• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

تنافس السلف بالقرآن في رمضان (خطبة)

تنافس السلف بالقرآن في رمضان (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2018 ميلادي - 5/9/1439 هجري

الزيارات: 33159

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تنافسُ السلف بالقرآن في رمضان

 

الحمدُ للهِ الذي خصَّ رمضانَ بكُلِّ فضلٍ وإحسانٍ، وتفضَّلَ على مَن صامَهُ وقامَهُ إيماناً واحتساباً بالعفوِ عن العِصيانِ، فيه نُفتَحُ أبوابُ الجِنانِ، وتُغلَّقُ فيه أبوابُ النيرانِ، وتَسلْسلَ فيه كُلُّ ماردٍ وشيطانٍ، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ الرحيم المنَّان، وأشهد أن محمداً عبده ورسولُه الذي عمَّت رسالتُه الإنسَ والْجانَّ، اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ عبدِكَ ورسُولِكَ ونَبِيِّكَ وأَمِينِكَ على وحيِكَ وعِبَادِكَ، صلاةً تَكُونُ لَكَ رِضَاً، ولَنَا بهَا مَغفِرَةً، وعلى آلِهِ أجمعينَ وسلّم كَثيراً طَيِّبَاً.


أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله واشكروه على نعمه التي لا تُحصى، ومن أعظمها: إنزالُ القرآن، وقد خصَّ اللهُ شهر رمضان بإتمامِ هذه الْمِنَّة وإكمالِ هذه النعمة، تشريفاً له وتفضيلاً، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، قال أهل العلم: إنما خصَّ الله شهرَ رمضان بفرض الصوم لِما حصل للناس فيه من إكمال النعمة عليهم بإنزال القرآن، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (نزلَتْ صُحُفُ إبراهيمَ أوَّلَ ليلَةٍ من شهرِ رمَضَانَ، وأُنزِلَتِ التوراةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ من رمَضَانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثَ عشْرَةَ مَضَتْ من رمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأَرْبَعٍ وعشرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ) رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.


قال ابنُ سعدي رحمه الله: (فحقيقٌ بشهرٍ هذا فضلُه، وهذا إحسانُ الله عليكم فيه، أن يكون موسماً للعبادِ مفروضاً فيه الصيام) انتهى.

وقال ابنُ عاشور رحمه الله: (واختِيرَ شهرُ رمضانَ - أي لفرض الصيام - مِن بينِ الأشهُرِ لأنهُ قدْ شُرِّفَ بنُزُولِ القرآنِ فيهِ) انتهى.


ولهذا كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشهرِ الْمُباركِ يَخصُّ كتابَ الله بكبيرِ اجتهادٍ، فكان صلى الله عليه وسلم يَتدارسُ القرآنَ مع جبريلَ عليه السلام وذلك في كلِّ ليلةٍ من ليالي رمضان، وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطيلُ القراءةَ في قيامِ رمضانَ ما لا يُطيلُ في غيره، فعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: (كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجْوَدَ الناسِ بالخيرِ، وأجوَدُ ما يكونُ في شهرِ رمضانَ، لأنَّ جبرِيلَ كانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ ليلَةٍ في شهرِ رمضانَ حتى يَنْسَلِخَ، يَعرِضُ عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ القُرآنَ، فإذا لقِيَهُ جبرِيلُ كانَ أجوَدَ بالخيرِ منَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ) رواه البخاري ومسلم، وفي روايةٍ: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعْرِضُ الكِتابَ على جبريلَ عليهِ السلامُ في كُلِّ رَمَضانَ، فإذا أَصْبَحَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الليلَةِ التي يَعْرِضُ فيها ما يَعْرِضُ، أَصْبَحَ وهوَ أَجْوَدُ منَ الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ، لا يُسْأَلُ عن شيءٍ إلا أعطَاهُ، فلَمَّا كانَ في الشهرِ الذي هَلَكَ بَعْدَهُ، عَرَضَ عليهِ عَرْضَتَيْنِ) رواه الإمام أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر.


قال ابنُ حجر: (في الحديثِ مِنَ الفوائدِ.. تعظيمُ شهرِ رَمَضانَ لاختصاصهِ بابتداءِ نُزُولِ القرآنِ فيهِ، ثُمَّ مُعارضَتُهُ ما نَزلَ منهُ فيهِ، ويَلْزَمُ من ذلكَ كثرَةُ نُزُولِ جبريلَ فيهِ، وفي كثرَةِ نُزُولهِ من تَوَارُدِ الخيراتِ والبركاتِ مالا يُحصى، ويُستفادُ منهُ: أنَّ فَضْلَ الزَّمانِ إنما يَحصُلُ بزيادةِ العبادةِ، وفيهِ أنَّ مُداوَمةَ التلاوةِ تُوجبُ زيادةَ الخيرِ، وفيهِ استحبابُ تَكثيرِ العبادةِ في آخِرِ العُمُرِ.. وفيهِ أنَّ لَيْلَ رمضانَ أفضلُ مِن نَهَارِهِ، وأنَّ المقصُودَ من التلاوةِ الحُضُورُ والفَهْمُ، لأنَّ الليلَ مَظِنةُ ذلكَ لِما في النهارِ من الشواغلِ والعَوارِضِ الدُّنيوِيَّةِ والدِّينيَّةِ) انتهى.


وعن حُذيفةَ رضي الله عنه قال: (أَتَيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في ليلةٍ من رَمَضَانَ، فقامَ يُصلِّي، فلمَّا كَبَّرَ قالَ: اللهُ أكبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ والجَبَرُوتِ والكبرِياءِ والعَظَمَةِ، ثُمَّ قَرَأَ البقرةَ ثُمَّ النساءَ ثُمَّ آلَ عِمرانَ، لا يَمُرُّ بآيةِ تَخوِيفٍ إلا وَقَفَ عِندَها، ثُمَّ رَكَعَ يَقُولُ: سُبحانَ ربِّيَ العظيمِ، مِثْلَ ما كانَ قائماً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فقالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ربَّنا لَكَ الحَمْدُ، مِثْلَ ما كانَ قائماً، ثُمَّ سَجَدَ يقولُ: سُبحانَ ربِّيَ الأعلَى، مِثْلَ ما كانَ قائماً، ثُمَّ رفَعَ رَأْسَهُ فقالَ: رَبِّ اغفِرْ لي، مِثْلَ ما كانَ قائماً، ثُمَّ سَجَدَ يقولُ: سُبحانَ ربِّيَ الأعلى، مِثْلَ ما كانَ قائماً، ثُمَّ رفَعَ رَأْسَهُ فقامَ، فمَا صَلَّى إلا ركعَتَيْنِ حتى جاءَ بلالٌ فآذَنَهُ بالصلاةِ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه الألباني.


وعلى هذا جرى عمل السلف الصالح، فكانوا إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن إقبالاً عجيباً، وضاعفوا من تلاوته، واشتغلوا به عن غيره، فعن السائب بن يزيد قال: (أمَرَ عمرُ بنُ الخطاب أُبيَّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان القارئُ يقرأ بالمئين، حتى كُنَّا نعتمدُ على العُصيِّ من طُولِ القيام، وما كُنَّا ننصرفُ إلا في فُروع الفجرِ) رواه الإمام مالك وصححه الألباني.


وفي روايةٍ: (وكانُوا يَتَوكَّئُونَ على عُصِيِّهِم في عهدِ عُثمانَ بنِ عفانَ رضي اللهُ عنهُ من شِدَّةِ القِيَامِ) رواه البيهقيُّ وصحَّحه النووي.


قال ابنُ رجب: (كان الزهريُّ إذا دخل رمضانُ قال: «فإنما هو تلاوةُ القرآنِ وإطعام الطعام»، قال ابن عبد الحكم: «كان مالكٌ إذا دخلَ رمضانُ يَفِرُّ من قراءةِ الحديثِ ومُجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف»، قال عبد الرزاق: «كان سفيان الثوري إذا دخلَ رمضان تركَ جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن») انتهى.


وكان أمير المؤمنين عثمان بن عفان يُحيي الليل كُلَّه في ركعةٍ يقرأ فيها القرآن، وقرأ تميم الداري القرآن في ركعة، وقرأ سعيد بن جبير القرآن في ركعة داخل الكعبة، قال ابنُ كثير: (وهذهِ كُلُّها أسانيدُ صحيحَةٌ) انتهى، ثم قال: (وعنِ الإمامِ الشافعيِّ رحمهُ اللهُ: أنهُ كانَ يَخْتِمُ في اليومِ والليلَةِ من شهرِ رمَضَانَ ختمَتَيْنِ، وفي غيرِهِ ختمَةً، وعن أبي عبدِ اللهِ البُخارِيِّ صاحبِ الصحيحِ: أنهُ كان يَختمُ في الليلةِ ويومِهَا من رمَضَانَ خَتْمَةً).


وعليكَ عبدَ اللهِ أن تقرأ القرآنَ بتدبُّرٍ وتفكُّرٍ وتفَهُّمٍ، قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، قال ابنُ القيم: (فلَو علمَ الناسُ ما في قراءةِ القرآنِ بالتدبُّرِ لاشتغلوا بها عن كُلِّ ما سواها، فإذا قَرَأَهُ بتفكُّرٍ حتى مرَّ بآيةٍ وهوَ مُحتاجاً إليها في شِفاء قلبهِ كرَّرها ولو مائةَ مرَّةٍ ولو ليلَة، فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خيرٌ من قراءةِ ختمةٍ بغير تدبُّرٍ وتفهُّمٍ، وأنفعُ للقلبِ وأدعى إلى حُصولِ الإيمانِ وذوقِ حلاوةِ القرآنِ، وهذِه كانت عادةُ السلف) انتهى.


واحذر الإصرار على المعاصي فإنها تمنع فهمَ القرآن، قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146]، قال سفيانُ بن عُيينة: (أَنْزِعُ عنهُم فَهْمَ القرآنِ) رواه ابن جرير.

♦    ♦    ♦

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً صلى الله عليه وسلم عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرُ الهُدَى هُدَى مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشرُّ الأُمُورِ مُحدَثاتُها، وكُلُّ بدعةٍ ضلالةٌ.


أيها المسلمون: لقد شكى النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى ربِّه تعالى من هجرِ قومه للقرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، ﴿ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 42]، وفي هذا وَعِيدٌ كبيرٌ للهاجرين بإنزال العقاب بهم إجابةً لشكوى نبيِّه صلى الله عليه وسلم؟ فماذا سيقولُ صلى الله عليه وسلم لو رأى حالنا اليوم مع كتاب ربِّنا؟ والمسلمُ يفرحُ حين يرى الإقبال على قراءة القرآن من المسلمين في هذا الشهر المبارك، ويظنُّ أنه سلمَ من هجر قراءته، ولم يعلم أن له نصيباً من هجر القرآن بقدر تقصيره في تطبيق ما يقرأ، ونصيباً من شكوى محمدٍ صلى الله عليه وسلم لربِّه! فالمحاكمُ ممتلئةٌ بالمتخاصمين، عقوقٌ للوالدين، وقطيعةٌ للأرحام، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، وأكلٌ للرِّبا، وتبرُّجٌ وسُفور، وموادَّةُ من حادَّ اللهَ ورسولَه، وظلمُ بعض الأزواج ونشوزُ بعض الزوجات، والجور بين الأولاد، وقلة المصلِّين في المساجد، وكلُّ ذلك داخلٌ تحتَ هجرِ القرآن، قال ابن القيم: (هجرُ القُرآن أنواعٌ أحدُهَا: هجرُ سَمَاعه والإيمان بهِ والإصغاء إليهِ، والثاني: هجر العَمَل بهِ والوُقُوف عند حلاله وحَرامه وإن قرَأَهُ وآمنَ بهِ، والثالث: هجرُ تحكيمهِ والتحاكم إليهِ في أُصُول الدِّين وفُروعهِ واعتقادِ أنه لا يُفيدُ اليقينَ وأنَّ أدلته لفظية لا تُحصِّلُ العلم، والرابع: هجرُ تدبُّرهِ وتفهُّمه ومعرِفَة ما أرادَ الْمُتكَلِّمُ بهِ منهُ، والخامسُ: هجرُ الاستشفاءِ والتداوي بهِ في جميع أمراضِ القلبِ وأدوائها، فيطلبُ شِفاء دائه من غيرهِ ويهجُرَ التداوي بهِ) انتهى، ومن هجره: أن يمكث في الختمة الواحدة أكثر من أربعين يوماً.


قال ابنُ قدامة: (ويُكرَهُ أنْ يُؤخِّرَ خَتْمَةَ القُرآنِ أكثرَ من أربعينَ يوماً؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سألَهُ عبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو: في كمْ يختمُ القرآنُ؟ قالَ: في أربعينَ يوماً، ثُمَّ قالَ في شهرٍ، ثُمَّ قال في عشرِينَ، ثُمَّ قالَ في خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ قالَ في عَشْرٍ، ثُمَّ قالَ في سَبْعٍ.. أخرَجَهُ أبو داوُد، وقالَ أحمَدُ: «أكثرُ ما سَمِعْتُ أنْ يُخْتَمَ القُرآنُ في أربعينَ»، ولأنَّ تأخيرَهُ أكثرَ من ذلكَ يُفضي إلى نِسيانِ القرآنِ والتهاوُنِ بهِ) ا.هـ.


وقال ابن الجوزي: (وينبغي لمن كان عنده مصحفٌ أن يقرأ فيه كُلَّ يومٍ آياتٍ يسيرةٍ لئلا يكون مهجوراً) ا.هـ.

فوا خيبةَ من آثرَ جوَّالَهُ على قُرآنهِ، وباتت الأعين ملتصقة بالجوالات، وصِرنا أسرى لها، وبالرغم أن المصاحف ملونة وصوتية في أجهزة الجوالات ولكنَّ داء الغفلة سابغٌ وأسبابها فاتكة، قال ابنُ كثير: (والعُدُول عنهُ إلى غيرِه منْ شِعْرٍ أو قولٍ أو غِنَاءٍ أو لَهْوٍ أو كَلامٍ أو طريقةٍ مأْخُوذةٍ من غيرِه منْ هِجْرَانه).


وقد سعى أعداءُ الأُمَّةِ الإسلامية لفصل المسلم عن القرآن الكريم، فقاموا في عام 1978م بعقد مؤتمر كلورادو التنصيري، وقال رئيس وزراء إحدى الدول النصرانية في مجلس عموم دولته: (ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسُها في أمانٍ)، وقال رئيس إحدى الدول النصرانية في ذكرى مُرور مائة سنةٍ على استعمارهم لإحدى الدول الإسلامية: (إننا لن ننتصرَ عليهم ما داموا يقرأون القرآنَ ويتكلَّمون العربية، فيجبُ أن نُزيلَ القرآنَ العربيَّ من وُجودهم، ونقتلعَ اللسان العربي من ألسنتهم)، وقاموا لتحقيق ذلك بأمور كثيرة، منها: إلغاء الكتاتيب من الْمُستَعْمَرات الإسلامية (وهي أشبه بحلقات تحفيظ القرآن الكريم) للحدِّ من تأثيرها وإضعاف مكانتها في نفوسِ المسلمين، ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32]، ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقد أمرَ اللهُ بجهادهم بالقرآن فقال: ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52] والحمدُ لله على ما منَّ به على بلادنا من وجود حلقات تحفيظ القرآن الكريم وانتشارها ودعمها من المحسنين، ووجود مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ومجمع الملك فهد رحمه الله لطباعة المصحف الشريف، ونسأل الله المزيد من فضله، وأن ينفع بها البلاد والعباد.


قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رواه البخاري، وفي روايةٍ له: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ).


فنسألُ اللهَ الكريمَ الْمنَّان القادر على ما يَشاء أنْ يُخلِّصنَا ممَّا يُسْخِطهُ; ويَسْتَعْمِلنا فيما يُرضيه، مِن حِفْظ كتابه وفَهْمه، والقِيَام بمُقتَضاهُ آناء الليل وأطراف النهار على الوَجه الذي يُحبُّهُ ويَرضاهُ، إنهُ كَرِيمٌ وهَّابٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان والقرآن
  • رمضان ومناهج القرآن
  • كم مرة تختم القرآن في رمضان؟
  • عرضُ القرآن في ليالي رمضان
  • شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
  • أثر القرآن في رمضان .. خطبة عيد الفطر لعام 1428هـ
  • عقيدة السلف في القرآن وأنه غير مخلوق
  • كيف نقرأ القرآن الكريم في رمضان؟
  • من الذي يهتدي بالقرآن؟ القرآن كتاب هداية ونور وبصيرة وبشارة
  • رمضان وتربية المجتمع على الصدق (خطبة)
  • اعتناء السلف باستقبال رمضان
  • كيف تستثمر شهر رمضان (خطبة)
  • تلاوة القرآن في رمضان وغيره

مختارات من الشبكة

  • السلف الصالح(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • ختم القرآن عند السلف في رمضان (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الزاد والعدة في زمان الغربة (٢)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال السلف رحمهم الله مع تلاوة القرآن في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • هدي السلف في ختم القرآن في رمضان(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • حكم اشتراط عقد تبرع في عقد تبرع (صيغة القروض المتبادلة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الإحسان وحال السلف في رمضان (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • منهج تفسير القرآن الكريم بين الالتزام بالمأثور عن السلف والاجتهاد المشروع للخلف (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • من أقوال السلف عن القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف المتأخرين عن القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب