• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية
علامة باركود

أحكام الطلاق والرجعة (خطبة)

أحكام الطلاق والرجعة (خطبة)
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2016 ميلادي - 2/5/1437 هجري

الزيارات: 31998

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام الطلاق والرجعة

 

الخطبة الأولى

أما بعد:

عباد الله، فإن الحاجة في هذه الأيام تكثر وتعظم للكلام على مقاصد النكاح وأحكامه، وكيف تقوم الأسر المسلمة؟ وما هي حقوق الزوجين بعضهما على بعض؟ لكني أخر هذا الكلام إلى خطب تأتي - إن شاء الله - لأتكلم عن أمرٍ عظم الجهل فيه، وكثر الخطأ في أحكامه، لأتحدث معكم عن أمر ندر فيه كلام الوعاظ، وقل فيه كلام الخطباء.

 

أيها الإخوة، حديثي معكم في هذه الخطبة المباركة - إن شاء الله - عن أحكام الطلاق، ومسائله، وما يتعلق به من أخطاء كثير من الناس.

 

عباد الله، إن هذا الحكم حكم من أحكام الله، أنزله من فوق سبع سماوات، وجعله حداً من حدوده لا ينبغي لأحد أن يتعداها، وسنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فقرر أحكامه، وبيّن مسائله، وصحّح أخطاءه.

 

فكم جهل كثير من الناس أحكام الطلاق؟ وكم كثرت فيهم أخطاء شنيعة في هذا الأمر العظيم، فتدبروا وافقهوا ـ يا عباد الله ـ ما يقال، فمن كان عليماً منكم ازداد علماً، ومن كان جاهلاً تعلم، أو غافلاً تذكّر، أو مخطئاً استغفر.

 

اعلموا أن الطلاق: هو حل قيد النكاح أو بعضه؛ فإن كان طلاقاً دائماً، فهو حل كل النكاح، وإن كان طلاقاً رجعياً فهو حل بعض النكاح، والأصل في الطلاق أنه مكروه؛ لما فيه من إزالة مقاصد النكاح العظيمة، وإيقاع أضرار الطلاق، قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ البقرة227.

 

والإسلام ـ عباد الله ـ لما كان شريعة كاملة متكاملة من لدن حكيم خبير، وضع الحلول الكثيرة، قبل أن يقع الطلاق، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ النساء34، فلو أن الرجال قاموا حق القيام بحق القوامة، ولو أن النساء تركن القوامة للرجال لاستقامت الحياة الزوجية، ولقلت كثير من المشكلات الواقعة بين الزوجين، فحق الأمر والنهي للرجل، وعلى المرأة أن تسمع وتطيع بالمعروف؛ فإن حدث الخلل في ذلك، ووقعت المشاكل، فاسمعوا ماذا يقول الله: ﴿ .. فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ﴾ [النساء: 34]، على الرجل إن عصته المرأة وخالفته فيما حقه فيه أن تسمع وتطيع، فله أن يعظها بحقه عليها، وبما أمرها الله سبحانه وتعالى به، فيكثر من الوعظ وينوّعه، ويدرّجه شيئاً فشيئاً، فإن استعصت عليه المرأة، شُرع في حقه أن يهجرها في مضجعها، فلا يجامعها علها أن تتوب وأن ترجع، وهو علاجٌ مجربٌ ونافع في كثير من الأحوال ـ بإذن الله ـ، فإن استعصت ونشزت عن أمره، فله ـ يا عباد الله ـ أن يضربها ضرباً غير مبرح في غير الوجه، وبغير أن يكسر لها عظماً أو أن يخرج لها دماً، ضرب تأديب وتعليم لا ضرب انتقام، فيضرب وهو يقول: يجب عليك أن تسمعي أمري، ويضرب وهو يقول: إن الله نهاكِ عن مخالفتي ومعصيتي.. وهكذا، فإن لم يحدث التوفيق بينهما، فهناك حل رابع، يقول الله: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾ النساء35، فيُحكّم الرجل رجلاً من قرابته، وتحكم المرأة رجلاً من قرابتها، فيسعون بالمعروف بينهما، وعليهما أن ينقادا للحكم ويرضيا به، حتى تسير حياتهما الزوجية، فإن استعصت الأمور وما أجدت الحلول، وخيف أن تتعثر وأن يزداد الظلم والكراهية، وقام قائم الفراق بين الزوجين، فكثرت المشاكل وعظمت، وساءت الظنون وفسدت، وقل الوئام وانهدم؛ شُرع لهما أن يتفارقا بما شرّع الله من أحكام الطـلاق.

 

أرأيتم لعظـمة الشـريعة الخـالدة ـ يا عباد الله ـ كيف بكم بالأحكام الوضعية التي تسن في قراراتها تحريم الطلاق ومنع الزوجين منه، مع شدة الحاجة أحياناً إليه، لكن الله وضع الحل بعد الحل، ووضع الهدي بعد الهدي، فإن ساءت الأمور وتعسرت، فما جعل الله على أحدٍ إكراهاً، وعليهما أن يتفارقا بالمعروف، هذا بالنسبة للرجل.

 

ومن رحمة الشريعة وحكمتها وعدلها ـ عباد الله ـ أنها شرعت الفراق أيضاً بالنسبة للمرأة؛ فإذا كرهت المرأة زوجها في دينه أو خلقه، كراهية لا تصبر عليه بعدها، وتخاف ألا تقيم حقه عليها، فتقع في الكفر والظلم؛ كفر النعمة، وظلم الزوج، ولم يُرزقا بأولاد، شُرع لها أن تطلب الخُلع، فتفارق الزوج بعوض لا يبلغ أكثر من قيمة المهر الذي أخذته، فيما اختاراه كثير من أهل العلم، ثم يُفسخ العقد بينهما، وهذا الحكم جاء ليؤكد أن للمرأة أيضاً أحاسيس وعواطف، فإن كرهت الرجل إلى درجة ألا تتحمل البقاء معه جاز لها أن تفتدي بمالها، يقول الله: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ .. ﴾ [البقرة: 229]، فإن كانت المرأة قد غُررت على زوجها، وأُفسدت، وليس لها عذر في طلب الطلاق، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما عند أبي داود والترمذي بسند حسن من حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه: ( أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة )، هذا ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فعظّموا حدود الله، وتعلموا حدود الله ـ عباد الله ـ.

 

أيها المؤمنون، إن كثيراً من الناس يجهلون أحكام الطلاق، حتى أنهم يتغشون حدود الله، ومن المسائل الكثيرة العظيمة التي يقع بها الجهل والخطأ، ومن فرّط في التعليم فهو آثم، ومن علم وأخطأ فهو آثم، قال العلامة ابن قدامة رحمه الله تعالى: "أجمع أهل العلم على حرمة الطلاق في حيض، أو طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها"، أوَ سمعتم هذا الحكم من قـبل ـ يا عباد الله ـ؟ هو حكم بإجماع أهل العلم؛ يحرم على الرجل أن يطلّق امرأته وهي حائض، فإن كانت المرأة حائضاً؛ ما حل له أن يطلق، فإن طلّق فهو آثم؛ لأنه سيزيدها عدة على عدتها، فستعتد ثلاث حيضات وهذه الحيضة التي طلق فيها، أما إذا كانت المرأة حاملاً فيحل له الطلاق؛ لأنها ستعتد من بعد طلاقه حتى تضع حملها، وأما إذا كانت طاهراً غير حامل: فإن كان لم يجامعها في هذا الطهر؛ حل له أن يطلقها، وإن كان جامعها في هذا الطهر؛ في أوله أو وسطه أو آخره؛ فإنه يحرم عليه أن يطلقها، ولو طلقها فهو آثم؛ لأنه ما طلقها على ما أمر الله، وسيزيدها في عدتها، والله يقول: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، فلا يحل ـ يا عباد الله ـ إذا فكّر أحدكم أن يطلق أن يرمي كلمة الطلاق وزوجه حائض، ولا أن يرميها وزوجه طاهر وكان جامعها في هذا الطهر، إلا أن يطلقها وهي حامل، أو طاهر لم يجامعها، أو كانت كبيرة لا تحيض، أو صغيرة لم تحض، أو لم يدخل عليها، ومصداق ذلك ما رواه الشيخان من طريق الزهري قال: أخبرني سالم عن عبد الله بن عمر أنه طلق زوجه وهي حائض، فذكر عمر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فتغيظ فيه رسول الله، وقال: (مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله بها). سمعنا الحكم ـ يا عباد الله ـ لا يحل رمي الطلاق على حائض، ولا على طاهر جامعها في هذا الطهر، أتدرون لماذا؟ لأن الله حكيم عظيم في تشريعاته؛ فإذا أراد الرجل أن يطلق المرأة، قيل له: قف تذكر، هل هي حائض أم هي طاهر لم تجامعها؟ فيفكر في ذلك، فإن فكر، وكانت حاملاً أو طاهراً لم يجامعه جاز له أن يرمي الطلاق، وكان في تغيير هذا التفكير من التفكير الطلاق إلى التفكير في حال المرأة فترة يعود له فيها عقله؛ عله أن يرجع عن الطلاق، فإن وجدها حائضاً أو طاهراً قد جامعها؛ ما حل له أن يطلق حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر وقبل أن يجامع، إن شاء الآن طلق، انظروا لعظمة هذه الشريعة المباركة، ما يحل لرجل أن يطلق هكذا جزافاً، بل لابد عليه أن ينظر في حاله؛ فإن كانت حائضاً أو طاهراً جامعها فكّر بينما هي تحيض، ثم تطهر، وقبل أن يستمتع بها وهو يريدها؛ نقول له: الآن طلق إن أردت الطلاق، إخوة الإيمان، كيف بنا لو أننا أخذنا بأحكام الله، هل وقع طلاق بعد ذلك عن سرعة وطيش وحماقة؟ لا والله.

 

إن من المسائل التي يخطئ ويغفل عنها كثير من الناس من أحكام الطلاق: أن الطلاق لا يجوز إلا مرة بعد مرة؛ فلا يحل لأحد أن يقول لزوجه: أنت طالق طالق طالق، أو يقول لها: أنت طالق ثلاثاً، فإن فعل هذا فهو آثم؛ لأنه متعدٍ لحد الله سبحانه وتعالى بإجماع أهل العلم، وإنما يطلق طلقة واحدة: أنت طالق، ولا يزيد، فإن أرجعها جاز أن يطلق بعد ذلك طلقة ثانية فيقول: أنت طالق، فإن أرجعها جازت له الطلقة الثالثة والأخيرة، أما أن يطلقها طلاقاً مجموعاً فهذا هو الحرام العظيم، يقول الله: ﴿ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، أي: مرة بعد مرة، ثم ذكر الله المرة الثالثة، أتدرون لماذا هذا التشريع؟ لأنه سيطلق الطلقة الثانية على غير عدة، ولأنه يسعى أن يحرم نفسه ما أحل الله له من إرجاع المرأة، فما أعظم هذه الشريعة الغراء !.

 

أيها المؤمنون، وأما طلاق الغضبان؛ فإن كان الرجل قد غضب غضباً قد فقد فيه عقله؛ فما عاد يميز بين سماء وأرض، ولا يدري ما يقول وما يخرج من رأسه، وأقام على هذا البينة، أو ذكر القرائن التي تشهد له، وصدّقته المرأة في هذا، وعُرف من عادته شدة الغضب حتى أنه لا يعي ما يقول لم يقع الطلاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ) فيما روته عائشة رضي الله عنها عند أصحاب السنن.

 

وأما طلاق الهازل، وهو الذي يعرف الكلام والمعنى لكن يمزح في تلفظه بالطلاق، يمزح مع أصحابه، أو يمزح مع زوجه؛ فإن الطلاق ـ على الصحيح ـ يقع، وهو قول جماهير أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة )؛ فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عند أصحاب السنن.

 

وأما طلاق السكران: فإنه لا يقع؛ لأنه لا يدري ما يقول، والله في كتابه يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43]، وحتى لا تُظلم المرأة بغير حق؛ فما أعظم تشريعات الإسلام!.

 

أيها المؤمنون عباد الله، اعلموا أن الطلاق يقع بكل لفظ صريح؛ كلفظ الطلاق والفراق والتسريح، ويقع باللفظ المحتمل؛ كأن يقول: أنت خلية، أو برية، أو نحو ذلك، إذا نوى الطلاق، ويحلّفه القاضي على نيته، ومن قال لامرأته -أيها الأخوة-: أنت عليّ حرام؛ فالصحيح من أقوال أهل العلم: أن عليه كفارة يمين ما لم ينو الطلاق؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 1 ـ2]، ومن علّق على أمر للطلاق؛ فقال: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو إن وقع كذا فأنت طالق، فهذا يحلف على نيته؛ فإن قصد يميناً فعليه كفارة اليمين، وإن قصد طلاقاً وقع عليه الطلاق، فيما اختاره جمع من أهل العلم.

 

إخواني في الله، واعلموا أن الفقهاء يقولون: كل من لا يُشترط رضاه لا يُشترط علمه؛ فيحل للرجل أن يطلّق المرأة دون أن يخبرها بذلك ويقع الطلاق، غير أن الأولى له إخبارها، حتى تعتد العدة التي أمر الله بها.

 

وفي الخطبة الثانية ـ إن شاء الله ـ نتكلم عن أحكام العدة والرجعة، وفّقنا الله لما يحب ويرضى، استغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

♦♦♦♦


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ولي المتقين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم المبعوث بالرحمة للعالمين، بيّن لنا الشريعة، ووضّح لنا الأحكام، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

 

عباد الله، اعلموا أن الطلاق على نوعين: طلاق رجعي، وطلاق بائن لا تحل بعده المرأة لزوجها الأول حتى تنكح زوجاً غيره؛ فإذا طلق الرجل زوجه طلقة، فقال: أنت طالق، فإن طلاقه طلاق رجعي؛ فيجوز له أن ينظر إليها، وأن يخلو بها، ويُشرع لها أن تخدمه ولا يحل لها أن تخرج من بيته، ولا يجوز له أن يخرجها -ولو أبى هو أو أبى أهلها- لا يحل هذا أبداً؛ لأنها في حكم المتزوجة غير ألا قسم لها ولا يجامعها.

 

اسمعوا ـ عباد الله ـ ما الأمر المنكر العظيم الذي فشا في بيوت كثير من الناس؛ حكّموا أنفسهم وعاداتهم، وزعموا أنهم يحكمون شيمهم وكرامتهم على شرع الله وعلى حكم الله، لا يجوز لزوجة رجعية الطلاق أن تخرج من بيت الزوج حتى تنتهي العدة، نص من هذا؟ نص العليم الحكيم، يقول الله في سورة الطلاق: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1]، سمعتم ـ يا عباد الله ـ تبقى المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً في بيت الزوج، ينظر إليها ويجالسها، تخدمه وتبقى معه، لكن لا يجامعها؛ يُمنع من الجماع، أتدرون لماذا؟ حتى يشتاق إليها، وتشتاق إليه، وتزول ما بينهم من بغضاء، وتعود الحياة لمجراها، أرأيتم لعظمة هذه الشريعة لو أننا نفقه ـ يا عباد الله ؟ ! كيف لو ذهبت إلى بيت أهلها؟ نسيها الزوج، ونسي الأيام، وأعانه أهله على طلاقها بالقوة، وأعانها أهلها على إصرارها على الطلاق، وهذا كله يخالف أمر الله، فله في فترة العدة أن يرجعها بالقول؛ فيقول ـ مثلاً ـ: راجعتك، ويُستحب له أن يُشهد، وقيل: يجب.

 

فإن أرجعها رجعت زوجته ويجامعها، وحُسبت عليه طلقة واحدة، وإن لم يفعل وانقضت العدة بانت منه وذهبت لأهلها ولا ترجع إليه إلا بعقد جديد، فإن عقد عليها ثانية ثم طلقها، فهي طلقة ثانية رجعية وتبقى في بيته ولا يجامعها، فإن أعداها في العدة جاز له ذلك، وحُسبت عليه طلقتان، وإن لم يرجعها بانت منه، ولا تعود إليه إلا بعقد جديد، فإن أعادها، بقيت له طلقة واحدة وهي الثالثة -يا عباد الله-، فإن طلقها الثالثة بانت منه مباشرة وذهبت إلى بيت أهلها، ولم تعد تحل له إلا أن تتزوج بعده زوجاً، ويجامعها جماعاً يلتقي فيه الختانان وإن لم يُنزل، ثم يطلقها زوجها بمحض اختياره؛ فيحل بعد ذلك أن تعود زوجةً للأول.

 

هذه أحكام الله، فما أعظمها والله من أحكام ! تعيد للرجل الرخصة مرة بعد مرة، عله ألا يفسد فراشه ويخسر زوجه.

 

وأما العدة ـ أيها الأفاضل ـ فإن كانت المرأة حاملاً، فعدتها أن تضع الحمل، قال تعالى: ﴿ ..وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ﴾ [الطلاق: 4]، وإن كانت المرأة حائضاً، كانت عدتها ثلاث حيضات، قال تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ﴾ [البقرة: 228]، أي: ثلاث حيضات، على الصحيح من أقوال أهل العمل رحمهم الله جميعًا، وإن لم تكن حاملاً ولا حائضاً؛ كأن كانت كبيرةً لا تحيض، أو صغيرةَ لم تحض، فعدتها ثلاثة أشهر، يقول الله تعالى: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.. ﴾ [الطلاق: 4].

 

أيها المؤمنون عباد الله، ها قد سمعتم لعظمة هذه الشريعة؟ أرأيتم لجليل أحكامها؟ أليست من عند حكيمٍ خبير سبحانه وتعالى؟ فعظموا شريعة الله، وتعلموا شرع الله، وأكرموا علماءكم وطلاب العلم منكم، واسألوهم عما أشكل عليكم، واجلسوا في مجالسهم، وتزودوا من علم الكتاب والسنة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)
  • من واجباتنا نحو القرآن الكريم (خطبة)
  • الرجعة في الطلاق
  • أسباب الطلاق (خطبة)
  • الطلاق وآثاره (خطبة)
  • خطبة: أسباب الطلاق ومخاطره
  • أحكام الطلاق (خطبة)
  • أحكام الطلاق وآدابه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أقسام الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الطلاق – شروط الطلاق (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطلاق من حقوق الله تعالى وحدوده - دراسة فقهية في سورة الطلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخلع بلفظ الطلاق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (1)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • مدى الحق الديني في طلاق الرجل وأحكام الطلاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • يا من يريد الطلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طرق إثبات الطلاق الإلكتروني: الإقرار(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب