• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    مكة.. البداية والكمال والنهاية
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة.. فضل صلاة الجماعة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    محبة القرآن من علامات الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم والذين جاؤوا من ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    أفضل استثمار المسلم: ولد صالح يدعو له
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خطبة: الحج ومقام التوحيد: بين دعوة إبراهيم ومحمد ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الحذر من الاغترار بإمهال الله وحلمه وقوله تعالى ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    استقبال العشر.. فضائل.. وأحكام
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    بشرى عظيمة لكل مسلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حاجة العباد للرسالة والرسول
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من فضائل الأوقات
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

كاتب الوحي: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (خطبة)

كاتب الوحي: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/3/2023 ميلادي - 15/8/1444 هجري

الزيارات: 15889

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كَاتِبُ الوَحْيِ: مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بَعْدُ: بَلَغَ الصَّحابَةُ الكِرامُ رضي الله عنهم مَراتِبَ الكَمَالِ، واخْتَصَّهُمُ اللهُ تعالى بِأَعْظَمِ الفَضائِلِ، وأَطْيَبِ الخِصالِ، وبَوَّأَهُمْ مَنْزِلَةً لا تَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِمْ، حتى جَعَلَ حُبَّهُمْ مِيزانًا للإيمان، وبُغْضَهم عَلَامَةً على النِّفاق. قال ابنُ مَسْعودٍ رضي الله عنه: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ؛ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ؛ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ» حسن – رواه أحمد.

 

ومِنْ أُولَئِكَ الصَّحْبِ الكِرامِ أَمِيرُ المؤمنين مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه، الذي شرَّفَه اللهُ بِصُحْبَةِ نَبِيِّه؛ فكان مِنْ أَفَاضِلِ أصحابِه، وأصْدَقِهِمْ لَهْجَةً، وأكثرِهم حِلْمًا وعدلًا. وثَبَتَ له من الفضائلِ والمَناقِبِ ما يدلُّ على عُلُوِّ شَأْنِه، ورفيعِ مَنزِلَتِه، وكرِيمِ سَجاياه. قال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (فَمَا صَحَّ عِنْدَهُمْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْعُمُومِ، وَمَنَاقِبِ قُرَيْشٍ؛ فَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَاخِلٌ فِيهِ).

 

ومناقِبُهُ كثيرةُ جدًا؛ ومن ذلك: أنه مِنْ كُتَّابِ الوَحْيِ، ومِنْ رُواةِ الأحاديث، وهو خَالُ المؤمنين، وخليفةُ المسلمين، والمَلِكُ القائِدُ، صاحِبُ الفُتوحاتِ الإسلامية، وداهِيَةُ زمانِه، شَهِدَ حُنَينًا، واليمامَةَ، وكان حَسَنَ التَّدْبِيرِ، عاقِلًا حَكِيمًا، فَصِيحًا بليغًا، وكان كريمًا بَاذِلًا للمال، وكان يُضْرَبُ بِحِلْمِه المَثَلُ.

 

قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كَانَ الْمُسْلِمُونَ لاَ يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلاَ يُقَاعِدُونَهُ؛ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ثَلاَثٌ أَعْطِنِيهِنَّ". قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: "عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ، وَأَجْمَلُهُ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا". قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: "وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ". قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: "وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ". قَالَ: «نَعَمْ» رواه مسلم. قال الإمام أحمدُ رحمه الله: (مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: كَاتِبُهُ، وَصَاحِبُهُ، وَصِهْرُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ عَزَّ وَجَلَّ). وقال أبو يَعْلَى رحمه الله: (ويُسَمَّى إِخْوَةُ أزواجِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْوالَ المؤمنين، ولَسْنَا نُرِيدُ بذلك أنهم أخوالٌ في الحقيقة، كأخوالِ الأُمَّهاتِ مِنَ النَّسَبِ؛ وإنما نُرِيدُ أنهم في حُكْمِ الأخوالِ في بعضِ الأحكامِ، وهو التَّعْظِيمُ لَهُمْ).

 

وقد دَعَا لَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فعن عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ» حسن لغيره – رواه أحمد. ومن دعائه صلى الله عليه وسلم لِمُعَاوِيَةَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِ بِهِ» صحيح – رواه الترمذي. وعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ: لَمَّا عَزَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ عَنْ حِمْصَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ؛ فَقَالَ النَّاسُ: "عَزَلَ عُمَيْرًا، وَوَلَّى مُعَاوِيَةَ!" فَقَالَ عُمَيْرٌ: "لاَ تَذْكُرُوا مُعَاوِيَةَ إِلاَّ بِخَيْرٍ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ» صحيح لغيره – رواه الترمذي.

 

ومِنْ مَناقِبِه: أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَّاهُ على الشَّامِ، وأَقَرَّهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه أيضًا مُدَّةَ خِلافَتِه كُلِّها: قال الذَّهَبِيُّ رحمه الله: (حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ - وَهُوَ ثَغْرٌ - فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ.. فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ.. وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى رَعِيَّتِهِ، عَمِلَ على نِيَابَةِ الشَّامِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَالخِلاَفَةِ عِشْرِيْنَ سَنَةً؛ بَلْ دَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَحَكَمَ عَلَى العَرَبِ وَالعَجَمِ). فكان في الشَّامِ خَلِيفةً عشرين سنة، ومَلِكًا عشرين سنة. قال ابنُ خَلْدُون: (كان ينبغي أَنْ تُلْحَقَ دَوْلَةُ معاويةَ وأخبارُه بِدُوَلِ الخُلفاءِ وأخبارِهم؛ فهو تَالِيهِمْ في الفَضْلِ والعَدالَةِ والصُّحْبَةِ).

 

وتحوَّلت الخِلَافَةُ في عَهْدِه إلى مُلْكٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ» صحيح – رواه أبو داود. قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَخْلَقَ لِلْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ؛ إِنْ كَانَ النَّاسُ لَيَرِدُونَ مِنْهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ رَحْبٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ، الحَصِرِ، المُتَغَضِّبِ» رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وابن سعد في "الكبرى".

 

ولمَّا سُئِلَ ابنُ المُبارَكِ: أيُّهُمَا أَفْضَلُ: مُعَاوِيَةُ بنُ أبي سُفيان، أَوْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ فأجاب قائلًا: (واللهِ! إنَّ الغُبَارَ الذي دَخَلَ في أَنْفِ مُعاوِيَةَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ بألفِ مَرَّةٍ، صَلَّى معاويةُ خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، فقال معاويةُ: "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"، فما بَعْدَ هذا؟). فأصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يُقاسُ بهم أحد. عَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله قال: (لَوْ رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ لَقُلْتُمْ هَذَا الْمَهْدِيُّ). قال النَّوَوِيُّ رحمه الله: (وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فَهُوَ مِنَ الْعُدُولِ الْفُضَلَاءِ، وَالصَّحَابَةِ النُّجَبَاءِ).

 

وكانَتْ خِلافَةُ مُعَاوِيَةُ خَيْرًا لِلْمُسْلِمين؛ انْطَفَأَتْ بها الفِتَنُ، واجْتَمَعَ المسلمون على رَايَةٍ واحِدَةٍ، وعادَتْ الفُتُوحَاتُ، واشْتَهَرَ في عَهدِه ما يُسَمَّى بِالصَّوائِفِ والشَّوَاتِي: وهي غَزوَةُ الشِّتاءِ والصَّيفِ.

 

عن أُمِّ حَرَامٍ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا». قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا فِيهِمْ؟" قَالَ: «أَنْتِ فِيهِمْ». ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ». فَقُلْتُ: "أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟". قَالَ: «لاَ» رواه البخاري. قال الْمُهَلَّبُ رحمه الله: (فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيدَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ).

 

ومَعَ مَا أَعْطَاهُ اللهُ وَفَتَحَ عليه مِنَ المُلْكِ؛ كان زاهِدًا، مُنْصَرِفًا عَنِ الدُّنيا، وكان حريصًا على تعليم المسلمين سُنَّةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان كَثِيرَ البُكاءِ مِنْ خَشْيَةِ الله: فقد دَخَلَ رجلٌ على مُعاوِيَةَ رضي الله عنه فأخْبَرَهُ بحديثٍ سَمِعَهُ من أبي هريرة رضي الله عنه: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ، فَأَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِهِ: رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ...» الحديث. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه – بَعْدَمَا سَمِعَ الحديثَ بِتَمامِهِ: "قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلاَءِ هَذَا، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ، وَقُلْنَا: قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ. ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ، وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 15، 16]" صحيح – رواه الترمذي.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله.. أيها المسلمون.. مِنَ النِّفَاقِ المُبِينِ، والإِثْمِ العَظِيمِ: الطَّعْنُ في أَصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال أبو زُرْعَةَ رحمه الله: (إذا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أحَدًا مِنْ أصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فاعْلَمْ أنَّهُ زِنْدِيْقٌ). وقال الإمام أحمدُ رحمه الله: (إِذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَذْكُرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسُوءٍ؛ فاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ).

 

ومِنْ سَعادَةِ المُسْلِمِ أَنْ يَمْتَلِأَ قَلْبُه مَحَبَّةً وإِجْلالًا لِصَحابَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنْ يَعْرِفَ لهم فَضْلَهم وسابِقَتَهم: وما جاءَ مِنَ الأَخْبارِ فِيمَا وَقَعَ بين مُعاوِيَةَ وعَلِيٍّ رضي الله عنهما مُعْظَمُها كَذِبٌ وافْتِراءٌ اخْتَلَقَه المُنافِقُون والضُّلَّال، ومَا صَحَّ فيما وَقَعَ بين الصَّحابةِ من الأخبارِ، فَهُمْ فيه مُتَأَوِّلونَ مُجْتَهِدونَ، مغفورٌ لهم؛ لأنَّ حُبَّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضَهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.

 

ومِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ: الطَّعْنُ بِأَصْحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ بِالسَّبِّ والشَتْمِ، أو التَّنَقُّصِ لهم، أو الحِقْدِ الدَّفِينِ في القلب تُجَاهَهُمْ. ومعاويةُ رضي الله عنه صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، كيفَ يأتي سَفِيهٌ جاهِلٌ يَسُبُّه؟! وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي» متفق عليه. وفي روايةٍ لمسلمٍ: «لاَ تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي». وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي؛ فَأَمْسِكُوا» صحيح لغيره – رواه الطبراني في "الكبير". أي: ما وَقَعَ بين عَلِيٍّ ومعاويةَ، فَأَمْسِكُوا عمَّا شَجَرَ بين الصحابة، وأَمْسِكُوا عن الطَّعْنِ فِيهم، فلا يَجُوزُ لِلمُسْلِمِ أَنْ يُصْغِي إلى أخبارِ المُؤَرِّخين، وجَهَلَةِ الرُّوَاةِ، وضُلَّالِ الرَّافِضَةِ والمُبْتَدِعِين القادِحَةِ فِي أحدٍ منهم.

 

ومن لا يرتدع؛ فَلْيَبْشُرْ بِلَعْنَةِ اللهِ؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» حسن لغيره – رواه الطبراني في "الكبير".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضائل معاوية بن أبي سفيان
  • خطبة معاوية بن أبي سفيان (ت 60هـ) في أهل المدينة
  • وثيقة التحكيم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
  • من هو معاوية بن أبي سفيان؟
  • الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان
  • معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
  • عظمة الوحي الإلهي في الإسلام
  • هند بنت عتبة
  • سيدنا معاوية بن أبي سفيان رغم أنف المشوهين والحاقدين
  • معاوية في عيون أئمة الأمة

مختارات من الشبكة

  • الوحي وحي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تراجم الشعراء (الخنساء – العباس بن مرداس - أمية بن أبي الصلت - زهير بن أبي سلمى - عنترة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من كتاب الوحي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أساس كاتب الوحي لتعلم رسم وضبط المصحف (برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية) (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مفاهيم الدين بين الوحي والتصور الإنساني من خلال كتاب الخزري ليهودا اللاوي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شيوخ البخاري وشيوخ مسلم في كتاب بدء الوحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة حديث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت (ج1، 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بدائع الفوائد تأليف الإمام أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شجاعة سعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب