• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم / خطب منبرية
علامة باركود

إيدز الأخلاق

إيدز الأخلاق
الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/9/2023 ميلادي - 4/3/1445 هجري

الزيارات: 6865

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إيدز الأخلاق

 

• الحمد والثناء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوصية بالتقوى.

 

عباد الله:

عظَّم الناس خطرَ مرض الإيدز؛ لأنه يهدم جهاز مناعة الأجسام، ويعرضها للإصابة بجميع الأمراض، ويؤثر عليها كل مكروه، وتغزوها الأمراض من كل جانب دون مقاومة فيحل فناؤها؛ ولذا فإن ما يحصد مرض الإيدز من الأنفس والأرواح كبيرٌ لدرجة أن العالم كله منزعج منه، وقائم بمحاربته والعمل على القضاء عليه.

 

نعم أيها الإخوة، هذا هو مرض الإيدز المادي الذي يصيب الأجساد، لكنَّ هناك مرضَ إيدز آخر هو أشد فتكًا، وأخطر أثرًا، وأكثر ضحايا، بل إن مرض الإيدز نفسه إنما هو من ضحايا ذلك الإيدز المعنوي؛ إنه ذهاب الحياء، وسقوط الأخلاق، وتبلد الشعور، والوقاحة الحاملة على الجرأة على فعل القبيح، واعتباره حقًّا من الحقوق، هذه الأمور هي هدم لجهاز مناعة الأخلاق، مناعة الطهارة، مناعة القيم، مناعة الغاية التي خُلِق الناس من أجلها؛ وهي أن يكونوا عبادًا لله سبحانه وتعالى، فإذا اختلَّ هذا الجهاز ولم يعد يقوم بواجبه ووظيفته، فقُلْ على الدنيا جميعها السلام، إن هذا هو سبيل قوم لوط الذين اخترعوا الفاحشة أولًا: ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 80]، اخترعوها بعد أن لم تكن، ثم تواطؤوا عليها، واستهانوا بها، ثم شرَّعوها وقنَّنوها وجعلوها هي الأصل، ومن يخالفها وينكر عليهم، فهو المجرم الذي يستحق العقوبة، ويستحق الطرد من البلاد، عندها جاءت العقوبة، ونكَّل الله بهم، ونزل بهم من العذاب ما لم يُصِب أحدًا من العالمين قبلهم ولا بعدهم؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النمل: 54، 55]، هذا هو إنكار لوط على قومه، جوابهم كما قال تعالى: ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾ [النمل: 56 - 58]، أبهم هنا حجمَ المطر الذي نزل بهم، ونوعه وشكله، لكن تفسير هذا المطر وهذا العذاب جاء في آيات أُخر كثيرة، وبصور تقشعر منها الأبدان؛ من ذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة هود: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82، 83].

 

عباد الله:

فالإيدز الذي قضى على أمَّةٍ بكاملها وبعقوبة لم تتعرض لها أمة أخرى من الأمم؛ هو اختراع الفاحشة؛ وهو هنا اللواط والشذوذ الجنسي وتقنينها وتشريعها، والتظاهر بها واعتبار من ينكرها مجرمًا يستحق العقوبة والإخراج من البلد، وأن يُمنعَ من جميع الحقوق، بل تُسلب منه جميع الحقوق، وقد جاءت التأكيدات الكثيرة على أن هذا المسلك متى حلَّ بقومٍ من الناس، فإنه يدمرهم ويُفنيهم، وهناك أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال مأثورة كثيرة، وقد تردَّدتْ كثيرًا منها على هذا المنبر وغيره، وكلٌّ يعرف ذلك؛ منها قول النبي صلى الله عليه وسلم، بل قبل ذلك في نفس الآية؛ حين يقول الله عز وجل: ﴿ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 83]؛ يعني: هذه العقوبة التي نزلت بهؤلاء المجرمين ما هي من الظالمين من أي أمة من الأمم ببعيد، بل قريبة جدًّا أن تنزل بكل من يسلك مسلكهم، ويسير على طريقهم، ويعمل بمقتضى شريعتهم؛ تعظيم وتقنين وتشريع الفساد والفحش، ومحاربة الفضيلة.

 

وأكَّد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: ((إذا ظهر الزنا والربا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله))؛ [رواه الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].

 

عباد الله:

إن وجود الفواحش ومقدماتها من الاختلاط والنظر والمثيرات للشهوات - وهي كثيرة موجودة في كل مجتمع ولم يخلُ منها عصر ولا مصر - وُجدت حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خيرِ الأزمان، وخير القرون، لكنْ فرقٌ بين أن تظهر وهي جريمة ممقوتة وهي معاقَب عليها، مستنكَرة من صاحبها الذي فعلها بعد أن يفيق مباشرة يعرف أنه أجرم وأخطأ، وأنه بحاجة إلى توبة ومستنكَر من المجتمع، ويُقام الحد على صاحبها، فرقٌ بين ذلك وبين أن تظهر وتُعلَن، ويتجرأ أصحابها فيتظاهرون بها أمام أعين الناس؛ هذه المصيبة الكبيرة، هذه الكارثة التي لا تُقالُ، حينها تنزل العقوبات، حينها تذهب الحُرُمات، حينها تُهدم الفضيلة، حينها تزول الأخلاق، حينها ينتشر الشر والرذيلة والفساد، وتأتي - كما قلتُ - عقوباتُ الله عز وجل تترى.

 

أيها الإخوة، المصيبة أن هذا الأمر - قلة الغَيرة على محارم الله، وضعف الإنكار، وتبلد الشعور من قِبل المجتمع - جرَّأ الذين وقعوا في هذه الفواحش، نسأل الله أن يهديهم؛ فهم أبناؤنا وبناتنا، وإخواننا وأخواتنا، نسأل الله لهم الهداية، نسأل الله لهم التوفيق، نسأل الله لهم الصلاح، لسنا حربًا عليهم، لسنا نريد لهم الشر، بل نريد لهم الخير، نريد لهم الصلاح ونريده لأنفسنا، هؤلاء حينما بدؤوا يتجرؤون، يسير الرجل أو الشاب الأجنبي والشابة الأجنبية جنبًا إلى جنب يتضاحكون، يتغامزون أمام الناس، دون خجل أو خوف من إحراجات يراها الناس، هذا هو الخطر ومقدمات الخطر والطامة الكبرى، أن هناك أماكنَ ومرافقَ أُنشأت لكي يجد الناس راحتهم يتفسحون فيها، يتنزهون ويسيرون فيها، مَن يريد أن يشم الهواء، من يريد أن يزاول الرياضة، ومن يريد أن يُخرِج أسرته وأولاده من كتمة البيوت إلى الهواء الطلق، تتحول هذه المرافق إلى ساحة لجلب العقوبة، لإهلاك البلاد والعباد، وعلى رأس تلك الأماكن للأسف الشديد خور المكلا، الذي لم نلقَ من يسير فيه عاقلًا واعيًا إلا وهو يشتكي، وهو يئِنُّ ويطلب المساعدة، متى تنقذون الناس مما هم فيه؟ هذا كان من سنين ومن أشهر، وما زال مستمرًّا، وما أثار فينا الحدث الذي سأحدثكم عنه، نعم الذي صار وجعلني أعودُ لهذا الموضوع، فوالله لا أحب أن أكرر على أسماعكم مثل هذه المواضيع، اتصل أمسِ رجل أدلى باسمه وعنوانه ومكانه ورقم هاتفه، ليس مجهولًا، يقول لي: إنه رأى منظرًا لا يحتمل رؤيته، وصفه لي ولكني أُكرم من على المنبر وأكرمُكم أن أصفه، شيء لا يُتخيَّل، لا يتصور، وأين؟! تحت مظلة من المظلات الموضوعة على حافة الخور، وأي وقت؟ في الضحى، انظروا إلى الجرأة، انظروا إلى الوقاحة، انظروا إلى قلة الحياء والذوق والدين، يقول الرجل: إنه مستعد أن يحضر في أي مكان ويدلي بشهادته عليه، ذهب الرجل إليهما فقام هذا فأشْهَرَ مسدسه ليبعده ويطرده عنهما، وكأن المنكِرَ هو المجرم، وذاك صاحب الحق الذي يسير في طريقه الصحيح.

 

هذا الذي صار وربما قد صار غيره ولم نعلم به، وإذا سكتنا فسيتكرر ويكون أقبحَ من ذلك، هذا قبيح، لكنه ليس الزنا السافر الذي يعرفه الناس، وإنما هو أقرب ما يكون إليه، أي أمور حسية حصلت ليس مجرد كلام من بعيد ومغامزات، إلى آخره.

 

أقول: إذا لم يتحرك الناس، إذا لم نأمر بالمعروف، إذا لم ننهَ عن المنكر، إذا لم نفكر في إصلاح وضعنا، فسوف نُفاجأ بلوحات يكتب عليها من يريد كذا فليأتِ إلى هنا، هذه نتيجة الإهمال والسكوت والمجاملة، إننا لسنا بحاجة إلى مزيد من الأذى، ومزيد من الشر، ألا يكفينا ما حصل لنا؟! نحن - كما تعلمون - في أذلِّ حالٍ وأسوئها، ضعة في كل الجوانب؛ في أخلاقنا، وفي ديننا، وفي اقتصادنا وأمننا، وأخيرًا في سيادة بلدنا، وقد تحدثنا الأسبوع الماضي، وسيتحدث الناس اليوم وسنبقى نتحدث من جرم انتهاك سمائنا وأرضنا، واستباحة بيوتنا وبلداننا وقُرانا، وقتل الأبرياء، وترويع الآمنين في ديارنا بالطائرات الأمريكية، وما هذا إلا نوع من العقوبة التي يُنزِلها الله بنا؛ جرَّاءَ تخلينا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

 

فيا أيها الإخوة، والله إنها ضربة نحس، ونألم ونتألم ونتوجع أشد الوجع حينما نسمع ضربةً نزلت على بلدة من بلداننا، أو على جماعة من شبابنا، أو في مكان من أماكننا، لكنَّ هذه الضربة شخصيًّا اعتبرتها أصعب على نفسي من تلك الضربات، أن يصل الأمر إلى هذا الحد، نسأل الله العفوَ والعافيةَ.

 

أيها الإخوة، إن سبب هذا - كما قلت - تحطيم جهاز المناعة؛ الإيدز المعنوي، إيدز الأخلاق الذي حطَّم الأجهزة التي تمنع عنا السوء والشر والفواحش؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ ممَّا أدرك الناس من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستحِ، فاصنع ما شئت))، أمر واضح أن الإنسان إذا فقد الحياء، فإنه يصبح مهيأً لكل شيء، مهيأً أن يكون مجرمًا، مهيأً أن يكون سارقًا، مهيأً أن يكون كافرًا، مهيأً أن يكون كل شيء، وأن يأتي بكل شيء، وأي فقدان للحياء أكبر من أن يظهر في أوساطنا وبلادنا في هذا المكان من يتجرأ على فعل مثل هذه الأعمال في هذا المكان، وفي تلك الساعة الضحى، والناس في أعمالهم سائرون آتون؟ أي فقد للأخلاق؟ أي فقد للحياء؟ أي جرأة ووقاحة أكثر من هذا؟ إلا أن مرض الإيدز قد فتك بهؤلاء وبكثير من أمثالهم، وسيسري إلينا جميعًا فيفتك بنا إذا لم نتحرك لعلاجه.

 

يقول سليمان بن عبدالملك: "الحياء نظام الإيمان - أي السلك الذي يمسك المسبحة أو العقد - فإذا انحل النظام ذهب الإيمان"؛ إذا ذهب النظام؛ أي السلك الذي يمسك العقد والمسبحة، انفرطت وذهبت كل خرزة وحدها، وكذلك إذا ذهب الحياء، ذهب الإيمان والأخلاق والفضائل، وذهب كل شيء؛ كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبدٍ هلاكًا، نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء، لم تَلْقَهُ إلا مقيتًا مُمَقَّتًا))؛ مقيتًا في نفسه، ممقوتًا عند الناس، جالبًا المقتَ لأهله ومجتمعه؛ ويقول الشاعر:

إذا لم تخشَ عاقبة الليالي
ولم تستحِ فاصنع ما تشاءُ
فلا والله ما في العيش خيرٌ
ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ
يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العود ما بقِيَ اللحاءُ

 

وأحمد شوقي يتكلم عن الأخلاق فيقول:

وإنما الأممُ الأخلاق ما بقيَت
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقهم
فأقِمْ عليهم مأتمًا وعويلا

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لنا حياءنا، ويحفظ لنا أخلاقنا، ويحفظ لنا قِيَمَنا، ويجعلنا عاملين لتثبيت ذلك، إنه سميع مجيب، أقول قولي هذا وأستغفر الله ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، ورضي الله عن آله الطاهرين، وأصحابه الأكرمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

 

فأوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله عز وجل.

 

هذه الشكوى، فهل يكفي التشكِّي؟ هذا تصوير الحال، فماذا نصنع؟ نمتلئ غضبًا على مثل هذا، نمتلئ غَيرة على مثل هذا، ثم ماذا بعد ذلك؟

 

يا أيها الإخوة: دعُونا نخاطب أنفسنا، ونتواصى بالحق ونتواصى بالصبر، لعل الله عز وجل أن يجعل من هذا الحادث الذي هو أسوأ ما سمعنا به في هذه البلاد وفي هذه الأماكن، هذا مما هو ظاهر ومتفشٍّ -أقول: لعل الله أن يجعل منه يَقَظة نستطيع من خلالها أن نصحح وضعنا، ونرجع إلى ربنا سبحانه وتعالى.

 

فأولًا: دعوة أدعوها إلى الشباب أنفسهم: يا شباب الأمة، اتقوا الله في أنفسكم، يا شباب الأمة، كونوا عوامل بناء، فأنتم الأمل في هذه الأمة، ارتفعوا إلى مستوى أملِ آبائكم وأمهاتكم ومجتمعكم، ارفعوا الهِمَمَ لتكونوا بُناة لا هادمين، ووالله ثم والله إنك أيها الشاب الغافل الذي لا ترى إلا هذا الطريق سوف تندم عاجلًا غير آجل، إذا رآك قرناؤك وزملاؤك وقد أسهموا في البناء، وقاموا بالواجب وكُرموا واحتُرموا وحققوا آمالهم وآمال مجتمعاتهم، هل ترضى لنفسك أن تأخذ طريق القُبح، طريق الهدم، طريق المقت من ربك سبحانه وتعالى ومن مجتمعك؟ لا أرى أن أحدًا يرضى لنفسه بذلك، وإنما هي شهوات عابرة، وأهواء مُتَّبعة، فلنتغلب على الهوى، ولنتركِ الشهوات؛ فإن الشهواتِ طريق النار؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن النار حُفَّت بالشهوات، ارتفعوا، اعزموا على أن تسلكوا طريق الخير، وتتجنبوا طريق الشر والفساد، وتكونوا قرة أعين لآبائكم وأمهاتكم ولمجتمعكم، ولتتركوا أثرًا جميلًا، وذكرًا حسنًا؛ فالذكر للإنسان عمر ثانٍ.

 

ثانيًا: يا أيها الأسر، أيها الآباء، أيتها الأمهات، أحسِنوا التربية، اهتموا قليلًا بأبنائكم وبناتكم، علموهم الحفاظ على القيم والأخلاق، علموهم الحياء، اغرسوا في أنفسهم الخوف من الله، والحياء من الناس، والأَنَفَة من الشر والفواحش، علموهم أن يتسموا بمكارم الأخلاق، وأن يتحلوا بصالح الخِصال، أن يعملوا على السير إلى العلا، لا إلى السفل والحضيض، نتعاون جميعًا على ذلك إن شاء الله، المجتمع جميعه يجب أن يؤثِرَ طريق الخير، وأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، أن يقول كلمة الحق، ألَّا يُعرقِلَ على الأقل من يسير في طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لسنا قادرين على أن نكون جميعًا آمرين بالمعروف، وناهين عن المنكر؛ لأن الله اختص ذلك بأمة وجماعة خاصة؛ قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، لكن عموم الناس كل واحد بقدره، من رأى منكم منكرًا فليغيره، فكلٌّ بقدره: في بيته وبين أولاده وأسرته وزوجته، المرأة لزوجها وغير ذلك، ثم بعد ذلك يكون من بيننا أمة أخرى متخصصة ومتفرغة قائمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الخير، وعلى بقية المجتمع ألَّا يعترضوا سبيلها، ألَّا ينقلوا لنا الدعايات والإشاعات التي قيلت في أماكن كثيرة من الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؛ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، هؤلاء الذين يتبعون الشهوات ويريدون أن نميل إليهم، لا نطيعهم بل نمقتهم ونحاربهم، ونأخذ على أيديهم؛ لأنهم هم أشقى عاد التي سوف يُدَمْدِمها على رؤوسهم وعلينا، إذا نحن تركناهم.

 

ثالثًا: على العلماء والدعاة أن يستيقظوا ويقوموا بواجبهم ويغيروا من الأساليب، لا أن يبقوا على تلك الأساليب القديمة، بل يغيروا منها؛ ليظهر ذلك في قبول الناس، وفي قبول الشباب.

 

رابعًا: على السلطة أن تأخذ بزمام المبادرة، أقول: كفى ترامي المسؤوليات، كل واحد يرمي المسؤولية على الآخر، الأمن يرميها على النيابة، والنيابة تلقيها على الأمن، والمجلس المحلي يرميها على غيره من المجلس، والأمن العام يقول: فيه حراسات خاصة بالخور، والخور يقول: أنا ما عندي أحد.

 

اتقوا الله، كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.

 

أيها المحافظ، يا مدير المديرية، يا مدير عام الأمن، يا كل الأجهزة:

اتقوا الله، الحرائق تشتعل إذا لم تقوموا أنتم بإطفائها، وتسمحوا للناس بإطفائها، وتقودوا الناس لإطفائها.

 

اتقوا الله، يكفي تتحملون مسؤوليتكم، يجب أن تكون هناك حراسة رسمية بزيِّها الرسمي، ومن ذوي الأخلاق والصالحين والغيورين الموثوقين لديكم، يخرجون ويقفون ويمنعون هذا العبث الذي سوف يجر علينا النقم وقد جره، أقول: يجب أن تتخذ خطة، والوقت لا يسمح للتفصيل، يجب أن تتخذ خطة مفصلة، وسنجلس إذا شئتم نجلس معًا، ونعمل على ترتيب هذه الخطة، ليكفينا الله عز وجل شر ما نحن فيه.

 

أسأل الله أن يحفظنا، ويحفظ بلادنا وأمتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيدز الاقتصادي (3-3)
  • الإيدز الإعلامي
  • الإيدز الثقافي

مختارات من الشبكة

  • زوجي مريض بالإيدز(استشارة - الاستشارات)
  • الفاحشة وطاعون الإيدز(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • تقارير علمية تؤكد أن الختان يقلل الإصابة بالإيدز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مالاوي: حملة إسلامية ضد العادات والتقاليد الخاطئة التي تنشر الإيدز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مالاوي: المسلمون يطالبون بتشديد الإجراءات لمنع انتشار الإيدز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مرض الإيدز وانتشاره في السودان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مالاوي: مكافحة مرض الإيدز بالقرآن الكريم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اليوم العالمي لمرض فقدان المناعة المكتسب (السيدا - الإيدز)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احذروا الإيدز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مالاوي: المجتمع الإسلامي يساهم في مكافحة الإيدز(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب