• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (4)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2009 ميلادي - 17/11/1430 هجري

الزيارات: 42343

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
 باب ما جاء من آيات الصفات
 

12- قال المصنِّف - رحمه الله -: فمِمَّا جاءَ مِنْ آياتِ الصِّفاتِ قولُ الله - عزَّ وجلَّ -: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[1].

 

الشرح

ذَكَر ابنُ قدامة - رحمه الله - في هذه العقيدة ثماني عشرة صفة من صفات الله - تعالى - ونعرض الصفات التي ذكرها - رحمه الله - على حسب ترتيبه، ومما يُلاحظ أن ابن قدامة لَم يذكر مع هذه الصفات الصفات التي يثبتها الأشاعرة؛ -: 4- 79  لأنه لَم يكن بين أهل السنة الجماعة وبينهم خلاف في إثبات هذه الصفات، وعددها سبع، وهي: صفة العلْم، والحياة، والقُدرة، والكلام، والإرادة، والسمع، والبَصَر.
 
وهي مجموعة في قول الناظم:
حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ  وَالكَلامُ  لَهُ        إِرَادَةٌ وَكَذَاكَ السَّمْعُ وَالبَصَرُ
وإنما عرض ما ينكره الأشاعرةُ وغيرُهم من أهل الضلال من صفات، وهي:
الصفة الأولى: صفة الوجه:
وتحت هذه الصفة عدة مباحث:
 المبحث الأول: معتَقَد أهل السنة والجماعة في هذه الصِّفَة: 
أهل السنة والجماعة يثبتون صفة الوجْه لله - تعالى - من غَيْر تكييف ولا تمثيل، ومن غير تَحْريفٍ ولا تعطيلٍ، وهي من الصِّفات الذاتية الخبَرية.
 
المبحث الثاني: صفة الوجه ثابتةٌ بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمن الكتاب: ما استدل به المصنف؛ وهو قوله - تعالى -: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ}[2].
ومن السُّنَّة: حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أُجِرت عليها))[3].
ومن الإجماع: قال الإمام ابن خزيمة في كتاب "التوحيد"[4]: "فنحن وجميع علمائنا، من أهل الحجاز، وتهامة، واليمن، والعراق، والشام، ومصر – مذهبنا: أنا نُثْبِتُ لله ما أثبته لنفسه، نقرُّ بذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا، من غير أن نُشَبِّه وَجْه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين، عَزَّ ربُّنا أن يشبه المخلوقين، وجَلَّ ربُّنا عن مقالة المُعَطِّلِين".
 
المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة من المبتدعة أوَّلوا صفة الوجه بعدة تأويلات:
1- فقالوا المراد بها: (الثواب)، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[5]؛ أي: ويبقَى ثوابُ ربك، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[6]؛ أي: إلا ثوابه، وهذا قول الجهمية.
 
والرد عليهم من وجوه:
أوَّلاً: أن في هذا مُخالفة لظاهر لفْظ الآية، فالآيةُ ظاهرها بلفظ الوجه لا الثواب.
ثانيًا: أن فيه مخالفة لإجماع السلَف، فلا يُعْرَفُ أحدٌ منهم قال: إنَّ المراد بالوَجْه الثواب.
ثالثًا: أنه جاء في الآية بيان صفات عظيمة لهذا الوجه؛ فقال - تعالى -: {ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَام}[7]، فهل يمكن أن نقول عن الثواب: ذو الجلال والإكرام؟! 
رابعًا: جاء في حديث أبي موسى- رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حجابُه النورُ، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهِه ما انتهى إليه بصره من خلقه))[8]، فهل يمكن أن يقال: إن الثواب له النور الذي يحرق ما انتهى إليه بصر الله من الخلق؟!
خامسًا: جاء في "صحيح البخاري"، من حديث جابر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه قول الله - تعالى -: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}[9]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعوذ بوجهك))، ولو كان الثواب هو المقصود، فهل يصحُّ أنْ يُستعاذ به؟! وهل يُستَعَاذُ بمخلوق؟!
 
2- ومنهم مَن قال بأن المراد بها: (الذات)، وهو قول الجهمية أيضًا والمعتزلة، ومَن وافقهم من الرافضة، وهو قول الأشاعرة.
 
والرد عليهم من وُجُوه:
أولاً: أن هذا مخالف لظاهر الآية.
ثانيًا: أنه مخالف لإجماع السلف، فلا يُعْرَفُ أحدٌ منهم أوَّلها بالذات.
ثالثًا: أن الله - عزَّ وجلَّ - وصف وجهه بقوله: {ذُو الجَلالِ وَالْإِكْرَامِ}، ولو كان ذلك وصفًا للذات لقال: (ذي الجلال والإكرام)؛ لأن لفظ (ربك) مجرورةٌ بالإضافة.
رابعًا: أن من المعلوم أن العطف يقتضي المُغَايَرَة والاختلافَ، ففي حديث ابن عمرو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل المسجد قال: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، من الشيطان الرجيم))؛ رواه أبو داود، وهنا عطف الوجه على الله - جل وعلا.
 
تنبيهٌ وبيانٌ:
إطلاق الجزء ويراد به الكل أسلوبٌ صحيحٌ معروفٌ في اللغة العربية؛ ولذا تمسَّك به بعض المؤوِّلة لصفة الوجه، فقالوا: إن المراد بها ذات الله - جلَّ وعلا - فأطلق الجزء - وهو الوجه - والمراد به الكل، وهو الذات، فقالوا: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}؛ أي: ذاته - سبحانه - وقالوا: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[10]؛ أي: كل شيء هالك إلا ذاته - سبحانه - والمعنى الذي قالوه صحيحٌ لو أنهم أثبتوا صفة الوجه لله - تعالى - في الآيات السابقة؛ لأنَّ النَّص ورد في صفة الوجه، وهي جزء من الذات، والنص على الوجه يدل على ثبوت الذات، لكن الخطأ الذي وقعوا فيه: أنهم جعلوا المراد بالوجه هو الذات، وهذا تأويل باطل، ولو قال قائل: لماذا نذكر الذات مع إثبات صفة الوجه؟
فالجواب: حتى لا نقع فيما ذهب إليه مَن لا يقدِّرون الله حقَّ قدره؛ حيث قالوا في قوله - تعالى -: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}، وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، وقالوا: إن الله يفنى إلا وجهه - تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا[11].
 
المبحث الرابع: وقفةٌ مع آيةٍ اختلف السلَف في تفسيرها:
وهي قولُ الله - تعالى -: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه}[12].
 
اختلف السلفُ فيها مع إثباتهم لصفة الوجْه، على قولَيْن:
القول الأول: أنها ليست من آيات الصفات، وأن المراد هنا الجهة والقبلة، والمعنى: فثم جهة الله؛ أي: فثم الجهة التي يقبل الله صلاتكم فيها، وهذا قول مجاهد، والشافعي، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة في الفتاوى عند كلامه عن العقيدة الواسطية، فقال: إنَّ المراد هنا القبْلة؛ لأنَّ الآيات جاءتْ في سياق بيان القبلة.
والقول الثاني: أنها من آيات الصفات، وتدل على صفة الوجه، وهذا قول الدارمي، وابن خُزيمة في كتاب: "التوحيد"، واختاره ابن القيم، ونَافَحَ عن هذا القول، وأطال في كتابه: "مختصر الصواعق المرسَلة"[13]، والخلاف محتملٌ ويسير، والمهمُّ أن نعرفَ أنهم جميعًا يُثْبِتُون صفة الوجه لله - تعالى.
 
والأظْهَر - والله أعلم -: أن المراد بالوجْه في الآية وجه الله الحقيقي؛ والمعنى: إلى أي جهة تتوجَّهون فثمَّ وجه الله - سبحانه وتعالى - لأنَّ الله محيطٌ بكلِّ شيءٍ، ففي هذه الآية إثباتُ صفة الوجه لله - تعالى.
 
هذا هو القولُ الأظْهر؛ لعدَّة أمور:
1- لأنه جاء في السُّنَّة ما يوافِق هذا المعنى؛ فقد جاء في الصحيحَيْن: أن المصلي إذا قام يُصَلِّي، فإن الله قِبَل وجهه؛ ولهذا جاء النهيُ عن البصْق جهة القبْلة؛ لأن الله قِبَل وجهه إذا صلى.
2- أن هذا هو المناسب لظاهر الآية، وأن المراد به: الوجْه المضاف إلى الله - تعالى.
3- أن فيه سَدًّا لباب التأويل، وإسكاتًا للمُؤَوِّلة الذين يجدون مثل هذا القول مستمسَكًا لهم على صحَّة تأويل آيات الصفات، كما فعلوا مع ابن تيميَّة، حينما ناظروه في العقيدة الواسطية، قائلين له: وجدنا عند السلف تأويلاً، وقبل أن يذكروه لشيخ الإسلام انقدح في ذهنِه - رحمه الله - هذه الآية، فقال: لعلكم تقصدون قول الله - تعالى -: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه}[14]، قالوا: نعم نقصد هذه الآية، فردَّ عليهم - رحمه الله - بما يراه، وأن هذه الآية ليستْ من آيات الصفات[15].

المبحث الخامس: الآية التي استدل بها المصنف، وهي: قول الله - تعالى -: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ}:
صفة لوجه الله - تعالى - بدليل أنها جاءت بالرفع (ذو)، ولو كانت صفةً للرب لجاءتْ بالجر (ذي)؛ لأن كلمة: (ربك) وقعتْ مضافًا إليه، و(ذو) صفة، والصفة تتبع الموصوف في الإعراب، وكلمة (وجه) جاءت مرفوعة؛ لأنها وقعت فاعلاً، (الجلال) معناه: العظمة والسلطان، (الإكرام) مصدرٌ من (أكرم، يُكرِم) صالحة للمُكْرَم والمُكْرِم، فالله - سبحانه - مُكرَم، وإكرامه القيامُ بطاعته، ومُكرِم لِمَن يستحق الإكرام مِن خلقه، بما أعدَّ لهم من الثواب[16].
 
المبحث السادس: الصورة صفة لله - تعالى -:
أهل السنة والجماعة يُثْبِتُون صفةَ الصورة لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تَحْريف ولا تعطيل، ومن غير تمثيل ولا تكييف، وهي صفةٌ ذاتيةٌ.

ويدل عليها:
1- الحديث الطويل حديثُ أبي سعيد في رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وفيه: ((فيأتيهم الجبارُ في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربنا...))[17].
2- حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيت ربي في أحسن صورة))[18]. 
Ÿ  Ÿ  Ÿ
 
 
 

 قال المصنف - رحمه الله -: وقولُه - سبحانَهُ وتعالى -: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[19].

 

 

الشرح

الصفة الثانية: صفة اليدين:
وتحت هذا الصفة عدة مباحث:
المبحث الأول: معتقد أهل السنة والجماعة في هذه الصفة:
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفة اليدين لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، من غير تكييفٍ ولا تمثيل، ومن غير تحريفٍ ولا تعطيل، وهي من الصفات الذاتية الخبرية.
 
المبحث الثاني: صفة اليدين ثابتةٌ بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمن الكتاب: ما استدلَّ به المصنِّف، وهو قول الله - تعالى -: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[20]، واستدلال المصنِّف بهذه الآية خصوصًا وجيهٌ؛ لأن فيه إثباتًا أن لله يدين اثنتين.
ومن السُّنَّة: حديثُ أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوبَ مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوبَ مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))[21]، وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك وسعديك، والخير في يديك))[22]. 
ومن الإجماع: قال أبو الحسَن الأشعَري: "وأجمعوا على أنه - عزَّ وجلَّ - يَسْمَعُ ويَرَى، وأن له - تعالى - يدين مبسوطتَيْن"[23].
 
المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة من المعطِّلة؛ كالجهمية والمعتزلة، يُؤَوِّلُون صفة اليدين، ويقولون: المراد بها: القدرة، أو النعمة، أو القدرة والنعمة، وتقدَّم أن من أَوَّل صفة من الصِّفَات فقد عطَّلها عن معناها الحقيقي؛ ولذا نقول: هم معطِّلة أيضًا، وهذا أشهر تأويلاتهم: أن المراد باليدين النعمة والقدرة، وهناك تأويلاتٌ أخرى لهم فيؤولونها بـ(القوة، والملك، والسلطان، والرزق، والخزائن، والبركة، والكرامة، والعناية)، ولكن كما تقدَّم: أن أشهر تأويلاتهم النِّعمة والقدرة، فهذا قول الجهمية، والمعتزلة، ومتأخري الأشاعرة، ويسمون (الأشاعرة المحضة)، بخلاف متقدمي الأشاعرة فهم يُثْبِتُون صفة اليدين ولا يُؤَوِّلونها.
 
والرد عليهم من وجوه:
1- أن تفسيرَ اليدِ بالقدرة والنعمة مخالفٌ لظاهر لفظ الآية، ولا دليل على هذا التأويل.
2- أنه مخالفٌ لإجماع السلَف، فلا يُعْرَفُ أحدٌ أَوَّلَهَا بالقدرة والنِّعمة.
3- أنَّ تأويلها بالقُدرة والنِّعمة ممتنعٌ في بعضِ الآيات؛ مثال ذلك قوله - تعالى -: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[24]، اليد جاءت بالتثنية، وتأويلها بالنعمة يلزم أن تكونَ النعمة نعمتين فقط، وهذا ممتنع؛ لأن نعم الله لا تُحْصَى؛ قال - تعالى -: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}[25]، وأيضًا تأويلها بالقدرة يستلزم أن يكون له - سبحانه - قدرتان، ولا يجوز أن يكون له - سبحانه - قدرتان بإجماع العلماء، فهذا لا يقوله أحدٌ، وكذلك في قوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[26]، يلزم أن يكون له قدرتان - تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.
4- أن الله - عزَّ وجلَّ - يقول: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[27]، ولو كان المراد القدرة، لَم يكن لآدم فضلٌ على غيره؛ لأنَّ الخلْق كلهم خُلِقُوا بقدرة الله، بل لَم يكن لآدم فضلٌ على إبليس في هذه الآية، فإبليس خُلِقَ بقدرة الله - تعالى - والله - عزَّ وجلَّ - في الآية أمره بالسجود لآدم ذاكرًا مزية لآدم: أنه خلق بيديه - سبحانه وتعالى.
5- أنَّ اليد التي أثبتها الله لنفسه جاءت في الأدلة مقرونة بأمور كثيرة تدل على أنها يد حقيقية، فجاءت على وجوه يمتنع تأويلها بالقدرة والنعمة، فجاءت مقرونةً بالطَّيِّ، والقبضِ، والبسط، واليمين.
 
قال ابن القيم: "وَرَدَ لفظ اليد في القرآن، والسنة، وكلام الصحابة والتابعين، في أكثر من مائة موضع ورودًا متنوِّعًا، متصرفًا فيه، مقرونًا بما يدل على أنها يدٌ حقيقية، من الإمساك، والطي، والقبض، والبسط، والمصافحة، والحثيات، والنضح باليد، والخلق باليدين، والمباشرة بهما، وكتب التوراة بيده، وغَرَس جنة عدن بيده، وتخمير طينة آدم بيده، ووقوف العبد بين يديه، وكون المقسطين عن يمينه، وقيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة عن يمينه، وتخيير آدم بين ما في يديه، فقال: ((اخترتُ يمينَ ربي))، وأخذ الصدقة بيمينه يربِّيها لصاحبها، وكتابته بيده على نفسه: أن رحمته تغلب غضبه، وأنه مَسَحَ ظهرَ آدم بيده، ثم قال له - ويداه مقبوضتان -: "اختر"، فقال: ((اخترتُ يمين ربي))، وكلتا يديه يمين مباركة، وأن يمينه ملأى، لا يغيضها نفقة، سَحَّاء الليل والنهار، وبيده الأخرى القسط، يرفع ويخفض، وأنه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، وأنه يطوي السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليُمْنَى، ثم يطوي الأرض باليد الأخرى، وأنه خَطَّ الألواحَ التي كتبها لموسى بيده"[28].
وردَّ ابن القيم على مَن يؤوِّل اليد بالنعمة والقدرة من وُجُوه عديدة، تَصِلُ إلى عشرين وجهًا.
 
المبحث الرابع: أهل السنة والجماعة يثبتون أنَّ لله يدين اثنتَيْن:
يعتقد أهلُ السنة والجماعة أن لله يدين اثنتين، كما يليق بجلاله وعظمته - سبحانه - وهذا بإجماع السلف - رحمهم الله - ويدلُّ على ذلك:
1- قول الله - تعالى -: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[29].
2- قول الله - تعالى -: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[30]، فإنْ قيل: كيف نجمع بين معتقد أهل السنة والجماعة بأن لله يدين اثنتين، وبين ما ورد في بعض الآيات من وُرُود اليد بلفظ المُفْرَد؛ كقوله - تعالى -: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[31]، ورودها بلفظ الجمْع؛ كقوله - تعالى -: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}[32]؟
 
فالجواب كما يلي:
الجواب عن لفظ المفرد بثلاثة أجوبة:
الأول: أنه لَم يُسَق اللفظُ لبيان العدد، وإنما لبيان الجنس، ولبيان الجنس يكفي لفظ المفرد؛ لأن اسم الواحد يدل على الجنس المراد.
الثاني: أن لفظ المفرد في الآية جاء مضافًا؛ فقوله - تعالى -: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، (بيده): اليد مضاف والهاء في محلِّ جر مضاف إليه، وكذلك في الآيات الأخرى؛ كقوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[33]، فلفْظ اليد مضافٌ، ولفظ (الله) - جلَّ وعلا - إعرابه: مضاف إليه، ومعلوم أن المفرد المضاف يفيد العموم، فيعمُّ كل ما ثبت لله - تعالى - من يد، والثابت لله - تعالى - يدان.
الثالث: أن الله قال لبيان سعة عطائه، وكثرة جوده: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، فبيَّن أن كثرة العطاء وسعة الجود وبسط النعمة باليدين كلتَيْهِما، رادًّا به على اليهود الذين قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[34] أفردوها؛ لأن اليد الواحدة أقل من عطاء الاثنتين، ووصفوها بأنها مغلولة؛ أي: قليلة العطاء، ولو كانت يدًا واحدة لَرَدَّ عليهم ببيان أن البسط والجود في اليد الواحدة، ولو كانت أكثر من اثنتين لذكرها الله - عزَّ وجلَّ - لأن المقام يقتضي بيان كثرة العطاء بجميع ماله من يد - سبحانه - فقال - تعالى -: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}؛ ليُبَيِّنَ - سبحانه - أنَّ كل ما لديه من يد فهي مبسوطة، وهما اثنتان.
 
 الجواب عن لفظ الجمع بثلاثة أجوبة:
الأول: أن المراد بالجمْع هنا ليس بيان العدد، وإنما للتعظيم، وليس المُراد أنَّ لله أكثر مِن اثنتين.
الثاني: أن مِن لغة العرب استعمال لفْظ الجمع في الاثنتين، ويدل على ذلك قولُ الله - تعالى -: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[35]، والمقصودُ عائشة وحفْصة - رضي الله عنهما - وهما اثنتان، والمتبادَر إلى الذِّهن أن يُقال: (قلباكما)؛ لأنَّ المقصود قَلْبان لعائشة وحفصة - رضي الله عنهما ومع ذلك جاء بصيغة الجمع (قلوبكما)، وهذا دليلٌ على أنَّ استعمال لفْظ الجمع يكونُ للاثنين في لسان العرب.
الثالث: أنَّ في لسان العرب: أن المثنى إذا أُضيف إلى ضمير الجمع يجوز جمعُه من أجل خفَّةِ اللفظ، وهنا المثنى أضيف إلى ضمير الجمع: (نا)، فجاز جمعه (أيدينا)، بدلاً من: (يَدَيْنَا)؛ لِخفَّة النُّطق.
وبما سبق يزولُ الإشكالُ في وُرُود لفظ اليد مُفردًا ومَجْموعًا.

المبحث الخامس: هل توصَف إحدى يدي الله - تعالى - بالشمال: 
هذه من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم - رفع الله قدرهم - على قولَيْن، وقبل ذِكْرِ القولين لا بدَّ من معرفة أنهم متَّفقون على أن يدي الله - تعالى - يمين في البذْل والعطاء، وأن إحداهما يمين في الاسم،.
 
اختلفوا في اسم اليد الأخرى على قولَيْن:
القول الأول: أن الأخرى تُوْصَفُ بالشمال، واختار هذا القولَ الدارميُّ، وأبو يَعْلى، والشيخ محمد بن عبدالوهاب في آخر كتاب "التوحيد"، والشيخ عبدالله الغنيمان[36].
 
واستدلوا:
1- بحديث ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((يطوي الله - عزَّ وجلَّ - السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليُمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبِّرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله...))[37].
2- الأحاديث الواردة بإثبات اليمين لله؛ كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((يمين الله ملأى))[38]، وحديث أبي هُريرة - رضي الله عنه - أيضًا مرفوعًا: ((ويطوي السماء بيمينه))[39]، وغيرها من الأدلة التي جاءتْ بِوَصْف إحدى اليدين بأنها يمينٌ؛ وهذا يقْتضي أن إحدى اليدين ليست يمينًا؛ فتكون شمالاً.
ووصفها أيضًا الدارميُّ باليسار، والشمال، واستدل بحديث أبي الدرداء عند أحمد؛ وفيه: أن الله - عزَّ وجلَّ - قال للتي في يساره - أي: في يده اليسار -: ((إلى النار، ولا أبالي)).
 
القول الثاني: أن كلتا يدي الله يمينٌ، لا شمال، ولا يسار فيهما، واختار هذا القول الإمام ابن خُزيمة - في كتاب: "التوحيد" - والإمام أحمد، والبيهقي، والألباني[40].
 
واستدلوا:
1- بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - عز وجل - وكلتا يديه يمين))[41].
2- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند التِّرمذي، وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة)).

وناقشوا أدِلَّة القولِ الأول:
بأنَّ حديث ابن عمر - رضي الله عنه - وفيه لفظة: (الشمال)، هي لفظةٌ شاذَّةٌ، تفرَّد بها عمر بن حمزة، عن سالم، عن ابن عمر، والحديث عند البخاري من طريق عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، وعند مسلم من طريق عبيدالله بن مقسم، عن ابن عمر، وليس عندهما لفظة (الشمال)، وأيضًا الحديثُ رواه أبو داود، وقال بدل (بشماله): (بيده الأخرى)، وهذا هو الموافق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وكلتا يَدَيْه يمين)).
 
وأما استدلالهم الثاني، فليس بصريح؛ لأنه لا يمنع أن تكونَ اليد الأخرى يمينًا أيضًا؛ وعليه فالاستدلال الأول ليس بصحيح، والثاني ليس بصريح، ونَاقَشَ أصحابُ القول الأول أدلة أصحاب القول الثاني، بأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلتا يديه يمين))، لا يمنع أنْ تكون إحدى يديه شمالاً في الاسم، وهي يمين في الخَيْر والبَرَكة والعَطاء.
 
والأظهرُ - والله أعلم - أن يُقال: إنَّ صِفات الله - تعالى - توقيفية؛ فنقول كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((كلتا يديه يمين))، حتى يصح عندنا خبر أن يده الأخرى تسمى شمالاً أو يسارًا؛ فنقول بهذا الوصف[42].
 
المبحث السادس: صفة الكَفِّ:
أهلُ السنة والجماعة يُثْبِتُون صفة الكف لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غَيْر تكْييف ولا تمثيل، وهي صفة ذاتية خبرية.
 
ويدل على ذلك:
حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ما تَصَدَّق أحدٌ بصدقة من طيِّبٍ - ولا يقبل الله إلا الطيِّبَ - إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرةً، فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل))[43].
 
المبحث السابع: صِفة الأصابع:
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفة الأصابع لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهي صفة ذاتية خبرية.
 
ويدل على ذلك:
1- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنه سمع رسول الله يقول: ((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلبٍ واحدٍ، يُصَرِّفه كيف يشاء))، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهُمَّ مُصَرِّف القُلُوب، صَرِّفْ قُلُوبنا إلى طاعتك))[44]، وهذا الحديث رواه جمعٌ منَ الصحابة؛ كالنواس بن سمعان، وعائشة، وأبي ذر - رضي الله عنهم أجمعين.
2- حديث ابن مسعود- رضي الله عنه - قال: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من اليهود فقال: يا محمد، إنَّ الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، فيهزهنَّ، فيقول: أنا الملك، قال: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه؛ تصديقًا لما يقول الرجل، ثم قرأ: (({وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه}[45]))[46].
 
وبعض أهلِ العلم يجعل الأصابع تابعة لليد؛ لأن هذا مقتضى اللغة العربية، وفهم العرب، إلا أن الأحْوط في المسألة أن يسكتَ الإنسانُ عن نسبة الأصابع إلى اليد، ويفعل كما يفعل السلف، يُثبتون الأصابع لله، ولا يخصصها بيد الله؛ إذ لا مستند من السنَّة لذلك، وإنما نُثبت صفة الأصابع لله، وهذا أَدَقُّ وأَحْوَط، فنُثبتها على الوَجْه اللائق به - سبحانه - لا يعلم كيفيتها إلا هو؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[47].
 
المبحث الثامن: صفة الأنامل:
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفة الأنامل لله - تعالى - كما يَلِيق بجلاله، من غَيْر تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهي صفة ذاتية خبرية.
 
ويدل على ذلك:
حديث معاذ بن جبل - حديث اختصام الملأ الأعلى - وفي الحديث: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فرأيتُه وضع كفه - أي: الله عزَّ وجلَّ - بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري...))[48].
وأثبت الأنامل استدلالاً بهذا الحديث شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، في ردِّه على الرازي في كتابه "نقض أساس التقديس"[49].
 
المبحث التاسع: وقفة مع آية، وصفة اليد:
وهي قول الله - تعالى -: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[50]، وهذه الآية ليستْ مِن آيات الصفات، فلا يؤخَذ منها صفة اليد لله - تعالى - لوجهَيْن:
الأول: أنها ليست مضافة لله - تعالى - بخلاف آيات الصفات، تجدها مضافةً لله - تعالى - فلا نثبت صفة حتى تكون مضافة لله - تعالى - وهذه قاعدة مهمة، وهنا لَم يقل الله: (بأيدينا)، فلم تُضَف.
الثاني: أن (أيد) هنا ليست من اليد، وإنما مصدر آد، يئيد، بمعنى: "قَوِي"، قال الشنقيطي: "قوله - تعالى -: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، ليس من آيات الصِّفات المعروفة بهذا الاسم؛ لأن قوله: (بأيد) ليس جمع "يد"، وإنما الأيد القوة... والأيد والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيِّدٌ: قَوِيٌّ، ومنه قوله - تعالى -: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}[51]؛ أي: قوَّيناه به، فمن ظنَّ أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط غَلَطًا فاحشًا، والمعنى: والسماء بَنَيْناها بقوة"[52]، وكذا قال ابن فارس، والفيروزآبادي في "القاموس المحيط"، وابن دريد في "الجمهرة": أن الأيد: مصدر آد يئيد، والأيد القوة، فلا مستمسك بها لأهل التحريف.
Ÿ  Ÿ  Ÿ 
 
 
 

 قال المصنف - رحمه الله -: "وقولُهُ - تعالى - إخْبارًا عنْ عيسى - عليه السلام -: أنَّه قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}[53].

 

 

الشرح

الصفة الثالثة: صفة النَّفْس (بسكون الفاء):
وتحت هذه الصِّفة عدة مباحث:
المبحث الأول: معتَقَد أهلِ السنة والجماعة في هذه الصفة:
أهل السنة والجماعة يُثْبِتُون لله نفسًا إثباتًا يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تعطيل.
 
المبحث الثاني: دلَّ الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع على أن لله نَفْسًا:
فمن الكتاب: قوله - تعالى - عن عيسى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[54]، وهو ما استَدَلَّ به المُصَنِّفُ، وقوله تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}[55].
ومن السُّنَّة: حديثُ أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - عند مسلم، وفيه: قال الله تعالى: ((يا عبادي، إنِّي حرَّمْتُ الظُّلْمَ على نفسي))، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي)). 
وإجماع السلَف على أن لله - تعالى - نَفْسًا تليق به - سبحانه - من غير تحريف ولا تكييف، ومن غير ثَمْثيل ولا تعطيل.
 
فائدة:
قد يقول قائلٌ: ما الدليلُ على أن السلفَ مُجمعون على هذا؟ وكذلك ما تقدَّم ذكره من إجماع للسلَف في الرَّد على مَنْ أوَّل بعض الصفات، ما الدليل على إجماع السلف؟
الجواب: أنَّ إثبات السلف بأن لله نفسًا ولا يُعرف من ينكر ذلك، ولَم يُنكر ذلك إلا أهلُ البدَع - هو دليلٌ على إجماعهم - رحمهم الله - وكذلك في الرد على من أوَّل بعض الصفات، نقول لهم: خالفتُم إجماع السلَف، فإن قالوا: أين الدليلُ على إجماعهم؟ هات لي قولاً لأحد الصحابة، أو السلف، ينقل الإجماع، أو يقول بأنَّ المراد باليدين لله تعالى، والوجه، وغيرها من الصفات أنها صفات حقيقية لا تُؤوَّل.
 
نقول: إنَّ السلَف - رحمهم الله - لو كان عندهم معنى آخر يُخالف ظاهر الآية، والمعنى الحقيقي الذي دلت عليه الآية، لنُقِلَ إلينا عنهم، فلمَّا لَم يُنقَلْ شيء عُلِمَ أنهم يأخذون بظاهر اللفظ، ولا يُؤَوِّلون، فهذا كالإجماع؛ حيث لا يُعلم مخالف لذلك، وأنتم أعطونا قولاً لأحد الصحابة والتابعين يؤوِّل صفة الوجه بالثواب، وصفة اليدين بالنِّعمة والقدرة، فلن تجد لهم قولاً، وهذا يدلُّ على أنهم يأخذون - رحمهم الله، ورضي عنهم - بظاهر اللفظ، ولا يؤوِّلون[56].
 
المبحث الثالث: هل (النَّفْس) هي ذات الله - تعالى؟
وهذا مما اختلف فيه السلَف - رحمهم الله - على قولَيْن:
القول الأول: أنَّ النفْس بمعنى الذات، فليست صفة، بل هي ذاته - سبحانه - المُتَّصِفَة بصفاته، واختار هذا القولَ شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - وقال: هو قول جُمهور العلماء، وهو اختيارُ الشيخ ابن باز - رحمه الله[57].
 
وعلَّلُوا ذلك:
بأنَّ هذا هو المعروف من لغة العرب، فأنت تقول: جاء زيد عينه ونفسه؛ أي: ذاته، وسقط الجدار نفسه؛ أي: ذاته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن نفس الله تعالى: "ونفسه هي ذاته المقدَّسة"[58]، وقال أيضًا[59]: "ويُرَادُ بنَفْس الشيء: ذاتُه وعينه، كما يقال: رأيت زيدًا نفسَه وعينَه، وقد قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[60]، فهذه المواضع المرادُ فيها بلفظ النَّفْس عند جمهور العلماء: الله نفسه، التي هي ذاته، المُتَّصِفَة بصفاته، ليس المراد بها ذاتًا مُنْفَكَّة عن الصفات، ولا المراد بها صفة للذات".
 
والقول الثاني: أن النَفْس صفةٌ لله - عزَّ وجلَّ - وليس المقصود بها الذات التي لها الصفات، واختار هذا القولَ ابنُ خزيمة في كتاب "التوحيد"[61]، وعبدالغني المقدسي في عقيدته[62]، والمصنِّف ابن قدامة المقدسي في هذه العقيدة؛ حيث أوردها مع الصفات؛ ولذا قولنا في أول الكلام عن النفس: (صفة النفس)، تَمَشِّيًا مع مقصود المصنف، وأيضًا إثباتًا يليق بجلاله – سبحانه - والخلافُ في هذه المسألة يسيرٌ، فأصحاب القولين يُثبتون أن لله نفسًا - جلَّ وعلا - والخلافُ هل النفس هي الذات التي لها الصفات، أو أن النفس صفة من الصفات؛ كالسمع، والبصر، والحياة، وغيرها من الصفات؟
 
وتحت هذا الخلاف تنبيهان:
الأول: القائلون بأن النفس هي ذاته - سبحانه - لا يقولون بأنها ذات مجرَّدة عن الصفات، كما يقوله أهلُ البدع - تعالى الله عن هذا القول عُلُوًّا كبيرًا - وبهذا افترقوا عن أهل البدع فتنبَّه، فما قاله أهل البدع هو الذي يُعَدُّ تأويلاً.
الثاني: القائلون بأن النفس صفةٌ من الصفات يثبتونها لله - تعالى - على الوجه اللائق به - سبحانه - فهي ليست كأنفس المخلوقين، فمُجَرَّد اتِّفاق الاسم لا يستلزم الاتفاق في الكيفية، فليس كما يُقال بالنسبة للمخلوق الذي له جسد وله روح تسمى نفسًا، فيقولون: خرجت نفسه؛ يعني: خرجت روحه - تعالى الله عن الشبيه والنظير -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[63].
 
المبحث الرابع: المخالفون لأهل السنة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة من المعطلة؛ كالجهمية، والمعتزلة، وغيرهم - يؤوِّلون، ويقولون: إن المراد بالنفس هي الذات المجرَّدة عن الصفات.
 
والرد عليهم من وجوهٍ أشهرها:
1- أن تأويلهم مخالفٌ لطريقة السلف - رحمهم الله.
2- أنه لا يوجد ذاتٌ مُجردةٌ عن الصفات - فتعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
3- أن الذات المجردة عن الصفات ذاتٌ ناقصة، فلا يوجد ذاتٌ كاملةٌ مُجَرَّدةٌ عن الصفات - فتعالى الله جلَّ شأنُه.
4- أن هذا التأويل يقتضي تعطيلَ نصوص الصفات عن معناها الحقيقي، وتحريفها إلى معانٍ غير مرادة، فهو مخالف لظاهر النصوص، ولا دليل على هذا التأويل.
 Ÿ  Ÿ  Ÿ

 
 
 

قال المصنِّف - رحمه الله -: وقوله - سبحانه -: {وَجَاءَ رَبُّكَ}[64]، وقوله - تعالى -: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ}[65].

 

 

الشرح

الصفة الرابعة والخامسة: المجيء والإتيان:
وتحت هاتَيْن الصِّفَتَيْن عدَّة مباحث:
المبحث الأول: معتَقد أهل السُّنَّة والجماعة في هاتَيْن الصفتين:
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفَتي المجيء والإتيان لله - تعالى - وأنه يجيء ويأتي بنفسه – سبحانه - مِن غير تكييف ولا تمثيل، ومِن غير تحريف ولا تعطيل، وهما من الصِّفات الفعليَّة الخبرية، وتقَدَّم في قواعد الصفات: أن الصفات الفعلية هي التي يتَّصف بها الله - تعالى - إذا شاء، وليس على الدَّوام، بل يتَّصف بها - سبحانه - في وقتٍ دون وقت.
 
المبحث الثاني: صفتا المجيء والإتيان ثابتتان بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمِنَ الكتاب: ما استدلَّ به المصنِّف؛ قوله - تعالى -: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[66]. 
وقوله - تعالى -: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ}[67].  
ومن السنة: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: قال الله - تعالى -: ((وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقَرَّبْتُ إليه باعًا، وإن أتاني يَمْشي أتيتُه هرولة))[68]، وفي رواية لمسلم: ((وإذا تلقاني بباعٍ، جئتُه - وفي رواية -: جئته؛ أتيته بأسرع)).
وإجماع السلف على ذلك: قال أبو حسن الأشعري: "وأجْمَعُوا على أنه - عزَّ وجل - يَجِيء يوم القيامة والملك صفًّا صفًّا"[69].
 
المبحث الثالث: المخالِفون لأهل السُّنَّة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة مِن المعطِّلة؛ كالجَهْمِيَّة، والمعتزِلة، والأشاعرة، يُؤَوِّلُون المجيء والإتيان لله، فيُقَدِّرون محذوفًا، ويقولون: "جاء أمر ربك، وأتى أمر ربك"، فلا يثبتون المجيء والإتيان لله بنفسه، ويقولون في قوله - تعالى -: {وَجَاءَ رَبُّكَ}؛ أي: أمْرُ ربك، وفي قوله {أَوْ يَأْتِي رَبُّكَ}؛ أي: أمْرُ ربك، مستدلِّين بقَوْلِه - تعالى -: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}[70]، وهذا تأويلٌ باطلٌ، وصَرْف للنَّصِّ عنْ ظاهرِه.
 
والرد عليهم:
1- أنَّ هذا التأويل مخالفٌ لطريقة السلَف - رحمهم الله.
2- أن تأويلَكم هذا مخالفٌ لظاهر النُّصوص، ولا دليل على هذا التأويل.
3- أنَّ قولكم بأن المراد: "جاء أمر الله، وأتى أمر الله"، واستدلالكم بقوله - تعالى -: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}[71]، هو استدلال عليكم لا لكم؛ لأنَّ فيه بيانًا بأنَّ الله - عزَّ وجل - لو أراد هذا المعنى لذَكَرَهُ في بقيَّة الآيات، كما ذكَرَهُ هنا، بل أصرح من ذلك: أنَّ الله - تعالى - في آية واحدة بيَّن صفة الإتيان لنفسه، والإتيان لغيره؛ فقال - تعالى -: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}[72]، وهذا التَّقْسيم والبيان لإتيان الملائكة، وإتيانه - سبحانه - وإتيان بعض آياته - تقْسيمٌ يبعد معه التقدير؛ لأنه لو أراد أمْرَه - سبحانه - كما تزْعمُون، لَذَكَرَهُ في هذه الآية، فليس هناك ما يمنع ذِكْره.
 
تنْبيه:
بعضُ المفَسِّرين المُتَأثِّرين بمذْهب الأشاعِرة في إثبات بعضِ الصفات، ينقلون إجماعًا وكلامًا عنِ السلَف لا يصِح، فمِمَّا نقلوه ونسبوه للسلَف: تنْزيه الله - تعالى - عن صفَتي المجِيء والإتيان، وأنَّ السلَف كانوا يسكتون ولا يعتَقِدون أنَّ لله - تعالى - مجيئًا حقيقيًّا، بل يقولون: لا نتكلَّم، ولا ندري ما معناها، ولا نبحث في دلالتها، وهذا القول نسْبتُه للسلَف غير صحيحة، بل السلَف - رحمهم الله - يُثبتون صفَتي المجيء والإتيان لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظمته - سبحانه - ولا يبحثون عن كيفية مجيئه وإتيانه - سبحانه - كما يثبتونها من غير تكييف ولا تحريف، ومن غير تعطيل ولا تمثيل[73].
 
فائدة:
كلُّ مَن سلك طريق التأويل في صفات الله - تعالى - اضْطربَ وتناقَض، وحار في أمرِه ومعتقده ذلك؛ فهُمْ أنكروا وعَطَّلُوا كثيرًا من الصفات؛ ليفِرُّوا بزَعْمهم من مُشابهة الخالق بالمخلوق، فعَطَّلُوا صفاتٍ كثيرة؛ كاليدين، والوجه، والمجيء، والإتيان، والرضاء، والمحبة، وغيرها من الصفات الذاتية والفعلية؛ لئلاَّ يشبهوا الخالق بالمخلوق، وبزَعْمهم أنهم لو أثبتوا هذه الصفات وقعوا في المحذور الذي منه يفرُّون.
 
ويُقال لهم: ماذا تقولون: هل الله موجود، أو غير موجود؟ فإن قالوا: غير موجود، فقد كفَروا، وإن قالوا: موجود، يُقال لهم: وقعتم بالذي منه تفرُّون، فالمخلوق أيضًا موجود، فأثبتُّم للخالق والمخلوق صفة الوجود، فإن قالوا: نحن نثبت وجود الله - تعالى - ولكن ليس كوجود المخلوق، الذي هو قابل للعدَم والنقْص، والله - عز وجل - له وجودٌ يليق بجلاله، فيقال لهم: ونحن كذلك نقول في صفات الله - تعالى - الثابتة في كتابه وسنة رسوله: نثبتها له كما يليق بجلالِه وعظمته، مِن غير تمثيلٍ وتشبيه بالمخلوق، فهو القائل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[74]، ومن غير تكييف، ولا تحريف، ولا تعطيل، فهذا اعتقادُنا في صفة الوُجُود، وفي جميع الصفات، نُثبتها كما يليق به - سبحانه.
 
Ÿ  Ÿ  Ÿ 

 
 

قال المُصَنِّف - رحمه الله -: وقولُه - تعالى -: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[75].

 

 

الشرح

الصفة السادسة: صفة الرضا:
وتحت هذه الصفة عدة مباحث:
المبحث الأول: مُعتَقد أهل السنة والجماعة في صفة الرضا:
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفة الرضا لله - سبحانه وتعالى - مِن غير تكييف ولا تعطيل، ومن غير تمثيل ولا تحريف.
وهي من الصِّفات الفعليَّة الخَبَريَّة؛ فالله - عز وجل - يتَّصِف بها متى شاء، فليسَتْ صفة ذاتية، أي: ملازمة للذات، لا تنفصل عنه - سبحانه - بل هي صفة فعلية، يتَّصف بِها الله - تعالى - متى شاء، وتَقَدَّم في قواعد الصفات: تقسيم الصفات إلى: ذاتية، وفعلية، وبيان الفرْق بينهما بالأمثلة.

المبحث الثاني: صفة الرضا دلَّ عليها الكتاب، والسنة، والإجماع:
فمِن الكتاب: ما استدل به المصنِّف، قوله - تعالى -: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[76]. 
ومن السنة: حديث عائشة - رضي الله عنها - عند مسلم مرفوعًا: ((اللهم إنِّي أعوذ برضاك مِن سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك)).
وإجماع السلف على ذلك: حيث لا يُعلم فيهم مخالِف - رحمهم الله، ورضي عنهم.
قال أبو إسماعيل الصابوني: "وكذلك يقولون - أي: يثبتون - في جميع الصفات التي نزل بذِكْرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح؛ من: السمع، والبصر، والعين... والرضا، والسخط"[77].

المبحث الثالث: المخالفون لأهل السُّنَّة:
المخالفون لأهْل السنة والجماعة منَ المعَطِّلة؛ كالجهميَّة، والمعتزلة، والأشاعرة، وغيرهم - يُؤَوِّلون صفة الرضا بإرادة الثواب، فيقولون - رضي الله عنهم -: أي: أثابهم الله - تعالى.

والرد عليهم:
1- أنَّ هذا مخالِف لطريقة السلف.
2 - أن هذا التأويل مخالف لظاهر النصوص، ولا دليل على هذا التأويل.
3- أن إرادة الثواب ثَمَرة من ثمرات الرِّضا، وليس هو الرِّضا، ففَرْق بين الصفة وثمراتها.
 
المبحث الرابع: منَ الأعمال التي ينال بها المسلمُ رضا الله - تعالى:
1- الإيمان بالله، والعمل الصالح؛ لقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[78].
2- نفَقة المال طلبًا لرضا الله - جل وعلا - لقوله - تعالى -: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ}[79]. 
3- الرضا بالبلاء؛ لحديث أنس - رضي الله عنه -: ((إنَّ عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإنَّ الله إذا أحب قومًا ابتلاهُم، فمن رضي فله الرضا، ومن سَخِطَ فله السخط))[80].
4 - حَمْد الله على الأكْل والشُّرْب؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إنَّ الله ليرضَى عن العبد أن يأكلَ الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها))[81].
5- السواك؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا: ((السواك مطْهرة للفَم، مرْضاة للرَّبِّ))[82].
Ÿ  Ÿ  Ÿ

 

 

قال المصنف - رحمه الله -: "وقولُه - تعالى -: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[83]

 

 

الشرح

الصفة السابعة: صفة المحبة: 
وتحت هذه الصفة عدة مباحث:
المبحث الأول: مُعتقد أهل السنة والجماعة في صفة المحبة: 
أهل السنة والجماعة يُثبتون صفة المحبة لله - تعالى - كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تعطيل، ومن غير تَمْثيل ولا تحريف، وهي من الصِّفات الفعلية الخبَريَّة.
 
المبحث الثاني: صفة المحبة دلَّ عليها الكتابُ والسنة والإجماع:
فمن الكتاب: ما استدل به المصنِّف؛ قوله - تعالى -: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}. 
من السنة: حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((لأعطين الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله))[84]، وفي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطاها عليًّا.
 
 وإجماع السلف على ذلك: 
قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة: "إن الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أثبتتْ محبة الله لعبادِه المؤمنين ومحبتهم له"[85].
 
المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة منَ المعَطِّلة أنْكَرُوا صفة المحبة، وقالوا: لأنَّ المحبة لا تكون إلاَّ بين اثنين مُتجانسَيْن، فلا تكون بين الربِّ والمخلوق أبدًا، فهي تكون بين المخلوقات فقط، هذا هو زعمُهم، وأَوَّلُوا نصوص إثبات صفة المحبة بإرادة الثواب، فمَحَبَّة الله للمؤمنين إثابتهم؛ وهذا قول الأشاعرة وغيرهم من أهل التحْريف.
 
والرد عليهم:
1- أن هذا مخالِف لطريقة السلَف - رحِمهم الله.
2- أن هذا التأويل مخالف لظاهر القرآن، ولا دليل على هذا التأويل.
3- أن إرادة الثواب ثمرة من ثمرات المحبَّة، وليستْ هي المحبة، ففرْق بين الصِّفة وثمرتها.
4- أن قولكم: إنَّ المحبة لا تكون إلاَّ بين المتجانسَيْن، فلا تكون إلا بين المخلوقات - هي دعوى لا دليل عليها.
 
المبحث الرابع: أقوى أنواع المحبَّة هي الخُلَّة:
وصفة الخلَّة صفَة ثابتة لله - تعالى - بـ: الكتاب والسنَّة والإجماع، فمُعتَقد أهل السنة والجماعة إثبات صفة الخُلَّة لله - تعالى - بلا تكييف، ولا تمثيل، وبلا تعطيل، ولا تحريف، وهي صفة فعليَّة خبريَّة.
 
ويدل عليها:
من الكتاب: قوله - تعالى -: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}[86].
ومن السُّنَّة: ما جاء في "صحيح مسلم": أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ولقد اتَّخذ الله صاحبكم خليلاً))؛ يعني: نفسه - صلى الله عليه وسلم.
وإجماع السلف على إثبات هذه الصفة.
 
وتحت هذه الصفة عِدة فوائد:
الأولى: صفة الخلَّة لله - تعالى - صفة توقيفية، فلا يجوز أن نثبت لأحد من البشر أنه خليل لله - تعالى - ولو كان نبيًّا، إلا بدليل، ولَم يدل الدليل إلا على نبيَّيْن: إبراهيم، ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - فلا نثبتها إلا لهما، وتقَدَّم الدليل على ذلك، بخِلاف المحبة؛ فهي تكون لكثيرٍ من الناس، ولها أسباب سيأتي بيانُ بعضِها.
الثانية: الخلَّة هي نهاية المحبة وكمالها وأعلى أنواعِها، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّها تخالل شغاف القلب، وتصل إلى السوَيْداء، ولذا هي عند المخلوق لا يتَّسع القلبُ لأكثر من خليل واحد، بخلاف المحبة فهي تسَع لكثير من الناس، ولهذا امتلأ قلْب النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلَّة الله - تعالى - فلم يتَّسِع لأحد حتى أحب الناس إليه، فقد قال نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنتُ متخذًا مِن أمتي خليلاً، لاتَّخذْت أبا بكر خليلاً))، وأما حبُّه - صلى الله عليه وسلم - فكان لكثيرٍ منَ الناس؛ منهم: أبو بكر، وابنته عائشة، وزيد بن حارثة، وابنه أسامة، وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم - وغيرهم.
الثالثة: أول مَن أنكر المخالة هو رأسُ المعطِّلة الجهمية: الجعد بن درهم؛ فأنْكَرَ اتِّخاذ الله إبراهيم - عليه السلام - خليلاً، وأنكر تكليم الله لِموسى - عليه السلام - فقتله خالد بن عبدالله القسري؛ حيث خرج به موثقًا في يوم الأضحى، وخطب الناس، فقال: "أيها الناس، ضحوا تقبَّل الله ضحاياكم، فإنِّي مُضَحٍّ بالجَعْد بن درهم؛ لأنه زعَم أنَّ الله لَمْ يتَّخذ إبراهيم خليلاً، ولم يُكلِّم موسى تكليمًا، ثم نزل فذبحه، وفي هذا يقول ابن القيم - رحمه الله - في نونيته:
وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِدُ الْ        قِسْرِيُّ   يَوْمَ    ذَبَائِحِ    الْقُرْبَانِ
إِذْ  قَالَ   إِبْرَاهِيمُ   لَيْسَ   خَلِيلَه        كَلاَّ  وَلاَ  مُوسَى  كَلِيمُ   الدَّانِي
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ        لِلَّهِ   دَرُّكَ   مِنْ   أَخِي    قُرْبَان
الرابعة: قوله - تعالى -: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ}[87]: اسم الله "الودود"، يؤخَذ منه صِفة الودِّ لله - تعالى - نُثبتها لله - تعالى - من غير تحريف، ولا تكييف، ومن غير تمثيل، ولا تعطيل، والودُّ هو: خالص المحبة، فصارتِ الصفةُ تحت هذا الباب ثلاثة: المحبة، والخُلَّة، والودّ.
 
المبحث الخامس: الأسباب الجالبة لمحبة الله - تعالى:
ذَكَر ابنُ القَيِّم - رحمه الله - عشرة أسباب تجلب محبَّة الله - تعالى - للعبد، أذْكُرها بإيجازٍ:
1- قراءة القرآن بالتدبُّر والتفهم لمعانيه وما أُريد به.
2- التقرُّب إلى الله بالنوافِل بعد الفرائض.
3- دوام ذِكْره على كلِّ حال؛ باللسان، والقلب، والعمل، والحال.
4- إيثار محابِّه على محابك عند غلبات الهوى.
5- مطالَعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلّبه في رياض هذه المعرفة.
6- مشاهَدة برّه وإحسانه وآلائه ونعمه الظاهرة والباطنة.
7- انكسار القلب بكُلِّيَّته بين يدي الله - تعالى - قال ابن القيم: "وهو أعجبها".
8- الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب، والتأدُّب بأدب العبودية بين يديه، ثم خَتْمُ ذلك بالاستغفار والتوبة.
9- مجالَسة المُحِبِّين الصادقين، والتِقاط أطايب ثَمرات كلامِهم؛ كما تُنتقى أطايب الثمَر.
10 - مباعَدة كل سبب يحول بين القلْب، وبَيْن الله - عزَّ وجَل[88].
 
وأيضًا يُضاف إليها أسباب أخرى يحب الله المتَّصفِين بها؛ منها:
1- اتِّباع هدْي النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال الله - تعالى -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[89].
2- التقْوى: قال الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[90]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله يُحب العبد الغني الخفي التَّقِي))[91].
والتَّقْوى هي: أن تجعلَ بينك وبين عذاب الله وقاية، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
3- الصبر: قال - تعالى -: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[92].
4- الإحسان: قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[93].
5- العَدْل والقِسْط: قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[94].
6- الإكْثار منَ التوبة: قال الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[95]، ولا بُدَّ أن تكون التوبةُ صادقة.
7- الطهارة: قال الله - تعالى -: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[96].
قال الشيخ السَّعْدي عند تفسيرِه لهذه الآية: "{وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ}؛ أي: المُتَنَزِّهين عنِ الآثام، وهذا يشمَل التطهُّر الحِسي من الأنجاس والأحداث، ففيه مشروعية الطهارة مُطلقًا، ويَشْمل التطهُّر المعنوي عن الأخلاق الرَّذيلة، والصفات القبيحة، والأفعال الخسيسة".
وقال تلميذُه شيخنا ابن عثيمين: "{وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ}: إذا غسلت ثوبك من النجاسة، تحس بأن الله أحبك؛ لأنَّ الله يحب المتطهِّرين، إذا توضأتَ تحس بأن الله أحبك؛ لأنك تطهَّرْت، وإذا اغتسلت تحس أن الله أحبك؛ لأنَّ الله يحب المتطهِّرين، ووالله إننا لغافِلون عن هذه المعاني، أكثر ما نستعمل الطهارة من النجاسة أو من الأحداث؛ لأنها شرْط لصحة الصلاة؛ خوفًا من أن تفسدَ صلاتنا، لكن يغيب عنَّا كثيرًا أن نشعرَ بأن هذا قرْبة وسبب لمحبَّة الله لنا، ولو كنَّا نستحضر عندما يغسل الإنسان نقطة بول أصابتْ ثوبَه أنَّ ذلك يجلب محبة الله له، لحصَّلنا خيراً كثيرًا، لكنَّنا في غفْلة"[97].
8- التوَكُّل على الله: قال الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[98].
9- القتال في سبيل الله: قال الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[99]، ويجتمع مع القتال خصلتان: الإخلاص؛ لقوله: {فِي سَبِيلِهِ}، والمصاففة وإحكامها بالتعاون كالبنيان المرصوص، حِسًّا ومعنًى، فلا تختلف الأبدان ولا القلوب، وإنما أُلْفَةٌ وتعاوُن.
10- التقرُّب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض: وتَقَدَّم ذكرُها في كلام ابن القيم - لقول الله - عز وجل - كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - القدسي: ((ولا يزال عبدي يتقرَّب إلىَّ بالنوافل حتى أحبَّه))[100].
11- محبَّة أسماء الله وصفاته: وتقَدَّمَ ذكرُها في كلام ابن القَيِّم؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً على سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[101]، فلمَّا رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟))، فقال: لأنها صفةُ الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((أخبروه أنَّ الله - تعالى - يحبه))[102].
12- الحب في الله: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي زار أخًا له في الله، فأرصد الله على مَدْرَجَتِه ملكًا فقال: "هل لك عليه من نعمةٍ تربها؟ - أي: هل لك مصلحة في زيارتك؟ - قال: "لا، غير أنِّي أحببتُه في الله - عز وجل"، قال: "فإنِّي رسولُ الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته"[103].
13- قوة الإيمان: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير))[104].
14- غنى النفس: لحديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إنَّ الله يُحب العبد التقي الغني الخفي))[105]، والمقصود بالغنى هنا ليس كثرة المال، وإنما المقصود: غنى النفس، وهو القانع بما أعطاه الله - جل وعلا - ورزقه، يرضى بما قسم الله له، ولا يَلِحُّ في الطلب والازدياد، وإنما اقتنع بما عنده، فكأنه غني أبدًا، ويشهد لهذا المعنى مناسبةُ الحديث الذي رواه مسلم؛ فعن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله، فجاءه عامر، فلمَّا رآه سعدٌ قال: أعوذ بالله من شرِّ هذا الراكب، فنزل فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟! فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي))[106].
15- الخفاء في العمل والطاعة: للحديث السابق.
16- حُبُّ الأنصار: لحديث البراء؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأنصار: ((لا يحبهم إلا مؤمنٌ، ولا يُبْغِضُهم إلا منافق، مَنْ أَحَبَّهم أحبه الله، ومَن أبغضهم أبغضه الله))[107].
17- الرِّفق: لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخل رهطٌٌ من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السَّام عليكم، قالت عائشة - رضي الله عنها -: ففهمتُها، فقلتُ: عليكم السَّامُ واللعنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مهلاً يا عائشة، إنَّ الله يحب الرِّفق في الأمر كله))، فقلت: يا رسول الله، أَلَم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قد قلتُ: وعليكم))[108]؛ والرِّفق: هو لِيْنُ الجانب في القول والفعل.
18- اجتناب الأعمال التي لا يحب الله المتَّصِفين بها؛ ومنها:
اجتناب الرِّدة؛ قال - تعالى -: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[109]، واجتناب الخيانة؛ لقوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}[110]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}[111]، وكذلك الاختيال والكبْر والفخر؛ لقوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[112]، {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}[113]، والإفساد؛ لقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[114]، وغيرها من الأعمال التي جاء النص بها؛ كقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[115]، وكذلك المسرفين؛ قال - تعالى -: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[116]، والأعمال الجالبة لِمَحَبَّة الله - تعالى - كثيرة، وبالجُملة ترْجع للأسباب التي ذكرها ابن القيم - رحمه الله تعالى.
Ÿ  Ÿ  Ÿ 

 
 

 قال المصنف - رحمه الله -: "وقولُه - تعالى - في الكفَّارِ: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}[117]، وقولُه - تعالى -: {اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ}[118]، وقولُه - تعالى -: {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}[119].

 

 

الشرح

الصفة الثامنة والتاسعة والعاشرة: صفة الغضَب والسخط والكراهية:
وتحت هذه الصفات عدة مباحث:
المبحث الأول: معتَقَد أهل السنة والجماعة في هذه الصفات:
أهل السنة والجماعة يُثْبِتُون صفة الغضب والسخط والكراهية من الله - تعالى - لِمَن يستحقها، إثباتًا يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، وهي من الصفات الفعلية، فمتى شاء - سبحانه - غضب وسخط وكره.

المبحث الثاني: هذه الصفات ثابتةٌ بالكتاب والسنة والإجماع:
أولًا: صفة الغضَب: 
من الكتاب: قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}[120].
من السنة: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لما خلَق الله الخلْق، كتَب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي تغلب غضبي))[121].
وأجْمع السلَف - رحمهم الله - على إثبات صفة الغضَب لله - تعالى - كما يليق به - سبحانه.
 
ثانيًا: صفة السخط:
يقال: (السَّخط) بفتح السين، وبضمها (السُّخط).
من الكتاب: قوله - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}[122].
ومن السنة: حديث عائشة عند مسلم مرفوعًا: ((اللهم إنِّي أعوذ برضاك من سخطك)).
وأجمع السلَف - رحمهم الله - على إثبات صفة السخط لله - تعالى - كما يليق به - سبحانه.
 
ثالثًا:صفة الكراهية:
من الكتاب: قوله - تعالى -: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}[123].
ومن السُّنَّة: حديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا: ((إنَّ الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))[124].
وأجمع السلف - رحمهم الله - على إثبات صفة الكُره لله - تعالى - كما يليق به - سبحانه.

المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة:
المخالفون لأهل السنة والجماعة من المعطِّلة؛ كالأشاعرة وغيرهم - يؤوِّلون صفَتَي: الغضب، والسخط، بالانتقام والكره بعدم التوفيق؛ فيقولون: {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}؛ أي: لَم يوفِّقْهم.
 
والرد عليهم: 
1- أن هذا مخالفٌ لطريقة السلَف - رحمهم الله.
2- أنه مخالفٌ لظاهر النصوص الدالة على هذه الصفات، ولا دليل على هذا التأويل.
3- أنكم بتأويلكم هذا لَم تُفَرِّقوا بين الصفة وثمرتها ونتيجتها، فالغضَب والسخط نتيجتهما الانتقام والكره نتيجته عدم التوفيق، وتأويلكم هذا جعل النتائج هي الصفات، ولا شك أن هناك فرقًا بينهما.
4- أنَّ الله - عز وجل - فرَّق بين صفة الغضب والانتقام؛ فقال - تعالى -: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}[125]، وآسفونا؛ أي: أغْضبونا، ومن هذه الآية نُثبت صفة الغضب، وصفة الانتقام لله - تعالى - كما يليق به - سبحانه.
 
فائدة:
قوله - تعالى -: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}؛ قوله: {آسَفُونَا} أخذ منه صفة (الأسف) لله - تعالى - التي هي الغضَب، فالأسَفُ في هذه الآية هو الغضَب، كما نقل ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي.
 
والأسف في اللغة على معنَيَيْن يأتي بمعنى: شدة الحزن، ويأتي بمعنى: شدة الغضب، والمعنى الثاني هو المراد في الآية، وهو الذي نثبته لله - تعالى - بخلاف الأول، فهو مُمتنع بالنِّسبة لله - تعالى[126].
 
قال ابن القيم: "إن ما وصف الله - سبحانه - به نفسه من المحبة والرضا، والفرَح والغضب، والبُغض والسخط، من أعظم صفات الكمال"[127].

 

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح

ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] [الرحمن: 27]. 
[2] [الرحمن: 27].
[3] متفق عليه.
[4] كتاب "التوحيد"، 1/ 25.
[5] [الرحمن: 27].
[6] [القصص: 88].
[7] [الرحمن: 27]. 
[8] رواه مسلم.
[9] [الأنعام: 65]. 
[10] [القصص: 88].
[11] انظر: "شرح الواسطية"؛ لشيخنا: ابن عثيمين ص (243). 
[12] [البقرة: 115].
[13] "مختصر الصواعق المرسلة" (2/ 180).
[14] [البقرة: 115].
[15] انظر: "مختصر الصواعق المرسلة"؛ لابن القَيِّم، وانظر: "شرح الواسطية"؛ للشيخ ابن عثيمين، ص (241).
[16] انظر: "العقيدة الواسطية وشرحها"؛ لابن عثيمين، ص238.
[17] متفق عليه.
[18] رواه الترمذي، والحديث مرويٌّ عن جَمْعٍ من الصحابة، وصححه البخاريُّ والترمذي، ومن المتأخرين: أحمد شاكر، والألباني - رحم الله الجميع.
[19] [المائدة: 64].
[20] [المائدة: 64].
[21] رواه مسلم.
[22] متفق عليه. 
[23] انظر: "رسالته إلى أهل الثغر"، ص(225).
[24] [ص: 75].
[25] [إبراهيم: 34].
[26] [المائدة: 64].
[27] [ص: 75].
[28] انظر: "مختصر الصواعق المرسلة"، ص (348).
[29] [المائدة : 64].
[30] [ص: 75].
[31] [الملك: 1].
[32] [يس: 71].
[33] [الفتح: 10].
[34] [المائدة: 64].
[35] [التحريم: 4].
[36] انظر: "إبطال التأويلات"؛ لأبي يعلى الفرَّاء، ص (176)، وكتاب "التوحيد"؛ للإمام: محمد بن عبدالوهاب، المسألة السادسة، و"شرح الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري"، المجلد الأول.
[37] الحديث رواه مسلم.
[38] متفق عليه.
[39] متفق عليه.
[40] انظر كتاب "التوحيد"؛ لابن خزيمة (1/ 159)، و"طبقات الحنابلة"؛ لأبي يعلى (1/ 313).
[41] رواه مسلم.
[42] انظر كتاب: "صفات الله"؛ لعلوي السقاف ص (379 ). 
[43] رواه مسلم.
[44] رواه مسلم.
[45] [الزمر: 67].
[46] متفق عليه.
[47] [الشورى : 11].
[48] الحديث رواه أحمد، والترمذي، وابن خزيمة، والحديث مرْوي عن جَمْعٍ منَ الصحابة، وصحّحه البخاري، والتِّرمذي، وكذلك أحمد شاكر.
[49] انظر كتاب: "صفات الله"؛ لعلوي السقاف ص (72).
[50] [الذاريات: 47].
[51] [البقرة: 87].
[52] انظر: "أضوء البيان" (7/ 710).
[53] [المائدة : 116].
[54] [المائدة: 116].
[55] [طه: 41].
[56] انظر "شرح الواسطية"؛ لابن عثيمين، ص (255).
[57] انظر "مجلة الفرقان" العدد (100) في ربيع الثاني 1419.
[58] انظر "مجموع الفتاوى"، (14/ 196).
[59] "مجموع الفتاوى" (9/ 292 - 293).
[60] [المائدة: 116].
[61] "التوحيد" 1/ 11.
[62] "عقيدة عبدالغني المقدسي" ص 40.
[63] [الشورى: 11].
[64] [الفجر: 22].
[65] [البقرة:210].
[66] [الفجر: 22].
[67] [البقرة: 210].
[68] متفق عليه.
[69] انظر: "رسالته لأهل الثغر" من (227).
[70] [النحل: 1].
[71] [النحل: 1].
[72] [الأنعام: 158].
[73] انظر: "شرح اللمعة"؛ للشيخ عبدالرحمن المحمود ص (128 - 129).
[74] [الشورى: 11].
[75] [المائدة: 119].
[76] [المائدة: 119].
[77] انظر: "عقيدة السلف أصحاب الحديث" ص (5).
[78] [البينة: 8].
[79] [البقرة: 265].
[80] رواه التِّرمذي، وابن ماجه، وصحَّحَه الألباني.
[81] رواه مسلم.
[82] رواه البخاري تعليقًا، ووصله أحمد.
[83] [المائدة:54].
[84] متفق عليه.
[85] انظر: "مجموع الفتاوى" (2 / 354).
[86] [النساء: 125].
[87] [البروج: 14].
[88] انظر: "مدارج السالكين".
[89] [آل عمران: 31].
[90] [التوبة: 4].
[91] رواه مسلم.
[92] [آل عمران: 146].
[93] [البقرة: 195]. 
[94] [الحجرات: 9].
[95] [البقرة: ٢٢٢].
[96] [البقرة: 222].
[97] انظر: "شرح العقيدة الواسطية" ص (202).
[98] [آل عمران: 159].
[99] [الصف: 4].
[100] رواه البخاري.
[101] [الإخلاص: 1].
[102] متفق عليه.
[103] رواه مسلم.
[104] رواه مسلم.
[105] رواه مسلم.
[106] رواه مسلم.
[107] رواه مسلم.
[108] متفق عليه.
[109] [المائدة: 5].
[110] [النساء: 107].
[111] [الأنفال: 58].
[112] [لقمان: 18].
[113] [النحل: 23].
[114] [المائدة: 64].
[115] [آل عمران: 57].
[116] [الأنعام: 141].
[117] [المجادلة: 14]، [الممتحنة: 13].
[118] [محمد: 28].
[119] [التوبة: 46].
[120] [الممتحنة: 13].
[121] متفق عليه.
[122] [محمد: 28]. 
[123] [التوبة: 46].
[124] متفق عليه.
[125] [الزخرف: 55].
[126] انظر: "تهذيب اللغة" (13/ 96)، وانظر: "شرح الواسطية"؛ للهَّراس، ص (111).
[127] انظر: "الصواعق المراسلة" (4/1451).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (1)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (2)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (3)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (5)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (6)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (7)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (8)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (9)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (10)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (14)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (16)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (17)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (19)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (20)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (21)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (22)

مختارات من الشبكة

  • الدين يسر (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تيسير رب العباد شرح لمعة الاعتقاد(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير الخبير البصير في ذكر أسانيد العبد الفقير وحيد بن عبد السلام بالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تيسير المقاصد شرح نظم الفرائد للعلامة حسن بن عمار الشرنبلالي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في تيسير الله المعايش لعباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصار تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لمحمد طه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تيسير العسر بشرح ناظمة الزهر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التيسير شرح الجامع الصغير (ج1) (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التيسير شرح الجامع الصغير (ج2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب