• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فقد فاز فوزا عظيما

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


تاريخ الإضافة: 18/4/2011 ميلادي - 14/5/1432 هجري

الزيارات: 57019

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقد فاز فوزًا عظيمًا

 

الحمد لله العليم القدير؛ توعد من عصاه بخسران مبين، وعذاب أليم، ووعد من أطاعه بأجر كبير، وفوز عظيم، {﴿ وَعْدَ الله لَا يُخْلِفُ اللهُ المِيعَادَ ﴾ [الزُّمر: 20] نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على عطائه وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل الإيمان والعمل الصالح سبباً لسعادة الدنيا والآخرة.. وجزاءُ من حققهما جنات ورضوان وفوز عظيم ﴿ وَعَدَ اللهُ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ الله أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، لا فوز للعباد إلا بمحبته والإيمان به وطاعته واتباعه ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعمروا أوقاتكم بما تجدونه أمامكم، واستعملوا أركانكم فيما ينفعكم، وتزودوا من الأعمال ما يكون ذخراً لكم؛ فإن الدنيا إلى زوال، وإن الآخرة هي دار القرار، وإن فوز الآخرة عظيم، وخسرانها مبين ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

أيها الناس:

في القرآن الكريم ترغيب وترهيب وموعظة وتذكير، وإغراء بجنة عرضها السماوات والأرض، وتحذير من نار تلظى، وتأكيد على ذلك وتكرار له في كثير من الآيات، وليس يخفى على قراء القرآن كثرة ذكر الجنة والنار فيه. وكلاهما جزاء من الرحمن للعباد بحسب أعمالهم في الدنيا، فمن كانت جزاؤه الجنة فقد فاز، ومن كانت النار نصيبه فقد خسر.

 

إن الجنة دار الفائزين، والفوز يجمع السلامة من الشر، والظفر بالخير.. ومن فاز بالجنة وما فيها من النعيم المقيم الذي منه رضوان الرحمن ورؤيته فقد فاز بأعلى ما يطمح إليه إنسان من جزاء، وحقق أعظم فوز يخطر ببال؛ لأنه ظفر بخلود أبدي فيما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.. فلا حزن يكدره، ولا تفكير في الموت ينغصه؛ ولذا يقول أهله وهم يرون النعيم ﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [الصَّفات: 58-61]. ويقول الله تعالى مخبراً عن فوزهم بنعيم أبدي ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَّا المَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [الدُخان: 56-57].

 

وحقيق أن يسمى هذا الفوز فوزاً عظيماً، وفوزاً كبيراً، وفوزاً مبيناً، وأن يوصف أصحابه بأنهم فائزون ومفلحون، فيا لهف نفوس المؤمنين على تحقيقه، ويا لسعيهم الحثيث لحصوله.. حين خالفوا في الدنيا أهواءهم، وقهروا نفوسهم، وأتعبوا أجسادهم في مرضاة ربهم سبحانه وتعالى.. حين حافظوا على الفرائض، وأتبعوها بالنوافل، وكفوا عن المحرمات..

وأساس هذا الفوز لمن أراده، وأصله الذي إن حققه ناله: هو الإيمان والعمل الصالح، وجاء الإخبار عن ذلك في آيات عدة ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ المُبِينُ ﴾ [الجاثية: 30] وفي آية أخرى ﴿ لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الله فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 5]. وفي آية ثالثة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الفَوْزُ الكَبِيرُ ﴾ [البروج: 11] فلا فوز بلا إيمان وعمل صالح، فمن حققه فاز فوزاً وصف في أكثر مواضع القرآن بأنه عظيم، وفي بعضها وصف بأنه مبين، وفي بعضها بأنه كبير، وهو كذلك ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الإنسان: 20].

 

وفي بعض الآيات عبر عن ذلك بالإيمان والتقوى؛ ليكون الإيمان للأعمال الباطنة، والتقوى للأعمال الظاهرة ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [يونس: 62-64].

 

وأحياناً يذكر مع الإيمان والعمل الصالح لتحقيق ذلك الفوز العظيم أعمال صالحة أخرى، وهي وإن كانت تدخل ضمن العمل الصالح فإن لها خصوصية على غيرها في تلك الآيات المذكورة فيها، كالجهاد في سبيل الله تعالى؛ وقد كُرر ذلك في مواضع من القرآن، وفي سورة التوبة التي حوت أعمال المجاهدين الصادقين، وأخبار القاعدين والمنافقين؛ فيها كذلك إعلام بالفوز العظيم وبسببه ﴿ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

 

وفي بعض المواضع يضم إلى الإيمانِ والجهادِ الهجرةُ لله تعالى لتحقيق ذلك الفوز العظيم ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ الله وَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [التوبة: 20].

والتحلي بالصدق في الأقوال والأعمال والمقاصد سبب للفوز العظيم، مخصوص بالذكر في القرآن الكريم ﴿ قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].

 

وحتى لا يظن أحد من الناس أنه يستطيع التعبد لله تعالى بشرع غير شرع محمد صلى الله عليه وسلم ليحقق ذلك الفوز؛ تعددت الآيات التي تعلق الفوز العظيم بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ تِلْكَ حُدُودُ الله وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [النساء: 13] وفي آية أخرى ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71].

 

فهاتان الآيتان تدلان على اشتراط الإسلام لتحقيق الفوز العظيم، وأن من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يطعه فإنه لا ينال الفوز العظيم مهما تعبد لله تعالى، أو عمل أعمالاً تنفع الناس؛ إذ إن شرط الفوز مفقود، وسبب الخسارة موجود. فمن سوى بين مؤمن وكافر فقد أعظم الفرية على الله تعالى؛ لأنه سبحانه خص الفوز بأهل الجنة، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة كما نودي بذلك في مكة بعد نزول البراءة من المشركين، وفي الفرق بينهما يقول الله تعالى ﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 20].

 

وفي داخل ملة الإسلام تتعدد أهواء الناس، وتختلف رؤاهم، ويتفاوتون في قربهم من كمال الإسلام وبعدهم عنه؛ ولذا كان كمال الفوز في تحقيق كمال الإسلام، ولا يكون ذلك إلا باتباع سلف هذه الأمة الذين حضروا التنزيل، وفهموا التأويل، وصحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وكون اتباعهم طريقاً للفوز العظيم منصوص عليه في الذكر الحكيم ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100] فالذين سلكوا سبيلهم طلباً لرضوان الله تعالى يفوزون كما فاز السابقون، وهذا يبين أهمية الاتباع واقتفاء السنن، والبعد عن الأهواء والبدع، وقد سمع ابن عباس رضي الله عنهما رجلاً ينتقص بعض الصحابة فقال: ((أما أنت فلم تتبعهم بإحسان)).

ونقل ابن تيمية رحمه الله تعالى جملة من الآثار عن السلف في الاتباع ثم قال:((فمن أراد لنفسه الفوز والنجاة عليه أن يلزم غرز هؤلاء، ويسلك نهجهم، ويتبع طريقهم، ومن كان كذلك فقد سبق سبقاً بعيداً، وفاز فوزاً عظيماً))اهـ.

 

إن من يريد الفوز في الآخرة فعليه أن يصبر في الدنيا على الطاعات، ويصبر عن المعاصي، ويصبر على مقادير الله تعالى فيه؛ ذلك أن الإيمان والعمل الصالح يحتاج إلى صبر كيما يحقق العبد الفوز في الآخرة، فيكون ممن يقول الله تعالى فيهم ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [المؤمنون: 111].

جعلنا الله تعالى ووالدينا وآلنا ومن نحب من الفائزين، وجنبنا طرق الخاسرين، ورزقنا الخلد في دار النعيم، آمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِالله وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [التغابن: 9].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - وأطيعوه، واعلموا أن تقواه سبحانه محققة للفوز يوم القيامة ﴿ وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزُّمر:61].

 

إن مجرد صرفهم عن العذاب في الآخرة فوز مبين؛ لأنه نجاة من عذاب أبدي ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الفَوْزُ المُبِينُ ﴾ [الأنعام:15-16]. ورغم أن نجاتهم من العذاب فوز مبين فإن من لوازمها فوزاً آخر بالجنة؛ إذ لا دار بين الدارين، فمن نُجي من النار صار إلى الجنة، وهذه المنزلة تدرك بالتقوى ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النَّبأ:31] ثم عدد سبحانه جملة مما أعد لهم في الجنة، وختم ذلك بقوله عز وجل ﴿ جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النَّبأ:36] ففوزهم بالجنة ونعيمها عطاء من الله تعالى بسبب تقواهم.

والملائكة عليهم السلام لفرط محبتهم للمؤمنين يدعون الله تعالى بأن يحفظهم من موجبات سخطه من أجل أن يفوزوا برضوانه وجنته، فمن دعائهم للمؤمنين ﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [غافر:9]

 

والمؤمن يعلم بفوزه عند موته حين يرى ملائكة الرحمة تستقبله ((ثُمَّ يجئ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السَّلاَمُ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فيقول أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ أخرجي إلى مَغْفِرَةٍ مِنَ الله وَرِضْوَانٍ قال فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كما تَسِيلُ الْقَطْرَةُ من في السِّقَاءِ)) رواه أحمد.

وكم من مؤمن أخبر بفوزه عند موته، منهم حرام بن ملحان رضي الله عنه، طعنه المشركون في بئر معونة فأخذ الدم بيده من موضع الطعن فرشَّه على وجهه ورأسه وهو يقول: ((فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)) رواه الشيخان.

 

وعلى العبد أن يسأل الله تعالى العافية فإنها سبب للفوز؛ ذلك أن الإنسان إذا عوفي من الكفر والنفاق والكبائر فقد فاز، وإذا عوفي من البلاء عوفي من الضجر والتسخط ففاز، فإن ابتلي استعان بالله تعالى على بلواه وصبر، وأصل ذلك ما روى مُعَاذٌ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ((أتى على رَجُلٍ وهو يصلي وهو يقول في دُعَائِهِ: اللهم إني أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ، قال: سَأَلْتَ الْبَلاَءَ فَسَلِ الله الْعَافِيَةَ، قال: وَأَتَى على رَجُلٍ وهو يقول: اللهم إني أَسْأَلُكَ تَمَامَ نِعْمَتِكَ، فقال: ابن آدَمَ هل تدري ما تَمَامُ النِّعْمَةِ؟ قال: يا رَسُولَ الله، دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بها أَرْجُو بها الْخَيْرَ، قال: فإن تَمَامَ النِّعْمَةِ فَوْزٌ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ... )) رواه أحمد.

وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن من قرأ في ليلة بمائتي آية كتب من الفائزين)) رواه الدارمي.

 

فعلى من أراد الفوز في الآخرة أن يعمل صالحاً وهو يحسن الظن بالله تعالى أن الله تعالى يرحمه ويمنحه الفوز العظيم؛ ذلك أن إحسان الظن بلا عمل غرور، كما أن العمل بلا ظن حسن في الله تعالى قنوط، والغرور والقنوط مانعان من الفوز في الآخرة.

ألا وصلوا وسلموا على نبيكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكريات شموع الروضة (5) فأصابتكم مصيبة الموت، فقد عالم وفقد محسنة!(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تفسير قول الله تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من كان الله جل جلاله معه فقد سعد وفاز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: ( فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز )(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- السلام عليكم ورحمة الله
chokri - tunis 12-03-2016 11:08 AM

لسلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خير الجزاء , أسأل الله أن يجعل كل حرف حسنات مضاعفة لشيخنا وأن يوفقه ويسدده آمين, وقد بحثت على النت لأجد صوتيات لشيخنا الفاضل ولم أجد فهل من دليل على ذلك, وحبذا لو وضع مع كل خطبة المقطع الصوتي فسيكون الطرح أعظم وفقكم الله.

3- إن شاء الله لن ندخل النار
تركي - السعودية 04-03-2014 12:23 PM

إن شاء الله أن الأمة المسلمة جميعها سيرحمها الله ولن تدخل النار

2- إلى الأخ الحسن
محمد - السعودية 19-04-2011 12:47 AM

أخي الكريم الحسن
السلام عليكم
نعم كما تفضلت أخي الكريم فبعد البحث على الإنترنت تبيّن أنّ الشيخ ليس له إلا مواد مكتوبة، ونتمنى أن نرى له صوتيات مسموعة.

1- شكر وطلب
الحسن أبو أسامة - إسبانيا 18-04-2011 10:46 PM

السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خير الجزاء , أسأل الله أن يجعل كل حرف حسنات مضاعفة لشيخنا وأن يوفقه ويسدده آمين, وقد بحثت على النت لأجد صوتيات لشيخنا الفاضل ولم أجد فهل من دليل على ذلك, وحبذا لو وضع مع كل خطبة المقطع الصوتي فسيكون الطرح أعظم وفقكم الله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب