• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

حديث الموت

الأحاديث الطوال (4)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/4/2012 ميلادي - 9/5/1433 هجري

الزيارات: 149445

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأحاديث الطوال (4)

حديث الموت

 

الحمد لله رب العالمين ﴿ خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ ﴾ [الملك:2] نحمده على وافر نعمه وجزيل عطائه، ونشكره على جميل إحسانه وعظيم امتنانه؛ خلقنا من العدم، وربانا بالنعم، وهدانا لما يصلحنا، وعلمنا ما ينفعنا، ودفع الضر عنا، وإليه مرجعنا، وعليه حسابنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ دلنا على الطريق إليه، وفصل لنا ما يرضيه، وكتب الموت على كل حي ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ ﴾ [الرَّحمن:26 - 27] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أوصى أمته بذكر الموت وما بعده؛ لئلا يركنوا إلى الدنيا، فتغرهم زينتها، ويسكرهم زخرفها، فيعملوا لها وينسوا الآخرة، فقال عليه الصلاة والسلام آمرا ناصحا: ((أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادمِ اللَّذَّاتِ)) صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا غضبه فلا تعصوه؛ فإنكم في ملكه وسلطانه تعيشون، ومن رزقه تأكلون وتشربون، وتحت قهره وقدرته تسيرون.

 

لا حول لنا ولا قوة إلا به، ولا حيلة لنا إلا في مرضاته.. نحن مساكين ثم مساكين ثم مساكين.. نأخذ أرزاقنا، وننتظر آجالنا، ثم نموت فنبعث لحسابنا، ونجزى بأعمالنا ﴿ إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ الله مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [التوبة:116].

 

أيها الناس: الموت حقيقة يقينية كبرى، لا قدرة لأحد على دفعها أو تأجيلها أو إنكارها، ومن لم يؤمن بالله تعالى ولا بكتبه ولا برسله ولا باليوم الآخر فلا بد أن يؤمن بالموت؛ لأنه يشاهد الأموات أمامه، فلا قدرة له على إنكاره.

 

ذلكم الموت الذي يخافه كل شخص، ويهرب منه كل حي، زُرع الخوف منه في القلوب، وفُطر الخلق على الهروب منه.. يفر منه الطفل الذي لم يميز، ويهرب منه المجنون الذي لا يعقل، وتفر منه الحيوانات والطيور والزواحف، فعند بوادر الموت تخاف وترجف، وشاهدوا كيف يفر الطفل من موقع الخطر ويبكي، وتأملوا فريسة غرس السبع أنيابه فيها كيف ترتعب من الموت وتضطرب وهي لا تعقل، وانظروا كيف تطلق ساقيها للريح هربا إن طوردت، لكن الحقيقة النهائية لكل حي هي في قول الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة:8].

 

يا لها من حقيقة ما أعظمها! وما أفظعها! وما أقربها! وما أشد غفلة الناس عنها! كدرت هذه الحقيقة عيش الملوك والأغنياء، ونغصت حياة المسرفين في العصيان، وعمرت بالوجل والخوف قلوب الأتقياء، فشمروا عن سواعد الجد في العمل للموت وما بعده..  قال صالح المري رحمه الله تعالى: إن ذكر الموت إذا فارقني ساعة فسد علي قلبي.

 

أيها المؤمنون: وهذا حديث طويل عظيم في الموت، حدث به النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبة دفن جنازة، يصف هذا الحديث حال المؤمن وحال الكافر في اللحظات الأخيرة من الدنيا، واللحظات الأولى من القبر، بأدق وصف، وأبلغ بيان، حتى إن سامعه يعيش مع الميت لحظة بلحظة، فصلوات الله وسلامه على أفصح من نطق بالعربية، وأنصح الناس للبشرية.

 

عَنِ الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إلى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وكأن على رؤوسنا الطَّيْرَ وفي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ في الأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فقال: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ من عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أو ثَلاَثاً، ثُمَّ قال: إن الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إذا كان في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إليه مَلاَئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ من أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ من حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حتى يَجْلِسُوا منه مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يجئ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السَّلاَمُ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فيقول: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخرجي إلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ، قال: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كما تَسِيلُ الْقَطْرَةُ من في السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا فإذا أَخَذَهَا لم يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حتى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا في ذلك الْكَفَنِ وفي ذلك الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ منها كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ على وَجْهِ الأَرْضِ، قال: فَيَصْعَدُونَ بها، فَلاَ يَمُرُّونَ - يَعْنِى بها على مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ- إلا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلاَنُ بن فُلاَنٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ التي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بها في الدُّنْيَا، حتى يَنْتَهُوا بها إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ له فَيُفْتَحُ لهم، فَيُشَيِّعُهُ من كل سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إلى السَّمَاءِ التي تَلِيهَا، حتى يُنْتَهَى بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيقول الله عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عبدي في عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إلى الأَرْضِ؛ فإني منها خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قال: فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنَ له: من رَبُّكَ؟ فيقول: ربي الله، فَيَقُولاَنِ له ما دِينُكَ؟ فيقول: ديني الإِسْلاَمُ، فَيَقُولاَنِ له: ما هذا الرَّجُلُ الذي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فيقول: هو رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولاَنِ له: وما عِلْمُكَ؟ فيقول: قرأت كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِى مُنَادٍ في السَّمَاءِ: أن صَدَقَ عبدي، فأفرشوه مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا له بَاباً إلى الْجَنَّةِ، قال: فَيَأْتِيهِ من رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ له في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، قال: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فيقول: أَبْشِرْ بالذي يَسُرُّكَ، هذا يَوْمُكَ الذي كُنْتَ تُوعَدُ، فيقول له: من أنت؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يجئ بِالْخَيْرِ، فيقول: أنا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فيقول: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حتى أَرْجِعَ إلى أهلي ومالي، قال: وان الْعَبْدَ الْكَافِرَ إذا كان في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إليه مِنَ السَّمَاءِ مَلاَئِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ منه مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يجئ مَلَكُ الْمَوْتِ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فيقول: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخرجي إلى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ، قال: فَتُفَرَّقُ في جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كما يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ (وفي رواية لأحمد: فَيَنْتَزِعُهَا تَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ) فَيَأْخُذُهَا، فإذا أَخَذَهَا لم يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حتى يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ منها كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ على وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بها فَلاَ يَمُرُّونَ بها على مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ الا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلاَنُ بن فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ التي كان يُسَمَّى بها في الدُّنْيَا، حتى يُنْتَهَى بِهِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ له فَلاَ يُفْتَحُ له ثُمَّ قَرَأَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ﴿ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ ﴾ [الأعراف:40] فيقول الله عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَهُ في سِجِّينٍ في الأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحاً ثُمَّ قَرَأَ ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج:31] فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنِ له: من رَبُّكَ؟ فيقول: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِى، فَيَقُولاَنِ له: ما دِينُكَ؟ فيقول: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِى، فَيَقُولاَنِ له: ما هذا الرَّجُلُ الذي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فيقول: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِى، فَيُنَادِى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أن كَذَبَ فَافْرِشُوا له مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا له بَاباً إلى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ من حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عليه قَبْرُهُ حتى تَخْتَلِفَ فيه أَضْلاَعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فيقول: أَبْشِرْ بالذي يَسُوءُكَ، هذا يَوْمُكَ الذي كُنْتَ تُوعَدُ، فيقول: من أنت؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يجئ بِالشَّرِّ، فيقول: أنا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فيقول: رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ))رواه أحمد وأهل السنن إلا الترمذي.

 

وفي رواية للطيالسي: ((فيقول: أنا عملك الخبيث، والله ما علمتك إلا كنت بطيئا عن طاعة الله، سريعا إلى معصية الله)) وفي رواية لأبي داود:  ((قال: ثُمَّ يُقَيَّضُ له أَعْمَى أَبْكَمُ معه مِرْزَبَّةٌ من حَدِيدٍ لو ضُرِبَ بها جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا، قال: فَيَضْرِبُهُ بها ضربة يَسْمَعُهَا ما بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلا الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا قال: ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ)).

 

وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عند الترمذي قال في المؤمن: ((... ثُمَّ يُفْسَحُ له في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا في سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ له فيه، ثُمَّ يُقَالُ له: نَمْ، فيقول: أَرْجِعُ إلى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الذي لَا يُوقِظُهُ إلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إليه، حتى يَبْعَثَهُ الله من مَضْجَعِهِ ذلك. وَإِنْ كان مُنَافِقًا...يُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عليه فَتَلْتَئِمُ عليه فَتَخْتَلِفُ فيها أَضْلَاعُهُ، فلا يَزَالُ فيها مُعَذَّبًا حتى يَبْعَثَهُ الله من مَضْجَعِهِ ذلك)).

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ ﴾ [آل عمران:185]

 

بارك الله لي ولكم في القرآن.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر:18].

 

أيها المسلمون: لما كان الموت من حقائق اليقين فإن الله تعالى جعله برهانا على ربوبيته سبحانه ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة:28] ﴿ اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الرُّوم:40].

 

وفي هذا الحديث العظيم تذكير بالموت، والنبي صلى الله عليه وسلم ما قص خبره إلا للعظة والاعتبار، والعمل لما بعد الممات؛ ولذا أمر صلى الله عليه وسلم بتذاكر الموت، وحث على زيارة القبور لرؤية مساكن الموتى، من أجل أن تستيقظ القلوب من رقدتها، وتنتبه من غفلتها، فلا ينسيها عن ذكر الموت ما تتمتع به من مشاغل الدنيا وملهياتها.

 

والناس في كل يوم يرون الأموات عيانا أو عبر الشاشات، ويرون القتلى قد مددوا على الأرض، وفي كل يوم يسمعون أخبار الموتى، ولا تمر فترة إلا ويحزن الواحد منهم على قريب مات أو صديق أو زميل، حتى إن خبر الموت ورؤيته لا تكاد تفارق الناس، وكان حقا عليهم أن يعتبروا ويخافوا؛ لأنه إذا كثر الموت كما هو الحال في زمننا هذا زادت نسب احتمالات وصول الموت إليهم.

 

لقد كان الناس قديما -وبسبب تواضع وسائل الاتصال والإعلام- لا يسمعون أخبار الموت، ولا يشاهدون الموتى إلا في فترات متباعدة؛ فترق قلوبهم، وتدمع عيونهم، وتعلوهم هيبة الموت، ويتغير الواحد منهم فترة لا يشتهي الطعام، ولا يغمض لمنام.. يفزعه ذكر الموت، ويرعبه منظر الموتى، ويتذكر ما شاهد من جنازة، ويفكر متى يحمل مثلها، فينتفع قلبه بذلك مدة من الزمن.

 

أما الآن فالناس في المقابر يتحدثون في أمور الدنيا، وأنعاش الموتى محمولة على أكتافهم ومنهم من يطالع رسالة في جواله، أو يهاتف غيره، وكأنه يحمل أي متاع لا يذكره بشيء.

 

يا للقسوة والغفلة التي اعترت القلوب، وأحكمت غلقها عن مواعظ الموت، ونحن قد علمنا من هذا الحديث وغيره أن الإنسان بين قبرين، وأن مصيره إلى مصيرين، وأن له إحدى نهايتين: فإما روح تخرج بكل يسر إلى رحمة الله تعالى ورضوانه،  وتصير في القبر إلى روضة جناته، وتبشر بكل نعيم إذا قامت الساعة. وإما روح تخرج بعسر وعذاب إلى غضب الله تعالى وعذابه، وتصير في القبر إلى حفرة من النار، وهي متوعدة بالجحيم والنكال إذا قامت الساعة، فمن يعتبر بذلك من؟!  قال المروذي: كان أحمد بن حنبل إذا ذكر الموت خنقته العبرة. وكان يقول: الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب، وإذا ذكرت الموت هان علي كل أمر الدنيا.اهـ.

 

أيها الإخوة: هل اعتبر بالموت من كان مقصرا في الصلاة مع الجماعة أو مضيعا لصلاة الفجر فحافظ عليها حين رأى الجنائز تحمل إلى القبور؟!

 

وهل ارعوى أكلة الربا وهم يشاهدون الموت يتخطف من حولهم؟!

وهل اقلع الظالمون عن ظلمهم حين رأوا الموت يغلب جبروت الجبارين؟!

 

وهل تاب كل عاص من معصيته؟ فإن الموت إن تجاوزه اليوم إلى غيره، فحتما سيتجاوز في يوم من الأيام غيره ليصل إليه، فهلا توبة قبل ذلك اليوم؟! ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء:18].

 

وصلوا وسلموا على نبيكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث يوم القيامة
  • حديث الشفاعة
  • بدء الوحي
  • إذا جاءت سكرة الموت فلا فوت
  • حكم مسألة الموت الرحيم
  • أنتم شهود الله في أرضه
  • أحوال الموتى والمحتضرين
  • ذكر الموت
  • الموت (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة جزء من حديث أبي نصر العكبري ومن حديث أبي بكر النصيبي ومن حديث خيثمة الطرابلسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حراسة السنة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح حديث: من حج هـذا البيت(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • كل حديث في صحيح البخاري تابعه على روايته غيره من المحدثين المعاصرين له واللاحقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 


تعليقات الزوار
2- إعجاب بالصفحة
إبراهيم عيمد - مص 04-10-2019 07:09 AM

جزاكم الله كل خير على هذه الخطبة البليغة، اللهم ارزقنا العلم النافع، فهو خير زاد للمرء في الدنيا.. وثبتنا على دينك واستعملنا ولا تستبدلنا ..... اللهم آمين آمين إنك نعم المولى ونعم النصير.

1- إعجاب بالصفحة
نوال معروف - الأردن 24-09-2019 10:18 AM

جزاكم الله خير الجزاء، والله إننا لنستمتع بما تقدمونه دائما على شبكتكم لما فيه من الفائدة والدروس العظيمة التي تغنينا عن البحث الكثير ، وأيضا أسلوب العرض والشرح كله رائع رائع رائع.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب