• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العناية بالشَّعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قسوة القلب (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التمهيد للدرس (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    أسباب النجاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    حديث: دخل رمضان فخفت أن أُصيب امرأتي، فظاهرت منها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطر الشائعات.. ونقلتها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المرأة والاستهلاك: رؤية اقتصادية
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    البشرة الجافة والتشققات الجلدية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    مرتبة الراسخون في العلم في القرآن
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خطبة (النت والاختبارات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    إطلالة على أنوار من النبوة
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    أسباب العذاب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الانتصار للسنة النبوية (5) امتحان الرواة في حديثهم

الانتصار للسنة النبوية (5) امتحان الرواة في حديثهم
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2020 ميلادي - 28/5/1441 هجري

الزيارات: 14639

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الانتصار للسنة النبوية (5)

امتحان الرواة في حديثهم

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الْكَهْف: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الرَّبُّ الْكَرِيمُ، وَالْبَرُّ الرَّحِيمُ؛ رَحِمَ عِبَادَهُ فَهَدَاهُمْ إِلَيْهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبَهُ، وَأَقَامَ فِيهِمْ حُجَّتَهُ، فَلَا يَهْلَكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ، وَلَا يَضِلُّ عَنْ دِينِهِ إِلَّا زَائِغٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أُوتِيَ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، فَكَانَتْ سُنَّتُهُ وَحْيًا ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النَّجْم: 3- 4]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَسْلِمُوا لِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ التَّمَسُّكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَعْصِمُ الْعَبْدَ مِنَ الضَّلَالِ وَالْفِتْنَةِ، وَإِنَّ الْحَيْدَةَ عَنْهُمَا إِلَى الْهَوَى وَالْجَهْلِ مَرْتَعٌ وَخِيَمٌ، وَمَهْوًى سَحِيقٌ، وَلَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ إِلَّا وَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ. وَفِي كَثْرَةِ الْمُنْتَكِسِينَ عَنِ الْحَقِّ آيَةٌ وَعِبْرَةٌ، اللَّهُمَّ فَثَبِّتْنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يَظُنُّ بَعْضُ الْمُتَعَالِمِينَ الْمُتَفَذْلِكِينَ أَنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ كَانَ مُجَرَّدَ أَحَادِيثَ نَقَلَهَا السَّابِقُونَ لِلَّاحِقِينَ، وَأَدْخَلُوا فِيهَا مَا أَدْخَلُوا، وَأَخْرَجُوا مِنْهَا مَا أَخْرَجُوا، وَأَنَّ مَنْ لَهُ مَوْهِبَةٌ فِي مُحَاكَاةِ الْأُسْلُوبِ النَّبَوِيِّ فَإِنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤَلِّفَ حَدِيثًا، وَيَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا ثُمَّ يَنْشُرَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْطَلِيَ ذَلِكَ عَلَى عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، وَيَتَنَاقَلُونَهُ بَيْنَهُمْ، وَيَصِيرَ مِنَ السُّنَّةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْهَا. هَكَذَا يَظُنُّونَ بِكُلِّ سَذَاجَةٍ وَبَسَاطَةٍ وَسَطْحِيَّةٍ. وَمَا عَلِمُوا أَنَّ ثَمَّةَ حُفَّاظًا نُقَّادًا يَحْفَظُونَ الْأَسَانِيدَ وَالْمُتُونَ، وَيَخْتَبِرُونَ الرُّوَاةَ، وَيُغَرْبِلُونَ الْأَحَادِيثَ فَيُنَقُّونَهَا حَرْفًا حَرْفًا، فَلَا يَبْقَى مِنْهَا إِلَّا مَا هُوَ صَحِيحٌ. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَسَالِيبُ كَثِيرَةٌ، وَطَرَائِقُ عَدِيدَةٌ، وَقَدْ أُلِّفَتْ فِي ذَلِكَ مُطَوَّلَاتٌ، وَوَقَعَتْ فِيهِ حِكَايَاتٌ.

 

وَحَسْبُنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ الْقَصِيرِ جَانِبٌ وَاحِدٌ مِمَّا عَمِلَهُ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ وَنُقَّادُهُ، وَهُوَ اخْتِبَارُ الرُّوَاةِ لِلتَّأَكُّدِ مِنْ حِفْظِهِمْ وَضَبْطِهِمْ، وَذَلِكَ بِقَلْبِ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِمْ، وَخَلْطِ أَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا، فَمَنْ انْطَلَتْ عَلَيْهِ طَرَحُوا حَدِيثَهُ، وَمَنْ صَحَّحَهَا تَأَكَّدُوا مِنْ حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ. وَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَخْبَارِهِمْ فِي ذَلِكَ عَجِبَ مِنْهَا أَشَدَّ الْعَجَبِ، وَأَيْقَنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَخَّرَهُمْ لِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَاصْطَفَاهُمْ لِحِفْظِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ. وَهُمْ فِي حِفْظِهِمْ لِلْحَدِيثِ وَضَبْطِهِ وَاخْتِبَارِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ يَنْطَلِقُونَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَإِذَا سَلِمَ الرَّاوِي مِنْ وَضْعِ الْحَدِيثِ وَادِّعَاءِ السَّمَاعِ مِمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَجَانَبَ الْأَفْعَالَ الَّتِي تَسْقُطُ بِهَا الْعَدَالَةُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ بِمَا سَمِعَهُ فَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، لَمْ يَصِحَّ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَثَرِ وَالْعَارِفُونَ بِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَعَانَاهُ وَضَبَطَهُ وَحَفِظَهُ، وَيُعْتَبَرُ إِتْقَانُهُ وَضَبْطُهُ بِقَلْبِ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِ». ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: «قَلَبْتُ أَحَادِيثَ عَلَى ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ فَلَمْ تَنْقَلِبْ، وَقَلَبْتُ عَلَى أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ فَانْقَلَبَتْ».

 

وَمِنْ أَخْبَارِ ذَلِكَ: «أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَسَمِعَ بِهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَاجْتَمَعُوا، وَعَمَدُوا إِلَى مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقَلَبُوا مُتُونَهَا وَأَسَانِيدَهَا، وَجَعَلُوا مَتْنَ هَذَا الْإِسْنَادِ لِإِسْنَادٍ آخَرَ وَإِسْنَادَ هَذَا الْمَتْنِ لِمَتْنٍ آخَرَ، وَدَفَعُوهُ إِلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، إِلَى كُلِّ رَجُلٍ عَشَرَةً، وَأَمَرُوهُمْ إِذَا حَضَرُوا الْمَجْلِسَ يُلْقُونَ ذَلِكَ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَأَخَذُوا الْوَعْدَ لِلْمَجْلِسِ، فَحَضَرَ الْمَجْلِسَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنَ الْغُرَبَاءِ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ، فَلَمَّا اطْمَأَنَّ الْمَجْلِسُ بِأَهْلِهِ انْتُدِبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْرِفُهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ آخَرَ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، فَمَا زَالَ يُلْقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ عَشَرَتِهِ، وَالْبُخَارِيُّ يَقُولُ: لَا أَعْرِفُهُ، فَكَانَ الْفُقَهَاءُ مِمَّنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ يَلْتَفِتُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَقُولُونَ: الرَّجُلُ فَهِمَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ يَقْضِي عَلَى الْبُخَارِيِّ بِالْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ، وَقِلَّةِ الْفَهْمِ، ثُمَّ انْتُدِبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمَقْلُوبَةِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْرِفُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُلْقِي إِلَيْهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ عَشَرَتِهِ، وَالْبُخَارِيُّ يَقُولُ: لَا أَعْرِفُهُ، ثُمَّ انْتُدِبَ إِلَيْهِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إِلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، حَتَّى فَرَغُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَقْلُوبَةِ، وَالْبُخَارِيُّ لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى: لَا أَعْرِفُهُ، فَلَمَّا عَلِمَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا، الْتَفَتَ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا حَدِيثُكَ الْأَوَّلُ، فَهُوَ كَذَا، وَحَدِيثُكَ الثَّانِي فَهُوَ كَذَا، وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ عَلَى الْوَلَاءِ، حَتَّى أَتَى عَلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، فَرَدَّ كُلَّ مَتْنٍ إِلَى إِسْنَادِهِ، وَكُلَّ إِسْنَادٍ إِلَى مَتْنِهِ، وَفَعَلَ بِالْآخَرِينَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَدَّ مُتُونَ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَسَانِيدِهَا، وَأَسَانِيدَهَا إِلَى مُتُونِهَا، فَأَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالْحِفْظِ، وَأَذْعَنُوا لَهُ بِالْفَضْلِ».

 

عَلَّقَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَقَالَ: «هُنَا يُخْضَعُ لِلْبُخَارِيِّ، فَمَا الْعَجَبُ مِنْ رَدِّهِ الْخَطَأَ إِلَى الصَّوَابِ فَإِنَّهُ كَانَ حَافِظًا، بَلِ الْعَجَبُ مَنْ حِفْظِهِ لِلْخَطَأِ عَلَى تَرْتِيبِ مَا أَلْقَوْهُ عَلَيْهِ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ».

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ الِاخْتِبَارِ هَذِهِ: مَا وَقَعَ لِلْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، يَرْوِيهَا الْحَافِظُ أَحْمَدُ بْنُ الْمَنْصُورِ الرَّمَادِيُّ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَخْدُمُهُمَا، فَلَمَّا عُدْنَا إِلَى الْكُوفَةِ، قَالَ يَحْيَى لِأَحْمَدَ: أُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِرَ أَبَا نُعَيْمٍ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: لَا تَفْعَلْ، الرَّجُلُ ثِقَةٌ، فَقَالَ: لَا بُدَّ لِي. فَأَخَذَ وَرَقَةً فَكَتَبَ فِيهَا ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهَا حَدِيثًا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، ثُمَّ جَاءُوا إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، فَخَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى دُكَّانٍ، فَأَخْرَجَ يَحْيَى الطَّبَقَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ عَشَرَةً، ثُمَّ قَرَأَ الْحَادِيَ عَشَرَ، فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي، اضْرِبْ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الثَّانِيَ وَأَبُو نُعَيْمٍ سَاكِتٌ، فَقَرَأَ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي، اضْرِبْ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الثَّالِثَ، وَقَرَأَ الْحَدِيثَ الثَّالِثَ، فَانْقَلَبَتْ عَيْنَاهُ وَأَقْبَلَ عَلَى يَحْيَى فَقَالَ: أَمَّا هَذَا -وَذِرَاعُ أَحْمَدَ فِي يَدِهِ- فَأَوْرَعُ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا، وَأَمَّا هَذَا، يُرِيدُنِي، فَأَقَلُّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا، وَلَكِنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ يَا فَاعِلُ! ثُمَّ أَخْرَجَ رِجْلَهُ فَرَفَسَهُ فَرَمَى بِهِ، وَقَامَ فَدَخَلَ دَارَهُ. فَقَالَ أَحْمَدُ لِيَحْيَى: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ: إِنَّهُ ثَبْتٌ؟! قَالَ: وَاللَّهِ لَرَفْسَتُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُفْرَتِي». وَإِنَّمَا فَرِحَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِهِ رَغْمَ أَنَّهُ رَفَسَهُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ مِنْ حِفْظِهِ وَضَبْطِهِ، وَإِنَّمَا غَضِبَ أَبُو نُعَيْمٍ عَلَى يَحْيَى فَرَفَسَهُ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُ، وَأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي حَدِيثِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.

 

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِقَصْدِ الِامْتِحَانِ شُعْبَةُ، كَانَ يَفْعَلُهُ كَثِيرًا لِقَصْدِ اخْتِبَارِ حِفْظِ الرَّاوِي، فَإِنْ أَطَاعَهُ عَلَى الْقَلْبِ عَرَفَ أَنَّهُ غَيْرُ حَافِظٍ، وَإِنْ خَالَفَهُ عَرَفَ أَنَّهُ ضَابِطٌ». فَرَحِمَ اللَّهُ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظَهُ، وَجَزَاهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخُذُوا بِهَا، ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الْحَشْرِ: 7].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَدْخَلَ الْكَذَبَةُ وَالْمُحَرِّفُونَ فِيهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ حَذَفُوا مِنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدِ انْطَلَى عَلَى حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَجَهَابِذَةِ النَّقْدِ، فَلَمْ يَفْطِنُوا لَهُ؛ فَهُوَ يَجْهَلُ عِلْمَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَارَ رُوَاتِهِ وَنُقَّادِهِ، وَيُزْرِي بِنَفْسِهِ حِينَ يَدَّعِي مَا يَدَّعِي، وَيَكْشِفُ لِلنَّاسِ جَهْلَهُ.

 

وَأُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ لَهُمْ فَضْلٌ عَظِيمٌ عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ بِحِفْظِهِمْ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَمْضَوْا حَيَاتَهُمْ كُلَّهَا فِي حِفْظِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ.. جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَذَّتَهُمْ فِي طَلَبِهَا وَحِفْظِهَا وَتَنْقِيَتِهَا وَتَبْلِيغِهَا، فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ، وَمُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ؛ فَإِنَّا نُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَحَبَّتِهِمْ، وَالْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

 

وَالطَّاعِنُونَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، الْمُشَكِّكُونَ فِيهَا؛ أَرَادُوا دِينًا عَلَى أَهْوَائِهِمْ وَأَهْوَاءِ مَنْ يُحَرِّكُونَهُمْ، فَيَقْبَلُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ، وَيَقْذِفُونَ النَّاسَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الدِّينِ. وَإِذَا كَانَ النَّصُّ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ يُخَالِفُ أَهْوَاءَهُمْ تَأَوَّلُوهُ أَوْ طَعَنُوا فِيهِ، وَهُمُ امْتِدَادٌ لِلْمَذَاهِبِ الْبِدْعِيَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ أَنَّ مِنَ الْمَآخِذِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فِي الِاسْتِدْلَالِ: «رَدَّهُمْ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي جَرَتْ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِأَغْرَاضِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْقُولِ، وَغَيْرُ جَارِيَةٍ عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيلِ، فَيَجِبُ رَدُّهَا».

 

وَحَدَّثَ رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَسَعَادَتِهِ أَوْ شَقَائِهِ، فَقَالَ: «لَوْ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ هَذَا لَكَذَّبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ لَمَا صَدَّقْتُهُ، أَوْ قَالَ: لَمَا أَحْبَبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُهُ مَا قَبِلْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا لَرَدَدْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ، لَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ عَلَى هَذَا أَخَذْتَ مِيثَاقَنَا». نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَيْغِ الْقُلُوبِ، وَمِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ، وَنَسْأَلُهُ الْهِدَايَةَ وَالرَّشَادَ، وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى الدِّينِ إِلَى الْمَعَادِ ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 17].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عناصر تراجم الرواة عند المحدثين
  • العناية بكتب الرواة والتراجم والأثبات
  • صلاة السنن الرواتب والوتر في حالة الجمع
  • خلاصة في حكم الرواة المجاهيل
  • السنن الرواتب
  • الانتصار للسنة النبوية (6) تضحيات علماء الحديث
  • تعظيم الأئمة للسنة ونهيهم عن التقليد

مختارات من الشبكة

  • العناية بالشَّعر في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • البشرة الجافة والتشققات الجلدية في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العناية بالقدمين في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العناية بالأظافر في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية للذات المعاصرة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الصحة الجنسية في السنة النبوية (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الهجرة النبوية والأمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاتجاهات المعاصرة في علم السيرة النبوية: المناهج والتحديات والآفاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/2/1447هـ - الساعة: 15:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب