• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

القرض والدين (1/2)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: تاريخ الخطبة: 15 من صفر 1426هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2007 ميلادي - 3/4/1428 هجري

الزيارات: 49187

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القرض والدين (1/2)

فضل القرض


الحمدلله؛ ضرب الآجال، وقسم الأرزاق، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، وكل شيء عنده بمقدار.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ كل الخلق مفتقرون إليه، ولا فرار لهم منه إلا إليه.

 

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ لا خير إلا دلنا عليه، ولا شر إلا حذرنا منه..بين لنا أبلغ البيان، ونصح لنا أعظم النصح، فالمفلح من تمسك بسنته، والتزم هديه، والمفلس من حاد عن شريعته، وخالف أمره.. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وخذوا من صحتكم لسقمكم، ومن غناكم لفقركم، ومن فراغكم لشغلكم، ومن حياتكم لموتكم ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19].


أيها الناس: فاوت الله تعالى بين العباد في الرزق، ورفع بعضهم فوق بعض درجات؛ ليتخذ بعضهم بعضا سخريا؛ وليكون ذلك ابتلاء لهم ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ ﴾ [الأنعام:165].

 

ونتيجة لهذه السنة الكونية كان في الناس غني وفقير، وشريف ووضيع، وقوي وضعيف، وسيد ومسود.

 

ولأجل هذه السنة الكونية شرع الله تعالى السنن الشرعية من التراحم والتكافل، والصدقة والإحسان، والمواساة والإيثار، وغيرها من وجوه البر التي ليس لها عوض مادي يرتجى من الخلق، وإنما يرجى جزاؤها من الغني الحميد، الذي شرع الإحسان بين عباده، وجعله رحمة يتراحمون بها.


وإذا لم يأخذ البشر بهذه السنن الشرعية؛ اختل نظام العالم، وفسدت أخلاق الناس، ومن ثم يرفع الأمن، ويحل الخوف، ويعدو الناس بعضهم على بعض؛ ذلك أن الجائع المحروم إذا رأى غيره يشبع والجوع يقتله؛ تولد في قلبه دافع الانتقام من كل واجد موسع عليه، بل من كل الناس؛ لأنه يراهم لا يأبهون لأمره، ولا يشتغلون بحل معضلته، وإذا ما كثر فقراء الأرض، واستحوذ الأغنياء على الأموال بالطرق المشروعة وغير المشروعة؛ ازداد الشعور بالانتقام في أعداد كثيرة من البشر؛ وحينئذ لا الجائع يشبع، ولا الغني يأمن، وما قيمة العيش إذا كان أهل الأرض كذلك؟!


إن الإسلام بشريعته الربانية قد سدَّ منافذ الخطر هذه بتشريعات تحدُّ من طغيان الغنى الذي يستولي على النفوس البشرية ﴿ كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق:7،6]. وذلك بمنع الربا والرشا والاحتكار وتلقي الركبان واستغلال حاجة الناس، وغير ذلك من أنواع المعاملات الفاسدة التي تضر بالمجتمعات البشرية وتكون سببا في الخوف والجوع والفوضى. وأوجب للفقراء حظا في أموال الأغنياء، وفتح أبواب البر والإحسان، ورتب على ذلك ثوابا جزيلا مع ما يناله المحسن من البركة في أهله وولده وماله، وما يدفع عنه من السوء والمكروه بذلك.


ومن عظيم ما يغفل عنه كثير من الناس في هذا الباب: القرض الحسن، وإنظار المعسر، والتخفيف عليه، والوضع عنه؛ حتى إن هذه السنة تكاد لا توجد في الناس بسبب الجهل بفضلها، ولأن كثيرا ممن يقترضون لا يؤدون ما عليهم، ففقد الناس الثقة فيما بينهم، ثم تسللت البدائل المادية الرأسمالية التي لا تعرف القرض إلا بالربح المادي، مع الاحتيال بالالتفاف على أحكام الشريعة، وإيجاد الصيغ والحلول لتلافي الربا الصريح، والخروج من المعاملات المحرمة، التي عمت أرجاء الأرض. وكثير من تلك الحلول إن سلمت من الحرام الواضح فلن تخرج عن دائرة المشتبه الذي أمر المسلم باجتنابه؛ اتقاء لدينه وعرضه، ولو أن القرض الحسن أشيع في الناس لقضي على كثير من مظاهر الفقر والسؤال، ولتلاشت كثير من المعاملات الربوية، ولزالت صور البيع الفاسدة التي عمت وطمت، وأفسدت الأموال، ومحقت بركتها، وهي مؤذنة بعقوبات عاجلة وآجلة، نسأل العفو والسلامة.


إن من قرأ السنة النبوية، ورأى ما رتب على القرض الحسن من الأجور العظيمة، وهو مصدق بذلك، وليس له في هذا المجال من نصيب سيندم على أجور عظيمة فاتته فيما مضى، ليس ما ينتجه من أرباح دنيوية في أمواله مهما بلغت شيئا يذكر عندها!!

 

فالقرض الحسن معدود في الصدقة بمقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل قرض صدقة) رواه الطبراني.

 

ولذا كان المقرض كالمتصدق مع أن ماله يرجع إليه؛ كما روى ابن أذنان رحمه الله تعالى فقال: (أسلفت علقمة ألفي درهم فلما خرج عطاؤه قلت له: أقضني، قال: أخرني إلى قابل، فأتيت عليه فأخذتها، قال: فأتيته بعد، قال: برحت بي وقد منعتني - أي: عزمت علي في أخذها لما حان أجلها ولم تؤخرني - فقلت: نعم هو عملك، قال: وما شأني؟ قلت: إنك حدثتني عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة، قال: نعم فهو كذاك قال: فخذ الآن) رواه أحمد وصححه ابن حبان.


وفي رواية لابن ماجه: (فقال: أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني ما حركت منها درهما واحدا، قال: فلله أبوك ما حملك على ما فعلت بي؟ قال: ما سمعت منك، قال: ما سمعت مني؟ قال: سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة قال: كذلك أنبأني ابن مسعود).

 

وتفريج الكرب في الدنيا سبب لتفريج الكرب في العرض الأكبر حيث يشتد كرب الناس وألمهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) رواه مسلم.

 

ولأن المقرض فك أزمة أخيه فكأنه أعتق رقبة كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من منح منيحة لبن أو ورق أو هدى زقاقا كان له مثل عتق رقبة) رواه أحمد وصححه الترمذي وابن حبان.

 

ومنيحة الورق هي قرض الدراهم، وقوله (أو هدى زقاقا) أي: أرشد تائها أو أعمى إلى وجهته.

 

وإذا أعسر المقترض، أو تلف ماله وجب على أخيه إنظاره إلى أن يقدر على السداد؛ لقول الله عز وجل ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة:280].


وليس إنظاره مهما طالت المدة يضيع؛ لأن له من الأجور ما لو علم عنه لتمنى أن يطول هذا الإنظار أطول مدة، فله به كل يوم صدقة مثله أو ضعفه؛ كما روى بريدة رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، قال: ثم سمعته يقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، ثم سمعتك تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، قال: له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة) رواه أحمد.

 

وأفضل من ذلك أن يواسي أخاه حال عسره، ويخفف عنه في محنته، فيضع عنه بعض حقه أو كله؛ فذلك جزاؤه عند الله عظيم، يستحق من فعله أن يفرج الله تعالى عنه يوم القيامة عسره، وأن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة:280].


وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت رضي الله عنهم قال: (خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب! قال: أجل، كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال فأتيت أهله فسلمت فقلت: ثَمَّ هو؟ قالوا: لا، فخرج علي ابن له جفر فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي، فقلت: أخرج إليَّ فقد علمت أين أنت، فخرج فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت والله معسرا، قال: قلت: آلله؟ قال: الله، قلت: آلله؟ قال: الله، قلت: آلله؟ قال: الله، قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، فقال: إن وجدت قضاء فاقضني، وإلا أنت في حل، فأشهد بصر عيني هاتين - ووضع إصبعيه على عينيه - وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي هذا - وأشار إلى مناط قلبه - رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله) رواه مسلم.

 

وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من نفس عن غريمه أو محى عنه كان في ظل العرش يوم القيامة) رواه البغوي وحسنه.

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليل هذا الحديث: (لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر، ونجاه من حر المطالبة، وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجزه؛ نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش).

 

أسأل الله تعالى أن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعلنا عونا لإخواننا المسلمين في عسرهم، كما أسأله تعالى أن يفرج هم المهمومين، وينفس كرب المكروبين، ويقضي الدين عن المدينين، ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبه الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله - وأطيعوه، واشكروه على نعمه ولا تكفروه؛ فإن في الشكر دوام النعم وزيادتها، وفي كفرها زوالها وتبديلها ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7].


أيها المسلمون: ما من أحد من الناس إلا وتمر به أزمات، وتحيط به مشكلات، تكبر أو تصغر، تطول مدتها أو تقصر، وإن من أعظم ما ينجي الإنسان في كربه، ويكون سببا في تجاوز أزماته، وحل مشكلاته؛ معونته لإخوانه المسلمين، والسعي في تفريج كربهم.


وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) رواه مسلم.

 

ومن التيسير على أخيه ومعونته له: التخفيف عنه في أقساط السداد، ومراعاته حال الإعسار؛ بإنظاره مدة أطول، أو الوضع عنه.

 

ومن الستر عليه: عدم فضيحته أمام الناس بذكر ما له عليه من الحق، والبعد عن الانتقام منه بالنيل من عرضه، أو السعي إلى سجنه وهو عاجز عن الوفاء، وكل ذلك لا يجوز إلا في حق الملي المماطل.

 

ومن نفَّس عن إخوانه المسلمين نفس الله تعالى عنه في الدنيا والآخرة، ومن عسَّر عليهم عُسِّر عليه في الدنيا والآخرة.

 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وهذا يدل على أن الإعسار قد يحصل في الآخرة، وقد وصف الله تعالى يوم القيامة بأنه عسير، وأنه على الكافرين غير يسير، فدل على أنه يسره على غيرهم، وقال سبحانه ﴿ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان:26] والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين: إما بإنظاره إلى الميسرة وذلك واجب كما قال تعالى ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة:280] وتارة بالوضع عنه إن كان غريما، وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم.

 

وقال الصنعاني رحمه الله تعالى: ويؤخذ منه أن من عَسَّر على معسر عُسِّر عليه، ويؤخذ منه أنه لا بأس على من عَسَّر على موسر؛ لأن مطله ظلم يحل عرضه وعقوبته.

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لصبيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه).

 

وفيهما عن حذيفة وأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مات رجل فقيل له:بم غفر الله لك؟ فقال: كنت أبايع الناس فأتجاوز عن الموسر وأخفف عن المعسر).

 

وفي رواية قال: (كنت أنظر المعسر وأتجوز في السكة، أو قال: في النقد، فغفر له).

 

وفي رواية أخرى: قال: (إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله: خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله له: هل عملت خيرا قط؟ قال: لا، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته يتقاضى قلت له: خذ ما تيسر واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، قال الله تعالى: قد تجاوزت عنك).

 

وفي رواية أخرى: (قال الله تعالى: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه).

 

أيها الإخوة:
لو أخذ المسلمون بهذه الآداب السامية لقُضي على أكثر مشاكل الفقر والتسول والديون، وما ينتج عنها من إشغال الشرط والمحاكم والسجون بكثرة المدينين المعسرين؛ ولزالت الأحقاد والضغائن، وما ينتج عنها من شتيمة وغيبة وقذف وانتقام؛ ولسادت روح الألفة والمودة، والتراحم والتعاطف بين الناس، وهذا ثواب عاجل يجده الناس على إحسانهم وتكاتفهم، غير الثواب الآجل المدخر لهم عند الله تعالى يوم القيامة.

 

فينبغي لكل مسلم أن يحيي هذه السنة العظيمة ولو رأى الناس معرضين عنها، أو خائفين على أموالهم من جرائها؛ فإن الحافظ هو الله تعالى، ومنه يُبتغى الرزق، وعليه سبحانه العوض. ومن أحياها فليبتغ بإحيائها وجه الله تعالى والدار الآخرة، ولا سيما مع موت هذه السنة العظيمة، واستبدالها بالمناهج المادية، التي تكرس الأنانية والفردية، وتقضي على الإحسان والإيثار.

 

وعلى من أخذ أموال الناس أن يسعى جاهدا في سدادها؛ حتى لا يكون سببا في غلق باب الإحسان هذا بزرع عدم الثقة في الدائنين والمحتاجين.

 

ومن أخذ أموال الناس وهو يريد أداءها أدى الله تعالى عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله تعالى.

وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم ربكم بذلك...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القرض والدين (2/2)
  • بعض شروط البيع
  • هم الدين
  • أحكام الدَّين
  • خوف النفوس
  • إما القرض الحسن وإلا...
  • الاستدانة اليوم للضروريات أم للكماليات؟!
  • الدَّين شأنه عند الله تعالى عظيم
  • القرض الحسن
  • القرض الحسن

مختارات من الشبكة

  • من أحكام القرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل القرض الحسن: القرض الحسن كعتق رقبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما حكم اجتماع القرض، أو الضمان مع الأجر في بطاقة الائتمان؟(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم اشتراط عقد تبرع في عقد تبرع (صيغة القروض المتبادلة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • القرض الحسن بوابة الرزق السريع والثواب العظيم والنماء الكبير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل القرض الحسن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام الضمان والكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • موقف الأنظمة واللوائح في المملكة العربية السعودية من القرض بالفائدة(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • القرض الحسن سبب للنجاة من النار (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب