• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    مهمة تتطلب من الإنسان مواجهة شده وأزمات الحياة ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بين رمضان والحج
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    استثمار الطاعات وقوله (فإذا فرغت فانصب)
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المنهج القرآني طب القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مآثر الأئمة والثناء عليهم وقوله (وجعلنا لهم لسان ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تراكم صيام كفارة اليمين
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سور صلاة الجمعة (6) سورة الغاشية

سور صلاة الجمعة (6) سورة الغاشية
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2020 ميلادي - 3/11/1441 هجري

الزيارات: 19552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سور صلاة الجمعة (6)

سورة الغاشية


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].


أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أَيُّهَا النَّاسُ:

يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمٌ عَظِيمٌ، هُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلَا تَغْرُبُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ...» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَشُرِعَتْ فِيهِ خُطْبَةُ الْجُمْعَةِ وَصَلَاتُهَا، وَكِلَاهُمَا تَذْكِيرٌ وَمَوْعِظَةٌ. وَمِنْ سُنَنِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْغَاشِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا، وَهِيَ سُورَةٌ فِيهَا تَذْكِيرٌ يَحْتَاجُهُ الْمُؤْمِنُ؛ لِيَسِيرَ فِي أُسْبُوعِهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.


وَهِيَ سُورَةٌ تُذَكِّرُ الْعَبْدَ آخِرَتَهُ، وَتَدُلُّهُ عَلَى عَظَمَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَهِيَ تَدُورُ عَلَى مِحْوَرَيْنِ كَبِيرَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: ذِكْرُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَأَقْسَامِ النَّاسِ فِيهَا، وَلَعَلَّهَا بُدِئَتْ بِالذِّكْرِ لِتَشْوِيقِ الْقَارِئِ وَالسَّامِعِ، وَحَفْزِهِمَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ لِلْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ. وَثَانِيهِمَا: جُمْلَةٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ.


وَالْمِحْوَرُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا يَبْدَأُ بِالِاسْتِفْهَامِ؛ لِلتَّشْوِيقِ وَالْإِثَارَةِ وَلَفْتِ الِانْتِبَاهِ: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾؛ أَيْ: قَدْ أَتَاكَ. «وَأَصْلُ الْغَاشِيَةُ: الدَّاهِيَةُ تَغْشَى النَّاسَ»، «وَسُمِّيَتْ غَاشِيَةً؛ لِأَنَّهَا إِذَا حَصَلَتْ لَمْ يَجِدِ النَّاسُ مَفَرًّا مِنْ أَهْوَالِهَا، فَكَأَنَّهَا غَاشٍ يَغْشَى عَلَى عُقُولِهِمْ»، ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الْحَجِّ: 1- 2].


وَحِينَهَا يَنْقَسِمُ النَّاسُ إِلَى فَرِيقَيْنِ، فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴾ وَالْخَاشِعَةُ: الذَّلِيلَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ ﴾ [الشُّورَى: 45]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 44]. وَتُكَلَّفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَعْمَالٍ شَاقَّةٍ حَتَّى تَتْعَبَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴾، فَإِنَّ أَفْرَادَ هَذَا الْفَرِيقِ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنِ الْخُشُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا، وَتَرَكُوا الْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَالتَّعَبَ فِي الطَّاعَةِ؛ عُوقِبُوا بِخُشُوعِ مَذَلَّةٍ، وَعَمَلِ مَشَقَّةٍ، وَنَصَبِ إِرْهَاقٍ. وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الذَّلِيلَةُ النَّاصِبَةُ جَزَاؤُهَا عَلَى كُفْرِهَا وَعِصْيَانِهَا شَدِيدٌ، وَعَذَابُهَا أَلِيمٌ ﴿ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ وَكُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُونَ أَنَّ النَّارَ حَامِيَةٌ بِلَا هَذَا الْوَصْفِ، وَلَكِنَّهُ وَصْفٌ يَدُلُّ عَلَى تَجَاوُزِ حَرِّهَا الْمِقْدَارَ الْمَعْرُوفَ ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ [الْهُمَزَةِ: 6].


﴿ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾ فَإِذَا أَرَادُوا إِطْفَاءَ حَرَارَتِهَا بِالشَّرَابِ جُعِلَ شَرَابُهُمْ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ، وَهُوَ مَا بَلَغَ الشِّدَّةَ فِي الْحَرَارَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 44]، وَهُوَ شَرَابٌ يَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ فَيَسْلَخُهَا، وَيُقَطِّعُ أَمْعَاءَهُمْ ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾ [الْكَهْفِ: 29]، ﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 15].


﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ «فَلَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ شَرَابَهُمْ ذَكَرَ طَعَامَهُمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: الضَّرِيعُ: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ... لَا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ وَلَا بَهِيمَةٌ وَلَا تَرْعَاهُ، وَهُوَ سَمٌّ قَاتِلٌ، وَهُوَ أَخْبَثُ الطَّعَامِ وَأَشْنَعُهُ».


﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ «وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الطَّعَامِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَسُدَّ جُوعَ صَاحِبِهِ وَيُزِيلَ عَنْهُ أَلَمَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُسْمِنَ بَدَنَهُ مِنَ الْهُزَالِ، وَهَذَا الطَّعَامُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، بَلْ هُوَ طَعَامٌ فِي غَايَةِ الْمَرَارَةِ وَالنَّتَنِ وَالْخِسَّةِ. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ».


ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَرِيقَ الثَّانِيَ فِي سُورَةِ الْغَاشِيَةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴾؛ «أَيْ: قَدْ جَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَنَضَرَتْ أَبْدَانُهُمْ، وَاسْتَنَارَتْ وُجُوهُهُمْ، وَسُرُّوا غَايَةَ السُّرُورِ»، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 24].


﴿ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ وَهُوَ سَعْيُهَا فِي الدُّنْيَا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا وَجَدَتْ ثَوَابَهُ فِي الْآخِرَةِ عَظِيمًا ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النَّجْمِ: 39 - 41]، ﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 35].


﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ «فِي مَحَلِّهَا وَمَنَازِلِهَا، فَمَحَلُّهَا فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَمَنَازِلُهَا مَسَاكِنُ عَالِيَةٌ، لَهَا غُرَفٌ وَمِنْ فَوْقِ الْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ يُشْرِفُونَ مِنْهَا عَلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ».


﴿ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ﴾ «اللَّغْوُ: الْكَلَامُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ لَهُ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ دَارُ جِدٍّ وَحَقِيقَةٍ، فَلَا كَلَامَ فِيهَا إِلَّا لِفَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ فِيهَا تَخَلَّصَتْ مِنَ النَّقَائِصِ كُلِّهَا».


ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ﴾ «أَيْ: فِيهَا الْعُيُونُ الْجَارِيَةُ الَّتِي يُفَجِّرُونَهَا وَيُصَرِّفُونَهَا كَيْفَ شَاؤُوا. ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾ وَهِيَ الْمَجَالِسُ الْمُرْتَفِعَةُ فِي ذَاتِهَا، وَبِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْفُرُشِ اللَّيِّنَةِ الْوَطِيئَةِ ﴿ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ﴾ أَيْ: أَوَانٍ مُمْتَلِئَةٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْرِبَةِ اللَّذِيذَةِ، قَدْ وُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأُعِدَّتْ لَهُمْ، وَصَارَتْ تَحْتَ طَلَبِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ، يَطُوفُ بِهَا عَلَيْهِمُ الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ. ﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ﴾ أَيْ: وَسَائِدُ مِنَ الْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، قَدْ صُفَّتْ لِلْجُلُوسِ وَالِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُرِيحُوا عَنْ أَنْ يَضَعُوهَا وَيَصُفُّوهَا بِأَنْفُسِهِمْ، ﴿ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ وَهِيَ الْبُسُطُ الْحِسَانُ، مَمْلُوءَةٌ بِهَا مَجَالِسُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ».


نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سَخَطِهِ وَمِنَ النَّارِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ السُّعَدَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.


وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْغَاشِيَةِ أَصْحَابَ النَّارِ وَأَصْحَابَ الْجَنَّةِ؛ لَفَتَ الِانْتِبَاهَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ دَلَائِلِ عَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمِحْوَرُ الثَّانِي فِي السُّورَةِ ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ «فَإِنَّهَا خَلْقٌ عَجِيبٌ، وَتَرْكِيبُهَا غَرِيبٌ، فَهِيَ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَلِينُ لِلْحَمْلِ الثَّقِيلِ، وَتَنْقَادُ لِلْقَائِدِ الضَّعِيفِ، وَتُؤْكَلُ وَيُنْتَفَعُ بِوَبَرِهَا، وَيُشْرَبُ لَبَنُهَا. وَنُبِّهُوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ غَالِبُ دَوَابِّهِمْ كَانَتِ الْإِبِلَ»، وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُجُوا بِنَا نَنْظُرْ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»، وَبَعْضُ مَنْ وُلِدُوا مَكْفُوفِينَ يَتَمَنَّوْنَ رُؤْيَةَ الْإِبِلِ حِينَ يَسْمَعُونَ هَذِهِ الْآيَةَ؛ فَهِيَ مَوْضِعُ تَفَكُّرٍ وَاعْتِبَارٍ.


﴿ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ «فَنَبَّهَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ الرَّبُّ الْعَظِيمُ الْخَالِقُ الْمُتَصَرِّفُ الْمَالِكُ، وَأَنَّهُ الْإِلَهُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ سِوَاهُ».


﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ﴾ «أَيْ: ذَكِّرِ النَّاسَ وَعِظْهُمْ، وَأَنْذِرْهُمْ وَبَشِّرْهُمْ، فَإِنَّكَ مَبْعُوثٌ لِدَعْوَةِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ وَتَذْكِيرِهِمْ، وَلَمْ تُبْعَثْ مُسَيْطِرًا عَلَيْهِمْ، مُوَكَّلًا بِأَعْمَالِهِمْ، فَإِذَا قُمْتَ بِمَا عَلَيْكَ، فَلَا عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْمٌ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾. لَكِنَّ مَنْ تَوَلَّى عَنِ الطَّاعَةِ وَكَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ وَهُوَ رُجُوعُ الْخَلِيقَةِ وَجَمْعُهُمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَنُحَاسِبُهُمْ عَلَى مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ».


وَبِخَاتِمَةِ السُّورَةِ يَتَبَيَّنُ أَهَمِّيَّةُ التَّذْكِيرِ وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ دُونَ الِالْتِفَاتِ إِلَى قَبُولِ النَّاسِ أَوْ رَفْضِهِمْ؛ فَإِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ مَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ أَحَدٌ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِ بِمَا يَعْلَمُ دُونَ مَا يَجْهَلُ، وَإِلَّا لَأَضَلَّ النَّاسَ ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ [يُوسُفَ: 108].


وَأَحَقُّ النَّاسِ بِتَذْكِيرِ الْمُؤْمِنِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَقَرَابَتُهُ وَجِيرَانُهُ وَزُمَلَاؤُهُ، وَلَوْ شَاعَ التَّذْكِيرُ وَالْوَعْظُ بَيْنَ النَّاسِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ لَكَانُوا عَامِلِينَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي يَسْمَعُونَهَا فِي كُلِّ جُمْعَةٍ، وَلَقُضِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُوفِظَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالطَّاعَاتِ، فَلَا يَحْقِرَنَّ عَبْدٌ نَفْسَهُ أَنْ يَدْعُوَ مُقَصِّرًا إِلَى طَاعَةٍ، وَأَنْ يَنْهَى عَاصِيًا عَنْ مَعْصِيَةٍ؛ فَلَعَلَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى تَذْكِيرِهِ، وَيَنْفَعَ أَخَاهُ فَيُنْقِذَهُ، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 55].


وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سور صلاة الجمعة (1)
  • سور صلاة الجمعة (2)
  • سور صلاة الجمعة (3) سورة الجمعة
  • سور صلاة الجمعة (4) سورة (المنافقون)
  • سور صلاة الجمعة (5) سورة الأعلى
  • سورة الغاشية
  • فوائد من سورة الغاشية

مختارات من الشبكة

  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء السابع عشر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثامن عشر(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء التاسع عشر(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء العشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الحادي والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثاني والعشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثالث والعشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الرابع والعشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الخامس والعشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب