نبذة عن كتاب: "خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام"

خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام

العدد (175)

من سلسلة دعوة الحق

الملخص

يحاول البعض ممن تأثر بالعقلية الأجنبية أن يقرب الاقتصاد الإسلامي لأحد النظامين الاقتصاديين العالميين الرأسمالي أو الاشتراكي، وبعضهم يقول الاقتصاد الإسلامي اقتصاد رأسمالي، لأنه يقر الملكية ويبيح الغنى، والبعض منهم يقول إنه اقتصاد اشتراكي، لأنه يدعو إلى توزيع الثروات وعدم حرصهم بأيدي الأغنياء.. وغي ذلك مما يتقوله هؤلاء وينسبونه إلى الإسلام. وهذه الأقوال جميعها لا علاقة لها بالاقتصاد الإسلامي قاربت الحقيقة أو جانبتها، فمن خلال هذا البحث تبين لنا أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد فريد في نوعه، عريق في تاريخه، أصيل في ذاته مستقل في تعاليمه، فريد في حقيقته، نسيج وحده، لأنه اقتصاد يقوم على تشريع رباني، لا يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. اقتصاد يقوم على قواعد أساسية يرتكز عليها، العقيدة والأخلاق والثواب والعقاب والحلال والحرام. اقتصاد متفرد بخصائص لا يشترك معه فيها أي نظام من الأنظمة الاقتصادية المختلفة. هذا وقد اعترف بعض المفكرين الأوروبيين بأن مفاهيمهم لا تتفق مع طبيعة العالم الإسلامي.. ومنهم (جاك اوستروي) الذي سجل هذه الملاحظة بكل وضوح في كتابه ((التنمية الاقتصادية في الإسلام)) أو (الإسلام في مواجهة النمو الاقتصادي)، وكذلك غيره من علماء ومفكري الغرب.. ولا يزال العالم كله يتطلع إلى اقتصاد يخلو من العيوب التي وقع فيها الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي، اقتصاد تحكمه قواعد ثابتة لا تؤثر فيها المصالح الشخصية والمنافع المادية، وتدعمه شريعة ربانية خالدة يستوي أمامها الناس أجمعيهم، فيه من المرونة وإمكانية الاستيعاب والتفريع من المحافظة على القصد وسلامة الاتجاه، ما يواكب العقول البشرية في تفتحها على سنن الله في خلقه.. وهذا الكتاب يشرح خصائص ومنهج الاقتصاد الإسلامي الذي يستطيع أن يحقق هذه الغاية، لأنه لا يتعارض في خصائصه مع الجهد العلمي الذي حصلت عليه الإنسانية في تطوير تاريخها الحديث...

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فإن لكل نظام اقتصادي خصائصه وسماته التي تميّزه عن غيره، والتي ترتكز على أصول وقواعد أساسية تحفظ للنظام الاقتصادي أسلوبه وشخصيته.

فالاقتصاد الرأسمالي لنظامه خصائصه وأدواته المميزة له، والاقتصاد الاشتراكي لنظامه خصائصه وأدواته، وهذه الخصائص تقوم على فلسفة عامة يؤمن بها أصحاب النظام الرأسمالي وأصحاب النظام الاشتراكي، بغض النظر عن صحة هذه القواعد والأسس التي يقوم عليها كل نظام.

والاقتصاد الإسلامي فرع من فروع المعرفة الإسلامية ، ولهذا ، فخصائصه التي تميزه لن تختلف عن خصائص الإسلام نفسه، إذ هو منتم إلى الإسلام ، والإسلام في علومه يصبغها بطبيعته وميزته وسماته؛ وهذا لا يمنع أن يكون للنظام الاقتصادي في الإسلام خصائصه الذاتية التي يستقل بها عن غيره، كما أن الخصائص التي يذكرها باحثو الاقتصاد الإسلامي كثرة وقلة، هي مجرد اجتهاد وفهم لمحاولة تمييز الاقتصاد الإسلامي عن غيره من الاقتصاديات الأخرى.

ولقد جاء اختيار هذا الموضوع للأسباب التالية:

1- خلط كثير من الكتّاب والمؤلفين والباحثين بين الخصائص الذاتية والعامة والقواعد.

2- ندرة الكتابات عن هذا الموضوع، وما هو موجود فهو قليل نادر ، يحتاج إلى مزيد بحث ودراسة.

3- إبراز خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام، التي تميزه عن الاقتصاد أو النظام الرأسمالي والاشتراكي.

هذه هي الأسباب الأساسية...

الدراسات السابقة:

الذين كتبوا في هذا الموضوع أحد فريقين:

1- فريق موسِّع: وهذا الفريق ذكر للنظام الاقتصادي في الإسلام خصائص عديدة، منها ما هي خصائص عامة، ومنها ما هي خصائص ذاتية، ومنها ما ليس من الخصائص.

ومن أمثلة هذا الفريق:

(أ) د. محمود بابللي وكتابه "الاقتصاد في ضوء الشريعة الإسلامية" وكتابه "خصائص الاقتصاد الإسلامي وضوابطه الأخلاقية".

(ب) د. إبراهيم الطحاوي وكتابه "الاقتصاد الإسلامي".

(ج) أ. فكري نعمان وكتابه "النظرية الاقتصادية في الإسلام".

(د) د. حسن أبو يحيى وكتابه "الاقتصاد في القرآن والسنة".

2- فريق مضيِّق: وهذا الفريق حصر خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام في خصائص معينة ، دون أن يستند في ذلك إلى ضابط معين أو معيار واضح، ومن أمثلة هذا الفريق:

(أ) د. حسن العناني وكتابه " خصائص إسلامية في الاقتصاد".

(ب) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية وكتاب "الخصائص المميزة للاقتصاد الإسلامي".

ويلاحظ أن هذين الفريقين غالباً ما ينقلون خصائص الإسلام، ويطبقونها على الاقتصاد ، من حيث إن الاقتصاد الإسلامي جزء لا ينفصل عن الإسلام، وهذا اتجاه جيِّد؛ ولكن أليس هناك خصائص يستقل بها الاقتصاد الإسلامي في نظامه؟..

هدف البحث:

معرفة الخصائص الذاتية المميزة للنظام الاقتصادي في الإسلام والخصائص العامة، ومدى تعلّق النظام الاقتصادي في الإسلام بها، ومعرفة آراء الباحثين حول هذا الموضوع، وصولاً إلى خصائص معينة للنظام الاقتصادي في الإسلام.

خطة البحث:

قسمت بحثي على النحو التالي:

مقدمة - تمهيد - ثلاثة مباحث - خاتمة.

ففي المقدمة - تناولت أهمية البحث وسبب اختياره، والدراسات السابقة، وهدفه، وخطة البحث.

وفي التمهيد - تناولت التعريف بمصطلحات البحث، ونقطة الخطأ في تفكيرنا الاقتصادي.

أما المباحث فهي كالآتي:

المبحث الأول: قواعد الاقتصاد الإسلامي، وتناولت فيه:

القاعدة الأولى: قاعدة العقيدة.

القاعدة الثانية: قاعدة الأخلاق.

القاعدة الثالثة: قاعدة الثواب والعقاب.

القاعدة الرابعة: قاعدة الحلال والحرام.

المبحث الثاني: الخصائص الأصيلة للنظام الاقتصادي الإسلامي ، ومنها:

الخاصية الأولى: خاصية الجمع بين الثبات والتطور.

الخاصية الثانية: خاصية الجمع بين المصلحتين العامة والخاصة.

الخاصية الثالثة: خاصية الجمع بين المادة والروح.

الخاصية الرابعة: خاصية الوفرة...

المبحث الثالث: الخصائص العامة للنظام الاقتصادي الإسلامي ، ومنها:

الخاصية الأولى: خاصية الواقعية.

الخاصية الثانية: خاصية الإنسانية.

الخاصية الثالثة: خاصية الشمول.

الخاصية الرابعة: خاصية الاعتراف ببعض المفاهيم العلمية.

الختام: تحدثت فيه عن الاقتصاد الإسلامي في رأي بعض العلماء الأجانب. وفي الخاتمة: ذكرت أهم النتائج المتوصل إليها...

ومن ثم ثبت المصادر والمراجع، ثم الفهرس العام...

منهج البحث:

يعتمد البحث على الجمع بين الاستقراء والاستنباط، ومن ثم الاستدلال، استقراء ما كُتب في هذا الموضوع، واستنباط الخصائص الأصيلة والخصائص العامة، ثم الاستدلال على كل خصيصة بالقرآن الكريم أو الحديث النبوي أو أقوال العلماء أو آراء الباحثين والمؤلفين، مع ضرب المثال والمقارنة بالنظم الاقتصادية الأخرى إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

هذا وأرجو من الله أن أكون – بهذا البحث - قد أسهمت في التوصل إلى وضع تصور لخصائص النظام الاقتصادي الإسلامي، وأن أكون قد أضفت إلى المكتبة الإسلامية التي مازالت في حاجة إلى دراسات شاملة ومفصلة في هذا الموضوع؛ وما هذا البحث إلا جهد شخصي قابل للصواب والخطأ، فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمني وحسبي أني اجتهدت، وأسأل الله العفو والغفران.