حسن السلوك الحافظ لدولة الملوك

حسن السلوك الحافظ دولة الملوك

للإمام محمد بن محمد بن عبدالكريم الشافعي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين المبعوث بالعدل والإحسان رحمة للعالمين، والصلاة على آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

تبين لي أثناء تحضيري لرسالة الدكتوراه في الفقه السياسي الإسلامي والمقارن بالأنظمة الحديثة[1] منذ قرابة ثلاثين عامًا أن الكثير من كتب الفقه السياسي الإسلامي مخطوطة ومنثورة بين مكتبات الشرق والغرب.

عول كبار علمائنا على القليل المنشور، ولا يغني عن الكثير المحجوب، وقرروا: أن الفقه السياسي الإسلامي ما زال في مرحلة الطفولة يحبو ثم يكبو، وأنه في عالمنا المعاصر يعاني أزمة[2].

وذهب بعضهم: أنه لا سياسة في الإسلام، وأن الإسلام دين لا دولة، وعقيدة دون نظام أو شريعة[3].

تصدى علماء الإسلام في كل مكان وكشفوا زيف هذه المقالة وبهتانها، واستقرت الحقيقة التي أعلنها علماء الإسلام طوال أربعة عشر قرنًا بأن الإسلام منهج حياة، وأنه عقيدة وشريعة ومبادئ لكافة مجالات الحياة الإنسانية، وأن الدولة خادمة للدين، وأنه لا يخرج عن ضوابط الشرع الإسلامي إلا من يجهل مزاياه ومقاصده، وأنه ما من مزية أو حسنة في نظام ما إلا وفي الشرع الإسلامي مثلها أو خير منها[4].

إن فقه السياسة في الإسلام يستمد ذاتيته وأصالته من كتاب الله- عز وجل، وسنه نبيه الخاتم - - صلى الله عليه وسلم، واستقراء التجربة الرائدة في عصر الرسول- صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين، وسجل فقهاؤنا في مؤلفاتهم في الفقه السياسي الإسلامي[5].

وفقني الله - عز وجل- ولله الحمد والمنة- إلى إخراج سلسلة من تراث الفقه السياسي الإسلامي، ظهر منها:

• قوانين الوزارة للإمام أبي الحسن الماوردي، المتوفى 450 هـ، ونصيحة الملوك، والتحفة الملوكية في الآداب السياسية المنسوبتان إليه[6].

• غياث الأمم في التياث الظلم المشهور "بالغياثي" لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني المتوفى 478 هـ[7].

• الشفاء في مواعظ الملوك والخلفاء، للإمام عبد الرحمن بن الجو زي، المتوفى 597 هـ[8].

• تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، للإمام بدر الدين بن جماعة، المتوفى 733 هـ[9].

• مزيل الملام عن حكام الأنام، للعلامة عبد الرحمن بن خلدون، المتوفى 8.8 هـ[10].

• تحرير السلوك في تدبير الملوك، لأبي الفضل محمد بن الأعرج، المتوفى 925 هـ[11].

• السياسة الشرعية، لإبراهيم بن يحيى خليفة، المشهور بدَدَه أفندي، المتوفى 973 هـ[12].

• النفع الغزير في صلاح السلطان والوزير، لشيخ الإسلام أحمد عبد المنعم الدمنهوري، المتوفى 1192 هـ.

يسر الله لي منذ عملي بالجزائر في 1975م بزيارة تونس عدة مرات، ووقفت على كتاب "حسن السلوك الحافظ لدولة الملوك" لابن الموصلي، المتوفى 774 هـ، بدار الكتب الوطنية بها، وحصلت على نسخة ضوئية من الكتاب، نسختها وبحثت عن ترجمة المؤلف وآثاره العلمية، وعن نسخ من الكتاب فلم أقف في الفهارس المطبوعة على نسخ منه.

وفي رحلتي إلى تركيا منذ عدة سنوات، وقفت على نسخة مكتبة جامع استانبول، وحدثني أمين مكتبة الجامعة السابق الدكتور عابد بشاور، والذي كان يعمل بمركز التراث بجامعة أم القرى، أن أغلب المخطوطات التي آلت إلى مكتبة الجامعة باستانبول هي من مكتبة السلطان عبدالحميد الثاني، وأنها ليست لها فهرست مطبوع عدا القرآن الكريم وعلومه.

نسأل الله - عز وجل- أن يوفقني في إظهار المخطوطات السياسية الآتية قريبًا:

• درر السلوك في سياسة الملوك، للإمام أبي الحسن الماوردي، المتوفى 450 هـ.

• الإمامة لأبي عبدالله القلعي، المتوفى 613 هـ.

• الجواهر المضية في الأحكام السلطانية، للشيخ عبدالرؤوف المناوي، المتوفى 1031 هـ.

ونسأل الله - عز وجل- أن يتقبل جهدنا في خدمة الفقه السياسي الإسلامي، وأن يمكث في الأرض، وينفع به الراعي والرعية، وأن نفوز بمحبة الله ورضوانه.

مقدمة التحقيق:

نتناول في هذه المقدمة دراسة عن: المؤلف، والكتاب، وقيمته العلمية، وعن نسخ الكتاب، ومنهج التحقيق، في مبحثين:

المبحث الأول:

المؤلف: شمس الدين ابن الموصلي

معالم حياته، نسبه ومولده، عقيدته ومذهبه، شيوخه، وظائفه، تلاميذه، آثاره العلمية، وفاته، ثناء الأئمة عليه.

المبحث الثاني:

الكتاب وقيمته العلمية، نسخه، منهج التحقيق

• مدى نسبة الكتاب إلى ابن الموصلي.

• القيمة العلمية للكتاب.

• التعريف بالكتاب، ومصادره، وخصائصه.

• وصف نسخ الكتاب.

• منهج التحقيق.

فهرس المضمون

الموضوع	رقم الصفحة
تقديم	7
مقدمة الدراسة والتحقيق	13
المبحث الأول: شمس الدين ابن الموصلي- معالم حياته	15
نسبه	15
مولده ومكان ولادته	15
عقيدته ومذهبه	15
شيوخه	16
في القرآن وعلومه	16
في الحديث وعلومه	17
في الفقه	19
في اللغة	20
وظائفه	20
تلاميذه	21
آثاره العلمية	22
وفاته	23
ثناء الأئمة عليه	24
المبحث الثاني: الكتاب، نسخه، منهج التحقيق	27
مدى نسبة الكتاب إلى ابن الموصلي	27
القيمة العلمية لكتاب حسن السلوك	29
التعريف بالكتاب	29
مصادر الكتاب	33
خصائص الكتاب	34
نسخ الكتاب:	35
- النسخة التونسية، أوصافها	35
- النسخة التركية، أوصافها	37
منهج التحقيق	39
كلمة شكر	40
لوحات من النسخة التونسية	41
لوحات من النسخة التركية	44
لوحة لخط ابن الموصلي	47
النص المحقق	49
مقدمة المؤلف	51
سبب تأليف الكتاب	52
الفصل الأول: العدل	55
تعريفه	55
دليله في الكتاب والسنة	55
نبي الله داود عليه السلام والعدل	62
آثار العدل	62
عقوبة الإمام الجائر	63
نصب السلطان لدفع الظلم	64
فصل القضاء بالحق	64
تصلح البلاد والعباد بالسلطان العادل	64
فساد البلاد والعباد بالسلطان الجائر	65
صلاح الحاكم صلاح الأمة	66
الناس تبع ملوكهم	68
العدل قوام الملك ودوام الدول	68
الإحسان	69
العدل أساس لسائر الأساسات	70
الفصل الثاني: الطريق إلى العدل	71
حملة العلم	71
ينزل السلطان نفسه مع الله تعالى منزلة ولاته معه	72
خصال ورد الشرع بها، فيها نظام الملك والدول	72
اللين وترك الفظاظة	73
الشورى	74
عمر - رضي الله عنه- وبطانة الخير	76
طالب الولاية لا يولى	77
متى يجوز طلب الولاية	78
طلب ولاية القضاء	79
الفصل الثالث: الولايات	81
مشروعيتها	81
طبيعة الولاية العامة	81
تولية الأصلح	83
حكم التولية لقرابة أو صداقة	83
التصرف بالأصلح للمشمول بالولاية	85
الأمير أجير للمسلمين	86
الولاة نواب الله على عباده	87
تقديم الأصلح للإمامة	87
تقديم الصالح على الأصلح	88
اجتماع اثنين يصلحان لولاية الأحكام	88
القيام بأمر الأيتام	89
القيام بأمر الأذان	89
القيام بأمر الحروب	89
الضابط في الولايات	90
الإمامة في الصلاة	90
القيام بأمر الموتى	91
القيام بأمر الصغار: الحضانة، الأموال	91
الولاية في أمر النكاح	92
الفصل الرابع: أركان الولاية: ركنان	93
القوة في إمارة الحرب	93
القوة في الحكم بين الناس	94
شروط الأمانة	95
مدى اجتماع القوة والأمانة	95
ولاية الحروب للقوي الشجاع	95
التطبيق في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم-	96
التطبيق في عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-	98
الجمع بين اللين والشدة	99
الحاجة إلى الأمانة أشد	101
الجمع بين من تحصل بهم الكفاية	101
الفصل الخامس: عزل الإمام للقضاة	103
عزل لريبة	103
أحوال العزل دون ريبة	103
الفصل السادس: البحث والتحقيق قبل عزل الوالي أو القاضي	105
التطبيق في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-	105
الفصل السابع: الحجاب	109
اتخاذ الحجاب من الوالي يؤدي إلى الفساد	109
الدليل من السنة الشريفة والأثر	109
القاضي واتخاذ البواب والحاجب	112
التطبيق في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-	113
الفصل الثامن: الشرطة	115
اتخاذ للشرطي بين يدي الوالي	115
الدليل من السنة الشريفة	115
مشي الناس بين يدي الولاة والحكام: بدعة	116
الفصل التاسع: مصالح الناس	119
تقسيم السلطان لأوقاته	119
الرسول - صلى الله عليه وسلم- وتحقيق حاجات الناس	120
حسن السمت والوقار للسلطان والحاكم	120
الفصل العاشر: التسوية بين الخصمين	123
رد السلام على الخصوم	123
جلوس الخصوم	124
مدى التسوية بين المسلم والذمي	124
التسوية بين الخليفة وأحد من رعيته	128
كيفية القضاء	129
إصلاح الحاكم بين الخصمين	131
الفصل الحادي عشر: يجب على الحاكم الحذر من الهوى	133
أثر الهوى	133
معنى الهوى	133
الفصل الثاني عشر: الرشوة والهدية	135
تحريم الرشوة	135
الدليل	135
حكم الرشوة لدفع الظلم أو للتوصل إلى الحق	136
هدايا العمال غلول	136
التطبيق في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم-	137
حكم محاباة الولاة في المعاملة	137
الواجب كف الظلم وقضاء الحوائج المباحة	138
الإهداء بعد قضاء الحاجة	139
شريك بن عبد الله وطعام الملوك	140
حكم أخذ أموال الناس بغير حق	140
مدار الشريعة على الاستطاعة	141
الواجب تحصيل المصالح وتكميلها	141
جواز الأخذ على الحكم إذا لم يكن له رزق	142
شعر من المؤلف في أثر الرشوة	143
منزلة السلطان من بيت مال المسلمين	143
حقوق العامل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-	144
للوالي أن يأخذ من بيت المال قدر كفايته	146
يوسف - عليه السلام - وخزائن الأرض	146
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- وبيت مال المسلمين	146
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وعماله وأموال بيت المال	147
علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- وزهده	150
نفقة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في الحج	150
عمر بن الخطاب وعامله سعيد بن عامر	150
عمر بن الخطاب وعامله عمير بن سعد	152
عمر بن الخطاب وعامليه أبي عبيدة الجراح ومعاذ بن جبل	154
عمر بن عبد العزيز أثناء خلافته	155
الفصل الثالث عشر: عدم تولية اليهود والنصارى علي المسلمين	161
عمر بن الخطاب وكاتب لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما-	161
تمكن أهل الذمة في دولة المهدي	163
عمر بن عبد العزيز وتولية أهل القرآن	168
الاستعانة بأهل الذمة في القتال	170
موقف الأئمة الأربعة	170
الفصل الرابع عشر: خطر الولاية	175
من جعل قاضيًا ذبح بغير سكين	175
عبد الله بن عمر والامتناع عن تولي القضاء	178
كبار التابعين يهربون من تولي القضاء	180
الفصل الخامس عشر: العدل بالإحسان	181
قلوب الرعية خزائن ملوكها	181
عبد الملك بن مروان وأهل الشام	182
الفصل السادس عشر: المساواة في القصاص	187
الرسول - صلى الله عليه وسلم- يقص من نفسه	188
مدى جريان القصاص بين البهائم	189
الفصل السابع عشر: وجوب دفع الضرر عن المسلمين	195
من لا يرحم الناس لا يُرحم	195
وجوب الإحسان في كل شيء	197
الفهارس	199
فهرس شواهد القرآن الكريم	201
فهرس شواهد الأحاديث النبوية	205
فهرس شواهد الشعر	213
فهرس الكتب الواردة في المتن	215
فهرس المصطلحات الفقهية والسياسية	219
فهرس الأعلام الواردة بالنص	223
فهرس مصادر التحقيق والدراسة	237
فهرس المضمون	261

[1] في موضوع: مبدأ المساواة في الإسلام. بحث من الناحية الدستورية مع المقارنة بالديمقراطية الغربية والنظام الماركسي، في علم 1965م، وتم مناقشته في يوليه 1972م بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية.

[2] أستاذنا الجليل الدكتور عبد الحميد متولي في تقديمه لكتابه الكبير في مبادئ نظام الحكم في الإسلام مع مقارنة بالمبادئ الدستورية الحديثة، عام 1966م، وأزمة الفكر السياسي الإسلامي، المكتب المصري الحديث، الإسكندرية، طبعة 1970م.

[3] أنظر: كتاب الشيخ علي عبد الرزاق: الإسلام وأصول الحكم، ونشره عام 1334هـ- 1952م، وظل الشيخ على رأيه ولم يعدل عنه حتى مماته- وأحدث هذا الكتاب دويًا كبيرًا في الأوساط الدينية والسياسية والعلمية، وقد تصدى لبيان فساد هذا الرأي من علماء عصره: الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه "نقض الإسلام وأصول الحكم"، ومفتي الديار التونسية الشيخ محمد الطاهر عاشور في كتابه "نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم" طبعة للقاهرة، 1344 هـ والشيخ محمد بخيت المطيعي في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" طبعة مصر، 1344 هـ.

ومن المؤلفات الحديثة القيمة: كتاب الدكتور محمد ضياء الدير الريس- رحمه الله- "الإسلام والخلافة في العصر الحديث" طبعة دار التراث، القاهرة، 1392هـ - 1972م.

العلمانيون في مصر والعالم العربي؛ يروجون لمؤلف الشيخ علي عبد الرزاق على أساس أنه من كتاب النهضة والتنوير في العصر الحديث.

ومن الكتب المعاصرة التي تتبني هذه الوجهة- وإن تغيرت الألفاظ- كتب المستشار محمد سعيد العشماوي- في مصر-، "جوهر الإسلام" و"الإسلام السياسي" فيقول: "الشريعة- في المعنى الصحيح- تعني المنهج، وكانت في قوامها الحقيقي منهجًا راقيًا للتقدم وأسلوبًا عاليًا للسمو، فإنها بصدد الحكم لابد أن تساير كل تقدم وتواكب أي تطور، لذلك فإن الصحيح أن نظام الحكم الإسلامي السديد هو النظام الذي ينبع من واقع المجتمع الصالح، وإرادة أبنائه الحرة وظروف عصره وطبيعته، ويعمل أن يسهم كل فرد فيه بنصيب في مسئوليات الحكم والتشريع والرقابة، ويواكب التقدم العالمي فيأخذ بأرقى المبادئ في الحرية والعدل والمساواة، وأرقى القواعد في الإدارة والتنظيم، وأرقى الأساليب في التربية والتثقيف، وأرقى الأشكال في نظم الحكم العالمية وأقربها إلى ظروف بيئته وطبيعة شعبه وحقيقة قيمه" (جوهر الإسلام، ط 3، سينا للنشر، 1993، مصر، ص 62 و 63).

[4] الجويني: غياث الأمم، طبعة دار الدعوة بالإسكندرية، الطبعة الأولى، 1979م، ص170.

[5] انظر: المدخل إلى الفقه الإسلامي السياسي، بصدر تحقيق التحفة الملوكية في الآداب السياسية، الطبعة الثانية، 1993، نشر مؤسسة شبب الجامعة، الإسكندرية.

[6] منشورات مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية.

[7] الطبعة الأولى والثانية والثالثة، دار الدعوة، الإسكدرية.

[8] الطبعة الرابعة، المكتبة التجارية، مكة المكرمة، 1410 هـ.

[9] الطبعة الثالثة، دار الثقافة، الدوحة، دولة قطر، 1409 هـ.

[10] مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، الرياض، المملكة العربية السعودية، العدد التاسع عشر، 1413 هـ-1993م.

[11] مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1982م.

[12] مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1413 هـ.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي