• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية
علامة باركود

ذم الوسوسة والموسوسين

ذم الوسوسة والموسوسين
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2016 ميلادي - 28/4/1437 هجري

الزيارات: 37169

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذم الوسوسة والموسوسين


أما بعد:

إن الله تعالى حذرنا طريق الشيطان، وحذرنا من متابعته، وأمرنا بعدواته ومخالفته، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾ [سورة فاطر، 6]، وأخبرنا بما فعلت وسوسة الشيطان بأبينا آدم عليه السلام تحذيرًا لنا أن ننصت لوساوسه، قال سبحانه: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ﴾ [سورة الأعراف، 27]، وفي المقابل أيها الكرام، فقد أمرنا الله تعالى باتباع شرعته، ونهانا عن الابتداع والتنطع، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ سورة الأنعام(153)، ويقسم الله تعالى في القرآن الكريم بالقرآن الكريم على أن هدي نبيه صلى الله عليه وسلم هو الهدي القويم: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة يس ، 1-4].

 

إن حديثي وإياكم خطبتنا هذه، عن أمرٍ أحدثه الناس ما كتبه الله عليهم، فصاروا فيه على بدعٍ خطيرة، وعلى طرائق كثيرة، وما كان منهم شيء إلا أن أطاعوا الشيطان؛ فأضلهم سواء السبيل، ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة سبأ: 20]، إن حديث خطبتنا هذه سيكون في الوسوسة وذم الموسوسين.

 

أيها الأخوة الأفاضل، لو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله تعالى عن رسوله وأصحابه، وهم خير خلق الله وأفضلهم، أيها الأخوة، لو أن عمر الفاروق أدرك هؤلاء الموسوسين لضربـهم وعزّرهم، ولو أدركهم أحدٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لبدّعهم وحذر الناس منهم.

 

معاشر المؤمنين: ما أمر الله تعالى بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر، وقد حذّركم نبيكم صلى الله عليه وسلم من الغلو، فقال لكم:" إياكم والغلو"، وأخبركم بعاقبة المتنطعين في الدين، فقال فيهم:" هلك المتنطعون"، فاحذروا من مداخل الشيطان وخطواته في إفساد عقيدتكم وعباداتكم وأخلاقكم، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [سورة الكهف، 103-104].

 

وفرقٌ يا عباد الله بين الموسوس والممسوس، فالممسوس من أصابته الجن، فصرعته، فصار بحاجة إلى من يرقيه بالقرآن الكريم والأذكار الشرعية، وأما الموسوس فهـو من ابتلي بالوسوسة، والوسوسة تعني حديث النفس والأفكار والخطرات التي ترد على القلب وليست لها حقيقة، فالوسوسة تردد الشيء في النفس من غير أن تطمئن إليه وتستقر عنده، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد فائدة فقال: ولما كانت الوسوسة كلامًا يكرره الموسوس، كرروا لفظها بإزاء تكريـر.

 

معناها، فقالوا: وسوس وسوسة؛ فراعوا تكرير اللفظ ليفهم منه تكرير مسماه.

 

لكن الوسوسة تكبر مع الأيام؛ حتى أنها تصل بأحدهم إلى التشديد على النفس، وتصل ببعضهم إلى العزلة عن الناس، وقد تبلغ بأحد الموسوسين حدًا يترك معه الفرائض، بل قد تصل ببعضهم والعياذ بالله إلى الكفر بالله العظيم.

 

فمن الوسوسة وهو أخطرها: الوسوسة في الأمور العقدية، فتخطر لبعضهم وساوس فيما يتعلق بالخالق سبحانه، وبأمر البعث والنشور، وبالقضاء والقدر أو الجنة والنار، وحُدّثتُ عن بعضهم أنه قد بلغت به وسوسة الشيطان، وتقنيطه له من رحمة الله، وسدِّ باب التوبة عليه؛ أن وسوس له أن الله لن يغفر له إلا إذا كفر بالله العظيم ثم أسلم من جديد،، ففعل والعياذ بالله، ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الحشر، 16].

 

أيها الموحدون: إن أصل ورود هذه الخطرات في الأمور الغيبية لا يسلم منه كثيرٌ من الناس، لكن الواجب علينا دفعها ما استطعنا، وإنما يكونوا هذا بأمورٍ ثلاثة:

أولها: عدم الاشتغال بها وردِها؛ لتبقى مجرد خواطر مرت على القلب دون أن تؤثر فيه، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال:" أو قد وجدتموه"، قالوا: نعم، قال:" ذاك صريح الإيمان"، رواه مسلم، أي كونه لا يتجاوز وسوسة الصدور، ويرده العبد ويدفعه عن نفسه، فهذه هي حقيقة الإيمان بالغيب.

 

وثاني الثلاثة: أن يستعيذ بالله تعالى، ويعرض عن هذه الوسوسة ويكف عن تكرار التفكير فيها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم:" فليقل آمنت بالله ورسوله".

 

وثالثها: أن يطالع قلبه أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العلى وأفعاله العظيمة، فيعظم الله تعالى لتندفع عنه هذه الشكوك، يقول صلى الله عليه وسلم:"يوشك الناس يتساءلون؛ حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق؛ فمن خلق الله؟ فإذا قالوا ذلك؛ فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ثم ليتفل عن يساره ثلاثًا، وليستعذ بالله من الشيطان"، وفي رواية للنسائي:" فليستعذ بالله منه ومن فتنه"، ويسأل أبو زميل سماك بن الوليد ابن عباس رضي الله عنهما: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك، ثم قال: إذا وجدت في نفسك شيئًا؛ فقل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، رواه أبو داود.

 

أيها الأخ الكريم: إن تكرار حديثك مع نفسك، يفتح عليك عمل الشيطان، ومن عمل الشيطان ووسوسته في قلوب المؤمنين، فإياك أن تواصل حديثك مع الشيطان، فليس هو بناصحٍ لك.

• ومن أبواب الوسوسة التي اُبتلي بها كثير من الناس: الوسوسة في أبواب الطهارة حتى خرجوا عن الحنيفية السمحة:

فمنهم من يوسوس في تنـزهه عن النجاسات؛ فيشك في كل ما وقع عليه، وكل ما لمسه، مع أن الأصل في الأشياء الطهارة، فتراه دائمًا يغسل ويغير ثيابه، حتى أصابه الحرج الشديد، وما في الدين من حرج، أيها الأخوة: إن من الأغلال التي جُعلت على بني إسرائيل، أن أحدهم إذا أصابت النجاسة ثوبه قرضه بالمقراض ولم يغسله !!.

 

أما هدي نبينا صلى الله عليه وسلم فهو أقوم من هذا وأسهل، سئل النبي صلى الله عليه وسلم إن لنا طريقًا إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا تطهرنا؟ قال: "أليس بعدها طريق تكون أطيب منها؟" قالوا: بلى، قال: "فهذه بهذه"؛ أي أن الطريق الطيبة تُطهر ما أصابت الأقدام من الطريق المنتنة، وخاض علي رضي الله عنه في طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا لا نتوضأ - على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- من موطىء، وسئل ابن عباس رضي الله عنه عن الرجل يطأ العذرة؟ فقال: إن كانت يابسة فليس بشيء، وإن كانت رطبة غسل ما أصابه.

 

هذه هي السنة السمحة، يقول صلى الله عليه وسلم في شأن بول الأعرابي: "صبوا عليه ذنوبًا من ماء"، وسئل عن المذي، فقال:" انضح فرجك"، ويقول صلى الله عليه وسلم في النعل:" إن رأى خبثًا دلكهما بالأرض، ثم صلى فيهما"، ويسأل عن ذيل ثوب المرأة، فيقول: "يطهره ما بعده"، وقال صلى الله عليه وسلم:" يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام"، وكان يحمل ابنة أبي العاص بن الربيع في الصلاة، فأي شيء يقول الموسوسون بعد هذا.

 

ويدخل في ذلك - أيها الكرام - ما يتنطع فيه كثير من الناس من الشكوى من بول الصبيان، والأرض تطهر بالجفاف على الصحيح من أقوال أهل العلم، فما جفّ حتى ذهب أثره فهو طاهر على الصحيح، ولو أن أحدكم اكتفى بفرش سجادته وصلى عليها، فلا يبالي بعد ذلك بما تحتها، ولاندفعت عنه وسوسة الشيطان، قد قالها صلى الله عليه وسلم: " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام"، بل أمر بالصلاة في مرابض الغنم عليه الصلاة والسلام.

 

أيها المؤمنون: إن المهم في الأمر أن ندفع عنا ما يجلب الوساوس لا أن نوسوس في هذه الأمور، ألم يقل نبينا عليه الصلاة والسلام: "لا يبولن أحدكم في مستحمه، ثم يتوضأ فيه؛ فإن عامة الوسواس منه"، كما رواه الخمسة من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، فلا يبولن أحدكم في ماء ثم يتوضأ فيه حتى لا يصيبه الوساوس، فيكيف بالذين يصابون بالوساوس لأقل من ذلك !.

 

ومنهم من يوسوس في انتقاض طهارته، فيشك في خروج الريح منه، ولم يخرج منه شيء، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل؛ يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال:" لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"، ولو وجد حركة في دبره أو وجد ريحًا بين إليتيه، ولو أشكل عليه ما في بطنه؛ أخرج منه شيء أو لم يخرج، فلا يخرج من صلاته حتى يتيقن؛ بأن يسمع له صوتًا أو يجد له ريحًا، هذا هو هدي نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

ومنهم من يوسوس في خروج قطرات من بوله، فإن لم يكن - يا عباد الله ممن ابتلي بسلس البول-، فلينضح الماء على فرجه بعد البول؛ فإن جاءه شيطانه يوسوس له؛ فليقل: هذا البلل من أثر النضح؛ هكذا عملنا نبينا صلى الله عليه وسلم، ويسأل ابنَ عمر بعضُ أصحابه أنه يجد البلل بعد الوضوء، فأمره أن ينضح فرجه إذا بال، قال: ولا تجعل ذلك من همك وألهُ عنه، أخي في الله: إن شككت في شيء من هذا، فانظر مرة أو مرتين؛ فإن لم تجد شيئًا، فانضح الماء، وتناساه وألهُ عنه.

 

ومنهم من يوسوس في عدد الغسلات في الوضوء وفي تحقيق غسل الأعضاء؛ فتراه يعيد الغسل مرات بعد مرات، ويهدر كثير ماء وأوقات، ويخالف هدي نبيه صلى الله عليه وسلم الذي قال:" إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء "، والله يقول: ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [سورة البقرة ، 190]؛ فكيف يصبح العبد إلى شيءٍ لا يحبه الله، ويصبح بذلك ظالمًا متجاوز الحد، توضأ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء أو تعدى وظلم"، رواه أحمد وغيره بسند صحيح.

 

أيها الأخوة الكرام: ذكر أبو الفرج بن الجوزي عن أبي الوفاء بن عقيل أن رجلاً قال له: أنغمس في الماء مرارًا كثيرة، وأشك هل صح لي الغسل أم لا، فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخ: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة، قال: وكيف؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ"، ومن ينغمس في الماء مرارًا ويشك هل أصابه الماء أم لا فهو مجنون !!..

 

والسبب في ذلك كله -يا عباد الله- أنهم تهاونوا في الأمر من بدايته، وأفتاهم بعضهم بالفتاوى الخاطئة، فرأوا أن ذلك من باب الاحتياط والتورع، ودفعًا لليقين بالشك، ويقول في نفسه: زيادة خير، وهذا كله خلاف قواعد الشريعة فاليقين لا يزول بمثل هذا الشك، والاحتياط بمجرد الشك في أمور المياه ليس مستحبًا، ولا مشروعًا، بل ولا يستحب السؤال عن ذلك، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

 

فاتقوا الله تعالى، وألزموا هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وإياكم وكل محدثة، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، قلتُ ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

♦♦♦♦


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر لله على توفيقه وامتنانه، أحمد ربي تعظيمًا لشأنه، وأصلي وأسلم على رسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وصحبه وإخوانه..

 

ومنهم- أيها الأخوة- من يوسوس في أمر صلاته؛ حتى أصبحت الصلاة عند بعض الناس من أعقد الأمور، بل أصبحت على كيفية مبتدعة أو باطلة:

فمن الموسوسين من يوسوس في انعقاد النية؛ فيأتي بصيغ كثيرة قبل الصلاة، يتلفظ بها، ينوي الفريضة والأداء والوقتية وأشياء كثيرة، حتى عدّ بعضهم عشرة أشياء من هذه العبارات التي جعلها الشيطان معتركًا لأهل الوسواس، يحسبهم عندها ويعذبهم فيها ويوقعهم في طلب تصحيحها؛ فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه في التلفظ بها وليست من الصلاة في شيء، فيوسوس في تحقيق النطق ببعض الألفاظ، ويكررها حتى يؤذي من حوله، وتفوته الركعة أو الجماعة، وأُخبرنا عن بعض النساء تقوم للصلاة مع أول الوقت ولا تنهيها إلا مع دخول وقت الصلاة الأخرى، وهذا كله من عبث الشيطان ببعضهم ولعبه بعقولهم، وأما النية فمحلها القلب، ولا يستطيع العبد أن يدفعها عن نفسه عند قصده للفعل، والتلفظ بها أمرٌ غير مشروع، جرّ على عوام الناس شرًا مستطيرًا.

 

ومنهم من يوسوس في تحقيق بعض ألفاظ الصلاة؛ كالتكبير أو آيات من الفاتحة، فلا يزال يكرر ويعيد حتى يفسد عليه صلاته، فأحدهم: ينطق التكبير: الله "أككككبر"، أو يكرر الحمدُ الحمدُ الحمدُ، يريد أن يحقق الضمة، وبعضهم تسمعه يقول: التـ التـ الـتحيات، وذكر بعض أهل العلم قال: ولقد رأيت من يقول المغضوب؛ فيخرج بصاقة مع إخراج الضاد؛ لقوة تشديده، قال: وقال لي إنسان منهم: قد عجزت عن قول السلام عليكم؟ فقلت له: قل مثل ما قد قلت الآن وقد استرحت!!، لكنه الوسواس يا عباد الله.

 

أيها الأخ الكريم، لقد سُئل رسولك صلى الله عليه وسلم، قال عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قلت لرسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ؟ فقال رسول الله:" ذاك الشيطان يقال له: خنـزب؛ فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه ثلاثًا، واتفل عن يسارك"، ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

 

ومثل هؤلاء شكهم لا يؤثر إذا كان في الصلاة؛ لأنه قد غلب عليهم، وسبب هذا كله هو قلة الفقه في الدين، وضعف الإرادة، حتى أن أحدهم ليحلفن بالله أو على الطلاق ألا يرجع؛ لعلمه بخطئه، ثم هو يعود، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب علينا جميعًا أن نقنع بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم ومن لم يقنع بالكتاب والسنة فلا قنّعه الله.

 

ومن الوساوس التي ابتلي بها بعض الناس، أن يظن الشكوك والسوء بأهله، وليست الغيرة المحمودة هي الظنون التي لم تقم عليها الأدلة الصحيحة، إن الغيرة المحمودة أن يتنبه المرء لشرفه وعرضه، ويمنع أسباب الاعتداء عليه، لا أن يكون هو السبب في إثارة الشكوك والظنون، ويفتح باب الشر على نفسه وأهله، فمن الرجال للأسف، من وسوس له الشيطان، فيصار يشك في زوجته أو أخته فإذا ضحكت أو تكلمت بالهاتف أو خرجت من البيت أو طلت من النافذة أو سمع شيئًا فسر ذلك كله بأسوأ ما يكون أو أبعد احتمال، وأضر بنفسه وأهله، إن الشريعة الإسلامية لا ترضى لإثبات جريمة الزنا إلا أربعة شهود خلافًا لسائر الحدود والدعاوي، وهذا لعظيم هذا الجانب، فكيف خالفت شرع الله ووقعت في القذف المحرم، أيها الموسوس.

 

إن من وساوس بعض الناس أيضًا ما يتعلق بجانب الشكوى من الأمراض، والتمارض، فإذا أصابه أدنى شيء وسوس بالأمراض الخطيرة الفتاكة، ولم يقنع برأي طبيب ولا ناصح، حتى يوقع نفسه في أشد الأمراض ألمًا وفتكًا.

 

وبعضهم يوسوس في طعامه، فلا يأكل شيء إلا على شك، وعائشة رضي الله عنها جاءت هرة فأكلت من بعض طعامها، فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة، وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنها ليست بنجس؛ إنما هي من الطوافين عليكم"، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها، رواه أبو داود، بل ويُسأل عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح من حديث عائشة عن قومٍ يأتون باللحم ولا يُدرى أسموا عليه أم لا؟ فقال:" سموا أنتم وكلوا"، فلماذا الوسواس بعد هذه الشريعة السمحة.

 

معاشر المؤمنين لقد سمعتم العلاج من خلال ما ذكرناه، لكني ألخصه في أمرين اثنين: الأول: الإخلاص لله تعالى وقوة القلب على طاعته، فإنما تحل مثل هذه الوساوس بضعيف قلب وتوحيد، اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [سورة الحجر،39-40]، قال أبو سليمان الدّراني: إذا أخلص العبد انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء.

 

والثاني: أن تأخذ هدي النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، احمل نفسك أيها الموسوس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتطرد عنك هذه الأوهام، قل لنفسك: أي هديٍّ أفضل أليس هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟ ألم يكن على الصراط المستقيم؟ والجواب: بلى، ثم اسأل نفسك: فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا؟ فستقول لك نفسك: لا، ثم اسألها ثالثة: هل أنت يا نفس في شكٍ من هذا؟ ستقول لك: لا، بل هي تجزم بأن خير الهدي هو هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، فقل لها: فلماذا إذًا تختارين طريق الشيطان: ﴿ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة النور،21].

 

أيها الكرام ينبغي علينا أن نعين هؤلاء حتى يتجاوزوا ما هم فيه من الوهم، وأن ننتبه لبداية هذا المرض عند أبنائنا ونسائنا قبل أن يستشري فيهم، لنقرأ عليهم: ﴿ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [سورة البقرة، 185]، ولنجعل ملأ مسامعهم قول الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [سورة الحج، 78]، لنُحفّظهم قوله سبحانه: ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [سورة البقرة 286].

 

إن في اتباع السنة بركة موافقة الشرع، ورضا الرب سبحانه وتعالى، وراحة القلب والبدن، وترغيم الشيطان وسلوك الطريق المستقيم، وفقنا الله لذلك، وجنبنا البدع والمهالك، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوسوسة في الصلاة والغيرة والطلاق
  • الوسوسة في الطهارة
  • الوسوسة من الجنة والناس
  • الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها وعلاج الوسوسة
  • الوسوسة
  • خطبة عن الوسوسة
  • تفسير الوسوسة والهمز واللمز والنفخ والنفث

مختارات من الشبكة

  • الوسوسة: أسبابها وعلاجها (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها وعلاج الوسوسة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • عاقبني الله بداء الوسوسة في الطهارة(استشارة - الاستشارات)
  • الوسوسة في الإيمان(محاضرة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الوسوسة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • تنويع الدعاء بعدا عن البدعة لدرجة توصل إلى الوسوسة(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • دعاء الوسوسة في الصلاة والقراءة ودعاء طرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوسوسة بالرياء(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاج الوسوسة في الصلاة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب