• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

الاقتداء بالسابقين الأولين

الاقتداء بالسابقين الأولين
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/12/2021 ميلادي - 11/5/1443 هجري

الزيارات: 17165

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاقتداء بالسَّابقين الأوَّلين

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد: فالحديثُ عن "الاقتداء بالسَّابقين الأوَّلين" يُجمَع في أربعة أمور:

أولاً: فضل السَّابقين الأوَّلين على غيرهم:

السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار لهم فضل عظيم، ومنزلة رفيعة؛ حيث كانوا أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شَهِدوا التَّنزيل وحضروه، وهم أوَّل مَنْ خوطب به من هذه الأُمَّة، وسمعوا تفسير القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً، فهم أعلم الناس - بعد النبي صلى الله عليه وسلم - بمراد الله تعالى، وقد شهد لهم القرآن المجيد بالفضل العظيم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

 

وجه الدلالة: أنَّ مَن اتَّبع السابقين الأوَّلين رضي الله عنهم واقتدى بهم بإحسانٍ في الاعتقادات والأقوال والأعمال يكون داخلاً معهم في رضوانِ الله تعالى، والوعدِ بالخلود في الجنات، والفوزِ العظيم[1].

 

وقد (صرَّح تعالى في هذه الآية الكريمة بأنَّ الذين اتَّبعوا السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار بإحسان، أنهم داخلون معهم في رضوان الله تعالى، والوعد بالخلود في الجنات والفوز العظيم، وبيَّن في مواطن أُخر، أنَّ الذين اتَّبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير؛ كقوله تعالى: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِم ﴾ [الجمعة: 3]؛ وقوله سبحانه: ﴿ والذين جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ﴾ [الحشر: 10]؛ وقوله تعالى: ﴿ والذين آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فأولئك مِنكُم ﴾ [الأنفال: 75])[2].

 

وهذا (دليل قرآني صريح في أنَّ مَنْ يسبُّهم ويُبغضهم، أنه ضالٌّ مُخالِفٌ لله جلَّ وعلا، حيث أبغَضَ مَنْ رَضِيَ اللهُ عنه، ولا شكَّ أنَّ بُغْضَ مَنْ رَضِيَ اللهُ عنه مُضادَّةٌ له جلَّ وعلا، وتمرُّدٌ وطُغيان)[3].

 

وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلم بالسَّابقين الأوَّلين: أوصى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الناسَ خيراً بالسَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، والذين اتَّبعوهم بإحسان؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْتَدِئُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا)[4].

 

ثانياً: لماذا نقتدي بالصحابة والتابعين:

يرجع اقتداء أهل السنة والجماعة بالصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان إلى عدة أسباب، ومنها:

1- أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم قد اقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في كلِّ شؤون حياتهم؛ حيث حفظوا عنه كلَّ صغير وكبير من أمر الدِّين، ورأوا أخلاقَه وتصرُّفاته، فليس بغريب أن يكونوا أعلمَ الناس بالله تعالى، وأعرَفَهم بسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما يجعلهم أيضاً قدوةً لمَنْ بعدهم إلى يوم الدِّين.

 

2- تزكية القرآن وشهادته لهم بالعدالة وبالفضل، في عدة مواضع، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

 

3- ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم ومدحه لهم، ومن أقواله المباركة في ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)[5]، وفي حقيقة الأمر، فإنَّ الاقتداء بهم هو اقتداءٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أنهم كانوا يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويلتزمون بهديه في كلِّ شؤونهم.

 

والحكمة من الاقتداء بهم: هو الردُّ على مَنْ يدَّعي أو يظنُّ صعوبة متابعة النبيِّ لأنه نبي مرسل معصوم من الله تعالى، فالنموذج النبوي أعلى من البشري، ومن ثَمَّ فهو مدعوم ومؤيَّد من ربه سبحانه، فنقول لهؤلاء: إنَّ هذا الكلام مردودٌ عليكم، إذ أنَّ هديه سهل التطبيق، ومتابعته يسيرة التحقيق، وقد فَعَل ذلك الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والتابعون لهم بإحسان، وهم بشرٌ مثلكم، ممَّا يُقيم الحُجَّة عليكم، ويُذهِب عنكم التعليلَ السقيم، والذريعةَ القاصرة؛ لتبتعدوا بها عن سنة نبيِّكم الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

ثالثاً: نماذج من اقتداء الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم:

1- اقتداءُ أبي بكرٍ رضي الله عنه:

قال أبو بكرٍ رضي الله عنه - لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَفَرَ من كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ: (وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا[6] كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا). قال عُمَرُ رضي الله عنه: (فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ)[7].

 

وجه الدلالة: حرص أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، والتأسِّي به في كلِّ الأمور؛ حيث عزم على قتل المرتدِّين، ولو منعوا عناقاً كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال ابن بطال رحمه الله: (أجمع العلماء: على أنَّ مانع الزكاة تؤخذ من ماله قهرًا، وإن نصب الحرب دونها قُوتل؛ اقتداءً بأبي بكر الصديق رضي الله عنه في أهل الرِّدة)[8].

 

ومن فوائد الحديث ما قاله النووي رحمه الله: (فيه أدلُّ دليلٍ على شجاعة أبي بكرٍ رضي الله عنه، وتقدُّمِه في الشجاعةِ والعلمِ على غيره؛ فإنَّه ثَبَتَ للقتال في هذا المَوطِن العظيم، الذي هو أكبرُ نعمةٍ أنعمَ الله تعالى بها على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستنبطَ رضي الله عنه من العلم بدقيقِ نظرِه ورصانةِ فِكرِه ما لم يُشارِكْه في الابتداء به غيرُه، فلهذا وغيرِه ممَّا أكرمَه الله تعالى به أجمعَ أهلُ الحقِّ على أنه أفضلُ أُمَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم)[9].

 

2- اقتداءُ سائر الخلفاءِ الراشدين رضي الله عنهم:

عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: (كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ، وَفِي يَدِ أبي بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ[10] قال: فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ[11]، فَسَقَطَ، قال: فَاخْتَلَفْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ[12] مَعَ عُثْمَانَ فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ[13] فَلَمْ نَجِدْهُ)[14].

 

وجه الدلالة: حرص الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، واتِّخاذ خاتمه بعد موته، إلى أن وصل إلى خلافة عثمان رضي الله عنه، ومن شدَّةِ حرصه عليه بحث عنه ثلاثة أيام فلم يجده.

 

قال ابن حجر رحمه الله: (إنما بالغ في التَّفتيش عليه؛ لكونه أثَرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قد لَبِسَه واسْتعمَلَه، وخَتَم به، ومِثْلُ ذلك يُساوي في العادة قَدْراً عظيماً من المال، وإلاَّ لو كان غيرَ خاتمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لاكتفى بطلبه بدون ذلك، وبالضرورة يُعلم: أنَّ قَدْرَ المَؤنةِ التي حصلت في الأيام الثلاثة تزيد على قيمةِ الخاتم، لكن اقتضت صِفَتُه عظيمَ قدرِه، فلا يُقاس عليه كلَّ ما ضاع من يسير المال)[15].

 

رابعاً: نماذج من اقتداء التابعين بالصحابة:

مِثلما اقتدى الصحابة الكرام رضي الله عنهم بأعظم قدوة في تاريخ البشر، فقد اقتدى التابعون لهم بإحسان بأعظم جيلٍ اقتدى بأعظم نبيٍّ، والصحابة الكرام هم أعلم الناس بالله تعالى، وأعرفهم بسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فحُقَّ لِمَنْ بعدهم أنْ يهتدوا بهديهم، ويقتفوا آثارهم؛ عن ابن سِيرينَ رحمه الله أنه قال: (كَانُوا يَرَوْنَ أنَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ مَا كَانَ عَلَى الأَثَرِ)[16]، ومن نماذج اقتداء التابعين بالصحابة:

1- عن خَالِدِ بن أَسْلَمَ، قال: (خَرَجْنَا مع عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فقال أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي عنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 34]، قال ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ)[17].

 

وجه الدلالة: حِرْصُ أصحابِ ابن عمر على الاقتداء به، والتَّعلُّمِ منه، والاستزادةِ مما عنده من العلم؛ حيث أخبرهم بأنَّ ما أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ.

 

2- عن أبي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، قال: (تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَأَمَرَنِي، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلاً يَقُولُ لِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ[18]، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فقال: سُنَّةَ النَّبِيِّ[19] صلى الله عليه وسلم، فقال لِي: أَقِمْ عِنْدِي فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي). قال شُعْبَةُ[20]: فقلتُ: لِمَ؟ فقال: لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ)[21].

 

وفي روايةٍ: (فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فقال: عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ، قال: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ، فقال: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم)[22].

 

وجه الدلالة: رجوع التابعين إلى علماء الصحابة والاقتداء بهم في النوازل، فهذا أبو جمرة الضبعي رحمه الله لمَّا نهاه الناس - زمن ابن الزبير عن التمتع في الحج - رجع إلى العلماء؛ ليستفتي، فأمره ابن عباس رضي الله عنهما بالتَّمتُّع الموافق للسُّنة[23].

 

قال ابن حجر رحمه الله: (ويؤخذ منه: إكرام مَنْ أخبرَ المرءَ بما يَسُرُّه، وفَرَحُ العالِمِ بموافقته الحقَّ، والاستئناسُ بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعي، وعَرْضُ الرؤيا على العالِم، والتَّكبيرُ عند المَسرَّة، والعملُ بالأدلة الظاهرة، والتَّنبيهُ على اختلاف أهل العلم؛ لِيُعملَ بالراجح منه الموافق للدليل)[24].

 

3- عن سَالِمِ بنِ عبدِ اللهِ قال: (كَتَبَ عبد الْمَلِكِ إلى الْحَجَّاجِ أَنْ لاَ يُخَالِفَ ابنَ عُمَرَ في الْحَجِّ، فَجَاءَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِيْنَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فقال: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟! فقال: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قال: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قال: نَعَمْ، قال: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: صَدَقَ)[25]. وجه الدلالة: وجوب اقتداء الأمراء بأهل العلم إذا وافقَ قولُهم سُنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

قال المُهَلَّب رحمه الله: (في حديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما من الفقه: جوازُ تأميرِ الأَدْوَن على الأفضل والأعلم، وفيه: أنَّ إقامة الحجِّ إلى الخلفاءِ ومَنْ جَعلوا ذلك إليه، وفيه: أنَّ الأمير يجب أنْ يعمل في الدِّين بقول أهل العلم ويصير إلى رأيهم، وفيه: مداخلة العلماء السلاطين وأنه لا نقيصةَ على العلماء في ذلك[26]، وفيه: فتوى التلميذ بحضرة مُعلِّمه عند السلطان وغيره، وفيه: ابتداءُ العالِمِ بالفتيا قبل أن يُسأل عنها، وفيه: الفهم بالإشارة والنَّظر، وفيه: أنَّ اتِّباع الرَّسول صلى الله عليه وسلم هي السُّنة، وإنْ كان في المسألة أوجهٌ جائزةٌ غيرها)[27].



[1] انظر: الفواكه العِذاب في الرد على من لم يُحكِّم السنة والكتاب، (2/ 240)؛ تفسير السعدي، (1/ 350).

[2] أضواء البيان، للشنقيطي (10/ 69).

[3] الفواكه العِذاب في الرد على من لم يُحكِّم السنة والكتاب، (2/ 240). وانظر: أضواء البيان، (10/ 69).

[4]رواه أحمد في (المسند)، (1/ 18)، (ح114)؛ وابن حبان في (صحيحه)، (16/ 239)، (ح7245)؛ والحاكم في (المستدرك)، (1/ 197)، (ح387) وقال: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي. وقال محققو المسند، (1/ 269)، (ح114)، (إسناده صحيح).

[5] رواه البخاري، واللفظ له، (2/ 938)، (ح2509)؛ ومسلم، (4/ 1963)، (ح2533).

[6] العَنَاق: اسمٌ للأنثى من المعز أول سنة الوضع، ويقال للذَّكر: جَدْي. وقيل: العَناق هي الجِدْية إذا قَوِيت على الرعي، قبل أنْ يأتي عليها حول. انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (3/ 394)؛ كشف المشكل، (1/ 27).

[7] رواه البخاري، واللفظ له، (2/ 507)، (ح1335)؛ ومسلم، (1/ 51)، (ح20).

[8] شرح صحيح البخاري، لابن بطال (3/ 391).

[9] شرح النووي على صحيح مسلم، (1/ 211، 212).

[10] (بِئْرِ أَرِيسَ): هو بئرٌ بالمدينة بقباء، مقابل مسجده، قيل: نسبةً إلى "أَرِيس" رجل من المدينة من اليهود. انظر: معجم البلدان، (1/ 298).

[11] (فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ): قال الكرماني: يعني: يُحرِّكه ويُدخِله ويُخرِجه، وذلك صورتُه صورةُ العبثِ، وإلاَّ فالشخص إنما يعمل ذلك عند تفكُّرِه في الأمور. وكان ذلك في السنة السابعة من خلافته، وكان الخاتمُ في يدِه ستَّ سنين. انظر: عمدة القاري، (22/ 39).

[12] (فَاخْتَلَفْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ): أي: في الصُّدور، والوُرود، والمَجيءِ، والذَّهاب، والتَّفتيش. انظر: عمدة القاري، (22/ 39).

[13] (فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ): يقال: نَزَحَ الْبِئْرَ يَنْزَحُها نَزْحاً: اسْتَقَى مَاءَهَا حتَّى يَنْفَدَ، أو يَقِلَّ. انظر: القاموس المحيط، (ص312)؛ تاج العروس، (7/ 170).

[14] رواه البخاري، (5/ 2205)، (ح5540).

[15] فتح الباري، (10/ 329).

[16] رواه الدارمي في (سننه)، (1/ 66)، (رقم140)؛ واللالكائي في (اعتقاد أهل السنة)، (1/ 87)، (رقم110)؛ والبيهقي في (السنن الكبرى)، (1/ 198)، (رقم230).

[17] رواه البخاري، (2/ 509)، (رقم1339).

[18] (عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ): هو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه عمرة مُتقبَّلة. انظر: فتح الباري، (3/ 430).

[19] (سُنَّةَ النَّبِيِّ): أي: يجوز فيه النَّصب، أي: وافقتَ سُنَّةَ النبي، ويجوز فيه الرفع، ويكون خبراً لمبتدأ محذوف، أي: هذه سُنَّةُ النبي. انظر: فتح الباري، (3/ 430).

[20] (قال شُعْبَةُ: فقلتُ: لِمَ؟): يعني: لأبي جمرة، أي: أسْتَفْهِمُه عن سبب ذلك، فقال: (لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ)، أي: لأجل الرؤيا المذكورة.

[21] رواه البخاري، (2/ 568)، (رقم1492).

[22] رواه مسلم، (2/ 911)، (رقم1242).

[23] انظر: فتح الباري، (3/ 430).

[24] فتح الباري، (3/ 431).

[25] رواه البخاري، (2/ 597)، (رقم1577).

[26] بشرط: أنْ يبذلوا النصيحة للأمراء، ويُبصِّروهم بأمور دينهم، ويُعلِّموهم الخيرَ وما خفي عليهم من السُّنة؛ كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما.

[27] شرح صحيح البخاري، لابن بطال (4/ 338).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حض اللاحقين على الاقتداء بالسلف السابقين
  • الحرص على التشبه بأهل الخير، والاقتداء بهم في المطعم وغيره
  • نبينا محمد صلى الله عليه وسلم النموذج الأمثل للتأسي والاقتداء
  • الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • خطبة وعظية مجموعة من خطب السابقين

مختارات من الشبكة

  • الاكتفاء المادي عند الدعاة منهج نبوي ووجوب الاقتداء به (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدرس الرابع: آية الكرسي وسنة الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام(مقالة - ملفات خاصة)
  • الاقتداء إذا اختلف مكان الإمام عن مكان المأموم (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • الاقتداء بالتابعين رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالصحابة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في العدل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في العفة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الحج(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب