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « لا تَصْحَبْ إلاَّ مُؤمِنًا، ولا يأكُلْ طعامَك إلاَّ تَقِيّ»، رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي. وحسّنه الألباني والأرنؤوط.

 

وأمّا مضارُّ التّشبّهِ بِغيرِ المسلمين، فدُونَك عشرٌ منها:

1 – مُخالفةُ أمرِ اللهِ. قال الله عزّ وجَلّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].

 

2 – محبةُ الكافرين، وقد أُمِرْنا بِبُغضِهم. قال الله عزّ وجَلّ: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56].

 

3 – تَفضيلُهم على المؤمنين. وقد حَكَى اللهُ عزّ وجَلّ قولَ اليهودِ عن المؤمنين، فقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 51، 52].

 

4 – ذوبانُ شخصيةِ المسلمِ، والمسلمُ له اعتقادُهُ الذي يُميِّزُه، وكذلِكَ له شخصيتُهُ المتميِّزةُ عن غيرِهِ مِن أهلِ الأديانِ.

 

وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحرِصُ على مُخالفةِ اليهودِ والنصارى والمجوسِ فقد أُمِرْنا بِمخالفتِهم بالقولِ والفِعلِ والإشارةِ.

 

أما القولُ، ففي مثلِ قولِهِ عزّ وجَلّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾ [البقرة: 104].

 

قال ابنُ كثيرٍ رحمه الله: نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِالْكَافِرِينَ فِي مَقَالِهِمْ وَفِعَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُعَانُون مِنَ الْكَلامِ مَا فِيهِ تَوْرِيَةٌ لِمَا يَقْصِدُونَهُ مِنَ التَّنْقِيصِ - عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ - فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا: اسْمَعْ لَنَا يَقُولُونَ: رَاعِنَا. يُورّونَ بِالرُّعُونَةِ...

 

وَالْغَرَضُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُشَابَهَةِ الْكَافِرِينَ قَوْلا وَفِعْلا. اهـ.

 

وأمّا الفعلُ، فهو كثيرٌ، ومِنه قولُه عليه الصلاة والسلام: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ. رواه البخاري ومسلم.

 

ولَمّا قيلَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أهلَ الكتابِ يَتَسَرْوَلُون ولا يأتَزِرُون؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « تَسَرْوَلُوا وائتَزِرُوا، وخَالِفُوا أهلَ الكتابِ ». فقيل: يا رسولَ الله، إنَّ أهلَ الكتابِ يَتَخَفّفُون[1] ولا يَنْتَعِلون، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: « فَتَخَفّفُوا وانْتَعِلُوا، وخَالِفُوا أهلَ الكتابِ ». رواه الإمام أحمد، وقال الهيثميُّ: رواه أحمد والطبراني، ورجالُ أحمدَ رجالُ الصحيحِ خَلاَ القاسِمِ، وهو ثقةٌ، وفيه كلامٌ لا يَضرُّ.

 

والحديثُ حسّنه الألباني، وصححه الأرنؤوط.

 

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: نَظّفُوا أفْنِيَتَكم، ولا تَشَبّهوا بِاليهودِ تَجْمَعُ الأكْباءَ في دُورِها. رواه الترمذي وغيره، وحَسَّنه الألباني.

 

قال ابنُ الجوزيِّ: الأكباءُ جَمْعُ كِبَا، وَهِي الكُنَاسةُ. اهـ.

 

وقد أكثَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن مُخالفةِ اليهودِ، فبَلَغ ذلك اليهودَ، فقالوا: ما يُريدُ هذا الرّجُلُ أن يَدَعَ مِن أمْرِنا شيئا إلاّ خَالَفَنَا فيه. رواه مسلم.

 

وأمّا الإشارةُ، ففي مثلِ قولِه عليه الصلاة والسلام: لا تُسَلِّمُوا تسليمَ اليهودِ والنصارى، فإنَّ تَسليمَهم بالأكُفِّ والرؤوسِ والإشارَةِ. رواه النسائيُّ. وقال ابن حجر: إسنادُه جيّد. وحسّنه الألباني.

 

ومِن مضارِّ التشبّهِ بِغيرِ المسلمينَ:

5 – تقديمُ مَن أخّرَهُ اللهُ، وتقريبُ مَن أبعدَه اللهُ، وإكْرامُ مَن أهانَه اللهُ لَمّا استعمَلَ أبو موسى الأشعري رضي الله عنه كاتِبا نَصرَانيا، وعَلِم عُمرُ رضي الله عنه بذلك: انْتَهَرَه وضَرَبَه على فَخِذِه، وقَرأ عُمرُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51] فقال أبو موسَى: واللهِ ما تَوَلَّيتُه، إنَّما كان يَكتُبُ، فقال عُمرُ:

أما وجَدتَ في أهلِ الاسلامِ مَن يَكتُبُ لَكَ؟! لا تُدنِهِم إذ أقصاهُمُ اللهُ، ولا تأمَنْهُم إذ أخانَهُمُ اللهُ، ولا تُعِزَّهُم بعدَ إذ أذَلَّهُمُ اللهُ. فأخرَجَه. رواه البيهقي.

 

ولَمّا وَقَفَ الشعراءُ بِبابِ عُمرَ بنِ عبدِ العزيز رحمه الله سأل عنهم.. فقيل: الأخطلُ النصرانيُّ.

قال: أبعَدَه اللهُ عَنّي، فوالله لا دَخَلَ عليَّ أبدًا، ولا وَطِىءَ لي بِسَاطا، وهو كافرٌ.

رحمَكَ الله يا عُمرُ.. هكذا كانت عِزّةُ المسْلِمِ المفتخرِ بإسلامِهِ، الذي عَرَف قَدْرَ الكافرِ!

 

وكان الإمامُ أحمدُ إذا نظرَ إلى نصرانيٍّ غمّضَ عينيهِ، فقيل له في ذلك، فقال: لا أقدِرُ أنظرُ إلى مَن افترى على اللهِ وكَذَبَ عليه.

 

قال القرافيُّ: لَمّا أتَى الشيخُ أبو الوليدِ الطرطوشيُّ رحمه اللهُ الخليفةَ بمصرَ، وَجَدَ عنده وزيرا راهبا وسَلّمَ إليه قيادَه، وأخذ يَسمعُ رأيَه، ويُنفّذُ كلماتِه المسمومةَ في المسلمين.

 

وكان هو ممن يَسمعُ قولَه فيه، فلما دَخَلَ عليه في صورةِ المغضبِ والوزيرُ الراهبُ بإزائِهِ جالِسٌ أنشدَه:

يا أيها الملكُ الذي جُودُه
يَطلبُه القاصِدُ والراغبُ
إنَّ الذي شُرِّفتَ مِن أجلِه
يَزعمُ هذا أنَّه كاذبُ

 

فاشتدَّ غضبُ الخليفةِ عند سماعِ الأبياتِ، وأمَر بالراهبِ فَسُحِبَ وضُرِبَ وقُتِلَ، وأقبلَ على الشيخِ أبي الوليدِ فأكرمَه وعظّمَه بعدَ عزمِهِ على إيذائِه. فلما استحضرَ الخليفةُ تكذيبَ الراهبِ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم - وهو سببُ شَرَفِه وشَرَفِ آبائه وأهلِ السماواتِ والأرضين - بَعَثَه ذلك على البُعدِ عن السكونِ إليه، والمودةِ له، وأبعدَه عن منازلِ العزِّ إلى ما يَليقُ به مِن الذّلِّ والصغارِ.

 

كيف تَطِيبُ نّفْسُ مسلِمٍ أن يتشبّهَ بأعداءِ اللهِ، ومَن يَنسِبون إليه الصاحِبةَ والولَدَ؟

أو يَعبُدون الأصنامَ والأوثانَ؟ أو يَزعُمون أنَّ لهذا الكونِ مالِكًا ومُدبّرًا غيرَ اللهِ؟

 

6 – صِغَرُ النفوسِ! فإنه لا يتشبَّهُ بِغيرِه إلاّ مَن كانتْ نفسُه صغيرةً!

وفي التّنزِيل: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10].

 

7 – التشبّهُ نوعٌ مِن الموالاةِ، وقد ذَكَرَ العلماءُ أنَّ الرضا بأعمالِهِم والتّشبّهَ بهم والتزييَ بِزيِّهم مِن صُورِ الموالاة.

وشِبْهُ الشيءِ مُنْجَذِبٌ إليه.

 

ولذلك قال ابنُ مسعودٍ: إذا شابَهَ الزيُّ الزيَّ شابَهَ القلبُ القلبَ.

 

ومُوالاةُ الكُفّارِ ومحَبّتُهم التّامّةُ تُنافي الإيمانَ.

قال الله عزّ وجَلّ: ﴿ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22].

 

8 – جَعَلَ سَقَطَ المجتمعاتِ قُدُواتٍ!

فإنه يُنظَر إلى المغنِّين والمغنياتِ واللاعبين على أنهم قُدواتٌ.. في حِين أنَّ المجتمعاتِ الكافرةَ لا تَعتبِرُ هؤلاءِ قُدواتٍ!

ولا يصِحُّ للمسلمِ أن يَجعلَ الكافِرَ أيًّا كان قُدوةً له؛ لأنَّ الكافِرَ مُحادٌّ ومُضادٌّ لله والكافِرُ أعمَى بَصيرةٍ، لا يعقِلُ ولا يَفقهُ عنِ اللهِ ولا عنْ رسولِه صلى الله عليه وسلم.

 

وكيف يَصِحُّ لأعمَى أنْ يقودَ بصيرا في الزِّحَام؟

أَعمى يَقودُ بَصيرا لا أَبَا لَكُمُ *** قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ

 

ومَن يَجعلِ الكافِرَ قُدوةً له، فهو كالذي يجعلُ الغُرابَ قُدوةً له!

وقد قيل:

إِذا كَانَ الْغُرَابُ دَلِيلَ قومٍ *** يدلُّهمُ على جِيَفِ الْكلاب

 

ولا يَخفَى تأثّرُ بعضِ الناسِ بالكّفّارِ، حتى تَرَى أحَدَهم يَلُوكُ لِسانَه بِكلماتٍ أعجميةٍ، ويتشدّقُ بها، ويتكلّمُ بها الصغيرُ والكبيرُ على سبيلِ التّفاخُرِ والتّعالي، وقدْ قالَ عمرُ رضي الله عنه: لا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الأعَاجِمِ، وَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السَّخَطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وصححه شيخُ الإسلام ابنُ تيمية.

 

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: فَهَذَا عُمَرُ قَدْ نَهَى عَنْ تَعَلُّمِ لِسَانِهِمْ وَعَنْ مُجَرَّدِ دُخُولِ الْكَنِيسَةِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَكَيْفَ مَنْ يَفْعَلُ بَعْضَ أَفْعَالِهِمْ؟ أَوْ قَصَدَ مَا هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ دِينِهِمْ؟ أَلَيْسَتْ مُوَافَقَتُهُمْ فِي الْعَمَلِ أَعْظَمُ مِنْ مُوَافَقَتِهِمْ فِي اللُّغَةِ؟ أولَيْسَ عَمَلُ بَعْضِ أَعْمَالِ عِيدِهِمْ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فِي عِيدِهِمْ؟ وَإِذَا كَانَ السُّخْطُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ بِسَبَبِ عَمَلِهِمْ، فَمَنْ يَشْركُهُمْ فِي الْعَمَلِ أَوْ بَعْضِهِ أَلَيْسَ قَدْ تَعَرَّضَ لِعُقُوبَةِ ذَلِكَ؟

 

[(يَشْركُهُمْ): رأيتها ضُبطت (يُشرِكهم)]؟؟

وقال: وَإِذَا كَانَ الدَّاخِلُ لِفُرْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مَنْهِيًّا عَنْ ذَلِكَ؛ لأَنَّ السُّخْطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. فَكَيْفَ بِمَنْ يَفْعَلُ مَا يَسْخَطُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِمَّا هِيَ مِنْ شَعَائِرِ دِينِهِمْ؟ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72]، قَالُوا: أَعْيَادُ الْكُفَّارِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي شُهُودِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ فَكَيْفَ بِالأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِهَا. اهـ.

 

9 - خُطورةُ التّشبّهِ بِغيرِ المسلمين: أنها رُبّما تُخرِجُ مِن دائرةِ الإسلام.

قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَن تَشبّهَ بِقَومٍ فهو منهم. رواه الإمام أحمد وأبو داود. وصححه الألباني.

 

ولقولِه عليه الصلاة والسلام: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا. رواه الترمذي. وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ. وحسنه الألباني.

 

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَادَاتِ، فَكَيْفَ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ؟!

 

وقالَ رحِمَه اللهُ: وهذا الحديثُ أقَلُّ أحْوِالِه أنه يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ بِهم، وإنْ كانَ ظَاهِرُه يَقْتَضِي كُفْرَ الْمُتَشَبِّه بِهِم. اهـ.

 

10 – الهزيمةُ النّفسيّةُ، والرِّضا بِالدّونِ.

والنفسُ الشريفةُ تتوقُ إلى العُلا والمعالي.

قال ابنُ الجوزيِّ: مِن علامةِ كمالِ العقلِ: علوُّ الْهِمّةِ، والراضي بالدونِ دنيءٌ. اهـ.

وبلوغُ القِممِ بـ علوِّ الهممِ، ومَنْ علَتْ به الْهِمّةُ سَمَتْ بهِ إلى الجنةِ.

 

قال ابنُ القيمِ: وأعلى الْهِمَمِ: هِمّةٌ اتّصلتْ بالحقِّ سبحانه طلبا وقصدا، وأوْصَلَتِ الْخَلْقَ إليه دَعوةً ونُصْحا. وهذه هِمّةُ الرُّسلِ وأتباعِهم...

 

وللهِ الْهِمَمُ! ما أعجبَ شأنَها، وأشدَّ تفاوتَها؛ فَهِمّةٌ مُتَعلّقةٌ بِمَن فوقَ العرشِ، وهِمّةٌ حائمةٌ حول الأنتانِ والْحُشِّ!

 

والعامةُ تقولُ: قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحسِنُه. والخاصةُ تقولُ: قيمةُ المرءِ ما يَطلبُه. وخاصةُ الخاصةِ تقولُ: هِمّةُ المرءِ إلى مطلوبِه. اهـ.

 

ولَمّا كان النّصْرُ للإسلامِ، وكانتِ الْجَوْلةُ لأمةِ الإسلامِ: كان مَن يتعلَّمُ اللغةَ العربيةَ مِن الكُفّارِ يفتَخِر بها! ويَرى أنه قدْ فاقَ أقرانَه، وبَزَّ أمثالَه..

 

ثم تغيَّر الحالُ، وأصبح كما تَرَى، واللهُ المستعان، وإليه الْمُشتَكى، وعليه التُّكلانُ.

 

مِن جورجَ الثاني ملكِ انكلترا والسويدِ والنرويجِ إلى الخليفةِ ملكِ المسلمين في مملكةِ الأندلسِ صاحِبِ العظمةِ هشامِ الجليلِ المقامِ...

 

بعد التعظيمِ والتوقيرِ، فقد سمعنا عن الرقيِّ العظيمِ الذي تتمتعُ بفيضِهِ الضافيِ معاهدُ العلمِ والصناعاتِ في بلادِكم العامرةِ، فأردنا لأبنائنا اقتباسَ نماذجَ هذه الفضائلِ لتكونَ بدايةً حسنةً في اقتفاءِ أثرِكم لنشرِ أنوارِ العلمِ في بلادِنا التي يحيطُ بها الجهلُ من أركانِها الأربعةِ.وقد وضعنا ابنةَ شقيقِنا الأميرةَ دوبانت على رأسِ البعثةِ من بناتِ أشرافِ الإنكليز، لتتشرفَ بِلثْمِ أهدابِ العرشِ والتماسِ العطفِ، وتكونَ مع زميلاتِها موضعَ عنايةِ عظمتِكم وفي حمايةِ الحاشيةِ الكريمةِ، والحدبِ من قِبَلِ اللواتي سوف يُقِمْن على تعليمِهن، و قد أرفقتُ الأميرةَ الصغيرةَ بهديةٍ متواضعةٍ لمقامِكم الجليلِ، أرجو التكرمَ بقبولِها، مع التعظيمِ والحُبِّ الخالصِ..

 

من خادمِكم المطيعِ: جورجَ.م.أ

 

جوابُ الخليفةِ الأندلسيِّ هشامِ الثالثِ:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على نبيِّه سيدِ المرسلين، وبعد:

اطلعتُ على التماسِكم، فوافقتُ على طلبِكم بعدَ استشارةِ منْ يعنيهم الأمرَ مِن أربابِ الشأنِ، وعليه نُعلِمُكم أنه سوف ينفَقُ على هذه البعثةِ مِن بيتِ مالِ المسلمين. أمّا هديتُكم فقد تلقيتُها بسرورٍ زائدٍ، وبالمقابلِ أبعثُ إليكم بغاليِ الطنافسِ الأندلسيةِ، وهو مِن صُنعِ أبنائنا، هدية لحضرتِكم، وفيها المغزى الكافي للتدليلِ على التفاتتِنا....

 

خليفةُ رسولُ اللهِ في ديارِ الأندلسِ: هشامُ الثالثُ

 

المرجع: كتابُ (العربُ عنصرُ السيادةِ في القرونِ الوسطى) للمؤرخِ الإنجليزيِّ: جونَ دوانبورت.



[1] أي: يلبسون الخفاف وَحدها دون نعال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بعض أحكام المواطنين غير المسلمين
  • مخالفة غير المسلمين
  • قبول التبرعات من غير المسلمين لمشاريع خيرية
  • العمل في بلاد غير المسلمين
  • تحية غير المسلمين والسلام عليهم
  • تعزية غير المسلمين وحضور جنائزهم
  • التجارة مع غير المسلمين وأهل الذمة
  • آفات وأضرار التشبه بغير المسلمين

مختارات من الشبكة

  • منكرات التشبه بغير المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة مع يوم عاشوراء، وقضية التشبه بغير المسلمين(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • مضار الرشوة وعوامل تفشيها وطريقة علاجها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مضار الحكم على الحديث بدون تجميع طرقه (مثال)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مضار السكوت عن النقد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مضار الخمر والتحذير منه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرص على التشبه بأهل الخير، والاقتداء بهم في المطعم وغيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشروعية التكني وعدم التشبه بالأعاجم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التشبه بالكفار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حماية المجتمع من الشواذ أو التشبه بهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب