• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ دبيان محمد الدبيان / مقالات / قضايا مالية فقهية
علامة باركود

التورق البسيط والتورق المصرفي (2/2) (WORD)

الشيخ دبيان محمد الدبيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/3/2011 ميلادي - 14/4/1432 هجري

الزيارات: 40855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرفنا في المقال السابق أنَّ التورُّقَ نوعان:

تورق بسيط، وتورق منظَّم، وهو ما اصطُلح عليه بتسميته بالتورُّقِ المصرفي، وعرضْنا في المقال السابق خلافَ العلماء في التورُّق البسيط، وانتهى البحث بأنَّ القول الراجح هو جوازُ التورق البسيط، ونريد أن نستكملَ البحث في هذا المقال عن التورُّقِ المصرفي، وذلك بتعريفه، وتكييفه، وبيان خلاف العلماء فيه.

 

فالتورق المصرفي: يمكن تعريفه بأنه:

الحصولُ على النَّقْد عن طريقِ شراء سلعة مخصوصة مِن مكان مخصوص، بثمنٍ آجِل من البنك، وتوكيل البنك في بيْعها لحِساب العميل.

 

فقولنا: "الحصول على النقد" إشارة إلى أنَّ الغَرَض من شراء السِّلعة هو الحصولُ على النقد، وهذا يَلْتقي فيه التورُّقُ البسيط مع التورق المنظَّم.

 

وقولنا: "شراء سلعة مخصوصة" إشارة إلى أنَّ السلعة المبيعة ليستْ أيَّ سلعة، بل لا بدَّ أن يتوفَّر فيها شروطٌ مخصوصة، مِن ذلك: ألاَّ تكونَ السلعةُ مِن الذهب أو الفِضَّة؛ حتى لا يؤدِّي ذلك إلى بيع الذهب والفِضَّة بالأوراق النقدية مع التأجيل، وهذا لا يجوز.

 

وغالبًا ما تكون السِّلعة من المعادن كالزنك، أو النيكل، أو البرونز، أو الصفيح، أو النحاس، أو غيرها من المعادن الأساسية التي يجري فيها التبادُلُ يوميًّا.

 

وهذا قيْدٌ يفترق فيه التورُّقُ المنظَّم عن التورُّقِ البسيط؛ لأنَّ السلعة في التورُّقِ البسيط لا يشترط أن تكونَ من المعادن، وإنَّما غالبًا ما تكون سيَّارة، أو منزلاً أو أثاثًا، أو نحوها من العُروض المعروضة في الأسواق العادية، ولدَى تجَّار التجزئة.

 

وقولنا: "من مكان مخصوص" إشارة إلى أنَّ هذه السِّلعة لا تُباع في الأسواق العادية، وإنَّما تُعرَض في أسواق السِّلع العالميَّة، والمسمَّاة بالبورصة، وهذا فارقٌ آخَرُ بين التورق البسيط والتورق المصرفي.

 

وقولنا: "بثمن آجِل" هذا القيْد يَلْتقي فيه التورُّقُ البسيط مع التورُّقِ المنظَّم.

 

وقولنا: "توكيل البنك في بيعها" هذا فارقٌ ثالث يتميَّز به التورق المنظَّم عن التورق البسيط، فالسِّلْعة في التورق البسيط يتولَّى المشتري بنفسه قبضَ السِّلْعة، والبحْث عن مشترٍ لها، بينما التورُّق المنظَّم يتولَّى البنكُ قبضَ السلعة وبيعَها نيابةً عن صاحبها، وما على العميلِ إلا قبضُ نقود أقل، ودفْعُ نقودٍ أكثر بدلاً منها، والواسطة سلعةٌ يتولَّى البنك شراءَها وقبضَها، وبيعها لصاحبها.

 

هذا هو التورُّقُ المنظَّم، والفرق بينه وبين التورُّق البسيط.

 

فالمعاملة في التورُّقِ المنظَّم تقوم على أكثرَ من عقد، منها ما يمكن الاطِّلاع عليه، والوقوف على حقيقته، ومنها ما لا يمكن الاطِّلاعُ على حقيقته.

 

هي تلك العقودُ التي تقوم بيْن البنك وبيْن عملائه المتورِّقين من أفراد وشركات.

 

وعقود مُستترة، وهي تلك العقودُ المتعلِّقة بالسوق الدوليَّة، وأطرافها: (البنك وما يتعامل معه من شركات يبيع عليها، ويشتري منها، وَفْقَ عقود واتفاقات قبلَ عقْد البيع مع العميل، ولا يحقُّ للعميل الاطِّلاعُ عليها، وهي جزءٌ مشروط في العملية، وتدخل ضِمنَ ما يُعرَف بسِريَّة العمل المصرفي.

 

ويهدف البنك مِن ذلك أنْ يضمنَ وجودَ بائع، ووجود مشترٍ للصفقة؛ بحيث لا يتحمَّل البنكُ أجورَ تخزين السِّلع، ولا يتحمَّل تَبِعاتِ الصفقاتِ الكبيرة، والحرص قدرَ الإمكان على توفيرِ استقرار أسعار السِّلع؛ لأنَّ سوق البورصة من طبيعتها تقلُّب الأسعار في كلِّ لحظة.

 

وهذا التعريف هو أحسنُ ما يقال فيه، وإنْ كان هذا التعريفُ قد لا يكون مانعًا، فإنَّ التورُّقَ في الأسهم يمكن تملُّكها حقيقة، ويقبضها المشتري قبضًا حكميًّا صحيحًا، ويملك المشتري حريةَ التصرُّفِ بها، فإنْ شاء باعها، وإنْ شاء احتفظ بها؛ ليتربَّصَ بها ارتفاعَ الأسعار، وإنْ شاء أبقاها في ذِمَّته للاستثمار، فلا تدخُل في التورق المصرفي الممنوع، وهو التورُّق في المعادن.

 

إذا عرَفْنا التورق المصرفي وما يحتَفُّ به من العقود، نأتي على كلام أهلِ العلم في حُكمه.

 

خلاف العلماء في التورق المصرفي:

الذين يَذهبون إلى تحريمِ التورُّقِ البسيط سيمنعون التورق المصرفي، إما لأنَّه مِثله، أو لكونه أَوْلَى بالمنع منه.

 

وأمَّا الفقهاء القائلون بجواز التورق البسيط، فقد اختلفوا في التورُّقِ المصرفي إلى قولين:

القول الأول:

يرَى تحريمَ التورُّق المصرفي، وبه صَدَر قرارُ مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالَم الإسلامي، وأكثر الباحثين في ندوات البركة، وكثيرٌ مِن الباحثين المعاصرين، كالشيخ علي السالوس، والدكتور رفيق يونس المصري، والدكتور عبدالله السعيدي، والدكتور سامي السويلم، والدكتور خالد بن علي المشيقح، وطائفةٌ كثيرة من الباحثين الاقتصاديِّين.

 

ويستدلُّون بأدلَّة، منها:

الدليل الأول: رَوى أبو داود الطيالسيُّ من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، قال: "نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن سَلَف وبيع، وعن شرْطَين في بيع، وعن بيع ما ليس عندَك، وعن رِبْح ما لم يُضمن"؛ إسناده حسن.

 

وجه الاستدلال:

نهَى الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا الحديثِ عن بيع ما ليس عندَ البائع، وحقيقة التورُّقِ المصرفي إنَّما هو بيْعٌ مستندي لسِلعٍ لم يتمَّ تسلُّمها ولا تملُّكها، وإنما هي بيوعاتٌ مستقبليَّة في سوق بورصة البضائع، لا يتمُّ فيها قبضٌ للسِّلع، ولا تسليم، وإنما هي بيوعٌ آجِلة يتمُّ المضاربة فيها، فيصدق عليه أنَّه بيعُ ما ليس عندَ البائع.

 

كما نَهَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث السابق عن الرِّبْح فيما لم يُضمَن.

 

وهذه المعادن يَربَح فيها البنك، وهي لم تدخُلْ ضمانه؛ لأنَّها في حقيقتها بيوعٌ آجِلة، لم يتمَّ تملكها، ولا قبضُها القبضَ الشرعي، ولا وجود لهذه السِّلَع حقيقةً إلا على الحاسب الآلي، وما يقوله بعضُ البنوك بأنَّ بإمكان العميل تسلمَ السلعة بنفسها كلامٌ يخالف الحقيقة.

 

يشرح ذلك الشيخُ علي السالوس في كتابه "التورق والعينة" (ص: 57) قائلاً: "البضائع التي يُراد بيعُها عن طريق البورصة تُرسَل أولاً إلى أحدِ المخازن، وبعدَ التفريغ، واتِّخاذ الإجراءات اللازمة تبدأ عمليةُ الوزن لوحدات متساوية تقريبًا، وكل وحدة تزن خمسة وعشرين طنًّا؛ أي: خمسة وعشرين ألف كيلو جرام.

 

وبعد الوزن تُكتَب البياناتُ الكاملة المتصلة بهذه الوحْدة، فيكتب الجنس والصفات والوزن الحقيقي، فقدْ يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً عن الخمسة والعشرين طنًّا، ومكان التخزين الذي يُوضَع فيه... إلخ.

 

هذه الورقة المكتوبة هي إيصالُ المخازن، وهي التي تتداول في البورصة، وتنتقل مِن يدٍ إلى يدٍ إلى أن تنتهي ليدِ مستهلِك يستطيع أن يتسلَّم بها ما اشتراه، والبيانات المكتوبة في الإيصال نرَى مثلها في مكان التخزين، ومسجَّلة على الحاسب الآلي.

 

والمصارف الإسلامية منذ نشأتها لا أعلم أيَّ مصرِف منها تَسلَّم سلعةً من السلع، أو تسلَّمَ الإيصالات الأصلية واحتفظ بها؛ ليبيعَ في الوقت المناسب، سواء هو أم وكيله، وحينما حاولتُ مع بعضهم أن يقومَ بهذا، كان الرد: إنَّنا لا نستطيع أن نتحمَّل مخاطرَ تغيُّر الأسعار، ولا قُدرة لنا لمجاراةِ البنوك والشركات العملاقة.

 

ولذلك فإنَّ المصارف الإسلامية يُعرَض عليها ثمنُ شرائها الحالِّ، وبيعها الآجِل في وقتٍ واحد، وتبلغ الوكيل بالموافَقة على الاثنين معًا، وتسلم إيصالات المخازن باعتباره وكيلاً عنها.

 

هذا توضيحٌ رأيت الحاجة إلى ذِكْره؛ حتى يمكن الحُكْم على (تيسير...) وما شابَهه مِن تورُّق مصرفي.

 

فالبنك لا يشتري ويَتسلَّم إيصالات المخازن التي تُثبِت الملكية، ثم يبيع ويُسلِّم هذه الإيصالات للمشترين المتورِّقين، وإنَّما تمَّ الاتفاقُ بينه وبين مَن يقوم بدور البائع، ومَن يقوم بدور المشتري مِن الشركات العالمية، والإجراءات المتَّبَعة هي:

أن يَعقِدَ البنك اتفاقيتَيْن: إحداهما مع شركةٍ باعتبارها بائعًا، والأخرى مع شركة باعتبارها مشتريًا، وكلُّ اتفاقية تُمثِّل الإطارَ العام الذي يُنظِّم العلاقةَ بينهما.

 

وما يُثبِت المِلكيةَ هو ورقةٌ مِن الشركة التي تقوم بدَوْر البائع، وليس إيصالاتِ مخازن، وتسجيل الكميَّة على الحاسب الآلي؛ ليتمَّ البيع منها للعملاء المتورِّقين الذين وكَّلوا البنك؛ ليقومَ هو ببيع ما اشتروه، ومِن هنا يبدأ العملُ بالاتفاقية مع الشركة التي تقوم بدَور المشتري، وما يُسجَّل بأنَّ هذه الشركةَ اشترتْه من البنك تقوم الشرِكة الأولى بنقْله من حسابِ البنك إلى حسابِ الشركة الثانية.

 

وما عرفْناه مِن خلال زياراتنا المتكرِّرة، وما اعترفتْ به بعضُ البنوك والشركات العالمية - هو أنَّ عدم وجود إيصالات مخازن أصليَّة يعني عدمَ وجود سِلع، فالأمر هنا لا يَعْدو أن يكونَ قيودًا لا يقابلها شيءٌ في الواقِع العملي.

 

ونأتي إلى المتورِّق: فهل اشترَى سلعةً غيرَ مقصودة، لكنَّه يتسلمها أو يمكنه أن يتسلَّمها ليبيعها، فيكون هذا هو التورُّقُ الذي لم يُجِزْهُ الجمهور، وأجازه مَن أجازه، أو أنه اقترَضَ بفائدة رِبوية؛ حيث لا توجد سلعةٌ أصلاً إلا على الحاسِب الآلي؟

 

البنك يقول: يُمكِنه أن يتسلَّم السِّلعة، وأقول: هذا ليس متعذِّرًا، بل هو مِن المستحيلات، وإليك البيان:

 

لا يتمُّ تسلُّمُ السِّلع إلا بإيصالات المخازن الأصلية، وكل إيصال يقابله خمسةٌ وعشرون طنًّا، والإيصال لا يتجزَّأ.

 

ولا يستطيع أيُّ أحد أن يأخذَ الإيصالات؛ ليتسلَّمَ السلع من المخازن، إلاَّ إذا كان مِن المسموح لهم بالتعامُل مع البورصة، فهل مَن يبيع له البنك (...) من المتورِّقين يشتري خمسة وعشرين طنًّا ومضاعفاتها؟

وهل هذا المتورِّق مِن أصحاب الملايين أو المليارات المسموح لهم بالتعامُل مع البورصة؟

وهل سيسافر مِن السعودية إلى أوروبا؛ ليتسلَّمَ ما اشتراه قبلَ أن يبيعَه؟ ألم أقل: إنَّ التسلم المذكور مِن المستحيلات؟!

 

والواقِع العملي أنَّ العميل طالَبَ القَرْضِ إذا أراد (تيسيرًا...) يذهب إلى البنك، وبعدَ دِراسة حالته، والضمانات التي يَقبلها البنك، وتقدير المبلغ الذي يَتَّفق مع هذه الدِّراسة - يقوم العميلُ بتوقيع عقدين.

الأول: عقد شراء بثمنٍ مُؤجَّل بالمبلغ الذي حَدَّد.

الثاني: وكالة للبنك لبيعِ ما اشتراه بثمن حالٍّ.

 

ويكتب "الشيكات" أو "الكمبيالات" المطلوبة، ثم يُوضَع المبلغ بعد ذلك في حسابه يُقابله دَيْنٌ مُثْقل بالفوائد التي يأخذها الأطراف الثلاثة المشترِكون في الاتِّفاقات والعقود!!

 

فقول ابن عبَّاس - رضي الله عنه - في بيانِ التحريم: "دراهم بدراهم متفاضِلة دخلَتْ بينهما حَريرَة" - لا ينطبق على التورُّقِ المصرفي، حتَّى هذه الحريرة غيرُ موجودة، وإنَّما دراهم بدراهم ليس بينهما شيءٌ إلا ورقة مكتوبة!"؛ اهـ كلام الشيخ علي السالوس - وفقه الله.

 

الدليل الثاني:

ما رواه أحمدُ من طريق محمَّد بن عمرو، ثَنَا أبو سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن بيعتَيْن في بيعة"؛ إسناده حسن، وسبق تخريجه.

 

وجه الاستدلال:

أنَّ التورُّقَ المصرفي قدِ اشتمل على بيعتَيْن في بيْعة، إحداهما نَسيئة، والأُخْرى نقْد، في صفقة واحِدة، والمبيع واحد، بل إنَّ التورق المصرفي لا يقوم على بيعتَيْن في بيعة، بل على جُملة مِن العقود، مرتبطة ببعضها، مِن ذلك:

(الأول) اتِّفاق بيْن البنك وبين شركتين: إحداهما بائعة، والأخرى مشترية، وهذه الاتفاقات تحصُل قَبْل عقد البيع على العميلِ المتورِّق، وقبل توكيل البنك في البيع، والإلزام بهذه الاتفاقاتِ يجعلها عقودًا على ديون لم توجدْ بعدُ، فهي مِن قبيل بيْع الدَّين بالدَّيْن المتَّفق على منعه، وفي أقلِّ الأحوال أن تكون مِن باب الإلزام بالوعدِ على البيع، والوعدُ على الشراء، وهو مُحرَّم لدَى الأئمَّة الأربعة، كما سيأتي بيانُه - إنْ شاء الله تعالى.

 

(الثاني) عقْد بيع بيْن البنك وبيْن الشركة البائِعة عليه؛ تنفيذًا للاتِّفاق السابق، وهذه الصَّفْقة يدخُلها ما يدخُلها من الإلزام بالوعد؛ لأنَّ كلاًّ مِن الشركة البائعة والبنك ضامنٌ للآخَر بإتمام العقد.

 

(الثالث) عقْد بيْع بيْن البنك وبيْن المستورِق.

 

(الرابع) عقد وكالة بيْن البنك وبيْن العميل، ولولا هذه الوكالةُ، لَمَا قَبِلَ العميلُ بالشراء منه بأجلٍ ابتداءً.

 

(الخامس) عقد بيع بين البنك بصِفته وكيلاً عن المستورِق، وبين الشركة المشترية؛ تنفيذًا لاتِّفاقٍ سابق بيْن البنك وبيْن الشركة المشترية، وهذا الشراء يدخُلُه ما يدخُلُه من الإلزام بالوعد؛ لأنَّ كلاًّ من المشتري النهائي والبنك ضامنٌ للآخَر بإتمام العقْد، وكيف يسوغ للبنك قبلَ توكيله أنْ يُجري مواعدةً مُلزِمة بيْنه وبيْن المشتري.

 

الدليل الثالث:

أنَّ التزامَ البائع في عقْد التورق بالوكالةِ في بيْع السِّلعة لمشترٍ آخَرَ، وترتيب مَن يشتريها باتِّفاقٍ سابق على عمليةِ التورُّق - يَجعلها مِن بيع العِينة الممنوعة بالاتِّفاق، وليس مِن بيع العِينة المختلَف فيه، سواء أكان الالتزامُ مشروطًا صراحةً، أم بحُكم العُرْف والعادة المتَّبعة.

 

فالفقهاء - رحمهم الله - مُتَّفِقون على تحريمِ بيْع العِينة، إذا كان البيع الثاني مشروطًا في العقْد الأول نصًّا؛ انظر "المحلى"، مسألة (1559)، و"تكملة المجموع" (10/140).

 

فالمصرِف هو الذي يَبيع السِّلْعة للمتورِّق نسيئةً بأكثرَ مِن ثمنِها نقدًا، وهو الذي رتَّب بيعَها لشركة أخرى نقدًا بأقلَّ مِن ثمنها باتفاق سابق، وهذا الاتفاق - كما قلت - اتِّفاقٌ سابقٌ لعقْد البيع على العميل، كما هو سابق أيضًا لعقْد الوكالة (تفويض العميل للبنك بعملية البيع)؛ ممَّا يَجعل العقدَ مشتملاً على تواطؤٍ سابق يَجعَل التورُّق المصرفي أخبَث من بيْع العِينة؛ لأنَّ بيع العِينة المختلَف فيه يَشترِطون فيه ألاَّ يكونَ هناك اشتراطٌ بين البَيْعة الأولى والبَيْعة الثانية، فإنْ كان هناك اشتراطٌ حَرُمتِ العِينة إجماعًا، بخلافِ التورُّقِ المصرفي؛ حيث تكون البَيْعةُ الثانية مشروطةً في البيعة الأولى؛ ممَّا يجعل هذا التواطؤَ السابق حصيلته: صناعة القَرْض الرِّبوي.

 

يقول قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي: "إنَّ التزامَ البائِع في عقد التورق بالوكالة في بيْع السلعة لمشترٍ آخرَ، أو ترتيب مِن يشتريها يَجعلها شبيهةً بالعِينة الممنوعة شرعًا، سواء أكان الالتزامُ مشروطًا صراحةً، أم بحُكْم العُرْف والعادة المتَّبعة".

 

وجاء في المدوَّنة (4/125): "سألتُ مالكًا عن الرجل يبيع السلعةَ بمائة دينار إلى أجَلٍ، فإذا وجَب البيعُ بينهما، قال المبتاع للبائع: بِعْها لي مِن رجل بنقْد، فإنِّي لا أُبصِر البيع.

 

قال: لا خيرَ فيه، ونهى عنه.

قلت: فإنْ سأل المشتري البائعَ أن يَبيعها له بنقْدٍ، فبَاعها له بنقْدٍ أكثرَ ممَّا اشتراها به المشتري؟

قال: هذا جائز؛ لأنَّه لو اشتراها لنفسِه بأكثرَ من عشرة دنانير، جاز، فكلُّ شيءٍ يجوز للبائع أن يشتريَه لنفسه، فهو جائزٌ أن يشتريَه لغيره إذا وَكَّله".

 

وهذا الشَّرْط من المالكية يَجعَل مسألةَ توكُّل البائع عن المشتري في بيْع السِّلعة يُطبَّق عليه شروط بيع العِينة؛ لأنَّ الفقهاءَ الذين منعوا بيع العِينة أجازوا العقدَ، إذا اشتراها البائعُ نسيئةً بمثل الثمن؛ لأنَّه لا رِبا مع التماثل، وكذا مِن باب أَوْلى إنِ اشتراها بأكثرَ ممَّا باعها به؛ لأنَّه لا أحدَ يُؤخذ منه دراهم؛ ليُعطِيَ أكثرَ منها.

 

قال الجصَّاص: "لا خِلافَ أنَّ شراءَه بمِثله، أو أكثر منه - جائزٌ"، وعلَّل الباجيُّ ذلك بأنَّه إذا دَفَع أكثرَ مِن الثمن أو مِثْله لم يُتَّهم أحد منهما.

 

ونوقش هذا:

بأنَّ تَوكُّلَ البنك عن العميل غيرُ مشروط في عقْد البيع، والمشتري فيه بالخيار، إنْ شاء وكَّل البنك، وإنْ شاء لم يفعل، حتى لو كان مشروطًا، فماذا فيه؟

 

فإنَّه شَرْطٌ لا يُنافي مقتضى العقد، وفيه مصلحةٌ لأحد طرفيه، وهو يتكرَّر في كثيرٍ من البيوع دون إشكال، كمَن يشتري حَطبًا، ويشترط تكسيرَه، وليستِ الوكالة من عقود الإرفاق المحْضَة التي لا يجوز الأجْرُ أو الاعتياض عنها؛ كي يُمنعَ ضَمُّها إلى عقْد معاوضة لتُهمة اعتبارِ دخول الاعتياض عنها في مُجْمَل الثمن، فإذا لمس المشتري في التوكيل مَصلحةً له، فماذا في ذلك إذا كان المشتري قدْ مَلَكَ السِّلعةَ ملكًا صحيحًا؟!

 

ورد هذا:

بأنَّ هذا الكلامَ كلامٌ نظريٌّ لا يمتُّ للواقع بصِلة، فالبيع بسوق البورصة لا يستطيع المشتري أن يتولَّى بنفسه القبضَ والبيع كما هو معلوم، هذا مِن جِهة، ومِن جهة أخرى، فقدْ قدَّمْنا أنَّ البنك نفسه لا يستطيع أن يقبضَ السِّلْعة، فكيف يقبضها العميل؟

 

مع أنَّ توكيلَ البنك يدخُله ما يَدخُله من التصرُّفاتِ المنافية للوكالة، فالوكيلُ في الفقه أمينٌ على سِلعة العميل، ولا يَضمن له بيعَها، ولا الثمن الذي تُباع به، ويجب أن يتصرَّف لمصلحة موكِّله، فإذا تصرَّف تَصرُّفًا يضرُّ بالموكل بطلَتِ الوكالة، فالبنك - ومِن خلال الاتفاقات السابقة مع الشركات الملتزِمة بالبيع والشراء - يبيع عليها بأقلَّ مِن سِعر السوق، ولا يحقُّ له أن يبيعَ السِّلعَ في السوق، حتى ولو ارْتَفَع سعرُها في السوق عنِ السعر المتَّفق عليه مع المشتري الثاني، وهذا ما يُفسِّر للباحث كيف يكون سِعرُ هذه المعادن ثابتًا لدَى البنوك، مع أنَّ سِعرَها متقلِّب في سوق البورصة.

 

الدليل الرابع:

يدخُل التورُّقَ المصرفي الإلزامُ بالوعد، فالمتورِّق إذا واعَد البنك على شِراء المعدن، فإنَّ البنك يقوم بإلزامِ العميل بتنفيذِ هذا الوعد بعد تملُّكِ البنك المعدنَ المتفق عليه.

 

والإلزام بالوعد مخالفٌ لمذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وبه أَخَذ مجمعُ الفقه الإسلامي، وهيئة كبار العلماء في السعودية، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية، ورجَّحه جمعٌ من العلماء المعاصرين، منهم سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله - والدكتور: محمد الأشقر، والدكتور الصديق الضرير، والشيخ سليمان بن تركي التركي، والشيخ بكر أبو زيد، والدكتور: رفيق يونس المصري.

 

وأحسب أنَّ المسألةَ مُجْمَعٌ على منعها، والخلافُ فيها حادثٌ لبعض العلماء المعاصرين.

 

وقد سبَقَني إلى هذه النتيجة الدكتورُ محمد الأشقر؛ حيث يقول - وفقه الله -: "ولم نجد أحدًا مِن العلماء السابقين قال بهذا القول بعدَ التمحيص، وبعدَ التعب في البحْث، ونسب إلى المالكية وإلى ابن شبرمة القاضي، ولا تصحُّ هذه النسبة، ويقول الشيخ نزيه حماد: "لم يُنقل عن أحد منهم - يعني مِن الفقهاء - قولٌ بأن في المواعَدة قُوَّةً ملزِمة لأحدِ المتواعدين، أو لكليهما؛ لأنَّ التواعُدَ على إنشاء عقْد في المستقبل ليْسَ عقدًا.

 

وفي ذلك يقول ابن حزم: "والتواعُدُ على بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، وفي سائرِ الأصناف الأربعة، بعضها ببعض - جائزٌ، تبايعَا بعدَ ذلك، أو لم يتبايعَا؛ لأنَّ الوعد ليس بيعًا".

 

وسأبيِّن - إنْ شاء الله تعالى - في مقال قادم حُكمَ الإلزام بالوعد، كما تُجريه كثيرٌ من المصارف الإسلامية، والجواب عن أدلَّة بعض الفقهاء المعاصرين ممَّن تبنوا القول بجواز الإلزام بالمواعَدة.

 

الدليل الخامس:

تُعَدُّ سياسةُ التمويل التي تَنتهِجها البنوكُ الإسلاميَّة، ومنها عملية التورُّقِ المصرفي مِن أعظمِ الأسباب التي أدَّتْ إلى انحرافِ هذه البنوك عن الغايات التي مِن أجْلِها قامتْ هذه المصارف؛ حيث لم تَعُدْ هناك فوارقُ كبيرةٌ بين البنوك الرِّبويَّة وبين المصارف الإسلامية؛ حيث اكتفتِ البنوك الإسلامية بهذه الصِّيَغ التمويليَّة الاستهلاكيَّة عن صِيغ الاستثمارات الأُخرى ذات الفائدة الاجتماعيَّة، والجدوى الاقتصاديَّة، كالسَّلَم والمشاركة، الأمر الذي أوْقَعها في بعضِ المحاذير الشرعيَّة، كبيع السِّلَع قبل تملُّكِها، والتصرُّف فيها قَبلَ قبضها، والإلزام بالوعد، وإحداث صِيغ تمويليَّة عليها إشكالاتٌ كثيرة كالتورُّقِ المصرفي.

 

القول الثاني:

ذهب فريقٌ من أهلِ العلم إلى جوازِ التَّورُّقِ المصرفي، ولم يُفرِّقوا بينه وبين التورق البسيط، وقد اختار الجوازَ بعضُ لجان الفتوى والمراقبة في بعضِ المصارف التي لها لجانٌ شرعية تَرجِع إليها، وقد اعتمدوا على القول بالجواز على أدلَّة، منها:

الدليل الأول:

التورُّق الفِقهي البسيط قد ذَهَب إلى جوازه جمهورُ الفقهاء، وقد سُقْنا أدلَّتَهم في العدد الماضي، فكلُّ دليل ذكَرْناه هناك على جوازِ التورق البسيط، فهو دليلٌ على جوازِ التورُّق المصرفي، والفَرْق بيْن المعاملتين أنَّ التورُّقَ الحديث منظَّم، ووسائله حديثة، وتكلفته أقلُّ، فمَن أجاز التورُّقَ في السيَّارات، والأراضي، فيجب عليه أن يُجيزَ التورُّقَ في المعادن؛ حيث لا فَرْق.

 

ونوقش هذا:

بأنَّ هناك فرقًا بيْن التورُّقِ القديم والتورُّقِ المصرفي مِن وجوه.

 

الوجه الأول:

وهو أهمُّها أنَّ التورق القديم يلتزم العميلُ بشِراءِ السِّلعة مِن سيَّارة أو عقار، وقبْضها القبضَ الشرعي، والقيام بحيازتها، ومِن ثَمَّ بيعها على رجلٍ أجنبي لا علاقةَ له بالبائع، وهذا يُرهِق المصرفَ الذي يعتمد على الاتِّجار بالنقود دون حِيازة السِّلع، أمَّا شراء المعادن في سوق البورصة، فإنَّ المصارف تُشيرُ في عقودها إلى أنَّ ما يتمُّ يكون على أوراق، وليس حيازةً وتملكًا للسلع، وبعضها تشير إلى أنَّ حيازتَها وتملُّكَها للسلع إنما هو بموجب شهادةِ التخزين؛ حيث يُشارُ في العقد إلى أنَّ السلعة تُوجَد في بلادٍ أخرى غير البلد الذي يتمُّ فيه تحريرُ العقد.

 

فلا يوجد فيه حِيازةُ تملُّك، ولا قبضٌ للسِّلع المشتراة والمبيعة، وإنما يتمُّ التداولُ حسب وثائقَ يتمُّ تبادلها ضِمنَ آلية معيَّنة تتولاها بيوتُ السَّمْسرة على أساسِ التعامُل في العقود المستقبليَّة، وهي عقودٌ تُعطي لحاملها الحقَّ في شراء وبيع كميَّةٍ مِن أصل معيَّن، محدَّد السِّعْر سابقًا على أن يتمَّ الدفعُ والتسليم في المستقبل.

 

والبورصة العالمية للبضائِع قد أبطلتْ ما كان يُعرَف بالسوق الحاضِرة؛ أي: بالسوق النقدية؛ حيث يتمُّ فيها تسلُّمُ السلعة ودفْع قيمتها نقدًا فورَ التعاقد، وقد تحوَّلت السوقُ الحاضرة إلى سوقٍ للعقود المستقبليَّة، وأنَّ ما يُطلَق عليه "شهادة التخزين"، والذي يشار إليها في بعضِ عقود صِيغ التورُّق لا تُمثِّل شهادةً مِن وكيل البنك تُثبت فيها وجودَ سِلع تمَّ تسلُّمُها مِن المنتجين، وتَمَّ تخزينُها في مستودعات خاصَّة بالبنك، أو مَخازن مؤجَّرة لصالِح البنك تُحدِّد أنَّ هذه السِّلَع خاصَّة بالبنك، وما هذه الشهادة إلاَّ شهادة يُصدِرها المنتجون لهذه السِّلع لبيوتِ السمسرة، والذي يدير عملياتِ تداوُل عقود بيع سِلعٍ تَمَّ شراؤها بسعر متفق عليه سابقًا مع المنتج، على أن يتمَّ التسليمُ في تاريخٍ لاحِق، وهذا ما يُؤكِّد أنه لا يوجد مجالٌ للتعامل على السِّلعة نفسِها؛ لكونِ هذا التداول إنَّما يتمُّ على أوراق، وليس حيازةً وتملكًا للسلع.

 

الوجه الثاني:

في التورُّق المَصرفي يتَّفق البائِع (المصرف) مع المشتري النِّهائي، وهذا لا يوجد في التورُّقِ البسيط؛ حيثُ يقوم المشتري بنفسِه ببيع السِّلْعة على طرَف أجنبي لا علاقةَ له بالمصرِف.

 

وهذا فارقٌ مؤثِّر جدًّا، فكون البنك في التورق المصرفي هو الذي يتولَّى شراءَ السلعة من سوقِ البورصة، ثم بيعَها على المشتري المتورِّق، ثم يبيعها البنك مرَّةً ثانية على المشتري النهائي في سوق البورصة باتِّفاق سابقٍ بقصْد توفيرِ المال للمتورِّق، والذي من أجله تمَّتْ صِياغةُ هذا العقد، وأما دَوْر المتورِّق، فهو قبضُ نقود أقلَّ حاضرة، مقابل نقودٍ أكثرَ آجِلة، هذا التصرُّفُ يَجعل واقعَ بيع المرابحة وإن تَمَّ تحتَ اسم التورق، فإنَّما هو في حقيقته بيعُ ريالات بريالات بينهما بيعٌ مستندي لسِلع لم يتمَّ تسلُّمها، ولا تملُّكها، وإنَّما هي بيوعاتٌ مستقبليَّة في سوق بورصة البضائع، لا يتمُّ فيها قبضٌ للسِّلع ولا تسليم، وإنَّما هي بيوعٌ آجِلة تتمُّ المضاربة فيها.

 

الوجه الثالث:

هناك خلافٌ فِقهي في صحَّة توكيلِ البائع في قبْضِ السِّلعة نيابةً عن المشتري، بينما لا يوجد هذا في التورُّق الفِقهي القديم.

 

فقدِ اختلف الفُقهاء في صِحَّة توكيلِ المشتري للبائع في قبْض المبيع.

 

فقيل: لا يصحُّ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والشافعيَّة، وأحد الوجهين عندَ الحنابلة.

 

جاء في مجلَّة الأحكام العدليَّة، مادة: "لو وكَّل المشتري البائعَ في قبْض المبيع لا يجوز..."، وانظر "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/50).

 

وقال الشافعيُّ في "الأم" (3/72): "ومَنِ ابتاع من رجلٍ طعامًا، فكتَب إليه المشتري أن يقبضَه له من نفسه، فلا يكونُ الرجلُ قابضًا له مِن نفسه، وهو ضامنٌ عليه حتى يقبضَه المبتاعُ أو وكيل المبتاع غير البائع، وسواء أَشهد على ذلك أم لم يشْهد"، وانظر: "روضة الطالبين" (3/520)، و"مغني المحتاج" (2/74)، و"أسنى المطالب" (2/89)، و"الإنصاف" (4/469)، و"المبدع" (4/121).

 

وقيل: يصحُّ توكيلُ البائع بالقبْض، وهو أصحُّ الوجهين في مذهب الحنابلة؛ انظر: "الإنصاف" (4/469)، و"المبدع" (4/121).

 

الوجه الرابع:

مِن الفروق بيْن التورُّقِ القديم والتورُّقِ المصرفي: أنَّ التورُّقَ الفقهي يَطَّلع المشتري على السلعة، ويُحيط علمه بها، بينما السلعة في التورق المصرفي هي مبيعة كسلعة معدومة، أو غائبة موصوفة، وبيع السِّلع الغائبة الموصوفة محلُّ خلافٍ بين الفقهاء.

 

الوجه الخامس:

تسلُّم النقود الحاضِرة في التورُّقِ المصرفي يأخذها المتورِّقُ من (البنك)، والذي صار مدينًا بالثمَن الآجِل، في حينِ أنَّ الثمن في التورق البسيط يأخُذُه المشتري من رجلٍ أجنبي لا علاقةَ له بالبنك.

 

بل إنَّ الحصول على النقْدِ العاجِل أمرٌ منصوصٌ عليه في هذه العقود مصرَّح به، وهذا يجعَل من السِّلعة حِيلةً للتواصل إلى بيْع الدراهم بالدراهم مع التفاضُل والتأجيل.

 

فأحدُ البنوك المحليَّة يقول عن برنامجه (التيسير): أول تمويل نقْدي إسلامي.

 

وبنك آخر يقول:

ويستفيد من التورُّقِ المبارك الذين يرغبون في الحصولِ على سيولة نقدية مِن خلالِ آلية شرعية، ويقول: احصل في حسابك على السيولة التي تَحتاجها، وانعمْ براحةِ البال مع تمويل التورُّق من البنك (...).

 

وبنك آخر يقول:

احصُلْ على السيولة بكلِّ يُسْر وسُهولة، ويقول: يُوفِّر لك بنك (...) السيولةَ النقدية التي تحتاجها مِن خلال تورُّقِ الخير.

 

وبنك آخر يقول:

(مال) يُمكِّنك مِن الحصول على السيولة النقدية؛ لتلبيةِ احتياجاتك مهما كانتْ.

 

فواضحٌ مِن هذه العبارات أنَّ الحصول على النقد العاجِل أمرٌ منصوص عليه في هذه العقود، وإنَّما اتُّخِذت السلعة وسيلةً للوصول إلى السيولة، وهذا لا يوجد في التورُّقِ البسيط.

 

الوجه السادس:

في التورُّقِ القديم قد لا يَعرِف البائع أنَّ المشتري يُريد التورُّق، بل ربَّما ظنَّ به أنه يُريد السِّلْعَة؛ لينتفعَ بها، وإذا قبضَها باعَها إلى طرَف ثالث لا يعلم أنَّ السلعة المبيعة قدِ اشتراها صاحبُها يريد ثمنَها، بينما التورُّق المصرفي البيعةُ الثانية مشروطةٌ في قَبول البَيْعة الأولى، ولولا أنَّ المصرِف قد الْتزم أن يكونَ وكيلاً للمشتري في بيْعها لم يَقبلِ المشتري الصفْقَة.

 

فالقول بأنَّ التورُّقَ في السيَّارات، كالتورُّقِ في المعادن - قولٌ ينقصه الدِّقَّة، والفَهْم السليم لِمَا يتمُّ في سوق البورصة، والله أعلم.

 

الدليل الثاني لمَن قال بالجواز:

استندتِ اللجان الشرعيَّة في المصارِف التي تَبنَّتْ عملية التورُّقِ المصرفي، وبَنَت فتواها على الجوازِ استنادًا على قرار مجمع الفِقه الإسلامي التابِع لرابطةِ العالَم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة، والمنعقدة بمكَّةَ المكرَّمة، ومع أنَّ قرار المجمَع ليس دليلاً، وإنَّما هو قولٌ واجتهاد يتطرَّق إليه الخطأُ والصواب، فإنَّ قرارَ المَجْمَع إنما هو في التورُّق البسيط، ولو كان المَجْمع لم يصدر إلا هذا القرار، لقِيل: إنَّ هذه اللِّجان لم تجد فرقًا بيْن التورُّق البسيط والتورُّق المصرفي، ورأتْ أنَّ الفتوى باجتهادٍ منها تشملُ بعمومِها التورُّقَ المصرفي، ولكن حين يكون للمَجْمَع قراران أحدهما الجواز، وذلك فيما يتعلَّق في حُكم التورُّق البسيط.

 

وقرار آخَر: التحريم فيما يتعلَّق بالتورُّقِ المصرفي، فلا يَجوز أن يُنسبَ إلى المجمع الموقَّر أنَّه يقول بصحَّة التورُّق المصرفي، ولولا حسنُ الظنِّ بالمشايخ الفضلاء، لقلت: إنَّ هذا التصرُّفَ خلاف الأمانة العِلميَّة، فالمَجْمَع الفِقهي لا يُجيز التورُّقَ المصرفي، وعلى فرْض أن تكونَ فتوى اللِّجان الشرعيَّة سابقة لقرار مَجْمع الفِقه الإسلامي فيما يتعلَّق بالتورُّق المصرفي، فيَنبغي أن يُقال: أجاز المجمعُ التورُّقَ البسيط، ونرى أنَّ التورق المصرفي مقيسٌ عليه؛ حتى يفهمَ القارئ أنَّ كلام المجمع إنَّما هو في جواز التورُّق الفقهي البسيط، ولا يَجوز للبنوك أن تَطرحَ في إعلاناتها التسويقيَّة بأنَّ التورق المصرفي جائز؛ بناءً على فتوى اللجنة الشرعية المستندة إلى قرارِ مجمع الفقه الإسلامي.

 

وإليك نص قرار مَجْمع الفقه الإسلامي، والمتعلِّق بالتورق المصرفي:

"الحمد لله وحْدَه، والصلاة والسلام على رسولِ الله، وعلى آله وصحبه.

 

أما بعد:

فإنَّ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالَم الإسلامي في دورته السابعة عشرة، المنعقدة بمكَّةَ المكرَّمة، في المدَّة من 19 - 23 / 10 / 1424 هـ، الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003م، قد نظَر في موضوع: "التورُّق كما تُجريه بعضُ المصارف في الوقت الحاضر، وبعدَ الاستماع إلى الأبحاث المقدَّمة حولَ الموضوع، والمناقشات التي دارتْ حوله، تبيَّن للمجلس: أنَّ التورق الذي تُجريه بعض المصارف في الوقتِ الحاضر هو: قيام المصرِف بعملٍ نَمطي يتمُّ فيه ترتيبُ بيع سلعة (ليستْ مِن الذهب أو الفِضَّة) من أسواق السِّلَع العالمية أو غيرها على المستورِق بثمنٍ آجِل، على أنْ يلتزم المصرف - إما بشرط في العقد أو بحُكْم العُرْف والعادة - بأن ينوبَ عنه في بيعها على مشترٍ آخَرَ بثمن حاضِر، وتسليم ثمنِها للمستورق.

 

وبعدَ النظر والدراسة، قرَّر مجلسُ المجمع ما يلي:

أولاً: عدم جواز التورُّقِ الذي سَبَق توصيفُه في التمهيدِ للأمور الآتية:

1) أنَّ التزام البائِع في عقْد التورُّقِ بالوكالة في بيْع السلعة لمشترٍ آخَرَ، أو ترتيب مَن يشتريها - يَجعلها شبيهةً بالعِينة الممنوعة شرعًا، سواء أكان الالتزامُ مشروطًا صراحةً، أم بحُكْم العُرْف والعادة المتَّبعة.

2) أنَّ هذه المعاملة تؤدِّي في كثيرٍ من الحالات إلى الإخلال بشروطِ القبض الشرعي اللازم لصحَّة المعاملة.

3) أنَّ واقع هذه المعاملة يقومُ على مَنْح تمويل نقدي بزِيادةٍ لمَا سُمِّي بالمستورِق فيها من المصرِف في معاملات البيع والشراء، التي تَجري منه، والتي هي صوريَّةٌ في معظم أحوالها، هدَف البنك من إجرائها إلى أن تعودَ عليه بزيادة على ما قَدَّم مِن تمويل، وهذه المعاملة غيرُ التورُّقِ الحقيقي المعروف عندَ الفقهاء، وقد سَبَق للمَجْمَع في دورته الخامسة عشرة أنْ قال بجوازه بمعاملاتٍ حقيقيَّة وشروط محدَّدة بيَّنها قرارُه؛ وذلك لِمَا بينهما من فروقٍ عديدة فصَّلتِ القولَ فيها البحوثُ المقدَّمة.

 

فالتورُّقُ الحقيقي يقوم على شراءٍ حقيقي لسِلعة بثمنٍ آجِل تدخُل في مِلْك المشتري، ويقبضها قبضًا حقيقيًّا، وتقع في ضمانه، ثُمَّ يقوم ببيعها هو بثمنٍ حالٍّ لحاجته إليه، قد يتمكَّن مِن الحصول عليه، وقد لا يتمكَّن، والفرْق بين الثمنين الآجِل والحالِّ لا يدخُل في ملْك المصرف الذي طرأ على المعاملةِ لغرَض تسويغ الحصول على زيادة لما قدَّم مِن تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظمِ أحوالها، وهذا لا يتوافَرُ في المعاملة المبيَّنة التي تُجريها بعض المصارف.

 

ثانيًا: يُوصي مجلسُ المَجْمع جميعَ المصارف بتجنُّب المعاملات المحرَّمة؛ امتثالاً لأمر الله تعالى.

 

كما أنَّ المجلس إذ يُقدِّر جهودَ المصارف الإسلاميَّة في إنقاذ الأمَّة الإسلاميَّة من بلوى الرِّبا، فإنَّه يوصي بأن تستخدمَ لذلك المعاملات الحقيقيَّة المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صوريَّة تؤول إلى كونها تمويلاً محضًا بزيادة تَرجِع إلى المموِّل"؛ اهـ.

 

الراجح من الخلاف:

القول بالتحريم هو القولُ المتعين، وأنَّ التورُّقَ المصرفي هو حِيلةٌ ظاهرة للتعامُل بالرِّبا، ومع احترامي الكامِل للجان الشرعية، والدَّوْر الذي تلعبه في محاولةٍ منها لأسلمةِ الاقتصاد في البلاد الإسلاميَّة، إلا أنَّ بعض هذه اللِّجان هي لجانٌ استشارية لا تُمارِسُ الدَّورَ الرقابي على تصرُّفات البنوك، وربما كُيِّف لهم بصورة تجعَل المفتي لا يرى فارقًا بينه وبين التورُّقِ البسيط، والدليل على ذلك بأنَّه قد عُرِض على فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء السؤال التالي: فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع - حفظه الله - هل تتمُّ عمليات البيع والشراء بنِظام التورُّقِ تحتَ إشرافكم كهيئةٍ شرعيَّة؛ لأنِّي قمتُ بتعبئة البيانات في فرْع أحد البنوك الذي تشاركون في هيئته الشرعيَّة، ثُم تمَّ إبلاغي بأنَّ المبلغ قد نزَل في حسابي دون أن أرى بيعًا أو شراء، ولكن أُخبرت آنذاك أن ذلك يتمُّ بمتابعة منكم؟ أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرًا.

 

فأجاب فضيلته: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

وبعد:

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ما ذكَرَه الأخ السائل بأنَّه صَدَر منا جوازُ التورق، نقول: نعم، والتورُّق لم يصْدُر جوازه منَّا فقط، وإنما هو رأيُ جمهور أهل العلم... ولكن التورق الذي ذكَر السائلُ طريقتَه في سؤاله بأنَّه جاء البنك، وقال لهم: أنا بحاجةٍ إلى مبلغ خمسين ألف ريال مثلاً، وأنهم قاموا بإجراءِ التورُّقِ بأنفسهم، ولم يعلمْ إلا والمبلغ مسجَّل في حسابه، نقول: هذا باطل، وليس صحيحًا، فهو لم يتولَّ لا بيعًا، ولا شراء، ولا مقابلة شيءٍ مِن ذلك، ولا مباشرة أيِّ شيء مِن هذا، فهذا أشبهُ ما يكون بشخص احتاج مبلغَ خمسين ألفًا، فقالوا: لا بأس فنحن نُعطيك الخمسين ألفًا، ونضعُها في حسابك، ونُقيِّدها عليك بستِّين ألفًا أو سبعين ألفًا، أو أقل أو أكثر، نقول: هذا باطلٌ ولا يصحُّ، وليس هذا هو التورق، وإنما التورق أن يأتيَ المريدُ للمبلغ، ويقول: أيُّها البنك، أنا أريد أن أشتريَ منكم سلعةً بمبلغ كذا وكذا، ثم بعدَ أن يقوم البنك المعروض عليه البيع بتملُّكِ هذه السلعة يقوم ببيعها على هذا العميل، والعميلُ يتولَّى قَبولَ البيع، والأول يتولَّى الإيجاب في البيع، ثم تتمُّ العملية بيعًا وشراء، وتنتقل السلعةُ إلى ملكية العميل، وتستقرُّ في ذِمَّته المديونية؛ أي: قِيمة هذه السلعة، ثم يقوم العميلُ بالتصرُّف بسلعته، سواء كانتْ سيَّارة، أو كانتْ أسهمًا، أو كانتْ إسمنتًا، أو أي سِلعة من السلع التي يجوز بيعُها وشراؤها، بعدَ ذلك يتسلَّم سلعته، ويتصرَّف فيها ببيعها، أو يُوكِّل مَن يبيعها، أو نحو ذلك.

 

هذه هي الطريقة التي أفتَيْنا بها، أمَّا أن يكون الأمرُ مثل ما ذَكَرَه السائل، فنبرأ إلى الله مِن ذلك، ولا يُمكن أن تكونَ هناك جِهةٌ شرعيَّة تقول بجواز هذا التصرُّفِ الذي ذكرَه السائل...

 

وأمَّا ما ذكره السائل، فنبْرَأ إلى الله منه، ولا يُمكن أن يتمَّ تحت إشرافنا، وإذا تمَّ ذلك من موظَّف جاهِل لا يعرف، فهو الذي يتحمَّل إثمَ هذا العمل مع العميل الذي يُساعِده على إتمام هذه العملية الصورية، التي ليس لها علاقةٌ بالتورُّق... إلخ كلامه، نقلاً من "فتاوى موقع الإسلام اليوم" في تاريخ 30/3/1425هـ.

 

فهذا يُعطي القارئَ الكريم أنَّ بعض اللِّجان الشرعية تُمارِس دور الاستشارة فقط، وليس لها دورٌ رِقابي يستطيع المسلمُ أن يطمئنَّ إلى أنَّ المعاملات المصرفية سوف تَجري وَفقَ الفتوى الشرعيَّة، وإنْ كان هناك لجانٌ شرعية تمارس دورَ الرقابة، ولا يُنكِر أحدٌ دورَها المتميِّز في التفتيش على معاملاتِ البنك، وإلزام البنك بكلِّ ما يصدر منها، هذا مِن جهة، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ اللجان الشرعية التي قالت بجواز التورُّقِ المصرفي تَضَع شروطًا لا يتحقَّق بعضُها في التورق المصرفي، مِن ذلك:

الشرط الأول: أن يقبض المصرفُ كميةَ المعادن التي اشتراها مِن سوق البورصة القبضَ الشرعي، والقبض الشرعي نوعان: قبض حقيقي، وهو القبض باليد، وقبض حُكمي وهو أن يدخُل في حسابِ البنك، ويتسلَّم أصلَ شهادة التخزين، بعد أن يضبطَ المعدن بالوزن، وهذا ما ليس موجودًا في واقِع الأمر.

 

الشرط الثاني: ألاَّ يبيع المشتري السلعةَ على المصرِف، وهذا الشرط متحقِّق.

 

الشرط الثالث: أن يكون المعدنُ المبيع حالاًّ، فإنْ كان مؤجَّلاً بثمن مؤجَّل، فهو بيع الدَّيْن بالدَّيْن ابتداءً، وهو محرَّم بالإجماع.

 

وقد بينَّا مِن خلال البحْث أنَّ ما يُطلق عليه "شهادة التخزين" لا تمثِّل تملكًا للسِّلعة، ولا حيازةً لها، بل لعلَّ السلعةَ لم تُصنَعْ بعدُ، وإنما هناك وعدٌ ملزِم بتسليمها في موعدٍ محدَّد، وأنَّ واقع التعامل كلِّه في سوق البورصة إنَّما هو بالمعاملات الآجِلة، ولا وجودَ الآن فيما يُعرَف بالسوق الحاضرة (السوق النقدية).

 

الشرط الرابع: ألاَّ يكون المعدنُ ذهبًا أو فِضَّة؛ لأنَّ علَّةَ الرِّبا في النقودِ هي غَلَبةُ الثمنية، فلا يصحُّ بيعهما بالنقود مع التأجيل، وهذا الشرط متحقِّق.

 

الشرط الخامس: أن يكونَ المبيع معلومًا إمَّا بالمشاهدة، أو بالوَصْف، ولا أظنُّ أنَّ المتورِّق يهمُّه نوع المعدن، وصِفته، بل ربَّما لا يعرف المتورِّقُ من المعدن إلا اسمَه، فهو لا يسأل عن صِفة المبيع حتى يتوفَّر الشرطُ الصحيح للبيع، المهمُّ عنده أنه سوف يقبض مِن النقود كذا وكذا، وسيكون عليه في ذِمَّته أن يدفَع زيادةً على ما أخذَه مقدارها كذا وكذا، هذا هو ما يدور بين البنك وبيْن العميل، والله أعلم.

 

فهذه الشروط لا بدَّ مِن توفُّرها عند القائلين بجواز التورُّق المصرفي، وبعضها يجزم الباحثُ بأنه لا يمكن توفُّرُه كما قد علمت؛ لهذا كله أرى تحريمَ التورق المصرفي، وأنَّ تسميته بالتورق اصطلاحٌ لا يدلُّ على المسمى، وأنَّ تسمية البنوك له بالتمويل النقدي أقربُ إلى الحقيقة منه إلى التورق، والله أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التورق البسيط والتورق المصرفي (1/ 2) (WORD)
  • حكم مقلوب التورق المصرفي

مختارات من الشبكة

  • التورق والتورق المصرفي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التورق البسيط والتورق المصرفي (1/ 2) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • حكم بطاقة التورق المنظم(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم التورق المنظم(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم التورق(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • التورق العكسي (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • التورق (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • تكييف التورق التمويلي بين الحل والحرمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بيع التورق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التورق البنكي وأحكامه(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 


تعليقات الزوار
1- التورق الحلال والتورق الحرام وتفريط البنوك الإسلامية في ذلك
عبدالله المرزوقي - السعودية 05-07-2014 01:51 PM

التورق المنظم حرام ، وهو ما اجمع عليه علماء الامة. فيجب على البنوك وخاصة الإسلامية منها أن تتقي الله وأن توضح للناس أن هذا المنتج مخالف لشرع الله . فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب