• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    صفر.. والحر..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    العناية بالشفتين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حديث: أبصروها فإن جاءت به أبيض سبطا فهو لزوجها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب والسنة ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة (المولد النبوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مراحل تنزلات وجمع القرآن - دروس وعبر
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ستندمل جراح الشام (قصيدة)
    د. وليد قصاب
  •  
    ما يلقاه الإنسان بعد موته
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نعم أجر العاملين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سورة آل عمران (5) الثبات والتثبيت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    حف الشارب وإزالة شعر الإبطين والعانة في السنة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التمر غذاء ودواء في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

من أسباب الطلاق (2)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/11/2017 ميلادي - 11/3/1439 هجري

الزيارات: 13858

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب الطلاق (2)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؛ ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النِّسَاءِ: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ النِّكَاحَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، لِيَقْضُوا بِهِ وَطَرَهُمْ، وَيُكَثِّرُوا بِهِ نَسْلَهُمْ، وَيُنَظِّمُوا بِهِ غَرَائِزَهُمْ، فَلَا يَتَجَاوَزُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْشَدَ إِلَى مَا يَحْفَظُ الْأَفْرَادَ مِنَ الضَّيَاعِ، وَالْأُسَرَ مِنَ التَّشَرْذُمِ وَالتَّشَتُّتِ، فَمَنْ أَخَذَ بِوَصَايَاهُ صَلَحَتْ لَهُ أُسْرَتُهُ، وَرَأَى فِيهَا مَا يُحِبُّ، وَمَنْ حَادَ عَنْهَا فَرَكِبَ هَوَاهُ رَأَى مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَا يَكْرَهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَالْتَزِمُوا دِينَهُ فِيمَا تَقُولُونَ وَمَا تَفْعَلُونَ، وَفِيمَا تَأْتُونَ وَمَا تَتْرُكُونَ؛ فَإِنَّهُ الدِّينُ الْحَقُّ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ الْأَفْرَادِ وَالْأُسَرِ وَالدُّوَلِ وَالْأُمَمِ ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صَبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 138]، ﴿ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 10].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّوَاجَ سَكَنًا لِلزَّوْجَيْنِ، وَرَاحَةً لَهُمَا، وَمَصْرِفًا مَشْرُوعًا لِشَهَوَاتِهِمَا، وَطَرِيقًا إِلَى الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ. كَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ خَلَاصًا لِلزَّوْجَيْنِ حِينَ تَفْسُدُ الْمَوَدَّةُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَكَدَّرُ عَيْشُهُمَا، وَتُسَدُّ طُرُقُ تَوَاصُلِهِمَا؛ لِيَبْحَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ سَعَادَتِهِ مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 130].

 

وَثَمَّةَ أَسْبَابٌ لِلطَّلَاقِ لَوْ تَلَافَاهَا الزَّوْجَانِ لَطُفِئَتْ نَارُ شِقَاقِهِمَا، وَتَوَثَّقَتِ الْمَوَدَّةُ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ذَلِكُمُ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الطَّاعَاتِ فَهِيَ سَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فَهِيَ طَرِيقُ كُلِّ شَرٍّ، وَلَا شَيْءَ أَوْدَى لِلْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الشَّكِّ؛ فَإِنَّهُ إِذَا دَاخَلَ أَحَدًا مِنْهُمَا فَتَكَ بِقَلْبِهِ، وَقَادَهُ إِلَى تَدْمِيرِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَنْشَأُ الشَّكِّ الْغَيْرَةُ الْمُفْرِطَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، وَتَفَاوُتُ الزَّوْجَيْنِ ثَقَافِيًّا وَاجْتِمَاعِيًّا وَمَالِيًّا سَبَبٌ لِعَدَمِ الِائْتِلَافِ وَالتَّفَاهُمِ بَيْنَهُمَا، وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ الزَّوْجَيْنِ حُقُوقَهُمَا وَوَاجِبَاتِهِمَا سَبَبٌ لِلطَّلَاقِ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ:

الْخِلَافَاتُ الْمَالِيَّةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ فَإِمَّا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْإِنْفَاقِ؛ لِضَعْفِ كَسْبِهِ، وَسُوءِ تَدْبِيرِهِ لِمَعِيشَتِهِ، أَوْ كَانَ شَحِيحًا بِالْمَالِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ. أَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُتَطَلِّبَةً فَتُرْهِقُهُ، وَتُكْثِرُ التَّشَكِّيَ وَالتَّذَمُّرَ فَتُضْجِرُهُ وَتُغْضِبُهُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا. وَكَثِيرًا مَا هَدَمَتِ الْمَرْأَةُ بَيْتَهَا بِمُقَارَنَةِ زَوْجِهَا بِأَزْوَاجِ قَرِيبَاتِهَا فِي الْإِنْفَاقِ وَالْعَطَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 7]. وَإِمَّا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُكْتَسِبَةً أَوْ ذَاتَ مَالٍ بِوِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ فَيَطْمَعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا، فَتَنْشَأُ الْمَشَاكِلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَتَّى تُؤَدِّيَ إِلَى الطَّلَاقِ، وَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي مَالِهَا إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبْخَسَ حُقُوقَهَا، أَوْ يُعَامِلَهَا بِغِلْظَةٍ لِيَبْتَزَّهَا فِي مَالِهَا، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا أَرَاذِلُ النَّاسِ ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النِّسَاءِ: 4].

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ:

عَدَمُ قُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ حُقُوقِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ، وَحُقُوقِ وَالِدَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا نَشِبَ صِرَاعٌ بَيْنَ النِّسَاءِ، سَبَبُهُ الْغَالِبُ الْغَيْرَةُ وَحُبُّ السَّيْطَرَةِ، فَإِمَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ تَسْعَى لِلسَّيْطَرَةِ عَلَى الزَّوْجِ دُونَ أُمِّهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِمَّا غَارَتْ أُمُّهُ وَأَخَوَاتُهُ مِنْهَا فَيُعَامِلْنَهَا مُعَامَلَةَ الْجَارِيَةِ أَوِ الْخَادِمَةِ. وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تَخْدِمَ أُمَّ الزَّوْجِ أَوْ أَخَوَاتِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُحِبُّ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنْ تُحْسِنَ صُحْبَتَهُمْ، وَتَتَفَانَى فِي إِرْضَائِهِمْ. فَإِذَا كُنَّ يُلْحِقْنَ الْأَذَى بِإِذْلَالِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَصُونَ كَرَامَتَهَا بِالِامْتِنَاعِ عَنْ خِدْمَتِهِنَّ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِجْبَارُهَا عَلَى مَا يُلْحِقُ الْأَذَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُحْسِنَ عِشْرَةَ زَوْجِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ عِشْرَتَهَا.

 

وَفِي بَعْضِ الْأُسَرِ رُسُومٌ وَعَادَاتٌ تُسَبِّبُ كَثِيرًا مِنَ الْمَشَاكِلِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلزَّوْجَيْنِ فِيهَا بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ؛ كَزِيَارَاتِ الزَّوْجِ لِأَهْلِ الزَّوْجَةِ، أَوْ زِيَارَاتِ الزَّوْجَةِ لِأَهْلِ الزَّوْجِ، أَوْ صُحْبَةِ الزَّوْجَةِ لِوَالِدَةِ الزَّوْجِ فِي كُلِّ مُنَاسَبَةٍ. وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى حُسْنَ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْهُ؛ فَلَيْسَ أَهْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ رَحِمًا لِلْآخَرِ يَجِبُ وَصْلُهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النِّسَاءِ: 19]، وَلَيْسَ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تُكْرَهَ الزَّوْجَةُ عَلَى مَا يُلْحِقُ الْأَذَى بِهَا مِنْ أَذِيَّةِ أَهْلِ الزَّوْجِ لَهَا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ. وَالرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْحَازِمُ هُوَ مَنْ يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. وَرَحِمَ اللَّهُ ذَوِي زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ لَمْ يَتَدَخَّلُوا فِي حَيَاتِهِمَا، وَلَمْ يُكَدِّرُوا صَفْوَ عَيْشِهِمَا، وَأَحْسَنُوا التَّعَامُلَ مَعَهُمَا.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ:

نَشْرُ بَعْضِ أَسْرَارِ الْبَيْتِ خَارِجَ نِطَاقِ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِشَاعَةُ مَا يَحْدُثُ مِنَ الْخِلَافَاتِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، فَيَتَدَخَّلُ بَعْضُ الْأَقَارِبِ سَوَاءً مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ فِي حَيَاتِهِمْ، وَهَذَا يَزِيدُ الْمَشَاكِلَ وَيُعَقِّدُهَا، وَيُكَثِّرُ أَطْرَافَهَا. وَالْوَاجِبُ عِنْدَ حُدُوثِ الْمَشَاكِلِ أَنْ يَسْعَى الزَّوْجَانِ فِي حَلِّهَا دُونَ تَدَخُّلِ أَحَدٍ. فَإِنِ احْتَاجَا إِلَى مَشُورَةٍ وَرَأْيٍ اسْتَشَارَا مَنْ لَا يَعْرِفُهُمَا مِمَّنْ شُهِدَ لَهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَصَوَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْبَعِيدَ عَنْهُمَا جَمِيعًا أَعْدَلُ فِي حُكْمِهِ، وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيمَا يُشِيرُ بِهِ عَلَيْهِمَا، فَيَمْحَضُ النُّصْحَ لَهُمَا. فَإِنْ تَفَاقَمَتِ الْمَشَاكِلُ بَيْنَهُمَا وَكَانَا صَادِقَيْنِ فِي حَلِّهَا تَحَاكَمَا إِلَى حَكِيمَيْنِ مِنْ أُسْرَتَيْهِمَا، وَعَمِلَا بِحُكْمِهِمَا ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 35]، فَيَنْظُرَانِ مَا يَنْقِمُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ يُلْزِمَانِ كُلًّا مِنْهُمَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ، قَنَّعَا الْآخَرَ بِالرِّضَا بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الرِّزْقِ وَالْخُلُقِ، وَمَهْمَا أَمْكَنَهُمَا الْجَمْعُ وَالْإِصْلَاحُ فَلَا يَعْدِلَانِ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ:

كَثْرَةُ غِيَابِ الزَّوْجِ عَنِ الْمَنْزِلِ، وَاتِّخَاذُهُ أَصْحَابًا عِوَضًا عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فَيُهْمِلُهُمْ، وَيُلْقِي حِمْلَ الْبَيْتِ كُلَّهُ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَرُبَّمَا قَصَّرَ أَيْضًا فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ. وَلِذَلِكَ أَسْبَابٌ قَدْ تَكُونُ الزَّوْجَةُ طَرَفًا فِيهَا، وَهِيَ عَدَمُ ارْتِيَاحِ الزَّوْجِ فِي الْمَنْزِلِ، فَيَبْحَثُ عَنْ رَاحَتِهِ خَارِجَ مَنْزِلِهِ. وَبَعْضُ الْأَزْوَاجِ لَا يُبَالِي بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ كَمَا يُبَالِي بِأَصْحَابِهِ؛ وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى تَزَايُدِ الضُّغُوطِ عَلَى الزَّوْجَةِ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا فِي الشِّقَاقِ ثُمَّ الطَّلَاقِ، «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ» كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ رَعِيَّتَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لِيَلْهُوَ مَعَ أَصْحَابِهِ. كَمَا أَنَّ بَعْضَ الزَّوْجَاتِ تُهْمِلُ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا وَبَيْتَهَا، وَيَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِزِيَارَةِ أَهْلِهَا أَوْ صَوَاحِبِهَا، وَهَذَا أَيْضًا يُضْجِرُ الزَّوْجَ، وَيُؤَدِّي إِلَى الشِّقَاقِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا مَا اقْتَرَنَ بِهَا إِلَّا لِتَقَرَّ فِي بَيْتِهِ، لَا لِتَكُونَ خَرَّاجَةً وَلَّاجَةً، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ أَزْوَاجَنَا وَأَوْلَادَنَا وَبُيُوتَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 74].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 237].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

التَّغَافُلُ أَسَاسٌ لِنَجَاحِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، بَلْ وَلِلنَّجَاحِ فِي كُلِّ صُحْبَةٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُحَاسِبُ غَيْرَهُ عَلَى النَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ يَخْسَرُ مَنْ هُمْ حَوْلَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَخْسَرُ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَوَالِدَيْنِ؛ فَيَعِيشُ مُنْعَزِلًا وَحْدَهُ، يُعَالِجُ عُقَدَهُ النَّفْسِيَّةَ. عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ: «الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ. فَحُدِّثَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ».

 

إِنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَمِنَ الزَّوْجَاتِ مَنْ هُوَ حَسَّاسٌ تُجَاهَ الْآخَرِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا، وَحَرَكَةٍ يَفْعَلُهَا، بِحَيْثُ تُشْعِلُ مَزْحَةٌ أَوْ كَلِمَةٌ أَوْ إِشَارَةٌ نَارَ فِتْنَةٍ بَيْنَهُمَا، بِسَبَبِ فَرْطِ حَسَاسِيَةِ أَحَدِهِمَا. بَلْ حَتَّى لَوْ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْآخَرِ كَلِمَةً جَارِحَةً فَعَلَى الْمَجْرُوحِ أَنْ يَتَغَاضَى وَيَتَغَافَلَ وَيَنْسَى لِتَسِيرَ حَيَاتُهُمَا عَلَى مَا يُحِبَّانِ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْخِلَافَاتِ وَالْمُنَاكَفَاتِ تُورِثُ الضَّغَائِنَ، وَتُوغِرُ الصُّدُورَ، وَيَضِيقُ الْأَوْلَادُ ذَرْعًا بِهَا، وَيَقْدَحُ الشَّيْطَانُ نِيرَانَهُ فِيهَا؛ حَتَّى يُقَوِّضَ سَعَادَةَ الْأُسْرَةِ وَيَهْدِمَهَا.

 

وَمِنَ الرِّجَالِ مَنْ هُوَ دَقِيقُ الْمُلَاحَظَةِ فِي بَيْتِهِ، وَيَنْتَقِدُ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ، إِمَّا طَبْعًا فِيهِ أَوْ إِثْبَاتًا لِنَفْسِهِ أَوْ تَصَيُّدًا لِأَيِّ خَطَأٍ، وَتَرَاهُ يُكْثِرُ التَّذَمُّرَ وَالشَّكْوَى وَالْمُسَاءَلَةَ؛ فَهَذَا الْمَنْدِيلُ لِمَاذَا أُلْقِيَ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا الْكِتَابُ لِمَ هُوَ مَفْتُوحٌ؟ وَهَذِهِ الطَّاوِلَةُ لِمَاذَا فِيهَا غُبَارٌ؟ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَسْلَمُ مِنْهُ الْبُيُوتُ فِي الْغَالِبِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِيهَا أَوْلَادٌ وَأَطْفَالٌ.

 

وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّ الرَّجُلَ الْعَاقِلَ مَنْ يَبْنِي وَلَا يَهْدِمُ، وَيَجْمَعُ وَلَا يُفَرِّقُ، وَيُسْعِدُ وَلَا يُبْئِسُ، وَيُفْرِحُ وَلَا يُحْزِنُ، وَيَسْعَى جُهْدَهُ لِإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَخَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ لِأَهْلِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قُدْوَتُنَا، وَقَدْ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لأَهْلِهِ، سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَتْ: «كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ»

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب الطلاق (1)
  • من أسباب الطلاق (3)
  • من أسباب الطلاق (4)

مختارات من الشبكة

  • الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم النهاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب البركة في الأولاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب نزول السكينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب إعانة الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب مغفرة الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب النجاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • أسباب العذاب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • التساهل في المنازل من أسباب المهازل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/2/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب