• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فاحشة قوم لوط عليه السلام (1) عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة

فاحشة قوم لوط عليه السلام (1) عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2022 ميلادي - 14/7/1443 هجري

الزيارات: 19878

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فاحشة قوم لوط عليه السلام (1)

عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ عَلَى فِطْرَةٍ سَوِيَّةٍ، وَأَنْزَلَ شَرِيعَةً مُوَافِقَةً لِهَذِهِ الْفِطْرَةِ، فَمَصْدَرُ الْفِطْرَةِ وَالشَّرِيعَةِ وَاحِدٌ، وَالْخُرُوجُ عَنِ الشَّرِيعَةِ مُعَارِضٌ لِلْفِطْرَةِ؛ وَلِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِقَامَةِ الدِّينِ الْمُوَافِقِ لِلْفِطْرَةِ؛ لِتَسْعَدَ الْبَشَرِيَّةُ، وَتَنْتَظِمَ مَصَالِحُهَا، وَتَصْلُحَ أَحْوَالُهَا، وَلَا يَخْتَلَّ نِظَامُهُا ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الرُّومِ: 30]، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ خَالِقَ الْبَشَرِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ وَمَا يُفْسِدُهُمْ؛ ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 220]؛ فَأَبَاحَ لَهُمْ كُلَّ نَافِعٍ طَيِّبٍ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ كُلَّ ضَارٍّ خَبِيثِ؛ ﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 100]، ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 157]، وَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ عَلَيْهَا، فَكُلُّ مَا خَالَفَ الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ؛ كَمَا حَرَّمَ شُرْبَ النَّجَاسَاتِ وَأَكْلَهَا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْفِطْرَةِ، وَأَمَرَ بِالِاسْتِنْجَاءِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي السَّبِيلَيْنِ مُخَالِفٌ لِلْفِطْرَةِ، وَأَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ لِأَنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنَ النَّجَاسَاتِ؛ ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 108]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمُتَأَمِّلُ فِي جَمِيعِهَا يَجِدُ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ النَّظَافَةُ وَالطَّهَارَةُ؛ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْقَذَرُ حَوْلَهَا أَوْ فِيهَا.

 

وَإِذْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ الْفِطْرَةِ، وَأَنَّ الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ تَأْبَى كُلَّ خَبِيثٍ وَقَذَرٍ؛ فَإِنَّ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ الرَّبَّانِيَّةَ، وَيُعَارِضُ الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ؛ فَاحِشَةَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَبْشَعِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى انْتِكَاسِ الْفِطْرَةِ، وَمُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ؛ وَلِذَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْمِهِ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْ رِجْسِ الْفَاحِشَةِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الشِّرْكِ وَالْفَوَاحِشِ. فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهُوا عُذِّبُوا وَأُهْلِكُوا، وَكَانَ عَذَابُهُمْ شَدِيدًا لَمْ يُعَذَّبْ بِهِ غَيْرُهُمْ، وَكَانَتْ نِهَايَتُهُمْ أَلِيمَةً؛ إِذْ قَلَبَ اللَّهُ تَعَالَى دِيَارَهُمْ عَلَيْهِمْ؛ جَزَاءً لِانْقِلَابِهِمْ عَلَى الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَالشَّرِيعَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَاشْتِهَاءِ الذُّكْرَانِ دُونَ الْإِنَاثِ؛ ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هُودٍ: 82-83]. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: «لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْمَ لُوطٍ فِي الْقُرْآنِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا».

 

لَقَدْ وُصِفَ الْمُمَارِسُونَ لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ بِأَوْصَافٍ كَثِيرَةٍ تُنَفِّرُ مِنْهَا وَمِنْ أَهْلِهَا: فَوُصِفُوا بِالْإِسْرَافِ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُمْ جَاوَزُوا مَا أُحِلَّ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى اشْتِهَاءِ الرِّجَالِ؛ ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 81]. وَوُصِفُوا بِالْعُدْوَانِ؛ لِأَنَّهُمْ تَعَدَّوْا مَا أُحِلَّ لَهُمْ مِنَ الْإِنَاثِ إِلَى مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الذُّكُورِ، فَقَالَ لَهُمْ: ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 165-166]. وَوُصِفُوا بِالْجَهْلِ؛ إِذْ لَا يُقْدِمُ عَلَى هَذِهِ الْفَاحِشَةِ إِلَّا مَنْ جَهِلَ مِقْدَارَ نَفْسِهِ، وَتَكْرِيمَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَجَهِلَ قُبْحَ مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَمِنْ كَرَامَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ أَنْ يَصُونَهَا عَنِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا، فَكَيْفَ يَأْتِي أَشْنَعَهَا وَأَقْبَحَهَا وَأَقْذَرَهَا، وَأَشَدَّهَا مُخَالَفَةً لِلْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 54-55]. وَوُصِفُوا بِالْمُفْسِدِينَ، وَالْفَسَادُ ضِدُّ الصَّلَاحِ، وَمِنْ شَأْنِ الْفَسَادِ إِذَا انْتَشَرَ أَنْ تُسْتَنْزَلَ بِهِ الْعُقُوبَاتُ ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 30]. وَوُصِفُوا بِالظَّالِمِينَ، وَالظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَهُمْ وَضَعُوا شَهَوَاتِهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ﴿ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 31].

 

وَوُصِفَ فِعْلُهُمْ بِالْفَاحِشَةِ، وَهِيَ: «كُلُّ مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِى». ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 28]. وَوُصِفَ فِعْلُهُمْ بِالْمُنْكَرِ ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 29] «وَكُلُّ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ وَحَرَّمَهُ وَكَرِهَهُ فَهُوَ مُنْكَرٌ».

 

وَوُصِفَتْ أَفْعَالُهُمْ بِالسَّيِّئَاتِ، وَهِيَ فِعْلُ الْقَبَائِحِ؛ لِأَنَّ السَّيِّئَةَ هِيَ الْفِعْلُ الْقَبِيحُ ﴿ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هُودٍ: 78]. وَوُصِفَتْ أَفْعَالُهُمْ بِالْخَبَائِثِ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الطَّبَائِعِ وَالشَّرَائِعِ ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 74].

 

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَلَمْ يَبْتَلِ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ قَوْمِ لُوطٍ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَعَاقَبَهُمْ عُقُوبَةً لَمْ يُعَاقِبْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُمْ، وَجَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ بَيْنَ الْإِهْلَاكِ، وَقَلْبِ دِيَارِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَالْخَسْفِ بِهِمْ، وَرَجْمِهِمْ بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ، فَنَكَّلَ بِهِمْ نَكَالًا لَمْ يُنَكِّلْهُ أُمَّةً سِوَاهُمْ، وَذَلِكَ لِعِظَمِ مَفْسَدَةِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ الَّتِي تَكَادُ الْأَرْضُ تَمِيدُ مِنْ جَوَانِبِهَا إِذَا عُمِلَتْ عَلَيْهَا، وَتَهْرُبُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِذَا شَاهَدُوهَا؛ خَشْيَةَ نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَى أَهْلِهَا، فَيُصِيبُهُمْ مَعَهُمْ، وَتَعِجُّ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَتَكَادُ الْجِبَالُ تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا».

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ، وَمِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ لَنَا وَذُرِّيَّاتِنَا وَأَحْبَابِنَا وَالْمُسْلِمِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لِأَهَمِّيَّةِ التَّحْذِيرِ مِنْ فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرَّرَ عَلَى قُرَّاءِ الْقُرْآنِ قِصَّةَ لُوطٍ مَعَ الْمُمَارِسِينَ لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ فِي ثَمَانِي سُوَرٍ هِيَ: الْأَعْرَافُ، وَهُودٌ، وَالْحِجْرُ، وَالشُّعَرَاءُ، وَالنَّمْلُ، وَالْعَنْكَبُوتُ، وَالصَّافَّاتُ، وَالْقَمَرُ. وَأَشَارَ إِلَيْهَا فِي سُوَرِ: الْحَجِّ، وَص، وَق، وَالتَّحْرِيمِ.

 

وَكُلُّ الْأَوْصَافِ الْمُنَفِّرَةِ مِنْ فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ زَاجِرَةً عَنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الشَّنِيعَةِ، وَالْفِعْلَةِ الْقَذِرَةِ، وَهِيَ أَوْصَافٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا قَوْمَ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَوْلَا أَهَمِّيَّةُ التَّحْذِيرِ مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ النَّكْرَاءِ لَمَا كُرِّرَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، وَبِأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ، وَفِي سُوَرٍ عِدَّةٍ. وَهَذَا -وَاللَّهِ- مِنَ الْإِعْجَازِ الْعَظِيمِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمِنْ حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، فَمَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ بَعْدَ تَنَزُّلِ الْقُرْآنِ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْنًا وَنِصْفٍ؛ تُنْشَرُ هَذِهِ الْفَاحِشَةُ فِي الْبَشَرِ، وَيُسَوَّقُ لَهَا فِي الْإِعْلَامِ الْعَالَمِيِّ، وَتُصْنَعُ لِتَرْوِيجِهَا وَتَسْوِيغِهَا مُسَلْسَلَاتٌ وَأَفْلَامٌ، وَتُفْرَضُ عَلَى الْعَالَمِ عَبْرَ الْمُنَظَّمَاتِ الدَّوْلِيَّةِ، وَتُؤَسَّسُ جَمْعِيَّاتٌ لِأَصْحَابِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ، وَتُسَنُّ قَوَانِينُ وَضْعِيَّةٌ لِحِمَايَةِ الْجُدُدِ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، وَتُنَحَّى الشَّرَائِعُ الرَّبَّانِيَّةُ، وَتُدَنَّسُ الْفِطَرُ السَّوِيَّةُ، وَتُصَادَرُ حُرِّيَّةُ مِلْيَارَاتٍ مِنَ الْبَشَرِ الْأَسْوِيَاءِ الْكَارِهِينَ لِفَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ؛ لِأَجْلِ أَقَلِّيَّةٍ مِنْ أَرْبَابِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ. فَيَعْلَمُ قُرَّاءُ الْقُرْآنِ وَأَهْلُهُ أَنَّ ذِكْرَ فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَتَكْرِيرَهَا فِي الْقُرْآنِ؛ كَانَ لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ تَظْهَرُ بَعْدَ قُرُونِ مِنْ تَنَزُّلِ الْقُرْآنِ؛ لِيَكُونَ الْقُرْآنُ حَامِيًا لِقُرَّائِهِ مِنَ الِانْزِلَاقِ فِي مُسْتَنْقَعِ فَوَاحِشِ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

 

وَلَنْ يَسْتَطِيعَ دُعَاةُ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْقَذِرَةِ أَنْ يُسَوِّقُوا لَهَا فِي أَوْسَاطِ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَدَبَّرُونَهُ، وَيَعْمَلُونَ بِهِ. وَسَيُحْفَظُ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْبَغِيضَةِ مَا دَامَ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ يُقْرِؤُونَهُمُ الْقُرْآنَ، وَيُرَبُّونَهُمْ عَلَى آيَاتِهِ. وَالْقُرْآنُ مَحْفُوظٌ لَنْ يَسْتَطِيعَ دُعَاةُ الْفَاحِشَةِ أَنْ يَحْذِفُوا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا أَنْ يُبَدِّلُوا غَيْرَهُ بِهِ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 9]، فَرَبُّوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى الْقُرْآنِ، وَحَفِّظُوهُمْ إِيَّاهُ، وَعَلِّمُوهُمْ مَعَانِيَهُ، وَدَرِّبُوهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ؛ يُحْفَظُوا مِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قوم لوط يظهرون من جديد
  • التحذير من عمل قوم لوط
  • مذهب الصحابة رضي الله عنهم قتل من عمل فاحشة عمل قوم لوط
  • تفسير: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط)
  • تفسير: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط)
  • معنى العذاب المستقر الذي أصاب قوم لوط
  • كذبت قوم لوط بالنذر
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات
  • محكمات الفطرة
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (3) من الاستتار والتحريم إلى المجاهرة والتحليل
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش
  • لوط عليه السلام (1)
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (5) الأسرة السوية.. والأسر البديلة

مختارات من الشبكة

  • {والذين إذا فعلوا فاحشة}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فاحشة الزنا: مفاسدها وأضرارها (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فاحشة الزنا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • جريمة فاحشة اللواط في ضوء الكتاب والسنة(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تفسير آية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسألة النظر إلى مصطلح (الفاحشة أو الفحشاء أو الفواحش)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الكلام على قوله تعالى ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا ) من سورة الأعراف(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أهمية السنة - فاحشة الزنا(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • والذين إذا فعلوا فاحشة(مقالة - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب