حديثك أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه

حديثك أعطُوا الأجيرَ أجرَه قبل أن يَجفَّ عرقُه

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطُوا الأجيرَ أجرَه قبل أن يَجفَّ عرقُه))؛ رواه ابن ماجه.

وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي يعلى والبيهقي، وجابر عند الطبراني، وكلُّها ضعافٌ.

المفردات:

أعطوا: ناولوا.

الأجير؛ أي: العامل المستخدم بأُجرة.

أجره؛ أي: أجرته وحقَّه الذي يستحقُّ على العمل لكم.

قبل أن يجفَّ عرقُه؛ أي: فور انتهائه من عمله وبسرعة، ولا تماطلوه أو تؤخروا أجرته متى طلبها.

وفي الباب؛ أي: وفي هذا المعنى من إعطاء الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقه.

أبو يعلى: هو صاحب المسنَد، والمُسندِ الكبير، الإمام الحافظ الثقة، محدث الجزيرة، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي الموصلي، ولد في الثالث من شوال سنة 210 هـ، وقد سمع من علي بن الجعد، ويحيى بن مَعين، ومحمد بن المنهال الضرير، وشيبان بن فروخ، وسمع ببغداد من أحمد بن حاتم الطويل، وبالموصل من محمد بن حبان صاحب الصحيح، وبالبصرة من أبي أمية أيوب بن يونس، ومشايخه كثيرون، جمعهم سِفرٌ باسم معجم شيوخ أبي يعلى، وقد روى عنه أبو حاتم ابن حبان، وحمزة بن محمد الكناني، وأبو بكر الإسماعيلي، وخلق سواهم، وقد عاش 97 سنة، وتوفي في اليوم الرابع عشر من جمادى الأولى سنة 307 هـ رحمه الله.

وجابر؛ أي: وفي الباب عن جابر رضي الله عنه.

وكلها ضعاف؛ أي: وحديث ابن عمر عند ابن ماجه، وأبي هريرة عند أبي يعلى والبيهقي، وجابر عند الطبراني كلها ضعيفة.

عند الطبراني؛ أي: في الصغير.

البحث:

قال الحافظ في تخليص الحبير: حديث: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقُه))؛ ابن ماجه من حديث ابن عمر، وفيه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، والطبراني في الصغير من حديث جابر، وفيه شرقي بن قطامي وهو ضعيف، ومحمد بن زياد الرواي عنه، وأبو يعلى وابن عدي، والبيهقي من حديث أبي هريرة، وهذا الحديث ذكره البغوي في المصابيح في قسم الحسان، وغلِط بعض المتأخِّرين من الحنفية، فعزاه لصحيح البخاري، وليس هو فيه، وإنما فيه من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((ثلاثة أنا خصمهم))، فذكر فيه: ((ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يُعطِه أجره))؛ اهـ.

وقد قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، ثنا وهب بن سعيد بن عطية السلمي، ثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقُه))، قال في الزوائد: إسناد المصنف ضعيف، وهب بن سعيد وعبدالرحمن بن زيد ضعيفان؛ اهـ.

وبهذا يتبين أن قول الصنعاني رحمه الله في سبل السلام في سبب ضعف الحديث؛ لأن في حديث ابن عمر شرقيَّ بن قطامي ومحمد بن زياد الراوي عنه - هو وهم من الصنعاني رحمه الله؛ إذ إن شرقي بن قطامي ومحمد بن زياد الراوي عنه هما في سند حديث جابر عند الطبراني، وليسا في سندِ حديث ابن عمر عند ابن ماجه كما رأيت، وشرقي بن قطامي، قال في ميزان الاعتدال: ضعَّفه زكريا الساجي، وقال إبراهيم الحربي: كوفي تكلَّم فيه، وكان صاحبَ سَمَرٍ؛ يعني: لم يكن صاحب حديث، له عشرة أحاديث فيها مناكير؛ اهـ.

قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى، في باب: الأجير على العمل متى يستحقُّ الأجرة وحكم سراية عمله، وعن أبي هريرة في حديث له عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان))، قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال: ((لا، ولكن العامل إنما يوفَّى أجره إذا قضى عمله))؛ رواه أحمد، وساق الحافظ عبدالعظيم المنذري هذا الحديث بتمامه في الترغيب والترهيب بصيغة التضعيف عنده؛ حيث صدَّره بقوله: ورُوي، ثم قال: رواه أحمد والبزار والبيهقي، قال الشوكاني في نيل الأوطار: وفي إسناده هشام بن زياد أبو المقدام وهو ضعيف؛ اهـ.

وكذلك ضعَّفه البيهقي رحمه الله، ولا شك أن توفيةَ الأجير حقَّه قد أكَّدها الإسلام كما مرَّ في بحث الحديث السادس من أحاديث هذا الباب.