• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

قصة الوحي الخاتم

د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/10/2017 ميلادي - 4/2/1439 هجري

الزيارات: 25026

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة الوحي الخاتم

 

الحمد لله... أيها الإخوة المؤمنون، أعظم قصة في التاريخ هي قصة الوحي الخاتم، إنها قصة الوحي الإلهي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي أذن فيها الله تعالى في عليائه لأمين الوحي جبريل عليه السلام أن يهبط بسلام إلى الأرض حاملاً معه المنهج الخاتم للبشرية، إلى سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم؛ فهو أعظم مخلوق، وأكمل مخلوق، وأتقى مخلوق، بأبي هو أمي.

 

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، [وفي لفظ: الرُّؤْيَا الصَّادِقة] فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ». قَالَ: «فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي»، فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي». فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي». فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 1 - 3]». فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ - رضي الله عنها – فَقَالَ: «زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا،[وفي لفظ، قالت له: كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا] إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ - وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ... فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عليه السلام. يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا[1]، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟». قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ؛ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ[2].

 

ومع حديث الوحي - إخوتي الكرام - لنا وقفات نأخذ منها الدروس والعبر:

الوقفة الأولى: مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعداد الله تعالى له؛ كي يتحمَّل مفاجأة نزول الوحي، فقد هيَّأه الله تعالى ابتداءً بالرؤية الصالحة التي لا يراها إلاَّ وجاءت مثل فلق الصبح، ثم تحبيبه صلى الله عليه وسلم في الخلاء والخلوة بنفسه؛ للتأمل والتفكر والتدبر في هذا الكون وما به من خلق ومخلوقات، ومطابقة الفطرة السليمة التي فطر الله تعالى الناس عليها للحق، والتي كانت تنمو يوماً بعد يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اكتملت واتَّسقت وتهيَّأت لتلقِّي هذا الحق المبين.

 

الوقفة الثانية: فهي مع أول ليلة لنزول الوحي، وأول كلمة تلقَّاها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ﴿ اقْرَأْ ﴾ [العلق: 1]، ذلك الأمر الإلهي على لسان أمين الوحي إلى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، إيذاناً بانتهاء عصر الخرافة والجهل، عصر الأصنام والأوثان، وابتداء عصر جديد للبشرية بأسرها، وهو عصر العلم والمعرفة، نعم، عصر العلم بالله تعالى ابتداءً الذي هو أصل كل علم، ثم عصر المعرفة واكتشاف الكون وما به، والذي كان أولى بالمسلمين أن يكونوا روَّاده وأربابه إلى قيام الساعة، ولكنهم لمَّا تمسَّكوا بالعلم الإلهي وجعلوا العلمَ بالله أساس علومهم وصلوا إلى المعرفة المنشودة، فسادوا العالمَ شرقاً وغرباً، ثم لمَّا تخلَّوا عن عقيدتهم وفرَّطوا في منهجهم تخلَّفوا وصاروا في ذيل الأمم.

 

الوقفة الثالثة: وهي وقفة خاصة مع أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، تلك الزوجة الصالحة التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرَ متاع الدنيا.

قال النووي رحمه الله - في قول خديجة للنبي: كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا: (معنى كلام خديجة - رضي الله عنها: إنك لا يصيبك مكروه؛ لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق، وكرم الشمائل، وذَكَرَتْ ضروباً من ذلك، وفي هذا: دلالة على أن مكارم الأخلاق، وخصال الخير سبب السلامة من مصارع السوء، وفيه: مدح الإنسان في وجهه في بعض الأحوال؛ لمصلحة، أو فيه تأنيسُ مَنْ حصلت له مخافةً من أَمْرٍ وتبشيرُه، وذِكْرُ أسبابِ السلامة له، وفيه: أعظم دليل وأبلغ حجة على كمال خديجة رضي الله عنها، وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وثبات قلبها، وعظم فقهها)[3].

 

نعم - أيها الإخوة – إنها أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعقلها وحكمتها ورشدها وعطفها وحبها كانت خير مُعين للنبي صلى الله عليه وسلم لتلقِّي نبأ الوحي، فهي السكن والطمأنينة، فما أن فزع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طمأنته بحكمتها وفطرتها السليمة، لقد كانت هذه اللحظة، هي اللحظة الفارقة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل وحياة الأمة بأسرها. هذه اللحظة هي التي واجهتها خديجة رضي الله عنها، فبكل حكمة وفطرة سليمة أرشدتها إلى أن صاحب الخلق الكريم والسلوك القويم والسيرة الحسنة لا يمكن بحال أن يكون عرضة للخطر؛ بل هو الآمن المطمئن بإذن الله تعالى، فأخذت تهدِّئ من روعه صلى الله عليه وسلم وتطمئنه على نفسه، وأن الله سبحانه لن يخزيه أبداً، وهو صاحب هذا الخلق العظيم.

 

ولم تكتف رضي الله عنها بذلك، وإنما بخبرتها في الحياة أيقنت أن ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم حدث جلل، بحاجة إلى علم خاص، فذهبت به بفراستها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي صدقت فيه فراستها وبانت فيه حكمتها، فعرف أن هذا هو النبي المنتظر والبشارة المرتقبة في الكتب السابقة.

 

نعم، إخوة الإسلام.. إنَّ دور المرأة في حياة زوجها لهو من أخطر الأدوار وأهمها على الإطلاق، ودعونا نُطلقها مدوِّية صريحة بلا خجل، إن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، نعم، امرأة تدفعه إلى النجاح وتذلل له العقبات وتدعمه بروحها وحبها وتفانيها وتضحياتها.

 

لقد كانت أم المؤمنين خديجة خير مُعين للنبي صلى الله عليه وسلم، فظلَّت له داعمة ومساندة، فآمنت به وصدَّقته ولم تخذله، ولم تبخل بحبها ومالها، فكانت جبهته الداخلية - صلى الله عليه وسلم - المتمثِّلة في أسرته الكريمة والمكوَّنة من السيدة خديجة وبناتها جبهة قوية، إذ آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إيماناً صادقاً من أوَّل لحظة، وإنني لا شك عندي في أن بناته - رضي الله عنهن -   مع زوجه خديجة- رضي الله عنها - كُنَّ أوَّل مَنْ آمن به صلى الله عليه وسلم وبرسالته المباركة.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله...

أمَّا الوقفة الرابعة: فمع ورقة بن نوفل رضي الله عنه، ذلك الرجل الشجاع الذي صدَّق بالحق، ولم يكتمه؛ بل آمن به، وقدَّم النِّية الحسنة في أنه سوف ينصره، فمات رضي الله عنه قبل نصره، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَشَّر بحسن منزلته في الجنة.

عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَسُبُّوا ورقةَ بنَ نوفلٍ؛ فإني قد رأيتُ له جَنَّةً أو جَنَّتين)[4].

 

قال الحافظ العراقي - رحمه الله: (هذا شاهد لما ذهب إليه جَمْعٌ: من أن ورقةَ أسْلَمَ عند ابتداء الوحي... والظاهر: أنه لم يكن متمسِّكاً بالمُبدَّل من النصرانية؛ بل بالصحيح منها الذي هو الحق)[5].

ويؤيده ما جاء في رواية أبي ميسرة، من قول ورقة بن نوفل - رضي الله عنه - للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: (أبشر؛ فأنا أشهدُ أنَّكَ الذي بَشَّرَ به ابنُ مريم، وأنك على مِثْلِ ناموس موسى، وأنك نبيٌّ مُرسل، وأنك سَتُؤمر بالجهاد)[6]؛ قال ابن حجر- رحمه الله: (وهذا أصرح ما جاء في إسلام ورقة)[7].

 

عباد الله.. لقد توقَّف الوحي بعد تلك الحادثة فترةً من الزمن، ولم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحزن حزناً شديداً؛ جاء في صحيح البخاري: (وَفَتَرَ الْوَحْيُ[8] فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُزْنًا؛ غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ[9]، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ؛ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ[10]، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ: مِثْلَ ذَلِكَ)[11].

 

ثم عاوده الوحي مرة أخرى، وهو في غار حِراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ[12] شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي؛ نَزَلْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ - يَعْنِي: جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي. فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 1 - 4]»[13].

 

وفي رواية: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ[14] حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي. فَزَمَّلُونِي... ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ[15]»[16].

وهكذا تبدأ مرحلة جديدة من حياة النبوة، وهي مرحلة الدعوة إلى الله تعالى، ففيها أمَرَ اللهُ تعالى نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم بالقيام للتَّصدي لواجب الدعوة إلى الله تعالى، وإنذار قومه، وتبليغ رسالته.

الدعاء...



[1] يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا: الضمير فيها يعود إلى أيام النبوة ومدتها، وقوله: (جذعاً): يعني: شابًّا قويًّا حتى أبالغ في نصرتك. والأصل في الجذع للدواب، وهو هنا استعارة. انظر: شرح النووي على مسلم، (2/ 203).

[2] رواه البخاري، (1/ 3)، (ح 3)؛ (2 / 1036)، (ح 5005)؛ ومسلم، (1/ 79)، (ح 422).

[3] شرح النووي على مسلم، (2 / 202).

[4] رواه الحاكم في المستدرك، (2 / 608)، (ح 4211) وقال: (حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه). وصححه الألباني في (صحيح الجامع)، (2 / 1223)، (ح 7320).

[5] فيض القدير، للمناوي (6 / 520).

[6] السيرة النبوية، لابن إسحاق (ص 42).

[7] فتح الباري، (8 / 720).

[8] فَتَرَ الْوَحْيُ: أي انكسر وضَعُفَ، وقَلَّ وانقطع ومضت على ذلك مدة، ومنه قوله تعالى: ﴿ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ ﴾ [المائدة: 19]، أي: على حين فتورٍ من إرسال الرسل وانقطاعٍ من الوحي، ويقال: طَرَفٌ فاتِر، أي: منكسر، وماءٌ فاتر للذي قَلَّتْ برودته أو حرارته، ولم يُذكر في الحديث مقدار الفترة. قال السهيلي: (وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أنها كانت سنتين ونصف سنة). انظر: شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى، لأبي شامة المقدسي (ص 178).

[9] شَوَاهِقِ الْجِبَالِ: الشواهق جمع شاهق، وهو المرتفع العالي من الجبل. انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (35/ 13).

[10] فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ: الجأش: القلب والنَّفْس والجَنَان. يقال رابِطُ الجأشِ: أي ثابت القَلْب لا يَرْتاع، ولا ينْزعج للعَظائم والشَّدائد. والمقصود: يسكن ما ثار من فزع النبي صلى الله عليه وسلم وهاج من حزنه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 664)؛ تفسير غريب ما في الصحيحين البخارى ومسلم، للحميدي (ص 246).

[11] رواه البخاري، (3/ 1411)، (ح 7068).

[12] حِرَاء: جبلٌ بمكة فيه غار تحنث فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. انظر: تحفة الأحوذي، (10/ 128).

[13] رواه البخاري، (2/ 1027)، (ح 4971)؛ ومسلم، واللفظ له، (1/ 81)، (ح 427).

[14] فَجَئِثْتُ مِنْهُ: أي رُعِبْتُ منه، قال أبو عبيد: ويقال: جُئِثْتُ، والمَجْؤُوث والمَجْثُوثُ: المرعوب. انظر: غريب الحديث، لابن الجوزي (1/ 133).

[15] حَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ: أي كَثُرَ، قال عياض: (الكلمتان بمعنى واحد، أي: كثر نزوله وقوي أمره وازداد، من قولهم: حَمِيَت النار والشمس إذا زاد حَرُّهما، ومنه: حمي الوطيس، أي: قوي حرُّه واشتدَّ، تم استُعير في الحرب). انظر: شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى، (ص 193).

[16] رواه البخاري، (2/ 1028)، (ح 4975).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة الأنصار بعد حنين
  • قصة اليهود مع عبدالله بن سلام
  • قصة اختراع المال
  • قصة المجد (قصيدة)
  • قصة التاريخ الهجري
  • خطبة قصة الأضحية
  • دروس من الوحي
  • مبحث في موضوع: خصائص الوحي الإلهي الرباني

مختارات من الشبكة

  • الوحي وحي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خادمة الوحي (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رحلة مع الوحي المحمدي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الوحي ينتصر للمرأة(مقالة - ملفات خاصة)
  • إرهاصات نبوته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الثالثة عشرة) حكمة الوحي وتصنيفه للمجتمع الإسلامي في آخر عهد النبوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روح العالم رجال أشرق بهم العالم بنور الوحي لأحمد الطويان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوحي والعقل(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب